منتدى الشريعة والقانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشريعة والقانون

**وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا**
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء


 

 عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج04

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المدير العـام
شوقي نذير
شوقي نذير
المدير العـام


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 919
نقاط : 24925
السٌّمعَة : 7

تاريخ التسجيل : 10/02/2010
الموقع : الجزائر تمنراست
العمل/الترفيه : استاذ جامعي
المزاج : ممتاز
تعاليق : من كان فتحه في الخلوة لم يكن مزيده إلا منها
ومن كان فتحه بين الناس ونصحهم وإرشادهم كان مزيده معهم
ومن كان فتحه في وقوفه مع مراد الله حيث أقامه وفي أي شيء استعمله كان مزيده في خلوته ومع الناس
(فكل ميسر لما خلق له فأعرف أين تضع نفسك ولا تتشتت)


عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج04 Empty
مُساهمةموضوع: عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج04   عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج04 Icon_minitime1الثلاثاء مايو 25 2010, 17:54



بناء علي ما تفدم سوف نطرح مجموعة من الأسئلة وإجابتها حول هذا الموضوع لللاهمية :-

س[size=12]: أحسن الله إليكم فضيلة الدكتور فهذا يقول: هل للعبد المملوك دية؟ فإن كان له دية فلمن تدفع ؟

ج: ديته قيمته. بمعنى أنه سلعة يباع ويشترى، فتقدر قيمته، وتدفع لسيده.

س: أحسن الله إليكم وهذا يقول: في حالة أنني أقود سيارة، وقمت بصدم شخص، فمات، ولم أقصد ذلك، فماذا عليَّ ؟، وهل من توبة؟ وماذا علي لو كنت مسرعا، أو كنت غير مسرع، وجزاكم الله خيرا ؟

ج: حوادث السيارة تلحق بالخطأ، ليس فيه قصاص، ولكن فيه الدية. فإذا كان حصل منه تهور، وسرعة جنونية، ومخاطرات كالذين يجاكرون لما يقولون، أو يفحطون، فهؤلاء -لا شك- أنهم متسببون، فتغلظ عليهم الدية، وكأنه شبه عمد.

س: أحسن الله إليكم وهذا يقول: ما الحكم في الدفاع عن النفس مثل: الذي يقتل رجلا مسلما؛ لأنه اعتدى عليه، يريد إيذائه، فحاول أن يدافع عن نفسه فماذا عليه ؟

ج: هذا لا حرج عليه، ولا قصاص عليه إذا قتله دفاعا عن نفسه، ويسمى قتل الصائل، الذي يصول على الإنسان، وتقدم هذا في الغاصب: أن من صال على مال إنسان، أو على محارمه فله أن يدفعه بالتي هي أحسن.

س: أحسن الله إليكم وهذا يقول: في قبيلتنا أمر وهو: أن أولياء القتيل لا يتنازلون عن القصاص إلا بأربعة، أو خمسه ملايين ريال، فتقوم قراباتهم بجمع المال من القبيلة للسداد. فهل يحق لهم المطالبة بهذه الأموال الطائلة؟

ج: يحق لهم ذلك؛ لأن أهل الميت مات ميتهم، فيستحقون قتل قاتله، وأهل القاتل يشترون‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ولدهم، يقولون: نشتريه. فيقولون: إن لم تدفعوا هذا وإلا قتلناه، اختاروا: إما تدفعوا أربعة ملايين، أو نقتله. فإننا نستحق قتله.

س: أحسن الله إليكم يقول: هل صحيح لو سقط رجل من عمارة على سيارة في المواقف أن على صاحب السيارة الدية ؟

ج: الصحيح أنه ليس عليه إذا كان يقف في الأماكن المعتادة من غير تضييق؛ ذلك لأن هذا خاطَر، فإذا صعد على سقف هذه العمارة قد لا تكون بحجاب، فخاطر بفعله هذا. ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أن ينام الرجل على سطح ليس عليه حجاب-يعني- ليس على أطرافه حواجز.

س: أحسن الله إليكم يقول: أحد الجيران يبني بيته، ولم يجعل عليها أبوابا، وفيها خزان ملئ بالماء، فأتى أطفال من الشارع إلى هذا البيتن وسقط طفل عمره خمس سنوات، فهل على صاحب البيت شيء، أفتونا مأجورين ؟

ج: نرى أن الدية على صاحب الخزان. فإذا تركه مكشوفا، وترك الباب مفتوحا، فالأطفال لا بد أنهم يخرجون، ويذهبون، فالطفل الذي في الخامسة، أو في الرابعة، ليس معه ما يحجزه، ولا يدري أن هذا الماء يقتل، فصاحب الخزان فرط، فعليه الدية.

س: أحسن الله إليكم يقول: لو أن هناك شخص قتل رجلين: أهل الرجل الأول طلبوا الدية، وأهل الرجل الثاني طلبوا القصاص، فما الحكم، وجزأكم الله خيرا ؟

ج: يجوز ذلك. لكن لما كان القاتل واحدا، فإذا قال: أنا ليس عندي إلا نفسي، اقتلوني، أو أعفوا عني. فإذا قال أولياء القتيل الأول: نحن نعفوا إلى الدية. وقال الآخرون: نحن نريد القصاص. فقد يقول: من أين لي الدية، إذا كنت سوف أقتل؟ ففي هذه الحال يجتمعون في طلب القصاص؟ وتسقط الدية.

