المدير العـام شوقي نذير
الجنس : عدد المساهمات : 919 نقاط : 24925 السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 10/02/2010 الموقع : الجزائر تمنراست العمل/الترفيه : استاذ جامعي المزاج : ممتاز تعاليق :
| موضوع: الزواج العرفي ج02 الثلاثاء مايو 18 2010, 18:05 | |
|
المطلـــب الثانـــــي : أركــان وشــــروط عقـــد الـــزواج العرفـــــي
إن عقد الزواج كعقد شرعي له أركان تقومه وتحقق ماهيته وشروط لابد منها لأجل الاعتداد به ، وقبل بياننا لهذه الأركان والشروط وأثر كل منهما على عقد الزواج نوضح الفرق بين الركن والشرط .
فالركن لغة هو الجانب القوي في الشيء ،لقوله الله تعالى:"أو أوى إلى ركن شديد" (1).
و الركن إصطلاحا هو ما يتوقف الشيء على وجوده وكان جزءا من حقيقته ، وقيل ركن الشيء ما يتم به وهو داخل فيه بخلاف شرطه فهو خارج عنه .
و الشرط فهو ما يتوقف عليه الشيء الذي جعل شرطا له ولم يكن جزءا في حقيقته.
ونظرا لما لعقد الزواج من خاصية تميزه عن غيره من العقود ذلك لأن لكل ركن من أركانه شروطا لايمكن دراسة هذه الأركان بمعزل عن الشروط .
والفقهاء المسلمون تطرقوا إلى أركان عقد الزواج وشروطه وتحدثوا عنه كثيرا وسلكوا بشأنهما طرق شتى، وإذا كان الفقهاء لم يختلفوا في اعتبار الرضا ركن من أركان عقد الزواج، فقد اختلفوا بشأن حضور الشهود في جلسة إنعقاد الزواج وفي الولي والصداق (2) .
في التشريع الجزائري فإن الأمر 274-59 الصادر بتاريخ 04/02/1959 والمتعلق بعقود الزواج التي يعقدها الجزائريون الذين يخضعون إلى نظام الأحوال الشخصية المحلية في عمالات (الولايات) الجزائر وولايتي الساورة والواحات(ورقلة- بشار حاليا) نص في مادتها الثانية على أن :" الزواج لا ينعقد إلا برضا الزوجين ، ويجب أن يصدر الرضا شخصيا وعلنيا ومن صاحب الشأن شخصيا وبحضور شاهدين بالغين ، وذلك أمام القاضي أو الموثق أو ضابط الحالة المدنية وإلا كان العقد باطلا " .
(1) سورة هود ، الآية 40 .
(2) محمد مصطفى شلبي ،أحكام الأسرة في الإسلام،الطبعة الثانية، دار النهضةالعربية ، لبنان ، 1977 ، ص 40 .
وهذا يعني أن هذا القانون لم يكن يقيم وزنا للتعبير عن الرضا بالوكالة ، ولم يشر إلى الصداق ولا إلى الولي ، ولم يجعل من أي منهما ركنا ولا شرطا لإنعقاد الزواج أو لصحته، كما لم يجعل من فقدانهما أو فقدان أحدهما سببا من أسباب الفسخ أو البطلان (1) .
أما قانون الأسرة الحالي وتحت عنوان أركان الزواج نص في المادة التاسعة على أنه: " يتم عقد الزواج برضا الزوجين وبولي وشاهدين و صداق" ،جاعلة من هذه العناصر الأربعة أركانا لقيام عقد الزواج ، ولذا سنتحدث عن كل منهما على حدى ووفقا للترتيب الذي سار عليه قانون الأسرة.
1/رضــــــــا الزوجيــــــــن:
لما كان عقد الزواج عقدا إراديا يقوم على تراضي المتعاقدين، كان الرضا ركنا من أركانه، وهذا الرضا أو التراضي يوجد بوجود إرادتين متوافقتين ومتطابقتين متجهتين إلى إحداث أثر شرعي معين وهو حلّية إستمتاع في الزواج مع تحمل باقي آثار العقد الشرعي ، ومظهر ذلك كله هو الإيجاب و القبول .
وقال البخاري :" لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما ، كما أنه ليس للأب جبر البكر على الزواج بمن أراد إذا إمتنعت " .
وذهب المالكية إلى القول بأن المرأة لو قالت بعد العقد "ما علمت من أن صمتي إذن" بطل العقد لإعتبارهم ذلك عيبا في الرضا.
وقد جاء في المذكرة التوضيحية لمشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية أن " عقد الزواج عقد لابد فيه من الرضا ".
ونصت المادة العاشرة من قانون الأسرة في فقرتها الأولى أن :" الرضا بإيجاب من أحد الطرفين وقبول من الطرف الآخر بكل لفظ يفيد معنى النكاح شرعا " .
ثم نصت فقرتها الثانية أن :" يصح الإيجاب والقبول من العاجز بكل ما يفيد معنى النكاح لغة أو عرفا كالكتابة والإشارة " .
(2) عبدالعزيز سعد ، الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري ، الطبعة الثانية ، دار البعث ، قسنطينة ، 1989 ، ص115 .
وهذا ما يتعين معه التطرق لكل من الإيجاب والقبول وإلى صيغة كل منهما وإلى إيجاب و قبول العاجز عن الكلام.
1.1 – الإيجــــاب والقبـول:
فالإيجاب :هو ما صدر من أحد العاقدين أولا دالا على ما يريده من إنشاء العقد ، ويسمى الشخص الذي صدر منه الإيجاب موجبا.
والقبول : هو ما صدر ثانيا من الطرف الآخر دليلا على موافقته على ما أوجبه الأول ويسمى الشخص الذي صدر منه القبول قابلا.
