منتدى الشريعة والقانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشريعة والقانون

**وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا**
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء


 

 الإحاطة في أخبار غرناطة

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
كوثر الجنة
مرتبة
مرتبة
كوثر الجنة


الجنس : انثى عدد المساهمات : 138
نقاط : 230
السٌّمعَة : 10

تاريخ الميلاد : 24/02/1991
تاريخ التسجيل : 19/03/2010
العمر : 33
الموقع : وطني الحبيب
المزاج : متألق

الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: الإحاطة في أخبار غرناطة   الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد فبراير 27 2011, 20:53

تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

القسم الأول في حلى المعاهد والأماكن والمنازل والمساكن في اسم هذه المدينة ووضعها على إجمالٍ واختصار يقال غرناطة ويقال إغرناطة وكلاهما أعجمى وهي مدينة كورة إلبيرة فبينهما فرسخان وثلثا فرسخ‏.‏
وإلبيرة من أعظم كور الأندلس ومتوسطة ما اشتمل عليه الفتح من البلاد وتسمى في تاريخ الأمم السالفة من الروم سنام الأندلس وتدعى في القديم بقسطيلية‏.‏
وكان لها من الشهرة والعمارة ولأهلها من الثروة والعدة وبها من الفقهاء والعلماء ما هو مشهور‏.‏
قال أبو مروان ابن حيان‏:‏ كان يجتمع بباب المسجد الجامع من إلبيرة خمسون حكمة كلها من فضة لكثرة الأشراف بها‏.‏
ويدل على ذلك آثارها الخالدة وأعلامها الماثلة كطلل مسجدها الجامع الذي تحامى استطالة البلى كسلت عن طمس معالمه أكف الردى إلى بلوغ ما فسح له من المدى‏.‏
بناه الأمير محمد بن عبد الرحمن بن الحكم أمير المؤمنين الخليفة بقرطبة رحمه الله على تأسيس حنش بن عبد الله الصنعاني الشافعي رحمه الله وعلى محرابه لهذا الوقت‏:‏ بسم الله العظيم بنيت لله أمر ببنائها الأمير محمد بن عبد الرحمن أكرمه الله رجاء ثوابه العظيم وتوسيعًا لرعيته فتم بعون الله على يدي عبد الله بن عبد الله عامله على كورة إلبيرة في ذي قعدة سنة خمسين ومائتين‏.‏
ولم تزل الأيام تخيف ساكنها والعفاء يتبوأ مساكنها والفتن الإسلامية تجوس أماكنها حتى شملها الخراب وتقسم قاطنها الاغتراب وكل الذي فوق التراب تراب‏.‏
\\وانتقل أهلها مدة أيام الفتنة البربرية سنة أربعمائة من الهجرة فما بعدها ولجأوا إلى مدينة غرناطة فصارت حاضرة الصقع وأم المصر وبيضة ذلك الحق لحصانة وضعها وطيب هوائها ودرور مائها ووفور مدتها فأمن فيها الخائف ونظم النشر ورسخت الأقدام وتأثل المصر وهلم جرا‏.‏
فهي بالأندلس قطب بلاد الأندلس ودار الملك وقرى الإمارة أبقاها الله متبوأ الكلمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بقدرته‏.‏
من كتاب إلبيرة‏.‏
قال‏:‏ بعد ذكر إلبيرة وقد خلفها بعد ذلك كله مدينة غرناطة من أعظم مدنها وأقدمها عندما انقلبت العمارة إليها من إلبيرة ودارت أفلاك البلاد الأندلسية فهي في وقتنا هذا قاعدة الدنيا وقرارة العليا وحاضرة السلطان وقبة العدل والإحسان‏.‏
لا يعد لها في داخلها ولا خارجها بلد من البلدان ولا يضاهيها في اتساع عمارتها وطيب قرارتها وطنٌ من الأوطان‏.‏
ولا يأتي على حصر أوصاف جمالها وعد أصناف جلالها قلم البيان‏.‏
أدام الله فيها العز للمسلمين والإسلام وحرسها ومن اشتملت عليه من خلفائه وأنصار لوائه بعينه التي لا تنام وركنه الذي لا يرام‏.‏
وهذه المدينة من معمور الإقليم الخامس يبتدىء من الشرق من بلاد يأجوج ومأجوج ثم يمر على شمال خراسان ويمر على سواحل الشأم مما يلي الشمال ويمر على بلاد الأندلس قرطبة وإشبيلية وما والاها إلى البحر المحيط الغربي‏.‏
وقال صاعد بن أحمد في كتاب الطبقات إلى معظم الأندلس في الإقليم الخامس وطائفة منها في الإقليم الرابع كمدينة إشبيلية ومالقة وغرناطة وألمرية ومرسية‏.‏
وذكر العلماء بصناعة الأحكام أن طالعها الذي اختطت به السرطان ونحلوها لأجل ذلك مزايا وحظوظًا من السعادة اقتضاها تسيير أحكام القرانات الانتقالية على عهد تأليف هذا الموضع‏.‏
\\وطولها سبع وعشرون درجة وثلاثون دقيقة وعرضها سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق‏.‏
وهي مساوية في الطول بأمر يسير لقرطبة وميورقة وألمرية وتقرب في العرض من إشبيلية وألمرية وشاطبة وطرطوشة وسردانية وأنطاكية والرقة‏.‏
كل ذلك بأقل من درجة‏.‏
فهي شاميةٌ في أكثر أحوالها قريبة من الاعتدال وبينها وبين قرطبة أعادها الله تعالى تسعون ميلا‏.‏
وهي منها بين شرق وقبلة‏.‏
وبحر الشأم يحول ويجاجز بين الأندلس وبلاد العدوة وبين غربٍ وقبلة على أربعة برد‏.‏
والجبال بين شرق وقبلة والبراجلات بين شرق وجوف والكنبانية بين غرب وقبلة وبين جوف وغرب فهي لمكان جوار الساحل ممارة بالبواكر الساحلية طيبة البحار وركاب لجهاد البحر ولمكان استقبال الجبال المقصودة بالفواكة المتأخرة اللحاق معللةٌ بالمدخرات استدبار الكنبانية واضطبار البراجلات بحرٌ من بحور الحنطة ومعدنٌ للحبوب المفضلة ولمكان شلير جبل الثلج أحد مشاهير جبال الأرض الذي ينزل به الثلج شتاءً وصيفًا وهو على قبلة منها على فرسخين وينساب منه ستةٌ وثلاثون نهرًا من فوهات الماء وتنبجس من سفوحه العيون صح منها الهواء واضطردت في أرجائها وساحاتها المياه وتعددت الجنات بها والبساتين والتفت الأدواح وشمر الرواد على منابت العشب في مظان العقار مستودعات الأدوية والترياقية‏.‏
وبردها لذلك في المنقلب الشتوي شديد وتجمد بسببه الأدهان والمائعات ويتراكم بساحاتها الثلج في بعض السنين فجسوم أهلها لصحة الهواء صلبة وهي دار منعة وكرسي ملك ومقام حصانة‏.‏
وكان ابن غانية يقول للمرابطين في مرض موته وقد عول عليها للامتساك بدعوتهم‏:‏ الأندلس درقةٌ وغرناطة قبضتها فإذا جشمتم يا معشر المرابطين القبضة لم تخرج الدرقة من أيديكم‏.‏
ومن أبدع ما قيل في الاعتذار عن شدة بردها ما هو غريب في معناه قول شيخنا القاضي أبي بكر بن شبرين رحمة الله‏:‏ رعى الله من غرناطة متبوأ يسر كئيبًا أو يجير طريدا تبرم منها صاحبي عندما رأى مسارحها بالبرد عدن جليدا هي الثغر صان الله من أهلت به وما خير ثغرٍ لا يكون برودا وقال الرازي عند ذكر كورة إلبيرة‏:‏ ويتصل بأحواز قبرة كورة إلبيرة وهي بين الشرق والقبلة \\وأرضها سقى غزيرة الأنهار كثيرة الثمار ملتفة الأشجار أكثرها أدواح الجوز ويحسن فيها قصب السكر ولها معادنٌ جوهريةٌ من ذهب وفضة ورصاص وحديد‏.‏
وكورة إلبيرة أشرف الكور نزلها جند دمشق‏.‏
وقال‏:‏ لها من المدن الشريفة مدينة قسطلية وهي حاضرة إلبيرة وفحصها لا يشبه بشيء من بقاع الأرض طيبًا ولا شرفًا إلا بالغوطة غوطة دمشق‏.‏
وقال بعض المؤرخين‏:‏ ومن كرم أرضنا أنها لا تعدم زريعةً بعد زريعةٍ ورعيًا بعد رعى طول العام وفي عمالتها المعادن الجوهرية من الذهب والفضة والرصاص والحديد والتوتية‏.‏
وبناحية دلاية من عملها عود اليلنجوج لا يفوقه العود الهندي ذكًا وعطر رائحة‏.‏
وقد سيق منه لخيران صاحب المرية أصلٌ كان منبته بين أحجار هناك‏.‏
وبجبل شلير منها سنبل فائق الطيب وبه الجنطيانا يحمل منه إلى جميع الآفاق وهو عقيرٌ رفيع ومكانه من الأدوية الترياقية مكانه‏.‏
وبه المر قشينة على اختلافها واللازورد‏.‏
وبفحصها وما يتصل به القرمز‏.‏
وبها من العقار والأدوية النباتية والمعدنية ما لا يحتمل ذكرها الإيجاز‏.‏
وكفى بالحرير الذي فضلت به فخرًا وقيتةً وغلة شريفة وفائدة عظيمة تمتاره منها البلاد وتجلبه الرفاق وفضيلة لا يشاركها فيها إلا البلاد العراقية‏.‏
وفحصها الأفيح المشبه بالغوطة الدمشقية حديث الركاب وسمر الليالي قد دحاه الله في بسيط سهل تخترقه المذانب وتتخلله الأنهار جداول وتتزاحم فيه القرى والجنات في ذرع أربعين ميلًا أو نحوها تنبو العين فيها عن وجهه ولا تتخطى المحاسن منها إلا مقدار رقعة الهضاب والجبال المتطامية منه بشكل ثلثي دارةٍ قد عرت منه المدينة فيما يلي المركز لجهة القبلة مستندة إلى أطواد سامية وهضاب عالية ومناظر مشرفة‏:‏ فهي قيد البصر ومنتهى الحسن ومعنى الكمال أضفى الله عليها وعلى من بها من عباده المؤمنين جناح ستره ودفع عنهم عدو الدين بقدرته‏.‏
\\فتح هذه المدينة ونزول العرب الشاميين من جند دمشق بها وما كانت عليه أحوالهم وما تعلق بذلك من تاريخ قال المؤلف‏:‏ اختلف المؤرخون في فتحها‏.‏
قال ابن القوطية‏:‏ إن يليان الرومي الذي ندب العرب إلى غزو الأندلس طلبًا لو تره من ملكها لذريق بما هو معلوم قال لطارق بن زياد مفتتحها عندما كسر جيش الروم على وادي لكه‏:‏ قد فضضت جيش القوم ودوخت حاميتهم وصيرت الرعب في قلوبهم فاصمد لبيضتهم وهؤلاء أدلاء من أصحابي ففرق جيوشك في البلدان بينهم واعمد أنت إلى طليطلة بمعظمهم وأشغل القوم عن النظر في أمرهم والاجتماع إلى ولي رأيهم‏.‏
قال‏:‏ ففرق طارق جيوشه من إستجة فبعث مغثيًا الرومي مولى الوليد ابن عبد الملك بن مروان إلى قرطبة وبعث جيشًا آخر إلى مالقة وأرسل جيشًا ثالثًا إلى غرناطة مدينة إلبيرة وسار هو في معظم الناس إلى كورة جيان يريد طليطلة‏.‏
قال فمضى الجيش الذي وجه طارق إلى مالقة ففتحها ولجأ علوجها إلى جبال هناك ممتنعة‏.‏
ثم لحق ذلك الجيش بالجيش المتوجة إلى إلبيرة فحاصروا مدينتها وفتحوها عنوة وألفوا بها يهودًا ضموهم إلى قصبة غرناطة وصار لهم ذلك سنة متبعة متى وجدوا بمدينة فتحوها يهودًا يضمونهم إلى قصبتها ويجعلون معهم طائعةً من المسلمين يسدونها‏.‏
ثم مضى الجيش إلى تدمير‏.‏
وكان دخول طارق بن زياد الأندلس يوم الإثنين لخمس خلون من رجب سنة اثنين وتسعين‏.‏
وقيل في شعبان‏.‏
وقيل في رمضان بموافقة شهر غشت من شهور العجمية‏.‏
وذكر معاوية بن هشام وغيره أن فتح ما ذكر تأخر إلى دخول موسى ابن نصير في سنة ثلاث وتسعين‏.‏
فتوجه ابنه عبد الأعلى في جيش إلى تدمير فافتتحها ومضى إلى إلبيرة فافتتحها ثم توجه إلى مالقة‏.‏
\\قال المؤلف رحمة الله‏:‏ ولما استقر ملك الإسلام بجزيرة الأندلس ورمى إلى قصبتها الفتح واشرأب في عرصاتها الدين ونزلت قرطبة وسواها العرب فتبوؤوا الأوطان وعمروا البلدان فالداخلون على يد موسى بن نصير يسمون بالبلديين والداخلون بعدهم مع بلج بن بشر القشيري يسمون بالشاميين وكان دخول بلج بن بشر القشيري بالطالعة البلجية سنة خمس وعشرين ومائة‏.‏
ولما دخل الشاميون مع أميرهم بلج حسبما تقرر في موضعه وهم أسود الشرى عزة وشهامة غص بهم السابقون إلى الأندلس وهم البلديون وطالبوهم بالخروج عن بلدهم الذي فتحوه وزعموا أنه لا يحملهم وإياهم واجتمعوا لغزوهم فكانت الحروب تدور بينهم إلى أن وصل الأندلس أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي عابرًا إليها البحر من ساحل تونس وأظل على قرطبة على حين غفلة وقد ستر خبر نفسه والحرب بينهم فانقاد إليه الجميع بحكم عهد مدينه حنظلة ابن صفوان وإلى إفريقية وقبض على وجوه الشاميين عازمًا عليهم في الإنصراف حسبما هو مشهور ورأى تفريق القبائل في كور الأندلس ليكون أبعد للفتنة ففرقهم وأقطعهم ثلث أموال أهل الذمة الباقين من الروم فخرج القبائل الشاميون عن قرطبة‏.‏
قال أبو مروان‏:‏ أشار على أبي الخطار أرطباس قومس الأندلس وزعيم عجم الذمة ومستخرج خراجهم لأمراء المسلمين - وكان هذا القومس شهير العلم والدهاء - لأول الأمر بتفريق القبائل الشاميين العلمين عن البلد عن دار الإمارة قرطبة إذ كانت لا تحملهم وإنزالهم بالكور على شبه منازلهم التي كانت في كور شامهم ففعل ذلك على اختيار منهم فأنزل جند دمشق كورة إلبيرة وجند الأردن كورة جيان وجند مصر كورة باجة وبعضهم بكورة تدمير‏:‏ فهذه منازل العرب الشاميين وجعل لهم ثلث أموال أهل الذمة من العجم طعمةً وبقي العرب والبلديون والبرابر شركاؤهم فلما رأوا بلدانًا شبه بلدانهم بالشأم نزلوا وسكنوا واغتبطوا وكبروا وتمولوا إلا من كان قد نزل منهم لأول قدومه في الفتوح على عنائهم موضعًا رضيا فإنه لم يرتحل عنه وسكن به مع البلديين‏.‏
فإذا كان العطاء أو حضر الغزو ولحق بجنده فهم الذين كانوا سموا الشادة حينئذ‏.‏
قال أحمد بن موسى‏:‏ وكان الخليفة يعقد لواءين لواءٌ غازيًا ولواءً مقيمًا وكان رزق الغازي بلوائه مائتي دينار‏.‏
ويبقى المقيم بلا رزق ثلاثة أشهر ثم يدال بنظيره من أهله أو غيرهم‏.‏
\\وكان الغزاة من الشاميين مثل إخوة المعهود له أو بنيه أو بني عمه يرزقون عند انقضاء غزاته عشرة دنانير وكان يعقد المعقود له مع القائد يتكشف عمن غزا ويستحق العطاء فيعطى على قوله تكرمة له وكانت خدمتهم في العسكر واعتراضهم إليه ومن كان من الشاميين غازيًا من غير بيوتات العقد ارتزق خمسة دنانير عند انقضاء الغزو‏.‏
ولم يكن يعطى أحدٌ من البلديين شيئًا غير المعقود له وكان البلديون أيضًا يعقد لهم لواءان لواء غاز ولواء مقيم وكان يرتزق الغازي مائة دينار وازنة وكان يعقد لغيره إلى ستة أشهر ثم يدال بنظيره من غيرهم ولم يكن الديوان والكتبة إلا في الشاميين خاصة وكانوا أحرارًا من العشر معدين للغزو ولا يلزمهم إلا المقاطعة على أموال الروم التي كانت بأيديهم وكان العرب من البلديين يؤدون العشر مع سائر أهل البلد وكان أهل بيوتاتٍ منهم يغزون كما يغزو الشاميون بلا عطاء فيصيرهم إلى ما تقدم ذكره‏.‏
وإنما كان يكتب أهل البلد في الغزو وكان الخليفة يخرج عسكرين إلى ناحيتين فيستنزلهم وكانت طائفةٌ ثالثة يسمون النظرا من الشاميين والبلديين كانوا يغزون كما يغزو أهل البلد من الفريقين وقد بينا نبدة من أحوال هؤلاء العرب‏.‏
والاستقصاء يخرج كتابنا عن غرضه‏.‏
والإحاطة لله سبحانه‏.‏
ذكر ما آل إليه حال من ساكن المسلمين‏.‏
بهذه الكورة من النصارى المعاهدين على الإيجاز والاختصار قال المؤلف‏:‏ ولما استقر بهذه الكورة الكريمة أهل الإسلام وأنزل الأمير أبو الخطار قبائل العرب الشاميين بهذه الكورة وأقطعهم ثلث أموال المعاهدين استمر سكناهم في غمار من الروم يعالجون فلاحة الأرض وعمران القرى يرأسهم أشياخ من أهل دينهم أولو حنكة ودهاء ومداراة ومعرفة بالجباية اللازمة لرؤوسهم‏.‏
وأحدهم رجل يعرف بابن القلاس له شهرة وصيت وجاه عند الأمراء بها‏.‏
وكانت لهم بخارج الحضرة على غلوتين تجاه باب إلبيرة في اعتراض الطريق إلى قولجر كنيسة شهيرة اتخذها لهم أحد الزعماء من أهل دينهم استر كبه بعض أمرائها في جيش خشن من الروم \\فأصبحت فريدة في العمارة والحلية أمر بهدمها الأمير يوسف بن تاشفين لتأكد رغبة الفقهاء وتوجه فتواهم‏.‏
قال ابن الصيرفي‏:‏ خرج أهل الحضرة لهدمها يوم الإثنين عقب جمادى الآخرة من عام اثنين وتسعين وأربعمائة فصيرت للوقت قاعا وذهبت كل يد بما أخذت من أنقاضها وآلاتهما‏.‏
قلت ومكانها اليوم مشهورٌ وجدارها مائلٌ ينبىء عن إحكام وأصالة وعلى بعضها مقبرةٌ شهيرة لابن سهل بن مالك رحمه الله‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

كاتب الموضوعرسالة
كوثر الجنة
مرتبة
مرتبة
كوثر الجنة


الجنس : انثى عدد المساهمات : 138
نقاط : 230
السٌّمعَة : 10

تاريخ الميلاد : 24/02/1991
تاريخ التسجيل : 19/03/2010
العمر : 33
الموقع : وطني الحبيب
المزاج : متألق

الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة   الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد فبراير 27 2011, 21:08

بدر مولى عبد الرحمن بن معاوية الداخل يكنى أبا النصر رومي الأصل كان شجاعًا داهية حازمًا فاضلًا مصممًا تقيًا علمًا من أعلام الوفاء‏.‏
لازم مولاه في أعقاب النكبة وصحبه إلى المغرب الأقصى مختصًا به ذابا عنه مشتملا عليه وخطب له الأمر بالأندلس فتم له بما هو مذكور‏.‏
قال أبومروان في المقتبس إن عبد الرحمن لما شرده الخوف إلى قاصية المغرب وتنقل بين قبائل البربر ودنا من ساحل الأندلس وكان بها همه يستخبر من قرب فعرف أن بلادها مفترقةٌ بفرقتي المضرية واليمانية فزاد ذلك في أطماعه فأدخل إليهم بدرًا مولاه يحسس عن خبرهم فأتى القوم وبلى ما عندهم فداخل اليمانيين منهم وقد عصفت ريح المضريين بظهور بني العباس بالمشرق فقال لهم ما رأيكم في رجل من أهل الخلافة يطلب الدولة بكم فيقيم أودكم ويدرككم آمالكم‏.‏
فقالوا‏:‏ ومن لنا به في هذه الديار فقال بدرٌ‏:‏ ما أدناه منكم وأنا الكفيل لكم به هذا فلان بمكان كذا وكذا يقدمن نفسه فقالوا‏:‏ فجيء به أهلا إنا سراعٌ إلى طاعته وأرسلوا بدرًا بكتبهم يستدعونه فدخل إليه بأيمن طائر واستجمع إليه خلق كثير من أنصاره قاتل بهم يوسف الفهري فقهره لأول وقائعه وأخذ الأندلس منه وأورثها عقبه‏.‏
محنته قال الراوي‏:‏ وكان من أكبر من أمضى عليه عبد الرحمن بن معاوية حكم سياسته وقومه معدلته مولاه بدر المعتق منه بكل ذمة محفوظة الخائض معه لكل غمرة مرهوبة وكل ذلك لم يغن عنه نقيرًا لما أسلف في إدلاله عليه وكثر من الانبساط لحرمته فجمح مركب تحامله حتى أورده ألمًا يضيق الصدر عنه وآسف أميره ومولاه حتى كبح عنانه عن نفسه بعد ذلك كبحة أقعى بها أو شارف حمامه لولا أن أبقى الأمير على نفسه التي لم يزل مسرفًا عليها‏.‏
قال‏:‏ فانتهى في عقابه لما سخط عليه أن سلب نعمته وانتزع دوره وأملاكه وأغرمه على ذلك كله أربعين ألفًا من صامته ونفاه إلى الثغر فأقصاه عن قربه ولم يقله العثرة إلى أن هلك فرفع طمع الهوادة عن جميع ثقله وخدمته وصير خبره مثلا في الناس بعده‏.‏
تاشفين بن علي بن يوسف أمير المسلمين بعد أبيه بالعدوة صالي حروب الموحدين أوليته فيما يختص به التعريف بأولية قومه ينظر في اسم أبيه وجده إن شاء الله‏.‏
قال ابن الوراق في كتاب المقياس وغيره‏:‏ وفي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة ولي الأمير علي بن يوسف أمير لمتونة الشهير بالمرابط ولده الأمير المسمى بسير عهده من بعده وجعل له الأمر في بقية حياته ورأى أن يولي ابنه تاشفين الأندلس فولاه مدينة غرناطة وألمرية ثم قرطبة مضافة إلى ما بيده قلت وفي قولهم رأى أن يولي الأندلس فولاه مدينة غرناطة شاهد كبير على ما وصفناه من شرف هذه المدينة فنظر في مصالحها وظهر له بركة في النصر على العدو وخدمه الجد الذي أسلمه وتبرأ منه في حروبه مع الموحدين حسبما يتقرر في موضعه فكانت له على النصارى وقائع عظيمة بعد لها الصيت وشاع الذكر حسبما يأتي في موضعه‏.‏
\\قال فكبر ذلك على أخيه سيرولي عهد أبيه وفاوض أباه في ذلك وقال له‏:‏ إن الأمر الذي أهلتني إليه لا يحسن لي مع تاشفين فإنه قد حمل الذكر والثناء دوني وغطى على اسمي وأمال إليه جميع أهل المملكة فليس لي معه اسمٌ ولا ذكرٌ‏.‏
فأرضاه بأن عزله عن الأندلس وأمره بالوصول إلى حضرته فرحل عن الأندلس في أواسط سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة ووصل مراكش وصار من جملة من يتصرف بأمر أخيه سير ويقف ببابه كأحد حجابه فقضى الله وفاة الأمير سير على الصورة القبيحة حسبما يذكر في اسمه وثكله أبوه واشتد جزعه عليه وكان عظيم الإيثار والإرضاء لأمه قمر وهي التي تسببت في عزل تاشفين وإخماله نظرًا إلى ابنها فقطع المقدار بها عن أملها بهلاكه‏.‏
ولما توفي الأمير سير أشارت الأم المذكورة على أبيه بتقديم ولده إسحاق وكان رؤومًا لها قد تولت تربيته عند هلاك أمه وتبنته فقال لها وهو صغير السن لم يبلغ الحلم ولكن حتى أجمع الناس في المسجد خاصة وعامة وأخبرهم فإن صرفوا الخيار إلى فعلت ما أشرت به فجمع الناس وعرض عليهم الأمر فقالوا كلهم في صوت واحد‏:‏ تاشفين فلم توسعه السياسة مخالفتهم فعقد له الولاية بعده ونقش اسمه في الدنانير والدراهم مع اسمه وقلده النظر في الأمور السلطانية فاستقر بذلك‏.‏
وكتب إلى العدوة والأندلس وبلاد المغرب ببيعته فوصلت البيعات من كل جهة‏.‏
ثم رمى به جيوش الموحدين الخارجين عليه فنبا جده ومرضت أيامه وكان الأمر عليه لا له بخلاف ما صنع الله له بالأندلس‏.‏
قال أبو مروان الوراق‏:‏ وكان أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين قد أمل في ابنه تاشفين ما لم تكن الأقدار تساعده به فتشاءم به وعزم على خلعه وصرف عهده إلى إسحاق ولده الأصغر ووجه إلى عامله على إشبيلية أغمار أن يصل إليه ليجعله شيخ ابنه إلى أن وافاه خبرٌ أمضه وأقلقه ولم يمهله فأزعج تاشفين إلى عدوه على غير أهبة بتفويضه إياه وصرف المدد في إثره وتوفي لسبع خلون من رجب سنة سبع وثلاثين لفعله ذلك‏.‏
ملكه ووصف حاله‏:‏ فأفضى إليه ملك أبيه بتفويضه إياه في حياته لسبع خلون من رجب سنة سبع وثلاثين وخمسمائة وكان بطلًا شجاعًا حسن الركبة والهيئة‏.‏
سالكًا ناموس الشريعة مائلًا إلى طريقة المستقيمين وكتب المريدين قبل إنه لم يشرب قط مسكرًا ولا استمع إلى قينة ولا اشتغل بلذة مما يلهو به الملوك‏.‏
الثناء عليه‏:‏ قال ابن الصيرفي‏:‏ وكان بطلًا شجاعًا أحبه الناس خواصهم وعوامهم وحسنت سياسته فيهم وسد الثغور وأذكى على العدو العيون وآثر الجند ولم يكن منه إلا الجد ولم تنل عنده الحظوة إلا بالعناء والنجدة‏.‏
وبذلك حمل على الخيل وقلد الأسلحة وأوسع الأرزاق واستكثر من الرماة وأركبهم وأقام همتهم للاعتناء بالثغور ومباشرة الحرب ففتح الحصون وهزم الجيوش وهابه العدو ولم ينهض إلا ظاهرًا ولا صدر إلا ظافرًا وملك الملك ومهد بالحزم وتملك نفوس الرعية بالعدل‏.‏
وقلوب الجند بالنصفة‏.‏
ثم قال‏:‏ ولولا الاختصار الذي اشترطناه لأوردنا من سنى خلاله ما يضيق عنه الرحب ولا يسعه الكتب‏.‏
\\دينه‏:‏ قال المؤرخ عكف على زيارة قبر أبي وهب الزاهد بقرطبة وصاحب أهل الإرادة وكان وطيء الأكناف سهل الحجاب‏.‏
يجالس الأعيان ويذاكرهم قال ابن الصيرفي ولما قدم غرناطة أقبل على صيام النهار وقيام الليل وتلاوة القرآن وإخفاء الصدقة وإنشاء العدل وإيثار الحق‏.‏
قالوا مر يومًا بمرج القرون من أحواز قلعة يحصب فقال لزمال من عبيده كان يمازحه هذا مرجك فقال الزمال ما هو إلا مرجك ومرج أبيك وأما أنا فمن أنا فضحك وأعرض عنه‏.‏
دخوله غرناطة‏:‏ قالوا‏:‏ وفي عام ثلاثة وعشرين وخمسمائة ولي الأمير أبو محمد تاشفين بن أمير المسلمين علي بن امير المسلمين يوسف ووافاها في السابع عشر لذي حجة فقوي الحصون وسد الثغور وأذكى العيون وعمد إلى رحبة القصر فأقام بها السقائف والبيوت واتخذها لخزن السلاح ومقاعد الرجال وضرب السهام وأنشأ السقي وعمل التراس ونسج الدروع وصقل البيضات والسيوف وارتبط الخيل وأقام المساجد في الثغور وبنى لنفسه مسجدًا بالقصر وواصل الجلوس للنظر في الظلامات وقراءة الرقاع ورد الجواب وكتب التوقيعات وأكرم الفقهاء والطلبة وكان له يوم في كل جمعة يتفرغ فيه للمناظرة‏.‏
وزراؤه‏:‏ قال أبو بكر وقرن الله به ممن ورد معه الزبير بن عمر اللمتوني ندرة الزمان كرمًا وبسالة وحزمًا وأصالة‏.‏
فكان كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ من ولي شيئًا من أمور المسلمين فأراد الله به خيرًا جعل الله له بطانة خيرٍ وجعل له وزيرًا صالحًا إن نسي شيئًا ذكره وإن ذكره أعانه ‏"‏‏.‏
الوزير أبو محمد الحسين بن زيد بن أيوب بن حامد بن منحل بن يزيد كتابه الرئيس العالم أبو عبد الله بن أبي الخصال والكاتب المؤرخ أبو بكر الصيرفي وغيرهم‏.‏
من أخبار جهاده خرج الأمير تاشفين في رمضان عام أربعة وعشرين وخمسمائة بجيش غرناطة ومطوعتها واتصل به جيش قرطبة إلى حصن السكة من عمل طليطلة وقد اتخذه العدو ركابًا لإضراره بالمسلمين وسحنه وجم به شوكة حادة بقومس مشهور فأحدق به ونشر الحرب عليه فافتتحه عنوة وقتل من كان به وأحيا قائده فرند ومن معه من الفرسان وصدر إلى غرناطة فبرز له الناس بروزًا لم يعهد مثله‏.‏
وفي شهر صفر من عام خمسة وعشرين أوقع بالعدو المضيق على أوليته‏.‏
وفي ربيع الأول من عام ستة وعشرين تعرف خروج عدو طليطلة إلى قرطبة فبادر الأمير تاشفين إلى قرطبة ثم نهد إلى العدو في خف وترك السيقة والثقل بأرجونة‏.‏
وقد اكتسح العدو بشنت إشطيبن والوادي الأحمر‏.‏
وأسرى الليل وواصل الركض وتلاحق بالعدو بقرية براشة‏.‏
فتراءى الجمعان صبحًا وافتضح الجيش ونشرت الرماح والرايات وهدرت الطبول وضاقت المسافة وانتبذ العدو عن الغنيمة والتف الجمع فتقصرت الرماح ووقعت المسابقة ودارت الحرب على العدو وأخذ السيف مأخذه فأتى القتل على آخرهم وصدر إلى غرناطة ظافرًا‏.‏
\\وفي آخر هذا العام خرج العدو للنمط وقد احتفل في جيشه إلى بلاد الإسلام فصبح إشبيلية يوم النصف من رجب وبرز إليه الأمير أبو حفص عمر بن علي بن الحاج فكانت به الدبرة في نفر من المسلمين استشهد جميعهم ونزل العدو على فرسخين من المدينة فجللها نهبًا وغارةً فقتل عظيمًا وسبى عظيما وبلغ الخير الأمير تاشفين فطوى المراحل ودخل إشبيلية وقد أسرها واستؤصلت باديتها وكثر بها التأديب والتنكيل فأخذ أعقاب العدو وقد قصد ناحية بطليوس وباجة ويابرة في ألف عديدة من أنجاد الرجال ومشهور الأبطال فراش جولًا عهدًا بالروع فظفر بما لا يحصيه أحد ولا يقع عليه عدد وانثنى على رسل انتقل السيقة وثقته ببعد الصارخ وتجشمت بالأمير تاشفين الأدلاء كل ذروة وتنية وأفضى به الإعداد إلى فلاة بقرب الزلاقة وهو المهيع الذي يضطر العدو إليه ولم يكن إلا كلا ولا حتى أقبلت الطلائع منذرةً بإقبال العدو والغنيمة في يده قد ملأت الأرض فلما تراءى الجمعان واضطربت المحلات ورتبت المراكب فأخذت مصافها ولزمت الرجال مراكبها فكان القلب مع الأمير ووجوه المرابطين وأصحاب الطاعات وعليه البنود الباسقات مكتبة بالآيات وفي المجتبين كبار الدولة من أبطال الأندلس عليهم حمر الرايات بالصور الهائلة وفي الجناحين أهل الثغر والأوشاب من أهل الجلادة عليهم الرايات المرقعات بالعذبات المجزعات‏.‏
وفي المقدمة مشاهير زناتة ولفيف الحشم بالرايات المصبغات المنبقات‏.‏
والتقى الجمعان ونزل الصبر وحميت النفوس واشتد الضرب والضراب وكثرت الحملات فهزم الله الكافرين وأعطوا رقابهم مدبرين فوقع القتل واستلحم العدو السيف واستأصله الهلاك والأسار وكان فتحًا جليلا لا كفاء له وصدر الأمير تاشفين ظافرًا إلى بلده في جمادى من هذا العام‏.‏
ولو ذهبنا لاستقصاء حركات الأمير تاشفين وظهوره لاستدعى ذلك طولا كثيرًا‏.‏
بعض ما مدح به‏:‏ فمن ذلك‏:‏ أما وبيض الهند عنك خصوم فالروم تبذل ما ظباك تروم تمضي سيوفك في العدا ويردها عن نفسه حيث الكلام وخيم وهذه القصائد قد اشتملت على أغراضها الحماسية‏.‏
والملك سوقٌ يجلب إليها ما ينفق عندها‏.‏
وفاته قد تقدم انصرافه عن الأندلس سنة إحدى وثلاثين وخمسماية وقيل سنة اثنين واستقراره بمراكش مرؤوسًا لأخيه سير إلى أن أفضى إليه الأمر بعد أبيه قال واستقبل تاشفين مدافعة جيش أمير الموحدين أبي محمد عبد المؤمن بن علي خليفة مهديهم ومقاومة أمر قضى الله ظهوره والدفاع عن ملك بلغ مداه وتمت أيامه‏.‏
كتب الله عليه فالتأث سعده وفل جده ولم تقم له قائمةٌ إلى أن هزم وتبدد عسكره ولجأ إلى وهران فأحاط به الجيش وأخذ الحصار قالوا فكان من تدبيره أن يلحق ببعض السواحل وقد تقدم به وصول ابن ميمون قائد أسطوله ليرفعه إلى الأندلس فخرج ليلا في نفر من خاصته فرقهم الليل وأضلهم الروع وبددتهم الأوعار فمنهم من قتل ومنهم من لحق بالقطائع البحرية وتردى بتاشفين فرسه من بعض الحافات ووجد ميتًا في الغد وذلك ليلة سبع وعشرين لرمضان سنة تسع وثلاثين وخمسمائة وصلبه الموحدون واستولوا على الأمر من بعده والبقاء لله تعالى‏.‏
ثابت بن محمد الجرجاني ثم الإستراباذي يكنى أبا الفتوح حاله قال ابن بسام كان الغالب على أدواته علم اللسان وحفظ الغريب والشعر الجاهلي والإسلامي إلى المشاركة في أنواع التعاليم والتصرف في حمل السلاح والحذق بأنواع الجندية والنفاذ في أنواع الفروسية فكان الكامل في خلال جمة‏.‏
\\قال أبومروان‏:‏ ولم يدخل الأندلس أكمل من أبي الفتوح في علمه وأدبه قال ابن زيدون لقيشة بغرناطة فأخذت عنه أخبار المشارقة وحكايات كثيرة وكان غزير الأدب قوي الحفظ في اللغة نازعًا إلى علم الأوائل من المنطق والنجوم والحكمة له بذلك قوة ظاهرة‏.‏
طروؤه على الأندلس قال صاحب الذحيرة طرأ على الحاجب منذ صدر الفتنة للذائع من كرمه فأكرمه ورفع شأنه وأصحبه ابنه المرشح لمكانه فلم يزل له بهما المكان المكين إلى أن تغير عليه يحيى لتغير الزمان وتقلب الليالي والأيام بالإنسان ولحق بغرناطة بعسكر البرابرة فحلت به من أميرهم باديس الفاقرة‏.‏
من روي عنه‏:‏ قال أبوالوليد قرأت عليه بالحضرة الحماسة في اختيار أشعار العرب يحملها عن أحمد بن عبد السلام بن الحسين البصري ولقيه ببغداد سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة عن أبي رياش أحمد بن أبي هشام بن شبل العبسي بالبصرة سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وله في الفضائل أخبار كثيرة‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كوثر الجنة
مرتبة
مرتبة
كوثر الجنة


الجنس : انثى عدد المساهمات : 138
نقاط : 230
السٌّمعَة : 10

تاريخ الميلاد : 24/02/1991
تاريخ التسجيل : 19/03/2010
العمر : 33
الموقع : وطني الحبيب
المزاج : متألق

الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة   الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد فبراير 27 2011, 21:08

محنته ووفاته لحقه عند باديس مع عمه يدير بن حباسه تهمةٌ في التدبير عليه والتسور على سلطانه دعتهما إلى الفرار عن غرناطة واللحاق بإشبيلية قال أبو يحيى الوراق واشتد شوق أبي الفتوح إلى أهله عند هربه مع يدير إلى إشبيلية لما بلغه أن باديس قبض على زوجته وبنيه وحبسهم بالمنكب عند العبد قداح صاحب عذابه وكان لها من نفسه موقعٌ عظيمٌ وكانت أندلسية جميلة جدًا لها طفلان ذكرٌ وأنثى لم يطق عنهما صبرًا وعمل على الرجوع إلى باديس طمعًا في أن يصفح عنه كما عمل مع عمه أبي ريش فاستأمن إلى باديس يوم نزوله على باب إستجه إثر انهزام عسكر ابن عباد وفارق صاحبه يدير ورمي هو بنفسه إلى باديس من غير توثق بأمان أو مراسلة فلما أدخل عليه وسلم قال له ابتدي بأي وجهٍ جئتني يا نمام ما أجرأك على خلقك وأشد اغترارك بسحرك فرقت بين بني ماكسن ثم جئت تخدعني كأنك لم تصنع شيئًا فلاطفه وقال اتق الله يا سيدي وارع ذمامي وارحم غربتي وسوء مقامي ولا تلزمني ذنب ابن عمك فما لي سبب فيه وما حملني على الفرار معه إلا الخوف على نفسي لسابق خلطته ولقد لفظتني البلاد إليك مقرًا بما لم أجنه رغبة في صفحك فافعل أفعال الملوك الذين يجلون عن الحقد على مثلى من الصعاليك قال بل أفعل ما تستحقه إن شاء الله أن تنطلق إلى غرناطة فدم على حالك والق أهلك إلى أن أقبل فأصلح من شأنك‏.‏
فاطمأن إلى قوله وخرج إلى غرناطة وقد وكل به فارسان وقد كتب إلى قداح بحبسه فلما شارف إلى غرناطة قبض عليه وحلق رأسه وأركب على بعير وجعل خلفه أسود فظٌ ضخم يوالي صفعه فأدخل البلد مشهرًا ثم أودع حبسًا ضيقًا ومعه رجل من أصحاب يدير أسر في الوقعة من صنهاجة فأقاما في الحبس معًا إلى أن قفل باديس‏.‏
مقتله قال أبو مروان في الكتاب المسمى بالمتين واستراح باديس أيامًا في غرناطة يهيم بذكر الجرجاني ويعض أنامله فيعارضه فيه أخوه بلكين ويكذب الظنون وسعى في تخليصه فارتبك باديس في أمره أيامًا ثم غافض أخاه بلكين فقتله وقتًا أمن فيه أمر معارضته لاشتغاله بشرابٍ وآلة وكانت من عادته فأحضر باديس الجرجاني إلى مجلسه وأقبل يشتمه ويسبه ويبكته ويطلق الشماتة ويقول لم تغن عنك نجومك يا كذاب ألم يعد أميرك الجاهل يعين يدير أنه سوف يظفر بي ويملك بلدي ثلاثين سنة لم لم تدقق النظر لنفسك وتحذر ورطتك قد أباح الله لي دمك‏.‏
فأيقن أبو الفتوح بالموت وأطرق ينظر إلى الأرض لا يكلمه ولا ينظر إليه فزاد ذلك في غيظ باديس فوثب من مجلسه والسيف في يده فخبط به الجرجاني حتى جد له وأمر بحز رأسة قال وقدم الصنهاجي الذي كان محبوسًا معه إلى السيف فاشتد جزعه وجعل يعتذر من خطيئته ويلح في ضراعته فقال له باديس أما تستحي يا ابن الفاعلة يصبرالمعلم الضعيف القلب على الموت مثل هذا الصبر ويملك نفسه عن كلامه لي واستعطافي وأنت تجزع مثل هذا الجزع وطال ما أعددت نفسك في أشداء الرجال لا أقال الله مقيلك فضرب عنقه وانقضى المجلس‏.‏
\\ومن تمام الحكاية مما جلبه ابن حيان‏.‏
قال وكلم الصنهاجيون باديس في جثة صنهاجهم المقتول مع أبي الفتوح فأمرني بإسلامها إليهم فخرجوا بها من فورهم إلى المقبرة على نعش فأصابوا قبرا قد احتفر لميت من أهل البلد فصبوا صاحبهم الصنهاجي فيهن ووراوه من غير غسل ولا كفن ولا صلاة فعجب الناس من تسحيهم في الاغتصاب حتى الموتى في قبورهم‏.‏
مولده سنة خمسين وثلاثمائة‏.‏
وفاته كما ذكر ليلة السبت لاثنتين بقيتا من محرم سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة قال برهون من خدام باديس‏:‏ أمرني بمواراة أبي الفتوح إلى جانب قبر أحمد بن عباس وزير زهير العامري فقبراهما في تلك البقعة متجاوران وقال اجعل قبر عدو إلى جانب عدو إلى يوم القصاص فيا لهما قبران أجما أدبا لا كفاء له والبقاء لله سبحانه‏.‏
جعفر بن أحمد بن علي الخزاعي من أهل غرناطة ويعسوب الثاغية والراغية من أهل ربض البيازين يكنى أبا أحمد الشهير ذكره بشرق الأندلس المعروف بكرامة الناس المقصود الحفرة المحترم التربة حتى من العدو والرائق بغير هذه الملة‏.‏
خرج قومه من وطنهم عند تغلب العدو على الشرق فنزلوا ربض البيازين جوفي المدينة وارتاشوا وتلثموا وبنوا المسجد العتيق وأقاموا رسم الإرادة يرون أنهم تمسكوا من طريق الشيخ أبي أحمد بآثاره فلا يغبون بيته ولا يقطعون اجتماعًا على حالهم المعروفة من تلاوة حسنة وإيثار ركعات ثم ذكر ثم ترجيع أبياتٍ في طريق التصوف مما ينسب للحسين بن منصور الحلاج وأمثاله يعرفونها منهم مشيخةٌ قوالون هم فحول الأجمة وضرائك تلك القطيعة يهيجون بلابلهم فلا ينشبون أن يحمي وطيسهم ويخلط مريعهم بالهمل فيرقصون رقصا غير مساوق للإيقاع الموزون دون العجال الغالبة منهم بإفراد كلمات من بعض المقول ويكر بعضهم على بعض وقد خلعوا خشن ثيابهم ومرقوعات قباطيهم ودرانيكهم فيدوم حالهم حتى يتصببوا عرقًا وقوالهم يحركون فتورهم ويزمرون روحهم يخرجون بهم من قول إلى آخر ويصلون الشيء بمثله فربما أخذت نوبة رقصهم بطرفي الليل التمام ولا تزال المشيعة لهم يدعونهم ويحاجونهم إلى منازلهم وربما استدعاهم السلطان إلى قصره محمضًا في لطايف نعيمه باخشيشانهم مبديًا التبرك بألويتهم ولهم في الشيخ أبي أحمد والد نحلتهم وشحنة قلوبهم عصبية له وتقليد بإيثاره أنفجت لعقده أيمانهم وشرطٌ في صحة دينهم وارتكبوا في النفور عن سماع المزمار القصبي المسمى بالشبابة الذي أرخص في حضور الولائم مع نفخٍ برعه العدد الكثير من الجلة الصلحاء القدوة مرتكبًا حتى ألحقوه بالكبائر المربقة وتعدوا اجتنابه جبلة وكراهةً طباعية فتزوي عند ذكره الوجوه وتقتحم عند الاتهام به الدور وتسقط فيما بينهم بفلتة سماعه أخوة الطريق وهم أهل سذاجة وسلامة أو لو اقتصاد في ملبس وطعمة واقتيات بأدنى بلغة ولهم في التعصب نزعة خارجية وأعظمهم ما بين مكتسب متسبب وبين معالج مدرة ومريع حياكة وبين أظهر من الذعرة والصعاليك كثير والطرق إلى الله عدد أنفاس الخلايق جعلنا الله ممن قبل سعيه وارتضى ما عنده ويسره لليسرى‏.‏
حاله‏:‏ قام هذا الرجل مقام الشيخ أبي تمام قريبه على هيئة مهلكه فسد مسده على حال فتور وغرارة حتى لان متن الخطة وخف عليه بالمران ثقل الوظيفة فأم وخطب وقاد الجماعة من أهل الإرادة‏.‏
وقضى في الأمور الشرعية بالربض تحت ضبن قاضي الجماعة وهو الآن بعده على حاله حسن السجية دمث الأخلاق لين العريكة سهل الجانب مقترن الصدق والعفة ظاهر الجدة محمود الطريقة تطأه أقدام الكلف وتطرح به المطارح القاصية حوا على الشفاعات مستور الكفاية في لفق الضعف متوالي شعلة الإدراك في حجر الغفلة وجهٌ من وجوه الحضرة في الجمهورية مرعى الجانب مخفف \\الوظايف مقصودًا من منتامي أهل طريقه بالهدايا مستدعي إلى من بالجهات منهم في كثير من الفصول ظاهر الجدوى في نفير الجهاد رحمه الله ونفع بأهل الخير‏.‏
مولده عام تسعة وسبعمائة‏.‏
وفاته يوم الإثنين التاسع والعشرين لرمضان خمسة وستين وسبعمائة‏.‏
جعفر بن سيدبونة الخزاعي جعفر بن عبد الله بن محمد بن سيدبونة الخزاعي من أهل شرق الأندلس من نظر دانية يكنى أبا أحمد الولي الشهير‏.‏
حاله كان أحد الأعلام المنقطعي القرين في طريق كتاب الله وأولى الهداية الحقة فذ شهير شائع الخلة كثير الأتباع بعيد الصيت توجب حقه حتى الأمم الداينة بغير دين الإسلام عند التغلب على قرية مدفنه بما يقضي منه بالعجب‏.‏
قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير عند ذكره في الصلة‏:‏ أحد أعلام المشاهير فضلًا وصلاحًا قرأ ببلنسية وكان يحفظ نصف المدونة وأقرأها ويؤثر الحديث والتفسير والفقه على غير ذلك من العلوم‏.‏
مشيخته أخذ القراءات السبع عن المقرىء أبي الحسن بن هذيل وأبي الحسن بن النعمة ورحل إلى المشرق فلقي في رحلته جلة أشهرهم وأكبرهم في باب الزهد وأنواع سنى الأحوال ورفيع المقامات الشيخ الجليل الولي لله تعالى العارف أبو مدين شعيب بن الحسين المقيم ببجاية صحبه وانتفع به ورجع من عنده بعجايب دينية ورفيع أحوال إيمانية وغلبت عليه العبادة فشهر بها حتى رحل إليه الناس للتبرك بدعائه والتيمن برؤيته ولقائه فظهرت بركته على القليل والكثير منهم وارتورا زلالا من ذلك العذب النمير وحظه من العلم مع عمله الجليل موفور وعلمه نورٌ على نور‏.‏
لقيت قريبه الشيخ أبا تمام غالب بن حسين بن سيدبونة حين ورد غرناطة دخوله غرناطة وذكر المعتنون بأخباره بالحضرة إلى طريقه أنه دخل الحضرة وصلى في رابطة الربط من باب‏.‏
‏.‏
‏.‏
وأقام بها أيامًا فلذلك المسجد المزية عندهم إلى اليوم‏.‏
وانتقل الكثير من أهله وأذياله عند تغلب العدو على الشرق على بلدهم إلى هذه الحضرة فسكنوا منها ربض البيازين على دين وانقباض وصلاح فيحجون بكنوز من أسراره ومبشراته مضنونٌ بها على الناس وبالحضرة اليوم منهم بقية تقدم الإلماع بذكرهم‏.‏
وفاته توفي رحمه الله بالموضع المعروف بزناتة في شوال سنة أربع وعشرين وستمائة وقد نيف على الثمانين‏.‏
الحسين بن أبي الأحوص الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص القرشي الفهري نشأ بغرناطة يكنى أبا علي ويعرف بابن الناظر‏.‏
كان متفننًا في جملة معارف أخذ من كل علم سنى بحظ وافر حافظًا للحديث والتفسير ذاكرًا للأدب واللغة والتواريخ شديد العناية بالعلم مكبًا على استفادته وإفادته حسن اللقاء لطلبة العلم حريصًا على نفعهم جميل المشاركة لهم‏.‏
\\وقال الأستاذ‏:‏ كان من بقايا أهل الضبط والإتقان لما رواه وآخر مقرئي القرآن ممن يعتبر في الأسانيد ومعرفة الطرق والروايات متقدمًا في ذلك على أهل وقته وهو أوفر من كان بالأندلس في ذلك أقرأ القرآن والعربية بغرناطة مدة ثم انتقل إلى مالقة فأقرأ بها يسيرًا ثم انقبض عن الإقراء وبقي خطيبًا بقصبة مالقة نحوًا من خمسة وعشرين سنة ثم كر منتقلا إلى غرناطة فولى قضاء ألمرية ثم قضاء يسطة ثم قضاء مالقة‏.‏
وصمته قال الأستاذ‏:‏ إلا أنه كان فيه خلق أخلت به وحملته على إعداء ما ليس من شأنه عفا الله عنه فكان ذلك مما يزهد فيه‏.‏
مشيخته روي عن الأستاذ المقرىء أبي محمد عبد الله بن حسين الكواب أخذ عنه قراءة السبع وغير ذلك وعن أبي علي وأبي الحسن بن سهل بن مالك الأزدي وأبي عبد الله محمد بن يحيى المعروف بالحلبى وجماعة غير هؤلاء ورحل إلى إشبيلية فروى بها عن الشيخ الأستاذ أبي علي أكثر كتاب سيبويه تفقهًا وغير ذلك‏.‏
وأخذ عن جماعة كثيرة من أهلها وقدم عليها إذ ذاك القاضي أبو القاسم بن بقي فلقيه بها وأخذ عنه ورحل إلى بلنسية فأخذ بها عن الحاج أبي الحسن ابن خيرة وأبي الربيع بن سالم وسمع عليه جملةٌ صالحة كأبي عامر بن يزيد بن أبي العطاء بن يزيد وغيرهم وبجزيرة شقر عن أبي بكر بن وضاح وبمرسية عن جماعة من أهلها وبأوريولة عن أبي الحسن بن بقي وبمالقة عن آخرين وتحصل له جماعة نيفوا على الستين‏.‏
تصانيفه منها المسلسلات والأربعون حديثًا والترشيد في صناعة التجويد وبرنامج رواياته وهو نبيل‏.‏
شعره كان يقرض شعرًا لا يرضى لمثله ممن برز تبريزه في المعارف‏.‏
مولده يوم الخميس لإثني عشر ليلة بقيت من شوال سنة خمسين وستمائة‏.‏
وفاته الحسن بن النباهي الجذامي الحسن بن محمد بن الحسن النباهي الجذامي من أهل مالقة يكنى أبا علي‏.‏
أوليته قال القاضي المؤرخ أبو عبد الله بن أبي عسكر فيه من حسباء مالقة وأعيانها وقضاتها وهو جد بني الحسن المالقيين وبيته بيت قضاء وعلم وجلالة لم يزالوا يرثون ذلك كابرًا عن كابر استقضى جده المنصور بن أبي عامر وكانت له ولأصحابه حكاية مع المنصور‏.‏
قال القاضي ابن بياض أخبرني أبي قال‏:‏ اجتمعنا يومًا في منتزه لنا بجهة الناعورة بقرطبة مع المنصور بن أبي عامر في حداثة سنه وأوان طلبه وهو مرتج مؤمل ومعنا ابن عمه عمرو بن عبد الله بن عسكلاجة والكاتب ابن المرعزي والفقيه أبوالحسن المالقي وكانت سفرة فيها طعام فقال ابن أبي عامر من ذلك الكلام الذي كان يتكلم به لا بد أن نملك الأندلس ونحن نضحك منه ومن قوله‏.‏
ثم قال‏:‏ يتمنى كل واحد منكم على ما شاء أوليه فقال عمرو‏:‏ أتمنى أن توليني المدينة نضرب ظهور الجنات وقال ابن المرعزي‏:‏ وأنا أشتهي الأسفح القضاء في أحكام السوق وقال أبوالحسن‏:‏ وأنا أحب هذه أن توليني قضاء مالقة بلدي‏.‏
قال موسى بن غدرون قال لي تمن أنت فشققت لحيته بيدي واضطربت به وقلت قولا قبيحًا من قول السفهاء‏.‏
\\فلما ملك ابن أبي عامر الأندلس ولي ابن عمه المدينة وولي ابن المرعزي أحكام السوق وولي أبا الحسن المالقي قضاء ريه وبلغ كل واحد ما تمنى وأخذ مني مالا عظيما أفقرني لقبح قولي‏:‏ فبيت بني الحسن الشهير وسيأتي من أعلامه ما فيه كفاية‏.‏
حاله قال ابن الزبير كان طالبًا نبيلًا من أهل الدين والفضل والنهي والنباهة‏.‏
نباهته قال ابن الزبير في كتاب نزهة البصائر والأبصار استقضى بغرناطة‏.‏
وفاته توفي سنة اثنين وسبعين وأربعمائة ذكره ابن بشكوال في الصلة وعرف بولايته قضاء غرناطة وذكره ابن عسكر وتوهم فيه الملاحي فقال هو من أهل إلبيرة‏.‏
القلنار حسن بن محمد بن حسن القيسي حاله كان رحمه الله بقية شيوخ الأطباء ببلده حافظًا للمسائل الطبية ذاكرًا للدواء فسيح التجربة طويل المزاولة متصرفًا في الأمور التي ترجع إلى صناعة اليدين صدلة وإخراعةً محاربًا مقدورًا عليه في أخرياته ساذجًا مخشوشنًا كثير الصحة والسلامة محفوظ العقيدة قليل المصانعة بريًا من التشمت يعالج معيشته بيده في صبابة فلاحة‏.‏
أخذ صناعة الطب عن أبي الحسن الأركثي ومعرفة أعيان النبات عن المصحفي وسرح معه وارتاد منابت العشب في صحبته فكان آخر السحارين بالأندلس وحاول عمل الترياق الفارق بالديار السلطانية عام اثنين وخمسين وسبعمائة مبرزًا في اختيار أجزائه وإحكام تركيبه وإقدام على اختبار مرهوب حياته قتلًا وصنجًا وتقريصًا بما يعجب من إدلاله فيه وفراهته عليه‏.‏
حسن بن محمد بن باصة يكنى أبا علي ويعرف بالصعلعل رئيس المؤقتين بالمسجد الأعظم من غرناطة أصله من شرق الأندلس‏.‏
حاله كان فقيهًا إمامًا في علم الحساب والهيئة أخذ عنه الجلة والنبهاء قائمًا على الأطلال والرخائم وآلالات الشعاعية ماهرًا في التعديل مع التزام السنة والوقوف عندما حد العلماء في ذلك مداوم النظر ذا مستنبطات ومستدركات وتواليف نسيج وحده ورحقة وقته‏.‏
وفاته توفي بغرناطة عام ستة عشر وسبعمائة‏.‏
الحسن بن محمد بن علي الأنصاري من أهل يكنى أبا علي ويعرف بابن كسرى حاله كان متقدمًا في حفظ الأدب واللغة مبرزًا في علم النحو شاعرًا مجيدًا ممتع المؤانسة كثير المواساة حسن الخلق كريم النفس مثرًا في نظم الشعر في غير فن مدح الملوك والرؤساء مؤثرًا للخمول على الظهور وفي تخامله يقول شعرًا ثبت في موضعه‏.‏
مشيخته روي عن أبي بكر بن عبد الله بن ميمون الكندي وأبي عبد الله الكندي وابي الحكم بن ممن روي عنه روى عنه أبو الطاهر أحمد بن علي الهواري السبتي وأبو عبد الله إبراهيم بن سالم بن صالح بن سالم‏.‏
نباهته وإدراكه من كتاب نزهة البصائر والأبصار قال القاضي أبو عبد الله بن عسكر نقلت من خط صاحبنا الفقيه القاضي رحمه الله ما معناه‏:‏ قال حدثني الفقيه الأديب أبو علي قال كنت بإشبيلية‏.‏
وقد قصدتها لبعض الملوك فبينما أنا أسير في بعض طرقها لقيت الشيخ أبا العباس فسلمت عليه ووقفت معه وكنت قد ذكر لي أن بها رجلا من الصالحين زاهدًا فاضلًا ينتقد من الشعر في الزهد والرقائق ببدائع تعجب وكان بالمغرب قد قصد الهربي والنادر فسألني أبوالعباس عن مصيري فأعلمته بقصدي فرغب أن يصحبني إليه حتى أتيناه فرأيناه رجلًا عاقلًا قاعدًا في موضع قذر فسلمنا \\عليه فرد علينا وسألناه عن قعوده في ذلك الموضع فقال أتذكر الدنيا وسيرتها فزدنا به غبطة ثم استنشدناه في ذلك الغرض من كلامه ففكر ساعة ثم أنشدنا كلامًا قبيحًا تضمن من القبيح ومن الإقذاع والفواحش ما لا يحل سماعه فقمنا نلعنه وخجلت من أبي العبس واعتذرت له‏.‏
ثم اتفق أن اجتمعنا في مجلس الأمير الذي كنت قد قصدته فقال أبو العباس إن أبا علي قد حفظ لبعض الحاضرين شعرًا في الزهد من أعذب الكلام وأحسنه فسألني الأمير وطلب مني إنشاده فخجلت ثم ثاب إلى عقلي فنظمت بيتين فأنشدتهما إياه وهما‏:‏ أشهد ألا إله إلا الله محمد المصطفى رسول الله لا حول للخلق في أمورهم إنما الحول كله لله قال فأعجب الأمير ذلك واستحسنه‏.‏
ومن مقاماته بين يدي الملوك وبعض حاله نقلت من خط صاحبنا الفقيه القاضي أبي الحسن بن أبي الحسن قال المروي منسوب إلى قرية بقرب مالقة وهو الذي قال فيه الشيخ أبو الحجاج بن الشيخ رضي الله عنه‏:‏ إذا سمعت من أسرى ومن إلى المسجد أسرى فقل ولا تتوقف أبا علي بن كسرى قال وهو قريب الأستاذ الأديب أبي علي الإستجي ومعلمه وأحد طلبة الأستاذ أبي القاسم السهيلي وممن نبع صغيرًا وارتحل إلى غرناطة ومرسية وهو الذي أنشد في طفولته السيد أبا إسحاق بإشبيلية‏:‏ وكان بالحضرة أبو القاسم السهيلي فقام عند إتمامه القصيدة وقال لمثل هذا أحسيك الحسا وأواصل في تعليمك الإصباح والإمسا وكان يومًا مشهودًا‏.‏
وأنشد الأمير أبا يعقوب حين حلها‏:‏ أمعشر أهل الأرض في الطول والعرض بهذا استنادي في القيامة والعرض لقد قال فيك الله ما أنت أهله فيقضي بحكم الله فيك بلا نقض وإياك يعني ذو الجلال بقوله كذلك مكنا ليوسف في الأرض وذكره ابن الزبير وابن عبد الملك وابن عسكر وغيرهم‏.‏
ومن شعره في معنى الانقطاع والتسليم إلى الله تعالى وهي لزومية ولنختتم بها ختم الله لنا بالحسنى‏:‏ إلهي أنت الله ركني وملجيء وما لي إلى خلق سواك ركون رأيت بني الأيام عقبي سكونهم حراكٌ وفي عقبي الحراك سكون رضي بالذي قدرت تسليم عالمٍ بأن الذي لا بد منه يكون الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق التغلبي يكنى أبا علي مرسي الأصل سبتي الاستيطان منتمٍ إلى صاحب الثورة على المعتمد‏.‏
حاله كان نسيج وحده وفريد دهره إتقانًا ومعرفة ومشاركة في كثير من الفنون اللسانية والتعالمية متبحرًا في التاريخ ريانًا من الأدب شاعرًا مفلقًا عجيب الإستنباط قادرًا على الإختراع والأوضاع جهم المحيا موحش الشكل يضم برداه طويًا لا كفاء له تحرف بالعدالة وبرز بمدينة سبتة وكتب عن أميرها وجرت بينه وبين الأديب أبي الحكم مالك بن المرحل من الملاحات والمهاترات أشد ما يجري بين متناقضين آلت به إلى الحكاية الشهيرة وذلك أنه نظم قصيدة نصها‏:‏ لكلاب سبتة في النباح مدارك وأشدها دركًا لذلك مالك شيخ تفاني في البطالة عمره وأحال فكيه الكلام الآفك كلبٌ له في كل عرض عضة وبكل محصنةٍ لسانٌ آفك أحلى شمائله السباب المفتري وأعف سيرته الهجاء الماعك وألذ شيء عنده في محفلٍ لمزٌ لأستار المحافل هاتك يغشى مخاطره اللثيم تفكها ويعاف رؤيته الحليم الناسك لو أن شخصًا يستحيل كلامه خرءا للاك الخرء منه لائك فكأنه التمساح يقذف جوفه من فيه ما فيه ولا يتماسك أنفاسه وفساؤه من عنصر وسعاله وضراطه متشارك ما ضرفا من معد الله لو أسلمته نواجذ وضواحك في شعره من جاهلية طبعه أثقال أرضٍ لم ينلها فانك صدر وقافية تعارضتا معًا في بيت عنسٍ أو بعرسٍ فارك قد عم أهل الإرض بلعنه فللأعنية في السماء ملائك ولأعجب العجبين أن كلامه لخلاله مسكٌ يروح ورامك إن سام مكرمة جثا متثاقلا يرغو كما يرغو البعير البارك والدهر باكٍ لانقلاب صروفه ظهرًا لبطن وهو لاه ضاحك واللسن تنصحه بأفصح منطق لو كان ينجو بالنصيحة هالك تب يا ابن تسعين فقد جزت المدا وارتاح للقيا بسنك مالك أو ما ترى من حافديك تشابها ابنٌ بضاجع جده ويناسك هيهات أية عشرة لهجت به هنوات مملوك وطيع مالك يا ابن المرحل لو شهدت مرحلا وقد انحنى بالرحل منه الحارك وطريد لومٍ لا يحل بمعشر إلا أمال قفاه صفعٌ دالك مركوب لهو لجاجة وركاكة وأراك من ذاك اللجاج البارك لرأيت للعين اللئيمة سحة وعلا بصفع \\عرك أذنك عارك وشغلت عن ذم الأنام بشاغل وثناك خصمٌ من أبيك مماحك قسمًا بمن سمك السماء مكانها ولديه نفس رداء نفسك شائك لأقول للمغرور منك بشيبةٍ بيضاء طي الصحف منها حالك فعليه ثم على الذي يصغي له ويلٌ يعاجله وحتفٌ واشك وأتاه من مثواه آت مجهزٍ لدم الخناجر بالخناجر سافك وهي طويلة تشتمل من التعريض والصريح على كل غريب واتخذ لها كنانة خشبية كأوعية الكتب وكتب عليها‏:‏ رقاص معجل إلى ما ملك بن المرحل‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كوثر الجنة
مرتبة
مرتبة
كوثر الجنة


الجنس : انثى عدد المساهمات : 138
نقاط : 230
السٌّمعَة : 10

تاريخ الميلاد : 24/02/1991
تاريخ التسجيل : 19/03/2010
العمر : 33
الموقع : وطني الحبيب
المزاج : متألق

الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة   الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد فبراير 27 2011, 21:09

وعمد إلى كلب وجعلها في عنقه وأوجعه خبطًا حتى لا يأوي إلى أحد ولا يستقر وطرده بالزقاق متكتما بذلك‏.‏
وذهب الكلب وخلفه من الناس أمة وقرىء مكتوب الكنانة واحتمل إلى أبي الحكم ونزعت من عنق الكلب ودفعت إليه فوقف منها على كل فاقرةٍ كفت من طماحه وغضت عن عنان مجاراته وتحدث بها مدة ولم يغب عنه أنها من حيل ابن رشيق فعوق سهام المراجعة ثم أقصر مكبوحًا وفي أجوبته عن ذلك يقول‏:‏ كلاب المزابل آذينني بأبوالهن على باب داري وقد كنت أوجعها بالعصا ولكن عوت من وراء الجدار واستدعاه بآخرةٍ أمير المغرب السلطان أبو يعقوب فاستكتبه واستكتب أبا الحكم صدقةً فيقال أن جر عليه خجلةً كانت سبب وفاة أبي علي‏.‏
ودخل الأندلس وحط بها بألمرية وقد أصيب بأسر عياله فتوسل إلى واليها من قرابة السلطان الغالب بالله بشعر مدحه فيه من ملقى النوى ملقٍ لبعض نوالكا فاشف المحب ولو بطيف خيالكا ومنها‏:‏ لا تحسبني من فلانٍ أو فلا أنا من رجال الله ثم رجالكا ومنها‏:‏ نصب العدو حبائلا لحبائبي وعلقت في استخلاصها بحبالكا وفي خاتمها‏:‏ وكفاك شر العين عيبٌ واحد لا عيب فيه سوى فلول نصالكا ولحق بغرناطة ومدح السلطان بها ونجحت لديه مشاركة الرئيس بألمرية‏.‏
فجبر الله حاله وخلص أسره‏.‏
ومما جمع فيه بين نثره ونظمه ما كتبه لما كتب إليه الأديب الطبيب صالح بن شريف بهاتين القصيدتين اللتين تنازع فيهما الأقوام واتفقوا على أن يحكم بينهما الأحلام وعبر عن ذلك الأقلام ولينظرهما من تشوق إليهما بغير هذا الموضع‏.‏
تواليفه وأوضاعه غريبة واختراعاته عجيبة تعرفت أنه اخترع في سفرة الشطرنج شكلا مستديرًا‏.‏
وله الكتاب الكبير في التاريخ والتلخيص المسمى بميزان العمل وهو من أظرف الموضوعات وأحسنها شهرة‏.‏
وفاته كان حيا عام أربعة وسبعين وستمائة‏.‏
حبوس بن ماكسن بن زيري بن مناد الصنهاجي يكنى أبا مسعود ملك إلبيرة وغرناطة وما والاها‏.‏
حاله وأوليته أما أوليته فقد مر ذلك بما فيه الكفاية عند ذكر بلكين‏.‏
ولما دخل زاوي ابن زيري على الأندلس غب إيقاعه بالمرتضى الذي نصبته الجماعة واستيلائه على محلته بظاهر غرناطة وخاف تمالؤ الأندلس عليه ونظر للعاقبة فأسند الأمر إلى ابن أخيه حبوس بن ماكسن وكان بحصن أشتر فلما ركب البحر من المنكب وودعه به زعيم البلدة وكبير فقهائها أبو عبد الله بن أبي زمنين ذهب إلى ابن أخيه المذكور واستقدمه وجرت بينه وبين ابن عمه المتخلف على غرناطة من قبل والده محاورة أنجلت عن رحيلة تبعًا لأبيه وانفرد حبوس فاستبد بالملك ورأب الصدع سنة أحد عشر وأربعمائة قال ابن عذارى في تاريخه‏:‏ فانحازت صنهاجة مع شيخهم ورئيسهم حبوس بن ماكسن وقد كان أخوه حباسة هلك في الفتنة وبقي منهم معه بعد انصراف زاوي إلى \\إفريقية جماعة عظيمة فانحازوا إلى مدينة غرناطة وأقام حبوس بها ملكًا عظيمًا وحامي رعيته ممن جاوره من سائر البرابرة المنتشرين حوله فدامت رياسته‏.‏
وفاته توفي بغرناطة سنة ثمان وعشرين وأربعمائة‏.‏
الحكم بن عبد الرحمن بن معاوية الحكم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن ابن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية صفته وحاله كان أصهب العين أسمر أقنى معسل اللحية جهير الصوت طويل الصلب قصير الساقين عظيم الساعد أفصم وكان ملكًا جليلًا عظيم الصيت رفيع القدر عالي الهمة فقيهًا بالمذهب عالمًا بالأنساب حافظًا للتاريخ جماعًا للكتب محبًا في العلم والعلماء مشيرًا للرجال من كل بلد جمع العلماء من كل قطر ولم يكن في بني أمية أعظم همة ولا أجل رتبة في العلم وغوامض الفنون منه‏.‏
واشتهر بهمته بالجهاد وتحدث بصدقاته في المحلول وأملته الجبابرة والملوك‏.‏
دخوله إلبيرة قال ابن الفياض كتب إليه من الثغر الجنوبي أن عظيم الفرنجة من النصارى حشدوا إليه وسألوه الممرة بطول المحاصرة فاحتسب شخوصه بنفسه إلى ألمرية في رجب سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة في جحفل لجبٍ من نجدة الأولياء وأهل المراتب‏.‏
ولما أحل إلبيرة ورد عليه كتاب أحمد بن يعلي من طرطوشة بنصر الله العزيز وصنعه الكريم على الروم ووافي ألمرية وأشرف على أمورها ونظر إلى أسطولها وجدده وعدته يومئذ ثلاثمائة قطعة وانصرف إلى قرطبة‏.‏
مولده لست بقين من جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثمائة‏.‏
وفاته لأربع خلون من صفر سنة ست وستين وثلاثمائة وعمره نحوٌ من ثلاث وستين سنة وهو خاتمة العظماء من بني أمية‏.‏
الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن أمية كنيته أبو العاصي‏.‏
صفته آدم شديد الأدمة طويل أشم نحيف لم يخضب‏.‏
بنوه تسعة عشر من الذكور منهم عبد الرحمن ولي عهده‏.‏
بناته إحدى وعشرون أمه أم ولد اسمها زخرف‏.‏
وزراؤه وقواده خمسة منهم إسحاق بن المنذر والعباس بن عبد الله وعبد الكريم بن عبد الواحد وفطيس بن سليمان وسعيد بن حسان‏.‏
قضاته مصعب بن عمران وعمر بن بشر والفرج بن كنانة وبشر ابن قطن وعبد الله بن موسى كتابه فطيس بن سليمان‏.‏
وعطاف بن زيد وحجاج بن العقيلي‏.‏
حاجبه عبد الكريم بن عبد الواحد بن مغيث‏.‏
\\حاله كان الحكم شديد الحزم ماضي العزم ذا صولة تتقى وكان حسن التدبير في سلطانه وتولية أهل الفضل والعدل في رعيته مبسوط اليد بالعطاء الكثير وكان فصيحًا بليغًا شاعرًا مجيدًا أديبًا نحويًا‏.‏
قال ابن عذارى كانت فيه بطالة إلا أنه كان شجاعًا مبسوط اليد عظيم العفو وكان يسلط قضاته وحكامه على نفسه فضلا عن ولده وخاصته وهو الذي جرت على يده الفتكة العظيمة بأهل ربض قرطبة الذين هاجوا به وهتفوا بخلعانه فأظهره الله عليهم في خبر شهير وهو الذي أوقع بأهل طليطلة أيضًا فأبادهم بحيلة الدعاء إلى الطعام بما هو معلوم‏.‏
دخوله غرناطة ‏:‏ قالوا وبإلبيرة وأحوازها تلاقي مع عمه أبو أيوب سليمان بن عبد الرحمن فهزمه وقتله شعره قالوا وكان له خمس جوارٍ قد استخلصهن لنفسه وملكهن أمره فذهب يومًا إلى الدخول عليهن فتابين عليه وأعرضن عنه وكان لا يصبر عنهن فقال‏:‏ قضبٌ من البان ماست فوق كثبان ولين عني وقد أزمعن هجراني ناشدتهن بحقي فاعتزمن على ال عصيان حتى خلا منهن همياني ملكنني ملك من ذلت عزيمته للحب ذل أسير موثقٍ عاني من لي بمغتصبات الروح من بدني يغصبنني في الهوى عزي وسلطاني ثم عطفن عليه بالوصال فقال‏:‏ نلت الوصال بعد البعاد فكأني ملكت كل العباد وتناهى السرور إذ نلت ما لم يغن عنه تكاثف الأجناد مناقبه أنهى إليه عباس بن ناصح وقد عاد من الثغر أن امرأة من ناحية وادي الحجارة سمعها تقول‏:‏ واغوثاه يا حكم ضيعتنا وأسلمتنا واشتغلت عنا حتى استأسد العدو علينا ورفع إليه شعر في هذا المعنى والغرض فخرج من قرطبة كاتمًا وجهته وأوغل في بلاد الشرك ففتح الحصون وهدم المنازل وقتل وسبى وقفل بالغنائم على الناحية التي فيها تلك المرأة فأمر لأهل تلك الناحية بمال من الغنائم يفدون به أسراهم ويصلحون به أحوالهم وخص المرأة وآثرها وأعطاها عددًا من الأسرى وقال لها هل أغاثك الحكم قالت أي والله أغاثنا وما غفل عنا أعانه الله وأعز نصره‏.‏
وفاته توفي لأربع بقين لذي الحجة سنة ست ومائتين وكان عمره اثنين وخمسين سنة‏.‏
وجرى ذكره في الرجز من نظمي في تاريخ دول الإسلام بما نصه‏:‏ حتى إذا الدهر عليه احتكما قام بها ابنه المسمى حكما واستشعر الثورة فيها وانقبض مستوحشًا كالليث أقعى وربض حتى إذا فرصته لاحت تفض فأفحش الوقعة في أهل الربض وكان جبارًا بعيد الهمة لم يرع من آلٍ بها أو ذمة حكم بن أحمد بن رجا الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا العاصي‏.‏
حاله ‏:‏ كان من قرائها ونبهائها وكان من أهل الفضل والطلب وإليه ينسب مسجد أبي العاصي وحمام أبي العاصي ودربه بغرناطة‏.‏
وكفى بذلك دليلا على الأصالة والتأثل ذكره أبو القاسم ولم يذكر من أمره مزيدًا على ذلك‏.‏
حاتم بن سعيد بن خلف بن سعيد بن محمد بن عبد الله ابن سعيد بن الحسن بن عثمان بن سعيد بن عبد الملك بن سعيد بن عمار بن ياسر أوليته ‏:‏ قد مر بعض ذلك وسيأتي بحول الله‏.‏
حاله قال أبو الحسن بن سعيد في كتابه الموضوع في مآثر القلعة‏:‏ كان صاحب سيف وقلم وعلم ودخل في الفتنة المردنيشيه حسبما مر ذلك عند ذكر أخيه أبي حعفر فصار من جلساء الأمير أبي عبد الله محمد بن سعد بن مردنيش بمرسية وأرباب آرائه وذوي الخاصة من وزرائه وكان مشهورًا بالفروسية والشجاعة والرأي‏.‏
حكاياته ونوادره‏:‏ قال كانت التندير والهزل قد غلبا عليه‏.‏
وعرف بذلك فصار يحمل منه ما لا يحمل من غيره قالوا فحضر يومًا مع الأمير محمد بن سعد‏.‏
\\يوم الجلاب من حروبه وقد صبر الأمير صبرًا جميلًا ووالي الكر المرة بعد المرة‏.‏
وذلك بمرأى من حاتم فرد رأسه إليه وقال يا قائدًا أبا الكرم كيف رأيت فقال له حاتم لو رآك السلطان اليوم لزاد في مرتبك فضحك ابن مردنيش وعلم أنه أراد بذلك‏:‏ لا تليق به المخاطرة وإنما هو للثبات والتدبير‏.‏
وقال له يومًا وقد جرى ذلك الجنات جن اليوم يا أبا الكرم على بستانك بالزنقات وأردت أن أكون من ضيافتك فقال عبد الرحمن بن عبد الملك وهو إذ ذاك وزير الأمير وبيده المجابي والأعمال لعل الأمير اغتر بسماع اسمه حاتم ما فيه من الكرم إلا الاسم فقال الحاتم ولعل الأمير اغتر بسماع أمانة عبد الرحمن فقدمة على وزرائه وما عنده من الأمانة إلا الاسم فقال ابن مردنيش وقد ضحك الأولى فهمت ولم أفهم الثانية فقال له كاتبه أبو محمد السلمى إنما أشار إلى قول رسول الله صلى الله عليه في عبد الرحمن بن عوف رضي الله‏:‏ أمير هذه الأمة وأمين في أهل السماء وأمين في أهل الأرض فطرب ابن مردنيش وجعل يقول‏:‏ أحسنتما‏.‏
شعره ‏:‏ قال أبو الحسن ولم أحفظ من شعر حاتم ما أورده في هذا المكان إلا قوله يخاطب حفصة الركونية الشاعرة التي يأتي ذكرها حين فر إلى مرسية وتركها بغرناطة‏:‏ أحن إلى ديارك يا حياتي وأبصر ذو وهد سيل الظبات وأهوى أن أعود إليك لكن خفوق البند عاق عن القنات وكيف إلى جنابك من سبيل وليس يحله إلا عداتي مولده في سنة خمس وثلاثين وخمسمائة‏.‏
وقال أبو القاسم الغافقي فيه عند ذكره‏:‏ كان طالبًا نبيهًا جميلًا سرياص تام المروءة جميل العشرة‏.‏
وفاته قال مات بغرناطة سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة‏.‏
بن زيري بن مناد الصنهاجي كان شهمًا هيبًا بهمةً من البهم كريمًا في قومه أبيًا في نفسه صدرًا من صدور صنهاجة وكان أشجع من أخيه حبوس‏.‏
وفاته قال أبو مروان عند ذكر وقعة رمداي بطرف قرطبة في حروب البرابرة لأهلها في شوال عام اثنين وأربعمائة قال‏:‏ واستلحم حباسة بن ماكسن الصنهاجي ابن أخي زاوي بن زيري وهو فارس صنهاجة طرًا وفتاها وكان قد تقدم إلى هذه الناحية‏.‏
زعموا لما بلغه اشتداد الأمر فيها فرمى بنفسه على طلابها واتفق أن ركب بسرج طري العمل متفتح اللبد وخانه مقعده عند المجاولة لتقلبه على الصهوة وقيل إنه كان منتبذًا على ذلك‏.‏
فتطارح على من بإزائه ومضى قدمًا بسكرى شجاعته ونشوته يصافح البيوت بصفحته ويستقبل القنا بلباته لا يعرض له شيء إلا حطه إلى أن مال به سرجه فأتيح حمامه لاشتغاله بذلك بطعنة من يد المسمى النبيه النصراني‏.‏
أحد فرسان الموالي العامريين فسقط لفيه وانتظمته رماح الموالي فأبادته وحامي أخوه حبوس وبنو عمه وغيرهم من أنجاد البرابرة على جئته فلم يقدروا على استنقاذها‏.‏
بعد جلاد طويل وغلب عليه الموالي فاحتزوا رأسه وعجلوا به إلى قصر السلطان وأسلموا جسده للعامة فركبوه بكل عظيمة واجتمعوا إليه اجتماع البغاث على كبير الصقورة فجروه في الطريق وطافوا به الأسواق وقطعوا بعض أعضائه وأبدوا شواره وكبده بكل مكروه من أنواع الأذى بأعظم ما ركب ميت فلما سئموا تجراره وأوقدوا له نارًا فخرقوه بها جريًا على ذميم عادتهم في قبح المثلة‏.‏
\\ولؤم القدرة وانجلت الحروب في هذا اليوم لمصابه عن أمر عظيم وبلغ من جميع البرابرة الحزن عليه مناله ورأت أن دماء أهل قرطبة جميعًا لا تعدله‏.‏
من الكتاب المتين‏.‏
حبيب بن محمد بن حبيب من أهل النجش من وادي المنصورة أخوه مالك النجشي دباب الحلقات ومراد أذناب المقربين‏.‏
حاله كان على سجية غريبة من الإنقباض المشوب بالاسترسال والأمانة مع الحاجة بادي الزي واللسان يحفظ الغريب من اللغة ويحرك شعرًا لا غاية وراءه في الركاكة‏.‏
وله قيامٌ على الفقه وحفظ القرآن ونغمةٌ حسنة عند التلاوة‏.‏
قدم الحضرة غير ما مرة وكان الأستاذ إمام الجماعة وسيبويه الصناعة أبو عبد الله ابن الفخار المعروف بالبيري أبا مثواه ومحط طيته يطلب منه مشاركته بباب السلطان في جراية يرغب في تسميتها وحال يروم إصلاحها فقصدني مصحبًا منه رقعة تتضمن الشفاعة وعرض على قصيدة من شعره يروم إيصالها إلى السلطان فراجعت الأستاذ برقعة أثبتها على جهة الإحماض وهي‏:‏ يا سيدي الذي أتشرف وبالانتماء إلى معارفه أتميز وصل إلى عميد حصن النجش وناهض أفراخ ذلك العش تلوح عليه مخائل أخيه المسمى بمالك ويترجج به الحكم في الغاية في أمثال تلك المسالك أشبه من الغراب بالغراب وإنها لمن عجائب الماء والتراب فألقى من ثنائكم الذي أوجبته السيادة والأبوة ما يقصر عن طيب الألوة وتخجل عند مشاهدته الغرر المجلوة وليست بأولى بر أسديتم ومكرمة أعدتم وأبديتم والحسنات وإن كانت فهي إليكم منسوبة وفي أياديكم محسوبة وبلوت من الرجل طلعة نتفة لم يغادر من صفات النبل صفة حاضر بمسائل من الغريب وقعد مقعد الذكي الأريب وعرض على حاجته وغرضه وطلب مني المشاركة وهي مني لأمثالة مفترضة ووعدني بإيقافي على قصيدة حبرها وأنسى بالخبر خبرها وباكرني بها اليوم مباكرة الساقي بدهاقة وعرضها على عرض التاجر نفائس أعلاقه وطلب مني أن أهذب له ما أمكن من معانيها وألفاظها وأجلو القذى عن ألحاظها فنظرت منها إلى روضٍ كثرت أثغابه وجيشٍ من الكلام زاحم خواصه أو شابه ورمت الإصلاح ما استطعت فعجزت عن ذلك وانقطعت ورأيت لا جدوى إلى ذلك الغرض ما لم تبدل الأرض غير الأرض‏.‏
وهذا الفن أبقى الله سيدي ما لم يمت إلى الإجادة بسبب وثيق وينتمي في الإحسان إلى مجد عريق كان رفضه أحسن وأحمد واطراحه بالفائدة أعود وإذا اعتبره من عدل وقسط وجده طريقين لا يقبل الوسط فمنهما مال يقتنى ويدخر وسافلٌ يهزء به ويسخر والوسط ثقيل لا يتلبس به نبيل‏.‏
قيل لبعضهم ألا تقول الشعر فقال أريد منه ما لا يتأتى لي ويتأتى لي منه ما لا أريده‏.‏
وقال بعضهم فلان كمغن وسط لا يجيد فيطرب ولا يسيء فيسلي‏.‏
فاقتضى نظركم الذي لا يفارق السداد والتوفيق وإرشادكم الذي رافقة الهدى ونعم الرفيق أن يشير عليه بالاستغناء عن رفعها والامتساك عن دفعها فهو أقوى لأمته وأبقى على سكنته وسمته وأستر لما لديه قبل أن يمد أبو حنيفة رجليه وإن أصمت عن هذا العذل مسامعه وهفت به إلى النجاح مطامعه فليعمد على الاختصار فذو الإكنار جم العثار وليعدل إلى الجادة عن ثنيات الطرق ويجتزىء عن القلادة بما أحاط بالعنق فإذا رتبها وهذبها وأوردها من موارد العبارة أعذبها توليت زفافها وإهداءها وأمطت بين يدي الكفوء الكريم رداءها والسلام‏.‏
\\حمدة بنت زياد المكتب من ساكني وادي الحمة بقرية بادي من وادي آش‏.‏
حالها قال أبو القاسم نبيلةً شاعرةٌ كاتبة ومن شعرها وهو مشهور‏:‏ أباح الدمع أسراري برادي له في الحسن آثارٌ بوادي فمن نهر يطوف بكل روض ومن روض يطرف بكل وادي ومن بين الظبا مهات إنس سبت لبي وقد سلبت فؤادي لها لحظٌ ترقده لأمرٍ وذاك الأمر يمنعني رقادي إذا سدلت ذوائبها عليها رأيت البدر في جنح السوادي كأن الصبح مات له شقيق فمن حزن تسربل في الحدادي ومن غرائبها‏:‏ ولما أبى الواشون إلا قتالنا وما لهم عندي وعندك من ثار وشنوا على آذاننا كل غارة وقلت حماتي عند ذاك وأنصاري وقال أبو الحسن بن سعيد في حمدة وأختها زينب‏:‏ شاعرتان أديبتان من أهل الجمال والمال والمعارف والصون إلا أن حب الأدب كان يحملها على مخالطة أهله مع صيانة مشهورة ونزاهةٍ موثق بها‏.‏
حفصة بنت الحاج الركوني من أهل غرناطة فريدة الزمان في الحسن والظرف والأدب واللوذعية قال أبوالقاسم كانت أديبة نبيلة جيدة البديهة سريعة الشعر‏.‏
بعض أخبارها قال الوزير أبو بكر بن يحيى بن محمد بن عمر الهمداني رغبت أختي إلى حفصة أن تكتب شيئًا بخطها فكتبت‏.‏
يا ربة الحسن بل يا ربة الكرم غضى جفونك عما خطه القلم تصفحيه بلحظ الود منعمة لا تحفلي بقبيح الخط والكلم قال أبوالحسن بن سعيد وقد ذكر أنهما باتا بحوز مؤمل في جنة له هنالك على ما يبيت عليه أهل الظرف والأدب قال‏:‏ وقد نفحت من نحو نجد أريجه إذا نفحت هبت بريح القرنفل وغرد قمريٌ على الدوح وانثنى قضيبٌ من ريحان من فوق جدول يرى الروض مسرورًا بما قد بدا له عناق وضم وارتشاف مقبل فقالت‏:‏ يرى الروض مسرورًا بما قد بدا له عناق وضم وارتشاف مقبل فقالت‏:‏ لعمرك ما سر الرياض وصالنا ولكنه أبدى لنا الغل والحسد ولا صفق النهر ارتياحًا لقربنا ولا مدح القمري الأ لما وجد فلا تحسبن الظن الذي أنت أهله فما هو في كل المواطن بالرشد فما خلت هذا الأفق أبدى نجومه لأمرٍ سوى كي ما يكون لنا رصد قال أبوالحسن بن سعيد وبالله ما أبدع ما كتبت به إليه وقد بلغها أنه علق بجارية سوداء أسعت له من بعض القصور فاعتكف معها أيامًا وليالي بظاهر غرناطة في ظل ممدود وطيب هوى مقصور وممدود‏:‏ يا أظرف الناس قبل حالٍ أوقعه نحوه القدر عشقت سوداء مثل ليل بدائع الحسن قد ستر لا يظهر البشر في دجاها كلا ولا يبصر الخفر من الذي هام في جنان لا نوار فيه ولا زهر من الذي هام في جنان لا نوار فيه ولا زهر فكتب إليها بأظرف اعتذار وألطف أنوار‏:‏ لا حكم إلا لآمر ناهٍ له من ذنبه معتذر له محيا به حياتي أعيذ مداه بالسور كصحبة العيد في ابتهاج وطلعةٍ الشمس والقمر سعده لم أمل إليه إلا اطرافًا له خبر عدمت صبحي فاسود عش قي وانعكس الفكر والنظر إن لم تلح يا نعيم رو حي فكيف لا تفسد الفكر قال وبلغنا أنه خلا مع حاتم وغيره من أقاربهم لهم طربٌ ولهو فمرت على الباب مستترة‏.‏
وأعطت البواب بطاقةً فيها مكتوب‏:‏ زائر قد أتى بجيد غزال طامع من محبه بالوصال أتراكم بإذنكم مسعفيه أم لكم شاغلٌ من الأشغال فلما وصلت الرقعة إليه قال ورب الكعبة ما صاحب هذه الرقعة إلا الرقيعة حفصة ثم صل وواصل فأنت أشهى إلينا من جميع المنى فكم ذا تشوق بحياة الرضى يطيب صبوحٌ عرفًا إن جفوتنا أو غبوق لا وذل الهوى وعز التلاقي واجتماع إليه عز الطريق وذكرها الأستاذ في صلته فقال‏:‏ وكانت أستاذة وقتها‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كوثر الجنة
مرتبة
مرتبة
كوثر الجنة


الجنس : انثى عدد المساهمات : 138
نقاط : 230
السٌّمعَة : 10

تاريخ الميلاد : 24/02/1991
تاريخ التسجيل : 19/03/2010
العمر : 33
الموقع : وطني الحبيب
المزاج : متألق

الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة   الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد فبراير 27 2011, 21:09

وانتهت إلى أن علمت النساء في دار المنصور وسألها يومًا أن تنشده ارتجالا فقالت‏:‏ أمنن على بصك يكون للدهر عدة تخط يمناك فيه الحمد لله وحده قال‏:‏ فمن عليها وحرز لها ما كان لها من ملك‏.‏
وفاتها‏:‏ قالوا‏:‏ توفيت بحضرة مراكش في آخر ثمانين أو إحدى وثمانين وخمسمائة‏.‏
\\الخضر بن أحمد بن الخضر بن أبي العافية من أهل غرناطة يكنى أبا القاسم‏.‏
من كتاب عائد الصلة كان رحمه الله صدرًا من صدور القضاة من أهل النظر والتقييد والعكوف على الطلب مضطلعًا بالمسائل مسائل الأحكام مهتديًا لمظنات النصوص نسخ بيده الكثير وقيد على الكثير من المسائل حتى عرف فضله واستشاره الناس في المشكلات‏.‏
وكان بصيرًا بعقد الشروط ظريف الخطاب بارع الأدب شاعرًا مكثرًا مصيبًا غرض الإجادة‏.‏
وتصرف في الكتابة السلطانية ثم في القضاء وانتقل في الولايات الرفيعة النبيهة‏.‏
وجرى ذكره في التاج المحلي بما نصه‏:‏ فارس في ميدان البيان‏.‏
وليس الخبر كالعيان وحامل لواء الإحسان لأهل هذا الشان رفل في حلل البدائع فسحب أذيالها وشعشع أكواس العجائب فأدار جريًا لها واقتحم على الفحول أغيالها وطمح إلى الغاية البعيدة فنالها وتذوكرت المعصلات فقال أنا لها‏.‏
عكف واجتهد وبرز إلى مقارعة المشكلات ونهد فعلم وحصل وبلغ الغاية وتوصل وتولى القضاء فاضطلع بأحكام الشرع‏.‏
وبرع في معرفة الأصل والفرع وتميز في المسائل بطول الباع وسعة الذراع فأصبح صدرًا في مصره وغرة في صفحة عصره وسيمر من بديع كلامه وهثات أقلامه وغرر إبداعه ودرر اختراعه ما يستنير لعلم الحليم وتلقى له البلغاء يد التسليم‏.‏
قال في غرض الحكمة والأمثال‏:‏ عز الهوى نقصان والرأي الذي ينجيك منه إذا ارتأيت مروما فإذا رأيت الرأي يتبع الهوى خالف وفاقهما تعد حكيما وكيف تخاف من الحليم مراجيًا خف من نصيحك ذي السفاهة شوما واحذر معادات الرجال توقيًا منهم ظلومًا كنت أو مظلوما فالناس إما جاهلٌ لا يتقى عارًا ولا يخشى العقوبة لؤما أو عاقلٌ يرمي بسهم مكيدةٍ كالقوس ترسل سهمها مسموما فاحلم عن القسمين تسلم منهما وتسد فتدعي سيدًا وحليما ودع المعادات التي من شأنها أن لا تديم على الصفاء قديما أبت المغالبة الوداد فلا تكن ممن يغالب ما حييت نديما وإذا منيت بقربه فاخفض له جناح الذل واخضع ظاعنًا ومقيما إن الغريب لكالقضيب محاير إن لم يمل للريح عاد رميما وارع الكفاف ولا تجاوز حده ما بعده يجنى عليك هموما وابسط يديك متى غنيت ولا تكن فيما يكون به المديح ذميما وعف الورود إذا تزاحم موردٌ واحسب ورود الماء منه حميما وعف الورود إذا تزاحم موردٌ واحسب ورود الماء منه حميما واصحب كريم الأصل ذا فضلٍ فمن يصحب لئيم الأصل عد لئيما فالفضل من لبس الكرام فمن عرا عنه فليس لما يقول كريما إن المقارن بالمقارن يقتدي مثلٌ جرى جرى الرياح قديما وجماع كل الخير في التقوى فلا تعدم حلي التقوى تعد عديما وقال يصف الشيب من قصيدة وهي طويلة أولها‏:‏ لاح الصباح صباح شيب المفرق فاحمد سراك نجوت مما تتقى هي شيبة الإسلام فاقدر قدرها قد أعتقتك وحق قدر المعتق خطت بفودك أبيضًا في أسودٍ بالعكس من معهود خطٍ مهرق كالبرق راع بسيفه طرف الدجا فأعار دهمته شتات الأبلق كالفجر يرسل في الدجنة خيطه ويجر ثوب ضيائه بالمشرق كالماء يستره بقعر طحلب فتراه بين خلاله كالزئبق كتبسم الزنجي إلا أنه يبكي العيون بدمعه المترقرق وكذا البياض قذى العيون ولا ترى للعين أبكي من بياض المفرق ما للغواني وهو لون خدودها يجزعن من لألائه المتألق وأخلته لمع السيوف ومن يشم لمع السيوف على المفارق يفرق هو ليس ذاك ولا الذي أنكرته فكن خائفًا ما خفن منه واتق داءٌ يعز على الطبيب دواؤه ويضيع خسرا فيه مال المنفق لكنه والحق أصدق مقولٍ شين المسيء الفعل زين المتقى ومن مقطوعاته قوله‏:‏ أقلى فما الفقر بالمرء عارٌ ولا دار من يألف الهون دارا وما يكسب العز إلا الغنى غنى النفس فاتخذه شعارا وما اجتمع الشمل في غيره فيحسن إلا وساء انتشارا فدهر غيرك لا تنظرن فيألم قلبك منه \\انكسارا والمال عزٌ وعيشٌ والفقر ذلٌ وحين والناس أعضاء جسم فمنهم أستٌ وعين هذي مقالة حق ما في الذي قلت مين وقال أيضًا‏:‏ إن أراك الزمان وجهًا عبوسًا فتلقاه من بعد ذاك طلقا لا يهمنك حاله إن في طر فة عينٍ ترتاح فيه وتشقى أي عز رأيت أو أي ذل لذوي الحالتين في الدهر يبقى سل نجوم الدجى إذا ما استنارت ما الذي في وقت الظهيرة تلقى وتفكر وقل بغير ارتيابٍ كل شيء يفنى وربك يبقى وقال أيضًا‏:‏ لو أن أيام الشباب تعود لي عود النضارة للقضيب المورق ما إن بكيت على شبابٍ قد ذوى وبقيت منتظرًا لآخر مونق وقال في القلم‏:‏ وقال في التشبيه‏:‏ كأنما السوسن الغض الذي افتتح ت منه كمائمه المبيضة اللون بنان كف فتاةٍ قط ما خضبت تلقى بها من يراها خيفة العين وقال يعرض بقوم من بني أرقم‏:‏ إذا ما نزلت بوادي الآشى فقل رب من لدغه سلم وكيف السلامة في موطنٍ به عصبةٌ من بني أرقم وقال موريًا بالفقه‏.‏
وهو بديع‏:‏ لي دينٌ على الليالي قديمٌ ثابت الرسم منذ خمسين حجة أقاعدًا بالحكم عليها أم لها في تقادم الدهر حجة ونختم مقطوعاته بقوله‏:‏ نجوت بفضل الله مما أخافه ولم لا وخير العالمين شفيع وما ضعت في الدنيا بغير شفاعة فكيف إذا كان الشفيع أضيع وقال أيضًا‏:‏ عليك بتقوى الله فيما ترومه من الأمر تخلص بالمرام وبالأجر فمن أم غير الله أشرك عاجلا وفارقه إيمانه وهو لا يدر وفاته‏:‏ توفي قاضيًا ببرجة وسيق إلى غرناطة فدفن بباب إلبيرة عصر يوم الأربعاء آخر يوم من ربيع عام خمسة وأربعين وسبعمائة‏.‏
خالد بن أبي خالد البلوي خالد بن عيسى بن إبراهيم بن أبي خالد البلوي من أهل قنتورية من حصون وادي المنصورة‏.‏
حاله هذا الرجل من أهل الفضل والسذاجة كثير التواضع منحط في ذمة التخلق نابه الهيئة حسن الأخلاق جميل العشرة محبٌ في الأدب قضى ببلده وبغيره وحج وقيد رحلته في سفر وصف فيه البلاد ومن لقي بفصول جلب أكثرها من كلام العماد الأصبهاني وصفوان وغيرهما من ملح‏.‏
وقفل إلى الأندلس وارتسم في تونس في الكتابة عن أميرها زمانًا يسيرًا وهو الآن قاض ببعض الجهات الشرقية‏.‏
وجرى ذكره في الرحلة التي صدرت عني في صحبة الركاب السلطاني عند تفقد البلاد حتى إذا الفجر تبلج‏.‏
والصبح من باب المشرق تولج عدنا وتوفيق الله قائدٌ وكنفنا من عنايته صلةٌ وعائدٌ تتلقى ركابنا الأفواج وتحيينا الهضاب والفجاج إلى قنتورية فناهيك من مرحلة قصيرة كأيام الوصال قريبة البكر من الآصال كان المبيت بإزاء قلعتها السامية الارتفاع الشهيرة الامتناع وقد برز أهلها في العديد والعدة والاحتفال الذي قدم به العهد على طول المدة صفوفًا بتلك البقعة خيلًا ورجلا كشطرنج الرقعة لم يتخلف ولدٌ عن والدٍ وركب قاضيها ابن أبي خالد وقد شهرته النزعة الحجازية وقد لبس من الحجازي وأرخى من البياض طيلسانا وتشبه بالمشارقة شكلًا ولسانا وصبغ لحيته بالحناء والكتم ولاث عمامته واختتم والبداوة تسمه على الخرطوم وطبع الماء والهواء يقوده قود الجمل المخطوم فداعبته مداعبة الأديب للأديب والأريب للأريب وخيرته بين خصلتين وقلت نظمت مقطوعتين إحداهما مدحٌ والأخرى قدحٌ فإن همت ديمتك وكرمت شيمتك فللذين أحسنوا الحسنى‏.‏
وإلا فالمثل الأدنى‏.‏
فقال‏:‏ انشدني لأرى على أي أمري أتيت وأفرق بين ما جنيتني وما جنيت فقلت‏:‏ قالوا وقد عظمت مبرة خالد قاري الضيوف بطارفٍ وبتالد ماذا تممت به فجئت بحجة قطعت بكل مجادل ومجالد أن \\يفترق نسبٌ يؤلف بيننا أدبٌ أقمناه مقام الوالد وأما الثانية فيكفي من البرق شعاعه وحسبك من شر سماعه‏.‏
ويسير التنبيه كافٍ للنبيه فقال لست إلى قراي بذي حجة وإذا عزمت فأصالحك على دجاجة فقلت ضريبةٌ غريبةٌ ومؤنةٌ قريبةٌ عجل ولا تؤجل وإن انصرم أمد النهر فأسجل فلم يكن إلا كلا ولا وأعوانه من القلعة تنحدر والبشر منهم بقدومها يبتدر يزفونها كالعروس فوق الرؤوس فمن قائل يقول أمها يمانية وآخر يقول أخوها الخصي الموجه إلى الحضرة العلية وأدنوا مرابطها من المضرب بعد صلاة المغرب وألحقوا في السؤال وتشططوا في طلب النوال فقلت يا بني اللكيعة جئتم ببازي بماذا كنت أجازي فانصرفوا وما كادوا يفعلون وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون حتى إذا سلت لذبحها المدى وبلغت من طول أعمارها المدى قلت يا قوم ظفرتم بقرة العين وابشروا باقتراب اللقاء فقد ذبحت لكم غراب البين‏.‏
ولقد بلغني أنه لهذا العهد بعد أن طال المدى يتظلم من ذلك وينطوي من أجله على الوجدة فكتبت إليه‏:‏ وصل الله عزة الفقيه النبيه العديم النظير والتشبيه وارث العدالة عن عمه وابن أبيه في عزة تظلله وولاية تتوج جاهه وتكاله‏.‏
داود بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن سليمان بن عمر ابن حوط الله الأنصاري الحارثي الأندي يكنى أبا سليمان‏.‏
أوليته قال الأستاذ أبو جعفر بن الزبير من بيت علم وعفاف أصله من أندة حصن بشرقي الأندلس وانتقل أبو سليمان هذا مع أخيه أبي محمد إلى حيث يذكر بعد‏.‏
حاله قال ابن عبد الملك كان حافظًا للقراءة عارفًا بإقراء القرآن بها أتقن ذلك عن أبيه ثم أخيه كبيره أبي محمد محدثاُ متسع الرواية شديد العناية بها كثير السماع مكثرًا عدلًا ضابطًا لما ينقله عارفًا بطرق الحديث أطال الرحلة في بلاد الأندلس شرقها وغربها طالبا للعلم بها ورحل إلى سبتة وغيرها من بلاد الأندلس العدوية وعني بلقاء الشيوخ كبارًا وصغارًا والأخذ منهم أتم عناية وحصل له بذلك ما لم يحصل لغيره وكان فهيمًا بصيرًا بعقد الشروط حاذقًا في استخراج نكتها تلبس بكتبها زمانًا طويلًا بمسجد الوحيد من مالقة وكان محبًا في العلم وأهله حريصًا على إفادته أياهم صبورًا على سماع الحديث حسن الخلق طيب النفس متواضعًا ورعًا منقبضًا لين الجانب مخفوض الجناح حسن الهدى نزيه النفس كثير الحياء رقيق القلب تعدد الثناء عليه من الجلة‏.‏
قال ابن الزبير كان من أهل العدالة والفضل وحسن الخلق وطيب النفس والتواضع وكثرة الحياء‏.‏
وقال ابن عبد المجيد كان ممن فضله الله بحسن الخلق والحياء على كثير من العلماء‏.‏
وقال أبو عبد الله بن سلمة مثل ذلك‏.‏
وقال ابن‏.‏
‏.‏
‏.‏
بمثله‏.‏
\\مشيخته قال الأستاذ أقرأ بمرسيه وأخذ بها وبقرطبه ومالقة وإشبيلية وغرناطة وسبتة وغيرها من بلاد الأندلس‏.‏
وغرب العدوه واعتناؤه يعينه وأخاه بباب الرواة والأخذ عن الشيوخ حتى اجتمع لهما ما لم يجتمع لأحد من أهل عصرهما فمن ذلك أبوهما أبو داود وأبو الحسن صالح بن يحيى بن صالح الأنصاري وأبوالقاسم بن حسن وأبوعبد الله بن حميد وأبو زيد السهيلي وأبو عبد الله محمد بن محمد بن عراق الغافقي وأبوالعباس يحيى بن عبد الرحمن المجريطي وعن ابن بشكوال وأخذ عن أبي بكر بن الجد وأبي عبد الله بن زرقون وأبي محمد ابن عبد الله وأبي عبد الله بن الفخار الحافظ وأبي العباس بن مضاء وأبي محمد ابن بونة وأبي محمد بن عبد الصمد بن يعيش الغساني وأبي بكر بن أبي حمزة وأبي جعفر بن حكم الزاهد وأبي خالد بن يزيد بن رفاعة وأبي محمد عبد المنعم ابن الفرس وأبي الحسن بن كوثر وأبي عبد الله بن عروس وأبي بكر بن أبي زمنين وأبي محمد بن جمهور وأبي بكر بن النيار وأبي الحسن بن محمد بن عبد العزيز الغافقي الشقوري وأبي القاسم الحوفي القاضي وأبي بكر بن بيبش بن محمد ابن بيبش العبدري وأبي الوليد بن جابر بن هشام الحضرمي وأبي بكر ابن مالك الشريشي وأبي عبد اليسر الجزيري وأبي بكر بن عبد الله السكسكي وأبي الحجاج ابن الشيخ الفهري وغيرهم ممن يطول ذكرهم‏.‏
قضاؤه وسيرته فيه قال ابن الربيع لازمت ابني حوط الله فكان أبو محمد يفوق أخاه والناس في العلم وكان أبو سليمان يفوق أخاه والناس في الحلم‏.‏
واستقضى بسبتة والمرية والجزيرة الخضراء وقام قاضيًا بها مدة ثم نقل منها إلى قضاء بلنسية آخر ثمان وستمائة ثم صرف بأبي القاسم بن نوح وقدم على القضاء بمالقة في حدود إحدى عشر وستمائة فشكرت أحواله كلها وعرف في قضائه بالنزاهة‏.‏
قال أبو عبد الله بن سلمة كان إذا حضر خصوم ظهر منه من التواضع ووطأة الأكناف وتبيين المراشد والصبر على المداراة والملاطفة وتحبيب الحق وتكريه الباطل ما يعجز عنه ولقد حضرته وقد أوجبت الأحكام عنده الحدود على رجل فهاله الأمر وذرفت عيناه وأخذ يعتب عليه ويؤنبه على أن ساق نفسه إلى هذا وأمر بإخراجه ليحد بشهود في موضع آخر لرقة نفسه وشدة إشفاقه واستمرت ولايته بمالقة إلى أن توفي‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كوثر الجنة
مرتبة
مرتبة
كوثر الجنة


الجنس : انثى عدد المساهمات : 138
نقاط : 230
السٌّمعَة : 10

تاريخ الميلاد : 24/02/1991
تاريخ التسجيل : 19/03/2010
العمر : 33
الموقع : وطني الحبيب
المزاج : متألق

الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة   الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد فبراير 27 2011, 21:10

مولده ببلدة أندة سنة ستين وخمسمائة وفاته قال أبو عبد الرحمن بن غالب توفي إثر صلاة الصبح من يوم السبت سادس ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وستمائة ودفن إثر صلاة العصر يوم وفاته بسفح جبل فارة في الروضة المدفون بها أخوه أبو محمد فأتبعه الناس ثناءً جميلا ذكر واختلفوا في جنازته وخرج إليها النساء والصبيان داعين متبكين‏.‏
الحاجب المعظم حسنة الدولة النصرية وفخر مواليها‏.‏
أوليته رومي الأصل‏.‏
أخبرني أنه من أهل القلصادة وأن انتسابه يتجاذبه القشتالية من طرف العمومة والبرجلونية من طرف الخؤولة وكلاهما نبيه في قومه‏.‏
وأن أباه ألجأه الخوف بدم ارتكبه في محل أصالته من داخل قشتالة إلى السكني بحيث ذكر ووقع عليه سباءٌ في سن الطفولية واستقر بسببه بالدار السلطانية ومحض إحراز رقه السلطان دايل قومه أبو الوليد المار ذكره فاختص به ولازمه قبل تصيير الملك إليه مؤثرًا له مغتبطًا بمحائل فضله وتماثل استقامته ثم صير الملك إليه فتدرج في معارج حظوته واختص بتربية ولده وركن إلى فضل أمانته \\وخلطه في قرب الجوار بنفسه واستجلى الأمور المشكلة بصدقه وجعل الجوائز السنيه لعظماء دولته على يده وكان يوجب حقه ويعرف فضله إلى أن هلك فتعلق بكنف ولده وحفظ شمله ودبر ملكه فكان آخر اللخف وسترًا للحرم وشجىً للعدا وعدة في الشدة وزينًا في الرخاء رحمة الله عليه‏.‏
كان هذا الرجل مليح الشيبة والهيئة‏.‏
معتدل القد والسحنة مرهب البدن‏.‏
مقبل الصورة حسن الخلق واسع الصدر أصيل الرأي رصين العقل كثير التجمل عظيم الصبر قليل الخوف من الهيعات ثابت القدم في الأزمات ميمون النقيبة عزيز النفس عالي الهمة بادي الحشمة آية في العفه مثلًا في النزاهة ملتزمًا للسنة دؤبًا على الجماعة جليس القبلة شديد الإدراك مع السكون ثاقب الذهن مع إظهار الغفلة مليح الدعابة مع الوقار والسكينة مستظهرًا لعيون التاريخ ذاكرًا للكثير من الفقه والحديث كثير الدالة على تصوير الأقاليم وأوضاع البلاد عارفًا للسياسة مكرمًا للعلماء متركًا للهوادة قليل التصنع نافرًا من أهل البدع متساوي الظاهر والباطن مقتصدًا في المطعم والملبس‏.‏
مكانته من الدين أتفق على أنه لم يعاقر مسكرًا قط ولا زن بهناة ولا لطخ بريبة ولا وصم بخلة تقدح في منصب ولا باشر عقاب جاز ولا أظهر شفاء من غائظ ولا اكتسب من غير التجر والفلاحة مالا‏.‏
آثاره أحدث المدرسة بغرناطة‏.‏
ولم تكن بها بعد وسبب إليها الفوائد ووقف عليها الرباع المغلة وانفرد بمنقبها فجاءت نسيجة وحدها بهجة وصدرًا وظرفًا وفخامة وجلب الماء الكثير إليها من النهر فأبد سقيه عليها وأدار السور الأعظم على الربض الكبير المنسوب للبيازين فانتظم منه النجد والغور في زمان قريب وشارف التمام إلى هذا العهد وبنى من الأبراج المنيعة في مثالم الثغور وروابي مطالعها المنذرة ما ينيف على أربعين برجا فهي ماثلة كالنجوم ما بين البحر الشرقي من ثغر بيرة إلى الأحواز الغريبة وأجرى الماء بجبل مورور مهتديًا إلى ما خفي على من تقدمه وأفذاذ أمثال هذه الأنقاب يشق تعداده‏.‏
جهاده‏:‏ غزا في السادس والعشرين من محرم عام ثلاثة وثلاثين وسبعمائة بجيش مدينة باغة وهي ما هي من الشهرة وكرم البقعة فأخذ بمخنقها وشد حصارها وعاق الصريخ عنها فتملكها عنوة وعمرها بالحماة ورتبها بالمرابطة فكان الفتح فيها عظيما وفي أوائل شهر المحرم من عام اثنين وثلاثين وسبعمائة غزا بالجيش عدو المشرق وطوى المراحل مجتازًا على بلاد قشتالة لورقة ومرسية وأمعن فيها ونازل حصن المدور وهو حصن أمن غائلة العدو مكتنفٌ بالبلاد مد بالبسيني موضوعٌ على طية التجارة وناشبه القتال فاستولى عنوة عليه منتصف المحرم من العام المذكور وآب مملوء الحقائب سبيًا وغنمًا‏.‏
وغزواته كثيرة كمظاهرة الأمير الشهير أبي مالك على منازلة جبل الفتح وما اشتهر عنه فيه من الجد والصبر وأوثر عنه من المنقبة الدالة على صحة اليقين وصدق الجهاد إذ أصابه سهم في ذراعه وهو يصلي فلمي شغله عن صلاته ولا حمله توقع الإغارة على إبطال عمله‏.‏
ترتيب خدمته وما تخلل عن ذلك من محنته‏:‏ لما استوثق أمر الأمير المخصوص بتربيته محمد ابن أمير المسلمين أبي الوليد نصر وقام بالأمر وكيل أبيه الفقيه أبو عبد الله محمد بن المحروق ووقع بينه وبين المترجم عهدٌ على الوفاء والمناصحة ولم يلبث أن نكبه وقبض عليه ليلة كذا من رجب عام ثمانية وعشرين وسبعمائة وبعثه ليلا إلى مرسي المنكب واعتقله في المطبق من قصبتها بغيًا عليه وارتكب فيه أشنوعة أساءت به العامة وأنذرت باختلال الحال ثم أجازه البحر فاستقر بتلمسان ولم يلبث أن قتل المذكور وبادر سلطانه الموتور بفرقته عن سدته فاستدعاه فلحق محله من هضبة الملك \\متمليًا ما شاء من عز وعناية فصرفت إليه المقاليد ونيطت به الأمور وأسلم إليه الملك وأطلقت يده في المال واستمرت الأحوال إلى عام ثلاثة وثلاثين وسبعمائة والتأث الأمر وظهر من سلطانه التنكر عليه فعاجله الحمام فخلصه الله منه وولى أخوه أبو الحجاج من بعده فوقع الإجماع على اختياره للوزارة أوائل المحرم من عام أربعة وثلاثين وسبعمائة فرضي الكل به وفرحت العامة والخاصة للخطة لارتفاع المنافسات بمكانه ورضي الأضداد بتوسطه وطابت النفوس بالأمن من غائلته تفولى الوزارة وسحب أذيال الملك وانفرد بالأمر واجتهد في تنفيذ الأحكام وتقدم الولاة وجواب المخاطبات وقواد الجيوش إلى ليلة الأحد الثاني والعشرين من رجب عام أربعين وسبعمائة فنكبه الأمير المذكور نكبة ثقيلة البرك هائلة الفجأة من غير زلة مأثورة ولا سقطة معروفة إلا ما لا يعدم بأبواب الملوك من شرور المنافسات ودبيب السعايات الكاذبة وقبض عليه بين يدي محراب الجامع من الحمراء إثر صلاة المغرب وقد شهر الرجال سيوفهم فوقه يحفون به ويقودونه إلى بعض دور الحمراء وكبس ثقات السلطان منزله فاستوعبوا ما اشتمل عليه من نعمة وضم إلى المستخلص عقاره وسوغ الخبر عظيم غلاته ثم نقل بعد أيام إلى قصبة ألمرية محمولا على الظهر فشد بها اعتقاله ورتب الحرس عليه إلى أوائل شهر ربيع الثاني من عام أحد وأربعين وسبعمائة فبدا للسلطان في أمره واضطر إلى إعادته ووجد فقد نصحه وأشفق لما عدم من أمانته والانتفاع برأيه وعرض عليه بما لنوم الكف والإقصار عن ضره فعفا عنه وأعاده إلى محله من الكرامة وصرف عليه من ماله وعرض الوزارة فأباها واختار برد العافية وأنس لذة التخلي فقدم لذلك من سد الثغور فكان له اللفظ ولهذا الرجل المعنى فلم يزل مفزعًا للرأي محلى في العظة على الولاية كثير الآمل والغاشي إلى أن توفي السلطان المذكور غرة شوال من عام خمسة وخمسين وسبعمائة فشعب الثأي وحفظ البلوى وأخذ البيعة لولده سلطاننا الأسعد أبي عبد الله وقام خير قيام بأمره وجرى على معهود استبرائه‏.‏
وقد تحكمت التجربة وعلت السن وزادت أنة الخشية وقربت من لقاء الله الشقة فلا تسأل عما حط من خل وأفاض من عدل وبذل من مداراة وحلول عقد السلم وسد أمور الجند على القل ودامت حاله متصلة على ما ذكره وسنه تتوسط عشر التسعين إلى أن لحق بربه‏.‏
وقد علم الله أني لم يحملني على تقرير سيرته والإشادة بمنقبته داعيةٌ وإنما هو قول بالحق وتسليم لحجة الفضل وعدل في الوصف والله عز وجل يقول‏:‏ وإذا قلتم فأعدلوا وفاته في ليلة الأربعاء الثامن والعشرين من رمضان من عام ستين وسبعمائة طرق منزله بعد فراغه من إحياء ثلث الليل متبذل اللبسة خالص الطوية مقتضيًا للأمن مستشعرًا للعافية قائمًا على المسلمين بالكل حاملا للعظيمة وقد بادره الغادرون بسلطانه فكسروا غلقه بعد طول معالجة ودخلوا عليه وقتلوه بين أهله وولده وذهبوا إلى الدايل برأسهن وفجعوا الإسلام بالسائس الخصيب المتغاضي راكب متن الصبر ومطوق طوق النزاهة والعفاف وآخر رجال الكمال والستر‏.‏
الضافي على الأندلس ولوئم من الغدبين رأسه وجسده ودفن بإزاء لحود مواليه من السبيكة ظهرًا ولم يشهد جنازته إلا القليل من الناس وتبرك بعد بقبره‏.‏
وقلت عند الصلاة عليه أخاطبه دون الجهر من القول لمكان التقية‏:‏ أرضوان لا توحشك فتكة ظالم فلا موردٌ إلا سيتلوه مصدر ولله سرٌ في العباد مغيبٌ يشهد بخافيه القضاء المقدر سميك مرتاحٌ إليك مسلم عليك ورضوان من الله أكبر فحث المطاليس النعيم منغصٌ ولا العيش في دار الخلود مكدر زاوي بن زيري بن مناد الصنهاجي الحاجب المنصور يكنى أبا مثنى‏.‏
أوليته قد مر ما حدث بين أبيه زيري وبين قرابته من ملوك إفريقية وباديس بن منصور من المشاحنة التي أوجبت مخاطبة المظفر بن أبي عامر في اللحاق بالأندلس وإذنه في ذلك‏.‏
فدخل الأندلس منهم على عهده جماعة وافرة من مساعير الحروب وآثار الحتوف مع شيخهم هذا وأميرهم ودخل منهم معه أبناء أخيه ماكسن وحباسة وحبوس وقاموا في جملة المظفر وزاوي \\مخصوصٌ باسم الحجابة فلما اختل بناء الخلافة بمحمد بن عبد الجبار الملقب بالمهدي أذلهم وتنكر لهم وأشاع بينهم وبين أمثالهم من البرابر المغايرة فكان ذلك سبب الفتنة التي يسميها أهل الأندلس بالبربرية فانحاشوا ونفروا عهده وبايعوا سليمان بن الحكم واستعانوا بالنصارى وحركوا على أهل قرطبة خصوصًا وعلى أهل الأندلس عمومًا ما شاء الله من استباحة وإهلاك النفوس وغلبوا على ملك الأندلس وما وراء البيضة واقتسموا أمهات الأقطار وانحازوا إلى بلاد تضمهم فانحازت صنهاجة مع رئيسهم المذكور إلى غرناطة فأووا إليها واتخذوها ملجأ وحماها زاوي المذكور وأقام بها ملكًا وأثل بها سلطانًا لذويه فهو أول من مدن غرناطة وبناها وزادها تشييدًا ومنعة واتصل ملكه بها وارتشحت عروقه إلى أن كان من ظهوره بها وأحوازها على عساكر الموالي الراجعين بإمامهم المرتضى إلى قرطبة البادين بقتاله والآخذين بكظمه بما تقرر ويتقرر في اسم المرتضى من باب المحمدين بحول الله‏.‏
وكان زاوي كبش الحروب وكاشف الكروب خدم قومه شهير الذكر أصيل المجد المثل المضروب في الدهاء والرأي والشجاعة والأنفة والحرم‏.‏
قال بعضهم أحكم التدبير والدولة تسعده والمقادر تنجده وحكيت له في الحروب حكايات عجيبة‏.‏
بعض أخباره في الرأي قال أبو مروان وقد مر ذكر الفتنة البربرية لما خلص ملأ القوم لتشاور أميرهم وهم فرض في خروجهم من قرطبة عند ما انتهوا إلى فحص هلال واجتمعوا على التأسي وضرب لهم زعيمهم زاوي بن زيري بن مناد الصنهاجي مثلا بأرماح خمسة جمعها مشدودة ودفعها لأشد من حضره منهم وقال إجهد نفسك في كسرها كما هي وأغمزها فعالج ذلك فلم يقدر عليه فقال له حلها وعالجها رمحًا رمحًا فلم يبعد عليه دقها فأقبل على الجماعة فقال‏:‏ هذا مثلكم يا برابرة إن جمعتم لم تطاقوا وإن تفرقتتم لم تبقوا والجماعة في طلبكم فانظروا لأنفسكم وعجلوا فقالوا نأخذ بالوثيقة ولا نلقى بأيدينا إلى التهلكة فقال هم بايعوا لهذا القرشي سليمان يرفع عنكم الأنفة في الرياسات وتستميلون إليه العامة بالجنسية ففعلوا فلما تمت البيعة قال إن مثل هذا الحال لا يقوى على أهل الإستطالة فيقيد له رئيس كل قبيله منكم قبيلة يتكفل السلطان بتقويمهم وأنا الكفيل بصنهاجة قال وامتارت بطون القبائل على أرحامها وقبائلها إلى أفخاذها وفصائلها فاجتمع كل فريق منهم على تقديم سيده فاجتمعت صنهاجة على كبيرها زاوي ولم تزل تلك القبائل المتألفة بالأندلس لطاعة أميرها المنادين له إلى ان أورثوهم الإمارة‏.‏
التوقيع قالوا ولما نازله المرتضى الذي أجلب به الموالي العامريين بظاهر غرناطة خاطبه بكتاب يدعوه فيه إليه طاعته وأجمل موعده فيه فلما قرىء على زاوي قال لكاتبه اكتب على ظهر رقعته‏:‏ قل يا أيها الكافرون السورة‏.‏
فلما بلغت المرتضى أعاد عليه كتابًا يعده فيه بوعيده فلما قرىء على زاوي قال رد عليه‏:‏ ألها كم التكاثر إلى آخرها فازداد المرتضى غيظًا وناشبه القتال فكان الظهور لزاوي‏.‏
قال المؤرخ واقتتلت صهناجه مع أميرهم مستميتين لما دهمهم من بحر العساكر على انفرادهم وقلة عددهم إلى أن انهزم أهل الأندلس وطاروا على وجوههم مسلموهم وإفرنجهم لا يلوون على أحد فأوقع البرابر بهم السيف ونهبوا تلك المحلات واحتووا على مالا كفاء له اتساعًا وكثرة ظل الفارس يجيء من أتباع المنهزمين ومعه العشرة ولا تسل عما دون ذلك من فاخر النهب وخير الفساطيط ومضارب الأمراء والرؤساء‏.‏
قال ابن حيان‏:‏ فحل بهذه الوقيعة على جماعة الأندلس مصيبةٌ أنست ما قبلها ولم يجتمع لهم جمعً بعدها وفروا بإدبار وباءوا بالصغار‏.‏
\\منصرفه عن الأندلس قال المؤرخ ولهول ما عاينه زاوي من اقتدار أهل الأندلس في أيام تلك الحروب وجعاجعهم وإشرافهم على التغلب عليه هان سلطانه عنده بالأندلس وخرج عنها نظرًا إلى عاقبة أمره ودعا بجماعة من قومه لذلك فعصوه وركب البحر بجيشه وأهله فلحق بإفريقية وطنه‏.‏
قال فكان من أغرب الأخبار في الدولة الحمودية انزعاج ذلك الشيخ زاوي عن سلطانه بعد ذلك الفتح العظيم الذي ناله على أهل الأندلس وعبوره البحر بعد أن استأذن ابن عمه المعز بن باديس فأذن له‏.‏
وحرص بنو عمه بالقيروان على رجوعه لهم لحال سنه وتقريبهم يومئذ من مثله من مشيختهم لمهلك جميع إخوتهم وحصوله هو على مقرر بني مناد الغريب الشأن في أن لا تحجب عنهم نساؤهم وكن زهاء ألف امرأة في ذلك الوقت هن ذوات محرم من بنات أخوته وبناتهن وبين بنيهن‏.‏
وكان رحيل زاوي عن الأندلس سنة ستة عشر وأربعمائة‏.‏
قال ابن حيان وأخبار هذا الداهية كثيرة وأفعاله ونوادره مأثورة‏.‏
زهير العامري فتى المنصور بن أبي عامر حاله كان شهمًا داهية سديد المذهب مؤثرًا للأناة ولي بعد خيران صاحب ألمرية وقام بأمره أحمد قيام سنة تسعة عشر وأربعمائة يوم الجمعة لثلاث خلون من جمادى الأولى‏.‏
وكان أميرًا بمرسية فوجه عند خيران حين أحس بالموت فوصل إليه وكان عنده إلى أن مات فخرج زهير مع ابن عباس إلى الناس فقال لهم أما الخليفة خيران فقد مات وقد قدم أخاه زهيرًا هذا‏.‏
فما تقولون‏:‏ فرضي الناس به فدامت مدة ولايته عشرة أعوان ونصف عام إلى أن قتل‏.‏
مناقبه قال أبو القاسم الغافقي وكان حسن السيرة جميلها بنى المسجد في ألمرية ودار فيه من جهاته الثلاث المشرق والمغرب والجوف وبني مسجدًا ببجانة وشاور الفقهاء وعمل بقولهم وملك قرطبة ودخل قصرها يوم الأحد لخمس بقين من شعبان سنة خمس وعشرين وأربعمائة ودام سلطانه عليها خمسة عشر شهرًا ونصف شهر‏.‏
قال ابن عذاري وأما زهير الفتى فامتدت أطناب مملكته من ألمرية إلى قرطبة ونواحيها وإلى بياسة وإلى الفج من أول طليطلة‏.‏
وقالوا‏:‏ قر ما بينه وبين باديس فأرسل باديس إلى زهير رسوله مكاتبًا مستدعيًا تجديد المحالفة فسارع زهير وأقبل نحوه وضيع الحزم واغتر بالعجب ووثق بالكثرة‏.‏
أشبه شيء بمجيء الأمير الضخم إلى عامل من عماله قد ترك رسم الالتقاء بالنظراء وغير ذلك من وجوه الحزم وأعرض عن ذلك كله وأقبل ضاربًا بسوطه حتى تجاوز الحد الذي جرت العادة بالوقوف عنده من عمل باديس دون إذنه وصير الأوعار والمضايق خلف ظهره فلا يفكر فيها واقتحم البلد حتى صار إلى باب غرناطة‏.‏
ولما وصل خرج باديس في جمعه وقد أنكر اقتحامه عليه وعده حاصلًا في قبضته فبدأه بالجميل والتكريم وأوسع عليه وعلى رجاله في العطاء والقرى والتعظيم بما مكن اغترارهم وثبت طمأنينتهم ووقعت المناظرة بين زهير وباديس ومن حضرهما من رجال دوليتهما فنشأ بينهما عارض الخلاف لأول وهلة وحمل زهير أمره على التشطط فعزم باديس على اللقاء ووافقه عليه قوم من خدامه فأقام المراتب ونصب الكتائب وقطع قنطرة لا محيد عنها لزهير والحائن لا يشعر وغاداه عن تعبية محكمة فلم يرعه إلا رجة القوم راجعين فدهش زهير وأصحابه إلا أنه أحسن تدبير الثبات لو استتمه \\وقام فنصب الحرب وثبت في قلب العسكر وقدم خليفته هذيلا في وجوه أصحابه إلى الموالي فلما رأتهم صنهاجة علموا أنهم الحماة والشوكة ومتى حصدوا لم يثبت من وراءهم فاختلطوا بهم واشتد القتال فحكم الله لأقل الطائفتين من صنهاجة ليرى قدرته فانهزم زهير وأصحابه وتقطعوا وعمل السيف فيهم فمزقوا وقتل زهير وجهل مصرعه وغنم رجال باديس من المال والمرافق والأسلحة والحيلة والعدة والغلمان والخيام ما لا يحاط بوصفه‏.‏
وكانت وفاة زهير يوم الجمعة عقب شوال سنة تسع وعشرين وأربعمائة بقرية ألفنت خارج غرناطة‏.‏
طلحة بن عبد العزيز بن سعيد البلطيوسي وأخواه أبو بكر وأبو الحسن بنو القبطرنة يكنى أبا محمد‏.‏
حالهم كانوا عيونًا من عيون الأدب بالأندلس ممن اشتهروا بالظرف والسرو والجلالة‏.‏
وقال أبو الحسن بن بسام وقد ذكر أبا بكر منهم فقال أحد فرسان الكلام وحملة السيوف والأقلام من أسرة أصالة وبيت جلالة أخذوا العلم أولا عن آخر وورثوه كابرًا عن كابر ثلاثة كهقعة الجوزاء وإن أربوا عن الشهر في السنا والسناء‏.‏
كتب أبو محمد عبد العزيز وأخواه عن ملك لمتونة ودخلوا معه غرناطة‏.‏
ذكر ذلك غير واحد‏.‏
واجتزأت بذكر أبي محمد وأتبعه أخويه اختصارًا‏.‏
شعره من شعر أبي محمد قوله في الاستدعاء‏:‏ هلم إلى روضنا يا زه ير ولح في سماء المنى يا قمر وفوق إلى الأنس سهم الإخا ء فقد عطلت قوسه والوتر إذا لم تكن عندنا حاضرًا فما بغصون الأماني ثمر وقعت من القلب وقع المنى وحزت من العين حسن الحور قال أبو نصر بات مع أخويه في أيام صباه واستطابة جنوب الشباب وصباه بالمنية المسماة بالبديع وهو روض كان المتوكل يكلف بموافاته ويبتهج بحسن صفاته ويقطف ريحانه وزهره ويقف عيه إغفاءه وسهره ويستفزه الطرب متى ذكره وينتهز فرص الأنس فيه روحاته وبكره ويدير حمياه على ضفة نهره ويخلع سره فيه لطاعة جهره ومعه أخواه فطاردوا اللذات حتى أنضوها ولبسوا برود السرور فما نضوها حتى صرعتهم العقار وطلحتهم تلك الأوقار فلما هم رداء الفجر أن يندي وجبين الصبح أن يبتدي قام الوزير أبو محمد فقال‏:‏ يا شقيقي وافي الصباح بوجهه ستر الليل نوره وبهاؤه فاصطبح واغتنم مسرة يومٍ لست تدري بما يجيء مساؤه ثم استيقظ أخوه أبو بكر فقال‏:‏ يا أخي قم تر النسيم عليلا باكر الروض والمدام شمولا في رياض تعانق الزهر فيها مثل ما عانق الخليل خليلا لا تنم واغتنم مسرة يوم إن تحت التراب نومًا طويلا ثم استيقظ أخوهما أبوالحسن وقد ذهب من عقله الوسن فقال‏:‏ يا صاحبي ذرا لومي ومعتبتي قم نصطبح قهوة من خير ما ذخروا وبادرا غفلة الأيام واغتنما فاليوم خمرٌ ويبدو في غد خبر وقال أبو بكر في بقرة أخذها له الرنق صاحب قلمورية وقد أعاد أرضه‏:‏ وأفقدنيها الرنق أما حفية إذا هي حفت ألفت بين وفدين تعنفني أمي على أن رثيتها وأن أتبعتها الدم من عين
محمد بن إسماعيل بن نصر محمد بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن نصر الرئيس المتوثب على الملك وحي كرسي الإمارة وعاقد صفقة الخسران المبين يكنى أبا عبد الله‏.‏
أوليته معروفة‏.‏
حاله ‏:‏ من نفاضة الجراب وغيره كان شيطانًا ذميم الخلق حرفوشًا على عرف المشارقة متراميًا للخسائس مألفًا للدعرة والأجلاف والسوار وأولى الريب خبيثًا كثير النكر منغمسًا في العهن كلفًا \\بالأحداث متقلبًا عليهم في الطرق خليع الرسن ساقط الحشمة كثير التبذل قواد عصبة كلاب معالجًا لأمراضها مباشرًا للصيد بهما راجلًا في ثياب منتاب الشعر من الجلود والسوابل والأسمال عقد له السلطان على بنته لوقوع القحط في رجال بيتهم ونوههه بالولاية وأركبه وأغضى له عن موبقات تقصر به إلى أن هلك وحاد الأمر عن شقيق زوجه واستقر في أخيه وثقل على الدولة لكراهة طلعته وسوء الأحدوثة به فأمر بترك المباشرة والدخول للقلعة وأذن له في التصرف في البلد والفحص وأبقيت عليه النعمة فداخل أم زوجه وضمن لها تمام الأمر لولدها وأمدته بالمال فنظر من المساعير شيعةً من كسرة الأغلاق وقتلة الزقاق ومختلسي البضائع ومخيفي السابلة واستضاف من أسافلة الدولة من آسفته بإقصار قصد أو مطل وعد أو حط رتبة أو عزل عن ولاية فاستظهر منهم بعدد ولا كالشقي الدليل الموروي الغريب الطور وإبراهيم بن أبي الفتح المنبوذ بالإضليع قريع الجهل ومستور العظيمة وارتادوا عورة القلعة فاهتدوا منها إلى ما شاءوا وتألفوا بخارج ثم تسللوا ببطن الوادي المعروف بهداره إلى أن لصقوا بجناح السور الصاعد الراكبة قوسه جرية النهر وصعدوا مساوقين جناحه المتصل بسور القلعة وقد نقص كثير من ارتفاعه لحدثان إصلاح فيه فتسوروه عن سلم ودافع بعض محاربيهم بعضًا في استباق أدراجه فدخلوا البلد في الثلث الأخير من ليلة الأربعاء الثامن والعشرين لرمضان عام ستين وسبعمائة ثم استغلظوا بالمشاعل وقتلوا نائب الملك رضوانًا النصري سايس الأمر وبقية المشيخة واستخرجوا السلطان الذي هو يزيفه فنصبوه للناس وتم الأمر بما دل على احتقار الدنيا عند الله وانخرط هذا الخب في طور غريب من التنزل للسلطان والاستخدام لأمه والتهالك في نصحه وخلط نفسه فيه وتبذل في خدمته يتولى له الأمور ويمشي في زي الأشراط بين يديه ويتأتى لشهواته ويتظاهر بحراسته‏.‏
ولما علم أن الأمر يشق تصيره إليه من غير واسطة بغير انقياد الناس إليه من غير تدريج كاده فألطف الحيلة في مساعدته على اللذات وإغرائه بالخبائث وشغله بالعهر وقتله بالشهوات المنحرفة وجعل يترأ من دنيته وينفق بين الناس من سلع اغتيابه ويرى الجماهير الإنكار لصنيعه ويزين لهم الاستعاضة منه بعد ما غلظت شوكته وضم الرجال إلى نفسه موريًا بحفظه والاستظهار على صونه‏.‏
وفي الرابع من شعبان عام أحد وستين وسبعمائة ثار به في محل سكناه في جواره واستجاش أولياء غدره وكبس منزله مداخلا للوزير المشئوم عاقدًا معه صفقة الغدر‏.‏
وامتنع السلطان بالبرج الأعظم فاستنزله وقتله كما مر في اسم المذكور قبل واستولى على الملك فلم يختلف عليه اثنان واشتغل طاغية الروم بحرب كان بينه وبين القطالنيين فتمالأ لمسالمته فاغتبط الصنيع وتهنا المنحة وتشطط على الروم في شروط غير معتادة سامحوه بها مكيدة واستدراجًا واجتاز أمير المسلمين المصاب بغدره إلى الأندلس طالبًا لحقه ومبادرًا إلى رد أمره فسقط في يده ووجه الجيش إليه بمثواه من بلد رندة فانصرف عنها خائبًا ورجع أدراجه يشك في النجاة وتفرغ إليه الطاغية ففض عليه جمه وقد أجرت عليه شوكته وقيعةً نصر الله فيها الدين وأملى لهذا الوغد فلم يقله العثرة بعدها‏.‏
ونازل حصونه المهتضمة واستولى على كثير منها وحام فلم يصحر غلوة وأكذب ما موه به من البسالة‏.‏
وظهر للناس بلبس الصوف وأظهر التوبة على سريرة دخلة وفسق مبين وقل ما بيده ونفد بيت ماله فلم يجد شيئًا يرجع إليه من بعد ما سبك الآنية والحلية وباع العقار لبتذيره وسحه المال سحًا في أبواب الأراجيف والاختلاف والبهج بالغنا فشرف الإنقاب إلى الفرار وأزمع إلى الانسلال‏.‏
وعندما تحرك السلطان إلى غربي مالقة ونجع أهلها بطاعته ودخلوا في أمره وسقط عليه الخبر‏.‏
\\اشتمل على الذخيرة جمعاء وهي التي لم تشتمل خزائن الملوك مطلقًا على مثلها من الأحجار واللؤلؤ والقصب والتف عليه الجمع المستميت جمع الضلال ومرد الغي وخرج عن المدينة ليلة الأربعاء السابع عشر من جمادى الآخرة‏.‏
وصوب وجهه إلى سلطان قشتالة مكظومٌ تجنيه وموتور سوء جواره من غير عهد إلا ما أمل من التبقي عنده من التذميم به وضمان إتلاف الإسلام واستباحة البلاد والعباد بنكرته‏.‏
ولما استقر لديه نزله تقبض عليه وعلى شر ذمته المنيفة على ثلاثمائة فارس من البغاة كشيخ جنده الغربي إدريس بن عثمان بن إدريس بن عبد الله بن عبد الحق ومن سواه تحصل بسببهم بيد الطاغية كل ما تسمو إليه الآمال من جواد فاره أومنطقة ثقيلة وسلاح محلي وجوشن رفيع ودرع حصينة وبلبلة منيعة وبيضة مذهبة وبزة فاخرة وصامت عتيد وذخيرة شريفة فتنخل منهم متولي التسور فجعلهم أسوة رأسهم في القتل خر بعضهم يومئذ على بعض في القتل وأخذتهم السيوف فحلوا بعد الشهرة والتمثيل في أزقة المدينة وإشاعة النداء في الجزيرة ثاني رجب من العام المؤرخ به وركب أسوق سايرهم الأداهم واستخلصهم الإسار وبارد بتوجيه رؤسهم فنصبت من فوق العورة التي كان منها تسورهم القلعة فمكثت بها إلى أن استنزلت وووريت وانقضى أمره على هذه الوتيرة مشئومًا دبيرًا لم يمتعه الله بالنعيم ولا هناه سكنى المحل الكريم ولا سوغه راحة ولا ملأه موهبة ولا أقام على فضله حجة ولا أعانه على زلفة إنما كان رئيس السراق وعريف الخراب وإمام الشرار ندر يوماص في نفسه وقد رفعت إليه امرأة من البدو تدعى أنها سرقت دارها قال‏:‏ إن كان ليلا بعد ما سد باب الحمراء علي وعلى ناسي فهي والله كاذبة إذ لم يبق سارق في الدنيا أو في البلاد إلا وقد تحصل خلفه وقانا الله المحن وثبتنا على مستقر الرشد ولا عاقنا عن جادة الاستقامة‏.‏
وزراء دولته استوزر الوزير المشئوم ممدهً في الغي الوغد الجهول المرتاش من السرقة الحقود على عباد الله لغير علة عن سوء العاقبة المخالف في الأدب سنن الشريعة البعيد عن الخير بالعادة والطبيعة دودة القز وبغل طاحونة الغدر وزق القطران محمد بن إبراهيم بن أبي الفتح الفهري فانطلقت يده على الإبشار ولسانه على الأعراض وعينه على النظر الشزر وصدره على التأوه والرين يلقى الرجال كأنه قاتل أبيه محدقًا إلى كميه يحترش بهما خبيئة أو يظن بهما رشوة فأجاب الله دعاء المضطرين ورغبات السائلين وعاجله بالأخذة الرابية والبطشة القاضية فقبض عليه في ليلة السبت العاشر لرمضان من العام المذكور وعلى ابن عمه العصر فوط وعلى الحيرا من نواهض بيتهما وأنفذ الأمر بتعريضهم فمضى حكم الله بهذه المنية الفرعونية فيهم لا تبديل لكلمات الله قاهر الجبابرة وغالب الغلاب وجاعل العاقبة للمتقين‏.‏
واستوزر بعده أولى الناس وأنسبهم إلى دولته وأحقهم بمظاهرته المسوس الجبار اليأس والفطرة المختبل الفكرة القيل المرجس الحول الشهير الضجر محمد بن علي بن مسعود فميا يلي الناس على طول الحمرة وانفساح زمان التجربة أسوأ تدبيرًا ولا أشر معاملة ولا أبذأ لسانًا ولا أكثر شكوى ومعاتبة ولا أشح يدًا ولا أجدب خوانًا من ذلك المشئوم بنعق البوم ينعق بما لا يسمع ويسرد الأكاذيب ويسيء السمع فيسيء الإجابة ويقود الجيش فيعود بالخيبة إلى أن كان الفرار فصحبه إلى مصرعه وكان ممن استؤثر به القيد الثقيل والأسر الشديد والعذاب الأليم عادة بذلك عبد المالاخوينا التي كان يحجب سمتها زمان ترفيهه فقضت عليه سيء الميتة مطرح الجثة‏.‏
سترنا الله بستره ولا سلبنا في الحياة ولا في الممات ثوب كاتب سره صاحبنا الفقيه الأهوج قصب الريح وشجرة الخور وصوت الصدى أبو محمد عبد الحق بن عطية المستبد بتدبير الدبير خطًا فوق الرقاع الجاهلة ومسارةً في الخلوات الفاسقة وصدعًا فوق المنابر الكبيبة بحلة لث الراية ويذب عنه ذب الوالدة ينتهي في الاعتذار عن هناته إلى الغايات القاصرة‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كوثر الجنة
مرتبة
مرتبة
كوثر الجنة


الجنس : انثى عدد المساهمات : 138
نقاط : 230
السٌّمعَة : 10

تاريخ الميلاد : 24/02/1991
تاريخ التسجيل : 19/03/2010
العمر : 33
الموقع : وطني الحبيب
المزاج : متألق

الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة   الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد فبراير 27 2011, 21:11

\\قضاته شيخنا أبو البركات قيس ليلى القضاء المخدوع بزخرف الدنيا على الكبرة والعناء لطف الله به وألهمه رشده‏.‏
شيخ الغزاة على عهده‏:‏ إدريس بن عثمان بن إدريس بن عبد الحق بن محيو بقية بيت الدبرة ووشيجة الشجرة المجتثة عذب في الجملة من أهل بيته عند القبض عليهم واستقر في القبض الأشهب من قبيله بالمغرب مطلق الإقطاع مرموقًا بعين التجلة مكنوفًا بشهرة الأب إلى أن سعى به إلى السلطان نسيج وحده فارس بن علي واستشعر البث فطار به الذعر لا يلوي عنانًا حتى سقط بإفريقية وعبر البحر إلى ملك برجلونة ثم اتصل بالدولة النصرية بين إدالة الغدر وإيالة الشر فقلده الدائل مشيخة الغزاة ونوه به فاستراب معزله يحيى بن عمر ففر إلى أرض الروم حسبما يذكر في اسمه فقام له بهذا الوظيف ظاهر الشهرة والأبهة مخصوصًا منه بالتجلة إلى أن كان ما كان من إزمانه وفراره فوفى له وصحبه ركابه وقاسمه المنسجة شق الأبلة واستقر بعد قتله أسيرًا عانيًا علق الدهر لضنانة العدو بمثله إلى أن أفلت من دون الأغلاق وشد الوثاق ولحق بالمسلمين في خبر لم يشتمل كتاب الفرج بعد الشدة على مثله والأغراب منه يستقر في اسمه إلماعٌ به ثم استقر بالمغرب معتقلا‏.‏
ثم مات رحمه الله‏.‏
من كان على عهده من الملوك‏:‏ وأولًا بمدينة فاس دار ملك المغرب السلطان الخير الكريم الأبوة المودود قبل الولاية اللين العريكة الشهير الفضل في الحياة آية الله في إغراب الصنع وإغراب الإدبار أبو سالم إبراهيم بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق أمير المسلمين المترجم به في حرف الألف‏.‏
ولما قتل يوم الحادي والعشرين لذي قعدة من عام اثنتين وستين قام بالأمر بعده أخوه المتحيل أبو عامر تاشفين بن علي إلى أواخر صفر عام ثلاثة وستين ولحق بالبلد الجديد الأمير أبو محمد زيان بن الأمير أبي عبد الرحمن بن علي بن عثمان المترجم به في بابه ثم المتولي من عام ثمانية وستين وسبعمائة السلطان أبو فارس عمه المؤمل للم الشعث وضم النشر وتجديد الأمر بحول الله ابن السلطان الكبير المقدس أبي الحسن بن سعيد بن يعقوب بن عبد وبتلمسان الأمير أبو حمو موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى ابن يغمر اسن بن زيان‏.‏
وبإفريقية الأمير الخليفة على عرفهم إبراهيم بن أمير المؤمنين أبي يحيى ابن حفص‏.‏
وبقشتالة بطره بن ألهنشة بن هراندة بن شانجه المصنوع له ولي النعمة منه ومستوجب الشكر من المسلمين لأجله بإراحته منهم‏.‏
وبرغون بطره بن شانجه‏.‏
وبرندة مزاحمه بالملك الفخم أمير المسلمين حقيقة المرتب الحق المعقود البيعة وصاحب الكرة وولي حسن العاقبة مجتث شجرته الخبيثة وصارخ إيالته الدنية أبو عبد الله محمد بن أمير المسلمين أبي الحجاج بن أمير المسلمين أبي الوليد بن نصر‏.‏
مولده مولد هذه النسمة المشئومة أول يوم من رجب عام اثنين وثلاثين وسبعمائة‏.‏
وفاته توفي قتيلًا ممثلا به بطيلاطه من ظاهر إشبيلية في ثاني من رجب عام ثلاثة وستين وسبعمائة وسيقت رؤوس أشياعه الغادرين مع رأسه إلى الحضرة فصلبت بها‏.‏
\\وفي ذلك قلت‏:‏ لا خلفت ذكرًا ولا رحمةً في فم إنسانٍ ولا في فؤاد محمد بن إسماعيل بن يوسف محمد بن إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف بن محمد ابن أحمد بن خميس بن نصر الخرزجي أمير المسلمين بالأندلس بعد أبيه رحمه الله‏.‏
أوليته‏:‏ معروفة‏.‏
حاله كان معدودًا في نبلاء الملوك صيانة وعزًا وشهامة وجمالًا وخصلًا عذب الشمائل حلوًا لبقًا لو ذعيًا هشًا سخيًا المثل المضروب به في الشجاعة المقتحمة حد التهور حلس ظهور الخيل وأفرس من جال على ظهورها لا تقع العين وإن غصت الميادين على أدرب بركض الجياد منه مغرمًا بالصيد عارفًا بسمات السقار وشتات الخيل يحب الأدب ويرتاح إلى الشعر وينبه على العيون ويلم بالنادرة الحارة‏.‏
أخذت له البيعة يوم مهلك أبيه وهو يوم الثلاثاء السابع والعشرين لرجب من عام خمسة وعشرين وسبعمائة‏.‏
وناله الحجب واشتملت عليه الكفالة إلى أن شب وظهر وفتك بوزيره المتغلب على ملكه وهو غلام لم يبقل خده فهيب شأنه ورهبت سطوته وبرز لمباشرة الميادين وارتياد المطارد واجتلاء الوجوه فكان ملء العيون والصدور‏.‏
ذكاؤه حدثني القائد أبو القاسم بن الوزير عبد الله بن عيسى وزير جده قال تذوكر يومًا بحضرته تباين قول المتنبي‏:‏ ألا خدد الله ورد الخدود وقد قدود الحسان القدود وقول امرىء القيس‏:‏ وإن كنت قد ساءتك مني خليقةً فسلي ثيابي من ثيابك تنسل وقول إبراهيم بن سهل‏:‏ أني له من دمي المسفوك معتذرًا أقول حملته في سفكه تعبا فقال رحمه الله بديهة‏:‏ بينهما ما بين نفس ملك عربي وشاعر ونفس يهودي تحت الذمة وإنما تتنفس بقدر همتها أو كلامًا هذا معناه‏.‏
ولما نازل مدينة قبرة ودخل جفنها عنوة ونال قصبتها ورماها بالنفط وتغلب عليها وهي ما هي عند المسلمين وعند النصارى من الشهرة والجلالة بادرناه نهنيه بما نسق له فزوي وجهه عنا وقال ماذا تهنونني به كأنكم رأيتم تلك الخرقة بكذا يعني العلم الكبير في منار إشبيلية فعجبنا من بعد همته ومرمى عزمه‏.‏
شجاعته أقسم أن يغير على باب مدينة بيانة في عدة قليلة عينها الميمن فوقع البهت وتوقعت الفاقرة لقرب الصريخ ومنعة الحوزة وكثرة الحامية واتصال تخوم البلاد ووفور الفرسان بذلك الصقع وتنخل أهل الحفاظ وهجم على باب الكفار نهارًا وانتهى إلى باب المدينةن وقد برزت الحامية وتوقع فرسان الروم الكمناء فأقصروا عن الإحصار وحمى المسلمون فشد عليهم فأعطوهم الضمة ودخلوا أمامهم المدينة ورمي السلطان أحد الرجال الناشبة بمزراق كان بيده محلى السنان رفيع القيمة وتحامل يريد الباب فمنع الإجهاز عليه وانتزاع الرمح الذي كان يجره خلفه وقال اتركوه يعالج به رمحه أن كان أخطأته المنية وقد أفلت من أنشوطة خطر عظيم‏.‏
جهاده ومناقبه كان له وقائع في الكفار على قلة أيامه وتحرك ونال البلاد وفتح قبرة ومقدم جيش العدو الذي بيت بظاهرها وأثخن فيه وفتح الله على يده مدينة باغوة وتغلب المسلمون على حصن قشتالة ونازل حصن قشرة بنفسه لدى قرطبة فكاد أن يتغلب عليه لولا مددٌ اتصل للنصارى به‏.‏
وأعظم مناقبه تخليص جبل الفتح وقد أخذ الطاغية بكظمه ونازله على قرب العهد من تلك المسلمين إياه وناخ بكلكله وهد بالمجانيق أسواره فداري الطاغية واستنزل عزمه وتحفه ولحق في موضع \\اختلاله إلى أن صرفه عنه وعقد له له صلحًا ففازت به قداح الإسلام وتخلصه من بين ناب العدو وظفره فكان الفتح عظيمًا لا كفاء له‏.‏
بعض الأحداث في دولته‏:‏ وفي شهر المحرم من عام سبعة وعشرين وسبعمائة نشأت بين المتغلب على دولته وزيره وبين شيخ الغزاة وأمير القبائل العدوية عثمان بن أبي العلاء الوحشة وألحقت ربحها السعايات فصبت على المسلمين شؤبوب فتنة عظم فيهم أثرها معاطبًا وسئم الانصراف عن الأندلس فلحق بساحل ألمرية وأحوزته المذاهب وتحامت جواره الملوك فداخل أهل حصن أندرش فدخل في طاعته ثم استضاف إليه ما يجاوره فأعضل الداء وتفاقمت اللأواء وغامت سماء الفتنة واستنفد خزائن الأموال المستعدة لدفاع العدو واستلحق الشيخ أبو سعيد عم السلطان وقد استقر بتلمسان فلحق به وقام بدعوته في أخريات صفر عام سبعة وعشرين وسبعمائة واغتنم الطاغية فتنة المسلمين فنزل ثغربيرة ركاب الجهاد وشجى العدو فتغلب عليه واستولى على جملة من الحصون التي تجاوره فاتسع نطاق الخوف وأعيى داء الشر وصرف إلى نظر ملك المغرب في أخريات العام رندة ومربلةً وما يليهما وترددت الرسائل بين السلطان وبين شيخ الغزاةن فأجلت الحال عن مهادنة ومعاودة للطاعة فصرف أميرهم أدراجه إلى العدوة وانتقلوا إلى سكنى وادي آش على رسم الخدمة والحماية على شروط مقررة وأوقع السلطان بوزيره وأعاد الشيخ إلى محله من حضرته أوائل عام ثمانية وعشرين بعده واستقدم القائد الحاجب أبا النعيم رضوان من أعاصم حباليه قتيله فقام بأمره أحسن قيام‏.‏
وعبر البحر بنفسه بعد استقرار ملكه في الرابع والعشرين من شهر ذي حجة من عام اثنين وثلاثين وسبعمائة فاجتمع مع ملك المغرب السلطان الكبير أبي الحسن بن عثمان فأكرم نزله وأصحبه إلى الأندلس وحباه بما لا يحب به ملك تقدمه من مغربيات الخيل وخطير الذخيرة ومستجاد العدة ونزل الجيش على أثره جبل الفتح وتوجه الحاجب أبو النعيم بأكبر إخوة السلطان مظاهرًا على سبيل النيابة وهيأ الله فتحه ثم استنقاذه بلحاق السلطان ومحاولة أمره كما تقدم فتم ذلك يوم الثلاثاء الثاني عشر لذي الحجة من عام ثلاثة وثلاثين وسبعمائة‏.‏
وزراء دولته وزر له وزير أبيه وأخذ له البيعة وهو مثخن بالجراحات التي أصابته يوم الفتك بأبيه السلطان أبي الوليد ولم ينشب أن أجهز جرح تجاوز عظم الدماغ بعد مصابرة ألم العلاج الشديد حسبما يأتي في اسمه وهو أبو الحسن علي بن مسعود بن يحيى بن مسعود المحاربي وترقى إلى الوزارة والحجابة وكيل أبيه محمد بن أحمد المحروق من أهل غرناطة يوم الإثنين غرة شهر رمضان من عام خمسة وعشرين وسبعمائة ويأتي التعريف بهم‏.‏
ثم اغتيل بأمره عشي ثاني يوم من محرم فاتح تسعة وعشرين وسبعمائة‏.‏
ثم وزر له القائد أبو عبد الله بن القائد أبي بكر عتيق بن يحيى بن المول من وجوه الدولة وصدور من يمت بوصله إلى السابع عشر من رجب من العام ثم صرف إلى العدوة وأقام رسم الوزارة والحجابة والنيابة أبو النعيم مولى أبيه إلى آخر مدته بعد أن التأث أمره لديه وزاحمه بأحد المماليك المسمى بعصام حسبما يأتي ذكره في موضعه إن شاء الله‏.‏
رئيس كتابه‏:‏ كتب له كاتب أبيه قبله وأخيه بعده شيخنا نسيج وحده أبو الحسن علي بن الجياب الآتي ذكره في موضعه إن شاء الله‏.‏
قضاته استمرت الأحكام لقاضي أبيه أخي وزيره الشيخ الفقيه أبي بكر بن مسعود رحمه الله إلى عام سبعة وعشرين وسبعمائة ووجهه رسولًا عنه إلى ملك المغرب فأدركته وفاته بمدينة سلا فدفن بمقبرة سلا‏.‏
\\رأيت قبره بها رحمه الله‏.‏
وتخلف ابنه أبا يحيى مسعود عام أحد وثلاثين وسبعمائة وتولى الأحكام الشرعية القاضي أبو عبد الله محمد بن يحيى بن بكر الأشعري خاتمة الفقهاء وصدر العلماء رحمة الله فاستمرت له الأحكام إلى تمام مدة أخيه بعده‏.‏
أمه رومية اسمها علوة وكانت أحظى لداتها عند أبيه وأم بكره إلى أن نزع عنها في أخريات أمره لأمر جرته الدالة وتأخرت وفاتها عنه إلى مدة أخيه‏.‏
من كان على عهده من الملوك بأقطار المسلمين والنصارى‏:‏ فبفاس السلطان الكبير الشهير الجواد خدن العافية وحلف السعادة وبحر الجود وهضبة الحلم أبو سعيد عثمان بن أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق الذي بذل المعروف وقرب الصلحاء والعلماء وأدنى مكانهم وأعمل إشارتهم وأوسع بأعطيته المؤمنين المسترفدين وعظم قدره واشتهر في الأقطار صيته وفشا معروفه وعرفت بالكف عن الدماء والحرمات عفته إلى أن توفي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة عام أحد وثلاثين وسبعمائة ثم صار الأمر إلى ولده السلطان مقتفي سننه في الفضل والمجد وصخامة السلطان مبرًا عليه بالبأس المرهوب والعزم الغالب والجد الذي لا يشوبه هزل والاجتهاد الذي لا يتخلله راحة الذي بعد مداه وأذعن لصولته عداه واتصلت ولايته مدته ومعظم مدة أخيه الوالي بعده‏.‏
وبتلمسان الأمير عبد الرحمن بن موسى بن يغمر اسن ومن بني عبد الواد مشيد القصور ومروض الغروس ومتبنك الترف واتصل إلى تمام مدته وصدرا من مدة أخيه بعده‏.‏
وبتونس الأمير أبو يحيى أبو بكر بن الأمير أبي زكريا بن الأمير أبي إسحاق لبنة تمام قومه وصقر الجوارح من عشه وسابق الجياد من حلبته إلى تمام المدة وصدرًا كبيرًا من دولة أخيه بعده‏.‏
ومن ملوك النصارى ملك على عهده الجفرتين القنيطية والتاكرونية الطاغية المرهوب الشبا المسلط على دين الهدى ألهنشة بن هراندة بن شانجه بن ألفتش بن هراندة الذي احتوى على كثير من بلاد المسلمين حتى الجفرتين واتصلت أيامه إلى أخريات أيام أخيه وأوقع بالمسلمين على عهده وتملك الجزيرة الخضراء وغيرها‏.‏
وبرغون ألفنش بن جايمش بن ألفنش بن بطره بن جايمش الذي استولى على بلنسية ودام إلى آخر مدته وصدرًا من مدة أخيه‏.‏
وقد استقصينا من العيون أقصى ما سح به الاستقصاء وما أغفلناه أكثر ولله الإحاطة‏.‏
مولده في الثامن من شهر المحرم من عام خمسة عشر وسبعمائة‏.‏
وفاته وإلى هذا العهد مات وغرت عليه رؤوس الجند من قبائل العدوة الصدور وشحنت عليه القلوب غيظًا وكان شرها لسانه غير جزوع ولا هياب فربما يتكلم بملىء فيه من الوعيد الذي لا يخفى على المعتمد به وفي ثاني يوم من إقلاع الطاغية من الجبل وهو يوم الأربعاء الثاني عشر من ذي حجة وقد عزم على ركوب البحر من ساحل مربلة فهو مع وادي ياروا من ظاهر جبل الفتح تخفيفًا للمؤنة واستعجالا للصدور وقد أخذت على حركته المراصد فلما توسط كمين القوم ثاروا إليه وهو راكب بغلا أثابه به ملك الروم فشرعوا في عتبه بكلام غليظ وتأنيب قبيح وبدأوا بوكيله فقتلوه وعجل بعضهم بطعنه وترامى عليه مملوك من مماليك أبيه زنمة من أخابيث العلوج يسمى زيانًا صونع على مباشرة الإجهاز عليه فقضى لحينه بسفح الربوة الماثلة يسرة العابر للوادي ممن يقصد جبل الفتح \\وتركوه بالعراء بادي البوار مسلوب البزة سيء المصرع قد عدت عليه نعمه وأوبقه سلاحه وأسلمه أنصاره وحماته‏.‏
ولما فرغ القوم من مبايعة أخيه السلطان أبي الحجاج صرفت الوجوه يومئذ إلى دار الملك ونقل القتيل إلى مالقة فدفن على حاله تلك برياضٍ تجاور منية السيد فكانت وفاته ضحوة يوم الأربعاء الثالث عشر لذي حجة من عام ثلاث وثلاثين وسبعمائة‏.‏
وأقيمت على قبره بعد حين قبة ونوه بقبره وهو اليوم ماثلٌ رهن غربةٍ وجالب عبرة جعلنا الله للقائه على حذر وأهبة وبلوح الرخام الماثل عند رأسه مكتوب‏:‏ هذا قبر السلطان الأجل الملك الهمام الأمضى الباسل الجواد ذي المجد الأثيل والملك الأصيل المقدس المرحوم أبي عبد الله محمد بن السلطان الجليل الكبير الرفيع الأوحد المجاهد الهمام صاحب الفتوح المسطورة والمغازي المشهورة سلالة أنصار النبي صلى الله عليه وسلم أمير المؤمنين وناصر الدين الشهيد المقدس المرحوم أبي الوليد بن فرج بن نصر قدس الله روحه وبرد ضريحه‏.‏
كان مولده في الثاني لمحرم عام خمسة عشر وسبعمائة وبويع في اليوم الذي استشهد فيه والده رضي الله عنه السادس والعشرين لرجب عام خمسة وعشرين وسبعمائة وتوفي رحمه الله في الثالث عشر لذي حجة من عام ثلاثة وثلاثين وسبعمائة فسبحان يا قبر سلطان الشجاعة والندى فرع الملوك الصيد أعلام الهدى وسلالةٍ السلف الذي آثاره وضاحة لمن اقتدى ومن اهتدى سلفٌ لأنصار النبي نجاره قد حل منه في المكارم محتدا متوسط البيت قد أس سته سادة الأملاك أوحد أوحدا بيتٌ بناه محمدون ثلاثةٌ من آل نصر أورثوه محمدا أودعت وجهًا قد تهلل حسنه بدرًا بآفاق الجلالة قد بدا وندًا يسح على العفاة مواهبًا مثنى الأيادي السابغات وموحدا يبكيك مذعورٌ بك استعدى على أعدائه فسقيتهم كاس الردى يبكيك محتاجٌ أتاك مؤملا فغدا وقد شفعت يداك له اليدا أما سماحك فهو أسنى دية أما جلالك فهو أسمى مصعدا جادت ثراك من الإلة سحابةٌ لرضاه عنك تجود هذا المعهدا وشر ما تبع هذا السلطان تواطؤ قتلته من بني أبي العلاء وأصهارهم وسواهم من شيوخ تسوغ إراقة دمه الذي توفرت الدواعي على حياطته والذب عنه تولي كبرها شيخنا أبو الحسن بن الجياب مرتكبًا منها وصمة محت على غرر فضله إلى كثير من خدامه وممالكيه وبعثوا بها إلى ملك المغرب فاقتطعت جانب التمهيل والتأخير واللبث عن الحكم والتعليل عن السماع وبروز الأغراض واتباع السيئة أمثالها‏.‏
وقد كان رحمه الله من الجهاد وإقامة رسم الدين بحيث تزل عن هذه الهنات صفاته وتنكر هذه المذمات صفاته وكان بمكان من العز وإرسال السجية ربما عذله الشيخ في بعض الأمر فيسجم إضجارًا وتمليحًا بإخراجه ولم يمر إلا الزمان اليسير وأوقع الله بالعصبة المتمالئة عليه من أولاد عبد الله فسفتهم رياح النكبات واستأصلت نعمهم أيدي النقمات ولم تقم لهم من بعد ذلك قائمة والله غالب على أمره‏.‏
وتبعت هذا السلطان نفوس أهل الحرية ممن له طبع رقيق وحسٌ لطيف ووفاءٌ كريم ممن كان بينه وبين سطوته دفاعٌ وفي جو اعتقاده له صفاءٌ فصدرت مراث مؤثرة وأقاويل للشجون مهيجة نثبت منها يسيرًا على العادة‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
كوثر الجنة
مرتبة
مرتبة
كوثر الجنة


الجنس : انثى عدد المساهمات : 138
نقاط : 230
السٌّمعَة : 10

تاريخ الميلاد : 24/02/1991
تاريخ التسجيل : 19/03/2010
العمر : 33
الموقع : وطني الحبيب
المزاج : متألق

الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة   الإحاطة في أخبار غرناطة - صفحة 2 Icon_minitime1الأحد فبراير 27 2011, 21:12

فمن ذلك ما نظمه الشيخ الكاتب القاضي أبو بكر بن شبرين وكان على فصاحة ظرفه وجمال روايته غراب قربه ونائحة مأتمه يرثيه ويعرض ببعض من حمل عليه من ناس وخدامه‏:‏ استقلا ودعاني ظائفًا بين المغاني ومن قوله‏:‏ عينٌ بكى لميت غادروه في ثراه ملقى وقد غدروه دفنوه ولم يصل عليه أحدٌ منهم ولا غسلوه إنما مات يوم مات شهيدًا فأقاموا رسمًا ولم يقصدوه
محمد بن قيس الخزرجي محمد بن محمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن نصر بن قيس الخزرجي ثالث الملوك من بني نصر يكنى أبا عبد الله‏.‏
\\أوليته معروفة‏.‏
حاله كان من أعاظم أهل بيته صيتًا وهمة أصيل المجد مليح الصورة عريق الإمارة ميمون النقيبة سعيد النصبة عظيم الإدراك تهنأ العيش مدة أبيه وتملى السياسة في حياته وباشر الأمور بين يديه فجاء نسيج وحده إدراكًا ونبلا وفخارًا وشأوًا‏.‏
ثم تولى الأمر بعد أبيه فأجراه على ديدنه وتقبل سيرته ونسج على منواله وقد كان الدهر ضايقه في حصته ونغصه ملاذ الملك بزمانة سدكت بعينيه لمداخلة السهر ومباشرة أنوار ضخام الشمع إذ كانت تتخذ له منها جذوع في أجسادها مواقيت تخبر بانقضاء ساعات الليل ومضى الربع وعلى التزامه لكنه وغيبوبته في كسر بيته فقد خدمته السعود وأملت بابه الفتوح وسالمته الملوك وكانت أيامه أعيادًا‏.‏
وكان يقرض الشعر ويصغي إليه ويثيب عليه فيجيز الشعراء ويرضخ للندماء ويعرف مقادر العلماء ويواكل الأشراف والرؤساء ضاربا في كل إصلاح بسهم مالئا من كل تجربة وحنكة حار النادرة حسن التوقيع مليح الخط تغلب عليه الفظاظة والقسوة‏.‏
شعره كان له شعر مستظرف من مثله لا بل يفضل به الكثير ممن ينتحل الشعر من الملوك‏.‏
ووقعت على مجموع له ألفه بعض خدامه فنقلب من مطولاته‏:‏ واعدني وعدا وقد أخلفا أقل شيء في المليح الوفا وحال من عهدي ولم يرعه ما ضره لو أنه أنصفا ما بالها لم تتعطف على صاحب لها ما زال مستعطفا خفيت سقمًا عن عيون الورى وبان حبي بعد ما قد خفا لله كم من ليلةٍ بتها أدير من ذاك اللمى قرقفا متعتني بالوصل منها وما أخلفت وعداص خلت أن يخلفا ومنها‏:‏ ملكتك القلب وأني امرؤٌ على ملك الأرض قد وقفا أوامري في الناس مسموعةٌ وليس مني في الورى أشرفا يرهف سيفي في الوغى متسلطًا ويتقي عزمي إذا ما أرهفا وترتجي يمناي يوم الندى تخالها السحب غدت وكفا نحن ملوك الأرض من مثلنا حزنا تليد الفخر والطرفا نخاف إقدامًا ونرجى ندًا لله ما أرجى وما أخوفا لي رايةٌ في الحرب كم غادرت ربع العدا قاعًا بها صفصفا يا ليت شعري والمنى جمة والدهر يومًا هل يرى منصفا وأعظم مناقبه المسجد الجامع بالحمراء على ما هو عليه من الظرف والتنجيد والترقيش وفخامة العمد وإحكام أنوار الفضة وإبداع ثراها ووقف عليه الحمام بإزائه وأنفق فيه مال الجزية وأغرمها لمن يليه من الكفار فدوا به زرعًا نهد إليه صائفته لا نتسافه وقد أهمتهم فتنة فظهر بها منقبة يتيمة ومعلوة فذة فاق بها من تقدمه ومن تأخره من قومه‏.‏
جهاده أغزى الجيش لأول أمره مدينة المنظر فاستولى عليها عنوة وملك من احتوت عليه المدينة ومن جملتهم الزعيمة صاحبة المدينة من أفراد عقائل الروم فقدمت الحضرة في جملة السبي نبيهة المركب ظاهرة الملبس رائقة الجمال خص بها ملك المغرب فاتخذها لنفسه وكان هذا الفتح عظيمًا والصيت بمزايه عظيمًا بعيدًا أنشدني‏.‏
ما نقل عنه من الفظاظة والقسوة‏:‏ هجم لأول أمره على طائفة من مماليك أبيه وكان سيء الرأي فيهم فسجنهم في مطبق الأرى من حمرائه وأمسك مفتاح قفله عنده وتوعد من يرمقهم بقوت بالقتل فمكثوا أياما وصارت أصواتهم تعلو بشكوى الجوع حتى خفتت ضعفًا بعد أن اقتات آخرهم موتًا من لحم من سبقه وحملت الشفقة حارسًا كان برأس المطبق على أن طرح لهم خبزًا يسيرًا تنقص أكله مع مباشرة بلواهم وتمنى إليه ذلك فأمر بذبحه على حافة الجب فسالت عليهم دماؤه وقانا الله مصارع السوء وما زالت المقالة عنها شنيعة والله أعلم بجريرتهم لديه‏.‏
وزراؤه بقي على خطة الوزارة‏.‏
\\وزير أبيه أبو سلطان عزيز بن علي بن عبد المنعم الداني الجاري ذكره بحول الله في محله متبرمًا بحياته إلى أن توفي فأنشد عند موته‏:‏ مات أبو زيد فواحسرتا إن لم يكن مات من جمعة مصيبة لا غفر الله لي أن كنت أجريت لها دمعة وتمادى بها أمره يقوم بها حاشيته وقد ارتاح إليها متوليها بعده المترفع بدولته القائد الشهير البهمة أبو بكر بن المول‏.‏
حدث قارىء العشر من القرآن بين يدي السلطان ويعرف بابن بكرون وكان شيخًا متصاونًا ظريفًا قال‏:‏ عزم السلطان على تقديم هذا الرجل وزيرًا وكان السلطان يؤثر الفال وله في هذا المعنى وساوسٌ ملازمة فوجه إلى الفقيه الكاتب صاحب القلم الأعلى يومئذ أبو عبد الله بن الحكيم المستأثر بها دونه والمتلقف لكرتها قبله وخرج لي عن الأمر وطلب مني أن أقرأ آيًا يخرج فألها عن الغرض قال فلما غدون لشآني تلوت بعد التعوذ قوله عز وجل‏:‏ ‏"‏ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانةً من دونكم لا يألونكم خبالًا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم إلى قوله لنا ‏"‏ فلما فرغت الآية سمعته حاد عن رأيه الذي كان أزمعه‏.‏
وقدم للوزارة كاتبه أبا عبد الله بن الحكيم في ذي قعدة من عام ثلاثة وسبعمائة‏.‏
وصرف إليه تدبير ملكه فلم يلبث أن تغلب على أمره وتقلد جميع شئونه حسبما يأتي في موضعه إن شاء الله‏.‏
كتابه استقل برياسته وزيره المذكور وكان ببابه من كتابه جملةٌ تباهي بهم دسوت الملوك أدبًا وتفننًا وفضلًا وظرفًا كشيخنا تلوه وولي الرتبة الكتابية من بعده وفاصل الخطبة على أثره‏.‏
وغيره ممن يشار إليه في تضاعيف الأسماء كالشيخ الفقيه القاضي أبي بكر بن شبرين والوزير الكاتب أبي عبد الله بن عاصم والفقيه الأديب أبي إسحاق بن جابر‏.‏
والوزير الشاعر المفلق أبي عبد الله اللوشي من كبار القادمين عليه والفقيه الرئيس أبي محمد الحضرمي والقاضي الكاتب أبي الحجاج الطرطوشي والشاعير المكثر أبي العباس القراق وغيرهم‏.‏
استمرت ولاية قاضي أبيه الشيخ الفقيه أبي عبد الله محمد بن هشام الألثي قاضي العدل وخاتمة أولى الفضل إلى أن توفي عام أربعة وسبعمائة‏.‏
وتولي له القضاء القاضي أبو جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد القرشي المنبور بابن فركون وتقدم التعريف به والتنبيه على فضله إلى آخر أيامه‏.‏
من كان على عهده من الملوك بالأقطار وأول ذلك بفاس كان على عهده بها السلطان الرفيع القدر السامي الخطر المرهوب الشبا المستولى في العز وبعد الصيت على المدى أبو يعقوب يوسف بن يعقوب المنصور بن عبد الحق وهو الذي وطد الدولة المرينية وجبا الأموال العريقة واستأصل من تتقي شوكته من القرابة وغيرهم وجاز إلى الأندلس في أيام أبيه وبعده غازيًا ثم حاصر تلمسان وهلك عليها في أوائل ذي قعدة عام ستة وسبعمائة فكانت دولته إحدى وعشرين سنة وأشهرًا‏.‏
ثم صار الأمر إلى حافده أبي ثابت عامر بن الأمير أبي عامر عبد الله بن يوسف بن يعقوب بعد اختلاف وقع ونزاع انجلى عن قتل جماعة من كبارهم منهم الأمير أبو يحيى بن السلطان أبي يوسف والأمير أبو سالم بن السلطان أبي يعقوب واستمر الأمر للسلطان أبي ثابت إلى صفر من عام ثمانية وسبعمائة وصار الأمر إلى أخيه أبي الربيع سليمان تمام مدة ملكه وصدرا من دولة أخيه نصر وبتلمسان الأمير أبو سعيد عثمان بن يغمر اسن ثم أخوه أبو عمران موسى ثم ولده أبو تاشفين عبد الرحمن إلى آخر مدة أخيه‏.‏
\\وبتونس السلطان الفاضل الميمون النقيبة‏.‏
المشهور الفضيلة أبو عبد الله محمد بن الواثق يحيى بن المستنصر أبي عبد الله بن الأمير أبي زكريا بن أبي حفص من أولى العفة والنزاهة والتؤدة والحشمة والعقل عني بالصالحين واختص بأبي محمد المرجاني فأشار بتقويمه وظهرت عليه بركته وكان يرتبط إليه ويقف في الأمور عنده فلم تعدم الرعية بركة ولا صلاحًا في أيامه إلى أن هلك في ربيع الآخر عام تسعة وسبعمائة ووقعت بينه وبين هذا الأمير المترجم به المراسلة والمهاداة‏.‏
وبقشتالة هراندة بن شانجة بن أدفونش بن هراندة المستولي على إشبيلية وقرطبة ومرسية وجيان ولا حول ولا قوة إلا بالله هلك أبوه وتركه صغيرًا مكفولا على عادتهم فتنفس المخنق وانعقدت السلم واتصل الأمان مدة أيامه وهلك في دولة أخيه‏.‏
وبرغون جايمش بن ألفنش بن بطره‏.‏
الأحداث في عام ثلاثة وسبعمائة نقم على قريبه الرئيس أبي الحجاج بن نصر الوالي بمدينة وادي آش أمرًا أوجب عزله عنها وكان مقيمًا بحضرته فاتخذ الليل جملا وكان أملك بأمرها وذاع الخبر فاستركب الجيش وقد حد ما ينزل في استصلابه وجدد الصكوك بولايته خوفًا من اشتعال الفتنة وقد أخذ على يديه وأغرى أهل المدينة بحربه فتداعوا لحين شعورهم باستعداده وأحاطوا به فدهموه وعاجلوه فتغلبوا عليه وقيد إلى بابه أسيرًا مصفدًا فأمر أحد أبناء عمه فقتله صبرًا وتملا فتحًا كبيرًا وأمن فتنة عظيمة وفي شهر شوال من عام خمسة وسبعمائة قرع الأسماع النبأ العظم الغريب من تملك سبتة وحصولها في قبضته وانتزاعها من يد رئيسها أبي طالب عبد الله بن أبي القاسم الرئيس الفقيه ابن الإمام المحدث أبي العباس العزمي حسبما يتقرر في اسم الرئيس الفقيه أبي طالب إن بلغنا الله ذلك واستأصل ما كان لأهلها من الذخائر والأموال ونقل رؤساءها وهم عدة إلى حضرته غرناطة في غرة المحرم من العام فدخلوا عليه وقد احتفل بالملك واستركب في الأبهة الجند فلثموا أطرافه واستعطفه شعراؤهم بالمنظوم من القول وخطباؤهم بالمنثور منه فطمأن روعهم وسكن جأشهم وأسكنهم في جواره وأجرى عليهم الأرزاق الهلالية وتفقدهم في الفصول إلى أن كان من أمرهم ما هو معلوم‏.‏
اختلاعه في يوم عيد الفطر من عام ثمانية وسبعمائة أحيط بهذا السلطان وأتت الحيلة عليه وهو مصاب بعينيه مقعدٌ في كنه فداخلت طائفة من وجوه الدولة أخاه وفتكت بوزيره الفقيه أبي عبد الله بن الحكيم ونصبت للناس الأمير أبا الجيوش نصرًا أخاه وكبست منزل السلطان فأحيط به وجعل الحرس عليه وتسومع بالكائنة فكان البهت وسال من الغوغاء البحر فتعلقوا بالحمراء يسألون عن الحادثة فشغلوا بانتهاب دار الوزير وبها من مال الله ما يفوت الوصف وكان الفجع في إضاعته على المسلمين وإطلاق الأيدي الخبيثة عليه عظيمًا وفي آخر اليوم عند الفراغ من الأمر دخل على السلطان المخلوع الشهداء عليه بخلعه بعد نقله من دار ملكه إلى دار أخرى فأملى رحمه الله زعموا وثقية خلعه مع شغب الفكر وعظم الداهية وانتقل رحمه الله بعد إلى القصر المنسوب إلى السيد بخارج الحضرة أقام به يسيرًا ثم نقل إلى مدينة المنكب وكان من أمره ما يذكر إن شاء الله‏.‏
ومما يؤثر من ظرفه حدث من كان منوطًا به من خاصته مدة أيام إقامته بقصر نجد قبل خلعه قال‏:‏ أرسل الله الأغربة على سقف القصر وكان شديد التطير والقلق لذلك حسبما تقدم من الإشارة إلى ذلك بحديث العشر وكان من جملتها غرابٌ شديد الإلحاح حاد النعيب والصياح فأغرى به الرماة من مماليكه بأنواع القسى فأبادوا من الغربان أمة وتخطأ الحتف ذلك الغراب الخبيث العبقان فلما انتقل إلى سكنى الحمراء ظهر ذلك الغراب على سقفه ثم لما أهبط مخلوعًا إلى قصر شنيل تبعه وقام في بعض السقف أمامه فقال يخاطبه رحمه الله‏:‏ يا مشئوم يا محروم بين الغربان قد خلصت أمرنا ولم \\يبق لك علينا طلب ولا بيننا وبينك كلام إرجع إلى هؤلاء المحارم فاشتغل بهم قال فأضحكنا على حال الكآبة بعذوبة منطقه وخفة روحه‏.‏
وفاته قد تقدم ذكر استقراره بالمنكب وفي أخريات شهر جمادى الآخرة عام عشرة وسبعمائة أصابت السلطان نصرًا سكتةٌ توقع منها موته بل شك في حياته فوقع التفاوض الذي تمحض إلى التوجيه عن السلطان المخلوع الذي بالمنكب ليعود إلى الأمر فكان ذلك وأسرع إلى إيصاله إلى غرناطة في محفة فكان حلوله بها في رجب من العام المذكور‏.‏
وكان من قدر الله أن أفاق أخوه من مرضه ولم يتم للمخلوع الأمر فنقل من الدار التي كان بها إلى دار أخيه الكبرى فكان آخر العهد به‏.‏
ثم شاعت وفاته أوائل شوال من العام المذكور فذكر أنه اغتيل غريقًا في البركة في الدار المذكورة لما توقع من عادية جواره ودفن بمقبرة السبيكة مدفن قومه بجوار الغالب هذا قبر السلطان الفاضل الإمام العادل علم الأتقياء أحد الملوك الصلحاء المخبت الأواه المجاهد في سبيل الله الرضي الأورع الأخشى الله الأخشع المراقب في السر والإعلان المعمور الجنان بذكره واللسان السالك في سياسة الخلق وإقامة الحق منهاج التقوى والرضوان كافل الأمة بالرأفة والحنان الفاتح لها بفضل سيرته وصدق سريرته ونور بصيرته أبواب اليمن والأمان المنيب الأواب العامل ما يجده نورًا مبينًا يوم الحساب ذي الآثار السنية والأعمال الطاهرة القائم في جهاد الكفار بماضي العزم وخلص النية المقيم قسطاس العدل المنير منهاج الحلم والفضل حامي الذمار وناصر دين المصطفى المختار المقتدي بأجداده الأنصار المتوسل بفضل ما أسلفوه من أعمال البر والجهاد ورعاية العباد والبلاد إلى الملك القهار أمير المسلمين وقامع المعتدين المنصور بفضل الله أبي عبد الله ابن أمير المسلمين الغالب بالله السلطان الأعلى إمام الهدى وغمام الندى محيي السنة حسن الأمة المجاهد في سبيل الله الناصر لدين الله أبي عبد الله ابن أمير المسلمين الغالب بالله أبي عبد الله بن يوسف بن نصر كرم الله وجهه ومثواه ونعمه برضاه‏.‏
ولد رضي الله عنه يوم الأربعاء الثالث لشعبان المكرم من عام خمسة وخمسين وستمائة‏.‏
وتوفي قدس الله روحه وبرد ضريحه ضحوة يوم الإثنين الثالث لشوال عام ثلاثة عشر وسبعمائة رفعه الله إلى منازل أوليائه الأبرار وألحقه بأئمة ومن الجانب الآخر‏:‏ رضي الملك الأعلى يروح ويغتدي على قبر مولانا الإمام المؤيد مقر العلى والملك والبأس والندى فقدس من مغنى كريم ومشهد ومثوى الهدى والفضل والعدل والتقي فبورك من مثوى زكي وملحد فيا عجبًا طود الوقار جلالة ثوى تحت أطباق الصفيح المنضد وواسطة العقد الكريم الذي له مآثر فخرٍ بين مثنى وموحد محمد الرضى سليل محمد إمام الندى نجل الإمام محمد فيا نخبة الأملاك غير منازعٍ ويا علم الأعلام غير مفند بكتك بلادٌ كنت تحمي ذمارها بعزمٍ أصيلٍ أو برأي مسدد وكم معلم للدين أوضحت رسمه بني لك في الفردوس أرفع مصعد كأنك ما سست البلاد وأهلها بسيرة ميمون النقيبة مهتد كأنك ما قدت الجيوش إلى العدا فصيرتهم نهب القنا المتقصد كأنك ما احييت للخلق سنة تجادل عنها باللسان وباليد كأنك ما أمضيت في الله عزمة تدافع فيها بالحسام المهند فإن تجهل الدنيا عليك وأهلها بذاك ثوب الله يلقاك في غد تعوضت ذخرًا من مقام خلافة مقيمٍ منيبٍ خاشع متعبد وكل الورى من كان أو هو كائنٌ صريع الردى إن يكن فكأن قد فلا زال جارًا للرسول محمد بدار نعيمٍ في رضى الله سرمد وهذي القوافي قد وفيت بنظمها فيا ليت شعري هل يصيخ لمنشد محمد بن نصر الأنصاري الخزرجي محمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن خميس بن نصر الأنصاري الخزرجي ثاني الملوك الغالبين من بني نصر وأساس أمرهم وفحل جماعتهم أوليته تقرر بحول الله في اسم أبيه الآتي بعد حسب الترتيب المشترط‏.‏
حاله من كتاب طرفة العصر من تأليفنا كان هذا السلطان أوحد الملوك جلالة وصرامة وحزمًا‏.‏
\\مهد الدولة ووضع ألقاب خدمتها وقرر مراتبها واستجاد أبطالها وأقام رسوم الملك فيها واستدر جباياتها مستظهرًا على ذلك بسعة الذرع وأصالة السياسة ورصانة العقل وشدة الأسر ووفور الدهاء وطول الحنكة وتملؤ التجربة مليح الصورة تام الخلق بعيد الهمة كريم الخلق كثير الأناة‏.‏
قام بالأمر بعد أبيه وباشره مباشرة الوزير أيام حياته فجرى على سنن أبيه من اصطناع أجناسه ومداراة عدوه وأجرى صدقاته وأربى عليه بخلال منها براعة الخط وحسن التوقيع وإيثار العلماء والأطباء والعدلين والحكماء والكتاب والشعراء وقرض الأبيات الحسنة وكثرة الملح وحرارة النادرة‏.‏
وطما بحرٌ من الفتنة لأول استقرار أمره وكثر عليه المنتزون والثوار وارتجت الأندلس وسط أكلب الكفار فصبر لزلزالها رابط الجأش ثابت المركز وبذل من الاحتيال والدهاء المكنوفين بجميل الصبر ما أظفره بخلو الجو‏.‏
وطال عمره وجد صيته واشتهر في البلاد ذكره وعظمت غزواته وسيمر من ذكره ما يدل على أجل من ذلك إن شاء الله‏.‏
شعره وتوقيعه وقفت على كثير من شعره وهو نمطٌ منحط بالنسبة إلى أعلام الشعراء ومستظرفٌ من الملوك والأمراء‏.‏
من ذلك يخاطب وزيره‏:‏ تذكر عزيز ليالٍ مضت وأعطاءنا المال بالراحتين وقد قصدتنا ملوك الجها ت ومالوا إلينا من العدوتين وإذا سأل السلم منا اللعي ن فلم يحظ إلى بخفي حنين وتوقيعه يشذ عن الإحصاء وبأيدي الناس إلى هذا العهد كثير من ذلك فمما كتب به على رقعة كان رافعها يسأل التصرف في بعض الشهادات ويلح عليها‏:‏ وأطال الخط عند إلهي إشعارًا بالضراعة عند الدعاء والجد‏.‏
ويذكر أنه وقع بظهر رقعة اشتكى ضرر أحد الجند المنزلين في الدور ونبزه بالتعرض لزوجه‏:‏ يخرج هذا النازل ولا يعوض بشيء من المنازل‏.‏
بنوه ثلاثة ولي عهده أبو عبد الله المتقدم الذكر وفرج المغتال أيام أخيه ونصر الأمير بعد أخيه‏.‏
بناته‏:‏ أربع عقد لهن جمع أبرزهن إلى أزواجهن من قرابتهن تحت أحوال ملوكية ودنيا عريضة وهن‏:‏ فاطمة ومؤمنة وشمس وعائشة‏.‏
وفاطمة منهن أم حفيده إسماعيل الذي ابتز ملك بنيه عام ثلاثة عشر وسبعمائة‏.‏
وزيره كان وزيره الوزير الجليل الفاضل أبو سلطان لتقارب الشبه زعموا في السن والصورة وفضل الذات ومتانة الدين وصحة الطبع وجمال الرواء أغنى وحسنت واسطته ورفعت إليه الوسائل وطرزت باسمه الأوضاع واتصلت إلى أيامه أيام مستوزره ثم صدرًا من أيام ولي عهده‏.‏
ولي له خطة الكتابة والرياسة العليا في الإنشاء جملةٌ منهم كاتب أبيه أبو بكر ابن أبي عمرو اللوشي ثم الأخوان أبو علي الحسن والحسين إبنا محمد بن يوسف ابن سعيد اللوشي سبق الحسن وتلاه الحسين وكانا توأمين ووفاتهما متقاربة ثم كتب له الفقيه أبو القاسم محمد بن محمد بن العابد الأنصاري آخر الشيوخ وبقية الصدور والأدباء أقام كاتبًا مدة إلى أن أبرمه انحطاطه في هوى نفسه وإيثاره المعاقرة حتى زعموا أنه قاء ذات يوم بين يديه‏.‏
فأخره عن الرتبة وأقامة في عداد كتابه إلى أن توفي تحت رفده‏.‏
\\وتولى الكتابة الوزير أبو عبد الله بن الحكيم فاضطلع بها إلى آخر دولته‏.‏
قضاته تولي له خطة القضاء قاضي أبيه الفقيه العدل أبو بكر بن محمد بن فتح الإشبيلي الملقب بالأشبرون‏.‏
تولى قبل ذلك خطة السوق فلقي سكران أفرط في قحته واشتد في عربدته وحمل على الناس فأفرجوا عنه فاعترضه واشتد عليه حتى تمكن منه بنفسه واستنصر في حده وبالغ في نكاله واشتهر ذلك عنه فجمع له أمر الشرطة وخطة السوق ثم ولي القضاء فذهب أقصى مذاهب الصرامة إلى أن هلك فولي خطة القضاء بعده الفقيه العدل أبو عبد الله محمد بن هشام من أهل ألش لحكاية غبطت السلطان بدينه ودلته على محله من العدل والفضل فاتصلت أيام قضائه إلى أيام مستقضية رحمه الله‏.‏
جهاده‏:‏ وباشر هذا السلطان الوقائع فانجلت ظلماتها عن صبح نصره وطرزت مواقعها بطراز جلادته وصبره فمنها وقيعة المطران وغيرها مما يضيق التأليف عن استقصائه‏.‏
وفي شهر المحرم من عام خمسة وتسعين وستمائة على تفئة هلاك طاغية الروم شانجه بن أدفونش عاجل الكفار لحين دهشهم فحشد أهل الأندلس واستنفر المسلمين فاغتنم الداعية وتحرك في جيش يجر الشوك والشجر ونازل مدينة قيجاطة وأخذ بكظمها ففتحها الله على يديه وتملك بسببها جملة من الحصون التي ترجع إليها وكان الفتح في ذلك عظيما وأسكنها جيشًا من المسلمين وطائفة من الحامية فأشرقت العدو بريقه‏.‏
وفي صائفة عام تسعة وتسعين وستمائة نازل مدينة القبذاق فدخل جفنها واعتصم من تأخر أجله بقصبتها ذات القاهرة العظيمة الشأن الشهيرة في البلدان فأحيط بهم فخذلوا وزلزل الله أقدامهم فألقوا باليد وكانوا أمنع من عقاب الجو وتملكها على حكمه وهي من جلالة الوضع وشهرة المنعة وخصب الساحة وطيب الماء والوصل إلى أفلاذ الكفر والاطلاع على عوراته بحيث شهر‏.‏
فكان تيسر فتحها من غرائب الوجود وشواهد اللطف وذلك في صلاة الظهر من يوم الأحد الثامن لشهر شوال عام تسعة وتسعين وستمائة وأسكن بها رابطة المسلمين وباشر العمل في خندقها بيده رحمه الله فتساقط الناس من ظهور دوابهم إلى العمل فتم ما أريد منه سريعًا‏.‏
وأنشدني شيخنا أبو الحسن الجياب بهنئه بهذا الفتح‏:‏ عدوك مقهورٌ وحزبك غالب وأمرك منصور وسهمك صائب وشخصك مهما لاح للخلق أذعنت لهيبته عج الورى والأعارب وهي طويلة‏.‏
من كان على عهده من الملوك‏.‏
كان على عهده بالمغرب السلطان الجليل أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق الملقب بالمنصور وكان ملكًا صالحًا ظاهر السذاجة سليم الصدر مخفوض الجناح شارعًا أبواب الدالة عليه منهم أشبه بالشيوخ منه بالملوك في إخمال اللفظ والإغضاء عن الجفوة والنداء بالكنية‏.‏
وهو الذي استولى على ملك الموحدين واجتث شجرتهم من فوق الأرض وورث سلطانهم واجتاز إلى الأندلس كما تقدم مرات ثلاث أو أزيد منها وغزا العدو وجرت بينه وبين السلطان المترجم به أمور من سلم ومنقاضة وإعتاب وعتب حسبما تدل على ذلك القصائد الشهيرة المتداولة وأولها ما كتب به على عهده الفقيه الكاتب الصدر أبو عمرو بن المرابط في هل من معيني في الهوى أو منجدي من متهم في الأرض أو منجد وتوفي السلطان المذكور بالجزيرة الخضراء في عنفوان وحشة بينه وبين هذا السلطان في محرم خمسة وثمانين وستمائة وولي بعده ولده العظيم الهمة القوي العزيمة أبو يعقوب يوسف وجاز إلى الأندلس على عهده واجتمع به بظاهر مربلة وتجدد العهد وتأكد الود ثم \\عادت الوحشة المفضية إلى تغلب العدو على مدينة طريف فرضة المجاز الأدنى واستمرت أيام السلطان أبي يعقوب إلى آخر مدة السلطان المترجم به ومدة ولده بعده‏.‏
وبوطن تلمسان أبو يحيى يغمور وهو يغمر اسن بن زيان بن ثابت بن محمد ابن بندوسن بن طاع الله بن علي بن يمل وهو أوحد اهل زمانه جرأة وشهامة ودهاء وجزالة وحزمًا‏.‏
مواقفه في الحروب شهيرة وكانت بينه وبين بني مرين وقائع كان عليه فيها الظهور وربما ندرت الممانعة وعلى ذلك فقوى الشكيمة ظاهر المنعة‏.‏
ثم ولي بعده ولده عثمان إلى تمام مدة السلطان المترجم به وبعضًا من دولة ولده‏.‏
وبوطن إفريقية الأمير الخليفة أبو عبد الله بن أبي زكريا بن أبي حفص الملقب بالمستنصر المثل المضروب في البأس والأنفة وعظم الجبروت وبعد الصيت إلى أن هلك سنة أربعة وسبعين وستمائة ثم ولده الواثق بعده ثم الأمير أبو إسحاق وقد تقدم ذكره‏.‏
ثم كانت دولة الدعي ابن أبي عمارة المتوثب على ملكهم ثم دولة أبي حفص مستنقذها من يده وهو عمر بن أبي زكريا ابن عبد الواحد ثم السلطان الخليفة الفاضل الميمون النقيبة أبو عبد الله محمد بن الواثق يحيى بن المستنصر أبي عبد الله بن الأمير زكريا‏.‏
وبوطن النصارى بقشتالة ألفنش بن هراندة إلى أن ثار عليه ولده شانجه واقتضت الحال إجازة سلطان المغرب واستجار به وكان من لقائه بأحواز الصخرة من كورة تاكرنا ما هو معلوم‏.‏
ثم ملك بعده ولده شانجه واتصلت ولايته مدة أيام السلطان وجرت بينهما خطوب إلى أن هلك عام أربع وسبعين وستمائة‏.‏
وولي بعده ولده هراندة سبعة عشر عامًا وصار الملك إليه وهو صبيٌ صغير فتنفس مخنق أهل الأندلس وغزا سلطانهم وظهر إلى آخر مدته‏.‏
وبرغون ألفنش بن جايمش بن بطره بن جايمش المستولى على بلنسية ثم هلك وولي بعده جايمش ولده وهو الذي نازل مدينة ألمرية على عهد نصرٍ ولده واستمرت أيام حياته إلى آخر مدته‏.‏
وكان لا نظير له في الدهاء والحزم والقوة‏.‏
من الأحداث في أيامه على عهده تفاقم الشر وأعيا داء الفتنة ولقحت حرب الرؤساء الأصهار من بني إشقيلولة فمن دونهم وطنب سرادق الخلاف وأصاب الأسر وفحول الثروة الرؤساء فكان بوادي آش الرئيسان أبو محمد وأبو الحسن وبمالقة وقمارش الرئيس أبو محمد عبد الله وبقمارش‏:‏ رئيس آخر هو الرئيس أبو إسحاق فأما الرئيس أبو محمد فهلك وقام بأمره بمالقة ولده وابن أخت السلطان المترجم به‏.‏
ثم خرج عنها في سبيل الانحراف والمنابذة إلى ملك المغرب ثم تصير أمرها إلى السلطان على يد واليها من بني علي‏.‏
وأما الرئيسان فصابرا المضايقة وعزمًا على النطاق والمقاطعة بوادي آش زمانًا طويلًا‏.‏
وكان آخر أمرهما الخروج عن وادي آش إلى ملك المغرب‏:‏ معوضين بقصر كتامة حسبما يذكر في أسمائهم‏.‏
\\إن بلغنا الله إليه‏.‏
في أيامه كان جواز السلطان المجاهد أبي يوسف يعقوب بن عبدالحق إلى الأندلس مغازيًا ومجاهدًا في سبيل الله‏.‏
في أوائل عام اثنين وسبعين وستمائة وقد فسد ما بين سلطان النصارى وبين ابنه واغتنم المسلمون الغرة واستدعى سلطان المغرب إلى الجواز ولحق به السلطان المترجم به وجمع مجلسه بين المنتزين عليه وبينه وأجلت الحال عن وحشة وقضيت الغزاة وآب السلطان إلى مستقره‏.‏
وفي العام بعده كان إيقاع السلطان ملك المغرب بالزعيم ذنوبه واستئصال شأفته وحصد شوكته‏.‏
ثم عبر البحر ثانية بعد رجوعه إلى العدوة واحتل بمدينة طريف في أوائل ربيع الأول عام سبعة وسبعين وستمائة ونازل إشبيلية وكان اجتماع السلطانين بظاهر قرطبة فاتصلت اليد وصلحت الضمائر ثم لم تلبث الحال أن استحالت إلى فساد فاستولى ملك المغرب على مالقة بخروج المنتزي بها إليه إلى يوم الأربعاء التاسع والعشرين لرمضان عام سبعة وسبعين وستمائة‏.‏
ثم رجعت إلى ملك الأندلس بمداخلة من كانت بيده ولنظره حسبما يأتي بعد إن شاء الله‏.‏
وعلى عهده نازل طاغية الروم الجزيرة الخضراء وأخذ بمخنقها وأشرف على افتتاحها فدافع الله عنها ونفس حصارها وأجاز الروم بحرها على يد الفئة القليلة من المسلمين فعظم المنح وأسفر الليل وانجلت الشدة في وسط ربيع الأول من عام ثمانية وسبعة وسبعين وستمائة‏.‏
مولده بغرناطة عام ثلاثة وثلاثين وستمائة وأيام دولته ثلاثون سنة وشهر واحد وستة أيام‏.‏
وفاته من كتاب طرفة العصر من تأليفنا في التاريخ قال واستمرت الحال إلى أحد وسبعمائة فكانت في ليلة الأحد الثامن من شهر شعبان في صلاة العصر وكان السلطان رحمه الله في مصلاه متوجهًا إلى القبلة لأداء فريضته على أتم ما يكون عليه المسلم من الخشية والتأهب زعموا أن شرقًا كان يعتاده لمادة كانت تنزل من دماغه وقد رجمت الظنون في غير ذلك لتناول عشية يومه كعكا اتخذت له بدار ولي عهده والله أعلم بحقيقة ذلك‏.‏
ودفن منفردًا عن مدفن سلفه شرقي المسجد الأعظم في الجنان المتصل بداره ثم ثني بحافده السلطان أبي الوليد وعزز بثالث كريم من سلالته وهو السلطان أبو الحجاج ابن أبي الوليد تغمد الله جميعهم برحمته وشملهم بواسع مغفرته وفضله‏.‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الإحاطة في أخبار غرناطة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشريعة والقانون  :: الفضاء التاريخي :: رواق السيرة النبوية وقصص الأنبياء والتاريخ الإسلامي-
انتقل الى: