المدير العـام شوقي نذير
الجنس : عدد المساهمات : 919 نقاط : 24925 السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 10/02/2010 الموقع : الجزائر تمنراست العمل/الترفيه : استاذ جامعي المزاج : ممتاز تعاليق :
| موضوع: الزواج العرفي ج06 الثلاثاء مايو 25 2010, 18:17 | |
| المطلــب الثانــــي : آثـــار عقـد الـزواج العرفـي بالنسبـــة للأولاد إن الزواج العرفي عقد مشروع رتب له المشرع آثار تتعدى أطرافه الأصليين لتمس الأبناء فتترتب عليه حقوق للأولاد تطرق لها المشرع في مواد قانون الأسرة ، حيث تناولت المادة 36 من قانون الأسرة حق تربية الأولاد وهذا من خلال الإهتمام بتكوين الطفل من الناحية النفسية والعاطفية ونشأته بصفة سليمة ، إضافة لحق الرضاعة الذي بينته المادة 39 من قانون الاسرة وقد حددت المحكمة العليا مدتها القصوى بعامين في إحدى قراراتها ، وحق الحضانة الذي جاء ت به المادة 62 من قانون الأسرة وعرفته بأنه :" رعاية الولد وتعليمه والقيام بتربيته على دين أبيه والسهر على حمايته وحفظه صحة وخلقا "، وحق النفقة والذي تناولته المواد 75 ، 76 و 77 من قانون الأسرة ، والحق في النسب الذي بينته المادة 40 من قانون الأسرة . وإذا كانت هذه الحقوق الواجبة على الوالدين تؤدى بصفة تلقائية للأولاد وبمنطلق الفطرة ، فإن حق الولد في النسب وفي أن يلحق لأبيه قد تعترضه في الزواج العرفي العديد من العوائق ، حيث في كثير من الأحيان يكون عرضة للإنكار أكثر مما هو عليه الحال في الزواج الرسمي ، ولذلك سنتناول هذا الحق و نحاول أن نبين سلبية الزواج العرفي عليه . 1- أثار الزواج العرفي في إثبات النسب : إذا كان نسب الولد لأمه ثابت بسبب الحمل المرئي و الولادة وذلك بقطع النظر عن كونه ولدا شرعيا أوولد زنا ، فإن نسبه إلى والده ليس دائما سهلا . والشريعة الإسلامية حصرت طرق إثبات النسب في : الزواج الصحيح ، الزواج الفاسد أو الوطء بشبهة أو الإقرار أو البينة ، وهذا ما أخذ به المشرع الجزائري حيث نص في المادة 40 من قانون الأسرة :" يثبت النسب بالزواج الصحيح وبالإقرار وبالبينة وبنكاح الشبهة وبكل نكاح ثم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32 ،33 و34 من هذا القانون " ، وقبل التطرق إلى هذه الطرق نتناول مفهوم النسب . عرف القضاء النسب بأنه القرابة الناشئة عن صلة الدم بالتناسل وهو يكسب المقر به حقوق و يرتب عليه واجبات كالنفقة على ذوي قرباه المحتاجين ويمكنه من مزاحمة الورثة في الإرث ويجري عليه ما يجري عليهم من موانع الزواج الناشئة عن القرابة . والنسب حق لكل من الزوجين لأنه يضمن التناسل الذي يعتبر من أغراض الزواج الرئيسية و يثبت بـ : أ – إثبات النسب بالزواج الصحيح : إن الولد يمكن أن ينسب إلى والده من الزواج الصحيح متى كان الزواج شرعيا ومتى أمكن الإتصال بين الزوجين ولم يكن الزوج قد نفاه بالطرق المشروعة - كالملاعنة - ومتى حصلت ولادته خلال أقل مدة للحمل وأقصاها ، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام :" الولد للفراش وللعاهر الحجر ". وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرار لها إذ جاء فيه : " من المقرر شرعا أن نسب يثبت بالفراش الصحيح ومن ثم فإن القضاء بإثبات النسب حال قيام الزوجية ودون تطبيق قواعد اللعان في المدة المحددة شرعا يعد قضاءا صحيحا ". وإذا كان تحديد الفاصل الزمني بين تاريخ الزواج وتاريخ الولادة لا يثير أي إشكال بالنسبة للزواج الرسمي أين تكون التواريخ مضبوطة نتيجة التسجيل فإن الأمر قد يكون دون ذلك بالنسبة للزواج العرفي فالتواريخ تحدد بصفة تقريبية يعتمد فيها على ذاكرة الشهود مما قد يؤدي إلى ضياع الأنساب خصوصا في حالة الإنكار . كما أنه قد يحدث أن يكون هناك زواجا عرفيا قام الزوجين بتسجيله بعد مدة من الدخول على أساس أنه زواج رسمي وبعد أن تكون الزوجة قد حملت بالمولود ، وإن حدث وأنجبت بعد ثلاثة أو أربع شهور من تاريخ العقد الرسمي المسجل فهنا لا يمكن إسناد نسب الإبن لأبيه أمام ضابط الحالة المدنية لأنه لم يولد في الفترة المحددة قانونا مما يؤدي بالزوجين إلى اللجوء لوكيل الجمهورية عن طريق تقديم طلب يلتمسان من خلاله الحكم بتصحيح تاريخ واقعة الزواج العرفي وتسجيله بأثر رجعي ، حتى يتمكنان من تسجيل ميلاد المولود و إثبات نسبه بصفة قانونية لوالديه وهنا لا يتوان الكثيرمن وكلاء الجمهورية في متابعة الزوجين جزائيا بجنحة الإدلاء بقرارات كاذبة و معاقبتهم وفقا للمادة 223 من قانون العقوبات و التي تقرر لمثل هذه الجريمة عقوبة بدنية تتراوح بين 3 أشهر وثلاث سنوات وعقوبة مالية تتراوح مابين 500 و5000 دج . فإذا كانت ولادة المولود أثناء قيام الرابطة الزوجية بين أدنى و أقصى مدة للحمل وبعد الدخول تبعا لعقد صحيح تكون قرينة شرعية وقانونية على أن الولد للفراش وينسب الولد إلى أبيه ، وهذه القرينة قد لا يستفيد منها الطرف الذي يريد إثبات نسب الولد في حالة العجز عن إثبات الرابطة الزوجية الشرعية حتى وإن كان الدخول تبعا لعقد صحيح وهنا يضيع نسب الولد . وقد يحدث أن يكون الزوج متأكدا بأن الولد الذي أنجبته زوجته من زواج عرفي ليس ابنه ولا يقوم بنفيه بالطرق الشرعية (الملاعنة ) ويتغاضى عن ذلك ظننا منه أنه غير ممكن لزوجته أن تثبت زواجه العرفي منها ولكن إذا سعت الزوجة و أثبتت الزواج هنا ينسب له الولد وهو ليس منه لأنه فوت مواعيد الملاعنة لأن دعوى اللعان لا يعتد بها خارج الآجال القانونية المحددة شرعا وقانونا . حيث جاء في قرار للمحكمة العليا : " من المقرر قانونا أنه ينسب الولد لأبيه متى كان الزواج شرعيا وأمكن الإتصال ولم ينفه بالطرق المشروعة . ومن المستقر عليه قضاءا أن مدة نفي الحمل لا تتجاوز 08 أيام و متى تبين في قضية الحال أن المطعون ضده لم يبادر بنفي الحمل من يوم علمه به و خلال المدة المحددة شرعا وتمسكه بالشهادة الطبية التي لا تعتبر دليلا قاطعا ، ولأن الولد ولد بعد مرور أكثر من ستة أشهر على البناء .فإن قضاة الموضوع بقضائهم بصحة الزواج العرفي مع رفض إلحاق نسب الولد لأبيه عرضوا قرارهم لتناقض مع أحكام المادتين 41 و 42 من قانون الأسرة وأخطؤا في تطبيقها ومتى كان ذلك إستوجب نقض القرار " (1) . كما جاء في قرار آخر أنه : "من المقرر قانونا أن أقل مدة للحمل هي 06 أشهر وأن الولد ينسب لأبيه متى كان الزواج شرعيا ، وأمكن الإتصال ولم ينفه بالطرق المشروعة ، ومن المستقر عليه قضاءا أنه يمكن نفي النسب عن طريق اللعان في أجل محدد لا يتجاوز 08 أيام من يوم العلم بالحمل .ومن الثابت في قضية الحال أن الولد ولد في مدة حمل أكثر من ستة أشهر ، وأن قضاة الموضوع أخطؤا كثيرا عندما إعتمدوا على الخبرة ووزن الولد ، فإنهم بقضائهم بفسخ عقد الزواج و إلحاق النسب للأم أخطؤا في تطبيق القانون وخالفوا أحكام المادتين 41 و42 من قانون الأسرة مما يستوجب نقض القرار " (2). (1) المحكمة العليا،غرفة الأحوال الشخصية،03/12/1984 ، مجلة قضائية ، 1990 ، العدد 01 ، ص 83 . (2) المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ، 28/10/1997 ، مجلة قضائية ، العدد الخاص ، 2001 ، ص 70 . أما في حالة وقوع الولادة بعد إنقضاء الرابطة الزوجية بالطلاق أو بالوفاة و إتيان الزوجة لولد ليس بين أقل و أكثر مدة للحمل وإنما بعد مضي أكثر من عشر شهور أي بعد إنقضاء أقصى مدة للحمل التي حددها القانون فأنه لا يمكن إسناد نسبه إلى هذا الزوج المتوفى أو المطلق . بمعنى آخر لا يثبت نسب الولد إلى أبيه إلا إذا جاءت به الزوجة لأكثر من عشرة أشهر من تاريخ العقد أو إمكان الوطء ، ولأقل من ستة أشهر بعد الطلاق فإن مجيئها به في غير هذه المواعيد يدل على أنها حملت به قبل أن تكون فراشا لهذا الزوج أوحملت به بعد طلاقها أو وفاة زوجها من رجل آخر . لكن الإشكال الذي يطرح في الزواج العرفي هو صعوبة إثبات النسب عند وقوع الطلاق عرفيا ، وتحديد تاريخه بدقة مما يجعل إمكانية إثبات نسب الولد الذي يولد بعد أكثر من 10 أشهر من تاريخ الطلاق واردة ، وقد تتزوج المرأة زواجا شرعيا ومسجل ويدخل بها زوجها و يعاشرها معاشرة الأزواج ثم يغيب عنها لسبب شرعي أو غير شرعي ويدوم غيابه أكثر من عشرة أشهر وكانت الزوجة قد أتت بمولود في هذه الفترة فإن هذا المولود يعتبر للفراش مالم يثبت هذا الزوج عدم تلاقيه مع زوجته و إتصاله بها وهذا ما ينطبق على الزواج العرفي بإعتباره زواج شرعيا متى تم إثباته ، وهذا ما أكدته المحكمة العليا في قرارها الذي جاء فيه : " إثبات النسب – وضع الولد بعد 16 شهرا من غيبة الطاعن – الحكم بإثبات النسب لعدم نفيه بالطرق المشروعة .