منتدى الشريعة والقانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشريعة والقانون

**وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا**
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء


 

 أسباب وآثار وعلاج الفساد الإداري من منظور الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العـام
شوقي نذير
شوقي نذير
المدير العـام


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 919
نقاط : 24925
السٌّمعَة : 7

تاريخ التسجيل : 10/02/2010
الموقع : الجزائر تمنراست
العمل/الترفيه : استاذ جامعي
المزاج : ممتاز
تعاليق : من كان فتحه في الخلوة لم يكن مزيده إلا منها
ومن كان فتحه بين الناس ونصحهم وإرشادهم كان مزيده معهم
ومن كان فتحه في وقوفه مع مراد الله حيث أقامه وفي أي شيء استعمله كان مزيده في خلوته ومع الناس
(فكل ميسر لما خلق له فأعرف أين تضع نفسك ولا تتشتت)


أسباب وآثار وعلاج الفساد الإداري من منظور الإسلام  Empty
مُساهمةموضوع: أسباب وآثار وعلاج الفساد الإداري من منظور الإسلام    أسباب وآثار وعلاج الفساد الإداري من منظور الإسلام  Icon_minitime1الأحد يوليو 04 2010, 19:39

1ـ ضعف الإيمان:
لا شك في أن أصحاب المخالفات الإدارية ضعاف الإيمان؛ حيث أن الإيمان يلجمُ صاحبه عن الحرام، فحيثما وُجد الإيمان الصحيح وُجد العملُ الصالح. ولقد كان عمالُ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتورعون من أخذ الأجرة أو الراتب، فما بالك فيما دون ذلك؟
فعَنِ ابْنِ السَّاعِدِي الْمَالِكِي أَنَّهُ قَالَ: اسْتَعْمَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (رضي الله عنه) عَلَى الصَّدَقَةِ. فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنْهَا وَأَدَّيْتُهَا إِلَيْهِ أَمَرَ لِى بِعُمَالَةٍ، فَقُلْتُ: إِنَّمَا عَمِلْتُ لِلَّهِ وَأَجْرِى عَلَى اللَّهِ. فَقَالَ: "خُذْ مَا أُعْطِيتَ، فَإِنِّي عَمِلْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم). فَعَمَّلَنِي، فَقُلْتُ مِثْلَ قَوْلِكَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): "إِذَا أُعْطِيتَ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَسْأَلَ فَكُلْ وَتَصَدَّقْ"[1].
فأنت تلمس من هذا العامل العفيف، ومن ذاك الصحابي الجليل، لمسةَ الإيمان التي تعلو سلوكهم، ونفحة الورع التي تمتزج بأعمالهم .
وأَقسطُ من ذلك: أن الإيمان يُوقظ الضمير، ويدفع المرء في أحسن أحواله إلى سد الذرائع، وتوقي الشبهات.
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ (رضي الله عنه) أن رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قال: "إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ. وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ. فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ. وَمَنْ وَقَعَ فِى الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِى الْحَرَامِ. كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ. أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى, أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ. أَلاَ وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً, إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ, وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ, أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ"[2].
2ـ ضعف الرقابة الإدارية:
فإذا عمل المرءُ في منظومة لا رقيب فيها ولا حسيب؛ احتوشته[3] الشياطينُ، وزينت له السرقةُ والاختلاس والرشوة، والمرءُ تمر به فتراتُ ضعف قد يجور فيها على الحقوق، إذا ما غاب الرقيب الحازم.
وخير ما نستدل به على فساد الموظفين إذا ما غاب الرقباء؛ قصةُ موسى (عليه السلام) مع قومه، حينما ذهب يتحنث ويكلم ربه، فانقلبوا على أعقابهم يسجدون للعجل الذهبي من دون الله. قال الله تعالى:{وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ}(البقرة: 51)
وفي الإسلام شرَع اللهُ الاحتساب، وهي جهة رقابية: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(آل عمران: 104)
ولما كان المسؤولُ وقايةً لمن هو دونه من الزلل؛ كان التوجيه النبوي بطاعة الأمير، وقال (صلى الله عليه وسلم) أيضًا: "إِنَّمَا الإِمَامُ جُنَّةٌ[4] يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ"[5] .
وأظنُ أن ذلك الحديث من دلائل النبوة، لما للأمير أو القائد أو المسؤول من التأثير النفسي على أتباعه، وقد وصفه بالجُنَّة، لأنه يقي مَن وراءَه الزلل والخلل.
وقد أرشدنا النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى الواجب الذي علينا، حتى لو قَصَّر أصحاب المسؤوليات وفرَّطوا، فقال: "تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِى عَلَيْكُمْ"[6].
فليس معنى غياب الرقابة أن يعيث الموظفُ فسادًا، والله لا يعذره بذلك، كما لا يعذر الزاني بحجة زنا الجميع، أو السارق المتعلل بما قام به الآخرون من سطو.
ولقد كان السلف ُيذكِّرون ذوي السلطان بأهمية الرقابة والقيام على الأمر على أكمل وجه، وأن يُعطى كل ذي حق حقه، وأن يؤدي الراعي ما عليه من واجبات نحو رعيته. فقد َدَخَلَ أَبُو مُسْلِمٍ الخولاني عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ (رضي الله عنه) فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا الْأَجِيرُ. فَقَالُوا: قُلْ السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا الْأَمِيرُ. فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا الْأَجِيرُ. فَقَالُوا: قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا الْأَمِيرُ. فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا الْأَجِيرُ. فَقَالُوا: قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا الْأَمِيرُ. فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا الْأَجِيرُ. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: دَعُوا أَبَا مُسْلِمٍ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُ. فَقَالَ: إنَّمَا أَنْتَ أَجِيرٌ اسْتَأْجَرَك رَبُّ هَذِهِ الْغَنَمِ لِرِعَايَتِهَا؛ فَإِنْ أَنْتَ هَنَأْت جَرْبَاهَا، وَدَاوَيْت مَرْضَاهَا، وَحَبَسْت أُولَاهَا عَلَى أُخْرَاهَا، وَفَاك سَيِّدُهَا أَجْرَك. وَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَهْنَأْ جَرْبَاهَا، وَلَمْ تداو مَرْضَاهَا، وَلَمْ تَحْبِسْ أُولَاهَا عَلَى أُخْرَاهَا، عَاقَبَك سَيِّدُهَا[7].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – معلقًا على هذه القصة -:
"وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الِاعْتِبَارِ؛ فَإِنَّ الْخَلْقَ عِبَادُ اللَّهِ، وَالْوُلَاةُ نُوَّابُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ, وَهُمْ وُكَلَاءُ الْعِبَادِ عَلَى نُفُوسِهِمْ، بِمَنْزِلَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مَعَ الْآخَرِ، فَفِيهِمْ مَعْنَى الْوِلَايَةِ وَالْوِكَالَةِ. ثُمَّ الْوَلِيُّ وَالْوَكِيلُ متى اسْتَنَابَ فِي أُمُورِهِ رَجُلًا وَتَرَكَ مَنْ هُوَ أَصْلَحَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ الْعَقَارِ مِنْهُ، وَبَاعَ السِّلْعَةَ بِثَمَنِ وَهُوَ يَجِدُ مَنْ يَشْتَرِيهَا بِخَيْرِ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ؛ فَقَدْ خَانَ صَاحِبَهُ. لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ بَيْنَ مَنْ حَابَاهُ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ أَوْ قَرَابَةٌ، فَإِنَّ صَاحِبَهُ يُبْغِضُهُ وَيَذُمُّهُ، وَيـَرَى أَنَّهُ قـَدْ خَـانَهُ وَدَاهـَنَ قَرِيبَـهُ أَوْ صَدِيقَـهُ"[8].
آثار الفساد الإداري:
1ـ دعم الطبقية:
المجتمع الطبقي هو في الأصل مجتمع فاسد، ويساهم الفسادُ الإداري في تعميق تلك الفجوة بين الأغنياء والفقراء، فترى المجتمع بين غنيٍ غنىً فاحشًا، وفقيرٍ فقرًا مدقعًا، فماذا ننتظر من وراء التزوير والرشوة والمحسوبية سوى ضياع حقوق الفقراء؟ ولقد ذم الله تعالى تلك الطبقية النكدة؛ كَيْ لَا يَكُونَ المالُ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء، وأشار إلى أن الطبقية من أسباب تدمير الأمم والحضارات، فقال جل في علا:
{فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ}(الحج: 45)
فكم من قرية أهلكها الله، وما بقي منها إلا علائم الطبقية: آبار معطلة لفقراء لا يجدون الماء ليشربوه، وعلى النقيض، قصور مشيدة تنم عن ذلك الفارق الكبير الذي صنعه المترفون الذين فسقوا فيها[9]!
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً}(الإسراء: 16).
2ـ زيادة نسبة التضخم:
وهي نتيجة طبيعة للطبقية السائرة. وغلاء الأسعار. واضطراب الاقتصاد لا بيئة له أخصب من بيئة الفساد الإداري، حيث لا الرقيب الشعوري ولا الرقيب الإداري.
3 ـ تعطيل المصالح العامة:
فالفساد الإداري في مؤسسة ما؛ يعيق عملها، ويعرقل مسيرتها، ويبدَّل الأولويات، ويتهرب الغني من الضرائب، بينما الفقير هو الذي يدفع، ويُستثنى القوي من الشروط، بينما الضعيف هو المنوط بذلك، والحسيب النسيب يجلس في بيته وتُقضى له مصلحته، بينما الأشعث الأغبر يقف الساعاتِ الطوال في صف طويل، تطوحه الطَّوائِحُ، وتقذفه القَواذِفُ .
4ـ انتشار الجريمة :
وإذا أُكلت الأموالُ بالباطل، ونُهبت الحقوق بالتزوير، سادت الفوضى، وتأججت الضغينة، وساءت العلاقات، وكثرت المظالم، فلن يجد المظلومُ له من سبيل سوى سبيلِ الجريمة لاسترداد حقه المسلوب، أو كما يقول المثل المصري: "عَليَّ وعلى أعدائي".
وقد قال الله تعالى في حديثه القدسي: "يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا "[10].
وقال (صلى الله عليه وسلم): "الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً ، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[11].
والكلام هنا سابغ الذيل، ولا داعي للتطويل فيه.
علاج الفساد الإداري:
في نقاط محددة نطرح عدة مقترحات لمقاومة الفساد الإدراي وعلاج آثاره، على النحو التالي:
1ـ إيقاظ الضمير الديني والحس الشرعي في نفوس الإداريين والموظفين من خلال:
- حملات التوعية الدينية، والندوات الإيمانية داخل المؤسسة.
- أشرطة "الكاست" والأسطوانات المدمجة، المهداة إلى المؤسسات والهيئات الحكومية وغير الحكومية.
- لافتات الحديث الشريف، التي تُذكِّر بعقوبة الغلول والسرقة والغش.
- دعم مسجد المؤسسة، وتوفير الجو المناسب لإداء الصلوات، وذلك لدعم التدين في صفوف الموظفين.
2ـ دعم فكرة تكريم الموظف المثالي، والتركيز على الجانب الإيماني والأخلاقي. وبدلاً من أن تكون مسابقة الموظف المثالي سنوية؛ فلتكن شهرية . {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(البقرة: 148).
3ـ دعم الرقابة الإدارية، والعمل على تنفيذ اللوائح، وإنفاذ الشروط الجزائية والخصومات، فور كل تقصير، وعدم التقصير في عقاب المخالف. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}(المائدة: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة].
4ـ تفعيل المجالس التأديبية ولو كانت على سبيل العُرف؛ فيُعذَّر المُقصرُ، ويُستشهد عليه، ويُستكتب، ويُقر على نفسه بعدم العودة إلى سالف عهده، ولا بد هنا من إدخال العنصر الإيماني، وحث المُدان على التوبة، والعمل الطاهر الخالص. {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(المائدة: 2).
5 ـ بث روح الأخوة الإيمانية بين الموظف وأخيه، والعامل وأخيه؛ فإن ذلك أدعى لتلافي فساد أحدهما، أنْ يضل أحدهما، فيذكرَ الأخُ أخاه:
عَنْ أَبِى مُوسَى (رضي الله عنه) أن النَّبِي (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَـشـُدُّ بَـعـْضُهُ بَـعْـضًا"، وَشَبَّكَ أَصَابِـعَـهُ[12].
6 ـ تفعيل التكافل الاجتماعي داخل المؤسسة الواحدة، فإذا ما تعسر الموظف وجد اليد الحانية التي تمده وتعينه على ضائقته، ولا يجد الشيطانُ إليه سبيلاً، فيزين له السرقة، أو التزوير، أو الرشوة. قال الله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}(البقرة:280).
وقد أوصى الله تعالى بالصاحب بالجنب خيرًا، وهو ينسحب على زميل العمل في المؤسسة الواحدة: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً}(النساء: 36).
قال في تفسير الجلالين: "َالصَّاحِبِ بِالجَنبِ: الرَّفِيق فِي السَّفَر أوْ صِنَاعَة، وَقِيلَ الزَّوْجَة "[13].
وقال الزمخشري: "هو الذي صحبك بأن حصل بجنبك، إما رفيقاً في سفر ، وإما جاراً ملاصقاً، وإما شريكاً في تعلم علم أو حرفة، وإما قاعداً إلى جنبك في مجلس أو مسجد أو غير ذلك، من أدنى صحبة التأمت بينك وبينه. فعليك أن ترعى ذلك الحق ولا تنساه، وتجعله ذريعة إلى الإحسان"[14].
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِي (رضي الله عنه) قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِي (صلى الله عليه وسلم) إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) "مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ". قَالَ أبو سعيد: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لاَ حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِى فَضْلٍ[15].
وعن إِيَاس بْن سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) فِى غَزْوَةٍ، فَأَصَابَنَا جَهْدٌ، حَتَّى هَمَمْنَا أَنْ نَنْحَرَ بَعْضَ ظَهْرِنَا، فَأَمَرَ نَبِي اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم)، فَجَمَعْنَا مَزَاوِدَنَا، فَبَسَطْنَا لَهُ نِطَعًا، فَاجْتَمَعَ زَادُ الْقَوْمِ عَلَى النِّطَعِ، قَالَ: فَتَطَاوَلْتُ لأَحْزُرَهُ كَمْ هُوَ، فَحَزَرْتُهُ كَرَبْضَةِ الْعَنْزِ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، قَالَ: فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ حَشَوْنَا جُرُبَنَا. فَقَالَ نَبِي اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): "فَهَلْ مِنْ وَضُوءٍ؟" قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ بِإِدَاوَةٍ لَهُ فِيهَا نُطْفَةٌ، فَأَفْرَغَهَا فِى قَدَحٍ، فَتَوَضَّأْنَا كُلُّنَا نُدَغْفِقُهُ دَغْفَقَةً، أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً. قَالَ: ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ، فَقَالُوا: هَلْ مِنْ طَهُورٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): "فَرِغَ الْوَضُوءُ "[16].
والحديثان؛ أصل في التكافل بين المسلمين.
خاتمة:
الفساد الإداري، هو صورة معبرة عن غياب الوازع الديني في مجتمعاتنا التي كثرت جراحها.
وبثُ روح الأخوة الإيمانية بين الموظفين، وتفعيل التكافل العادل، والرقابة اليقظة، هي بدايةُ الحل لمشكلة اكتوى بنهارها الضعفاء
منقول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://acharia.ahladalil.com
 
أسباب وآثار وعلاج الفساد الإداري من منظور الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفساد الإداري من منظور الفقه الإسلامي
» الفساد الإداري: مفهومه وصوره
» من مظاهر الفساد الإداري،،،الشفاعة السيئة،،جلب للحق...أم وسيلة للرزق
» الضبط الإداري/ البوليس الإداري
» أدب الطريق من منظور ديني

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشريعة والقانون  :: الفضاء الشرعي :: رواق الدراسات الشرعية والقانونية-
انتقل الى: