الفصل الثاني: الطلاق.
لقد نص المشرع الجزائري في م 47 قا.أ على أنه:" تنحل الرابطة الزوجية بالطلاق أو الوفاة"، غير أن الرابطة
الزوجية تنحل كذلك بالبطلان الذي يختلف في عدة أمور عن الطلاق، وأن هذا الاختلاف يتمثل في النقاط التالية:
- الطلاق لا يقع إلا في الزواج الصحيح، أما البطلان لا يكون إلا في عقد الزواج الذي تم مخالفا لأحكام
ونصوص قانون الأسرة.
- حل الرابطة الزوجية عن طريق الطلاق ينقص من عدد الطلقات التي يملكها الزوج، أما البطلان فلا يعتد به
ومن ثم فلا ينقص من ذلك العدد.
- بطلان عقد الزواج يقطع الرابطة الزوجية في الحال ولا يترتب عليه أي أثر إذا كان لم يدخل بها، أما في
الطلاق للمرأة بعض الحقوق حتى وإن لم يدخل بها كحقها في نصف المهر قبل الدخول.
- رفع دعوى البطلان تختلف باختلاف نوعيته فإذا كان بطلانا مطلقا فيجوز رفع الدعوى في هذه الحالة من كل
من كانت له مصلحة في ذلك وكذلك من قبل القاضي من تلقاء نفسه بل يجوز للنيابة العامة التدخل في هذه
المسألة، أما إذا كان بطلان نسبي فهنا حق رفع الدعوى يبقى محصور لمن قرر البطلان لمصلحته.
بينما الطلاق هو حق مقرر للزوجين فقط.
- في الشريعة الإسلامية لمن طلق زوجته طلاقا رجعيا أن يراجعها من دون عقد مادام عدتها لم تنتهي بعد، أما
في البطلان فالعقد ينحل ولا يجوز للزوج أن يتزوج بها إلا بعقد جديد.
أولا: أنواع الطلاق.
-1 الطلاق الرجعي والطلاق البائن:
يقصد بالطلاق الرجعي هو أنه يجوز للزوج أن يراجع زوجته التي طلقها شريطة أن لا تكون قد انقضت عدتها
وذلك بدون عقد جديد ولا مهر جديد.
ويقابل الطلاق الرجعي الطلاق البائن ويكون هذا الأخير في الحالات التالية:
- الطلاق قبل الدخول.
- الطلاق على مال أو ما يسمى بالخلع.
- عندما تكون الطلقة مكملة للطلقة الثالثة.
ولقد أضاف الفقه الحنفي الحالتين التاليتين بشأن الطلاق البائن:
- إذا وصفه الزوج بأنه طلاق بائن كأن يقول لها أنت مطلقة طلاقا بائنا.
- إذا قرن الطلاق بأفعال تدل على البينونة.
أما من زاوية القانون فتنص م 49 قا.أ على أنه:" لا يثبت الطلاق إلا بحكم بعد عدة محاولات صلح..."، وجاءت
م 50 قا.أ تنص على أنه:" من راجع زوجته أثناء محاولة الصلح لا يحتاج إلى عقد جديد ومن راجعها بعد صدور الحكم
بالطلاق يحتاج إلى عقد جديد"، بتنسيق هذين النصين يتضح لنا أن المشرع الجزائري لم يأخذ بالطلاق الرجعي وإنما
أخذ فقط بالطلاق البائن بحيث أن الطلاق لا يقع في نظره إلا بحكم قضائي ومتى صدر ذلك الحكم فإنه لا يمكن للزوج
إرجاع زوجته إلا بعقد جديد.
ولكن ما يعاتب على المشرع الجزائري وهو أنه رتب أثار الطلاق الرجعي على الطلاق البائن فيما يتعلق بالميراث،
بمعنى لو طلقت المرأة بحكم قضائي فإن لها الحق في الميراث مادامت لا زالت في عدتها وكذلك الشأن بالنسبة للزوج
( م 132 قا.أ).
ونتيجة للطلاق البائن فإنه يرتب الآثار التالية:
- زوال الاستمتاع بين الزوجين.
- ينقص به عدد الطلقات التي يملكها الزوج.
- يمنع في الشريعة الإسلامية التوارث بين الزوجين حتى ولو توفي أحدهما وهي مازالت في عدتها وهذا على خلاف
ما نص عليه المشرع في م 132 قا.أ بأنه:" إذا توفي أحد الزوجين قبل صدور الحكم بالطلاق أو كانت الوفاة في عدة
الطلاق استحق الحي منهما الإرث".
-2 الطلاق الثلاث:
إذا نطق الزوج بالطلاق مقترنا ذلك بالثلاث قولا أو فعلا فهو طلاق بدعي، ولكن هل يقع به الطلاق؟ للإجابة
على ذلك فقد تضاربت أراء الفقهاء إلى ثلاث مواقف:
يرى بعض الشيعة الجعفرية أن الطلاق بلفظ الثلاث لا يقع به الطلاق لأنه غير مشروع كونه منهي عنه.
بينما يرى جمهور الفقهاء بأن هذا النوع من الطلاق يقع ومن ثم إذا اقترن بلفظ الثلاث يعتبر طلاق ثلاث.
أما الرأي الثالث يرى بأن الطلاق المتكرر أو المقترن بعدد لا يقع به إلا طلقة واحدة.
موقف المشرع الجزائري: تنص م 51 قا.أ على أنه:" لا يمكن أن يراجع الرجل من طلقها ثلاث مرات متتالية
إلا بعد أن تتزوج غيره وتطلق منه أو يموت عنها بعد البناء"، وبناء على هذه المادة وبالتنسيق مع م 49 قا.أ فإن
الطلاق في نظر المشرع الجزائري لا يقع ثلاثا إلا بعد صدور ثلاث أحكام قضائية متتالية بمعنى أن يطلق الزوج
زوجته في المرة الأولى ثم يراجعها ثم يطلقها في مرة ثانية ثم يراجعها ثم يطلقها في المرة الثالثة هنا نكون أمام الطلاق
الثلاث، أما إذا كان الطلاق بلفظ الثلاث كأن يقول الزوج لزوجته أنت مطلقة طلاقا ثلاثا هنا لا يقع الطلاق إلا طلقة
1985 بقوله:" الطلاق إذا /04/ واحدة إذا نطق به القاضي، وهذا ما قضى به المجلس الأعلى في قراره الصادر في 08
كان بلفظ الثلاث فإنه ينصرف إلى طلقة واحدة بائنة".
-3 الطلاق السني والطلاق البدعي:
الطلاق السني هو الذي يتم وفقا للسنة النبوية، أما الطلاق البدعي هو الذي يتم مخالفا لما قرره الرسول صلى الله
عليه وسلم وهو يكون في الحالات التالية:
- إذا طلق الزوج زوجته طلاقا ثلاثا في لفظ واحد.
- إذا طلق الزوج زوجته وهي حائض أو في طهر واقعها فيه.
الطلاق السني هو الذي يتم في طهر المرأة قبل أن يتم الوطأ بينهما.
ما حكم الطلاق البدعي؟ هذا النوع من الطلاق هو حرام ومن يوقعه يكون آثما وهذا ما استقر عليه الفقه
الإسلامي، ولكن هل يقع؟ يرى جمهور الفقهاء بأن هذا النوع من الطلاق يقع، بينما يرى جانب من الفقه يتمثل في
الجعفرية بعدم وقوعه لأن النهي عندهم يدل على الفساد فلا يترتب عليه أثر، وأمام هذين الرأيين فإن ما هو مستقر عليه
قضاء في الجزائر أن الطلاق البدعي يقع لأن أثناء إجراءات التقاضي فالقاضي غير مجبر بمعرفة عما إذا رفع الزوج
دعوى الطلاق في طهر زوجته ولم تتم فيه المخالطة الجنسية بينهما.