من المستقر عليه قضاء أن المدة القانونية لنفي النسب لا تتجاوز 08 أيام ومتى تبين في قضية الحال أن ولادة الطفل قد تمت و الزوجية قائمة بين الزوجين وأن الطاعن لم ينف نسب الولد بالطرق المشروعة وأن لا تأثير لغيبة الطاعن مادامت العلاقة الزوجية قائمة وأن القضاة بقضائهم بإثبات نسب الولد طبقوا صحيح القانون ومتى كان كذلك إستوجب رفض الطعن " (1) . (1) المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ، 23/11/1993 ، مجلة قضائية ، عدد خاص ، 2001 ، ص 64 . وقد حدث أن وردت بمحكمة الجلفة قضية تتلخص وقائعها في أن إمرأة كانت متزوجة عرفيا ثم طلقت أيضا عرفيا وأعادت الزواج ثانية عرفيا في مكان آخر دون علم زوجها الثاني بزواجها الأول وطلاقها وقد أنجبت هذه المرأة ولدا بعد 06 أشهر من زواجها الثاني ولم ينكر الزوج الثاني نسب الولد لأنه مولود في الفترة القانونية و أن زواجه بهذه المرأة قد ثبته وسجل لدى مصالح الحالة المدنية لكن حدث وأن نازع الزوج الأول في نسب الولد بأنه إبنه و أنه لم يطلق هذه الزوجة ، لكن الحكم كان بتثبيت النسب للزوج الثاني لأن القانون يعتد بالفترة القانونية للحمل و الزواج الرسمي . ب – ثبوت النسب بالزواج الفاسد : بما أننا فرقنا بين عقود الزواج التي تبرم قبل صدور قانون الأسرة و أخضعناها لأحكام الشريعة الإسلامية ، وبين العقود المبرمة بعد صدور قانون الأسرة وتطرقنا إلى مفهوم فساد العقد وفقا للشريعة الإسلامية ثم وفقا للقانون وخلصنا أن النسب في الزواج الفاسد يثبت للأب حسب الشريعة الإسلامية ووفقا للقانون وقد جاء في المادة 40 من قانون الأسرة : " يثبت النسب بكل نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32،33و34 من قانون الأسرة " فالمادة 32 نصت على فسخ النكاح أي فساده إذا أختل أحد أركانه أو إشتمل على مانع أو شرط يتنافى و مقتضيات العقد أو ثبتت ردة الزوج ، أما المادة 33 فنصت على أنه إذا تم الزواج بدون ولي أو صداق أو شاهدين يفسخ قبل الدخول ولا صداق فيه و المادة 34 نصت على أن الزواج بإحدى المحرمات يفسخ قبل الدخول وبعده . وجاء في قرار للمحكمة العليا : " المحصنة تحرم على الزوج الثاني وأن هذا الزواج يفسخ قبل الدخول وبعده ويترتب عليه ثبوت النسب " (1) . وحسب هذه المواد إذا تبين الفساد قبل الدخول فسخ الزواج دون صداق ويعتبر كالعقد الباطل لا أثر له ، أما بعد الدخول فالمرأة تستحق صداق المثل ويثبت به النسب . (1) المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ، 24/02/1986 ، غير منشور . والعقـد الباطـل يبطـل قبـل أو بعـد الدخـول و يترتـب عليـه ثبـوت النسـب أيضـا (1) . ولقد جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا " ولا يحكم بفسخ عقد النكاح إلا إذا كان هذا النكاح فاسدا شرعا " (2) . وقد قضت محكمة النقض المصرية أنه : "وحيث أن هذا النعي في محله ذلك أن شروط صحة الزواج محلية المرأة وأن لا يقوم بها سبب من أسباب التحريم ومنها الجمع بين أختين والمحققون من الحنفية ذهبوا إلى أنه إذا تزوج إحداهما بعد الآخر جاز زواج الأولى وفسد زواج الثانية وعليه أن يفارق أو يفرق القاضي بينهما فإن فارقا قبل الدخول فلا مهر ولا عدة ولا تثبت بينهما حرمة المصاهرة ولا النسب ولا التوارث وإن فارقها بعد الدخول فلها المهر وعليها العدة ويثبت النسب ويعتزل من إمرأته حتى تنقضي عدة أختها " . وبالتالي نقول أن الإشكاليات التي يمكن طرحها في حالة الزواج العرفي هي الزواج بالمحرمات فلا نتصور وقوع الجمع بين أختين مثلا في الزواج الرسمي الذي يعتمد فيه على وثائق الطرفين لإثبات هويتهما . كما أن الزواج مع المرأة المحصنة يمكن تصوره في الزواج العرفي بالنسبة للزوجة التي تترك زوجها وتذهب إلى مكان آخر وتعيد الزواج مع أنها تعتبر شرعا في ذمة الزوج الأول ، والزواج العرفي قد يكون فاسدا نتيجة عدم توفر ركن من أركانه ، كعدم توفر الشروط المطلوبة في شروط العقد وذلك لعدم مراقبتها من طرف موظف مختص . وجاء في قرار صادر عن محكمة النقض المصرية : " المقرر في الفقه الحنفي أن الزواج الذي لا يحضره شهود هو زواج فاسد يترتب عليه آثار الزواج الصحيح ومنها النسب بالدخول الحقيقي " . (1) العربي