قال أحد الأطباء النفسيين إن الأسقفية الألمانية برعاية من أصبح اليوم البابا بنديكت السادس عشر, تجاهلت مطالباته المتكررة لها في أوائل ثمانينيات القرن الماضي بحظر عمل قس متهم باستغلال الأطفال جنسيا في أي نشاطات تتعلق بالأطفال, وقد تطورت تلك القضية لحد زعزعة ثقة مئات آلاف الكاثوليك في كنيستهم حسب صحيفة تايمز البريطانية.
وقال الطبيب وورنر هوث في اتصال مع صحيفة نيويورك تايمز "قلت لهم: أتوسل إليكم أن تتأكدوا من أن يظل هذا القس بعيدا عن العمل مع الأطفال" وأضاف أنه كان "مستاء للغاية من تلك القصة برمتها".
وذكر أن قلقه الشديد دفعه لوضع ثلاثة شروط لعلاج القس بيتر هولرمان: أن يظل بعيدا عن الأطفال ويقلع عن شرب الخمر وأن يظل تحت رقابة قس آخر طوال الوقت.
وأكد الدكتور هوث أن التحذيرات التي أصدرها –المكتوبة منها والشفوية- صدرت قبل أن يحصل البابا المستقبلي جوزيف راتزنغر على وظيفة في الفاتيكان عام 1982, إذ كان آنذاك لا يزال كبير أساقفة ميونخ وفرايزينغ.
وكان راتزنغر قد وافق في العام 1980على قرار بتحويل القس هولرمان إلى ميونخ لتقي العلاج بعد شكاوى استغلال جنسي رفعها ضده ذوو أطفال بمدينة أسن ولم ينفها القس المذكور.
وعلى الرغم من تحذيرات الطبيب النفسي, فإنه قد سمح للأب هولرمان بالعمل بالأبرشية تقريبا فور بدء علاجه, وظل يتعامل مع الأطفال والبالغين على حد سواء, وبعد ذلك بأقل من خمس سنوات اتهم من جديد بالتحرش بأطفال آخرين، وفي العام 2006 أدين رسميا في إقليم بفاريا.
وقد أكد الطبيب هوث أنه لم يتصل مباشرة بكبير الأساقفة راتزنغر وإن كان قد قابل عددا من مسؤولي الكنيسة الآخرين.
" الكشف عن استغلال القساوسة للأطفال الذي يجتاح العالم الكاثوليكي زعزع ثقة مئات آلاف المسيحيين في كنيستهم " تايمز |
الثقة
وفي الإطار ذاته, قالت صحيفة تايمز البريطانية إن الكشف عن استغلال القساوسة للأطفال الذي يجتاح العالم الكاثوليكي زعزع ثقة مئات آلاف المسيحيين العاديين في كنيستهم.
وذكرت أن حوالي ثلاثمائة ضحية محتملة لهذا الاستغلال تحدثوا عن حالاتهم في الأسابيع الماضية وأن المزيد يكشفون يوميا عما عانوه.
وأضافت أن كاتدرائية ريغنسبورغ التي عمل الأب غيورغ راتزنغر -شقيق البابا الحالي بنديكت السادس عشر- مديرا سابقا لجوقتها هي إحدى المؤسسات التعليمية الكاثوليكية التي تعرض فيها الأطفال للتحرش والاستغلال الجنسي.
وأشارت إلى أن ما يخشاه البابا هو أن تتعرض الكنيسة عما قريب لتدخل غير مسبوق من طرف أجهزة الدولة في ظل الدعوات المتزايدة للتحقيق الرسمي في حالات الاستغلال الجنسي للأطفال.
بل إن رئيس نظام البندكتيين الألمان أبوت نوتكر وولف يعتقد أن البابا يواجه أكثر من مجرد غضب الضحايا فهو يواجه أزمة مؤسساتية، مشيرا إلى أن "الأمر أصبح يشبه تسونامي" بل إن "الأب الأقدس يعاني بشكل حاد" بسبب هذه المشكلة, حسب وولف.
وقد علق الأسقف ستيفان آكرمان الذي عينته الكنيسة الكاثوليكية للنظر في الاتهامات الحالية على القضية قائلا "لقد كانت هناك حالات كبت وكنا مشغولين أكثر بمحاولة حماية مرتكبي تلك الأعمال".