س: أحسن الله إليكم يقول: هل الشفاعة في إسقاط القصاص مندوب، يؤجر المسلم عليه؟ وهل يليق الشفاعة في الاعتداءات على المحارم، أو ترويج المخدرات قبل أن يصل الأمر إلى القاضي، وجزاكم الله خيرا ؟

ج: نرى أنه إذا كان مبهوتا، أو مظلوما، أو معتدى عليه فأن الشفاعة فيه مندوبة. فكثير ما نسمع أن هذا الرجل دخل في بيت فلان؛ ليفجر بأهله، ثم إن صاحب البيت وجده، فلم يجد بدا من أن يقتله؛ لأن معه أسلحة -هذا الظالم معه سلاح- فيقول صاحب البيت: لو لم أقتله لقتلني، فأنا قتلته دفاعا، وقتلته لسبق اعتداءه. ولكن القاضي لا يقبل منه، يقول: هلم بشهود. يقول: ما معي شهود. أهل القتيل يقولون: إنه خدعه، دخل به بيته، وقتله لعداوة بينهما، أو نحو ذلك. فلا يكون هناك بينات، ففي هذه الحال إذا عُرف أن هذا القتيل من أهل الظلم، كثيرا ما يتسور، وكثيرا ما يدخل البيوت، وليس له دين يحجزه- فيجوز الشفاعة في ذلك القاتل؛ لأنه قتله لكف شره

س: أحسن الله إليكم يقول: من قتل شخصا لا يشهد الصلاة مع الجماعة، فهل عليه قصاص ؟

ج: للقاضي أن يأمر بالقصاص؛ وذلك لأن أولياءه قد يقولون: إنه يصلي وحده، أو إنه معذور يصلي في البيت، أو في مقر عمله، أو ما أشبه ذلك. أما إذا عرف بأنه لا يصلي أصلا، وأنه دُعي إلى الصلاة فأصر، وقال: لا أصلي ولو قتلتموني. وثبت عند القاضي أنه معاند في ترك الصلاة نرى -والحال هذه- أنه يحكم بكفره وبقتله.

س: أحسن الله إليكم يقول: لماذا يقتل المكره على القتل إن قتل، ولا يقتل الرجل الذي أمره السلطان ظلما ؟

ج: وذلك لأن هذا المكره كأنه فدى نفسه، وبكل حال إذا كان فدى نفسه فإنه يُقتل، وأما إذا كان السلطان ظالما، وأنت لا تدري أنه ظالم، وأمرك بقتل إنسان، ففي هذه الحال أنت معذور.

س: أحسن الله إليكم يقول: نسمع كثيرا القتل حدا، والقتل قصاصا، والقتل تعزيرا، فما الفرق بينها، وجزاكم الله خيرا ؟

ج: القتل حدا مثل: رجم الزاني، يعتبر حدا من حدود الله، والقتل قصاصا مثل: قتل القاتل، والقتل ردة مثل: قتل الكافر الذي ارتد؛ لحديث: من بدل دينه فاقتلوه والقتل تعزيرا يختص بالحاكم وولي الأمر: إذا رأى أن هذا كثير الفساد، فقتله لكف شره تعزيرا.

س: وهذا سؤال ، يقول: جاء في الزاد أن الطبيب إذا تعدت يده موضع العلاج فإنه يضمن ولو كان خطأ، فهل إذا مات المريض في هذه الحالة يعد فعل الطبيب قتلَ خطأ.

ج: يعد خطأ. الطبيب -أولا- لا يجوز له أن يتطبب إلا وهو عالم، ولكن قد يخطئ ولو كان عارفا بالطب، وإذا أخطأ بأن شدد في الجرح، أو أخطأ في واصفة الدواء، أو ما أشبه ذلك- فإنه متسبب تكون عليه الدية، ولا قصاص.

س: وهذا -أيضا- يقول: إذا قتل مسلم حربيا فإن الحربيين يثأرون بقتل المسلم القاتل، أو بقتل غيره من المسلمين، بل بقتل جماعة من المسلمين عموما، وهذا ما يحصل في هذه الأيام، يقول: فما حكم هذا القتل المفضي إلى زيادة المفسدة على الإخوة المسلمة ، وجزأكم الله خيرا؟

ج: يحصل هذا -مثلا- في بعض البلاد التي تحكمها دولة كافرة، فيها سكان مسلمون -كما في فلسطين وغيرها، ويوجد كذلك في بعض الدول كسيريلانكا وغيرها- يحكمها، ويستولي عليها الكفار. فإذا قال ذلك المسلم: أنا سوف أقتل هذا الكافر؛ لأنه كافر. فأقدم على قتله، وعلمت الدولة، فإنها لا تقتصر على قتل واحد، بل تقتل أهل البيت كلهم، ففي هذه الحال تدرأ هذه الأمور، إلى أن يجعل الله للمسلمين فرجا.

س: أحسن الله إليكم وهذا سائل يقول: إذا دخل الحربي دار المسلمين في عقد دخول من ولي أمر المسلمين، فهل يثبت له حكم المعاهد، وينتفي عنه وصف الحربي، وجزاكم الله خيرا ؟

ج: يكون مستأمنا؛ لأن الكفار أربعة أقسام: الحربي الذي هو في بلاده محارِب حلال الدم والمال، الثاني: المستأمن الذي هو حربي، ولكن دخل في أمان وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ فلا يجوز قتله، الثالث: المعاهد؛ الذي بينهم وبين المسلمين عهد كسائر الدول الآن -يعني كأمريكا وفرنسا ونحوهم-، والرابع: الذمي الذي يدفع الجزية.

س: أحسن الله إليكم سؤال أيضا يقول: إذا دخل علي رجل في بيتي فقتلته، فهل علي إثم ؟

ج: لاشك أنك مأمور بأن تدفع عن نفسك، ولو قتلته بالدفاع، ولكن إذا كنت لا تقدر عليه، فالأولى أنك تهرب، حتى لا تُقتل به بعد ذلك، أو تحرص على أن تنجي نفسك، أو تهدده رجاء أنه يهرب.

س: أحسن الله ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍إليكم وهذا يقول: هل هناك فرق بين الجهل بالحكم، والجهل بما يترتب على الحكم، فمثلا: لو كان لا يعلم أن القتل حرام، ولكنه لو علم أنه سيقتل لم يُقدم على القتل، وجزاكم الله خيرا ؟

ج: نرى أنه لا فرق. كونه يقول: أنا أعلم أن القتل حرام، ولكن ما علمت أنني إذا قتلته قُتلت. إذا كنت تعلم أنه حرام، وأقدمت على قتله نقتلك قصاصا، ولو كنت لا تدري أن القاتل يقتل؛ لأنك متعمد قتله.

س: أحسن الله إليكم يقول: الحربي لا قصاص على قاتله، في عصرنا هذا لو قتل أحد المسلمين كافرا، فهل على قاتله قصاص؟ ولماذا؟ نرجو التفصيل وجزاكم الله خيرا.

