المدير العـام شوقي نذير
الجنس : عدد المساهمات : 919 نقاط : 24925 السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 10/02/2010 الموقع : الجزائر تمنراست العمل/الترفيه : استاذ جامعي المزاج : ممتاز تعاليق :
| موضوع: تقنين الشريعة بين التحليل والتحريم الثلاثاء مارس 29 2011, 13:11 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله , والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد وآله وصحبه وبعد : فقد تصفَّحتُ ما كتبه الأخ الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري - وفقه الله - في موضوع تقنين الشريعة , تلك الفكرة التي ما زالَ النِّداءُ إليها يتكرَّرُ بينَ حينٍ وآخر , وقد ذكرَ - وفقه الله - ما يراه الدُّعاة إلى هذه الفكرة مِن مُبرِّراتٍ وردَّ عليها , وخلُصَ إلى أنَّ هذا العمل لا يجوز , وقد سبَقَهُ إلى القول بعدم جوازه كثيرٌ من العلماء في هذه البلاد وفي غيرها , فجزاه الله خيراً على ما بيَّن ووضَّح . وهدى الله من استساغ هذه الفكرة إلى الصواب . وصلى الله وسلَّم على نبيِّنا محمد وآله وصحبه . كتبه صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء في 19 / 9 / 1426هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الأخ الشيخ عبد الرحمن بن سعد بن علي الشثري كاتب العدل بالمدينة المنورة حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , وبعد :
فقد اطلعتُ على كتابكم الْمُسمَّى ( تقنين الشريعة بين التحليل والتحريم ) فوجدته مُفيداً لطالب الحقِّ في موضوعه , حريٌّ بالنشر بين الناس , ليستفيدَ منه الباحثُ عن الحقِّ , ولإقامة الْحُجَّةِ على غيره لعلَّه ينكفُّ عمَّا يدعو إليه من باطلٍ لَمْ يَرْضه علماءُ الشريعة قديماً وحديثاً . وفقكم الله , وسدَّدَ خطاكم , ونفعَ بكتابكم هذا , وبجميعِ كتاباتكم في الدَّعوةِ إلى الحقِّ وردِّ البدعة . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
مُحبُّكم أخوكم عبد الرحمن بن عبد الله العجلان الْمُدرِّس بالمسجد الحرام 8 / 8 / 1426هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربِّ العالمين , وصلَّى الله وسلَّم على عبده ورسوله نبيِّنا محمد , وبعد : فقد نظرتُ في هذه الورقاتِ التي كتبها فضيلة الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري وفقه الله في نظريةِ تقنينِ الشريعة , وعرَّف الموضوعَ , واختلاف مقاصد الداعينَ إليه . ومما يجبُ اعتقادُهُ واعتمادُهُ أنَّ شرعَ الله تعالى الحكيمِ العليمِ لا يجوزُ لأحدٍ أن يَستدركَ عليه , أو يَزعُمَ تعديلاً فيه , ومعلومٌ أنَّ معنى التقنين أن يجعل له موادَّ لا تُتجاوز , وهذا فيه قصورٌ عظيمٌ , مع ما يُفهم منه من التعديلِ أو الاستدراك , وغير ذلك . وقد عُلمَ أنَّ نصوصَ الشرع جوامع تجمعُ الأحكامَ الكثيرة التي تتَّسعُ لِما يقعُ من الناس من الحوادث إلى آخر الدنيا , وقد فَاوَتَ اللهُ جلَّ وعلا بينَ فُهومَ الناس , والتقنينُ يحصرُ القضاة وغيرهم في شيء معيَّن , وقد عُلِمَ حكمُ هذا العمل . نسألُ الله تعالى أن يَمنَّ على المسلمينَ بتحكيمِ شرعهِ , واتباعِ سنةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلَّم . كتبه عبدالله بن محمد الغنيمان تحريراً في 4 / 10 / 1426هـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ربِّ العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . وبعد : فقد اطلعتُ على هذه الرسالة التي جاءت بعنوان : ( تقنين الشريعة بينَ التحليل والتحريم ) والتي جمعها وكتبها الأخ الفاضل / عبدالرحمن بن سعد الشثري , وقد ألفيتها رسالة مختصرة جامعة لِما ينبغي التنبيه إليه حيال هذه المسألة التي أثارت لَغَطَاً ونقاشاً , وهي مسألة تحويل الأحكام الشرعية إلى مواد مُشابهة للقوانين الغربية في صياغتها وطرائقها , ومن ثمَّ سُمِّيت : تقنين الشريعة , والتي كتبَ عن خطورتها الكثير من العلماء . وقد أشارَ كاتبُ الرسالة إلى شيء من تاريخ المحاولات لتقنين الشريعة , ثمَّ أعقبَ ذلك ببيان شبهات الْمُجيزين لذلك ومناقشتها , ثمَّ ذكرَ بعض أقوال العلماء والأدلة على المنع من ذلك وعدم جوازه , مُبيِّناً آثار التقنين السيئة على الشريعة ذاتها وعلى القضاة وقضائهم . ونصيحتنا للأمة أن يتقوا الله في ذلك وأن لا يَبتلوا الأمة بهذا التقليد الغربي خضوعاً لضغوطه وهجومه على شريعتنا وديننا , كما ننصحُ من أُشرب الاعجاب بها ممن ينتسبُ إلى العلم أن لا يتعجَّلوا وأن يتأملوا الأمر وينظروا إلى سلبياته ومفاسده , ودرء المفسدة مُقدَّم على جلب المصلحة إن وُجدت أو توهَّمها مَن يدَّعيها , ونحنُ نخشى على مَن يقولُ بذلك ويُحبِّذه أن يكون ممن فتحَ على الأمة في دخول القوانين الوضعية بسبب ذلك كما وقع في بعض البلدان , والله المستعان . أسأل الله تعالى أن يُبارك في هذه الرسالة وأن ينفعَ بها , وأن يُجزلَ المثوبة لكاتبها , وصلى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . د . عبدالرحمن الصالح المحمود 18 / 9 / 1426هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله وحده , والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعده .
أمَّا بعد : فقد اطَّلعتُ على ما كتبه الشيخ عبد الرحمن بن سعد الشثري فيما يتعلَّق بقضيَّة تقنين الشريعة , فوجدته قد أجادَ وأفادَ , وقد بيَّنَ فسادَ الدعوة إلى ذلك بالأدلَّة من الكتاب والسنة , فجزاه الله تعالى خيراً , وبارك فيه . وكتب عبد الله بن عبد الرحمن آل سعد 5 / 9 / 1426
الْمُقدِّمة بسم الله الرحمن الرحيم الحمدُ لله الذي جعلَ في كلِّ زمانِ فترةٍ من الرُّسلِ , بقايا مِنْ أهلِ العلمِ يَدعُونَ مَنْ ضلَّ إلى الْهُدَى , ويَصبرونَ منهم على الأذى , يُحيونَ بكتابِ اللهِ الْموتى , ويُبصِّرونَ بنورِ الله أهلَ العَمَى , فكَمْ مِنْ قتيلٍ لإبليسَ قد أحيَوه , وكَمْ مِنْ ضالٍّ تائهٍ قد هَدَوْه , فما أحسنَ أثرَهم على الناسِ , وأقبحَ أثرَ الناسِ عليهم , يَنفُونَ عن كتابِ الله تحريفَ الغالين , وانتحالَ الْمُبطِلين , وتأويلَ الجاهلينَ , الذينَ عقدوا ألويةَ البدعِ , وأطلقوا عقالَ الفتنةِ , فهم مُختلفونَ في الكتاب , مُخالفونَ للكتابِ , مُجمِعونَ على مفارقةِ الكتاب , يقولونَ على اللهِ , وفي اللهِ , وفي كتابِ اللهِ بغيرِ علمٍ , يَتكلَّمونَ بالْمتشابِهِ من الكلامِ , ويَخدعونَ جُهَّالَ الناسِ بما يُشبِّهونَ عليهم , فنعوذُ بالله من فِتَنِ الضالين ( ) . والصلاةُ والسلامُ على عبدِالله ورسولِه القائلِ : ( إنَّ الله لا يَقبضُ العِلمَ انتزاعاً يَنتزِعُه مِنَ العبادِ , ولكنْ يَقبِضُ العِلمَ بقبضِ العلماءِ , حتَّى إذا لَمْ يُبْقِ عَالِمَاً اتَّخَذَ الناسُ رُؤساءَ جُهَّالاً , فَسُئِلُوا فأفتَوْا بغيرِ عِلْمٍ , فَضَلُّوا وأَضَلُّوا ) ( ) , والمَروِيِّ عنه صلى اللهُ عليه وسلمَ قولُه : ( يَرثُ هذا العِلمَ مِنْ كلِّ خَلَفٍ عُدولُه , يَنفُونَ عنه تأويلَ الْجاهلينَ , وانتحالَ الْمُبطلينَ , وتحريفَ الغالين ) ( ) , ورضيَ اللهُ عَنْ صحابَتِه والتابعينَ , ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّينِ . أمَّا بعدُ : فقد كَثُرَتِ الدعوةُ في الصحفِ إلى تَقنينِ الشريعةِ الإسلاميةِ . ومن بابِ بيانِ الحقِّ ( ) , وبراءةِ الذِّمةِ ، والتعاونِ على البرِّ والتقوى أكتبُ عن حكمِ تَقنينِ الشريعةِ عبرَ الفُصولِ التاليةِ : الفصلُ الأولُ : الْمُرادُ بالتَّقنينِ ؟ . الفصلُ الثاني : تاريخُ الدَّعوةِ إلى تَقنينِ الشريعةِ ؟ . الفصلُ الثالثُ : حُججُ الْمُخالفينَ وجوابُها ؟ . الفصلُ الرابعُ : الأدِلَّةُ على حُرمَةِ تَقنينِ الشريعةِ ؟ . وأشكرُ بعدَ شُكرِ اللهِ تعالى مَشايخي الفضلاءَ الذينَ قرأوا هذه الرسالةَ وأبدَوْا ملاحظاتِهم وتَصويباتِهم , فجزاهُمُ الله عني وعنِ الإسلامِ خيراً , وأخصُّ بالشكرِ : سماحةَ الشيخ صالحَ بنَ محمد اللحيدان ( ) , وسماحةَ الشيخ صالحَ بنَ فوزان الفوزان , ووالدي الكريمَ الشيخَ عبدَالرحمن بنَ عبدِالله العجلانِ , والشيخَ عبدَالله بنَ محمدٍ الغنيمان , والشيخَ عبدَالرحمن بنَ صالحٍ المحمود , والشيخَ عبدَالله بنَ عبدِالرحمن آل سعد - أعتَقَهم اللهُ ووالدِيهم من النارِ - آمين . وإلى الرسالةِ نفعني الله والمسلمينَ بها . الفصلُ الأولُ : الْمُراد بالتَّقنينِ : الْمُرادُ بالتَّقنينِ كما قال سماحةُ الشيخ صالِحُ بنُ فوزان الفوزان وفَّقَه الله : ( وَضْعُ مَوادٍّ تشريعيةٍ يَحكُمُ بها القاضي ولا يتجاوَزُها ) ( ) ؟ . أوْ بمعنى : صِياغةُ الأحْكامِ الشرعيةِ في عِباراتٍ إلزاميةٍ , لأجْلِ إلزامِ القضاةِ بالحكمِ بها ؟ . والظاهرُ أنَّ الدافعَ للداعينَ إلى تَقنينِ الشريعَةِ : هو جَهْلُهُم بما حَوَتْه كتُبُ الفِقْهِ الإسلاميِّ مِن كنوزٍ وذخائرَ لا يستطيعُ فردٌ ولا جماعةٌ أن يحصُروها في موادَّ محدودةٍ , ثُمَّ جهلُهُم بما صدَرَ عمَّن قبلَنا , ومَنْ دعا إلى ذلِكَ من أديبٍ , أو صحفيٍّ , أو مُتطاولٍ بما ليسَ له أهلٌ . ومَنْ وَقَفَ في وجوهِهم وردَّ قولَهم من علماءِ الشريعةِ الْمُتضلِّعينَ في علومِ القرآنِ والحديثِ , والمعروفينَ بالغيرةِ على شريعةِ اللهِ الخالدةِ . ولعلَّ الدافِعَ لِمَنْ تأثَّرَ من المحسوبينَ على أهلِ الخيرِ والعلمِ - إن شاءَ اللهُ تعالى - : ما رآهُ بعضُهم مِمَّا صَدَرَ من بعضِ القُضاةِ مِنْ أحكامٍ ظنَّ هؤلاءِ أنها متناقضةٌ ، وهي في الحقيقةِ ليستْ كذلكَ . ولعلَّه أيضاً : دفاعاً منهم مِمَّا قد يَدْعو إلى اتِّهامِ بعضِ القضاةِ ، أو رميِهِم بالقُصُورِ في تطبيقِ الشريعةِ ، وأنَّ مِنْ أسبابِ ذلك في نظَرِهِم : عدمَ وجودِ كتابٍ على قولٍ واحدٍ يُلْزَمُ القضاةُ بالحكمِ به ، ويُوضَعُ على هيئةِ قوانينَ ... إلخ .
الفصلُ الثاني : تاريخُ الدعوةِ إلى تَقنينِ الشريعةِ : إنَّ أوَّلَ مَنْ دَعَا إلى التقنينِ هو : الأديبُ : عبدُ الله بنُ الْمُقَفَّعِ , والذي حَكَمَ عليه بعضُ الأئمةِ : بالزَّنْدقةِ ، والكَذِبِ ، والتّهاونِ بأمرِ الدينِ .. ( ) . حيثُ حاولَ ابنُ المقَفَّعِ إقناعَ أبي جعفرٍ المنصور ( ت 158هـ ) بالتَّقنينِ في بدءِ العهدِ العباسي في رسالة سمَّاها : رسالة الصحابة , واقترحَ على الخليفة بجمع الأحكام الفقهية وإلزام القضاة بالحكم بها . وكان مما قاله في رسالته : ( فلَوْ رأى أميرُ المؤمنينَ أن يأمرَ بهذه الأقضيةِ والسِّيَرِ المختلِفةِ فتُرفع إليه في كتابٍ ويُرفع معها ما يحتجُّ به كلُّ قومٍ من سُنَّةٍ أو قياسٍ , ثُمَّ نظرَ في ذلك أميرُ المؤمنين وأمضى في كلِّ قضيةٍ رأيه الذي يُلهمه الله , ويعزم عليه عزماً وينهى عن القضاء بخلافه .. ) ( ) .
* ثُمَّ دعا الخليفةُ أبو جعفرٍ المنصور عامَ 148هـ إلى نوعٍ مُقاربٍ للتَّقنينِ , وهو إلزامُ الناسِ بموطأِ الإمامِ مالكِ بنِ أنسٍ رحمه الله تعالى ( ت 179هـ ) فامْتَنَعَ الإمامُ مالك ( ) . ثُمَّ أعادَ أبو جعفر المنصور المحاولةَ مرَّةً أخرى عام 163هـ فامتنعَ الإمامُ مالكٌ رحمه الله تعالى ( ) .
* ثُمَّ دعا إليه الخليفةُ المهدي ( ت 169هـ ) فامتنعَ أيضاً الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ رحمه الله تعالى ( ) .
* ثُمَّ دعا إليه الخليفةُ هارونُ الرشيد ( ت 193هـ ) فامتنعَ أيضاً الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ رحمه الله تعالى ( ) ، ولَمْ يُعرَفْ للإمامِ مالكٍ رحمه الله تعالى مُنازِعٌ منَ العلماءِ . * ثُمَّ خَمَدَتْ هذه الفتنةُ حتَّى أحْيَتْها الدولةُ العثمانيةُ في أواخرِ ملكِها ، فأصدَرَتْ عام 1286هـ : ( مَجلَّة الأحكامِ العدليةِ ) ( ) متضمنةً جملةً من أحكامِ : البيوعِ ، والدعاوى ، والقضاءِ على هيئةِ قوانينَ تَتَلاءمُ كما يدَّعونَ معَ رُوحِ العصرِ ؟! على ما يختارونَه من المذهبِ الحنفيِّ فقط ، وبغَضِّ النظرِ إنْ كان راجحاً أو مرجوحاً ... ثُمَّ ألزَمَتْ المحاكمَ بها عام 1293هـ ، وصارَ هذا التقنينُ في الْمجلَّة المذكورةِ دَرَكَةً أُولَى لِحُلُولِ القانونِ الفرنسيِّ . * ثُمَّ اتَّجَهَت حكومةُ مصرَ عام 1334هـ إلى وضعِ قانونٍ للزَّواجِ والطلاقِ ، وفي عام 1342هـ أصدروا قانوناً بوضعِ حدٍّ أدنى لسنِّ الزَّواج ... وهكذا إلى أنْ أصدروا قوانينَ لِمَا يُسَمُّونهُ : الأحوالَ الشخصية ، مُستمَدَّةً مِنَ المذاهِبِ الأربعةِ وغيرِها . ثمَّ أصدروا في عام 1365هـ قانوناً لتعديلِ بعضِ أحكامِ الوقْفِ . ثمَّ أصدروا في عام 1371هـ قانوناً بإلغاءِ الوقفِ الأهليِّ كلِّه !؟ .. ثُمَّ تبعَتْها جميعُ الدُّوَلِ العربيةِ ماعدا المملكة . وما بَيْنَ فترةٍ وأخرى يُصدِرونَ مُذكِّرَاتٍ تفسيريةً وإلغائيةً ، واستبدالَها بآراءٍ أُخرى وهكذا ، حتَّى عَمَّ إدخالُ القوانينِ الغربيةِ في غالبِ أنظمةِ محاكمِ هذه الدولِ . ولا حولَ ولا قوةَ إلاَّ بالله العليِّ العظيمِ . * ثُمَّ دعا إلى إقامَةِ التَّقنينِ في الدِّيارِ السعوديةِ بعضُ الناسِ في عهدِ الملكِ عبدِالعزيزِ بنِ عبدِالرحمنِ رحمه الله تعالى ، فأجمعَ العلماءُ رحمهم اللهُ تعالى على رَدِّهَا ( ) . * ثُمَّ دعا إلى إقامةِ التَّقنينِ هذا العام 1426هـ : قِلَّةٌ مِنْ الْمُنتسبينَ إلى العلمِ ، وبعضُ كَتَبَةِ الجرائدِ ، هدانا الله وإياهم لِمَا اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنِه ، إنه سبحانه يهدي مَن يشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ .
الفصلُ الثالثُ : حُججُ الْمُخالفينَ وجوابُها : لقد ذكرَ الْمُخالفونَ بعضَ الْمُبَرِّراتِ التي يُدَندِنُ بها مَنْ سبَقَهُم بإحداثِ هذه الفتنةِ ؟ ومِنها : أنه بالتَّقنينِ تَتَحقَّقُ مصالِحٌ ، وتندفعُ مفاسد ؟ . والجوابُ : أنه مِنَ المعلومِ أنَّ دينَ الإسلامِ صالِحٌ لكلِّ زمانٍ ومكانٍ ، ولقد مَرَّتْ عليه عصورُ اتِّساعٍ كاتِّساعِ الدولةِ العباسيةِ في القاراتِ الثلاثِ ، ومعَ ذلكَ تحقَّقتِ العدالةُ بتحكيمِ الشريعةِ ، وانتشرَ اليُسْرُ ، وارتفعَ الْحَرَجُ , ولْمَ يُعرَفْ - عَبْرَ مرِّ التاريخِ عن واحدٍ من الأئمةِ الْمُعْتَبَرِينَ - وجوبُ إلزامِ القُضاةِ في أحكامِهم بمذهَبٍ واحدٍ ، فضلاً عمَّا يدعو إليه هؤلاءِ من تَقنينِ الشّريعةِ بما يُناسِبُ العصرَ الحاضرَ ؟! وعلى هذا ففي كلِّ عَصْرٍ تَقنينٌ جَديدٌ ( ) . ومِنْ هذه الْمُبَرِّرَاتِ : أنه بالتَّقنينِ يَعرِفُ الناسُ والزُوَّارُ مِنْ خارجِ البلدِ المُسلمِ بما سيحكمُ به القضاةُ ؟ . والجوابُ : بأنَّ القوانينَ الوضعيةَ مدَّونةٌ ، ولَهَا لوائحُ تفسيريةٌ ، وَمَعَ ذلك يَجهَلُها السوادُ الأعظمُ من الناسِ ، وإنما يعرِفُها القليلُ من المتعلِّمينَ ، ولَهذا كَثُرَتْ مكاتبُ الْمُحَاماةِ في الدولِ التي تَحكُمُ بالقوانينِ ، والواقعُ خيرُ شاهدٍ . وأيضاً : فهؤلاء القِلَّةُ الذينَ يعرِفونَ هذه القوانينَ , هُمْ في الغالبِ مُختلفونَ مع قُضَاتِهِم ، فكلٌّ يُفَسِّرُ هذه القوانينَ على ما يرى ، فكَثُرَتْ عندَهم الاعتراضاتُ على تنفيذِ أحكامِ قُضَاتِهِم ، وأُنشِئَتْ مايُسَمَّى بالمحاكمِ الاستئنافيةِ ، وحتَّى القضاةُ مختلفونَ , فلم يَرْفَعِ اختلافَهم , ولَم ينفَعْهمْ التقنينُ حينئذٍ . ومِنْ هذه الْمُبَرِّرَاتِ : أنَّ في التقنينِ دفعاً لحكمِ القاضي بالتَّشَهِّي ؟ . والجوابُ : إنَّ اتِّهامَ القاضي في حُكمِه لَمْ يَسْلَمْ منه أَحَدٌ حتَّى خيْرُ الخلقِ , فعن عبدِ الله بن مسعودٍ قال : ( قَسَمَ النبيُّ قِسْمَةً كبعضِ ما كانَ يَقسِمُ ، فقال رجلٌ من الأنصارِ : والله إنَّها لَقِسْمَةٌ مَا أُريدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ ، قلتُ : أمَا لأَقُولَنَّ للنبيِّ ، فأتيتُه وَهُوَ في أصحابِه فَسَارَرْتُهُ ، فَشَقَّ ذلك على النبيِّ ، وتغيَّرَ وجهُهُ وغَضِبَ ، حتَّى وَدِدَتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أخبَرْتُه ، ثُمَّ قالَ : قَدْ أُوذِيَ موسى بأكثرَ مِنْ ذلكَ فَصَبَرَ ) ( ) . ثُمَّ إنَّ من شَرْطِ توليةِ القاضي للقضاءِ : العدالةَ باتفاقِ الأئمةِ ( ) , ومِن المعلومِ : أنَّ حكمَ القاضي في الحضانةِ للأمِّ - كما مثَّلَ على ذلكَ أحدُهم - لا يعمُّ جميعَ الأمهاتِ ، وحكمُ القاضي ينفذُ ظاهراً لا باطناً ، وهو عرضةٌ للخطأِ ، دائرٌ بينَ الأجرِ والأجرَيْنِ ( ) . وفي مثلِ ذلكَ قال عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه قولَتَه الْمشهورةَ : ( تِلْكَ على ما قَضَيْنَا ، وهذه على ما نَقْضِي ) ( ) . فلا تثريبَ على القاضي في الحكمِ في هذه القضيةِ بكذا ، وعلى مثلِها بكذا مُبيِّناً وَجْهَ عُدولِهِ عن حكمهِ الأولِ . وأيضاً : فقدْ يتَوَفَّرُ في هذه القضيةِ مِنَ الوجوهِ والدَّلائلِ ما يكونُ حكمُها على خلافِ تلكَ القضيةِ التي يُظَنُّ مُشابَهتُها بها من كلِّ وجهٍ ، ولا يَعرِفُ ذلك إلاَّ مَنْ تذوَّقَ القضاءَ ، وترَوَّى بمعرفةِ ملابساتِ الخصوماتِ .
ومِن هذهِ الْمُبَرِّرَاتِ : نُدرةُ وجودِ قاض بلَغَ رتبةَ الاجتهادِ ؟ . والجوابُ : أنَّ الجمهورَ على شرطيةِ توفُّرِ الاجتهادِ فيمَنْ يُولَّى القضاءَ ، وذلك : بأنْ يكونَ عارفاً بالأصولِ التي تُرجَعُ الأحكامُ إليها ، لا أنْ يكونَ عالِماً بحكمِ كلِّ قضيةٍ بعَيْنِها ( ) ، وهكذا يُولَّى الأمثلُ فالأمثلُ ، ولَمْ يذكرِ العلماءُ الإلزامَ بمذهبٍ مُعيَّنٍ لا يجوزُ تعدِّيه ، فكيفَ بما يدعو إليه هؤلاء من قوانين ( وبالضوابطِ الشرعيةِ ؟ ) . وأيضاً : ففي الإلزامِ بالتقنينِ قضاءٌ على هؤلاءِ الندرةِ من المجتهدينَ لقطعِ طريقِ العلمِ ، والحرمانِ من استقلالِ النَّظَرِ .
ومِن هذهِ الْمُبَرِّراتِ : أنَّ في الإلزامِ بالعملِ بالتّقنينِ دَفْعاً لتَأثيرِ الْمُغرِضِين ؟ . والجوابُ : لعلَّه خَفِيَ عليهم أنَّ هذا مِنْ أقوالِ دُعاةِ مَنْ يُسَمَّونَ ( دعاةُ فقهِ التَّيْسيرِ الْمُعاصِرِ ) ( ) . الفصلُ الرابعُ : الأدِلَّةُ على حُرمةِ تَقنينِ الشَّريعةِ : 1 - قولُه تعالى : • ( ) , والقِسْطُ والعَدْلُ : أنْ يَحكمَ القاضي بما يدينُ اللهَ بهِ مِنَ الحقِّ ، لا بما أُلزِمَ به مِن تَقنينٍ قد يكونُ يرى الحقَّ بخلافِه . 2 - قولُه تعالى : • ( ) . ( يأمرُ اللهُ سبحانَه في هذهِ الآيةِ بطاعَتهِ وطاعَةِ رسولِهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ ، لأنَّ في ذلكَ خيرَ الدنيا والآخرةِ ، وعِزَّ الدنيا والآخرةِ ، والنجاةَ مِن عذابِ اللهِ يومَ القيامَةِ , ويأمرُ سبحانَه بطاعةِ أُولي الأمرِ عَطفاً على طاعةِ اللهِ والرسولِ صلى اللهُ عليه وسلمَ مِن غيرِ أن يُعيدَ العامِلَ ، لأنَّ أُولي الأمرِ إنما تجبُ طاعتُهُم فيما هو طاعةٌ للهِ تعالى ولرسولِه صلى اللهُ عليه وسلمَ ، وأمَّا ما كان مَعصيةً للهِ تعالى ورسولِه صلى الله عليه وسلمَ فلا تجوزُ طاعةُ أحدٍ من الناسِ فيه كائناً مَن كانَ ، لقولِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلمَ : ( السمعُ والطاعةُ على الْمَرءِ الْمُسلمِ فيما أَحبَّ وكَرِهَ ما لَمْ يُؤمَرْ بمعصيةٍ ، فإذا أُمِرَ بمعصيةٍ فلا سَمْعَ ولا طاعةَ ) ( ) . ثُمَّ أمَرَنا اللهُ سبحانه أنْ نَرُدَّ ما تنازعْنا فيه إلى اللهِ والرسولِ ، فقالَ تعالى : . والرَّدُّ إلى اللهِ : هو الردُّ إلى كتابهِ الكريمِ ، والرَّدُّ إلى الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلمَ : هو الرَّدُّ إليهِ في حياتهِ عليه الصلاةُ والسلامُ ، وإلى سُنَّتِهِ بعدَ وفاتِه صلى الله عليه وسلَّم , ثُمَّ قالَ سبحانَه : • يُرشِدُنا سبحانَه إلى أنَّ رَدَّ مشاكِلِنا كلِّها إلى اللهِ والرسولِ خَيرٌ لنا ، وأحسنُ عاقبةً في العاجِلِ والآجِلِ ... ) ( ) . وقال الإمامُ ابنُ القيمِ رحمه الله تعالى : ( فمَنَعَنا سبحانه من الرَّدِّ إلى غيرهِ وغيرِ رسولِه صلى الله عليه وسلَّم ، وهذا يُبطِلُ التَّقليدَ .. ) ( ) . 3 - قولُ اللهِ عزَّ وجلَّ : ( ) . ( أقسمَ اللهُ سبحانه في هذه الآيةِ الكريمةِ : أنَّ العبادَ لا يُؤمنونَ حتى يُحكِّموا الرسولَ صلى الله عليه وسلَّم فيما شجرَ بينهم ، وينقادوا لحكمِه ، راغبينَ مُسلِّمينَ من غيرِ كراهةٍ ولا حَرَجٍ ، وهذا يَعُمُّ مشاكِلَ الدينِ والدنيا ، فهو صلَّى الله عليه وسلَّم الذي يَحكمُ فيها بنفسِهِ في حياته ، وبسُنَّتِه بعدَ وفاتهِ ، ولا إيمانَ لِمَنْ أعرَضَ عن ذلكَ أو لَمْ يرضَ به ) ( ) .