فأول الكلام إيجابا سواء صدر من جانب الزوج أو من جانب الزوجة ، وسمي إيجابا لأنه أوجد الإلتزام ، ويسمى الثاني قبولا لأنه رضا بما في الأول من إلتزام.
والأصل في تحقيق الإيجاب والقبول في عقد الزواج أن يكون بالعبارة وقد يوجد أحدهما أو كلاهما بالإشارة أو الكتابة ، في بعض صوره ولما كان الأصل فيه هو الألفاظ عني الفقهاء ببيان الألفاظ التي ينعقد بها وهو ما يعرف بصيغة عقد الزواج .
2.1 – الصيغـــــــــة:
وقد إتفق الفقهاء على أن العقد ينعقد بكل لفظ مأخوذ من مادتي الزواج والنكاح لأن أكثر النصوص الواردة فيه جاءت بهما ، وأنه لا ينعقد بألفاظ الإباحة والإحلال والإيداع والإعارة والرهن لأنها لا تفيد الأبدية ، والزواج من العقود الأبدية لأنه يفيد ملك المتعة للزوج .
وكذلك لا ينعقد بلفظ الوصية لأنها وإن أفادت التمليك إلا أنه تمليك مضاف إلى ما بعد الموت ، والزواج يفيد التمليك في الحال ، وكذلك لفظ الإيجارة لأنها و إن أفادت ملك المنفعة في الحال إلا أنها ملكية مؤقتة والزواج شرع على الدوام والتأبيد،فصيغة الزواج يجب ألا تكون دالة على التأقيت، وألا يقترن بها ما يدل على هذا التأقيت صراحة، لأن مقتضى عقد الزواج حل العشرة ودوامها .
وذهب الإمام أبوزهرة إلى القول :" ولا ينعقد عقد الزواج إلا بالألفاظ الدالة عليه سواء كانت لغوية في دلالتها عليه أم كانت مجازا مشهورا وصل إلى درجة الحقيقة اللغوية أم كانت مجازا وضعت فيه القرينة وإستبان المعنى حتى صار الكلام صريحا في إرادة الزواج " (1) و المادة العاشرة من قانون الأسرة أكدت ذلك بحيث جعلته بكل لفظ يفيد النكاح شرعا.
وبما أن الزواج مشروط فيه الشهادة فلابد أن يكون اللفظ الذي يعقد به صريحا، حتى يعرف الشهود ما شهدوا عليه ، فالحنفية صححوا إستعمال الألفاظ غير الصريحة مع القرينة الدالة على أن المتكلم أراد بها الزواج كذكر المهر معها وإحضار الشهود وما شابه ذلك ، أما المالكية فقد أجازوا التزويج بلفط الهبة والصدقة والتمليك إذا ذكر معها الصداق ليكون قرينة على إرادة الزواج من هذه الألفاظ كأن يقول طالب الزواج :" هب لي إبنتك بمهر كذا " ويقول الآخر:" قبلت " (2) .
إن هـذه الأراء تتعلـق بالإيجـاب فقـط أمـا القبـول فيتحقـق بـأي لفـظ يـدل علـى الـموافقـة والرضـا .
* كما أنه ليس شرطا أن يعبر عن الإيجاب والقبول باللغة العربية سواء كان العاقدان يحسنان اللغة أم لا ، لأن المقصود هو التعبير الواضح عن الإرادة ، لكن الشافعية ذهبت إلى أنه لا ينعقد الزواج بغير العربية إذا كان العاقدان يفهمانها ، كما أن الشيعة ذهبت إلى عدم جواز الترجمة مع القدرة على النطق بالعربية و إلى جوازها مع العذر كالأعجم (03).
(1) الغوثي بن ملحة ، محاضرات قانون الأسرة بالمعهد الوطني للقضاء ، 2002 .
(2) د/ العربي بلحاج ، المرجع السابق ، ص 67 .
(3) المرجع السابق ، ص 65 .
* أما في إنعقاد الزواج بغير الكلام ، فقد ميز الفقه بين حالتين ، فإذا كان العاقدان حاضرين معا في مجلس العقد وكانا قادرين على النطق ، فلا يصح الزواج بينهما بالكتابة لأن اللفظ هو الأصل في التعبير عن الإرادة ولأن الكتابة كناية ، و النكاح لا ينعقد بالكناية ، أما إذا كان العاقدان غائبين ، فقد ذهب جمهور العلماء من المالكية و الشافعية و الحنابلة إلى المنع من إجراء عقد الزواج بالكتابة بين غائبين وأجاز ذلك الحنفية، حيث يجيزون للرجل الغائب عقد الزواج بالمراسلة و التعبير عن الرضا بواسطة الرسائل المكتوبة عندما تتضمن هوية الزوجة وتتم قراءة الرسالة علانية بحضور الشهود وتعلن المرسل إليها قبولها أمامهم ولو لم تكن الرسالة قد تضمنت مقدار و نوع الصداقة (1) .
أما المشرع الجزائري فقد ذهب من خلال نص المادة العاشرة من قانون الأسرة إلى ما ذهب إليه المانعون من إنعقاد الزواج بالكتابة حيث حصر التعبير عن الإرادة في اللفظ ولم يستثنى الغائبين كما فعل بالنسبة للعاجز، في حين نجد أن بعض قوانين الأحوال الشخصية لبعض الدول العربية قد حددت موقفها بوضوح ، حيث أن القانون المصري مثلا في مادته السادسة ينص على أنه : " يجوز أن يكون الإيجاب عن الغائب بكتاب أو بواسطة رسول " .
أما القانون السوري للأحوال الشخصية فقد نص في مادته السابعة على أنه : " يجوز أن يكون الإيجاب و القبول بالكتابة إذا كان أحد العاقدين غائبا عن المجلس " (2) .