ج: لا شك أنه إذا قُتِل في دار الحرب فلا قصاص، بل فيه أجر، فالذين -مثلا- يقتلون الشيوعيين في الشيشان معلوم أنهم يقتلون حربيين، فلا قصاص، ولهم أجر، وكذلك الذين يقاتلون في كشمير، يقتلون الهندوس، والهندوس كفار، وحربيون أيضا، ولهم أجر على ذلك؛ فإذا كان هناك حرب قائمة بين المسلمين والكفار، فمعلوم أن هؤلاء المسلمين يقتلون من قدروا عليه، والكفار يقتلون من قدروا عليه، والله ينصر من يشاء. فإذا توجه مثلا مسلمون من سائر بلاد الهند، أو باكستان، ودخلوا في حدود كشمير، فلهم أن يقتلوا من رأوه من المحاربين -الذين هم يحاربون المسلمين- سواء من الهندوس، أو من البوذيين، أو من السيخ، أو من غيرهم

س: أحسن الله إليكم يقول: لو أن أحد الأولياء قتل القاتل أثناء فترة الانتظار بين القصاص والقتل خشية أن يتنازل أحد الأولياء، فهل يقتل هذا القاتل -يعني الولي- أم لا، وجزاكم الله خيرا ؟

ج: الصحيح أنه يسقط، أنه لا قصاص عليه؛ ذلك لأنه قتل من هو قاتل، وإذا قتله يتكفل بدية الصغار مثلا- الذين إذا بلغوا قد يطلبون، ويقول لهم إذا طلبوا الدية: فإني سأدفعها أنا. له ذلك.

س: أحسن الله إليكم يقول: ثلاثة أشخاص اعتدوا على شخص، وقتله واحد منهم، فهل يقتص من الثلاثة أم من القاتل فقط ؟

ج: إذا كان الثلاثة كلهم متساعدون: هذا ممسك، وهذا مهدد -مثلا- فعليهم القصاص، وإذا كان اثنان ابتعدا عندما بدء القتال، ابتعدا، وتوقفا، وأقدم واحد فقتله فالقصاص عليه.
الحق في الحياة في الشريعة والقانون


بسم الله الرحمن الرحيم

((ولقد خلقنا الإنسان سلالة من طين,ثم جعلناها نطفة في قرار مكين، ثم خلقنا النطفة علقة، فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاما، فكسونا العظام لحما، ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) سورة المؤمنون الآيات 12و13و14،15, 16

الحق في الحياة

1. الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا.

2. لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير المخالف لأحكام هذا العهد ولاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة إلا بمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.

3. حين يكون الحرمان من الحياة جريمة من جرائم الإبادة الجماعية، يكون من المفهوم بداهة أنه ليس في هذه المادة أي نص يجيز لأية دولة طرف في هذا العهد أن تعفى نفسها على أية صورة من أي التزام يكون مترتبا عليها بمقتضى أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.

4. لأي شخص حكم عليه بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو إبدال العقوبة. ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو إبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات.

5. لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها أشخاص دون الثامنة عشرة من العمر، ولا تنفيذ هذه العقوبة بالحوامل.

6. ليس في هذه المادة أي حكم يجوز التذرع به لتأخير أو منع إلغاء عقوبة الإعدام من قبل أية دولة طرف في هذا العهد.

طبقا للحقوق الأساسية الواردة في:

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966 تاريخ بدء النفاذ: 23 مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49

المقدمة: -الحق هو لغة هو الثابت غير القابل للإنكار وهو نقيض الباطل وحق الإنسان في الحياة هو أخطر الحقوق وأجلها وأقدسها في جميع الشرائع والحضارات والأعراف والقوانين والدساتير وهذا الحق ليس تعبيرا مجردا من دلالته التي تكسبه أهميه وخطورة بل يكتسب أهميته من تكريم الله سبحانه وتعالى للإنسان وتفضيله على كثير من مخلوقاته وأستخلفه في الأرض .والمستعرض لتاريخ الإنسانية الفكري يجد إن فكرة ((الحقوق الطبيعية)) من أولى الأفكار التي نادى بها الفلاسفة والمفكرون وهذه الفكرة هي التي أقرت للإنسان حقوقا طبيعية في مقدمتها الحق بالحياة لكونه الأساس الذي ترتكز عليه الحقوق الأخرى . أن فاعلية الإنسان ونشاطه وحركته وبناؤه وأعماره للحياة إنما تكون بوجوده عنصرا فاعلا في الحياة فإذا انعدمت حياته انتهى كل شيء لذا كان الحق في الحياة من الحقوق التي لايجوز التهاون فيها أو التنازل عنها وقد تجسد في كثير من المواثيق وإعلانات حقوق الإنسان التي توجت بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 . قد يرى البعض إن فكرة حقوق الإنسان هي نتاج الفكر الأوربي ووليدة ثوراته من الثورة الانكليزية إلى الثورة الفرنسية وهذا زعم غير دقيق لان الحضارة الحديثة مسبوقة بحضارات أقدم منها ناضل فيها الإنسان طويلا لإقرار حقوقه وتركت بصمات واضحة على التاريخ الإنساني غير هذه الثورات فالاهتمام بحقوق الإنسان بدأ قبل الإسلام عند الرومان والإغريق والرومان والحضارة المسيحية إلا أنها كانت مجرد أفكار دعوات نادى بها الفلاسفة والمصلحون إزاء تسلط الملوك والحكام واستبدادهم بحقوق البشر وحرياتهم وسلبهم لحياة الناس بلا محاكمة ودون حق وهو مادعا إلى نضال أنساني طويل في سبيل التخلص من الطغيان والظلم والاستبداد وتأكيد حق الإنسان في الحياة الحرة الكريمة دون تهديد أو منة ولم تأخذ هذه الدعوات طابعها الرسمي الأ بعد القرن السابع عشر الميلادي. ولكننا نجد أم الشريعة الإسلامية منذ القرن السابع الميلادي أقرت حقوق الإنسان وقدمت منهاجا شاملا ودقيقا لضمان حق الإنسان بالحياة التي هي منحة الخالق العظيم للبشر فبالتالي تعتبر مقدسة ولا يجوز العدوان عليها أو المساس بها ولم يقبل بموقف تفقد به الحياة إلا من اجل الحياة مثل موقفه من الشهداء حيث قال سبحانه وتعالى ((ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون))(سورة البقرة /الآية 154) ومنه موقفه من القصاص ((ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب))(البقرة /179) ومنه أيضا موقفه من الجهاد الذي لم يشرع إلا من أجل الدفاع عن الحياة،قال سبحانه وتعالى ((يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله ورسوله أذا دعاكم لما يحييكم))(الأنفال/24)كما وفر الإسلام للإنسان جميع مستلزم حياته وحمايتها من الخلق وحتى وفاته وحرم أي تهديد
المبحث الأول: الأساس الديني والفكري لحق الإنسان في الحياة