بلحاج ، المرجع السابق ، ص 153 . (2) المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ، 25/06/1984 ، غير منشور وجاء أيضا في قرار آخر لمحكمة النقض المصرية : " أن زواج المطعون عليها المسلمة بالطاعن المسيحي وهي تعلم ذلك ، الزواج فاسد ومؤداه جواز إثبات النسب " (1) . والزواج العرفي قد يكون في كثير من الأحيان مصدرا للنكاح الفاسد خصوصا ما بين المحرمات ، فقد تتزوج المرأة أو الرجل عدة مرات عرفيا وفي مناطق مختلفة وينجبون أولاد ويلتقي هؤلاء الأولاد ويعقدون زواجهم وهم يجهلون وجه التحريم ، و عندما يتبين فساد هذا الزواج يفسخ قبل الدخول وبعده لكن إذا ترتب عنه أبناء فإنه يثبت به النسب مع التفريق بين الأزواج مما يؤدي إلى حرمانهم من الرعاية العائلية وهذا رغم حسن نية الزوجين ، أما إذا كان هؤلاء الأولاد على علم بوجه التحريم ولكن كانوا من الذين لا يردعهم وازع ديني ولا أخلاقي والناس لا يعلمون بأمرهم عادة ، فالزواج فيما بينهم في هذه الحالة لا يثبت به النسب ذلك أنه عند العلم يعتبر الزواج باطل وغير شرعي والأولاد يعتبرون أولاد زنا لا نسب لهم . ونلاحظ خطورة إثبات النسب بالزواج الفاسد ، في حالة ما إذا تزوجت المرأة المطلقة عرفيا أو المتوفى عنها زوجها زواجا ثانيا في فترة عدتها دون أن يكون للزوج الثاني علما بزواجها الأول أو بكونها ما تزال في فترة عدتها فهذه المرأة إن ولدت مولودا في الفترة الممتدة بين ستة أشهرو عشرة أشهر من تاريخ زواجها الثاني فإن الولد ينسب للزوج الثاني رغم إحتمال كونه من الزوج الأول كأن تكون قد أنجبته بعد سبعة أو ثمانية أشهر من تاريخ الزواج الثاني ، وهذا ما جاء به القرار الصادر عن المحكمة العليا :" من المقرر شرعا أن الزواج في العدة باطل ، ومن المقرر قانونا أن أقل مدة الحمل ستة أشهر وأقصاها عشرة أشهر . (1) المستشار محمد عزمي البكري ، الأحوال الشخصية ، الجزء الخامس ، دار النشر محمود ، جمهورية مصر العربية ، ص 150 . ومتى تبين في قضية الحال أن الزواج وقع على إمرأة مازالت في عدتها وأن الحمل وضع بعد أربع أشهر من تاريخ الزواج الثاني ، وأن قضاة الموضوع بقضائهم بإعتبار الطاعنة بنت للزوج الثاني إعتمادا على قاعدة الولد للفراش مع أن الزواج الثاني باطل شرعا ، فإنهم بقضائهم كما فعلوا خالفوا القانون وخرقوا أحكام الشريعة الإسلامية ، ومتى كان كذلك إستوجب نقض القرار المطعون فيه بدون إحالة " (1) . إن المتمعن في الأسباب القانونية التي يترتب عليها فساد العقد يدرك بأنه من النادر أن تكتشف قبل الدخول وذلك لكون أن هذا العقد لا يبرم أمام موظف مختص يعرف الشروط الواجب توافرها في عقد الزواج ، لذا فإن سبب فساد العقد عادة مايكتشف بعد الدخول ، وقد جاء في قرار المحكمة العليا أنه : "متى كان الزواج العرفي متوفرا على أركانه التامة والصحيحة فإن القضاء بتصحيح هذا الزواج وتسجيله في الحالة المدنية وإلحاق نسب الأولاد لأبيهم يكون قضاءا موافقا للشرع والقانون ومتى كان كذلك إستوجب رفض الطعن " . ومما سبق يتضح أن الزواج الفاسد وإن كان يثبت به النسب فإنه قد يكون في حالة الزواج العرفي سببا لضياع الأنساب وإختلاطهم ولوجود فئة من الأولاد محرومة من الرعاية العائلية . جـ - ثبوت النسب بنكاح الشبهة : نكاح الشبهة هو نكاح يقع خطأ بسبب غلط يقع فيه الشخص ، وهو الإتصال الجنسي غير الزنا ، وليس بناءا على عقد زواج صحيح أو فاسد مثل وطء إمرأة يجدها الرجل على فراشه فيظنها زوجته ،و مثله أيضا وطء المطلقة طلاقا ثلاثا أثناء العدة على إعتقاد أنها تحل له .فإن أتت المرأة بولد ما بين ستة و عشرة أشهر من وقت الوطء ثبت نسبه من الواطئ لتأكد أن الحمل منه وإذا أتت به في مدة أقل من ستة أشهر لا يثبت النسب منه ويكون وطؤها قبل ذلك بشبهة أخرى هذا هو موقف الفقه من نكاح الشبهة . (1) المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ، 19/05/1998 ، العدد الخاص ، 2001 ،ص 73 أما موقف القانون فيتضح من خلال نص المادة 40 من قانون الأسرة ، فالقانون ذهب إلى ماذهب إليه الفقه ورتب على نكاح الشبهة ثبوت النسب ، وهذا ما يتأكد من خلال القرار الصادر عن المحكمة العليا والذي جاء فيه :"من المقرر قانونا أن يثبت النسب بالزواج الصحيح وبالإقرار وبنكاح