منارة الوفاء مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 35 نقاط : 19080 السٌّمعَة : 2
تاريخ الميلاد : 01/11/1986 تاريخ التسجيل : 27/05/2011 العمر : 38 الموقع : * المدية * العمل/الترفيه : طالبة جامعية/ جمع الأمثال الشعبية المزاج : ممتاز والحمد لله تعاليق : " لا تكن متكبرا لكي لا تكون كالواقف على الجبل ترى الناس صغارا ويرونك صغيرا"
| موضوع: قانون الأسرة بين المشروع التمهيدي والأمر الرئاسي رقم(05-02) الجزء الأول الأربعاء يونيو 15 2011, 17:42 | |
| المقدمة لكي نبني مجتمعا سليما , يجب أن نبني الأسرة على اسس وقواعد سليمة , وليتحقق ذلك كان على المشرع أن يضع نصوصا قانونية مستوحاة من الشريعة الاسلامية حتى تتلائم وطبيعة المجتمع الجزائري وبناءا على هذا صدر قانون رقم 84-11 المؤرخ في 09 يونيو 1984 والذي أخضع جميع علاقات أفراد السرة إلى أحكام هذا القانون بموج المادة الأولى منه.
ومع التطور الفكري والعلمي والاقتصادي للمجتمع الجزائري , خاصة وأن هذا القانون ظل ساري المفعول لمدة تجاوزت العشرين سنة , أصبح لزاما على المشرع أن يساير هذا التطور , وينظر بمنظار آخر لتعديل قانون الأسرة .
وعلى هذا الأساس صدر الشروع التمهيدي , ووضع قيد الاثراء إلى أن صدر بموجب الأمر الرئاسي رقم 05-02 المؤرخ في 27 فبراير 2005 في الجريدة الرسمية العدد 15. طرح هذا الموضوع قبل أن يصدر في شكل أمر رئاسي جدلا سياسيا واعلاميا واسعا . وكان من الضروري أن يحظى بحصة معتبرة من النقاش والدراسة . لأنه خص مجتمعا بأكمله , وهو ما دفع بنا كطلاب علم إلى التفكير في جعل ذلك اشكالا لمذكرة للتخرج . وكان دافعنا في ذلك الأهمية الكبيرة التي يكتسيها هذا الموضوع , خاصة وانه يشكل دعامة للمجتمع مع جدة الطرح في بعض موضوعاته.
فكان هدفنا معرفة ماجد في المشروع التمهيدي ومقارنة بما هو موجود في قانون الأسرة والبحث عن الاشكاليات القانون القديم , والتي كشفت عنها الدراسات السابقة والممارسة العلمية وعلى مدار 20 سنة أو أكثر من صدوره . وللوصول إلى هذا المبتغى لم يكن أمامنا من سبيل سوى اتباع منهج المقارنة والتحليل .
وقد استخلصنا بهذا المنهج أهم الانتقادات الموجهة إلى القانون القديم وأهم ما جاء به الأمر الرئاسي المعدل والمتمم للقانون القديم . وقد واجهتنا العديد من الصعوبات , التي كادت أن تكون حائلا بيننا وبين انجاز هذا العمل , وذلك لانعدام المراجع القانونية والاكادمية التي تتحدث عن التعديل الجديد , وسبب ذلك هو جدة الموضوع بالمقالات المنشورة من طرف المختصين في الصحف اليومية فاعتمدنا
على المراجع القديمة , التي حللنا على ضوء ما جاء فيها التعديل الجديد , وبالتالي قد تعتبر دراستنا هذه نقطة لانطلاق بحوث أخرى.
وعندما بدأنا في جمع المعلومات تبادرت إلى أذهاننا بعض الإشكاليات والتي نأمل ان نكون قد أجبنا عنها في مضمون المذكرة , وعلى راس هذه الإشكاليات : -هل حركة التشريع جاءت من أجل استحداث قانون جديد للأسرة نابع من عمق الوضع الاجتماعي , ام هو مجرد محاكاة لتشريعات دول أخرى؟ -ما هو دور النيابة العامة وأثرها في التنظيم القانوني للأسرة؟ -ما مدلول التقارب بين أهلية الزواج بين الرجل والمرأة ؟ وما هي خلفيات لحق الزوجة أم هو قصر لحرية الزوج ؟ -هل الولاية حق أصيل للمرأة الراشدة تنفرد به لنفسها وما محل ذلك في الشريعة الإسلامية؟ اذا كان العلم قد أفرز حل لمشكلة الإنجاب عن طريق التلقيح الاصطناعي فكيف عالج المشرع هذا الاشكال في القانون الجديد ؟ -هل الخلع حق أفرزه القانون لصالح المرأة أم هو حق كرسه الاجتهاد القضائي للمحكمة العليا ؟ -هل السبيل لحماية وتماسك الأسرة وتجنيب الزوجين الطلاق هو تعدد فرص الصلح من قبل القاضي ؟ أم ان الأمر مفروغ منه وما اجراء الصلح الا اجراء روتيني فرضته تقاليد التقاضي. -هل أصبح القانون يبحث عن مبرر أوسع للزوجة حتى تطلب التطليق أم أن الأمر لا يعدوا أن يكون حماية لحقوق المرأة من الاضطهاد؟
كل هذه الاشكاليات والتساؤلات حاولنا الإجابة عنها في فصلين: الفصل الأول : تعلق بالزواج بين قانون الأسرة والمشروع التمهيدي الذي ثبت مع بعض التعديل بالأمر الرئاسي رقم 05-02. الفصل الثاني : وتعلق بالطلاق بين قانون الأسرة و الأمر الرئاسي المعدل والمتمم لقانون الأسرة.
الفصل الأول :الزواج بين قانون الأسرة والمشروع التمهيدي :
ان نظام الزواج نظام قدم خلق الله كلهم ،وهو نظام عرف من يوم خلق الله ادم وحواء واسكنهما الجنة زوجين مكركين ومن ثم ظل هذا النظام يسايره مسيرة ذريتهما ويتطور بتطورها الى ان وصل الى الايطار الذي يعرق به اليوم ،واذا كان عقد الزواج في بعض التشريعات ارتباط شخصي رضائي بين الطرفين يستهدفان افامة نظام حياة مادية مشتركة يقصد تبادل المساعدة ،والرعاية ،فانه في بعض التشريعات الاخرى لا يعتبر الا مجرد عقد لتنظيم العلاقات الجنسية .