أولا- الأساس الديني لحق الإنسان في الحياة : -

أهم ما يلحظ في الأساس الديني لحق الإنسان في الحياة هو أن حياة الإنسان هبة مقدسة من الله سبحانه وتعالى وأن الإنسان خليفة الله في الأرض، وأمتاز بتكريم ألهي لم ينله أي مخلوق آخر على الأرض. لقد شاءت قدرة الله سبحانه وتعالى أن يخلق الإنسان من تراب وينفخ فيه من روحه وفي القرآن الكريم الكثير من الآيات التي تؤكد خلق اله تعالى للإنسان ومنها قوله تعالى ((وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون))(1) وقال جلت قدرته ((الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين))(2) . والى غير ذلك من الآيات الكريمة وكلها تدل على خلق الله سبحانه وتعالى للإنسان من تراب وصوره بشرا ونفخ فيه من روحه وأنعم عليه ووهبه الحياة لذا تعتبر حياة الإنسان في الشريعة الإسلامية مقدسة لأنها من روح الله التي نفخها في آدم عليه السلام وذريته من بعده وأن لحياة الإنسان حرمة كحرمة خالقها وكل فرد من بني آدم بناء بناه الله وسواه فليس من حق أحد سواه إن يهدم ما بناه وتعد حياة الإنسان والحفاظ عليها وصيانتها في طليعة الأهداف التي ينشدها الدين الإسلامي .أن الله جلت قدرته خلق الإنسان وأستخلفه على الأرض نيابة عنه ((ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون))(3) وقوله تعالى ((هو الذي جعلكم خلائف في الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم)) (4)وقوله جل شأنه ((هو أنشاكم من الأرض وأستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه))(5)وأمده بجميع مستلزمات نجاحه في مهمة الخلافة التي في المقدمة منها الحياة لأنها روح الإنسان ومحركه الأساس بأمر الله سبحانه وتعالى،فالإنسان عندما يفقد الحياة يتحول إلى جماد لاحركة فيه ولاشعور ثم يتحلل بعد فترة ويتحول إلى تراب, لذا يعتبر حق الحياة في الشريعة الإسلامية حقا مقدسا لايحق لأي شخص سلبه منه لأن الله سبحانه وتعالى

1- سورة الحجر آية (28) 2- سورة السجدة آية (7) 3- سورة الأعراف أية(129)

4- سورة الإنعام (آية (165) 5- سورة هود (الآية (61)

خلق الإنسان إلى أجل معين حدده هو جلت قدرته فلا يعلم الإنسان متى تنتهي حياته أو حياة غيره فلا يحق لأي إنسان مهما كان مركزه وقدرته أن يسلبه هذه المنحة الإلهية دون حق مشروع ((وأنّا لنحي ونميت ونحن الوارثون))(1), ومنحه حق الحياة لحكمة أرادها وهي جعله خليفة في الأرض لأعمارها ولم تزل تلك الخلافة قائمة إلى قيام الساعة،فالحق في الحياة هنا مستمد من أصل إيماني راسخ فالإنسان ليس مجرد كائن عابر بل هو ممثل عظيم لقيم عظيمة خلقها الله سبحانه وتعالى كرمها الله بخلقها بيديه وصورها بأحسن الصور ((صوركم فأحسن صوركم))(2), لأنه روح عاقلة خصها الله بنعمة الإدراك والعقل دون غيره من المخلوقات،وكرم الله جلت قدرته الإنسان وفضله على كثير من مخلوقاته فقد خلقه بيده وأمر الملائكة بالسجود له وميزه بالعلم والمعرفة فهو يمتلك عقلا وعلما وإدراكا ومعرفة لذلك لعمله قيمة ومعنى دون غيره من المخلوقات وانه مسئول عن نتائج أعماله،وسخر القادر كل ما في الكون بسمائه وأرضه ومياهه, وجميع المخلوقات لخدمة الإنسان ((ألم تروا أن الله سخر لكم مافي السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنه))(3) لينتفع ويستعمله حسبما تقتضيه مصلحته وهذه ميزة أخرى لتكريم الإنسان في الشريعة الإسلامية.وهذا يعني أن حكمة الله سبحانه وتعالى اقتضت إيجاد مخلوق عاقل يعبد الله ويسبح بحمده بعد أن يلمس أثار قدرته وعظيم صنع الله وقد بلغ الإسلام في تكريم الإنسان حدا لم تصله أي من الشرائع السماوية من قبله فجعل نظرة التقدير للإنسان من حيث هو إنسان مطلقا فقرر المساواة في القيمة الإنسانية ولم يكن تكريمه على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو العرق أو الجاه أو الثروة ((وقد كرمنّا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات،وفضلناهم على كثير مما خلقنا تفضيلا)) (4) وهذه الآية تدل على تكريم جنس الإنسان عامة ولم تخص جماعة بعينها وأعتبر الناس سواسية بحسب خلقهم الأول ولا يوجد في نظر الإسلام تفاضل في إنسانيتهم لان الكرامة الإنسانية حق لكل بني آدم والتفاضل بينهم خارج عن نطاق الإنسانية ومتعلقة بتقوى الفرد لله, وتجنب نواهيه ومقدار ما يقدمه من عمل صالح متفق مع أوامر الله سبحانه ونواهيه .ويمتد تكريم الإسلام للإنسان إلى ما بعد انتهاء حياة الإنسان بموته حيث أمر بتغسيله وتكفينه وتشييعه بما يناسب كرامته الإنسانية والصلاة عليه إن كان مسلما ودفنه، والإسلام اعتبر جسد الإنسان مكرم بعد موته كتكريمه في حياته فأي تشويه أو تمثيل بجسد ميت هو اهانة لإنسانية هذا الجسد .كما رأينا حق الإنسان في الحياة،حقا مقدسا في الشريعة الإسلامية،ومستندا إلى على أساس ديني متين وأصيل مرتبط بلب العقيدة الإسلامية، لان الإنسان في نظر الشريعة عماد العالم وروحه ومتى أنعدم النوع الإنساني من خلال انعدام مجموعة من أفراده فأن العالم يعد ميتا لامحالة .

