سيد العطفي مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 156 نقاط : 166 السٌّمعَة : 1
تاريخ الميلاد : 31/12/1978 تاريخ التسجيل : 04/09/2010 العمر : 45 الموقع : تمنغست العمل/الترفيه : المكز الجامغي تمنغست المزاج : ممتاز تعاليق : اللهما انصرنا بحق محمد وال محمد
| موضوع: * هكذا بدأت الحكاية الأحد أكتوبر 07 2012, 21:51 | |
| لا أدري ما الذي شدّني – وكنت أتصفح جريدة إلى تلك الصورة المعلّقة على أحد الجدران في ساحة فلسطين. فتاة جميلة تبتسم ابتسامة ساحرة، جعلتني أقف مشدوهًا أنظر إليه بإجلال، ولكنني سرعان ما انقبض قلبي، وسألت صديقي لماذا أضيفت بضع نقاط من الدم الأحمر على الصورة، وكأنها تقطر من وجه الفتاة الباسمة، فأخبرني أن هذه الفتاة وقد "قتلها الإسرائيليون لأنها رفضت أن تسلّم عليهم". فقلت في نفسي أهكذا تكون خاتمة العفة والحياء ؟ إلى هنا، لا تنتهي القصة مع الفتاة، بل تبدأ حكاية من حكايات الأنثى التي تحمل معها مبادئ العفة بدأت أتعرف إليها شيئًا فشيئًا مع مرور الزمن ورمتنا الأيام على مفارق دروب مختلفة. إن العفّة، والحياء فرعها، هي أحدى الفضائل الأربع الأساس التي لا بدّ من تربية الأبناء عليها، حتى تستقيم شخصياتهم وتتوازن. «الفضائل أربعة أجناس، أحدها: الحكمة وقوامها في الفكرة، والثاني: العفّة وقوامها في الشهوة، والثالث: القوة وقوامها في الغضب، والرابع: العدل وقوامه في اعتدال قوى النفس».
أولاً: تعريف العفّة والحياء لا بد لنا، في البدء، من تبيان مقصودنا من العفّة والحياء. وحيث إن أوضح تعريف للشيء يكون بتبيان ضده، فإننا سوف نعتمد هذا المبدأ في تعريفنا لكلٍّ من العفّة والحياء، خاصةً وأن مثل هذا التعريف ورد على لسان معلم البشرية محمد (ص الله عليه واله ). فعن رسول الله (ص الله عليه واله): «إن الله يحبُّ الحييَّ المتعفِّف ويبغض البذيّ السّائل الملحف». فالحياء، إذاً، هو السلوك المقابل للبذاء والفحش. والعفاف هو السلوك المقابل لبذل ماء الوجه والإلحاف في السؤال. وكما يبدو، فإن هناك تلازماً بين هذين الخلقيين، فكل عفيف لا بدَّ من أن يكون حييَّاً وكل حيي لا بد من أن يكون عفيفاً. وعنه صلى الله عليها وسلم «سبب العفّة الحياء» و «على قدر الحياء تكون العفّة» لاكتساب الفضائل، كما يحدّث علماء الأخلاق، مستويان: 1- مستوى نظري ويتم بالعلم والمعرفة. 2- ومستوى عملي ويتم بالعزم والتطبيق العملي. ولا شك في أن ما نبتغيه في مقالتنا هذه، ليس اكتساب هاتين الفضيلتين على المستوى النظري فحسب، بل اكتسابهما على المستوى العملي أيضاً. وحيث إن المستوى الثاني لا يتحقق من دون تحقق المستوى الأول، فإن اكتساب القيم والفضائل يقتضي تحقق العلم والعزم معاً. ونقصد بالعلم: معرفة معنى الفضيلة، أهميتها، آثارها، مصادقها... ونقصد بالعزم: إرادة التطبيق والقدرة على الالتزام العملي بالفضيلة المذكورة. وعليه، فإن اكتساب الفضائل يقتضي تحقق المعرفة والقناعة من جهة، ويقتضي امتلاك إرادة وقدرة على الالتزام بسلوكٍ ما والامتناع عن القيام بالسلوك المناقض من جهةٍ أخرى. ويحتاج ذلك إلى عمل دؤوب يبدأ منذ نعومة أظافر الأطفال ويستمر حتى بلوغهم سن الفتوة والشباب. وحيث إن تحقق العلم والعزم له أساليب تختلف من مرحلة عمرية إلى أخرى، أي ما يستطيع أن يستوعبه الأولاد عن القيم والفضائل ومصادقيها، يختلف من عمر إلى آخر، وكذلك، ما يستطيعون امتلاكه من إرادةٍ وقدرةٍ على الالتزام، يحتاج إلى تمرين وتدريبٍ بأساليب تختلف أيضاً، من عمر إلى آخر. انكبّ علماء الأخلاق على دراسة كيفية حدوث هذا الاكتساب على الصعيد النظري والعملي، وهو ما يسمى في البحوث التربوية بالنمو الأخلاقي. ثالثاً: كيفية تطور النمو الأخلاقي لدى الأولاد تصدّى عدد من الباحثين ـ عند المسلمين وغيرهم ـ إلى دراسة النمو الأخلاقي لدى الأولاد وكيفية تطوره. وقُدِّمت، نتيجةَ هذه الأبحاث والتجارب، نظرياتٍ متكاملة، إضافةً إلى بعض الآراء والملاحظات المتناثرة. إلاَّ أن هذه النظريات والآراء تتقاطع في مفاصل أساس، يمكننا الأخذ بها، حيث إنها أتت منسجمة مع الخطوط العريضة التي أسسها الرسول (ص) للتربية في الإسلام، وذلك من خلال تقسيمه المراحل العمرية إلى ثلاث، بحسب الحديث الشريف: «الغلام يلعب سبع سنين، ويتعلّم الكتاب سبع سنين، ويتعلّم الحلال والحرام سبع سنين». فجلُّ هذه النظريات (6) يؤكّد أن: 1- الولد قبل 6-7 سنين؛ لا يدرك البعد المعنوي للقيم الأخلاقية، إلاَّ أنه يلتزم بها خوفاً من عقاب الكبار، ورغبةً في الحصول على ثوابهم. 2 - في المرحلة الثانية، أي من 6-7 سنين إلى 12-14 سنة؛ فإنه يبدأ بإدراك آثار هذه القيم وأهميتها، ولكنه لا يستطيع أن يهتدي إلى كل المصادق بمفرده. فهو يدرك، على سبيل المثال، أن الصدق حسن، وأن الكذب سيّئ، ولكنه بحاجة لمن يعلِّمه مصادق الصدق والكذب. كما وأنه، وبالرغم من إدراكه لحسن فضيلةٍ ما وقبح نقيضها، إلاَّ أنه لا يمتلك، ابتداءً، الإرادة والقدرة على الالتزام التلقائي بها، إلاَّ إذا رُوقِبَ وحُفِّز بشكلٍ دائمٍ ولفترة طويلة، بل وهُدِّد بالعقاب في حال لم ينفع معه التحفيز من قبل الكبار الراشدين الذين يتولون تربيته. 3- أما في المرحلة الثالثة أي من 12-14 سنة إلى 18-21 سنة؛ فإن الأولاد في هذه المرحلة لديهم القدرة على فهم البُعد المعنوي للقيم، ويستطيعون أيضاً أن يستنتجوا مصادقيها العملية بأنفسهم. لذا، لا بد من غرس القيم والفضائل بالشكل الذي يؤدّي إلى اقتناعهم بها واعتبارهم إياها مبادئ ثابتة، لا يليق بهم أن يتصرّفوا بشكلٍ يتنافى معها.
| |
|