إن مواكبة أحكام الشريعة لتطورات الحياة لا تتحقق بالشكل المطلوب إلا عن طريق توظيف آليات الفهم الصحيح لاستنطاق النصوص الشرعية، وكشف دلالاتها ومقتضياتها المختلفة، وهذه العملية لا يمكن أن تؤطر إلا ضمن الاجتهاد الشرعي المنضبط، لذلك فإن تعهده بالبحث المتواصل عما يضمن استمراره ويوجه مسيره ويرسم أهدافه المرجوة... من أهم التكاليف التي يطلب من العلماء الأكفاء ومن خبراء الواقع أن يتحملوها وينهضوا بها، وتزداد هذه التكاليف إلحاحا كل ما ازدادت دائرة الوقائع اتساعا.
وغير خاف أن عملية الاجتهاد في الدين _ من حيث الممارسة _ موكولة أساسا إلى أهلها ممن توافرت فيهم الشروط المنصوص عليها في مصادر أهل هذا الشأن، بقصد امتلاك أدوات التعامل مع النصوص الشرعية وفق آليات في الفهم تحترم خصوصيات تلك النصوص.
ومما يلاحظ اليوم أن بعض من يركبون متن الاجتهاد ولا يحسنون الإمساك بزمامه، ولا شك قصد كثير منهم حسن بريء، بيد أن حسن النية وحده لا يكفي في هذا المجال، بل قد يكون من حيث النتيجة والمآل من سوء النية أو أسوأ.
وقد يتمسك البعض بأن الشرع يرفع المؤاخذة عن المخطئ في هذا المقام، بل يثيبه أجرا هو نصف أجر المصيب، غير أن الأمر يتعلق فقط بالشخص المستوفى لشروط الاجتهاد، فهو المأجور فقط على خطئه تشجيعا له على ممارسة الاجتهاد لترشيد مسيرة الأمة والإجابة عن نوازل الناس. أما غيره فليس معنيا بذلك أصلا سواء أصاب أم أخطأ.
ومن هنا يأتي التساؤل المشروع الذي سيطرح ضمن محاور الندوة عن مفهوم المجتهد في هذا العصر.
ثم إن تلك الشروط المنصوص عليها في مظانها هل يجب أن تكون دائما هي المقياس المحتكم إليه لإثبات الأهلية أو نفيها في ممارسة الاجتهاد؟ وهل يكفي الإلمام ببعضها؟ وهل هناك شروط أخرى جديدة لا بد من تحصيلها إلى جانب تحصيل الشروط القديمة؟ إنها أسئلة لا بد من الإجابة عنها لترشيد عملية الاجتهاد.
وهناك شيء آخر نأمل أن يعالج ضمن محاور الندوة وهو التجديد في العلوم الإسلامية مادة ومنهجا، ذلك أن موضوع الاجتهاد قد أضحى اليوم موضوعا عموميا تناقش فيه حتى مسلمات الاجتهاد وشروطه وآلياته. وإذا كان موضوع فتح باب الاجتهاد قد تم تجاوزه قولا وفعلا، حيث لم يعد أحد يعارض فتح الباب كما أنه قد تراكمت في عصرنا الحالي من الاجتهادات الفقهية ما يغني أصلا عن مناقشة موضوع سد باب الاجتهاد أو فتحه، فإن النقاشات الدائرة حاليا في الفضاء العام حول مسلمات الاجتهاد ذاته، أي شروطه ومجالاته، تستدعي وقفة تأملية ومنهجية من أهل الرأي والاختصاص لترشيد هذه النقاشات وتوجيهها بما يخدم مصالح الأمة ووحدتها.
فما المقصود بالتجديد المطلوب؟ وما هي حدوده ومجالاته؟ وما علاقته بالاجتهاد؟ ومن هم المجددون في العصر الحديث؟ تلك أسئلة نسعى إلى بسطها للتفكير والنقاش في هذه الندوة، كما نأمل أن يسلط الضوء على إكراهات الواقع وسبل التغلب عليها في عملية الاجتهاد. هذا فضلا عن الاسئلة الكثيرة التي ما زالت معلقة من مثل الحاجة إلى المذاهب لتأطير العملية الاجتهادية. كما انتشرت دعوات تجديد العلوم الإسلامية مادة ومنهجا، باعتبارها الإطار المعرفي لكل اجتهاد يسعى ليكون علميا وأصيلا.
ضمن هذا الإطار المعرفي، وإيمانا منا بأن مواكبة أحكام الشريعة لتطورات الحياة لا تتحقق بالشكل المطلوب إلا عن طريق توظيف آليات الفهم الصحيح لاستنطاق النصوص الشرعية، وكشف مختلف دلالاتها ومقتضياتها، وباعتبار أن الدين من وظائفه الأساسية توجيه الحياة الإنسانية وترشيدها، والإجابة على أسئلة الإنسان مهما تعددت مشاربه الفكرية. نرجو أن نتمكن من تناول كافة تلك الجوانب وغيرها مما له صلة وطيدة بالموضوع.
محاور الندوة:
1- النص والواقع في عملية الاجتهاد.
2- التجديد في العلوم الإسلامية: معناه، ومدى الحاجة إليه ونماذج من المجددين..
3- الاجتهاد في ضوء تطور العلوم الحديثة وتحديات العولمة.
4- الاجتهاد المقاصدي بين الانضباط والتسيب.
5- الاجتهاد المذهبي ودواعي التمسك به.
6- الاجتهاد المعاصر بين المذهبية واللامذهبية.
معلومات |
وجدة المغرب | المكان |
19 مايو 2010 | تاريخ البداية |
20 مايو 2010 | تاريخ النهاية |
مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية | المنظم |
<TABLE style="WIDTH: 100%" cellSpacing=0 cellPadding=0 border=0>
<TR> <td>الهاتف : 536688194(212) 00</TD></TR> <TR> <td>فاكس : 536683392(212) 00</TD></TR> <TR> <td dir=ltr>E-mail: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]</TD></TR></TABLE> | الاتصال بالمنظم |
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] | الموقع الالكتروني |