4 - قولُ الله تعالى : • • ( ) , قال الإمامُ ابنُ القيم رحمه الله تعالى : ( فقطعَ سبحانَه وتعالى التخييرَ بعد أمرهِ وأمرِ رسولهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ، فليسَ لمؤمنٍ أنْ يختارَ شيئاً بعدَ أمرهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، بلْ إذا أمرَ فأمْرُه حَتْمٌ ، وإنما الْخِيَرةُ في قولِ غيره إذا خَفِيَ أمرُه ، وكان ذلكَ الغيرُ من أهلِ العلمِ به وبسُنَّته ، فبهذه الشروطِ يكونُ قولُ غيرهِ سائغَ الاتِّباعِ ، لا واجبَ الاتِّباعِ ، فلا يجبُ على أحدٍ اتِّباعُ قولِ أحدٍ سواه .. ) ( ) .
5 - قولُه صلَّى الله عليهِ وسلَّم : ( القضاةُ ثلاثةٌ ، واحدٌ في الجنةِ ، واثنانِ في النارِ ، فأمَّا الذي في الجنةِ : فَرَجُلٌ عَرَفَ الحقَّ فقضى به ، ورجُلٌ عَرَفَ الحقَّ فجارَ في الحكمِ فَهُوَ في النارِ ، ورجُلٌ قَضى للناسِ على جَهْلٍ فَهُوَ في النَّارِ ) ( ) , وقالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمهُ الله : ( ويجبُ العملُ بمُوجبِ اعتقادِه فيما لَهُ وعليه إجماعاً ) ( ) , وعلى هذا فإنْ عَمِلَ القاضي بالتَّقنينِ وهو يَرَى أنه خِلافُ الحقِّ دَخَلَ في هذا الوعيدِ ، واللهُ تعالى أعلمُ .
6 - إنَّ ما دعا إليه هؤلاءِ هو خلافُ ما عليه هديُ القرونِ الْمُفضَّلةِ ، فلا يُعلَمُ مِن هَدْيِ الصحابةِ رضي اللهُ عنهم مَعَ مشاركتِهِم في العِلمِ والمشاورةِ مع بعضِهم لبعضٍ : إلزامُ واحدٍ منهم للآخَرِ بقولِه ، بل المعروفُ الْمعهودُ بالنقلِ خلافُه ( ) . وقد صرَّح بحكايةِ الإجماعِ على ذلك غيرُ واحدٍ : كشيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ في الفتاوى ج27/296-297 ج30/79 ج35/357 ، والإمامِ ابنِ القيمِ في إعلامِ الموقعين ج2/217 . قالَ الإمامُ الشافعيُّ رحمه الله تعالى : ( أجمعَ الناسُ على أنه مَن استبانَتْ له سنةُ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلَّم لَمْ يكنْ له أنْ يدَعَها لقولِ أحدٍ ) ( ) . 7 - لعلَّه خَفِيَ عليهم : أنَّ التَّقْنينَ مَدْخَلٌ لتَغييرِ الشَّريعةِ بزيادةٍ أو نقصٍ ، وتبديلٍ ، وتعديلٍ ( ) ، فَهُوَ طريقٌ إلى الحكمِ بغيرِ ما أنزلَ الله ؟ . قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمهُ اللهُ : ( ووليُّ الأمرِ : إنْ عرَفَ ما جاءَ به الكتابُ والسنةُ حَكَمَ بين الناسِ به ، وإنْ لَمْ يعرِفْه وأمْكَنَه أنْ يعلمَ ما يقولُ هذا ، وما يقولُ هذا ، حتًّى يعرفَ الحقَّ حكَمَ به ، وإنْ لَمْ يمكنْه لا هذا ولا هذا ترَكَ المسلمينَ على ما هُمْ عليه ، كلٌ يعبُدُ الله على حَسَبِ اجتهادِه ، وليسَ له أنْ يُلْزِمَ أحداً بقبولِ قولِ غيرهِ وإنْ كانَ حاكِماً ، وإذا خرَجَ ولاةُ الأمرِ عن هذا : فقد حكَموا بغيرِ ما أنزلَ اللهُ ، ووقعَ بأسهُم بينَهم .. وهذا مِنْ أعظمِ أسبابِ تغيُّرِ الدُّوَلِ ، كما قَدْ جرَى مثلَ هذا مرَّة بعدَ مرَّة في زمانِنا وغيرِ زمانِنا ، ومَنْ أرادَ اللهُ سعادَته جعلَه يَعتبرُ بما أصابَ غيرَه ، فيسلُكَ مسلَكَ مَنْ أَيَّدَه اللهُ ونصَرَهُ ، ويجتَنِبَ مَسلَكَ مَنْ خَذَلَهُ الله وأهانَه .. ) ( ) . وقال رحمه اللهُ تعالى : ( ومَنْ أوجبَ تقليدَ إمامٍ بعينهِ استُتِيبَ ، فإنْ تابَ وإلاَّ قُتلَ ، وإنْ قال ينبغي كانَ جاهلاً ضالاً ) ( ) . 8 - قالَ شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ رحمه اللهُ تعالى في بيانِ حكمِ من اتَّبعَ عالِماً مجتهداً قاصِداً اتِّباعَ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلمَ في تحريمِ حلالٍ أوْ تحليلِ حرامٍ : ( ولَكنْ مَنْ عَلِمَ أنَّ هذا أخطأَ فيما جاءَ به الرسولُ صلى اللهُ عليه وسلَّم ، ثُمَّ اتَّبَعَهُ على خَطَئِه ، وعدَلَ عَنْ قولِ الرسولِ صلى اللهُ عليه وسلَّم , فهذا له نصيبٌ من هذا الشِّركِ الذي ذمَّه الله ( ) , لاسيَّما إن اتَّبَعَ في ذلكَ هَوَاهُ ونصَرَه باللسانِ واليدِ ، مَعَ عِلْمِهِ بأنه مُخالِفٌ للرسولِ صلى الله عليه وسلَّم ، فهذا شِرْكٌ يَستحِقُّ صاحبُه العقوبةَ عليه ، ولهذا اتفقَ العلماءُ على أنه إذا عرَفَ الحقَّ لا يجوزُ له تقليدُ أحدٍٍ في خلافِه .. ) ( ) . 