الشبهة ومن ثم فإن القضاء بهذا المبدأ يعد تطبيقا سليما للقانون . ولما كان من الثابت في قضية الحال أن الطاعنة لم تثبت أية حالة من الحالات التي نص عليها قانون الأسرة فإن قضاة الموضوع برفضهم لطلبها الرامي إلى تسجيل الزواج و إثبات نسب البنت قد طبقوا صحيح القانون " (1) . إن النكاح بشبهة يمكن تصور وجوده في حالة الزواج العرفي ، إذا لم تحضر الزوجة مجلس العقد وناب عنها وليها أو وكيلها ثم بعد ذلك زفت إليه إمرأة أخرى فيعاشرها معاشرة الأزواج ظنا منه أنها المرأة التي أبرم العقد معها ، وعليه فإن مثل هذا النكاح إن ترتب عنه ولد يثبت لأبيه . كما أنه يمكن تصور هذه الوضعية في الزواج الرسمي وذلك لكون قانون الأسرة يجيز الوكالة في الزواج حيث نصت المادة 20 من قانون الأسرة : " يصح أن ينوب عن الزوج وكيله في إبرام عقد الزواج بوكالة خاصة " كما سبق توضيحه ، وذلك على خلاف قانون 274-59 الذي كان لا يجيزها ، ونحن نؤيد رأي الدكتور بلحاج العربي الذي يميل إلى إلغاء الوكالة في الزواج وذلك نظرا للتغيرات الكبيرة التي يعرفها المجتمع ونظرا لما قد يترتب عن ذلك من سلبيات . وعلى العموم نكاح الشبهة إن كان يحتمل وجوده قبل سنين طويلة فإنه من النادر وقوعه اليوم إلا في المناطق النائية ، والأرياف الصغيرة ، التي تكون فيها العائلات مجتمعة في مقر عائلي واحد . (1) المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ، 21/05/1991 ، مجلة قضائية ، 1994 ، العدد 02 ، ص 56 . د – ثبوت النسب بالإقرار :قد نصت المادة 44 من قانون الأسرة على أنه :" يثبت النسب بالإقرار بالبنوة أوالأبوة أو الأمومة لمجهولي النسب " .وللإقـرار شـروط منهـا : 1 - أن يكون الولد مجهول النسب . 2 – أن يكون الولد أتي من علاقة شرعية ، سواء أكان نكاح صحيح أو فاسد أو نكاح شبهة .3 - أن لا يكذبه العقل أو العادة . 4 - أن يصدقه المقر له على إقراره إن كان أهلا لذلك وضرورة تصديق المحمول عليه النسب . وقد جاء في نص المادة 45 من قانون الأسرة أن الإقرار بالنسب على الغير لا يملكه المقر ولا يلزم غيره إلا بالتصديق له ، كما أن الآثار الناتجة عن هذا الإقرار منصرفة إليه دون غيره من الأقارب ، وبناء عليه إذا كان المقر ببنوة الغلام هي الزوجة أو المعتدة فيشترط مع ما ذكر أن يوافق زوجها على الإعتراف ببنوته له أيضا أو أن تثبيت ولادتها له من ذلك الرجل لأن فيه تحميل النسب على الغير ، فلا يقبل إلا بتصديقه أو ببينة . ويبطل الإقرار إذا صرح المقر بأن الولد إبنه من الزنا لأن الزنا لا يصلح سببا لإثبات النسب . وهذا الإقرار بالبنوة أو الأبوة حالة نادرة على مستوى محاكمنا لأن الإقرار وحده لإلحاق النسب من الأمور الخطيرة والتي تتيح الفرصة أمام العلاقات المشبوهة والمحرمة التي ينتج عنها أولاد غير شرعيين ويكون من السهل بمجرد الإقرار أن يثبتوا نسب هؤلاء الأولاد ويصبح ولد الزنا ولدا شرعيا يتمتع بحقوق ليست له ، وهذا ما دفع المشرع إلى وضع قيد على رفع هذه الدعاوى يتمثل في ضرورة إثبات قيام العلاقة الزوجية . وبالتالي في الزواج العرفي لا يمكن إثبات النسب بالإقرار إلا بعد تثبيت الزواج ، فرغم عدم وجود نزاع حول نسب هذا الولد فلا يمكن أن تثبت النسب قبل أن نثبت العلاقة الزوجية بين الزوجين ، أي البحث أولا عن شرعية وقانونية الزواج قبل أن نبحث في قضية إثبات نسب الأولاد ، بالتالي يبقى الإقرار في النسب لا يقبل على مستوى محاكمنا إلا إذا قدم المدعي مع طلبه عقد زواج مسجل لدى الحالة المدنية . وقد جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا أنه : " أن الإقرار بالولد يجب أن يكون بدون تردد ولا تراجع مع توافر شروط صحة الزواج ، حيث أن الزواج المزعوم وقع بين الطرفين بالفاتحة في 20 أوت 1965 رغم أن المطعون ضده كان محبوسا بمؤسسة إعادة التربية بالحراش منذ 23/11/1963 إلى غاية 25 جويلية 1967 ، كما أن الطلاق المزعوم وقع بين الطرفين في 1966 وأن الولد المسمى "وحيد" المتنازع عنه ولد في 28/06/1966 و أن هذه الوقائع لم تثبت ولم تعرض البينة لإثبات صحتها لأن الزواج يثبت فقها وقضاءا بقراءة الفاتحة وتحديد الصداق وحضور الشهود والولي وإن إعتراف المطعون ضده أمام القاضي الأول وقع بالتردد وتراجع عليه ، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه سليم ولم يخطأ في تطبيق القانون " (1) . هـ – إثبات النسب بالبينة ( الشهادة ) : ونوع البينة التي يثبت بها النسب هي شهادة رجلين أو رجل وإمرأتين عند أبي حنيفة ، وشهادة رجلين فقط عند المالكية وجميع الورثة عند الشافعية والحنابلة ، والشهادة تكون بمعاينة المشهود به أو سماعه ، وقد إتفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز إثبات النسب بشهادة السماع (2) .