المدير العـام شوقي نذير
الجنس : عدد المساهمات : 919 نقاط : 24925 السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 10/02/2010 الموقع : الجزائر تمنراست العمل/الترفيه : استاذ جامعي المزاج : ممتاز تعاليق :
| موضوع: حين يصبح القلم رصاصا...اليوم الوطني للطالب الجزائري بين شهادة الكفاح والدراسة الجمعة يونيو 04 2010, 23:38 | |
| تحيي الجزائر كل سنة ذكرى إضراب الطلبة الجزائريين في 19 ماي 1956، والذي شكل مرحلة حاسمة في تاريخ الثورة التحريرية المجيدة، بالتفاف جميع شرائح المجتمع حولها، وانخراط طلبة الجامعات والثانويات في الداخل والخارج في مسيرة الكفاح المسلح، مضحين بمستقبلهم الدراسي ومحولين أقلامهم إلى مدافع ورشاشات ضد الاستعمار الغاشم.
حيث وجدت جبهة التحرير الوطني في إضراب الطلبة والثانويين دعما كبيرا لعملها وإصرارها على تصعيد الكفاح المسلح من أجل الحرية والاستقلال، لا سيما وأن هذه التظاهرة التي أكدت ثقة الشعب الجزائري بكل شرائحه في قيادة ثورته جاءت لتفند أكاذيب المستعمر وادعاءاته بأن "الثورة لا وجود لها في الواقع وأن ما يحدث لا يعدو أن يكون سوى أعمال شغب وإرهاب تقودها بعض المجموعات الطائشة وقطاع طرق". ليشكل بذلك إضراب الطلاب والثانويين ردا سريعا وقاسيا على فرنسا الاستعمارية، وإعلانا رسميا عن التحاق هذه الفئة الوطنية بصفوف الثوار.
وبالنظر لأهمية هذا الحدث التاريخي لم يتوان بعض المؤرخين والمجاهدين الذين شاركوا فيه بوصف هذا الإضراب بالمحطة التاريخية الثالثة، في مسيرة الثورة التحريرية بعد أول نوفمبر وأحداث 20 أوت 1955، حيث أعطى نفسا جديدا للثورة، وخيب آمال فرنسا التي كانت تراهن على كسب النخبة الجزائرية، لتلعب دور الداعي للاندماج معها.
كما يعتبر حدث 19 ماي 1956 بمثابة ملحمة تاريخية في كفاح الشعب الجزائري ضد الاستعمار، حيث امتدت الانتفاضة الطلابية من مدرجات الجامعات إلى مقاعد الثانويات وحتى إلى الزوايا، وعكست التظاهرات انصهار مختلف شرائح المجتمع الجزائري في الثورة التحريرية، وشكل الإضراب نقلة نوعية في مساهمة النخبة الجزائرية من أجل استرجاع الحرية والسيادة الوطنية، وتجلى ذلك في العبارة الشهيرة التي حملها بيان الإضراب والقائلة بأن "الشهادات لن تصنع منا أحسن الجثث". وقد وجدت هذه العبارة صدى كبيرا في أوساط الطلبة والثانويين الذين غادروا مقاعد الدراسة بأعداد كبيرة، وأكدت تلك الملحمة للعالم أجمع شعبية وشمولية الثورة التحريرية من أجل انتزاع الاستقلال.
وفي شهادته عن الأحداث يعتبر الدكتور المجاهد لمين خان محرر بيان إضراب 19 ماي 1956، أن الإضراب الذي جاء في ظروف مضطربة جدا، تم التحضير له بعقد اجتماعين في أجواء من الديمقراطية، وتزامن مع امتحانات نهاية السنة الدراسية، واتخذ من طرف فرع جامعة الجزائر لاتحاد الطلبة الجزائريين بعد اجتماعات مكثفة لقيادته، مؤكدا بأن الاتفاق حول شن الإضراب تم بعيدا عن أية وصاية سياسية، وذلك بهدف إبراز مدى ارتباط النخبة الوطنية بالثورة التحريرية لاسترجاع السيادة الوطنية.
ودوخ ذلك الإضراب المستعمر الفرنسي الذي لم يستطع فهم التطور النوعي للثورة التحريرية في الوقت الذي كان إعلامه المضلل لا يزال يروج لفكرة "قطاع طرق" الذين تمردوا على الدولة الفرنسية، فيما عززت الانتفاضة موقع جبهة التحرير الوطني وفتحت الباب على مصراعيه لأفواج جديدة من المناضلين الذين أعلنوا انخراطهم في الثورة المجيدة، وفضلوا الشهادة في ميدان الكفاح المسلح على الشهادة الدراسية.
ويجمع المؤرخون على أن الإضراب حقق الأهداف المرجوة منه، حيث انخرطت فئة الطلبة والثانويين في الثورة، وتدعمت هذه الأخيرة بطبقة مثقفة مكنت من إيصال صوت الجزائر إلى المحافل الدولية، حيث شرع منذ ذلك التاريخ في تعيين ممثلين من الطلبة الجزائريين في المهجر في عدة منظمات دولية وإقليمية، وساهم نشاطهم في كسب تعاطف ومساندة نظرائهم في العالم للقضية الجزائرية، ليعزز بذلك الجهود التي أكسبت الثورة الجزائرية اعترافا دوليا.
وواصلت الفئة الطلابية بعد الاستقلال جهودها من أجل تشييد وبناء الجزائر ومحو آثار التخلف التي خلفها الاستعمار الفرنسي، حتى أصبحت الجزائر تضم عشرات الآلاف من الإطارات والعديد من الأدمغة التي تحتل مكانة مرموقة في الخارج، فيما التزمت الدولة الجزائرية بعد الاستقلال بتنفيذ البرنامج بصرامة، بما يضمن التعليم لكل أبناء الجزائر ذكورا وإناثا، حتى أضحى التعليم الذي كان لا يتعدى 10 بالمائة من أطفال الجزائر، شبه شامل وأصبح عدد الطلبة الجامعيين الذي كان لا يتجاوز بضع مئات يفوق اليوم مليون ومائة ألف طالب، وعلاوة على ذلك تعمل الدولة اليوم جاهدة على توفير مناصب العمل لفائدة الطلبة المتخرجين من الجامعات، ولا سيما من خلال مختلف الآليات التي تمكنهم من إقامة المشاريع وإنشاء مؤسسات مصغرة.
يا شباب الجزائر هكذا كونوا أو لا تكونوا
| |
|