محب العلماء مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 33 نقاط : 69 السٌّمعَة : 1
تاريخ التسجيل : 20/03/2010
| موضوع: نجم الدين أربكان من "هندسة" محركات الديزل.. إلى "هندسة" الحركة الإسلامية الحديثة في تركيا الجمعة أبريل 02 2010, 10:33 | |
| نجم الدين أربكان من "هندسة" محركات الديزل.. إلى "هندسة" الحركة الإسلامية الحديثة في تركيا نجم الدين أربكان، اسمٌ أصبح جزءاً من تاريخ الحياة السياسية والحزبية في تركيا لا يمكن تجاهله رغم كل محاولات الإقصاء، والتهميش، والمحاصرة.. فرض ومازال يفرض بصماته المضيئة على مسار الحركة الإسلامية الحديثة في تركيا.. لماذا حاولت قوى كثيرة داخل تركيا وخارجها، وما زالت تحاول إبعاده عن الساحة السياسية التركية..؟ومن المستفيد من إقصائه عن الساحة السياسية التركية..؟ في هذه الدراسة التي تنشر علي حلقات في المجتمع نسلِّط الأضواء مدعومة بالوقائع والحقائق على شخصية الأستاذ الدكتور المهندس نجم الدين أربكان أحد أبرز رجالات الحركة الإسلامية الحديثة في تركيا.في وسائل الإعلام التركية، وفي الأوساط والمحافل السياسية التركية، وعلى امتداد الشارع التركي المسيَّس يطلقون على الزعيم الإسلامي التركي نجم الدين أربكان لقب "أبو السبعة أرواح"، وهو لقب يبدو أن أربكان يستحقه بجدارة من كثرة ما دخل وخرج من محاكم ومن سجون، ومن كثرة ما أسس أحزاباً بلغ عددها في فترة زمنية قصيرة قياساً بعمر الدول خمسة أحزاب، فلا يكاد يؤسس حزباً حتى يحاصره حماة العلمانية في تركيا وخاصة جنرالات المؤسسة العسكرية، فيحظروه ويختموا أبوابه بالشمع الأحمر، ليعود أربكان ليؤسس حزباً جديداً فيغلقه العلمانيون ويختمون أبوابه بالشمع الأحمر، ليعود أربكان ليؤسس حزباً جديداً باسم جديد بنفس نكهة الحزب المحظور الوطنية الإسلامية.. وهكذا حزباً بعد حزب و محاكمة بعد محاكمة، وسجناً بعد سجن..!فمن هو نجم الدين أربكان الذي اشغل وسائل الإعلام العالمية ومن قبلها أشغل دولاً وأنظمة وأجهزة مخابرات ومنظمات ترصد ما يجري في تركيا تحت مجاهر رقابتها على مدار الثانية والدقيقة...؟ورث الزعامة كابراً عن كابرٍ: ينحدر البروفيسور نجم الدين أربكان من نسل الأمراء السلاجقة الذين عرفوا في تاريخ تركيا باسم "بني أغوللري "، وكان جدُّه آخر وزراء ماليتهم، وكانت أسرة أربكان تلقَّب بناظر زاده أي ابن الوزير.ولد عام 1926م في مدينة سينوب بأقصى الشمال على ساحل البحر الأسود، وأنهى دراسته الثانوية في عام 1943 حيث التحق بجامعة الهندسة في استانبول وتخرج من كلية الهندسة الميكانيكية في عام 1948 ، وكان الأول على دفعته فتمَّ تعيينه معيداً في نفس الكلية.أوفد في بعثة إلى ألمانيا في عام 1951م، حيث نال في عام 1953م من جامعة آخن شهادة الدكتوراة في هندسة المحركات.وفي عام 1953م عاد إلى جامعة استانبول وحصل على درجة مساعد بروفيسور (دوشنت). وأثناء وجوده في ألمانيا عمل إلى جانب دراسته رئيساً لمهندسي الأبحاث في مصانع محركات ( كلوفز هومبولدت دويتز )بمدينة كولن.في عام 1956م عمل ثانية في مصانع محركات دويتز وتوصَّل إلى عدة اكتشافات لتطوير صناعة محركات للدبابات تعمل بكل أنواع الوقود.في نهاية عام 1965م عاد إلى جامعة الهندسة في استانبول ليعمل أستاذاً مساعداً، وفي نفس العام حصل على درجة الأستاذية فأصبح بروفيسوراً في اختصاص المحركات.وأثناء تدريسه في جامعة الهندسة في استانبول، وعلى ضوء الخبرة التي حصل عليها أثناء عمله في مصانع المحركات الألمانية، قام البروفيسور نجم الدين أربكان في عام 1956 بتأسيس شركة مصانع "المحرك الفضي" وساهم معه في الشركة 300 من زملائه، وتخصصت الشركة في تصنيع محركات الديزل وبدأت إنتاجها في عام 1960، ولا تزال الشركة الرائدة في هذه الصناعة في تركيا وتنتج سنوياً حوالي 30 ألف محرك ديزل.رئيساً لاتحاد الغرف الصناعية :تولى البروفيسور أربكان رئاسة مجلس إدارة شركة مصانع المحرك الفضي (1956 - 1963م )، إلى جانب منصب مديرها العام، ثم تولى منصب الأمين العام لاتحاد غرف التجارة والصناعة والبورصة التركية في عام 1967م، وفي عام 1968م أصبح رئيساً للاتحاد، وعندما تولى أربكان هذا المنصب ثارت ثائرة الدوائر العلمانية والماسونية، وشنَّت الصحافة العلمانية والمتصهينة حملة شعواء ضده.وكمثال على ما زخرت به تلك الصحف من هجوم على أربكان أنقل ما نشرته مجلة "آنت" العلمانية في عددها رقم 127 الصادر في 3/6/1969م حيث قالت بالحرف الواحد: "هناك صراع واضح في هذه الأيام في عالم التجارة الصناعة بين فئتين: فئة الرفاق الماسونيين الذين يعملون بحماية رئيس الوزراء سليمان ديميريل، وفئة الإخوان المسلمين الذين يعملون برئاسة نجم الدين أربكان ".لكأنَّ نجم الدين أربكان كان على موعدٍ مع قدره الذي أراده الله له، فينتقل من حلبة الصناعة إلى حلبة السياسة ليؤسس، ويقود، ويهندس حركة انبعاث مدِّ الصحوة الإسلامية الحديثة في تركيا.وكانت بداية التحوُّل في حياة أربكان من هندسة الصناعة إلى هندسة السياسة من مدينة قونيه التي كانت على امتداد تاريخ تركيا الإسلامي، و ما تزال معقلاً إسلامياً شامخاً، وهي قونيه موطن العالم الرباني جلال الدين الرومي، فمن مدينة قونيه خاض نجم الدين أربكان أول تجربة سياسية في حياته حين خاض الانتخابات النيابية التي جرت في عام 1969 كمرشح مستقل فأكرمته المدينة المتديِّنة إذ حملته أصوات ناخبيها وناخباتها بما يشبه الإجماع والاكتساح إلى مجلس النواب التركي ممثلاً للمدينة الوفية لإسلامها.تجربته الحزبية الأولى :في عام 1970 أسس البروفيسور أربكان مع عدد من المفكرين والناشطين الإسلاميين حزب النظام الوطني، وتسمِّيه بعض المراجع بحزب الخلاص الوطني، وفي المؤتمر الأول للحزب بمناسبة مرور عام على تأسيسه ( كانون ثاني 1971م) ألقى البروفيسور أربكان كلمة في المؤتمر أكد فيها البعد الإسلامي للحزب قائلاً: "إن أمتنا هي أمة الإيمان والإسلام، ولقد حاول الماسونيون والشيوعيون بأعمالهم المتواصلة أن يُخرِّبوا هذه الأمة ويفسدوها، ولقد نجحوا في ذلك إلى حد بعيد، فالتوجيه والإعلام بأيديهم، و التجارة بأيديهم، و الاقتصاد تحت سيطرتهم، وأمام هذا الطوفان، فليس أمامنا إلا العمل معاً يداً واحدة، و قلباً واحداً، حتى نستطيع أن نعيد تركيا إلى سيرتها الأولى، و نصل تاريخنا المجيد بحاضرنا الذي نريده مشرقاً.." عزل سياسي :وفي شهر نيسان من عام 1971 أقامت الحكومة دعوى ضد الحزب، فأصدرت محكمة أمن الدولة العليا قراراً بحلِّ حزب النظام الوطني ومصادرة أمواله وممتلكاته بعد أن جرَّمته بتهمة انتهاك الدستور العلماني، والعمل على إلغاء العلمانية، وإقامة حكومة إسلامية في تركيا، و العمل ضد مبادئ أتاتورك، وحكمت المحكمة بمنع أي عضو في الحزب من العمل في حزب آخر، أو تأسيس حزب آخر، أو ترشيح نفسه للانتخابات ولو بشكل مستقل، وذلك طيلة خمس سنوات.وبعد صدور حكم محكمة أمن الدولة العليا بحلِّ حزب النظام الوطني وحرمان مؤسسه وأعضائه من العمل السياسي لمدة خمس سنوات غادر البروفيسور أربكان تركيا.في عام 1972م عاد البروفيسور أربكان إلى تركيا ليدفع ببعض الإسلاميين ممن لا ينطبق عليهم حكم محكمة أمن الدولة العليا لتشكيل حزب جديد أطلق عليه اسم حزب السلامة الوطني، وتأسَّس الحزب في 11/10/1972م، وأصدر في 12/1/1973م صحيفته الرسمية "مللي غزته".في 14/10/1973م صدر عفو عام عن الجرائم السياسية، فخاض حزب السلامة الوطني بعد أن عاد أربكان إلى رئاسته الانتخابات وفاز بِ 48 مقعداً، وعندما احتدم الخلاف بين الحزبين الرئيسين، حزب العدالة (149 نائباً) بزعامة سليمان ديميريل، وحزب الشعب الجمهوري (186 نائباً) بزعامة بولنت أجاويد، اضطر أجاويد زعيم حزب الشعب الجمهوري للائتلاف مع حزب السلامة الوطني بزعامة أربكان، وحصل حزب السلامة على سبع وزارات هامة منها الداخلية والعدل والتجارة والجمارك والزراعة والصناعة والتموين ووزارة دولة، وكان البروفيسور أربكان نائباً لرئيس الوزراء.ومثَّلت مشاركة حزب السلامة الوطنية في حكومة ائتلافية أول اختراق إسلامي للسلطة التنفيذية في الجمهورية العلمانية منذ تأسيسها على يد أتاتورك، وشكَّلت هذه المشاركة لطمة موجعة للعلمانيين وحلفائهم الماسونيين، فطفقوا يخططون للانتقام وتوجيه لطمة مضادة للإسلاميين، واستطاعت مكائد العلمانيين والماسونيين أن تفشل الحكومة الائتلافية وتضطرها إلى الاستقالة بعد تسعة أشهرونصف من تشكيلها.ولكن قدر الله كان بالمرصاد للعلمانيين والماسونيين، إذ لم يلبث حزب السلامة الوطني بزعامة أربكان أن عاد إلى الحكومة عندما وجد حزب العدالة نفسه مضطراً للائتلاف مع حزب السلامة الوطني لتشكيل الحكومة.بيد أن عودة حزب السلامة الوطني للمشاركة في الحكومة الجديدة، وبنفس عدد وزرائه ومقاعدهم في الحكومة السابقة، لم تثن العلمانيين والماسونيين عن الكيد للحزب ولزعيمه، وانتهز هؤلاء الانتخابات النيابية التي كان مقرراً أن تجري في عام في عام 1977 فحشدوا كل إمكاناتهم، واستنفروا كل طاقاتهم العلنية والسرية من محافل ماسونية وصحافة متصهينة وعلمانية لشن حملة تشويه وافتراءات ضد مرشحي حزب السلامة العامة في تلك الانتخابات، ويبدو أن الحملة آتت أكلها فجاءت نتائج حزب السلامة الوطني في الانتخابات مخيِّبَةَ لطموحات الإسلاميين، ومفرحة للعلمانيين والماسونيين حيث انحسر عدد أعضاء الحزب في مجلس النواب التركي إلى (24) نائباً فقط، ولكن ورغم هذه الانتكاسة التي أصابت حزب السلامة الوطني فقد فرضته المعادلة السياسية آنذاك شريكاً في الائتلاف الحكومي الذي جمع حزب العدالة وحزب السلامة الوطني وحزب الحركة القومية (طوراني) في الحكومة التي تشكلت في 1/8/1977 . انتقاء محب العلماء | |
|