* ومما تجدر الإشارة إليه أن الزواج لا ينعقد بواسطة الهاتف لأن الشاهدان يسمعان كلام أحد العاقدان فقط وسماعهما الإيجاب وحده أو القبول وحده غير كاف لصحة العقد وكذلك لوشهد إثنان على كلام أحدهما وآخران على كلام الآخر لا يعتد بذلك لأن الشهادة لم تكن على كامل العقد .
(1) عبد العزيـز سعـد ، المرجـع السابـق ، ص 119 .
(2) خالد محمود طلال حمادة ، عقد الزواج بالكتابة عن طريق الإنترنيت ، الطبعة الأولى ، دار النفاس ، الأردن ، 2002 ، ص 89 .
وأما عند من لم يشترط الشهادة فيمكن أن يقال أنه ينعقد متى تأكد كل من الطرفين من شخص الآخر و من وضوح عبارته ، و التأكد من ذلك عسير لإشتباه الأصوات و إمكانية تقليدها (1) .
* وأما العاجز عن الكلام كالأخرس فإن كان لا يحسن الكتابة ، فيعبر عن إرادته بإشارته المعروفة لأنه لا سبيل له في التعبير عن إرادته إلا بها ولا يزوجه وليه إن كان بالغا، لأن الأخرس كالأصم لا يحجر عليه ، والأخرس إذا كان يحسن الكتابة فالأرجح أن لا يقبل منه التعبير عن إرادته بالإشارة ، لأن الكتابة أقوى بيانا من الإشارة حيث يعرفها كل من يقرأ بخلاف الإشارة التي لا يعرفها إلا القليل، وهذا ما أخذ به القانون المصري حيث ينص في المادة 128 على أن: " إقرار الأخرس بإشارته المعهودة ولا يعتد بإقراره بالإشارة إذا كان يمكنه الإقرار بالكتابة ... " (2) .
وقد لاحظنا أن المشرع الجزائري عندما نص في المادة العاشرة من قانون الأسرة على أنه : " ... ويصح الإيجاب والقبول من العاجز بكل ما يفيد النكاح لغة أو عرفا كالكتابة و الإشارة " و لم يعط الأولوية للتعبير بالكتابة عنه بالإشارة ، ويفهم من ذلك أنه يمكن للأخرس التعبير عن الإرادة بالإشارة حتى ولو كان يعرف الكتابة المهم أن تكون الإشارة لديها دلالة معروفة خصوصا لدى شهود العقد .
* أما عن مدى صلاحية السكوت للتعبير عن الإرادة في عقد الزواج فقد أجاز الفقهاء ذلك بالنسبة للبكر فقد استنادا لقوله صلى الله عليه وسلم : "ليس للولي من الثيب أمر " وقوله :" الأيم أحق بنفسها من وليها و البكر تستأذن و إذنها صمتها " .
(1) محمد مصطفى شلبي ، المرجع السابق ، ص 70 .
(2) المرجع السابق ، ص 65 .
* أما عن إنعقاد الزواج بالأفعال فقد اتفق الفقهاء على أن الزواج لا ينعقد بالأفعال، كأن تقول إمرأة لرجل زوجتك نفسي بمائة دينار مثلا ، فيدفعها إليها من غير أن يتكلم حتى ولو كان أمام شهود فليس في هذه الصورة إلا الإيجاب و الزواج لا يتحقق بالإيجاب وحده (1).
* وعقد الزواج من بين العقود التي يمكن أن يتولاها عاقد واحد يقوم مقام عاقدين وتقوم عبارته مقام عبارتين ، وذلك يكون إذا كانت ولاية إنشاء العقد في كلا الجانبين لنفس الشخص ، وتكون له الولاية من الجانبين في الحالات التالية :
1 – إذا كان وكيلا عن الرجل والمرأة .
2 – إذا كان وكيلا من جانب و أصيلا من جانب ، كأن توكله المرأة في أن يزوجها من نفسه.
3 – أن يكون وليا من جانبين ، كأن يزوج حفيدته من إبن عمها الذي هو حفيده أيضا وكلايهما في ولايته .
4 – أن يكون وليا من جانب و وكيلا من جانب آخر كأن يوكله رجل آخر في أن يزوجه من إبنته التي هي في ولايته .
5 – أن يكون وليا من جانب و أصيلا من جانب آخر كأن يزوج نفسه من إبنة عمه التي هي في ولايته .
* أما الوكالة في الزواج فقد أجازها الفقهاء وذلك لأن الواقع المعتاد في أكثر عقود الزواج أن لا يباشر الرجل و المرأة العقد بنفسهما لغلبة الحياء ، ومن هنا نص المشرع في المادة 20 من قانون الاسرة على أنه " يصح أن ينوب عن الزوج وكيله في إبرام عقد الزواج بوكالة خاصة " أو بورقة رسمية معدة لهذا الشأن ،إذا فالزواج بالوكالة جائز لكن ليس للوكيل أن يجاوز حدود الوكالة في نقل رضا وشروط الزوج الذي ينوب عنه ، أما إذا جاوز الوكيل حدود وكالته كان تصرفه موقوفا على إجازة الأصيل (2) .
(1) المرجع السابق ، ص 69 .
(2) د/ العربي بلحاج ، المرجع السابق ، ص 74 .
* كما أنه يشترط في عقد الزواج أن يكون منجزا وذلك بخلوه من التعليق على الشرط يحتمل أن يتحقق أو لا يتحقق وصيغته غير مضافة لأجل في المستقبل ، أما إذا إقترن الزواج بشرط يتماشى ومقتضيات العقد ويساير ما تأمر به الشريعة الاسلامية فهذا جائز ، كاشتراط تعجيل بعض الصداق و تأجيل بعضه، وهو ما أشارت إليه المادة 19 من قانون الأسرة بقولها :" للزوجين أن يشترطا في عقد الزواج كل الشروط التي يريانها ما لم تتناف مع هذا القانون ".
أما إذا كان الشرط مخالفا لقانون الأسرة ولأحكام التشريع الإسلامي ولا يتفق مع مقتضيات العقد فالشرط هنا باطل بإتفاق العلماء و العقد يبقى صحيحا، وهو ما ذهب إليه المشرع الجزائري في المادة 35 من قانون الأسرة بقوله :"إذا إقترن عقد الزواج بشرط ينافيه كان ذلك الشرط باطلا والعقد صحيحا "، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا " .
* 1. 3 . شــــروط الرضــا :
أما عن الشروط التي يجب أن تتحقق في ركن الرضا فهي كالآتي :
1 – أن لا يكون أحد العاقدين فاقد الأهلية أو ناقص الأهلية : ويعد السفيه كامل الأهلية ، ولذلك يصح وينعقد عقد زواجه إذ لا حجر عليه في الزواج و آثاره (1) .
وقد حدد الأمر رقم 274-59 في مادته الخامسة سن الزواج بالنسبة للرجل بـ 16 سنة و بالنسبة للمرأة بـ 15 سنة ، أما القانون رقم 224-63 الصادر بتاريخ 29/06/1963 فقد حدده بالنسبة للرجل بـ 18 سنة للرجل و 16 سنة بالنسبة للمرأة ، و أهلية الزواج في قانون الأسرة الحالي حددتها المادة السابعة بقولها : " تكتمل أهلية الرجل في الزواج بتمام 21 سنة والمرأة بتمام 18 سنة " .
و المشرع أجاز لرئيس المحكمة إعفاء الزوجين من شرط السن إذ رأى أسباب جدية تدعو إلى ذلك .
و هذا التحديد لم يكن معروفا عند المسلمين الأوائل وذلك لعدم ورود نص في القرآن و السنة .
(1) الإمام محمد أبو زهرة ، محاضرات في عقد الزواج و آثاره ، دار الفكر العربي ، جمهورية مصر العربية ، ص 20 .
والدكتور محمد محدة يرى أن تحديد حد أدنى للزواج كإجراء تنظيمي يجوز للسلطة التشريعية بإعتبارها تحافظ بقوانينها على سلامة الفرد و المجتمع ، غير أنه إذا كان المشرع قد وضع نصب عينيه مصلحة الفرد و المجتمع عند تحديده تلك السن فإنه من جهة أخرى لم يعطيها القيمة القانونية اللازمة ذلك أن نهيا دون جزاء قد لا يجدي نفعا لدى البعض خاصة عند علمهم بما تنص عليه المادة 22 من إمكانية تسجيل العقد بحكم أمام القضاء إذا إكتملت أركانه (1) .
وعلى العكس من ذلك فإن القانون رقم 224-63 الذي نص في مادته الثانية :" يعاقب كل من ضابط الأحوال المدنية و القاضي و الزوجين وممثليهما و الشركاء الذين لم يراعوا شرط السن المنصوص عليها في المادة الأولى ، بالحبس من 15 يوما إلى 03 أشهر و بغرامة من 400 إلى 1000 فرنك جديد أو بإحدى هاتين العقوبتين " .
وعلى العموم فإن تحديد السن لم يأت على إطلاقه ذلك أن المشرع لم يأخذ الناس جميعا مأخذا واحدا سواء كانوا ذكورا أو إناثا و إنما أعطى للقاضي السلطة التقديرية في السماح والإذن بالزواج (2) .
2 – أن يكون الإيجاب حازما : أي ينطوي على إرادة الموجب في إبرام العقد بمجرد إقتران القبول به، وعلى أساس توافر هذه النية أو إنتفاءها يفرق الفقهاء بين الإيجاب و بين الدعوة إلى التعاقد مع مراعاة أن القول بذلك من مسائل الواقع التي لا يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة المحكمة العليا (3) .
3 – أن يكون الإيجاب كاملا : أي أن تتوفر فيه العناصر الرئيسية للعقد المراد إبرامه ، بحيث ينعقد العقد بمجرد إقتران القبول به (4) .
(1) د/ محمد محدة ، المرجع السابق ، ص 130 .
(2) المرجع السابق ، ص 132 .
(3) د/ العربي بلحاج ، النظرية العامة للإلتزام في القانون المدني الجزائري ، الجزء الأول ، طبعة 1999 ،ديوان المطبوعات الجامعية ، بن عكنون ، الجزائر ، ص 60 .
(4) الإمام محمد أبو زهرة ، المرجع السابق ، ص 23 .
4 – أن لا يرجع الموجب في إيجابه قبل قبول الآخر : لأنه إذا رجع الموجب في إيجابه قبل القبول ألغي الإيجاب ، فإذا جاء القبول بعد ذلك فقد جاء على غير إيجاب ويجوز للموجب الرجوع في الإيجاب ما لم يرتبط بقبوله لأن الإلتزام لا يتم قبل الإرتباط بين الإيجاب و القبول .
وعلى العموم يجب أن يصدر القبول قبل سقوط الإيجاب و سقوط الإيجاب يكون :
- إما بالرفض الصادر ممن وجه إليه الإيجاب .
- وإما بإنقضاء المهلة التي إلتزم فيها الموجب بالبقاء على إيجابه .
- إذا كان معلقا على شرط وتخلف الشرط .
كما يسقط الإيجاب غير الملزم في التعاقد بين حاضرين إذا إنقضىمجلس العقد ولم يكن الموجب قد عدل عنه ، أو إذا لم يقترن بتحديد ميعاد صريح للقبول ولم يستخلص من الظروف ميعاد ضمني لرجوع الموجب في إيجابه قبل قبوله ممن وجه إليه .
