المدير العـام شوقي نذير
الجنس : عدد المساهمات : 919 نقاط : 24925 السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 10/02/2010 الموقع : الجزائر تمنراست العمل/الترفيه : استاذ جامعي المزاج : ممتاز تعاليق :
| موضوع: عقوبة الإعدام في ظل القانون والشريعة الإسلامية والقانون الدولي وحقوق الإنسان للدكتور عادل عامر ج01 السبت مايو 08 2010, 17:03 | |
| مقدمة وتمهيد:- "عقوبة الإعدام بين الشريعة الإسلامية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان النظرية العامة للتشريع الإسلامي تثور لدى التطبيق النصي للقوانين الكثير من المعضلات؛ منها عجز الدولة عن الانتصار للمظلوم في الهين من الحقوق، أو على أحسن افتراض بطء الإجراءات حيال قيمة الحق المختصم عليه؛ كأن ينتزع أحد المتكبرين مالًا منقولًا لأحد الضعفاء، فيعجز عن استيفائه من ناحية، ويستهين بقيمته من حيث اللجوء إلى القضاء، وقد رأيت بعيني شابًا يحاول إقناع أحد هؤلاء "البلطجية" بالتخلي عن مقعده الذي حجزه في قطار الصعيد، لكن الآخر أستأثر لنفسه به غصبًا، وهنا تجد للشريعة الإسلامية نظرية مؤصلة تقدم حلًّا معتبرًا شرعًا للقضاء على سلبيات محدودية قدرة الدولة في التصدي لمثل هذه الوقائع البسيطة، وهي إلى ذلك تتفق والنظرية العامة للتشريع الإسلامي الذي يحفظ كليات خمس، ويبني فوقها كل مواد التشريع تحليلًا وتحريمًا. والظفر هو استيفاء الحقوق بغير دعوى، أو هو أخذ المدعي لحقه الثابت بيده خفية أو قسرًا، ولعل أصله في الشريعة حديث هند بنت عتبة للنبي صلى الله عليه وسلم: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بَني، إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل عليَّ في ذلك جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك)) [رواه مسلم، (3232)]. ومعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز لها تشريعًا وفتوى، وليس قضاءً بأن تأخذ من مال أبي سفيان بغير علمه ما يعتبر من حقها وحق أولادها في النفقة؛ فيكون الحكم عامًّا لأمثالها، ومثل هذا وعلى شاكلته أجاز العلماء بعض الاستيفاءات؛ فقد اتفق الفقهاء على أن للمغصوب منه استرداد العين المغصوبة حيثما وجدها، وقال جمهور الفقهاء ـ عدا الحنابلة الذين قصروا الحكم على الغصب دون غيره ـ: أن هذا الحكم يعم كل عين مستحقة بأي سبب؛ فمن وجد عين سلعته التي اشتراها أو ورثها فله أخذها دون حاكم، وكذلك سلعته التي استحقها بالوصية، وأما الحنابلة؛ فإنهم لا يجيزون الظفر إلا في حالة الغصب فقط، ونحن نميل إلى ترجيح مذهبهم؛ لأنه أكثر انسجامًا مع الشريعة الإسلامية لأسباب: • قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]، فرد الخصومات إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته، وإلى الخليفة ونوابه بعد موته، و قضاء القاضي غالبًا أقرب إلى الحق والواقع من حكم صاحب الدين، الذي يمكن أن يكون نسي مقدار دينه، أو الأجل، وقد يكون المدين معسرًا. ** إن مذهب الحنابلة أكثر تحقيقًا للمصلحة العامة، وذلك من ناحيتين: 1. أن الحق إذا لم يقع على عين بذاتها؛ كأن يكون دينًا في الذمة أو خلاف على ميراث أو مبيع لم يسلم فينكره من يطلب منه، يصبح محل نزاع بينهما، والظاهر لا يشهد لصاحب الحق؛ لأن الأصل براءة الذمم من الحقوق، وحتى يتغير هذا الظاهر ليس له إلا اللجوء إلى القضاء، وقبل ذلك يكون من أراد حقه بيده مخالفًا للظاهر. 