1- سورة الحجر الآية (23) 2- سورة التغابن الآية (3) 3- سورة لقمان الآية (20)

4- سورة الإسراء الآية (70)
ثانيا -الأساس الفكري لحق الإنسان في الحياة :-


1- فكرة النزوع الفطري لدى الإنسان لحفظ ذاته:-

من الثابت أن الله سبحانه وتعالى خلق في الإنسان نزوعا فطريا لحاجات معينة لاتستقيم حياته دونها وفي مقدمة هذه الحاجات نزوعه نحو حفظ ذاته وحرصه على بقاء حياته بالابتعاد عن كل ما يهدده بالخطر أو يعرضه للهلاك وإنهاء حياته،ويطلق عليها غريزة الحياة،والى بقاء النوع الإنساني من جهة أخرى، وهداه الله إلى ألتماس تلك الحاجات بما أودعه لديه من عقل وأدراك ومعرفة،لذلك قرروا إن للإنسان حقوقا طبيعية،تثبت بمجرد كونه أنسانا .وأطلق على هذا النزوع في علم النفس تسمية الغرائز التي تعتبر المحركات الأولى للسلوك ووصفت بأنها استعداد فطري لدى الكائن الحي تحمله على الإدراك والانتباه لكل الإخطار التي تحيط به مصحوبا بنوع من الانفعال والتأثر وقسمت الغرائز إلى كبرى كغريزة البحث عن طعام والغريزة الجنسية وغرائز صغرى كالحاجة إلى البكاء والضحك.ووجهت انتقادات إلى نظرية الغرائز* واستخدم العلماء المحدثين مصلح الدوافع، أو الحوافز, أو الميول,أو الحاجات فهي حاجات جسمية أو نفسية داخلية تدفع الكائن الحي تجاه أهداف معينه من شأنه أن يحرك استجابة ما،ومما تجدر الإشارة إليه أن الإنسان أدرك أن متطلبات حفظ ذاته هي أكبر من طاقته المحدودة التي لاتمكنه من العيش بمعزل عن الجماعة فالاجتماع الإنساني عند فلاسفة اليونان والمسلمين هو ضرورة طبيعية فالإنسان كائن اجتماعي بالطبع وهي تتمثل بضرورة الحصول على الغذاء لضمان بقاء الإنسان هداه إليها الله بقدرته وقدرة الفرد الواحد على تحصيل حاجته من الغذاء تتطلب تعاونا بينه وبين أبناء جنسه للحصول على قوتهم والضرورة الأخرى هي ضرورة دفاعية فالإنسان يحتاج إلى الدفاع عن نفسه إلى بني جنسه لمواجهة الحيوانات المتوحشة التي تمتلك قدرة تفوق قدرة الإنسان فبدون التعاون بين أبناء جنس الإنسان لايحصل الفرد على قوت وغذاء يؤمن بقائه على قيد الحياة ولا يتمكن من الدفاع عن نفسه بما يؤدي في النهاية إلى انتهاء النوع الإنساني فشعور الفرد بالحاجة للجماعة هو شعور فطري غرسه الخالق في ذات الإنسان آمنت له الإبقاء على حياته مما يؤدي بالنتيجة إلى حفظ النوع الإنساني (1)ومن أجل بقاء النوع الإنساني خلق الله سبحانه وتعالى في الإنسان غريزة الجنس التي تدفعه للتزاوج واستمرار الحياة وحرصه على أيجاد ذرية هو حاجة ذاتية فطرية وهي موجودة في كل البشر ولا تهدف إلى إشباع حاجته الجنسية فقط بل لهدف أسمى لتكوين أسرة ونزوع فطري لتخليد أسمه وتؤدي بالنتيجة إلى بقاء النوع الإنساني وأن هذا النزوع الإنساني الفطري لحفظ الذات شخصيا والى بقاء النوع الإنساني تمثل أحد الأسس الفكرية المهمة التي يرتكز عليها حقه في الحياة .

فكرة الحقوق الطبيعية :-

أن حق الإنسان في الحياة هو حق طبيعي يقره العقل السليم ولا يحتاج أقراره إلى أرادة المشرعين وهو حق أقرته الشرائع والأعراف والأديان ويعد فلاسفة اليونان من أوائل مروجي فكرة الحقوق الطبيعية ومضمونها (إن لجميع الناس بحكم أدميتهم حقوقا يستمدونها من طبيعتهم الإنسانية وأن هذه الحقوق فوق التشريعات المدونة ولا تمنح الدولة أو المجتمع المتمدن وإنما تقتصر مهمتها على الاعتراف بها وتقريرها, وهذه الحقوق لايمكن إلغاءها أو التنازل عنها تحت أي ظرف أو ضرورة اجتماعية وأن الإنسان يمتلك حقوقا تجاه الآخرين وتجاه جميع المخلوقات في الكون