وقد ورد النص على إثبات النسب عن طريق البينة في المادة 40 ، وعليه فإذا إدعت إمرأة أنها حملت من زوجها وولدت في غيابه مثلا أو في حضوره فأنكر الزوج واقعة الولادة في ذاتها ، أو إعترف بالولادة كواقعة مادية و أنكر أن يكون الولد الذي بين يديها هو نفسه الذي ولدته ، ففي هذه الحالة يحق للزوجة أن تثبت بالشهود ما ينكره الزوج ، والإثبات هنا ليس إثبات نسب لأن النسب يثبت بالفراش ولكن النزاع الحقيقي قائم على حصول الولادة (1) المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ، 24/02/1986 ، غير منشور (2) د/ وهبة الزحيلي ، المرجع السابق ، ص 426 . فبالإمكان شرعا وقانونا إثبات واقعة الولادة عن طريق شهادة النساء اللاتي حضرن عملية الولادة أو الأطباء أو الممرضات أو القابلات إذا وضعت حملها في المستشفى وكذلك إلى إثبات الولد نفسه . ويذهب أبو حنيفة إلى أنه يكفي لإثبات هذا الأمر شهادة إمرأة واحدة تتوفر فيها شروط الشهادة ولا يشترط نصاب الشهادة المفروض في سائر الأمور .وإذا أثبتت الولادة وثبت المولود أمكن حينئذ نسبه إلى الزوج وتسجيله على لقب و إسم أبيه في سجلات الحالة المدنية إستنادا إلى الحكم الذي يقضي بثبوت النسب .وإثبات النسب بالبينة لا يمكن تصوره إلا في الحالة التي يكون فيها الزوج و الزوجة قد جمع بينهما عقد زواج صحيح أو فاسد .أما بالنسبة للزواج العرفي نعتقد أن هذه الوضعية قد تكون نتيجة عزوف المتزوجات عرفيا إلى اللجوء للمستشفيات من أجل الولادة بها لأنها تكون غير قادرة على إثبات زواجها أمام المصالح الإستشفائية و تكون وضعيتها كوضعية الأمهات العازبات ،واللجوء نتيجة ذلك إلى الولادة بالبيت وخصوصا في المناطق الريفية والنائية قد يحول دون توفر شاهدة على هذه الواقعة المادية لأن القابلة ترفض الإدلاء بشهادتها خوفا من المتابعة على أساس ممارسة مهنة دون رخصة مما يؤدي لضياع نسب الولد ليس لسبب إلا أن زواج ولديه كان عرفيا . 2 – دعـوى إثبات النسـب : نعلم أن دعوى إثبات النسب أو إلحاق نسب شخص إلى آخر هي في الأساس دعوى مثل غيرها من الدعاوى المدنية العادية التي ترفع أمام المحاكم للفصل فيها لكن كيف يلجأ المدعين إلى القضاء لإثبات النسب ؟ بما أن الزواج العرفي هو زواج صحيح قائم بكل أركانه ينقصه فقط التسجيل لدى الحالة المدنية وهذا التسجيل يمكن الزوجين من إستخراج وثائق تثبت صفتهما ، بالتالي فالمرأة المتزوجة عرفيا لما تتقدم إلى المستشفى من أجل الولادة ، تطلب منها وثيقة تثبت الـزواج كالعقد أو الدفتر العائلي وبما أن زواجها غير مسجل فهي بالضرورة لا تملك ما يثبت زواجها ، فلما يولد المولود سوف يقيد على إسم والدته وهنا لما تستخرج شهادة ميلاد هذا الولد نجدها بإسم أمه ولأب مجهول هذا رغم إقرار الأب و تصريحه بأن الولد منه لكن لا يقبل منه ذلك ، وما نعيبه في هذه الإجراءات سواء على مستوى المستشفيات أو لدى ضابط الحالة المدنية بالبلدية أن المشرع لم يضع نصوص تحد من هذه الطريقة ، لأننا إذا سجلنا الولد بإسم أمه ناتج عن علاقة زواج شرعية فإننا نعرض سمعته و سمعة والدته للأقاويل إضافة للعراقيل التي تعترضه أمام أية جهة إدارية لذلك من المستحسن جعل الأصل هو تثبيت النسب ولكل ذي مصلحة في إسقاطه أن يسقطه ، لأن إستخراج شهادة ميلاد لأب مجهول مساس بشرف الإبن و عائلته وسوف يصحهها بعد ذلك بحكم قضائي مما يجعله يبقى مدى الحياة يتحمل نتيجة عمل خارج عن إرادته . ولو لا حظنا قانون الحالة المدنية في المادة 62 نجد أن المشرع نص على قبول التصريح سواء من الأب أو الأم أو من له مصلحة ، لكن على مستوى البلديات لا يقبلون سوى تصريح الأب . ولاحظنا عمليا أن المعني بشهادة الميلاد لأب مجهول يتجه عادة بطلب إلى وكيل الجمهورية من أجل تصحيح لقبه ، وهذا طبعا بعد أن يكون قد أثبت الزواج العرفي بين والديه . لكن ما لاحظناه على مستوى محكمة التربص أن وكيل الجمهورية يقبل الطلب و يرسل الملف إلى مصلحة الحالة المدنية من أجل التصحيح القضائي بإضافة اللقب ، وأمر ضابط الحالة المدنية بتسجيله في شهادة ميلاد المعني ، لكن على مستوى بعض المحاكم الموجودة في حدود الولاية ، فإن وكلاء الجمهورية يرفضون الطلب و يوجهونه إلى قسم الأحوال الشخصية . لكن حسب رأينا ، أن الأمر لا يوجد فيه نزاع والمحاكم مختصة بالفصل في النزاعات مما يجعلنا نؤكد على ضرورة إجراء تصحيح قضائي دون رفع دعوى قضائية .و هناك إختلاف بين القضاة أنفسهم في قسم الأحوال الشخصية عند ورود مثل هذه القضايا إليهم ، إذ أن بعض القضاة يؤكدون على عدم وجود نزاع فيفصلون بعدم الإختصاص ، أما البعض الآخر فيفصل بإثبات النسب بحكم ، ويكون المنطوق يتضمن اللقب وأمر ضابط الحالة المدنية بقيده في سجلات الميلاد (ملحق رقم 07). وبما أننا أكدنا أن دعوى إثبات النسب لا يمكن أن تكون إلا بإثبات الزواج فهل يمكن الجمع بين دعوى إثبات الزواج و دعوى إثبات النسب وإن كان الامر كذلك فكيف يكون الحكم فيها ؟ نقول أن دعوى إثبات النسب قد تكون دعوى أصلية منفردة ، تهدف أساسا إلى إثبات النسب ذاته ، فهنا تكون الدعوى بوضع عريضة عادية لدى كتابة ضبط المحكمة مع إرفاق الدعوى بعقد زواج رسمي سجل لدى مصالح الحالة المدنية ، وهذا لإثبات صفة المدعي وعدم تعرض الدعوى لعدم القبول لإنعدام الصفة . وقد تكون دعوى النسب دعوى تبعية لدعوى أخرى فإذا كانت تابعة لدعوى إثبات الزواج فهنا القاضي يفصل في إثبات الزواج ، ويرفض الطلب المتعلق بإثبات النسب لعدم إرتباط الطلبات وهذا ما لاحظناه في محكمة التربص . المطلـــــب الثالــــث :آثــار عقــد الــزواج العرفـــي بالنسبــة للمجتمـــع: إن طرفي عقد الزواج العرفي يعتبران زوجين من الناحية الشرعية و القانونية ، بالتالي تنتفي عن العلاقة القائمة بينهما صفة العقد الباطل أو الفاسد أو العلاقة المحرمة ، غير أنه بالرغم من ذلك فإن لهذا العقد آثار خطيرة تمس بالمجتمع يمكن إيجازها في مجموعة من النقاط .1- بالنسبــة للعدالـة : إن كثرة الزواج العرفي في المنطقة جعل عدد القضايا الناظرة فيها المحكمة عديدة خاصة فيما يتعلق بإثبات عقد الزواج العرفي ونظرا لسهولة إثباته و غياب الوازع الديني و الخلقي لدى بعض الأشخاص فإنهم قد يلجؤون إلى الغش لإثبات العقد و متى توفرت أركان عقد الزواج شكليا فإنه لا يسع المحكمة إلا الأمر بتثبيته ، وبالتالي إعطاء مراكز قانونية لأشخاص وترتيب حقوق لغير مستحقيها ، كأن يكون شخص على علاقة غير شرعية بإمرأة وبعد وفاته تدعي أنها متزوجة منه عرفيا وتقدم للمحكمة شهود زور وعلى أساسها تثبت علاقة الزواج فالمحكمة تقرر علاقات غير شرعية بحكم الظاهر وتعطيها صفات لاتتوافق في الحقيقة مع الشرع والقانون في الوقت الذي تعجز فيه الزوجة الحقيقية عن إثبات عقد زواجها . كالحكم الجزائي الصادر عن محكمة الجلفة بتاريخ 26/05/2004 رقم 2368/2004 إذ استطاعت المتهمة عن طريق التحايل من الحصول على حكم صادر عن قسم الأحوال الشخصية يقضي بإثبات علاقة زواج بينها وبين شخـص متوفـى دون وقوع هذا الزواج فعلا كما استطاعت إلحاق نسب بنتين أحضرتهما من المستشفى وتمكنت بواسطة هذا العقد من الحصول على مستحقات من صندوق الضمان الإجتماعي تتعلق بتعويض عن حادث مرور باسم الزوج المزعوم (ملحق رقم 08). كما أن الإشكال الذي يثور في تكييف الجرائم خاصة التي تكون فيها صفة الجاني و المجني عليه محل إعتبار ، كما هو الحال في جريمة ضرب وقتل الأصول أو الفروع .فهنا يتغير الوصف الجزائي وتصبح هذه الصفة ظرفا مشددا في العقوبة ، لكن عدم تحديد الأنساب في الزواج العرفي قد يعطل ذلك ، كأن يتعدى الإبن على أبيه بالضرب لكن لا يقدم أمام العدالة أي وثيقة تثبت هذه العلاقة فتكيف الجريمة على أنها ضرب وجرح عمدي ويعاقب على هذا الأساس بالعقوبة المقررة لهذه الجريمة في حين أن تكييفها الصحيح هو ضرب وجرح الأصول و التي تكون عقوبتها أكثر تشديدا . 2 – التزويـــر :من بين الأثار التي يرتبها الزواج هي إنجاب الأبناءالذين يحتاجون خلال حياتهم إلى وثائق إدارية خاصة إذ تعلق الأمر بالتسجيل في المؤسسات التعليمية أو الحصول على التعويضات و المنح العائلية ، فيلجأ الأفراد إلى الطرق الإحتيالية لاسيما التزوير والتي عادة ما يؤدي إكتشاف أمرها إلى جر الأفراد إلى المحاكمة بسبب التزوير و إستعمال المزور والإدلاء بإقرارات كاذبة . قضية رقم 767/03 إذا المدعية طالبت بإسقاط نسب البنت بعد ما قام والدها بتسجيلها على زوجته المتوفاة حتى تتحصل على ميراثها منها(ملحق رقم 09) ، وكذلك القضية رقم 1824/04 حيث قام الزوج بتسجيل زواجه العرفي في سجلات الحالة المدنية بإسم أخت زوجته و بصمت زوجته و حصول هذه الأخيرة على بطاقة تعريف و بطاقة الناخب و حساب بريدي بإسم أختها و قد تقاضت منح زوجها على ذلك الأساس ، والقضية رقم 1510/04 وقرار رقم 1824/04 الصادر عن مجلس قضاء الجلفة (ملحق رقم10) والقضية 1805 المتعلق بشهادة الزور (ملحق رقم 11) . 3 - زواج المحرمـات :الزواج العرفي قد ينتج عنه أبناء و بنات و قد يفترق الزوجان دون أن يسعى أحدهما لتسجيل الزواج و تحديد النسب و مع مرور السنوات قد يجتمع هؤلاء الأبناء ويتزوج بعضهم بعضا و هذا التزاوج بين المحارم محرم شرعا و قانونا فمن المسؤول عن إرتكاب مثل هذه المحرمات ؟ و في حالة إكتشاف الجريمة من يتابع ؟ و هل تسقط الجريمة بالتقادم ؟و نذكر في هذا السياق المثال التالي :" رسالة جاءت إلى لجنة الفتوى بالأزهر من سيدة تقول فيها ،أنها تزوجت من رجل عرفيا و بعقد غير موثق إنتظرت لتحسن ظروفه المادية و بعد عشرة استمرت خمس سنوات أنجبت خلالها طفلا إختفى الزوج فجأة و هرب تركها وحدها مع إبنها ،و بعد فترة تقدم إليها رجل كريم للزواج منها و أخبرته أن هذا الطفل (إبنها من الزواج العرفي) إبن أختها التي توفيت هي وزوجها في حادث ، ووافق الرجل على تقبل الطفل إبنا له ونسبه لنفسه وكبر الإبن ودخل الجامعة وجاء يعرض الزواج من زميلة له بالجامعة ووافقته على ذلك ، وفي زيارتي لبيت زميلة إبني رأيت صورة أبيها وكانت المفاجاة التي لا يتوقعها بشر إذ أنه والد إبني الذي تزوجني عرفيا وهرب ، ورفضت هذه الزيجة بدون إبداء الأسباب وأمام إصرار إبني وافقت وتزوج زميلته التي هي كانت أخته وأنجب منها طفلة … " (1) .وإن كانت هذه الواقعة قد حدثة في مصر غير أنه ليس هناك ما يمنع وقوعها في مجتمعنا خاصة مع توافر كامل الظروف لحصولها إذ أنه ليس هناك أي عقوبات ردعية توجب تسجيل عقود الزواج والميلاد . (1) فارس محمد عمران ، الزواج العرفي وصور أخرى للزواج غير الرسمي ، دار الجامعة الجديدة ، جمهورية مصر العربية، 2001 ، ص 36 – 37 . 4 - الإحصائيات : حيث أنه وعلى مستوى البلديات والمستشفيات توجد مصلحة الحالة المدنية التي تقوم بالإحصائيات الدورية والتي تتعلق بالميلاد والزواج والوفاة وهذه الإحصائيات تسجل في السجلات الخاصة بكل فرع ، غير أن عدم التصريح وتسجيل عقد الزواج العرفي يجعل هذه الإحصائيات تتناقض مع الواقع ، وبالتالي تعطل الأهداف التي من أجلها اجريت هذه الإحصائيات والتي من بينها وضع ميزانية الدولة ، وإحصاء نسبة النمو الديمغرافي ، وتعداد الكثافة السكانية ، وإكتشاف الأمراض . 5- الإحتجاج بالعقد العرفي : إن هذا العقد المعترف به من الناحية القانونية والشرعية ، غير أنه لا يمكن الإحتجاج به من طرف الزوجين إلا بعد تسجيله- كما سبق القول - لكن هل يمكن للغير الإحتجاج به وطلب تثبيته ؟ كأن يتزوج شخص زواجا رسميا ثم بعد ذلك يتزوج زواجا عرفيا، دون أن يعلم زوجته الأولى كما يستوجب القانون في المادة الثامنة من قانون الأسرة ، وحيث أن الزواج دون إعلام الزوجة يخول لها الحق في طلب التطليق .فهل لهذه الزوجة حق المطالبة بإثبات عقد الزواج وهي طرف أجنبي عن هذا العقد للحصول على حقها في التطليق ؟ أم أن هذا الحق مخول فقط لطرفي العقد وهل يمكن للزوجة أن تتقدم بدعوى التطليق مؤسسة دعواها على هذا الزواج أم أن دعواها ترفض لعدم تأسيسها ؟ هذه بعض الآثار التي تنتج عن الزواج العرفي الذي يغفل فيه التسجيل في سجلات الحالة المدنية ، وهذا الإجراء على بساطته يمكنه أن يغني الأفراد عن اللجوء إلى إجراءات أخرى أكثر تعقيدا من أجل تسجيل زواجهم خاصة عندما يتعرضون إلى مشكلة ما سببها تقديم نسخة من شهادة عقد الزواج ، ولهذا فإنهم يلجؤون إلى إثباته وتسجيله وهو ماسنتطرق إليه في الفصل الموالي . | |
|