2. إن مصلحة الأمة تقتضي أن تقفل أبواب الشر، وأن تسد ذرائع الفتنة ،ومنها السماح للأفراد بتحصيل حقوقهم بأنفسهم، بحسب ما يرونه من غير تدخل القضاء. واشترط الجمهور من الفقهاء لذلك شروطًا؛ منها: أن يكون الشخص الذي عليه الحق ممتنعًا عن الأداء، فإن أقر بالدين فلا وجه لاستيفائه غصبًا، وأن يكون الحق من عين المال المستوفى منه، فإن لم يكن الدين معينًا بمال؛ كأن يكون في الذمة أو إرثًا؛ فللمدين الخيار في تعيين المال الذي يقضي به الحق، وأن يكون الدين حالًّا، وأن لا يؤدي الأخذ إلى فتنة أو مفسدة عظيمة، وأن يكون الدين حقًّا للعبد، وليس من الحقوق الشرعية كزكاة المال. وعن قوله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194]، قال القرطبي عند هذه الآية: (ومن ظلمك فخذ حقك منه بقدر مظلمتك، ومن شتمك فرد عليه مثل قوله، ومن أخذ عرضك فخذ عرضه، ولا تتعد إلى أبويه أو ابنه أو قريبه، وليس لك أن تكذب عليه وإن كذب عليك، فإن المعصية لا تقابل بالمعصية) [تفسير القرطبي، (2/360)]. ومنها أجاز بعض الأئمة أن يستوفي حقه في يسير العدوان: أ ـ كمن وجب له تعذير أو قذف، وكان في بادية بعيدة عن السلطان، فذهب البعض أن له استيفاءه، قال العز بن عبد السلام: (لو انفرد ـ أي بالقود ـ بحيث لا يرى؛ فينبغي أن لا يمنع منه ولاسيما إذا عجز عن إثباته) [قواعد الأحكام في مصالح الأنام، (2/371)]. ب ـ الشتم: يرد عليه بمثلها دون معصية ولا يتجاوز الشاتم نفسه إلى أبٍ أو أم، {فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 194]. وأما الحدود والجنايات؛ فلا تترك للعامة يتقاضونها بأهوائهم، بل لابد فيها من الرفع إلى القضاء باتفاق الفقهاء: كحد الزنا والسرقة والقذف والقصاص والتعزير، وضرورة رفعها للقضاء لأسباب: 1 ـ أنها أمور عظيمة الخطر، والفائت فيها لا يعوض، فوجب الاحتياط في استيفائها وإثباتها، للحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: (ادرءوا الحدود بالشبهات، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم) [رواه الترمذي والحاكم].2 ـ لو تُركت هذه العقوبات للناس؛ لكانت ذريعة لتعدي الناس بعضهم على بعض، وقليل من الناس من ينضبط بالشرع، ولا يبغي اعتدادًا بشرفه ومكانته بين الناس.3 ـ كثير من العقوبات لا تنضبط من حيث أحكام الشريعة أو الواقع إلا بحضرة الإمام، مثل القدر الذي ينبغي قطعه، وقدرة المحدود على احتمال الحد، ومناسبة الوقت وعفو أولياء الدم وخشية التعدي منهم في الجراحات.4 ـ شرعت العقوبات للزجر والتأديب، وهذا لا يتحقق إلا بواسطة الحاكم؛ حيث يغلب سلطان الدولة بعكس انتقام الناس لأنفسهم؛ حيث يتوالد الثأر بينهم، وتزداد الرغبة في البطش، ومتى عرف الناس أحكام الشريعة الغراء، واستأنسوا بها تحقق لهم العدل في الدنيا ورضوان الله تعالى في الآخرة جعلنا الله من أهل مرضاته. القتل: عمد، وشبه عمد، وخطأ. فالعمد يختص القود به، وهو أن يقصد من يعلمه آدميًا معصومًا، فيقتله بما يغلب على الظن موته به: كجرحه بما له نفوذ في البدن، وضربه بحجر كبير. وشبه العمد: أن يقصد جناية لا تقتل غالبًا، ولم يجرحه بها، كضرب بصوت أو عصا. والخطأ: أن يفعل ما له فعله، كرمي صيد ونحوه فيصيب آدميا. وعمد صبي ومجنون خطأ، ويقتل عدد بواحد، ومع عفو يجب دية واحدة، ومن أكره مكلفا على قتل معين، أو على أن يكره عليه ففعل -فعلى كل القود أو الدية، وإن أمر به غير مكلف، أو من يجهل تحريمه، أو سلطان ظلما، من جهل ظلمه فيه لزم الآمر. | |
|