1- انظر مقدمة أبن خلدون, عبد الرحمن الحضرمي, دار الشعب, القاهرة

2- انظر مجالات علم النفس مصطفى فهمي ص 12

, وأن كل حق منحه القانون الطبيعي للفرد يعد ملكا له استنادا إلى حق الله, وحق الله هو العدالة المطلقة, وفي مقدمة هذه الحقوق الطبيعية هو الحق بالحياة) فكرة الحقوق الطبيعية مستقاة من الفلسفة اليونانية وقد مرت هذه الفكرة بمراحل تطورية تبعا لتطور الفلسفة ذاتها من مجرد تأمل فلسفي إلى إن القانون الطبيعي هو قانون الآلهة وإرادتها كما يعتقدون أي أنهم كانوا يميزون بين ماهو عادل بطبيعته وما هو كذلك بموجب التشريع الوضعي،أما الرومان فاخذوا بفكرة القانون الطبيعي من اليونان ويصفونه بأنه قانون أخلاقي متأصل في الإنسان بفعل العقل الفطري وهو قانون ثابت عند كل الأمم وعلى مر الأزمان ومن عصاه فقد أنكر نفسه وطبيعته .(2) استمرت فكرة القانون الطبيعي بالتطور وازدهرت في نهاية القرن الثامن عشر نتيجة لانتعاش الأفكار الإنسانية وظهور الاكتشافات العلمية المبنية على الدقة العلمية ودراسة الطبيعة وقوانينها وسيطرت مدرسة القانون الطبيعي على جميع اتجاهات الفكر الإنساني في حينها (3) .ولكن مع ظهور مدارس فكرية أخرى كالوضعية والتاريخية أنكروا فكرة القانون الطبيعي الثابت في كل زمان ومكان وإنما هو كائن ينشأ بنشأة المجتمع ليستجيب لحاجاته ويسايره في تطوره لذا فهو يختلف ويتغير بتغير الأزمان والمكان والحاجات لكل مجتمع (4) القانون الطبيعي قام بثلاث مهام رئيسية وأساسية خلال مراحل تطوره وهي :-

1-التعبير عن كرامة الإنسان وسلطته لكونه الكائن الوحيد المزود بالعقل والمشارك في الكون فعليا وفكريا.

2- أنه شكل الأكثر عمقا للأخلاقيات والاجتماعيات في نظام الكون, بسبب الالتزام بمبادئه روحي راجع للضمير الإنساني.

3-بما أنه يمثل القانون العادل الذي مصدره الإله فأنه يعد المقياس الذي ينبغي أن تحاكم أسس المؤسسات الاجتماعية والسياسية بالرجوع إليه في أطار حضاري وهو رغبة بالحكمة الإلهية والحكمة الإنسانية. أن سبب انبثاق فكرة الحقوق الطبيعية هو ما كان يعانيه الإنسان من امتهان لكرامته، وانتهاك لحقه في الحياة وخضوع مطلق للحكام ورغباتهم, أن الحق في الحياة يأتي في مقدمة الحقوق الطبيعية بل هو أساسها ومرتكزها ويعد مفتاحا للحقوق الإنسانية الأخرى فلا جدوى من حق العمل والسكن والحرية أذا لم يعترف بحقه أولا في الحياة وإتاحة الفرصة له للتمتع بهذا الحق ثم بقية الحقوق . لقد كان ولازال الحق في الحياة حق طبيعي للإنسان بحكم آدميته وإنسانيته وان الله منحه له وبالتالي هو حق مقدس لايحق لأحد سلبه منه في كل الأحوال .أما أصحاب المذهب الاشتراكي أعلن رواده وأنصاره أن هدفهم المساواة الحقيقية بين البشر وان حق الإنسان بالحياة حق طبيعي ثابت معترف به ومصان . وبقي الحق في الحياة حق طبيعي مقدس وثابت للإنسان سواء في المذهبين الفردي أو الاشتراكي لان الخلاف بينهما منصب على قضايا سياسية واقتصادية, ولأن الإنسان لايمكنه إن يساهم في الحياة السياسية والاقتصادية ألا بعد الاعتراف بحقه في الحياة وصيانته .
المبحث الثاني: بدء الحياة وانتهائها وآثار حق الإنسان في الحياة


بدء حياة الإنسان:- بدء حياة الإنسان هو بولادته الطبيعية حيا وأتفق فقهاء الشريعة الإسلامية (1)على إن الإنسان أنفصل كله عن أمه حيا, حياة مستقرة فقد بدأت حياته على أن تكون متيقنة وأن يتحرك حركات الإحياء كأن يعطس أو يتثاءب وتبدأ شخصيته القانونية.ولا يختلف فقهاء القانون الوضعي, بشأن بدء حياة الإنسان عما قرره فقهاء الشريعة الإسلامية حيث قرروا إن الشخصية القانونية للإنسان التي يستحق بها الحقوق التي اعترف بها القانون كافة تبدأ بتمام ولادته وانفصاله كليا عن أمه وهو حي.وقد أخذ المشرع العراقي بما ذهب إليه جمهور الفقهاء في المادة (34) من القانون المدني على ما يلي (تبدأ شخصية الإنسان بتمام ولادته حيا, وتنتهي بموته). ومن رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده خلقه إياهم ورعايته مصالحهم مذ كانوا أجنه في بطون أمهاتهم فجعل لهم أهلية وجوب لأجل الحفاظ على مصالحهم وحقوقهم وبمقتضى قانون الأحوال الشخصية العراقي للجنين شخصية عامة يترتب بمقتضاها بعض الحقوق له، والحقوق المعترف للجنين بها في الشريعة الإسلامية والقانون، وهي حقه في النسب والميراث،والوصية والوقف وتبقى هذه الحقوق موقوفة لحين ولادته حيا .

انتهاء حياة الإنسان:-

حياة الإنسان تنتهي بالموت وهو الانتهاء الطبيعي لها بتوقف الوظائف الحيوية النهائي الذي يؤول إلى تداعي الجسم الطبيعي والذي يعقبه انحلال مركبات الجسم(2) . ألا إنها قد تنتهي حكما بقرار القاضي بموته بعد انقضاء مدة معينة كما هو الحال في الغائب المفقود الذي لاتعرف حياته من موته وقد انقطعت أخباره بعد التحري بكافة الطرق الممكنة للوصول إلى معرفة ما إذا كان حيا أم ميتا قبل أن يحكم بموته المادة (94)قانون رعاية القاصرين، وقد أقر الأطباء أن الحياة تنتهي أيضا بتوقف أهم عضو في جسم الإنسان وهو الدماغ أو القلـب أو الجهاز التنفسي، وأطلقوا على هذا الموت (الموت الوظيفي) .

آثار حق الإنسان في الحياة :-

حق الإنسان في الحياة ليس مجرد فكرة بل لهذا الحق آثار رتبتها الشريعة الإسلامية والقوانين والدساتير والمعاهدات والاتفاقات الدولية وتتجلى أهم هذه الآثار بحفظ النفس الإنسانية التي هي ضرورة شرعية تعارفت عليها الأديان والشرائع السماوية.

أن لحفظ النفس في الشريعة والقانون مظاهر تبدأ من العناية بالجنين, وفي تناول الطعام والشراب الحلال والرخص لتأمين الحياة والاعتناء بالصحة.

العناية بحفظ حياة الجنين :- تعنى الشريعة الإسلامية بحفظ حياة الإنسان منذ مراحله الأولى لتكوينه في بطن أمه ورخص للحامل في العبادات الشرعية وتعامل معاملة المريض فيجوز لها الإفطار خوفا على حياة الجنين، وحرصا على حياة الجنين أوجبت الشريعة الإسلامية تأخير القصاص عن المرأة الحامل أذا ما اقترفت جريمة تستوجب القصاص في النفس

كالقتل, أو في الإطراف كالسرقة إلى أن تضع حملها خوفا من ألحاق الأذى بالجنين دون أن يكون له دخل في الجناية, بل بعضهم ذهب بعيدا بتأجيل القصاص إلى حولين كاملين لحين فطامه أذا لم تتوفر من ترضعه بدلا من أمـه,انطلاقا من قاعدة (رفع الضرر)ومن مظاهر حرص الإسلام على حفظ حياة الجنين حقه المحفوظ في الميراث والوصية والوقف قبل إن ينفصل عن جسد أمه وقد حرصت المواثيق الدولية على حفظ حياة الجنين مثاله الاتفاقية الخاصة بحماية الأمومة عام 1952 والتي تضمنت مادتها السابعة عشر ألزام كافة الدول الموقعة عليها بمراعاة المرأة الحامل وأوجبت كذلك رعايتها صحيا حفظا لحياة الجنين .