9 - إذا حكمَ القاضي بالتقنينِِ فهلْ سَيقولُ : إنَّ هذا هو دينُ اللهِ الذي أرسلَ به رسولَه صلى اللهُ عليه وسلَّم , وأنزلَ به كتابَهُ , وشرَعَهُ لعبادِه , ولا دينَ له سواهُ ؟ أو يقول : إنَّ دينَ اللهِ الذي شَرَعَهُ لعبادِه خلافُهُ ؟ أو يقول : لا أدري ؟ ولا بُدَّ للقاضي مِن قولٍ مِن هذه الأقوالِ , ولا سَبيلَ له إلى الأولِ قَطعاً , فإنَّ دينَ اللهِ الذي لا دينَ له سواهُ لا تَسوغُ مُخالفَتُه , وأقَلُّ درجاتِ مُخالِفِه أنْ يكونَ من الآثمينَ , والثاني لا يَدَّعيهِ , فليسَ له مَلجأٌ إلاَّ الثالثَ ؟ فيا لله العَجَب ! كيف تُستباحُ الفروجُ والدماءُ والأموالُ والحقوقُ وتُحلَّل وتُحرَّم بأمرٍ أحسنُ أحوالِه وأفضلِها : لا أدري ؟ . فإنْ كنتَ لا تَدري فتِلكَ مُصيبةٌ وإنْ كنتَ تدري فالمصيبةُ أعظمُ ( ) .
10 - إذا عُمِلَ بمَا دَعَا إليه هؤلاء - لا قدَّرَ اللهُ - فسَيُلزَمُ القضاةُ الْجُدُدُ عندَ التَّعيينِ بالحكمِ بالتَّقنينِ الجديدِ , قالَ الإمامُ ابنُ قدامةَ رحمه الله تعالى : ( ولا يجوزُ أن يُقلَّدَ القضاءُ لواحِدٍ على أنْ يَحكُمَ بمذهبٍ بعينِه ، وهذا مذهبُ الشافعيِّ ، ولا أعلمُ فيه خلافاً .. ) ( ) .
11 - بالنَّظرِ إلى حالِ التَّقنينِ الْمُلْزَمِ به في الدوَلِ : نَجِدُ أنه لَمْ يثبتْ على وَتيرةٍ واحدةٍ ، بلْ مِن تَغييرٍ إلى تَغييرٍ , وتَبديلٍ إلى تبديلٍ ؟ . ونَتيجةً لهذا ( فالفَرنسيونَ ومَنْ حَذا حذوَهم تركوا للمحاكِمِ حقَّ الاجتهادِ في تفسيرِ النصوصِ وفي تطبيقِها على القواعِدِ العمليةِ وعلى القضايا التي تُعرَضُ عليهِم ) ( ) . وقالَ العلاَّمةُ محمدُ الأمينِ الشّنقيطي رحمه الله : ( إنَّ التدوينَ المذكورَ سَنَّ به فاعلوه التغييرَ لِمَن يأتي بعدَهم , لأنهم بتدوينِهم ألغَوْا أقوالَ أهلِ العلمِ الْمُخالِفَة لِما دوَّنوا , وذلكَ يدعو لصَرْفِ النّظرِ عن أصولِها ومدارِكِها الشرعيةِ , فالذينَ يأتُونَ بعدَهم يُوشِكُ أنْ يقولوا : هؤلاءِ الذينَ دوَّنوا ترَكوا أقوالاً قالَها مَن هو أعلمُ منهم وأقدمُ زماناً , وسنَفعلُ معهم مثلَ ما فَعَلوا معَ غيرِهم , فسيكونُ ذلكَ طريقاً إلى التغييرِ والتعديلِ , ويُوشِكُ أنْ ينتهيَ ذلكَ إلى التَّبديلِ الكلِّيِّ - نَرجو الله أنْ لا يُقدِّرَ ذلك - والأُمَّتان اللَّتانِ دوَّنَتا بعضَ الأحكامِ الشرعيةِ - أعني الأتراكَ والْمصريينَ - انتهى أمرُهُما إلى التبديلِ الكُلِّي ) ( ) . ( فما دام أنَّ هذه الحقيقةَ الْمُرَّةَ ماثِلةٌ أمامَنا , فكيفَ نلجأُ إليها , وبالتالي نستَثمرُ مساوئَها , فاللهُمَّ إنا نضرَعُ إليك مِنْ أصابعِ التصنُّع )( ) .
12 - أدانَ أحدُ الدَّاعينَ للتقنينِ نفسَهُ عندما قال : ( إنَّ الفتوى تتغيَّرُ بتغيُّرِ الزمانِ والمكانِ ) !!؟ . فنقولُ : إنَّ التقنينَ يُعتبرُ حَجْرَاً على الأحكامِ الاجتهاديةِ , فيَمنَعُ تغيُّرَ الفتوى بتغيُّرِ الزمانِ , والقاعِدةُ الشرعيةُ : تغيُّرُ الفتوى بتغيُّرِ الأزمنةِ والأحوالِ ( ) . قالَ سماحةُ الشيخِ محمدُ بنُ إبراهيمَ رحمه الله : ( وحكمُ اللهِ ورسولهِ لا يختلفُ في ذاتِه باختلافِ الأزمانِ وتطوُّرِ الأحوالِ وتجدُّدِ الحوادثِ ، فإنه مَا مِن قضيةٍ كائنةً ما كانت إلاَّ وحكمُها في كتابِ الله تعالى وسنةِ رسولِه نصَّاً أو ظاهراً , أو استنباطاً أو غير ذلك ، عَلِمَ ذلك مَنْ عَلِمَهُ ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ , وليسَ معنى ما ذكَرَه العلماءُ مِنْ تغيُّر الفتوى بتغيُّرِ الأحوالِ : ما ظنَّه مَنْ قَلَّ نصيبُهم أو عُدِمَ مِن معرفةِ مداركِ الأحكامِ وعِلَلِها ، حيث ظنُّوا أنَّ معنى ذلك بِحَسَبِ ما يُلائِمُ إرادتَهم .. فيحرِّفونَ لذلك الكَلِمَ عَنْ مَوَاضعِه , وحينئذٍ : معنى تغيُّر الفتوى بتغيُّرِ الأحوالِ والأزمانِ : مُرادُ العلماء منه ما كانَ مُسْتَصْحَبَةٌ فيه الأصولُ الشرعيةُ ، والعِلَلُ الْمَرْعِيَّة ، والمصالِحُ التي جِنسُها مرادٌ للهِ تعالى ورسولِه ) ( ) .
13 - التَّقنينُ سَبيلٌ لِهَجْرِ الفِقهِ الشَّرعيِّ كلِّه , وعدمِ الرجوعِ إليه إلاَّ للموادِ الْمُقنَّنَةِ إنْ كانتْ من الفقهِ الإسلاميِّ .
14 - التَّقنينُ سببٌ رئيسٌ للقضاءِ على التراثِ الإسلاميِّ قضاءً نهائياً في مجالِ البيانِ لأحكامِ المعاملاتِ اكتفاءً بالتقنينِ .
15 - التقنينُ فيه تَضييقٌ على المسلمينَ بحَملِهم على قولٍ واحدٍ بصفةٍ مستديمةٍ ( ) . فتبيَّنَ لنا مِمَّا مضى : أنَّ تقنينَ الشريعةِ والذي يُريدُ به مَنْ دَعَا إليه - مَعَ إحسانِ الظنِّ به - درءَ مَفْسَدَةِ اختلافِ القضاةِ ؟ يَستلزمُ مفاسدَ أعظمَ من ذلك : فهو خُطوةٌ إلى الانتقالِ عن الشريعةِ الإسلاميةِ إلى الأنظِمةِ الوضعيةِ ( ) , ولعلَّ مَنْ دَعَا إليه يجهلُ ذلك , أوْ يَتجاهَلُه . فدعوةُ الداعينَ للتَّقنينِ - هدانا الله وإيَّاهم - : ممتنعةٌ شرعاً وواقِعاً ، فموقعُ دعوتِهم مِنْ أحكامِ التكليفِ حَسَبَ الدلائلِ والوجوهِ الشرعيةِ أنه : مُحَرَّمٌ شرعاً ، لا يجوزُ الإلزامُ به ، ولا الالتزامُ به . ودعوتُهُم مولودةٌ غريبةٌ ، ليستْ في أحشاءِ أُمَّتنا الإسلاميةِ ، غَريبةٌ في لغتِها ، غَريبةٌ في سيرِها وأصالةِ منهجِها ، غريبةٌ في دينِها ومعتَقدِها ، فهي أجنبيةٌ عنها ، ومجلوبةٌ إليها ، فغريبٌ جِدَّاً على هؤلاءِ أنْ يحتَضنوها بمجرَّدِ فكرة : اللهُ أعلمُ بدوافعِهم إليها ، هدانا الله وإياهم لِمَا اختُلفَ فيه من الحقِّ بإذنِه ، إنه سبحانه يهدي مَنْ يشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ ( ) . • • • ( ) , أسألُ اللهَ تعالى لي وللداعينَ للتَّقنينِ ولعمومِ المسلمينَ الهدايةَ والرَّشادَ ، والرجوعَ للعلماءِ الْمُعتبَرِينَ , وعلينا جميعاً أنْ نُولِّي حارَّها مَنْ تولَّى قارَّها , وهذا من سنةِ أميرِ المؤمنينَ عمرَ , فعن محمدِ بنِ سيرينَ قالَ : ( قالَ عُمَرُ لابنِ مسعودٍ : أَلَمْ أُنَبَّـأْ , أو أُنبئتُ أنَّكَ تُفتِي وَلَستَ بأميرٍ , وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قارَّهَا ) ( ) . ومن الحلولِ لدفعِ هذه النازلةِ : بذلُ المزيدِ من العنايةِ باخْتيارِ القضاةِ ، وإعدادُهم وتأهيلُهم تَأهيلاً عِلمياً ، وتَدريباً عَمَلياً رفيعاً ، وزيادةُ أعدادِهم مِمَّن تتوفرُ فيهم الشروطُ حسب الاستطاعةِ بغضِّ النظرِ عن تاريخِ تخرُّجِهم من الكلياتِ الشرعية . ومنها : مُكاتبةُ علماءِ المناطقِ والْمُدنِ والقرى : لترشيحِ مَنْ يرونَه أهلاً لذلكَ مِن كبارِ طُلاَّبهم من مُعلِّمينَ أو موظفين , أو مُتفرِّغينَ . ومنها : تركيزُ المحاكمِ في الْمُدن ، والاكتفاءُ بطلبةِ عِلمٍ مُرشَّحينَ من علمائِنا يُوكَلُ إليهم مع الوعظِ والإرشادِ والإمامةِ : القضاءُ في حدودٍ معيَّنةٍ في القرى بعدَ تدريبهِم ، ومرجعُهم أقربُ قاضٍ لقريَتِهم . ومنها : الرفعُ لهيئةِ كبارِ العلماءِ ومجلسِ القضاءِ الأعلى عن القضايا المستجِدَّة الهامَّةِ والتي رُبَّما يَشتَبهُ الحكمُ فيها على بعضِ القضاةِ , فيستعينونَ بما تتوصلُ إليه هيئةُ كبارِ العلماءِ ومجلسِ القضاءِ لا لإلزامِهم به ، ولكنْ ليكونَ عوناً لهم على البحثِ عن الحقِّ . ومنها : عدمُ السماحِ للصحافَةِ بالتعرُّضِ لِمثلِ هذه القضايا مع طَلبةِ العلمِ ، فضلاً عن الروابضِ والْمُتعالِمينَ . فعن أبي هريرةَ قال : قالَ رسولُ اللهِ : ( سيأتي على الناسِ سَنَواتٌ خدَّاعاتٌ ، يُصدَّقُ فيها الكاذبُ ، ويُكَذَّبُ فيها الصادقُ ، ويُؤتَمَنُ فيها الْخائنُ ، ويُخوَّنُ فيها الأمينُ ، ويَنطقُ فيها الرُّويبضةُ ، قيل : وما الرُّويبضةُ ؟ قال : الرَّجلُ التافهُ في أمرِ العامَّةِ ) رواه الإمامُ أحمدُ ( ) . إلى غيرِ ذلكَ مِن الحلولِ والتي لا يخفى مثلُها وغيرُها على أصحابِ الفضيلةِ رئيسِ وأعضاءِ مجلسِ القضاءِ الأعلى وكبارِ القضاةِ إن شاء اللهُ . وقد ذهبَ أكابرُ العلماءِ في عصرِنا هذا إلى حرمةِ ( تَقنينِ الشريعةِ ) ومنهم مِمَّن وقفتُ عليه : محمدُ الأمين الشنقيطي ، وعبدُ الله بنُ حُمَيد ، وعبدُ العزيزِ بنُ بازٍ ، وعبدُ الرازقِ عفيفي ، وإبراهيمُ بن محمد آل الشيخ ، وعبدُ العزيز بنُ صالح ، ومحمدُ الحركان ، وسليمانُ العبيد - رحمهم الله تعالى - . وعبدُ الله بنُ عبدِ الرحمنِ الغديَّان ، وصالحُ بنُ محمد اللحيدان ( ) , وعبدُ الله بنُ عبدِ الرحمنِ الجبرين ( ) ، وصالحُ بن فوزان الفَوزان ( ) ، وبكرُ بنُ عبدِ الله أبو زيد ( ) , وعبدُ الرحمنِ بنُ عبدِ اللهِ العجلان ( ) , وعبدُ الله بنُ محمد الغنيمان ( ) , وعبدُ العزيزِ بنُ عبدِ الله الراجحي ( ) - وفَّقَهم الله تعالى - . وأختِمُ رسالتي هذه بما رواه يزيدُ بنُ عميرةَ قالَ : ( كانَ معاذُ لا يَجلِسُ مجلساً للذكرِ إلاَّ قال : الله حَكَمٌ قِسْطٌ ، هلَكَ الْمُرتابون ، إنَّ مِنْ ورائكم فِتَناً يَكثرُ فيها المالُ ، ويُفتحُ فيها القرآنُ ، حتَّى يَأخُذَهُ المؤمنُ والمنافقُ ، والرَّجلُ والمرأةُ ، والصغيرُ والكبيرُ ، والعبدُ والْحُرُّ ، فيوشِكُ قائلٌ أنْ يقولَ : ما للناسِ لا يَتَّبعونِي وقدْ قرأتُ القرآنَ ، ما هُمْ بمُتَّبِعيَّ حتَّى أبتدِعَ لَهم غيرَهُ ، فإيَّاكم وما ابتُدِعَ فإنَّ ما ابتُدِعَ ضلالةٌ ، وأُحذِّركم زَيْغَةَ الحكيمِ ، فإنَّ الشيطانَ قد يقولُ كلمةَ الضلالةِ على لسانِ الحكيمِ ، وقد يقولُ الْمُنافقُ كلمةَ الحقِّ , قالَ : قلتُ لمعاذ : ما يُدرينِي رحمكَ الله أنَّ الحكيمَ قد يقولُ كلمةَ الضلالةِ ، وأنَّ الْمنافقَ قدْ يقولُ كلمةَ الحقِّ , قال : بلى ، اجتنبْ مِِِنْ كلامِ الحكيمِ المشتهِرَاتِ التي يُقالُ لها : ما هذه ، ولا يَثْنِينَّكَ ذلكَ عنه ، فإنه لعلَّه أنْ يُراجعَ ، وتلَّقَ الحقَّ إذا سَمعتَه ، فإنَّ على الحقِّ نوراً ) ( ) . وقال حذيفةُ بنُ اليمانِ : ( كانَ الناسُ يسألونَ رسولَ الله عن الخيرِ ، وكنتُ أسْأَلُه عن الشرِّ مَخافةَ أنْ يُدركَنِي , فقلتُ : يا رسولَ الله : إنا كنَّا في جاهليةٍ وشرٍّ ، فجاءنا اللهُ بهذا الخيرِ ، فهل بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ ؟ قال : نعَم ! فقلتُ : هل بعدَ ذلك الشرِّ مِن خيرٍ ؟ قال : نعم , وفيه دَخَنٌ قلتُ : وما دَخَنُه ؟ قال : قومٌ يسْتَنُّونَ بغيرِ سُنَّتِي ، ويَهْدونَ بغيرِ هديِي ، تَعرِفُ منهم وتُنكِرُ , فقلتُ : هل بعدَ ذلكَ الخيرِ مِنْ شرٍّ ؟ قال : نعَمْ , قومٌ من جِلْدَتِنا ! ويتكَلَّمونَ بألسِنَتِنا ! قلتُ : يا رسولَ الله : فما ترى إنْ أدرَكني ذلك ؟ قال : تلزمُ جماعةَ المسلمينَ وإمامَهُم ! فقلتُ : فإنْ لَمْ تكنْ لَهم جماعةٌ ولا إمامٌ ؟ قال : فاعتزِلْ تلكَ الفِرَقَ كُلَّها ، ولَوْ أنْ تعضَّ على أصلِ شجرةٍ ، حتَّى يُدركَكَ الموتُ وأنتَ على ذلك ) ( ) .
قال شيخُ الإسلامِ محمدُ بنُ عبدِ الوهاب رحمه الله تعالى : ( قال أبو العاليةَ : تعلَّموا الإسلامَ , فإذا تعلَّمتمُوه فلا ترغَبوا عنه , وعليكم بالصراطِ المستقيم , فإنه الإسلامُ , ولا تنحَرِفوا عن الصراطِ يميناً ولا شمالاً , وعليكم بسنةِ نبيِّكم , وإيَّاكم وهذه الأهواءَ . انتهى , تأمَّل كلامَ أبي العالية هذا ما أجلَّهُ , واعرف زمانَهُ الذي يُحذِّرُ فيه من الأهواءِ التَّي منِ اتَّبَعَها فقد رَغِبَ عن الإسلامِ , وتفسيرَ الإسلامِ بالسنةِ , وخوفَه على أعلامِ التَّابعينَ وعلمائِهم من الخروجِ عن السنةِ والكتابِ !! يتبينُ لكَ معنى قولِه تعالى : ( ) , وقوله : • • ( ) . وقوله تعالى : • ( ) . وأشباهُ هذه الأصولِ الكبارِ التي هي أصلُ الأصولِ , والناسُ عنها في غفلةٍ , وبمعرفَتِه يتبيَّنُ معنى الأحاديثِ في هذا البابِ وأمثالها , وأمَّا الإنسانُ الذي يقرأُها وأشباهَها , وهو آمِنٌ مُطمَئِنٌ أنها لا تنالُه !! ويظنُّها في قومٍ كانوا فبادوا !! ( ) ) ( ) . وفَّق الله القائمينَ على القضاءِ للصوابِ والإخلاصِ في الأقوالِ والأعمالِ ، ونفعَ بهم البلادَ والعبادَ ، وأعانَهم على ذكرِه , وشكرِه , وخشيتِه , وحُسنِ عبادته ، ونُصرةِ كتابهِ , وسنةِ نبيِّه صلى الله عليه وسلَّم , وعبادِه الصالحين ، وهداهم لِمَا اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنِه , إنه سبحانه يهدي مَنْ يشاءُ إلى صراطٍ مستقيم . كما أسألُه سبحانه أنْ يهديَ ضالَّ المسلمين , وأنْ يُذهب عنَّا وعنهم البأسَ , وأنْ يصرِفَ عنَّا وعنهم كيدَ الكائدينَ , وأنْ يحفَظَنا بالإسلامِ قائمينَ , وقاعدينَ , وراقدينَ , وأن لا يُشْمِتَ بنا الأعداءَ ولا الحاسدينَ , إنَّ الله لسميعُ الدعاءِ , ( ) . ( الدينُ النصيحةُ , قُلنا : لِمَنْ ، قال صلى الله عليه وسلَّم : للهِ , ولكتابهِ , ولرسولِه , ولأئمةِ المسلمينَ , وعامَّتِهم ) ( ) . وصلى الله وسلَّم على عبدِه ورسولِه محمدٍ وآلِه وصحبِه وسلم . كتبه عبد الرحمن بن سعد الشثري ( ) .
| |
|