و إذا سقط الإيجاب لأي سبب من الأسباب المذكورة سابقا ، ثم جاء القبول بعد ذلك فإن هذا القبول يعتبر إيجابا جديدا إذا قبله الطرف الآخر إنعقد العقد .
5 – يجب أن يكون القبول مطابقا للإيجاب : ومعنى ذلك صدور القبول بالموافقة على كل المسائل التي تضمنها الإيجاب ، ومن ثم إذا إقترن القبول بما يزيد أو يعدل فيه إعتبر رفضا يتضمن إيجابا جديدا .
والإمام أبو زهرة له رأي مخالف بالنسبة لضرورة مطابقة الإيجاب للقبول ، حيث أنه يقول : "كأن تقول هي تزوجتك على مهر قدره 100 فيقول قبلت بـ 200 فإن العقد صحيح وتلزم المئة الثانية ، وإذا قال هو تزوجتك على 100 وقالت هي قبلت على 50 صح العقد على 50 " (1) وهو ما أيده الأستاذ الغوثي بن ملحة
6 – أن يكون الرضا سليما من كل العيوب : وهي الإكراه و الغلط و التدليس وهناك من يضيف الإستغلال ، وقد نصت المادة 13 من قانون الأسرة أنه " لا يجوز للولي أبا كان أو غيره أن يجبر من في ولايته على الزواج ، ولا يجوز له أن يزوجها بدون موافقتها " .
(1) الغويثي بن ملحة ، محاضرات في قانون الأسرة ، المعهد الوطني للقضاء ، سنة 2002 .
وفي ذلك صدر قرار عن مجلس مستغانم الغرفة المدنية بإبطال عقد زواج إمرأة أكرهت على الزواج من طرف وليها (1) .
أما إذا ورد الإكراه بمعنى المنع وليس الإجبار ، فقد ذهبت المحكمة العليا إلى أنه في هذه الحالة للقاضي أن يأذن بالزواج ، حيث قضت غرفة الأحوال الشخصية و المواريث بأنه :"من المقرر قانونا أنه لا يجوز للولي أن يمنع من في ولايته من الزواج إذا رغبت فيه وكان أصلح لها ، وإذا وقع المنع فللقاضي أن يأذن به مع مراعاة أحكام المادة 09 من هذا القانون "(2) .
و السؤال يطرح بالنسبة لزواج المخطوفة أو المبعدة ، حيث أنه ورد في الفقرة الأولى من المادة 326 من قانون العقوبات على أن :" كل من خطف أو أبعد ، أو حاول إختطاف أو إبعاد قاصر لم يكمل الثامنة عشر من عمره بغير عنف أو تهديد أو تحايل يعاقب بالحبس من سنة إلى خمسة سنوات وبغرامة من 500 إلى 2000 دينار .
وعندما تتزوج القاصر المخطوفة أو المبعدة من خاطفها أو مبعدها لا تتخذ إجراءات المتابعة ضده إلا بناءا على شكوى من الأشخاص الذين لهم صفة في طلب بطلان عقد الزواج " .
فالمشرع بعد أن جرم فعل الإختطاف أو الإبعاد تراجع إلى الوراء بقصد حماية مصلحة الضحية المخطوفة أو المبعدة ذلك أنه في حالة زواج القاصرة من خاطفها فلا يمكن أن تتخذ ضده إجراءات المتابعة الجزائية إلا بناءا على شكوى ممن لهم صفة في طلب بطلان
(1) مجلة العلوم القانونية و السياسية ، سنة 1968 ، رقم 04 ، ص 50 .
(2) المحكمة العليا ، غرفة الأحوال الشخصية ،30/03/1993 ، المجلة القضائية ، العدد الخاص ، 2001 ، ص 35 .
عقد الزواج ، ثم تراجع خطوة ثانية إلى الوراء وقال لا يجوز الحكم على الخاطف إلا بعد القضاء ببطلان العقد ، وكأن إعلان رغبة المخطوفة في الزواج من خاطفها و إبرام عقد الزواج بينهما عمل يزيل الصفة الجرمية (1).
فالمتمعن في رضا الطرفين يجده معيبا ، فالزوج الخاطف يعلن إجابه بالزواج بمخطوفته تهربا من المتابعة الجزائية وربما قصد إبرام زواج مؤقت ، والزوجة المخطوفة تعلن قبولها قصد التستر على نفسها ، فكلا الطرفين وقعا في إكراه معنوي و زواجهما معرض للإبطال في كل لحظة .
* أما في الغلط قد صدر قرارعن المحكمة العليا جاء فيه :" تعتبر الكفاءة كشرط لصحة الزواج ومعناها المساواة في المركز و الأخلاق " .
ولذا اعتبرت الكفاءة في صالح المرأة ،وحسب الفقهاء فإن الكفاءة تتصل بالمال والجمال بالنسبة للمرأة ، والكفاءة تتصل كذلك بخلو الزوج من العيوب المخلة بمقاصد الزواج، و إذا غابت الكفاءة كان غيابها من أسباب عدم لزوم العقد لعدم وجود الرضا عند الزوجة (2) .
إذن لإنعقاد الزواج لابد من إرادة واعية وجدية ، كما أن أساس الزواج هو الرضا والإختيار، وعليه فلا ينعقد الزواج بالإكراه المادي أو المعنوي .
(1) عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 66 -68.
(2) مجلة العلوم القانونية و السياسية ، سنة 1968 ، عدد 04 ، ص 52 .
2- الولـــــــــــــــــــي :
شرعت الولاية في الإسلام حفاظا لحقوق العاجزين عن التصرف ، بسبب من أسباب فقد الأهلية أو نقصها ، ورعاية لمصالحهم وشؤونهم ، حتى لا تضيع وتهدر ذلك أن الإسلام يعتبر المجتمع وحدة متماسكة ، ومن عجز عن رعاية مصلحته أقام له الشارع من يتولى أمره ، ويحقق له النفع ويدفع عنه الضرر .
ويشترط الإسلام فيمن يتولى إنشاء عقد الزواج أن تكون له حق الولاية والقدرة على إنشائه ، وقد أجمع الفقهاء على أن المرء مادام بالغا عاقلا فله الحق في هذه الولاية ، وله أن يزوج نفسه بمن يشاء من النساء بدون أي إعتراض عليه سواء تزوج بمهر المثل أو بأكثر منه ، وسواء تزوج بمن تساويه منزلة أو لا تساويه ، هذا ما يراه الإسلام في شأن تولي الرجل عقد زواجه ، فما هو الحكم في شأن المرأة ؟ وهذا ما سنتطرق إليه من خلال ما يأتي :
1.2- تعريف الولاية و أقسامها :
الولاية لغة : بكسر الواو هي المحبة و النصرة (1) .
الولاية في الإصلاح الشرعي : هي تنفيذ القول على الغير و الإشراف على شؤونهم أو هي القدرة على إنشاء العقد نافذا غير موقوف على إجازة أحد ، ويقصد بالغير هنا القاصر والمجنون و البالغة في ولاية الإختيار(2) .
(1) د/ العربي بلحاج ، الوجيز في شرح قانون الأسرة الجزائري ، ص 118 .
(2) عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 120 .
وقسم الفقهاء الولاية إلى ثلاثة أقسام ، هي :
الولاية على النفس ، الولاية على المال ، والولاية على النفس والمال معا ، وما يهمنا في موضوعنا هي الولاية على النفس التي تشمل من جملة ما تشمل الولاية في زواج الفتيات والتي قسمها الفقهاء إلى قسمين أساسيين ولاية إجبار وولاية إختيار .
- ولاية الإجبار la contrainte matrimoniale فهي ولاية الأب أو الجد على الفتاة البكر و الصغير و المجنون ، فيها يستبد الولي بإنشاء العقد على المولى عليها و لا يشاركه أحد لعدم توفر في المولى عليها شرط العقل و البلوغ و أهلية الزواج (1) .
- ولاية الإختيار la contrainte facultative وتسمى ولاية المشاركة وهي تثبت للولي على المرأة البالغة العاقلة فالخيار لها ، غير أنه يستحسن أن تستشير وليها ، وأن يقوم هو بإجراء عقد زواجها حتى لا توصف المرأة بالخروج عن التقاليد و الأعراف (2) .
2.2 - دليل شرعية الولاية وحكمها:
هناك خلاف ظاهر في الرأي بين الأئمة ، فالإمام مالك و الشافعي وأحمد متفقون على أن المرأة البالغة مهما تكن درجتها من الرشد ، فليس لها أن تنفرد بأمر زواجها بل لوليها سلطان ، وأن النساء لا يتولين إنشاء العقد ، بل لابد من إذن الولي و إشراكه في الإختيار ، ودليلهم في ذلك قوله تعالى :"فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " ، وقوله صلى الله عليه وسلم :" لا نكاح إلا بولي " ، وقوله أيضا :"أيما إمرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها ، فنكاحها باطل باطل باطل و إن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها " (3) .
(1) د / العربي بلحاج ، المرجع السابق ، ص 119 .
(2) المرجع السابق ، ص 119 .
(1) د/ وهبة الزحيلي ، الفقه الإسلامي وأدلته ، الجزء السابع ، دار الفكر ، 1996 ، ص 82 .
وقد خالف الإمام أبو حنيفة سائر الفقهاء وقال : " أن للمرأة الحق أن تنفرد بإختيار الزوج من غير إشراك وليها ، ولها أن تنشئ عقد زواجها بعباراتها ، ولكن يستحسن أن يتولى ذلك وليها وأن يكون راضيا بحالة الزوج " ، وإستدل بقوله تعالى :" فإن طلقتها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره " (1) ، وقوله أيضا :"وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن "(2) ، وقوله صلى الله عليه وسلم "الأيم أحق بنفسها من وليها " (3) ، فالشرع أسند للمرأة البالغة العاقلة العقد .
وقد اعتبر الإمام أبو زهرة الولاية شرطا للنفاذ وليس شرط للصحة ويقول :"يشترط لنفاذ العقد أن يكون الذي يتولى إنشائه له ولاية إنشائه فإذا كان الذي تولى عقد الزواج كامل الأهلية وعقد لنفسه فعقده صحيح (ولاية الإنشاء بالأصالة) ، وكذلك إذا عقد لمن هو في ولايته (الولاية الشرعية ) أو من وكله ( الوكالة ) ، وإن لم يكن للعاقد ولاية الإنشاء ، إما لأنه ليس كامل الأهلية أو لأنه كامل الأهلية لكن عقد لغيره من غير إنابة بحكم الشارع أو بتوكيل صاحب الشأن فإن العقد لا يكون نافذا بل يكون موقوفا " (4) ، ويقصد ولاية الإجبار و الإختيار و الوكالة .
وقد إعتبر الدكتور الغوثي بن ملحة حضور الولي و الشاهدين شروط شكلية وليست أركانا في عقد الزواج (5) .
(1) سورة البقرة ، الآية 230 .
(2) سورة البقرة ، الآية 232 .
(3) الأيم من لا زوج لها بكرا كانت أوثيبا .
(4) محاضرات الدكتور الغوثي بن ملحة .
(5) محاضرات الدكتور الغوثي بن ملحة .
ومقارنة بالمشرع التونسي فإنه لم يعتبر الولي ركنا من أركان عقد الزواج ونص في الفصل الثالث من مدونة الأحوال الشخصية " لا ينعقد الزواج إلا برضا الزوجين " ، ولكن أتى في الفصل السادس من المدونة وسمح للقاصر الذي لم يبلغ 20 سنة و القاصرة التي تبلغ 17 سنة بالزواج بشرط أن يرخص لها الولي و الأم (1) .
وقد اعتبر المشرع الجزائري الولاية في عقد الزواج ركن من أركانه حسب المادتين 09 و 11 من قانون الأسرة ، وعليه لا يمكن للمرأة أن تزوج نفسها والذي يزوجها هو وليها بتفويض منها بمراعاة رضاها ، ثم أتى في النصوص الموالية ليقلل من دور الولي فرتب على تخلفه في الزواج إستمراره إذا حصل الدخول حسب المادة 33 من قانون الأسرة ، فالمشرع جعل الولي ركنا ولكنه رتب على تخلفه ما يترتب على تخلف الشرط مما جعل الأحكام غير متناسقة وغامضة .
فلو أبرم عقد زواج عرفي بدون حضور ولي وحضر الزوجين لتثبيت الزواج العرفي الواقع بينهما أمام المحكمة ، فإن المحكمة تتأكد من توافر أركان عقد الزواج حسب المادة التاسعة من قانون الأسرة ، فإن ثبت تخلف الولي ولم يحصل الدخول حكمت المحكمة بفسخ العقد ولا صداق فيه ، أما إن ثبت تخلف الولي وحصل الدخول حكمت المحكمة بتثبيت الزواج العرفي .
ولو أبرم عقد الزواج العرفي بدون حضور ولي ولم يسم فيه الصداق وحضر الزوجين لتثبيته ، فإن المحكمة تحكم ببطلان العقد لتخلف ركني الولي و الصداق سواء حصل الدخول أو لم يحصل بناء على المادة 33 من قانون الأسرة .
وبما أن قانون الأسرة قد إلتزم بذكر الولي ضمن أركان عقد الزواج في المادة التاسعة ، فما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في الولي كي يمارس ولايته في الزواج ؟
(1) مجلة مغاربيات ، مواطنات حتى تتمتعن بحقوقكن ، ص 24 .
3.2 - شروط الولــي :
لا ينال الولاية على النفس إلا من توافرت فيه الشروط القانونية التي تجعل منه وليا رحيما بمن في ولايته ، وذلك أن الولاية بوصفها سلطة يمنحها القانون لشخص على آخر لقيام أسبابها فإنه قد قصرها على الذين إستوفوا الشروط التالية :
* الأهليــــــــــــــة: وهي صلاحية الشخص قانونا لتلقي الحقوق وتحمل الواجبات أي أن يكون بالغا و عاقلا وراشدا .
ولما كانت أهلية الآداء هي مناط تكليف الولي بالولاية على غيره فإن الذين يفتقروا لها يجب أن يحرموا من سلطة الولاية على الغير حتى لو تمسكوا بها قضائيا (1) .
فعلى القاضي عندما يريد تثبيت واقعة الزواج العرفي أن يتحقق من توافر أركان عقد الزواج و الشروط الواجبة في ركن الولي ، فلو كان الولي كامل الأهلية وقت إبرام العقد ثبت الزواج العرفي ولوفقدها في الفترة بين إبرام الزواج و تثبيته ، فالعبرة بكمال الأهلية يوم الإبرام .
لكن ما يلاحظ أن المشرع حدد سن أهلية الزواج للرجل بتمام 21 سنة ، وللمرأة بتمام 18 سنة ، في حين أنه سهى عن تحديد سن الرشد بالنسبة للولي في الزواج ، وبالرجوع للقواعد العامة حسب المادة 40 من القانون المدني و المادة 86 من قانون الأسرة نجدها 19 سنة ، فإن أخذنا بالقاعدة العامة قد يكون سن الزوج أكثر من سن وليه كأن يكون الزوج يتيم الأب وعمره 20 سنة فتكون الولاية لأخيه الذي سنه 19 سنة ، فيكون الشخص كامل الأهلية لأن يكون وليا وناقص الأهلية للزواج ، فهل هذا منطقي ؟ فكيف يزوج غيره ولا يستطيع تزويج نفسه ؟ .
فعلى المشرع أن يساوي بين السن في الأهلية للزواج و الولاية على الزواج .
(1) كناقص الأهلية (سفيه و المميز الذي لم يبلغ 19 سنة ) أو عديم الأهلية (لمن لم يبلغ 16 سنة أو المجنون أو المعتوه ) طبقا للمواد 40 ، 42 ، 43 من القانون المدني .
* الذكـــورة:
أي أن يكون الولي في الزواج ذكرا ، فالمرأة لا تستطيع تزويج نفسها مستدلين بنهيه عليه السلام أن تزوج المرأة المرأة أو المرأة نفسها ، فقال عليه السلام بأن الزانية هي التي تزوج نفسها ، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من مالكية وشافعية وحنابلة ، أما الحنفية فقد أثبتوا للأم ولاية الإجبار للبنت وبنت الإبن والأخت وغيرهن من النساء ، إذا لم يكن عصبات من الرجال ، وذلك بناء على ماذهبوا إليه من أن الولاية تكون لعامة الأقارب ذكورا و إناثا أما ولاية الإختيار فلا تثبت عندهم لأنه لا ولاية بعد البلوغ .
والمشرع قد أخذ بما ذهب إليه جمهور الفقهاء في المادة 11 ، ولكن ألا يتعارض هذا مع تولي المرأة القاضي تزويج إمرأة أخرى بإعتبار أن القاضي ولي من لا ولي له ؟
نحن نرى أن مثل هذا الزواج صحيح بإعتبار أن المرأة القاضي تتولى زواج المرأة بحكم وظيفتها ليس إلا.
فرغم أن قانون الأسرة نص في المادة 11 أن :"يتولى الزواج المرأة وليها وهو أبوها ، فأحد أقاربها الأولين " ، ولكن من غير أن يرتب هؤلاء الأقارب ، ودون ذكرهم بصفاتهم ، ودون أن يشترط وفاة أو غياب أو عجز الأب أو من يليه لإنتقال الولاية الشرعية من الأب إلى من يليه درجة من الأقارب ، وعليه يتعين اللجوء لقواعد الشريعة الإسلامية حسب المادة 222 من قانون الأسرة .
فالمذاهب الثلاثة التي تشترط الولي تختلف في ترتيب الأولياء ، حيث أن المالكية يقدمون الإبن على الأب و الأخ على الجد ، والحنفية يقدمون الجد على الإبن ، والشافعية يقولون بأن الولاية للأب قبل غيره ولوصي الأب عند وفاته أو للجد عند وفاة الأب أو عجزه أو غيابه غياب بعيدا أو طويلا وعند عدم وجود الأب ووصيه والجد تنتقل للأخ ثم للعم ثم للإبن .
فأي مذهب نتبع لترتيب هؤلاء الأقارب ؟ فلو أخذنا بالمذهب المالكي فنرتبهم بجعل الإبن قبل الأب فهذا يناقض المادة 11 التي جعلت الولاية للأب أولا، وفي هذا الموضوع رتب فضيل سعد المستحقين للولاية حسب درجة الميراث ( المادة 154 قانون الأسرة ) :
1 – قرابة الأبوة ( الأب والجد ) .
2 – قرابة البنوة (الإبن وإبن الإبن و إن نزل ) .
3 – قرابة الأخوة (الأخ الشقيق أقرب من الأخ لأب ) .
4 – قرابة العمومة ( العم الشقيق أقرب من العم لأب الذي هو أقرب
من العم لأم) (1).
أما عبد العزيز سعد يميل للأخذ بالمذهب الشافعي (2) .
لكن ما حكم تزويج الولي الأبعد الذي لم يأت دوره مع وجود الولي صاحب الحق ؟ كأن يتولى زواج المرأة عرفيا أخوها في حين أن أباها موجود ؟ وهل تتحقق المحكمة قبل تثبيت الزواج من درجة القرابة أم لا ؟ .
إن ما رأيناه عمليا أن أغلب المحاكم لا تتحقق من قرابة الولي للزوجة وفي غياب نص صريح في قانون الاسرة يعطي حكم هذا الزواج ، فيرجع للشريعة الإسلامية حسب المادة 222 من قانون الاسرة .
فيرى المالكية أنه يصح عقد النكاح بالولي الأبعد مع وجود الأقرب لكن هذا في الولي غير مجبر أما الولي المجبر فإنه لا يصح أن يباشر العقد غيره مع وجوده (3)، ويرى الحنفية أنه يصح العقد إذا باشره الأبعد مع وجود الأقرب موقوفا على إيجازته فإن أجازه نفذ و إلا فلا .
(1) فضيل سعد ، شرح قانون الأسرة الجزائري في الزواج والطلاق ، الجزء الأول ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، 1986 ، ص 74.
(2) عبد العزيز سعد ، المرجع السابق ، ص 124 .
(3) عبد الرحمان الجزيري ، كتاب الفقه ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، 1969 ،ص27 .
لكن متى تسقط الولاية عن صاحبها وتنتقل إلى القريب الموالي له ؟ ويكون ذلك إذا خلا الولي من الشروط القانونية منها :
1 – عجز الولي عن القيام بهذه الولاية .
2 – الحجر عليه لإنعدام أهليته .
3 – وتسقط بقوة القانون إذا مات .
و إذا سقطت عن الولي الولاية بوفاته مثلا ولا يوجد ولي آخر بعده فإن قانون الأسرة أخذ بمبدأ " القاضي ولي من لا ولي له " في المادة 11 منه ، أليس من الجائز أن نتساءل من هو هذا القاضي ، وكيف يمكنه أن يمارس ولايته ؟.
غالبا ما نكون أمام إبنة زنا أو مجهولة الأبوين ويتقدم شخص لخطبتها ولإتمام الزواج لابد من ولي ليتولى أمر زواجها فهنا إذا كانت لها أهلية التقاضي ترفع الطلب مباشرة إلى رئيس المحكمة لتطلب تعيين ولي لها ، أما إذا لم تكن لها أهلية التقاضي فيرفع الطلب إما مدير المركز الموجودة به، أو كفيلها إذا كانت تحت نظام الكفالة ( الملحق رقم 01) ويقوم القاضي بدراسة الملف و بأمر بتعيين ولي للمعنية (غالبا ما يعيين القاضي نفسه ) ليتولى عقد زواجها .
* الإســـــلام:
الإسلام شرط أساسي متفق عليه بين الفقهاء ، لقوله سبحانه وتعالى :"ولا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين " ، هذا الشرط خاص بزواج المسلمة بالمسلم ، أما إذا كانت المرأة غير مسلمة ، فالمطلوب هو إتحاد الدين بين المولي والمولى عليها لقوله تعالى :" والذين كفروا بعضهم أولياء لبعض ".
* العــــدل: لقد إشترط كثير من الفقهاء العدالة في الولي ، ذلك لأنه مطلوب منه البحث والسعي عن مصلحة المولى عليها ، وأما الإمام مالك وغيره فقد ذهبوا إلى أن العدالة ليست مشروطة في الولي لعدم تصريح النص بها كما هو بالنسبة للشهادة إذا يقول عليه السلام :" لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل " .
ويرى الأستاذ فضيل سعد أن المشرع الجزائري أخذ برأي الجمهور عندما سكت عن شرط العدل في الولي فقال بعموم اللفظ في المادة 11 دون أي إضافة أخرى (1) .
4.2- دور الولي ووظيفته :
* الإعتراض على زواج المولى عليها :
جاء في المادة 12/1 : " لايجوز للولي أن يمنع من
| |
|