وعلى ضوء هذا الاختلاف ظهرت بوادر التنظيم القانوني للزواج داخل الدولة في حد ذاتها ،الامر الذي جعل منظومة الأحوال الشخصية في الجزائر محل اعادة نظر في تنظيمها واحكامها وذلك مراعات لتوحدات سياسية او اجتماعية ،فمع تضاعد النداءات لتع_ديل الطرح القديم تبلور ،فكر جديد لقانون الاسرة تحث شعار ما يسمى بالمشروع التمهيدي لقانون الاسرة الذي ،جاء باحكام تلغي وتعدل في كثير من الاحيان مواد القانون القديم .
-وسنتعرض في مايلي للتعديل الذي مس احكام قانون الاسرة الحالمي بموجب المشروع التمهيدي بحسب ما ورد من ترتيب في هذا الاخير.
-وسيقسم هذا الفصل الى ثلاثة مباحث تستعرضها فيمايلي :
المبحث الاول :دراسة ما جاء من تعديل حول الزواج: وسنتناول في هذا المبحث ثلاثة مطالب على الشكل التالى : المطلب الاول :الخطبة والزواج بين قانون الاسرة والمشروع التمهيدي . المطلب الثاني :اركان الزواج وشروطه بين قانون الاسرة والمشروع التمهيدي . المطلب الثالث :اثبات عقد الزواج بين قانون الاسرة والمشروع التمهيدي .
المطلب الاول :الخطبة والزواج بين قانون الاسرة والمشروع التمهيدي
اولا: دور النيابة العامة في التنظيم القانوني للاسرة . -جاءت الاحكام العامة لقانون الاسرة منظمة لجميع العلاقات الواقعة بين افراد الاسرة وعلى اساس انها الخلية الاساسية لبناء المجتمع والتي تربط ما بين افرادها صلة الزوجية والقرابة القائمة على حسن المعاشرة . -غير ان المشرع لم يكتفي بذلك فاقر في نص المشروع التمهيدي وسيلة جديدة لاعادة تنظيم هذه العلاقة وهي النيابة العامة . -حيث جعل النيابة العامة طرفا اصليا في جميع قضايا الاسرة كونها الممثلة للحق العام من جهة ومن جهة اخرى ان قضايا الاسرة هي ايضا من النظام العام . -وبالرجوع الى نص المادة 03 مكرر من المشروع التمهيدي فان ظاهرها قد أطلق يد النيابة العامة للتدخل في قضايا الاسرة الا انه بتصفح قوانين أخرى سنجدها قيدت هذه الحرية ببعض الشكليات نذكر منها ما جاء في قانون عقوبات بخصوص تحريك الدعاوي العمومية فالزمها الشرع بعدم تحريك الدعاوي الا بعد تقديم شكوى اليها من صاحب المصلحة والصفة والأهلية (م.459.ق.ا.ج) ونشير الى هذه القيود في بعض الجوانب .
1-جريمة الزنا : وهي من الحالات التى قيد فيها القانون سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى الجزائية ومباشرتها وتقديمها الى المحاكم فلا تتم المتابعة الا بناءا على شكوى الزوج المضرور فان كان هو الفاعل الأصلي فل تتم المتابعة بناءا على شكوى الزوجة المضرورة ،واذا كانت الزوجة هي الفاعلة الأصلية فان الشكوى من زوجها ( ). -وطالما ان المشرع جعل جنحة الونا جريمة ذات طابع خاص ،تهم الزوج المضرور ،دون سواه فلا تصح المتابعة الا اذا صدرت الشكوى منه شخصيا كما لايجوز للنيابة العامة ان تباشرها من تلقاء نفسها ( ).
وهذا ما تسب عليه الفقرة الرابعة من المادة 339 ق.ع.ج . ومادامت المتابعة الجزائرية معلقة على شكوى من طرف الطرف المضرور فان سحبها يضع حدا للمتابعة ضد الفاعل الأصلي وشريكه و هذا عملا بحكم المادة 339.ق.ع . -وبالتالي قد اتفق هذا المعنى مع ما جاء في القواعد العامة التي التى تحكم الدعوى حيث جاء في الفقرة 03 من المادة 06.ق.ا.ج ان الدعوى العمومية تنتهي في حالة سحب الدعوى اذا كانت شرطا لازما للمتابعة ( ).
2-جريمة الإهمال العائلي : وقد يقع الهجر من الوالد الذى يعيل الاسرة او من الام التي تركت بيت الزوجة فقيد المشرع تحريك الدعوى في هذه الحالة بوجوب حصول النيابة العامة على شكوى من الزوج المضرور الذى بقي في مقر اقامة الاسرة ،وذلك بنص المادة 330.ق.ع.ج حيث وجب ان نقدم الشكوى اثناء قيام العلاقة الزوجية وليس بعد انتهائها وان يكون المضرور مقدم الشكوى قد بقي في اقامة الاسرة ،فاذا تخلى هو بدوره عن البقاء به أو هجره فلا يحق له تقديم الشكوى والحكمة من هذا النص هو الابقاء على الروابط الأسرية وعدم انحلالها( ).
3-جريمة الامتناع عن النفقة : وتثبت هذه الجريمة بتحرير محضر امتناع عن الدفع ضد الزوج , وهذا بعد منحه المهلة القانونية المحددة بشهرين من التبليغ بالحكم القاضي عليه بدفع مبالغ النفقة ( ), وسوء النية مفترض في جنحة عدم تسديد النفقة كما تبين ذلك في الفقرة الثانية في المادة 331 ق ع ج وكما يبدوا هنا فان عبء الإثبات لا يقع على عاتق النيابة العامة وانما يتعين على المتهم إثبات انه لم يكن سيئ النية ( ) .
وقد اعتبر القانون في هذه الحالة سحب الشكوى أو التنازل عنها من طرف الزوجة لا يجدي نفعا أي لا يبطل المتابعة وذلك يكون السحب لا يوقف المتابعة الا اذا كانت الشكوى شرطا لازما لتحريك الدعوى العمومية ( ).
ويثبت الامتناع بتوافر حكم قضائي نهائي نافذ , مع وجود محضر التبليغ المقدم من طرف المحضر القضائي , ووجود محضر الامتناع في الدفع والمحرر من طرف المحضر القضائي وبمجرد توفر كل هذه الوثائق يكون على المحكوم له بالنفقة ان يتقدم بالشكاية أمام النيابة العامة التي تحرك بدورها الدعوى العمومية ضده وبالتالي تكون هذه الوثائق دليل إثبات الامتناع ( ) .
4-جرائم خطف القصر و إبعادهم : في حالة زواج التي لم تبلغ سن الثامنة عشرة في خطفها , فانه وبموجب نص المادة 326 من ق ع ج لا يمكن اتخاذ أي إجراء لمتابعة من طرف النيابة العامة الا بعد تقديم شكوى من الأشخاص الذين لهم الصفة في طلب ابطال عقد الزواج ( ).
5- جرائم السرقة واخفاء الأشياء المسروقة والنص وخيانة الأمانة ما بين الأقارب حتى الدرجة الرابعة: وبموجب المادة 369 ق ع ج التي تم تعميمها على المواد 373 و 377 و 389 ق ع ج حيث ان الدعوى العمومية التي تقام بسبب الجريمة التي يرتكبها أحد القارب من الحواشي والأصهار حتى الدرجة الرابعة يجب أن تكون بناء على شكوى من المجني عليه . والتناول عن الشكوى في هذه الحالة يقضي بوقف اجراءات المتابعة ( ).
-لقد كانت غايتنا من الحديث عن النقاط السابقة و أن القانون اسرة له علاقة وطيدة بالعديد من القوانين الأخرى , وعلى رأسها قانون العقوبات وقانون الاجراءات الجزائية.
ولذلك فان تدخل النيابة العامة في جميع قضايا الأسرة ( ). كطرف أصلي بموجب المادة 03 مكرر من المشروع لن يكون اعتباطيا وانما تحكمه مجموعة من القيود والضوابط التي لا يمكن لنيابة العامة لخروج عنها.
وذلك ما تجسد بالفعل في الأمر الرئاسي رقم 05-02 المؤرخ في 27 فيفري 2005 حيث فعل المشرع دور النيابة العامة خاصة في المواد 22 المتعلقة بسعي النيابة العامة لتسجيل حكم تثبيت هذا الزواج في الحالة المدنية بسعي من النيابة العامة وهذا طبعا إضافة إلى كونها طرفا أصليا في جميع القضايا المتعلقة بالأسرة.
إضافة إلى ذلك ان النيابة العامة هي التي تشرف على دائرة الاحوال المدنية في الأصل , غير أن القانون لم يصرح بذلك فيما سبق , والمادة 03 مكرر من الأمر الرئاسي 05-02 ما هي الا مادة كاشفة لدور كان منوط بها في الأصل , وتفصيلا لهذا الدور أوجب المشرع على النيابة العامة أن تكون طرفا أصليا في جميع قضايا الأسرة , ولكنه لم يشترط حضورها في الجلسة , وهذا راجع أساس
إلى أن حضورها في في الجلسة لن يجدي نفعا , وأيضا لأن ملف الدعوى يمر على مكتب النيابة العامة , وتضع هي أيضا طلباتها ضمن الملف ان كانت لما طلبات , وتؤشر عليه بالموافقة وعن طريق هذا الاجراء سيكون اسمها واردا على الأحكام الصادرة في غرفة الأحوال الشخصية وذلك طبقا مع اسم قاضي الجلسة وكاتب ضبط الجلسة.
وما يمكن قوله أن دور النيابة العامة يختلف حسب طبيعة الدعوى . فمثلا في دعاوي الطلاق بالارادة المنفردة أو الخلع سيكون دورها حياديا تماما . تحرص فيه على تطبيق القانون فقط , وذلك حتى تتمكن من اثبات وافقه الطلاق , وتجيله في سجلات الحالة المدنية , لأن الحكم بالطلاق وحده ليس كافيا بل وجب تسجيل هذا الحكم في سجلات الحالة المدنية , ومثال ذلك المرآة التي تحصل على حكم الطلاق لا يمكن لها تسجيل عقد الزواج الجديد الا اذا كان هذا الحكم مسجل في دائرة الأحوال المدنية. أما في دعاوي اثبات الزواج أو اثبات النسب قمنا النيابة العامة تجري تحقيقاتها بخصوص هذه الوقائع ويمكن لها معارضة إثبات ذلك الزواج أو النسب اذا ما رات أن هناك تحايل على القانون و الشرع من قبل الأطراف.
ونشير في الخير أن النيابة العامة لا تحظر جلسات الصلح لأن هذه الجلسة تعتبر سرية يحضرها الأطراف والقاضي فقط كما وانهالا تتدخل في السلطة التقديرية لقاضي الأحوال الشخصية لانها سلطة منحه اياه القانون اما فيما يخص طريقة تبليغ النيابة العامة فتكون عن طريق المحضر القضائي لأنها طرف أصلي في الدعوى و ليس عن طريق كاتب الضبط الذي نصت عليه المادة 141 ق إ م.
ثانيا : الخطبة و الزواج بين قانون الأسرة و المشروع التمهيدي : سنتحدث في هذه النقطة عن الخطبة باعتبارها مرحلة تمهيدية سابقة على عقد الزواج حيث نناقش فيها أهم ما طرأ عليها من تعديلات ونتحدث أيضا عن عقد الزواج من حيث الرضائية فيه كما سنتناول بالتفصيل مسألة تعدد الزوجات واهلية الزواج.
ثانيا : الخطبة بين قانون الأسرة والمشروع التمهيدي : أ-طبقا للمادة 05 من ق أ ج فان الخطبة وعد بالزواج , والعدول هو حق مقرر لطرفين كما أشارت نفس المادة إلى الأضرار المترتبة عن العدول ومسألة جوازية التعويض عنها – وعلى اعتبار أن الخطبة مرحلة سابقة على العقد فقد يرافقها تبادل الهدايا بين الطرفين , ومن ثمة إمكانية استرجاع هذه الهدايا , اذا حدث عدول من أحد الطرفين اذ نجد المشرع الجزائري سوى بين الطرفين في مسألة , ارجاع الهدايا فايهما عدل عن الخطبة لا أحقية له فيها أهدي له ( ).
وما يلاحظ على نص المادة 05 ق ا ج أن المشرع الجزائري , قد اتفق مع قواعد الشرع في أن الخطبة وعد بالزواج , ومن هذا المنطلق فان مجرد للعدول لا يكون سببا لتعويض الا اذا اقترن هذا العدول بضرر مادي أو معنوي.
وبذلك يكون المشرع قد ساير العصر وأعطى حكما ظلت الشريعة الاسلامية في عهودها الأولى مستغنية عنه لنزاهة تصرفات الأولين , كما أنه سد الفراغ الذي كان موجودا في القانون المدني الذي لم ينص على التعويض عن الضرر المعنوي ( ).
غير أنه ما يؤخذ على المشرع الجزائري في مسألة التعويض حينما جعله امرا جوازيا خاضعا للسلطة التقديرية للقاضي , فاذا سلمنا بالاختصاص للقاضي بتقدير التعويض المادي على أساس أنه واقعة مادية ملموسة ويمكن اثباتها بسهولة , فكيف يمكن للقاضي تقدير التعويض المعنوي كحالة تفويت الفرصة على المخطوبة .
كما أن النص القانوني اتفق مع الشرع في مسألة عدم استرداد الخاطب لهدياه ان كان العدول منه وكذا الحال بالنسبة للمخطوبة _ لكن ما يؤخذ عليه انه لم يتطرق إلى الصداق واسترجاعه , اذا ما تصرفت به المخطوبة قصد تهيئة نفسها للزواج.
بمقارنة نص المادة 05 من ق أ ج مع ما جاء في نص المشروع التمهيدي فان المادة 05 منه لم تحدث تغير قانوني بارز باستثناء انها اضافت حكما جديدا على الخاطب برد ما لم يستهلك من الهدايا المقدمة له , أو قيمتها , وهذا ليس بالجديد الذي يذكر وهذا راجع إلى أن الصرف يقضي على الطرفين برد ما لم يستهلك , من الهدايا في حالة عدول احدهما. بالنظر إلى المادة 06 ق أ ج نجد المشرع جعل لكل من الخطبة المفترضة بالفاتحة و الخطبة من دون فاتحة نفس القيمة القانونية وعلى هذا الأساس جاءت الاجتهادات القضائية الصادرة في المحكمة العليا . حيث تحدثت عن الخطيبة المفترقة بالفاتحة التي يأخذ بها على سبيل التبرك فقط , وهذا ما قال به المشرع السوري في المادة الثانية من قانون الأسرة السوري ( ), والمادة الثالثة من القانون الأردني ( ). زقد أصاب امشرع في نص المشروع التمهيدي عند صياغته للمادة 06 من المشروع حيث نص بصريح العارة أن الفاتحة المفترضة بالخطوبة لا تعد زواجا , وانه ما يعتبر زواجا الخطبة الفاتحة المقترفة بمجلس العقد متى توافرت اركان العقد وشروطه المنصوص عليها في المادة 09 و 09 مكرر من المشروع التمهيدي( ). وكان هذا تكريسا للاجتهاد القضائي الصادر في المحكمة العليا خصوصا في قرارها رقم 811 بتاريخ 17-03-1992 ( ).
الا أنه وان كان هناك ما يؤخذ على المشروع التمهيدي لقانون الأسرة فانه لم يلبي ما كنا ننتظره بخصوص تجديد المدة الزمنية للخطبية وهذا راجع إلى كون ترك المدة المفتوحة على اطلاقها يلحق الضرر الأكيد بالطرفين وعلى الخصوص المخطوبة التي تركت معلقة لمدة طويلة ثم يعدل الخاطب وبذلك يكون قد فوت عليها الفرصة سواء في الزواج من آخر أو ممارسة عملها أو انهاء دراستها أن
كان الخاطب اشترط ذلك ونستدل بالمشرع السوري في المادة 42 التي حدد فيها المدة القانونية للخطبة بقوله<< اذا لم يجر العقد خلال 06 أشهر يعتبر الإذن ملغى >> وكنا نأمل أن يأخذ المشرع الجزائري بهذه الفكرة مع تحديد مدة زمنية معقولة تتناسب مع طبيعة وظروف المجتمع الجزائري.
ثالثا : الأهلية وتعدد الزوجات بين قانون الأسرة والمشروع التمهيدي: نتناول هذا النقطة الحديث على الزواج بما فيه من أهلية زواج والتعدد لكن قبل التطرق لأي نقطة في هذا المجال وجب الإشارة إلى المادة 04 من ق ا ج إلى عرفت عقد الزواج على أنه عقد يتم بين رجل و امرأة على الوجه الشرعي وأثر هذا العقد في بناء الأسرة وتكوينها على أساس المودة والرحمة , إضافة إلى أنه عقد يضمن لنا إحصان الزوجين وحفظ الأنساب ( ).
وظاهر هذه المادة أن المشرع سوى بين الرجل والمراة بوضعهما أطرفا في العقد ولم يجعل المرأة محلا فيه الا أن هذا لا يجنب المشرع الجزائري من الوقوع في بعض النقائص التي اعترث وصفه القانوني للزواج باعتباره عقدا ولذا وجب أن نضع هذه المادة في قالب نقدي , المعرفة الثغرات التي وقع فيها المشرع , والتي كان اولها محاولة تعريف عقد الزواج على أساس أهدافه و أغراضه , خاصة وان التعريف ليس من اختصاص المشرع بل هو اختصاص معقود للنفقة , كما أن المشرع جعل عقد الزواج كباقي العقود , الأخرى حينما قال بأنه << هو عقد يتم بين رجل وامرأة على الوجه الشرعي ..>> فيمكن أن يكون هذا العقد تجاريا او عقد فرص أو هبة ولأنه لم يلم بخصائص عقد الزواج في هذا التعريف.( )
ومن خلال المشروع التمهيدي نرى أن المشرع تدارك بعض النقائص بان اعاد تعريف عقد الزواج بإضافة كلمة واحدة تمثلت في رضائي حيث جاءت كما يلي : << الزواج هو عقد رضائي يتم بين رجل وامراة...>> م 04 من المشروع التمهيدي ,وهو ما تم اعتماده في الامر رقم 05-02 المعدل والمتمم لقانون الأسرة . وقد ابرز المشرع ذلك في بيان الأسباب بان العقد يقوم اساسا على رضا الزوجين الذي يتحقق باقنران الايجاب والققبول , وفقا للأحكام العامة للعقد وان كان المشرع قد اصاب في ذلك الا أن هذا التعريف
لم يغط النقائص . اذا لم يشير إلى خصائص العقد في هذا التعريف بل ركز على أهدافه واغراضه دون الاحاطة بالمعنى الشرعي لعقد الزواج من حيث هو يفيد حل استماع فعلى عكس ما ذهب اليه المشرع السوري في تعريفه لعقد الزواج في المادة 01 التي تنص <<عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعا غايته انشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل >> كما أن العديد من الفقهاء سعوا إلى أعطاء هذا العقد تعريف بتكامل فيه المعنى الشعري وللقانوني بعقد الزواج , ومن بين التعريفات التي ناحجها الفقهاء <<هو عقد , وصفه المشرع بين رجل وامرأة تحل له شرعا يخولها حق الاستمتاع المتبادل لينفرد به دون أن ننفرد به >>( ).
1-الأهلية في الزواج : قد جاءت على ذكرها المادة 07 ق أ ج , حيث نصت على أهلية الزواج بالنسبة للرجل هي 21 سنة والمرأة 18 سنة واعطت صلاحية الترخيص بالنسبة للقاضي في زواج القاصرة و القاصر اذا كانت هناك مصلحة أو ضرورة.
وما يلاحظ على نص المادة عند تحديده لسن أهلية الزواج قد خالف قواعد القانون المدني حيث نص هذا الأخير على أن سن الرشد في المادة 40 هو , 19 سنة كاملة في المادة 7 من ق أ ج مع سن الرشد المدني م 40 ق م ج ( ).
وبالحديث عن أهلية الآداء نجد أنها تندرج بتدرج السن ونتأثر به فتمر بعدة مراحل من حياة الانسان , قبل أن يبلغها فهو عديم الأهلية , عندما يكون في نظر القانون عديم التميير ثم بعد , ذلك يبلغ من التميز , ثم يصبح ذا تأهيل كاف , عندما يبلغ سن الرشد المدني وهو 19 سنة كاملة .
وقد جعل المشرع الجزائري سن أهليية الزواج بالنسبة للمرأة 18 سنة ورفع سن أهلية الزواج بالنسبة إلى الرجل 21 سنة ( ).
وهنا يتبادر إلى أذهاننا سؤال وهو لماذا لم يتعد سن أهلية الزواج في المادة 07 ق أ مع سن الرشد المدني في المادة 40 ق م , فهذا الأخير منح الشاب الذي بلغ سن الرشد المدني بأن يمارس جميع حقوقه المدنية والسياسية والقيام بتصرفات مالية وابرام العقود فعلى أي أساس تمنعه المادة 07 ق أ ج , من ابرام عقد الزواج لعدم اكتمال أهليته , فقد كان عليه توحيد السن لتفادي التناقص الموجودة , وهذا فعلا ما كان في نص المادة 07 من المشروع التمهيدي , حيث قام برفع سن المرأة إلى 19 سنة وتخفيض من أهلية الزواج الرجل إلى 19 سنة وهذا ما تضمنه أيضا بيان الأسباب لورود المادة على هذه الصيغة.
كما أشار المشرع للقاصر الذي لم يبلغ 19 سنة كاملة بعد تأكد القاضي من قدرتهما على ذلك , مع اكتساب ذلك القاصر أهلية التقاضي من كل ما يتعلق بآثار عقد الزواج ويعتبر ذلك ترشيدا بقوة القانون, الا أن هذا الترشيد يرتبط بعقد الزواج فقط.
وما جاء في النص المعدل و الأمر (05-02) يمكن اعتباره نقطة اجابية غير أنه وعند حديثه عن ترشيد القاصر و السماح له بالزواج , كان ينبغي على المشرع أن يحدد السن الأدنى للزواج , حيث لا يسمح لأقل من ذلك السن بالزواج مهما كان السبب الداعي لذلك ( ).
وهذا ما أخذت به جميع التشريعات العربية عموما ومنها القانون الأردني واذا تنص المادة 05 من قانون الأحوال لشخصية الأردني على << ...الا أنه يجوز للقاضي أن يأن بالزواج من لم يتم منهما هذا السن اذا كان قد أكمل 15 سنة من عمره وكان في مثل هذا الزواج مصلحة ...>> كما نصت المادة 06 من نفس القانون << للقاضي عند طلب حق تزويج البكر التي أتمت 15 سنة من عمرها من الكفء في حال عضل الولي من غير الأب او الجد من الأولياء ...؟
ونصت المادة 18 من القانون السوري للأحوال الشخصية على أنه << اذا ادعى لمراهق البلوغ بعد اكماله الخامسة عشرة أو المراهقة بعد اكمالها الثالثة عشرة وطلبا الزواج بأذن به القاضي اذا تبين له صدق دعواهما واحمال جسميهما >>. وكان على المشرع الجزائري أن يحدد السن الأدنى لاهلية الزواج وذلك حماية الفتاة القاصرة والشاب القاصر.
2-تعدد الزوجات: يقول المولى عز وجل في محكم تنزيله << فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع , فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو مالكت ايمانكم >>من خلال الآية ( ) . جاءت أحكام المادة 8 ق أ متماشية مع مقصد الشرع حيث أباح نص المادة تعدد الزوجات ( ) وهذا في حدود ما اشترطه المشرع من قيود وهي الا بتجاوز العدد ما حددته الشريعة الاسلامية بالأربعة نساء. وأن يكون لدى الشخص مبرر شرعي ( ) إضافة إلى توفر نية العدل لدى الزوج ,كما يجب أن تعلم كل من الزوجة السابقة واللاحقة بالتعدد و الا كان ذلك تدليس من جانب الزوج ولزوجة المطالبة بالتطليق في حالة عدم رضائها ( ) .
ومن تحليل مضمون نص المادة أعلاه نستخلص أن المشرع الجزائري قد أصاب عندما نص على التعدد بموجب المادة 8 ق أ عضو بذلك بحفظ لنا ثلاثة مبادئ هامة أولها الإبقاء على نظام التعدد كما حددته الشريعة الإسلامية والمبدأ الثاني يتضمن وضع شروط لحماية هذا المبدأ وثالثا فهو يتعلق بما يمكن القيام به عند مخالفة هذه الشروط وان كان يعاب على المشرع الجزائري في المقابل انه بموجب
المادة 08 ق أ ج , اشترط لممارسة التعدد ضرورة نية العدل على الرغم من أن النية تدخل في مكامن النفس البشرية التي لا يمكن الاطلاع عليها كما اشترط وجوب اخبار الزوجة السابقة واللاحقة دون أن يبقى الاجراءات التي يجب أيناعها لايصال الخبر إلى الزوجين ( ).
وبالاطلاع على نص المشروع التمهيدي و الأمر ( 05 , 02 ) المعدل والمتمم لقانون الأسرة نلاحظ أنه أضاف طرحا جديدا يتمثل في ضرورة طلب ترخيص بالزواج الجديد من رئيس المحكمة لمسكن الزوجية ويبقى على هذا الخير التأكد من موافقتهما أو موافقتهن متى توافرت الشروط التي سبق وذكرناها وظاهر نص المشروع التمهيدي والأمر (05 – 02 ) من خلال قراءة بيان السباب أنه اراد توفير حماية قانونية سواء للزوجة السابقة أو اللاحقة من خلال تلك الشروط والقيود التي فرضها المشرع من أجل التضييق في اللجوء إلى تعدد الزوجات .
كما نص المشرع فصل في مسألة التدليس المرتكب من الزوج والذي يكون سببا لاعطاء كل زوجة الحق في رفع دعوى قضائية ومطالبة الزوج بالتطليق وهذا بموجب المادة 08 مكرر من الأمر (05-02) المعدلة والمتمم لقانون الأسرة وهذا حماية لكل زوجة تقع تحت الاضطهاد او تلاعبات الصادرة من الزوج كما رتب الأمر (05-02) بموجب المادة 08 مكرر جزاء في حالة تخلف شرط الترخيص من القاضي بتقرير الفسيح للزواج قبل الدخول و ظاهر للنص انه أراد تثمين هذا الاجاء كما أنه تبرر الفسخ قبل الدخول وليس بعده حفاظا على كيان اسرة قد تنشأ بهذا الدخول .
غير أن الأمر (05-02) تصدى إلى هذه الجوانب الاجرائية الجديدة الا أنه لم يتصدى إلى الاشكاليات التي سبق وطرحها قانون الأسرة الحالي . بل أضاف طرحا قد يدفع إلى القول بأن اشتراط الاذن من القاضي أو الترخيص بالزواج الجديد يجعل القاضي أعلم وأدرى بمصالح الناس وحاجاتهم من أنفسهم فقد تكون مبررات التعدد مبنية على مكامن نفسية الشخص لا يمكن استدلالها من الوقائع المعروضة بين يدي القاضي والا بناءا على سلطته التقديرية , كما أن اعطاء هذه الرقابة للقاضي على من يريد التعدد لا طائل من ورائها خاصة وأنه قنن الزواج العرفي في المادة 22 عندما قال <<...وفي حالة عدم تسجيله يثبت بحكم قضائي ...>> فان رفض القاضي السماح له بالزواج فسيلجأ ثانيا إلى الزواج
العرفي وبالتالي يضع كل من القاضي و الزوجة الأولى أمام الأمر الواقع ويصبح لديه حق في تثبيت ذلك الزواج بقوة القانون , كما أن الاحتجاج بمسألة عدم العدل والجور عند الرجل لا يمكن معرفتها ولا التأكد منها لأنهما من المسائل المستقبلية ولا يمكن الحكم عليه مسبق ( )
المطلب الثاني : أركان الزواج و شروطه بين قانون الأسرة و المشروع التمهيدي قد نص المشرع الجزائري على أركان الزواج في المادة 9 من قانون الأسرة حيث قال بأنه " عقد يتم برضا الزوجين ، و لي الزوجة و شاهدين ، و صداق " يتضح لنا من خلال هذا النص أن المشرع جعل لعقد الزواج أربعة أركان .
و على هذا الأساس فإن الركن يعرف على أنه " ما يتوقف وجود الشيء على وجوده و هو جزء و حقيقته كقراءة الفاتحة في الصلاة ، و الركوع فيها ، فالصلاة تنعدم بإنعدام أحدهما "( ) من هذا المعنى نستنتج بأن تخلف ركن ينتج عنه بطلان العقد .
و بقراءة نص المادة 33 ق أج فإن المشرع جعل لعقد الزواج ركن واحد و هو الرضا ، و نزل ببقية الأركان الأخرى إلى مرتبة الشروط ، و الشرط هنا يعرف على أنه " ما يتوقف وجود الشيء على وجوده ، و هو ليس جزء من حقيقته و مثاله الوضوء للصلاة ، فهو شرط لصحتها و هي تنعدم لإنعدامه ، و هو خارج عن حقيقتها "( ).
و من هذا المنطلق فإنه يوجد تناقض واضح بين المادة 9 و المادة 33 ق أ ج حينما جعل الولي و الصداق و الشاهدين أركانا في المادة 9 ثم عاد و نزل بهما منزلة الشروط في المادة 33.
فلو أخذنا الولي كركن من أركان العقد على سبيل المثال فبموجب نص المادة 9 من هذا القانون هو ركن و بالتالي يعتبر جزءا أساسيا في تكوين العقد ، فيكون تخلف الولي بناءا على هذا الإعتبار مؤثرا على وجود العقد و يعرضه للبطلان –نفس الكلام يقال على الصداق و الشهود – و هذا ما يوافق
الحديث الشريف " إيما إمرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ....فإذا دخل بها فلها المهر بما إستحل من فرجها فإن إشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له "
ولكن المشرع الجزائري قرر خلاف ما يؤدي إليه منطق المادة 9 عندما نص في المادة 32 على أنه " يفسخ النكاح إذا إختل أحد أركانه ....." و جاء في المادة 33 بفصل الأركان التي تؤدي إلى الفسخ مع أن الفسخ لايرد إلا على العقود التامة فيكون المشرع الجزائري قد رتب بنتائج مخالفة لمقدماتها و هذا ما يؤدي إلى الملاحظتان:
1-أن المشرع نص على الولي ركن من أركان العقد في المادة 9 مما يقتضي ترتيب البطلان على العقد الذي تخلف فيه الولي ثم يعود إلى اعتباره سببا لفسخ العقد في المادة 33 ق ا ج .
2-إن القول بفسخ العقد عند تخلف ركن من أركان العقد دون ذكر الرضا كركن من هذه الأركان يدفع إلى القول بأن الولي شرط صحة ، أما الرضا فهو شرط إنعقاد و لا ترتقي إلى درجة باقي الأركان إلا إذا كانت إثنين إثنين " الشهود و الولي ، أو الصداق و الولي ، أو الشهود او الصداق ".
و خلاصة القول ان المشرع الذي رتب الفسخ على تخلف الولي في العقد يكون قد إعتبره شرط صحة فقط و ما قيل عن الولي يقال عن الشهود و الصداق كأركان لعقد الزواج بموجب المادة 9 من قانون الأسرة .( )
المشرع الجزائري تدارك ذلك التناقض في نص المشروع التمهيدي فقام بتعديل المادة 9 من ق أ ج بالمادة 9 من المشروع التمهيدي التي نصت على أن يتم عقد الزواج بتبادل رضا الزوجين ثم تم بالمادة 9 مكرر و حدد فيها شروط الزواج الواجب توافرها ليقوم الزواج صحيحا ، و هي أهلية الزواج ، الصداق ن الولي بالنسبة للقاصر شاهدين إنتقاء الموانع الشرعية .
أما ما تم إقراره قي الأمر (05/02) المعدل و المتمم لقانون الأسرة كما يلي في المادة 9 مكرر "... اهلية الزواج ، الصداق ، الولي ، شاهدين ، إنعدام الموانع الشرعية لزواج ." و بما انه سبق و تناولنا أهلية الزواج في م 07 من المشروع و إنتقاء الموانع الشرعية سيتم الحديث عنها في المطلب الموالي فسنقتصر الدراسة على الصداق و الولي لما ثار حولهما من جدل .
أولا : الصداق الصداق هو المال الذي يدفعه الرجل للمرأة تعبيرا عن رغبته في الإقتران بها ، و عرفه قانون الأسرة الجزائري ما يدفع نحلة للزوجة من نقود او غيرها من كل ما هو مباح شرعا و دليل شرعيته قوله تعالى " و آتوا النساء صدقاتهن نحلة " ( ) و لكن الإشكال ليس في الصداق في حد ذاته و إنما الإشكال يقع عندما يسكت الزوج و ولي الزوجة عن ذكر الصداق أثناء العقد أو في الفترة الواقعة قبل الدخول ( ).
و بما ان المشروع التمهيدي جاء بالمادة 15 التي تحدث فيها الفقرة الثانية عن حالة عدم تحديد قيمة الصداق و هو ما تم إقراره في الامر 05-02 المعدل و المتمم لقانون الأسرة حيث ان الزوجة تستحق صداق المثل و من هذا المنطلق يتحدد صداق المثل بالقيمة التي تزوجت بها إمراة أخرى من اهلها بحيث تقاس بأختها فإن لم توجد فإنة عمها فإن لم توجد فالنظر إلى من تماثلها في العائلة أو القرابة و يدخل في الإعتبار عند البحث عن مثيلاتها كل عنصر في المرأة يمثل خاصية من خصائصها كالجمال و الصحة و المهنة و البكارة و الثقافة ...( )
و يأخذ بعين الإعتبار الجهاز بما فيه من لباس و ذهب و نقود و يدخل في تكوين الصداق حتى و لو لم يعطى له هذا الوصف من قبل الزوجين أو من ينوب عنهما و ذلك لأن ما يجري به العرف يصبح كالمسمى. و قد تعارف الناس عندنا أن يقع الإتفاق على مبلغ من النقود الذي يتراوح بين الحد الأدنى
و الأقصى لكسوة المرأة و عندما يقع الإتفاق يسلم إلى ولي الزوجة أو المكلف بقبض المهر مع تحديد نوع الملابس و نوع الذهب و شكله . و يشترط في تحديد مهر المثل ما يلي : 1-أن يخلو العقد من تسمية المهر و تحديد عند من يراه أثرا من أثار العقد أما عند المشرع الجزائري فهذا الشرط يتكون من أمرين أساسيين هما : أ-خلو العقد من تسمية الصداق أو تحديده ب-ان يحصل دخول بالزوجة بناءا على هذا العقد الفاسد
2-أن يسمى المهر في العقد تسمية فاسدة او مبهمة و تكون التسمية فاحشة إذا كان المهر شيئا أو حيوانا دون تحديد لنوعه و جنسه و سنه كان يقول " أتزوج فلانة على مهر قدره حيوان و يسكت " ففي تسمية مجهولة جهالة فاحشة يجب إهمالها و الحكم بصداق المثل لأن التسمية مبهمة ( )
ثانيا : الولاية في عقد الزواج لم يثر الجدل على الساحة الإجتماعية بخصوص قانون الأسرة بقدر ما ثار حول إشكالية حضور الولي في العقد بالنسبة للمرأة الراشدة فقد إشترط نص المشروع التمهيدي الصادر بجريدة الشروق (2) وجود الولي بالنسبة للقاصر فقط , و هذا في المادة 9 مكرر و نص في المادة 11 منه على أنه " الولاية حق للمراة الراشدة تمارسه بنفسها أو تفوض أبيها أو لأحد أقاربها مع مراعاة احكام الفقرة 2 من م 7 من هذا القانون و يتولى زواج القاصر وليه و هو الأب فأحد الأقارب الأولين و القاضي ولي لمن لا ولي له ."
بموجب المادة 11 جعلت الولاية حق للمرأة الراشدة تمارسها بنفسها أو تفوضه لوالدها او أحد الأقارب فالمسألة متروكة لإخيار المراة في حين يبقى الولي شرطا ضروريا في تزويج القصر و تحيل هذه المادة على المادة التي تنص على أن القاضي هو الذي يرخص بتزويج القصر ( )
و ما يمكن قوله بهذا الصدد فإن المشرع قد ألغى دور الولي في زواج المرأة الراشدة متبعا في ذلك مذهب الأحناف غير أنه ما ثبت عن أبي حنيفة رحمه الله بالدليل القاطع أنه لم يلغ حق الولي عندما لم يشترطه في زواج المرأة البالغة كما إشترطه الجمهور فقد أعطاه حق إيقاف العقد إذا لم يكن الزواج كفاءا و نوسع في الخصال التي تدخل في الكفاءة ، كما اعطاه الحق في المطالبة بفسخ العقد إذا كان مهر المثل ، فالجمهور جعلوا الولاية شرط صحة النكاح و لم يجيزوا للمرأة الانفراد بتزويج نفسها أبدا بينما أعطى الإمام أبوحنيفة المرأة الحق في تزويج نفسها و لكنه جعل للولي الحق في إيقاف العقد إذا لم يكن الزوج كفءا. و الكفاءة عند الحنفية ستة أمور هي النسب، الإسلام، الحرية، المال، الديانة، والحرفة . و هو أوسع المذاهب الأربعة في الكفاءة لأن الإمام أبى حنيفة عند اطلاقه لحرية المرأة في ازواج إحتاط للولي بالتوسع في معن الكفاءة و التشدد في إشتراطها لكي لا تسيء المراة إستعمال حقها في الزواج ( ).
هذه كانت نضرة الإمام ابو حنيفة على عكس المشرع الجزائري في هذه المادة فقط حذف دور الولي تماما بقرار من المراة إذا إحتفظت بالولاية لنفسها كما لم تنص أي مادة اخرى على حق الولي في الإعتراض على ذلك الزواج على عكس قانون الاسرة الساري المفعول الذي أسهب في الحديث عن الولاية من م 11 إلى م 13 ق أ ج فأشترط حضور الولي في عقد الزواج و منعه بموجب المادة 12 من عضل من في ولايته في أن تتزوج بمن رغبت فيه و بالتالي فنصوص المواد من 11 إلى 13 هي تتفق مع ما جاء في الشرع إذ لا يجوز تزويج المرأة من غير إذنها ، و لا يعني إشراط إذنها أن الولي غير لازم في نكاحها ، فالصواب القول بوجوب إتفاق إرادتها مع إرادة وليها في الزواج ( ). و عدم جواز إجبار الولي المرأة على الزواج بمن لا تريده و كما لا يجوز له إجبارها على الزواج فلا يجوز له أيضا عضلها م 12و 13 ق أ ج ، و العضل هو منع الولي موليته من الزواج و في ذلك يقول عز وجل " و إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " ( ).
فإذا ارتضت المرأة رجلا و كان كفاءا فليس لوليها منعها من الزواج به و في حالة العضل هذه فإن الولاية تنتقل عن الولي إلى غيره و بموجب المادة 12 وقع العضل فالقاضي بأذن بالزواج .
و من خلال النصوص الواردة في قانون الأسرة نجد أن المشرع كفل للمرأة الحماية الكاملة في حالة عضل وليها لها و ذلك برفع دعوى في القسم الإستعجالي تطالب فيها بمنحها الإذن في الزواج بمن هو كفىء لها إن رغبت فيه (1) فكان لا داعي من رفع قيد الولاية في المشروع التمهيدي ، بل كان من الواجب تفعيل نصوص المواد من 12 إلى 13 من ق أ ج.
و كما قلنا سابقا عن الجدل الذي ثار حول إشكالية الولي بين حضوره و تغييبه و المعارضة الشديدة التي واجهها هذا البند بالذات من اوساط المجتمع فقد تقرر في إجتماع لمجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية و ذلك بموجب الامر الرئاسي رقم 05/02 المتضمن للقانون المعدل و المتمم لقانون الأسرة رقم 84/11 الصادر في 9 يونيو 1984 إلغاء الشرط الولي للقاصر و أصبح الشرط هو حضور الولي سواء بالنسبة القاصرة او الراشدة ، كما تم إلغاء المادة 11 من المشروع و تعويضها بالمادة 11 من الامر و التي تنص على " تعقد المراة الراشدة زواجها بحضور ولييها و هو أبوها أو أحد أقاربها أو شخص آخر تختاره ...." نلاحظ أن نص المادة قد حتم حضور الولي في عقد الزواج و لكن هذا الولي تختاره المرأة بإرادتها الكاملة و بموجب هذه المادة و يمكن القول في هذه الحالة أن ورود المادة 11 بهذه الصفة يجعل شرط الولاية و كأن لم يكن إذ انه من الاكيد أن المراة تختار الولي الذي يشاطرها الراي و ليس الولي الذي يخالفها الراي و إن كان رأيه صحيحا و هذا ما يجعله يشبه إلى حد كبير رفع قيد الولي عنها و ذلك و في كل الأحوال ستتزوج بالشخص الذي رغبت فيه و لا يمكن لوليها أن يمنعها لأنه في حالة المنع ستختار وليا غيره .
كما تم الاحتفاظ بنص المادة 13 و إلغاء المادة 12 حيث جاءت المادة 13 من الامر الر ئاسي على النحو التالي " لا يجوز للولي أبا كان او غيره ان يجبر القاصرة التي هي في ولايته على الزواج و لا يجوز له تزويجها بدون موافقتها " و قد جاء نص المادة خاصا بالفتاة القاصرة و إستثنى الراشدة لانه يمكن ان تختار وليا غيره كما سبق و بيينا أما القاصرة التي مازلت تحت سلطة الولاية فلا يمكن ان
تتزوج بدون وليها و هو ابوها أو جدها أو أحد أقاربها الذين لهم سلطة ولائية عليها بعد الأب و الجد . كم لا يمكن لوليها او غيره ان يزوجها بدون موافقتها أو يجبرها على الزواج بمن لا ترغب فيه و ما يمكن التعليق به في الاخير ان المادة 11 من الامر الرئاسي حملت نفس مضمون المادة 11 من المشروع و لكن بصياغة مغايرة فبدلا من أن ترفق قيد الولاية تماما عن المراة جعلت لها الحق في إختيار وليها ( )و هو ما يتنافى مع الشرع اولا ، و مع عادات و أعراف المجتمع ثانيا .
| |
|