أما الدستور العراقي الصادر قبل الاحتلال فقد نص في المادة (11) منه ((الأسرة نواة المجتمع،تكفل الدولة حمايتها ودعمها،وترعى الأمومة والطفولة))وقد صدرت من مجلس قيادة الثورة في حينه الكثير من القرارات باعتباره أعلى سلطة تشريعية في العراق التي تؤكد رعاية المرأة الحامل حفاظا على حياة وسلامة الجنين وأنشأت الدولة الكثير من المراكز الصحية لتقديم الرعاية الطبية المجانية للنساء الحوامل أما الدستور الحالي الذي وضع بأشراف سلطة الاحتلال فقد نص في المادة (29) منه (الأسرة أساس المجتمع وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والأخلاقية والوطنية) ولكنها على الصعيد العملي لم تقدم أي خدمات صحية تذكر وتراجعت الخدمات الصحية المقدمة للحوامل بل وجرى الاقتصاص من النساء الحوامل وتعذيبهن وقتلهن واغتصابهن رعاية الأطفال والعناية بهم:-اهتمت الشريعة الإسلامية بالأجنة وهم في بطون أمهاتهم كما رأينا وكذلك اهتمت برعاية الأطفال منذ لحظة ولادتهم إلى حين بلوغهم الأشد وقوة الساعد ولم تفرق بينهم،ولما كانت الوسيلة المهمة لحفظ حياة الأطفال هي الغذاء عن طريق الرضاعة أوجبت له حق الرضاع على أمه خوفا عليه من الهلاك, وهي مسؤولية أخروية على الأم بموجب الآية القرآنية (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين)(1) فرضاعة الطفل هو واجب ديني على أمه, أما أذا امتنعت عن الرضاعة مع قدرتها كانت مسئولة إمام الله.وشملت رعاية الإسلام الأطفال اللقطاء الذين أوجبت التقاطهم ورعايتهم وحفظ حياتهم والإنفاق على تربيتهم ولا يجوز نبذهم لان تركهم حرام ابتداء وانتهاء. وقد قرر فقهاء الشريعة الإسلامية أن اللقيط أن وجد معه مال أنفق عليه منه إما أذا لم يوجد وجب ذلك على ولي الأمر (الدولة) من بيت المال (خزينة الدولة).ولما كان الطفل بعد انتهاء فترة رضاعته يحتاج إلى من يرعى شؤونه لذا أوجبت الشريعة على والديه رعايته وتربيته والإنفاق عليه وتعليمه حتى يبلغ أشده ويصبح مهيأ لمواجهة الحياة بمفرده وبهذا تكون شريعتنا السمحاء قد عبرت بشكل عملي على عنايتها المتميزة بالطفل ولم تتركه وحيدا منذ لحظة ولادته حتى يبلغ أشده حفظا على حياته وعملا على ضمان استمرارها أما المواثيق الدولية وإعلانات حقوق الإنسان فأكدت هي الأخرى على وجوب رعاية الاطفال والعناية الخاصة بهم وكفالتهم وتوفير كل ما من شأنه يحفظ لهم حياتهم ويصونها من الهلاك ولم تفرق في ذلك بين الولد بزواج شرعي من عدمه، ودون تمييز بسبب الدين والعرق أو الجنس فقد نصت المادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ((للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين وينعم كل الأطفال بذات الحماية الاجتماعية سواء كانت ولادتهم ناتجة من رباط شرعي أم بطريقة غير شرعية))أما إعلان حقوق الطفل الصادر عام 1980 فقد نص في المادة الأولى منه ((كل طفل دون استثناء بجميع الحقوق المقررة في هذه الإعلان،دون تمييز أو تفرقة بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو المعتقد السياسي أو غيره أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الملكية أو النسب أو غير ذلك من الأسباب القائمة لديه أو لدى أسرته)) وتضمن هذا الإعلان عشرة مبادئ كلها تؤكد على وجوب رعاية الطفل بشكل عام دون تمييز،بتوفير مستلزمات عيشه بما يضمن تطور نموه الجسماني والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي بصورة طبيعية سليمة وأكد الإعلان على ضرورة تقديم الرعاية التامة للأطفال المصابين بعاهات جسدية أو عقلية أو اجتماعية من علاج طبي وعناية خاصة،وأسست الجمعية العامة منظمة خاصة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) مهمتها رعاية الأطفال في كل مكان من العالم .وأكدت دساتير معظم دول العالم على ضرورة العناية بالأطفال ورعايتهم حفظا على حياتهم ومنها كما ذكرنا سابقا المادة (11) من الدستور العراقي المؤقت والصادر قبل الاحتلال (الأسرة نواة المجتمع وتكفل الدولة حمايتها ودعمها وترعى الأمومة والطفولة) وقامت الدولة بعدة خطوات لتنفيذ ماورد في الدستور من اعتبار التعليم مجانيا وإلزاميا إلى تقديم الدعم الصحي والاجتماعي للام والطفل وتقديم جميع هذه الخدمات مجانا،ورغم أن الدستور العراقي الحالي الذي وضع بأشراف المحتل أكد في المادة (29 فقرة ب)((تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة وترعى النشء والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم))ولكنها حبر على ورق مع انعدام الرعاية الصحية وسياسة التهجير الطائفي التي أثرت على حياة الأطفال بصورة مريعة بعدم تلقي العناية الصحية الكافية وانقطاعهم عن التعليم وقد شهد النظام التعليمي تدهورا هائلا خلال السنوات الأخيرة، وقد تفاقم ذلك التدهور نتيجة لما تعرضت له المدارس من إضرار جسيمة خلال الحرب الأخيرة قدرت بحوالي(36%) وأدى الانعدام المتواصل للأمن – التفجيرات اليومية،وعمليات الخطف والسرقة إلى إحداث فوضى في نسب الانتظام في المدارس وإبقائها متدنيا نسبيا وخاصة بالنسبة للفتيات .فضلا عن إن نهب المدارس لم يترك للطلاب والمعلمين إلا مواد قليلة للتعليم، أطفال العراق اليوم قد عاشوا معظم حياتهم تحت وطأة أكثرية العقوبات الاقتصادية والحرب وقد برزت اخطر تلك المؤشرات في أوضاعهم الصحية ووضعهم الغذائي خلال سنوات نموهم وتكونهم.لاريب إن أفدح الخسائر التي تعرض لها المجتمع العراقي كانت ما أصاب البشر من قتل وجرح وتشريد فقد أدى استخدام طرائق حرب لاتميز بين الأهداف المدنية والعسكرية ومنها القنابل العنقودية،إلى قتل وتشويه وفقد أعضاء لعدد كبير من العراقيين وكثر ة منهم من الأطفال الذين سترافقهم أثار هذه الإعاقات والتشوهات مدى حياتهم ومازالت شظايا هذه القنابل الموغلة في عدم ذكائها تغطي مساحات واسعة وستبقى أجزاؤها التي لم تنفجر تهدد المدنين العراقيين وبخاصة الأطفال منهم ….وليست المخاطر الصحية لذخائر اليورانيوم المنضب التي تلوث شظاياها البيئة العراقية وارض العراق وموارد مياهه اقل إعاقة لصحة العراقيين ولمستقبل التنمية الإنسانية في العراق وخلال العقد الأخير تفاقمت بين الأطفال عدة إشكال من السرطانات نتيجة التلوث البيئي الناجم عن استخدام اليورانيوم المنضب والتلوث الجرثومي في مياه الشرب فضلاً عن نقص التغذية،ونقص الأدوية واللقاحات كما انتشرت حالات التقزم والتشوهات الخلقية وأدى تدهور نظام الصرف الصحي إلى انتشار العديد من الإمراض المعدية مثل التيفوئيد والتهاب الكبد الفيروسي و يعد الإسهال قاتل رئيسي للأطفال . وأن مؤشرات سوء التغذية العام كانت(الوزن المنخفض نسبة إلى العمر)للمجموعة العمرية دون سن الخامسة تعكس الأوضاع التنموية والصحية لبقاء الأجيال . لقد تعرض الأطفال في العراق لمخاطر جسيمة وخصوصا كضحايا لفرق الموت والمليشيات الطائفية التي أدت إلى استشهاد مئات منهم إلى جانب إن العمليات العسكرية أدت إلى إصابتهم بإعراض نفسية وجسدية مختلفة [1])تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2003 برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ص27 كما إن وجود الألغام بإعداد هائلة والتلوث البيئي وعدم توفر أنواع معينة من الأدوية كل ذلك ضاعف من معدل وفيات الأطفال فضلا عن الأطفال المهشمون(المشردين الأيتام،المعوقين وغيرهم) عموما يعانون من معدلات وفيات عالية قياسا بنظرائهم من الفئات الأخرى لأنهم يتعرضون للإمراض،والحوادث والإهمال والهجر وحتى قتل الوليد(infanticide). عكس الوضع الصحي خلال السنوات الخمس والعشرون الماضية تدهورا خطيرا أصاب صحة المواطنين ومستوى الخدمات الصحية. إن التراجع الكبير قد حدث بعد عام 2003في الوقت الذي كانت تتحسن فيه صحة الأطفال في اغلب أقطار العالم كانت معدلات الوفيات بين الأطفال والأمهات في العراق آخذة بالارتفاع حيث تجاوزت الضعف وانخفض معدل العمري المأمول (life expectancy at birth) للفرد من الجنسين إلى اقل من(60) سنة منذ عام 2003 تقريبا. وتصنف منظمة الصحة العالمية العراق حاليا ضمن الدول التي تتميز بارتفاع معدلات الوفيات بين البالغين والأطفال شانه في ذلك شان الدول الأكثر فقراً في إقليم شرق المتوسط مثل أفغانستان وجيبوتي والسودان واليمن.ولعل العوامل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://acharia.ahladalil.com
حسين ابكر
مرتبة
مرتبة
حسين ابكر


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 4
نقاط : 4
السٌّمعَة : 1

تاريخ الميلاد : 06/10/1977
تاريخ التسجيل : 26/12/2010
العمر : 47

عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج04 Empty
مُساهمةموضوع: رد: عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج04   عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج04 Icon_minitime1الخميس فبراير 03 2011, 07:49

جزاك الله خيراً
وننتظر منك الكثير والمثير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج04
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج03
» عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج05
» عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج06
» عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج01
» عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج02

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشريعة والقانون  :: الفضاء الشرعي :: رواق الدراسات الشرعية والقانونية-
انتقل الى: