الطبيب النفسي في المحكمة

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مشكلات عملية في ممارسة الطب النفسي

يتطلب عمل الطبيب النفسي في بعض الأحيان أن يتعامل مع القضاء أكثر من غيره من الأطباء في مختلف التخصصات الأخرى، فقد يتم إستدعاؤه للإدلاء بنوعين من الشهادة، أولها الشهادة بالحقيقة و تعني الشهادة العادية التي لا تحتاج إلى خبرة خاصة، و يمكن أن يقوم بها أي طبيب لقراءة تقرير أو شرح بعض النقاط، و النوع الثاني هو شهادة الخبير و تتضمن المسائل المهنية التي تتعلق برأي الطب النفسي للفصل في بعض القضايا و تحديد المسؤولية الجنائية، و هنا يقف في دور مستشار للقاضي قبل أن يصدر هذا الأخير الحكم، وتتطلب هذه المواقف قدرا كبيرا من الدقة و الحنكة قبل إبداء الرأي، و هنا يجب أن يكون واضحا له الأمر الذي يريد تقييمه وأن يلم بجميع جوانب القضية و الحالة النفسية للمتهم، و عليه أيضا أن يتجنب الإنحياز لأي طرف و أن يحدد بدقة هدف التقييم و لخبرة الطبيب النفسي دور كبير هنان لأنه سيجري الفحص النفسي للمتهم من خلال المقابلة و جمع المعلومات مع الإعتماد على تقنية الملاحظة أيضا وكل هذا يجب أن لا يخرج عن إطار القواعد الطبية التي يلتزم بها وأن يضع أمام عينيه دوما أخلاقيات المهنة التي يمارسها.
فقد تكون المشكلة التي يريد تقييمها هي تحديد القوى العقلية لمتهم إرتكب إحدى الجرائم، و يطلب الدفاع عنه إعفاءه من المسؤولية لإصابته بالجنون، و أنه لا يعرف الصواب من الخطأ، و لا يتحكم في إرادته و دوافعه، فكيف يقوم الطبيب النفسي بتقييم ذلك؟
إن الدلائل التي يعتمد عليها الطبيب النفسي في تقييم المرض العقلي هي أن يضع في البداية تشخيصا مبدئيا للحالة على أنها مرض عقلي، و يتأكد من وقوع المريض تحت تأثيره أثناء الجريمة، و إذا ما كان هناك دافع أو هدف مادي أو للإنتقام...حيث أن غياب الدافع يرجح تأثير المرض العقلي، و كذلك فإن التخطيط المحكم قبل و بعد الجريمة يدفع للشك في الإصابة بالجنون، و إذا كان المريض لديه تاريخ مرضي سابق أو طباع غير مألوفة، أو محاولات عدوانية سابقة فذلك كله يمكن أن يساعد على تشخيص الإصابة بالمرض العقلي.
كما أن الدلائل التي يستدل بها الطبيب النفسي لمعرفة قدرة المريض على التمييز بين الصحيح و الخطأ تساعده على التشخيص ، نجد من أهمها محاولات المتهم تفادي كشف الجريمة و محاولاته للتخلص من الأدلة، و الإفلا من القبض...فهذا كله يدل على تمييزه و معرفته لما يفعل، أما إذا كان تحت تأثير الهلاوس و الأوهام و تحدث بنفسه عن العمل الذي إرتكبه دون الشعور بالذنب و تأنيب الضمير ، فإن ذلك يدل على عدم قدرته على تمييز الخطأفيما يفعل.
و بالنسبة للإرادة أو القدرة على الإختيار و التراجع، فليس من السهل تقديرها بالنسبة للطبيب النفسي، غير أن الإستدلال بقدرة المتهم على تأجيل إرتكاب جريمته إلى الوقت المناسب يشير إلى تحكمه في دوافعه، و يجب أن يميز الطبيب النفسي بين الدوافع الحقيقية و الدوافع الوهمية التي تدل على المرض العقلي، و إذا ما كان الدافع من الممكن السيطرة علية و تحويله إلى عمل آخر أقل خطورة من الجريمة التي إرتكبها المريض.
و هناك حقيقة إتفق عليها الأطباء النفسيون مع رجال القانون مفادها أن الجرائم التي ترتكب تحت تأثير المواد المخدرة و المسكرات التي يتعاطاها الشخص بإرادته لا يمكن أن يتم إعفاء مرتكبيها من المسؤولية، أما إذا تناول الشخص هذه المواد رغما عنه أو دون علمه فإن ذلك له حكم قانوني آخر.
في الأخير و في ظل عدم وجود قانون موحد للطب العقلي و الذي يفصل نهائيا في القضايا المرتبطة بالمرض العقلي ، يبقى السؤال مطروحا: على ماذا سيعتمد الطبيب النفسي ليطلب إعفاء المتهم من مسؤولية أفعاله؟ وكيف يمكن للقانون أن يتعامل مع هذه الفئة؟ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]