| الإحاطة في أخبار غرناطة | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:53 | |
| القسم الأول في حلى المعاهد والأماكن والمنازل والمساكن في اسم هذه المدينة ووضعها على إجمالٍ واختصار يقال غرناطة ويقال إغرناطة وكلاهما أعجمى وهي مدينة كورة إلبيرة فبينهما فرسخان وثلثا فرسخ. وإلبيرة من أعظم كور الأندلس ومتوسطة ما اشتمل عليه الفتح من البلاد وتسمى في تاريخ الأمم السالفة من الروم سنام الأندلس وتدعى في القديم بقسطيلية. وكان لها من الشهرة والعمارة ولأهلها من الثروة والعدة وبها من الفقهاء والعلماء ما هو مشهور. قال أبو مروان ابن حيان: كان يجتمع بباب المسجد الجامع من إلبيرة خمسون حكمة كلها من فضة لكثرة الأشراف بها. ويدل على ذلك آثارها الخالدة وأعلامها الماثلة كطلل مسجدها الجامع الذي تحامى استطالة البلى كسلت عن طمس معالمه أكف الردى إلى بلوغ ما فسح له من المدى. بناه الأمير محمد بن عبد الرحمن بن الحكم أمير المؤمنين الخليفة بقرطبة رحمه الله على تأسيس حنش بن عبد الله الصنعاني الشافعي رحمه الله وعلى محرابه لهذا الوقت: بسم الله العظيم بنيت لله أمر ببنائها الأمير محمد بن عبد الرحمن أكرمه الله رجاء ثوابه العظيم وتوسيعًا لرعيته فتم بعون الله على يدي عبد الله بن عبد الله عامله على كورة إلبيرة في ذي قعدة سنة خمسين ومائتين. ولم تزل الأيام تخيف ساكنها والعفاء يتبوأ مساكنها والفتن الإسلامية تجوس أماكنها حتى شملها الخراب وتقسم قاطنها الاغتراب وكل الذي فوق التراب تراب. \\وانتقل أهلها مدة أيام الفتنة البربرية سنة أربعمائة من الهجرة فما بعدها ولجأوا إلى مدينة غرناطة فصارت حاضرة الصقع وأم المصر وبيضة ذلك الحق لحصانة وضعها وطيب هوائها ودرور مائها ووفور مدتها فأمن فيها الخائف ونظم النشر ورسخت الأقدام وتأثل المصر وهلم جرا. فهي بالأندلس قطب بلاد الأندلس ودار الملك وقرى الإمارة أبقاها الله متبوأ الكلمة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها بقدرته. من كتاب إلبيرة. قال: بعد ذكر إلبيرة وقد خلفها بعد ذلك كله مدينة غرناطة من أعظم مدنها وأقدمها عندما انقلبت العمارة إليها من إلبيرة ودارت أفلاك البلاد الأندلسية فهي في وقتنا هذا قاعدة الدنيا وقرارة العليا وحاضرة السلطان وقبة العدل والإحسان. لا يعد لها في داخلها ولا خارجها بلد من البلدان ولا يضاهيها في اتساع عمارتها وطيب قرارتها وطنٌ من الأوطان. ولا يأتي على حصر أوصاف جمالها وعد أصناف جلالها قلم البيان. أدام الله فيها العز للمسلمين والإسلام وحرسها ومن اشتملت عليه من خلفائه وأنصار لوائه بعينه التي لا تنام وركنه الذي لا يرام. وهذه المدينة من معمور الإقليم الخامس يبتدىء من الشرق من بلاد يأجوج ومأجوج ثم يمر على شمال خراسان ويمر على سواحل الشأم مما يلي الشمال ويمر على بلاد الأندلس قرطبة وإشبيلية وما والاها إلى البحر المحيط الغربي. وقال صاعد بن أحمد في كتاب الطبقات إلى معظم الأندلس في الإقليم الخامس وطائفة منها في الإقليم الرابع كمدينة إشبيلية ومالقة وغرناطة وألمرية ومرسية. وذكر العلماء بصناعة الأحكام أن طالعها الذي اختطت به السرطان ونحلوها لأجل ذلك مزايا وحظوظًا من السعادة اقتضاها تسيير أحكام القرانات الانتقالية على عهد تأليف هذا الموضع. \\وطولها سبع وعشرون درجة وثلاثون دقيقة وعرضها سبع وثلاثون درجة وعشر دقائق. وهي مساوية في الطول بأمر يسير لقرطبة وميورقة وألمرية وتقرب في العرض من إشبيلية وألمرية وشاطبة وطرطوشة وسردانية وأنطاكية والرقة. كل ذلك بأقل من درجة. فهي شاميةٌ في أكثر أحوالها قريبة من الاعتدال وبينها وبين قرطبة أعادها الله تعالى تسعون ميلا. وهي منها بين شرق وقبلة. وبحر الشأم يحول ويجاجز بين الأندلس وبلاد العدوة وبين غربٍ وقبلة على أربعة برد. والجبال بين شرق وقبلة والبراجلات بين شرق وجوف والكنبانية بين غرب وقبلة وبين جوف وغرب فهي لمكان جوار الساحل ممارة بالبواكر الساحلية طيبة البحار وركاب لجهاد البحر ولمكان استقبال الجبال المقصودة بالفواكة المتأخرة اللحاق معللةٌ بالمدخرات استدبار الكنبانية واضطبار البراجلات بحرٌ من بحور الحنطة ومعدنٌ للحبوب المفضلة ولمكان شلير جبل الثلج أحد مشاهير جبال الأرض الذي ينزل به الثلج شتاءً وصيفًا وهو على قبلة منها على فرسخين وينساب منه ستةٌ وثلاثون نهرًا من فوهات الماء وتنبجس من سفوحه العيون صح منها الهواء واضطردت في أرجائها وساحاتها المياه وتعددت الجنات بها والبساتين والتفت الأدواح وشمر الرواد على منابت العشب في مظان العقار مستودعات الأدوية والترياقية. وبردها لذلك في المنقلب الشتوي شديد وتجمد بسببه الأدهان والمائعات ويتراكم بساحاتها الثلج في بعض السنين فجسوم أهلها لصحة الهواء صلبة وهي دار منعة وكرسي ملك ومقام حصانة. وكان ابن غانية يقول للمرابطين في مرض موته وقد عول عليها للامتساك بدعوتهم: الأندلس درقةٌ وغرناطة قبضتها فإذا جشمتم يا معشر المرابطين القبضة لم تخرج الدرقة من أيديكم. ومن أبدع ما قيل في الاعتذار عن شدة بردها ما هو غريب في معناه قول شيخنا القاضي أبي بكر بن شبرين رحمة الله: رعى الله من غرناطة متبوأ يسر كئيبًا أو يجير طريدا تبرم منها صاحبي عندما رأى مسارحها بالبرد عدن جليدا هي الثغر صان الله من أهلت به وما خير ثغرٍ لا يكون برودا وقال الرازي عند ذكر كورة إلبيرة: ويتصل بأحواز قبرة كورة إلبيرة وهي بين الشرق والقبلة \\وأرضها سقى غزيرة الأنهار كثيرة الثمار ملتفة الأشجار أكثرها أدواح الجوز ويحسن فيها قصب السكر ولها معادنٌ جوهريةٌ من ذهب وفضة ورصاص وحديد. وكورة إلبيرة أشرف الكور نزلها جند دمشق. وقال: لها من المدن الشريفة مدينة قسطلية وهي حاضرة إلبيرة وفحصها لا يشبه بشيء من بقاع الأرض طيبًا ولا شرفًا إلا بالغوطة غوطة دمشق. وقال بعض المؤرخين: ومن كرم أرضنا أنها لا تعدم زريعةً بعد زريعةٍ ورعيًا بعد رعى طول العام وفي عمالتها المعادن الجوهرية من الذهب والفضة والرصاص والحديد والتوتية. وبناحية دلاية من عملها عود اليلنجوج لا يفوقه العود الهندي ذكًا وعطر رائحة. وقد سيق منه لخيران صاحب المرية أصلٌ كان منبته بين أحجار هناك. وبجبل شلير منها سنبل فائق الطيب وبه الجنطيانا يحمل منه إلى جميع الآفاق وهو عقيرٌ رفيع ومكانه من الأدوية الترياقية مكانه. وبه المر قشينة على اختلافها واللازورد. وبفحصها وما يتصل به القرمز. وبها من العقار والأدوية النباتية والمعدنية ما لا يحتمل ذكرها الإيجاز. وكفى بالحرير الذي فضلت به فخرًا وقيتةً وغلة شريفة وفائدة عظيمة تمتاره منها البلاد وتجلبه الرفاق وفضيلة لا يشاركها فيها إلا البلاد العراقية. وفحصها الأفيح المشبه بالغوطة الدمشقية حديث الركاب وسمر الليالي قد دحاه الله في بسيط سهل تخترقه المذانب وتتخلله الأنهار جداول وتتزاحم فيه القرى والجنات في ذرع أربعين ميلًا أو نحوها تنبو العين فيها عن وجهه ولا تتخطى المحاسن منها إلا مقدار رقعة الهضاب والجبال المتطامية منه بشكل ثلثي دارةٍ قد عرت منه المدينة فيما يلي المركز لجهة القبلة مستندة إلى أطواد سامية وهضاب عالية ومناظر مشرفة: فهي قيد البصر ومنتهى الحسن ومعنى الكمال أضفى الله عليها وعلى من بها من عباده المؤمنين جناح ستره ودفع عنهم عدو الدين بقدرته. \\فتح هذه المدينة ونزول العرب الشاميين من جند دمشق بها وما كانت عليه أحوالهم وما تعلق بذلك من تاريخ قال المؤلف: اختلف المؤرخون في فتحها. قال ابن القوطية: إن يليان الرومي الذي ندب العرب إلى غزو الأندلس طلبًا لو تره من ملكها لذريق بما هو معلوم قال لطارق بن زياد مفتتحها عندما كسر جيش الروم على وادي لكه: قد فضضت جيش القوم ودوخت حاميتهم وصيرت الرعب في قلوبهم فاصمد لبيضتهم وهؤلاء أدلاء من أصحابي ففرق جيوشك في البلدان بينهم واعمد أنت إلى طليطلة بمعظمهم وأشغل القوم عن النظر في أمرهم والاجتماع إلى ولي رأيهم. قال: ففرق طارق جيوشه من إستجة فبعث مغثيًا الرومي مولى الوليد ابن عبد الملك بن مروان إلى قرطبة وبعث جيشًا آخر إلى مالقة وأرسل جيشًا ثالثًا إلى غرناطة مدينة إلبيرة وسار هو في معظم الناس إلى كورة جيان يريد طليطلة. قال فمضى الجيش الذي وجه طارق إلى مالقة ففتحها ولجأ علوجها إلى جبال هناك ممتنعة. ثم لحق ذلك الجيش بالجيش المتوجة إلى إلبيرة فحاصروا مدينتها وفتحوها عنوة وألفوا بها يهودًا ضموهم إلى قصبة غرناطة وصار لهم ذلك سنة متبعة متى وجدوا بمدينة فتحوها يهودًا يضمونهم إلى قصبتها ويجعلون معهم طائعةً من المسلمين يسدونها. ثم مضى الجيش إلى تدمير. وكان دخول طارق بن زياد الأندلس يوم الإثنين لخمس خلون من رجب سنة اثنين وتسعين. وقيل في شعبان. وقيل في رمضان بموافقة شهر غشت من شهور العجمية. وذكر معاوية بن هشام وغيره أن فتح ما ذكر تأخر إلى دخول موسى ابن نصير في سنة ثلاث وتسعين. فتوجه ابنه عبد الأعلى في جيش إلى تدمير فافتتحها ومضى إلى إلبيرة فافتتحها ثم توجه إلى مالقة. \\قال المؤلف رحمة الله: ولما استقر ملك الإسلام بجزيرة الأندلس ورمى إلى قصبتها الفتح واشرأب في عرصاتها الدين ونزلت قرطبة وسواها العرب فتبوؤوا الأوطان وعمروا البلدان فالداخلون على يد موسى بن نصير يسمون بالبلديين والداخلون بعدهم مع بلج بن بشر القشيري يسمون بالشاميين وكان دخول بلج بن بشر القشيري بالطالعة البلجية سنة خمس وعشرين ومائة. ولما دخل الشاميون مع أميرهم بلج حسبما تقرر في موضعه وهم أسود الشرى عزة وشهامة غص بهم السابقون إلى الأندلس وهم البلديون وطالبوهم بالخروج عن بلدهم الذي فتحوه وزعموا أنه لا يحملهم وإياهم واجتمعوا لغزوهم فكانت الحروب تدور بينهم إلى أن وصل الأندلس أبو الخطار حسام بن ضرار الكلبي عابرًا إليها البحر من ساحل تونس وأظل على قرطبة على حين غفلة وقد ستر خبر نفسه والحرب بينهم فانقاد إليه الجميع بحكم عهد مدينه حنظلة ابن صفوان وإلى إفريقية وقبض على وجوه الشاميين عازمًا عليهم في الإنصراف حسبما هو مشهور ورأى تفريق القبائل في كور الأندلس ليكون أبعد للفتنة ففرقهم وأقطعهم ثلث أموال أهل الذمة الباقين من الروم فخرج القبائل الشاميون عن قرطبة. قال أبو مروان: أشار على أبي الخطار أرطباس قومس الأندلس وزعيم عجم الذمة ومستخرج خراجهم لأمراء المسلمين - وكان هذا القومس شهير العلم والدهاء - لأول الأمر بتفريق القبائل الشاميين العلمين عن البلد عن دار الإمارة قرطبة إذ كانت لا تحملهم وإنزالهم بالكور على شبه منازلهم التي كانت في كور شامهم ففعل ذلك على اختيار منهم فأنزل جند دمشق كورة إلبيرة وجند الأردن كورة جيان وجند مصر كورة باجة وبعضهم بكورة تدمير: فهذه منازل العرب الشاميين وجعل لهم ثلث أموال أهل الذمة من العجم طعمةً وبقي العرب والبلديون والبرابر شركاؤهم فلما رأوا بلدانًا شبه بلدانهم بالشأم نزلوا وسكنوا واغتبطوا وكبروا وتمولوا إلا من كان قد نزل منهم لأول قدومه في الفتوح على عنائهم موضعًا رضيا فإنه لم يرتحل عنه وسكن به مع البلديين. فإذا كان العطاء أو حضر الغزو ولحق بجنده فهم الذين كانوا سموا الشادة حينئذ. قال أحمد بن موسى: وكان الخليفة يعقد لواءين لواءٌ غازيًا ولواءً مقيمًا وكان رزق الغازي بلوائه مائتي دينار. ويبقى المقيم بلا رزق ثلاثة أشهر ثم يدال بنظيره من أهله أو غيرهم. \\وكان الغزاة من الشاميين مثل إخوة المعهود له أو بنيه أو بني عمه يرزقون عند انقضاء غزاته عشرة دنانير وكان يعقد المعقود له مع القائد يتكشف عمن غزا ويستحق العطاء فيعطى على قوله تكرمة له وكانت خدمتهم في العسكر واعتراضهم إليه ومن كان من الشاميين غازيًا من غير بيوتات العقد ارتزق خمسة دنانير عند انقضاء الغزو. ولم يكن يعطى أحدٌ من البلديين شيئًا غير المعقود له وكان البلديون أيضًا يعقد لهم لواءان لواء غاز ولواء مقيم وكان يرتزق الغازي مائة دينار وازنة وكان يعقد لغيره إلى ستة أشهر ثم يدال بنظيره من غيرهم ولم يكن الديوان والكتبة إلا في الشاميين خاصة وكانوا أحرارًا من العشر معدين للغزو ولا يلزمهم إلا المقاطعة على أموال الروم التي كانت بأيديهم وكان العرب من البلديين يؤدون العشر مع سائر أهل البلد وكان أهل بيوتاتٍ منهم يغزون كما يغزو الشاميون بلا عطاء فيصيرهم إلى ما تقدم ذكره. وإنما كان يكتب أهل البلد في الغزو وكان الخليفة يخرج عسكرين إلى ناحيتين فيستنزلهم وكانت طائفةٌ ثالثة يسمون النظرا من الشاميين والبلديين كانوا يغزون كما يغزو أهل البلد من الفريقين وقد بينا نبدة من أحوال هؤلاء العرب. والاستقصاء يخرج كتابنا عن غرضه. والإحاطة لله سبحانه. ذكر ما آل إليه حال من ساكن المسلمين. بهذه الكورة من النصارى المعاهدين على الإيجاز والاختصار قال المؤلف: ولما استقر بهذه الكورة الكريمة أهل الإسلام وأنزل الأمير أبو الخطار قبائل العرب الشاميين بهذه الكورة وأقطعهم ثلث أموال المعاهدين استمر سكناهم في غمار من الروم يعالجون فلاحة الأرض وعمران القرى يرأسهم أشياخ من أهل دينهم أولو حنكة ودهاء ومداراة ومعرفة بالجباية اللازمة لرؤوسهم. وأحدهم رجل يعرف بابن القلاس له شهرة وصيت وجاه عند الأمراء بها. وكانت لهم بخارج الحضرة على غلوتين تجاه باب إلبيرة في اعتراض الطريق إلى قولجر كنيسة شهيرة اتخذها لهم أحد الزعماء من أهل دينهم استر كبه بعض أمرائها في جيش خشن من الروم \\فأصبحت فريدة في العمارة والحلية أمر بهدمها الأمير يوسف بن تاشفين لتأكد رغبة الفقهاء وتوجه فتواهم. قال ابن الصيرفي: خرج أهل الحضرة لهدمها يوم الإثنين عقب جمادى الآخرة من عام اثنين وتسعين وأربعمائة فصيرت للوقت قاعا وذهبت كل يد بما أخذت من أنقاضها وآلاتهما. قلت ومكانها اليوم مشهورٌ وجدارها مائلٌ ينبىء عن إحكام وأصالة وعلى بعضها مقبرةٌ شهيرة لابن سهل بن مالك رحمه الله.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:54 | |
| ولما تحركت لعدو الله الطاغية ابن رذمير ريح الظهور على عهد الدولة المرابطية قبل أن يخضد الله شوكته على إفراغة بما هو مشهور أملت المعاهدة من النصارى لهذه الكورة إدراك الثرة وأطمعت في المملكة فخاطبوا ابن رذمير من هذه الأقطار وتوالت عليه كتبهم وتواترت رسلهم ملحة بالاستدعاء مطمعة في دخول غرناطة. فلما أبطأ عنهم وجهوا إليه زمامًا يشتمل على إثني عشر ألفًا من أنجاد مقاتليهم لم يعدوا فيها شيخًا ولا غرًا وأخبروه أن من سموه ممن شهرت أعينهم لقرب مواضعهم وبالبعد من يخفي أمره ويظهر عند ورود شخصه فاستأثروا طمعه وابتعثوا جشعه واستفزوه بأوصاف غرناطة وما لها من الفضائل على سائر البلاد وبفحصها الأفيح وكثرة فوائدها من القمح والشعير والكتان وكثرة المرافق من الحرير والكروم والزيتون وأنواع الفواكه وكثرة العيون والأنهار ومنعة قبتها وانطباع رعيتها وتأتي أهل حاضرتها وجمال إشرافها وإطلالها وأنها المباركة التي يمتلك منها غيرها المسماة سنام الأندلس عند الملوك في تواريخها فرموا حتى أصابوا غربه فانتخب وأحشد وتحرك أول شعبان من عام خمسة عشر وخمسمائة وقد أخفى مذهبه وكتم أربه فوافى بلنسية ثم إلى مرسية ثم إلى بيرة ثم اجتاز بالمنصورة ثم إنحدر إلى برشانة ثم تلوم إلى وادي ناطلة ثم تحرك إلى بسطة ثم إلى وادي آش فنزل بالقرية المعروفة بالقصر وصافح المدينة بالحرب ولم يحل بطائل فأقام عليها شهرًا. قال صاحب كتاب الأنوار الجلية فبدأ بحث المعاهدة بغرناطة في استدعائه فافتضح تدبيرهم باجتلابه وهم أميرها بتثقيفهم فأعياهم ذلك وجعلوا يتسللون إلى محلته على كل طريق وقد أحدقت جيوش المسلمين من أهل العدوة والأندلس بغرناطة حتى صارت كالدائرة وهي في وسطها كالنقطة لما أنذروا بغرضه وتحرك من وادي آش فنزل بقرية دجمة وصلى الناس بغرناطة صلاة الخوف يوم عيد النحر من هذه السنة في الأسلحة والأبهة وبعيد الظهر من غده ظهرت \\أخبية الروم بالقيل شرق المدينة وتوالى الحرب على فرسخين منها وقد أجلى السواد وتزاحم الناس بالمدينة وتوالى الجليد وأظلت الأمطار. وأقام العدو بمحلته بضع عشرة ليلة لم تسرح له سارحةٌ إلا أن المعاهدة تجلب له الأقوات ثم أقلع وقد ارتفع طمعه عن المدينة لأربع بقين من ذي الحجة عام عشرين بعد أن تفرغ مستدعيه إليها وكبيره يعرف بابن القلاس فاحتجوا ببطئه وتلومه حتى تلاحقت الجيوش وأنهم قد وقعوا مع المسلمين في الهلكة. فرحل عن قرية مرسانة إلى بيش ومن الغد إلى السكة من أحواز قلعة يحصب ثم اتصل إلى لدوبيانه ونسكب إلى قبرة واللسانه والجيوش المسلمة في أذياله. وأقام بقبرة أياما ثم تحرك إلى بلاي والعساكر في أذياله وشيجة في بعض الرنيسول مكافحةً في أثنائها مناوشةً وظهورًا عليه. ولما جن الليل أمر أميرهم برفع خبائه من وهدةً كان فيها إلى نجدة فساءت الظنون واختل الأمر ففر الناس وأسلموا وتهيب العدو المحلة فلم يدخلها إلا بعد هدأة من الليل واستولى عليها. وتحرك بعد الغد منها إلى جهة الساحل فشق العمامة الآمنة من الإقليم والشارات. فيقول بعض شيوخ تلك الجهة إنه اجتاز بوادي شلوبانية المطل الحافات والمتحصن المجاز وقال بلغته: أي قبرٍ هذا لو ألفينا من يصب علينا التراب ثم عرج يمنةً حتى انتهى إلى بلش وأنشأ بها جفنًا صغيرًا يصيد له حوتًا أكل منه كأنه نذرٌ كان عليه وفى به أو حديثٌ أراد أن يخلد عنه. ثم عاد إلى غرناطة فاضطرب بهما محلته بقرية ذكر على ثلاثة فراسخ منها قبلة ثم انتقل بعد ذلك بيومين إلى قرية همدان وبرز بالكتب جاعزسطة من المدينة وكان بينه وبين عساكر المسلمين مواقعة عظيمة ولأهل غرناطة بهذا الموضع حدثان ينظرونه من القضايا المستقبلة. قال ابن الصيرفي: وقد ذكر في بعض كتب الجفر: هذا الفحص بخرابٍ يجى عن يتامى وأيامي وكان هذا اليوم معرضًا لذلك فوقي الله وانتقل بعد يومين إلى المرج مضيقًا عليه والخيل تحرجه فنزل بعين أطسة والجيوش محدقةٌ به وهو في نهاية من كمال التعبية وأخذ الحذر بحيث لا تصاب فيه فرصة ثم تحرك على البراجلات إلى اللقوق إلى وادي آش وقد أصيب كثيرٌ من حاميته وطوى \\المراحل إلى الشرق فاجتاز إلى مرسية إلى جوف شاطبة والعساكر في كل ذلك تطأ أذياله والتناوش يتخطر به والوباء يسرع إليه حتى لحق بلاده وهو ينظر إلى قفاه مخترمًا مفلولًا من غير حرب يكاد الموت يستأصل محلته وجملته. ولما بان للمسلمين من مكيدة جيرانهم المعاهدين ما أجلت عنه هذه القضية أخذهم الإرجاف ووغرت لهم الصدور. ووجه إلى مكانهم الحزم ووجه القاضي أبو الوليد بن رشد الأجر وتجشم المجاز ولحق بالأمير على بن يوسف بن تاشفين بمراكش فبين له أمر الأندلس وما منيت به من معاهدها وما جنوه عليها من استدعاء الروم وما في ذلك من نقض العهد والخروج عن الذمة وأفتى بتغريبهم وإجلائهم عن أوطانهم وهو أخف ما يؤخذ به من عقابهم وأخذ بقوله ونفذ بذلك عهده وأزعج منهم إلى بر العدوة في رمضان من العام المذكور عددٌ جمٌّ أنكرتهم الأهواء وأكلتهم الطرق وتفرقوا شذر مذر وأصاب كثير من الجلاء جمعتهم من اليهود وتقاعدت بها منهم طائفة هبت لها بممالأة بعض الدول ريحٌ فأمروا وأكثروا إلى عام تسعة وخمسين وخمسمائة ووقعت فيهم وقيعةٌ احتشتهم إلا صابةٌ لهذا العهد قليلة قديمة ما ينسب إلى هذه الكورة من الأقاليم. . التي نزلها العرب بخارج غرناطة وما يتصل بها من العمالة فيما اشتمل عليه خارج المدينة. . من القرى والجنات والجهات قال المؤلف رحمه الله: ويحف بسور هذه المدينة المعصومة بدفاع الله تعالى البساتين العريضة المستخلصة والأدواح الملتفة فيصير سورها من خلف ذلك كأنه من دون سياج كثيفة تلوح نجوم الشرفات أثناء خضرايه ولذلك ما قلت فيه في بعض الأغراض: بلد يحف به الرياض كأنه وجهٌ جميل والرياض عذاره وكأنما واديه معصم غادةٍ ومن الجسور المحكمات سواره فليس تعرى عن جنباته من الكروم والجنات جهة إلا مالا عبرة به مقدار غلوة أما ما حازه السفل من جوفيه فهي عظيمة الخطر متناهية القيم يضيق جده من عدا أهل الملك عن الوفاء بأثمانها منها ما يغل في السنة الواحدة نحو الألف من الذهب قد غصت الدكاكين بالخضر الناعمة والفواكة الطيبة والثمر المدخرة يختص منها بمستخلص السلطان المرور طوقًا على ترائب بلده ما بينهن منية منها الجنة المعروفة بفدان الميسة والجنة المعروفة بفادان عصام والجنة المعروفة بالمعروي \\والجنة المنسوبة إلى قداح بن سحنون والجنة المنسوبة لابن المؤذن والجنة المنسوبة لابن كامل وجنة النخلة العليا وجنة النخلة السفلى وجنة ابن عمران والجنة التي إلى نافع والجرف الذي ينسب إلى مقبل وجنة العرض وجنة الحفرة وجنة الجرف ومدرج نجد ومدرج السبيكة وجنة العريف: كلها لا نظير لها في الحسن والدمانة والربيع وطيب التربة وغرقد السقيا والتفاف الأشجار واستجادة الأجناس إلى ما يجاورها ويتخللها مما يختص بالأحباس الموقفة والجنات المتملكة وما يتصل بها بوادي سنجيل ما يقيد الطرف ويعجز الوصف قد متلت منها على الأنهار المتدافعة العباب المنارة والقباب واختصت من أشجار العاريات ذات العصير الثاني بهذا الصقع ما قصرت عنه الأقطار. وهذا الوادي من محاسن هذه الحضرة ماؤه رقراق من ذوب الثلج ومجاجة الجليد وممره على حصىً جوهرية بالنبات والظلال محفوفة يأتي من قبلة علام البلد إلى غربه فيمر بين القصور النجدية ذوات المناصب الرفيعة والأعلام الماثلة. ولأهل الحضرة بهذه الجنات كلفٌ ولذوي البطالة فوق نهره أريك من دمث الرمل وحجال من ملتف الدوح وكان بها سطر من شجر الحور تنسب إلى مامل أحد خدام الدولة الباديسية قال أبو الحجاج يوسف بن سعيد بن حسان: أحن إلى غرناطة كلما هفت نسيم الصبا تهدي الجوى وتشوق سقى الله من غرناطة كل منهل بمنهل سحبٍ ماؤهن هريق ديارٌ يدور الحسن بين خيامها وأرضٌ لها قلب الشجى مشوق أغرناطة العليا بالله خبري أللهائم الباكي إليك طريق وما شاقني إلى نضارة منظر وبهجة وادٍ للعيون تروق تأمل إذا أملت حوز مؤملٍ ومد من الحمرا عليك شقيق وأعلام نجدٍ والسبيكة قد علت وللشفق الأعلى تلوح بروق وقد سلّ شنيلٌ فرندًا مهندا نضى فوق در ذر فيه عقيق إذا نم منه طيب نشر أراكه أراك فتيت المسك وهو فتيق ومهما بكى جفن الغمام تبسمت ثغور أقاحٍ للرياض أنيق ولقد ولعت الشعراء بوصف هذا الوادي وتغالت الغالات فيه في تفضيله على النيل بزيادة الشين وهو ألفٌ من العدد فكأنه نيلٌ بألفٍ ضعفٍ على عادة متناهي الخيال الشعري في مثل ولقد ألغزت فيه لشيخنا أبي الحسن بن الجياب رحمه الله وقد نظم في المعنى المذكور ما عظم له استطرابه وهو: ما اسمٌ إذا زدته ألفًا من العدد أفاد معناه لم ينقص ولم يزد وإنما ائتلفا من بعد ما اختلفا معنى بشينٍ ومن نزرٍ ومن بلدٍ ثم يتصل بالحسن العادي البديع وهو على قسمين خمسٌ من محكم الكدان في نهاية الإبداع والإحكام يتصل به بناءٌ قديم محكم ويستقبل الملعب العيدي ما بين ذنابي الجسر إلى جدار الرابطة وملعب بديع الشكل عن يمينه جناحٌ بديع عن ميدانه عدوات النهر وعن يساره الجنات ويفضي بعد انتهائه إلى الرابطة إلى باب القصر \\المنسوب إلى السيد وسيأتي ذكره ويرتفع من هذا النهر الزلال جداول تدور بها أعداد من الأرحى لا نظير لها استعدادًا وإفادة. وصف مدينة غرناطة بعض ما قيل في رياضها من الشعر وتركب ما ارتفع من هذه المدينة من جهاتها الثلاث الكروم البديعة طوقًا مرقومًا يتصل بما وراءها من الجبال فتعم الربى والوهاد وتشمل الغور والنجد إلا ما اختص منها بالسبل الأفيح متصلا بشرقي باب إلبيرة إلى الخندق العميق وهو المسمى بالمشايخ بسيط جليل وجوٌ عريض تغمي على العد أمراجه ومصانيعه تلوح مبانيها ناجمةً بين الثمار والزيتون وسائر ذوات الفواكه من اللوز والإجاص والكمثري محدقة من الكروم المسحة والرياحين الملتفة ببحور طامية تأتي البقعة الماء ففيها كثير من البساتين والرياض والحصون والأملاك المتصلة السكنى على الفصول وإلى هذه الجهة يشير الفقيه القاضي أبو القاسم بن أبي العافية رحمه الله في قصيدة يجيب بها عروس الشعراء الأديب الرحال أبا إسحاق الساحلي وكان ممن نيطت عليه بهذا العهد التمائم: يا نازحًا لعب المطي بكوره لعب الرياح الهوج بالأملود ورمت به للطية القصوى التي ما وردها لسواه بالمورود هلا حننت إلى معاهدنا التي كنت الحلي لنحرها والجيد ورياض أنس بالمشايخ طارحت فيه الحمائم صوت سجع العود ومبيتنا فيها وصفو مدامنا صفو المودة لابنة العنقود والعيش أخضر والهوى يدني جني زهرات ثغرٍ أو ثمار نهود والقضب رافلةٌ يعانق بعضها بعضًا إذا اعتنقت غصون قدود تلك الليالي لا ليالي بعدها عطلن إلا من جوى وسهود كانت قصارًا ثم طلن فيها تأنى على المقصور والممدود وأما ما استند إلى الجبل فيتصل به البيازير في سفح الجبل المتصل بالكدية ابن سعد متصلا بالكدية المبصلة المنسوبة لعين الدمع منعطفةً على عين القبلة متصلةً بجبل الفخار ناهلةً في غمر الماء المجلوب على ذلك السمت الماء والإِشراف على الأرجاء ففيها القصور المحروسة والمنارة المعمورة والدور العالية والمباني القصبية والرياحين النضيرة قد فض فيها أهل البطالة من أولى الحبرة الأكياس وأرخصوا على النفقة عليها غالي النشب تتنازع في ذلك غير الخادمين من خدام الدولة على مر الأيام حتى أصبحت نادرة الأرض والمثل في الحسن.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:54 | |
| ولهذه البقعة ذكرٌ يجري في المنظومات على ألسنة البلغاء من ساكنيها وزوارها فمن أحسن ما مر من ذلك قول شيخنا أبي البركات: ألا قل لعين الدمع يهمي بمقتلي لفرقة عين الدمع وقفًا على الدم وذكرته في قصيدة فقلت: يا عهد عين الدمع كم من لؤلؤ للدمع جاد به عساك تعود تسري نواسمك اللدان بليلة فيهزني شوقٌ إليك شديد إذا كان عين الدمع عينًا حقيقة فإنسانها ما نحن فيه ولادع فدام لخيل الأنس واللهو ملعبًا ولا زال مثواه المنعم مرتع تود الثريا أن تكون له ثرًى \\وتمدحه الشعرى وتحرسه المع وقال صاحبنا الفقية أبو القاسم بن قطبة من قصيدة: أجل إن عين الدمع قيد النواظر فسرح عيونًا في اجتلاء النواظر وعرج على الأوزان إن كنت ذ ا هوًى فإن رباه مرتعٌ للجآذر وصافح بها كف البهار مسلمًا وقبل عذار الأنس بين الأزاهر وخذها على تلك الأباطح والربى معتقةً تجلو الصدا للخواطر مدامة حان أنسا الدهر عمرها فلم تخش أحداث الدهور الدوائر تحدث عن كسرى وساسان قبله وتخبر عن كرم يخلد داثر وهي طويلة. وقال أيضًا من قصيدة طويلة: وليلًا بعين الدمع وصلًا قطعته وأنجمه بين النجوم سعود ترى الحسن منشور اللواء بسره وظل الأماني في رباه مديد وقد عرفت نص الهوى وذميله تهايم من أكبادنا ونجود وقال في قصيدة: ومل بنا نحو عين الدمع نشربها حيث السرور بكاس الأنس يسقينى حيث المنى وفنون اللهو راتعةٌ والطير من طربٍ فهيا تناجينى وجدول الماء يحكي في أجنته صوارمًا جردت في يوم صفين وأعين الزهر في الأغصان جاحظةٌ كأنها بهوى الغزلان تغرينى ومن ذلك: سهرت بعين الدمع أرعى ربوعه وحسبي من الأحباب رعي المنازل ينافحني عرفٌ إذا هبت الصبا ويقنعني طيف الحبيب المراسل والأقاويل في ذلك أكثر من أن يحاط بها كثرة وما سوى هذه الجهة فغير لاحق بهذه الرتبة مما معوله على محض الفائدة وصريح العائدة. وتذهب هذه الغروس المغروسة قبلةً ثم يفيض تيارها إلى غرب المدينة وقد تركت بها الجبال الشاهقة والسفوح العريضة والبطون الممتدة والأغوار الخائفة مكللة بالأعناب غاصة بالأدواح متزاحمة بالبيوت والأبراج بلغ إلى هذا العهد عددها في ديوان الخرص إلى ما يناهز أربعة عشر ألفًا نقلت ذلك من خط من يشار إليه في قرى مدينة غرناطة وضياعها وجناتها وأعيان دورها ويحيط بما خلف السور من المنى والجنات في سهل المدينة العقار الثمين العظيم الفائدة المتعاقبة الغلة الذي لا يعرف الجمام ولا يفارق الزرع من الأرض البيضاء ينتهي ثمن المرجع منها العلي إلى خمسة وعشرين دينارًا من الذهب العين لهذا العهد فيه مستخلص السلطان ما يضيق عنه نطاق القيمة ذرعًا وغبطة وانتظامًا يرجع إلى دور ناجمة وبروج سامية وبيادر فسيحة ومصابٍ للحمايم والدواجن ماثلة منها في طوق البلد وحمى سورها جملةٌ كالدار المنسوبة إلى هذيل والدار المنسوبة إلى أم مرضى والدار البيضاء والدار المنسوبة إلى السنينات والدار المعروفة بنبلة ووتر وبالمرج ما يساير جرية النهر كقرية وكروبها حصن خريز وبستان وبشر عيون والدار المنسوبة إلى خلف وعين الأبراج والحش المنسوب إلى الصحاب وقرية رومة وبها حصنٌ وبستان والدار المنسوبة إلى العطشى وبها حصن والدار المنسوبة لابن جزي والحش المنسوب لأبي علي وقرية ناجرة ومنها \\فضل بن مسلمة الحسنى وبها حصن وحوله ربض فيه من الناس أمة وقرية سنيانة وفيها حصن وقرية أشكر وقريتي بيبش وواط وبهما حصنان وقرية واط عبد الملك بن حبيب. وفي هذه القرى الجمل الضخمة من الرجال والفحول من الحيوان الحارث لآثار الأرض وعلاج الفلاحة وفي كثير منها الأرحى والمساجد. وما سوى هذه من القرى المستخلص من فضلة الإقطاع وقصرت به الشهرة عن هذا النمط فكثيرٌ. ويتخلل هذا المتاع الغبيط الذي هو لباب الفلاحة وغير هذه المدرة الطيبة سائر القرى التي بأيدي الرعية مجاورة لهذه الحدود وبنات لهذه الأمهات. منها ما انبسط وتمدد فاشترك فيه الألوف من الخلق وتعددت منه الأشكال ونحن نوقع الإسم منه على البقعة من غير ملاحظة للتعدد. ومنها ما انفرد بمالك واثنين فصاعدًا وهو قليل وتنيف أسماؤها على ثلاث مائة قرية ما عدا ما يجاور الحضرة من كثير من قرى الإقليم أو ما استضافته حدود الحصون المجاورة. فمن ذلك حوز الساعدين وفيه القرى وحوز وتر ومنها إبراهيم بن زيد المحاربي وقرية قلجار وقرية ياجر الشاميين وقرية ياجر البلديين وقرية قشتالة ومنها قاسم بن أمام من أصحاب سحنون ونزل فيها جده عطية بن خالد المحاربي وقرية أججر وقرية أرملة الكبرى وقرية أرملة الصغرى وقرية رقاق وهمدان منها الغريب بن يزيد الشمر جد بني أضحى وقرية الغيضون وقرية لسانة وحارة الجامع وحارة الفراق وقرية غرليانة وحش البكر وغدير الصغرى وغدير الكبرى من إقليم البلاط منها يربوع بن عبد الجليل ونزل بها جده يربوع بن عبد الملك بن حبيب وقرية قولر وقرية جرليانة وقرية حارة عمروس وحش الطلم وقرية المطار وقرية الصرمورتة وقرية بلسانة وقرية الحبشان وقرية الشوش وقرية عرتقة وقرية جيجانة وقرية السيجة وقنب قيس وقرية برذنار وقرية دوير تارش وقرية آقلة وقرية أحجر وقرية تجرجر وقرية والة وقرية أنقر وقرية الغروم وقرية دار وهدان وقرية بيرة وقرية القصيبة وقرية أنطس وقرية فنتيلان وقرية سنبودة وحش زنجيل وقرية أشتر وقرية غسان منها مطر بن عيسى بن الليث وقرية شوذر وقرية سنتشر وقرية ابن ناطح وقرية الملاحة ومنها محمد بن عبد الواحد الغافقي أبو القاسم الملاحي وقرية القمور منها أصبغ بن مطرف وقرية نفجر وغرناطة وقرية بيرة وبها مسجد قراءة ابن حبيب وقرية قولجر منها سهل بن \\مالك وقرية شور منها محمد بن هانىء الأزدي الشاعر المفلق ومحمد بن سهل جد هذا البيت بني سهل بن مالك وقرية بليانة وقرية برقلش وقرية ضوجر وقرية البلوط وقرية أنتيانة وقرية مرسانة وقرية الدوير وقرية ضوجر وقرية البلوط وقرية الشلان وقرية أنتيانة وقرية مرسانة وقرية الدوير وقرية الشلان وقرية طغنر منها الطغنري صاحب الفلاحة وقرية حش الدجاج وقرية حش نوح وقرية حش خليفة وحش الكوباني وحش المعيشة وحش السلسلة وقرية الطرف وقرية إلبيرة وقرية الشكروجة ومنها عيسى بن محمد بن أبي زمنين وعين الحورة وحش البومل وقرية بلومال وقرية رق المخيض وقرية الغيضون الحورة وقرية أشقطمر وقرية الديموس الكبرى وقرية الديموس الصغرى وقرية دار الغازي وقرية سويدة وحش نصيرة وقرية الركن وقرية ألفنت ومنها صخر بن أبان وقرية الكدية وقرية لاقش وقرية قربسانة وقرية برسانة برياط وقرية الولجة وقرية ماس وحش علي وحش بني الرسيلية وحش رقيب وحش البلوطة وحش الرواس وحش مرزوق وقرية قبالة وقرية نبالة وقرية العيران وبرج هلال وقرية قلتيش وقرية القنار وقرية أربل وقرية بربل وقرية قرباسة وقرية أشكن وقرية قلنبيرة وقرية سعدى وقرية قلقاجج وقرية فتن وقرية مرنيط وقرية ددشطر وقرية شمانس وقرية أرنالش وقرية وابشر وقرية ققلولش وقرية النبيل وقرية الفخار وقرية القصر ومنها محمد بن أحمد بن مرعياز الهلالي وقرية بشر وقرية بنوط وقرية كورة وقرية لص وقرية بيش وقرية قنتر وقرية دور وقرية قلنقر وقرية غلجر ومنها هاشم بن عبد العظيم بن يزيد الخولاني وقرية ذرذر وقرية ولجر وقرية قنالش وقرية إبتايلس وقرية سج وقرية منشتال وقرية الوطا وقرية واني وقرية قريش وقرية الزاوية. وقد ذكرنا أن أكثر هذه القرى أمصار فيها ما يناهز خمسين خطبة تنصب فيها لله المناير وجملة المراجع العلمية المرتفعة فيها في الأزمنة في العام بتقريب ومعظمها السقي الغبيط السمين العالي ما يتاألف ثنتان وستون ألفا وينضاف إلى ذلك مراجع الأملاك السلطانية ومواضع أحباس المساجد وسبل الخير ما ينيف على ما ذكر فيكون الجميع باحتياط خمسمائة ألف وستون ألفا والمستفاد فيها من الطعام المختلف الحبوب للجانب السلطاني ثلاثمائة ألف قدح ويزيد ويشتمل سورها وما وراءه من الأرحاء الطاحنة بالماء على ما ينيف على مائة وثلاثين رحى الحفها الله جناح الأمنة ولا قطع عنها مادة الرحمة بفضله وكرمه. صفات أهل غرناطة ومظاهرهم وأنسابهم وأزيائهم وطرق معيشتهم وصنوف نقدهم ووصف نسائهم وقد فرغنا من ذكر رسوم هذا القطر ومعاهده وفرغنا من تصويره وتشكيله وذكر قراه وأجناته وقصوره ومتنزهاته فنحن الآن نذكر بعضا من سير أهله وأخلاقهم وغير ذلك من أحوالهم \\بإجمال واختصار فنقول: أحوال هذا القطر في الدين وصلاح العقائد أحوال سنية والنحل فيهم معروفة فمذاهبهم على مذهب مالك بن أنس إمام دار الهجرة جارية وطاعتهم للأمراء محكمة وأخلاقهم في احتمال المعاون الجبائية جميلة وصورهم حسنة وأنوفهم معتدلة غير حادة وشعورهم سودٌ مرسلة وقدودهم متوسطة معتدلة إلى القصر وألوانهم زهر مشربة بحمرة وألسنتهم فصيحة عربية يتخللها غربٌ كثير وتغلب عليهم الإمالة وأخلاقهم أبية في معاني المنازعات وأنسابهم عربية وفيهم من البربر والمهاجرة كثير ولباسهم الغالب على طرقاتهم الفاشي بينهم الملف المصبوغ شتاء وتتفاضل أجناس البز بتفاضل الجدة والمقدار والكتان والحرير والقطن والمرعزي والأردية الإفريقية والمقاطع التونسية والمآزر المشفوعة صيفًا فتبصرهم في المساجد أيام وأنسابهم حسبما يظهر من الإسترعات والبيعات السلطانية والإجازات عربيةٌ: يكثر فيها القرشي والفهري والأموي والأمي والأنصاري والأوسي والخزرجي والقحطاني والحميري والمخزومي والتنوخي والغساني والأزدي والقيسي والمعافري والكناني والتميمي والهذلي والبكري والكلابي والنمري واليعمري والمازني والثقفي والسلمي والفزاري والباهلي والعبسي والعنسي والعذري والحججي والضبي والسكوني والتيمي والعبشمي والمري والعقيلي والفهمي والصريحي والجزلي والقشيري والكلبي والقضاعي والأصبحي والهواري والرعيني واليحصبي والتجيبي والصدفي والحضرمي والحمي والجذامي والسلولي والحكمي والهمذاني والمذحجي والخشني والبلوي والجهني والمزني والطائي والغافقي والأسدي والأشجعي والعاملي والخولاني والأيادي والليثي والخثعمي والسكسكي والزبيدي والتغلبي والثعلبي والكلاعي والدوسي والحواري والسلماني هذا ويرد كثير في شهادتهم ويقل من ذلك السلماني نسبًا وكالدوسي والحواري والزبيدي ويكثر فيهم كالأنصاري والحميدي والجذامي والقيسي والغساني وكفى بهذا شاهدا على الأصالة ودليلا على العروبية. وجندهم صنفان أندلسي وبربري والأندلس منها يقودهم رئيسٌ من القرابة أو حصى من شيوخ الممالك. وزيهم في القديم شبه زي أقتالهم وأضدادهم من جيرانهم الفرنج إسباغ الدروع وتعليق الترسة وحفا البيضات واتخاذ عراض الأسنة وبشاعة قرابيس السروج واستركاب حملة الرايات خلفه كلٌ منهم بصفةٍ تختص بسلاحه وشهرةٍ يعرف بها. \\ثم عدلوا الآن عن هذا الذي ذكرنا إلى الجواشن المختصرة والبيضات المرهفات والسروج العربية والبيت اللمطية والأسل العطفية. والبربري منه يرجع إلى قبائله المرينية والزناتية والتجانية والمغراوية والعجيسية والعرب المغربية إلى أقطاب ورؤوس يرجع أمرهم إلى رئيس على رؤسائهم وقطب لعرفائهم من كبار القبائل المرينية يمت إلى ملك المغرب بنسب. والعمائم تقل في زي أهل هذه الحضرة إلا ما شاد في شيوخهم وقضاتهم وعلمائهم والجند العربي منهم. وسلاح جمهورهم العصي الطويلة المثناة بعصى صغارٍ ذوات عري في أواسطها تدفع بالأنامل عند قذفها تسمى بالأمداس وقسى الإفرنجة يحملون على التدريب بها على الأيام ومبانيهم متوسطة وأعيادهم حسنة مائلة إلى الاقتصاد والغنى بمدينتهم فاشٍ حتى في الدكاكين التي تجمع صنائعها كثيرًا من الأحداث كالخفافين ومثلهم. وقوتهم الغالب البر الطيب عامة العام وربما اقتات في فصل الشتاء الضعفة والبوادي والفعلة في الفلاحة الذرة العربية أمثل أصناف القطاني الطيبة. وفواكههم اليابسة عامة العام متعددةٌ يدخرون العنب سليما من الفساد إلى شطر العام إلى غير ذلك من التين والزبيب والتفاح والرمان والقسطل والبلوط والجوز واللوز إلى غير ذلك مما لا ينفد ولا ينقطع مدده إلا في الفصل الذي يزهد في استعماله. وصرفهم فضة خالصةٌ وذهبٌ إبريزٌ طيب محفوظ ودرهمٌ مربع الشكل من وزن المهدي القائم بدولة الموحدين في الأوقية منه سبعون درهما يختلف الكتب فيه. فعلى عهدنا في شق " لا إله إلا الله محمد رسول الله " وفي شق آخر " لا غالب إلا الله غرناطة ". ونصفه وهو القيراط في شق " الحمد لله رب العالمين " وفي شق وما النصر إلا من عند الله. ونصفه وهو الربع في شق " هدى الله هو الهدى ". وفي شق العاقبة للتقوى. \\ودينارهم في الأوقية منه ستة دنانير وثلثا دينار وفي الدينار الواحد ثمن أوقية وخمس ثمن أوقية وفي شق منه قل اللهم مالك الملك بيدك الخير ويستدير به قوله تعالى " إلهكم إلهٌ واحدٌ لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ". وفي شق الأمير عبد الله يوسف بن أمير المسلمين أبي الحجاج بن أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل بن نصر أيد الله أمره. ويستدير به شعار هؤلاء الأمراء لا غالب إلا الله. ولتاريخ تمام هذا الكتاب في وجه " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ". ويستدير به لا غالب إلا الله.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:55 | |
| وفي وجه الأمير عبد الله الغني بالله محمد بن يوسف بن إسماعيل بن نصر أيده الله وأعانه. ويستدير بربع بمدينة غرناطة حرسها الله. وعادة أهل هذه المدينة الانتقال إلى حلل العصير أوان إدراكه بما تشتمل عليه دورهم والبروز إلى الفحوص بأولادهم معولين في ذلك على شهامتهم وأسلحتهم وعلى كثب دورهم واتصال أمصارهم بحدود أرضه. وحليهم في القلائد والدمالج والشنوف والخلاخل الذهب الخالص إلى هذا العهد في أولى الجدة واللجين في كثير من آلات الرجلين فيمن عداهم والأحجار النفيسة من الياقوت والزبرجد والزمرد ونفيس الجوهر كثير ممن ترتفع طبقاتهم المستندة إلى ظل دولة أو أصالةٍ معروفة موفرة. وحريمهم حريم جميل موصوف بالسحر وتنعم الجسوم واسترسال الشعور ونقاء الثغور وطيب النشر وخفة الحركات ونبل الكلام وحسن المحاورة إلا أن الطول يندر فيهن. وقد بلغن من التفنن في الزينة لهذا العهد والمظاهرة بين المصبغات والتنفيس بالذهبيات والديباجيات والتماجن في أشكال الحلي إلى غاية نسأل الله أن يغض عنهن فيها عين الدهر ويكفكف الخطب ولا يجعلها من قبيل الابتلاء والفتنة وأن يعامل جميع من بها بستره ولا فصل \\فيمن تداول هذه المدينة من لدن أصبحت دار إمارة باختصار واقتصار قال المؤلف: أول من سكن هذه المدينة سكنى استبداد وصيرها دار ملكة ومقر أمره الحاجب المنصور أبو مثنى زاوي بن زيري بن مناد لما تغلب جيش البربر مع أميرهم سليمان بن الحكم على قرطبة واستولى على كثير من كور الأندلس عام ثلاثة وأربعمائة فما بعدها وظهر على طوائف الأندلس واشتهر أمره وبعد صيته. ثم اجتاز البحر إلى بلد قومه بإفريقية بعد أن ملك غرناطة سبع سنين واستخلف ابن أخيه حبوس بن ماكسن وكان حازمًا داهية فتوسع النظر إلى أن مات سنة تسع وعشرين وأربعمائة. وولي بعده حفيده عبد الله بن بلكين بن باديس إلى أن خلع عام ثلاثة وثمانين وأربعمائة وتصير أمرها إلى أبي يعقوب يوسف بن تاشفين ملك لمتونة عند تملكه الأندلس ثم إلى ولد علي بن يوسف. وتنوب إمارتها جملةٌ من أبناء الأمراء اللمتونيين وقرابتهم كالأمير أبي الحسن علي بن الحاج وأخيه موسى والأمير أبي زكريا يحيى بن أبي بكر بن إبراهيم والأمير أبي الطاهر تميم والأمير أبي محمد مزدلي والأمير أبي بكر بن أبي محمد وأبي طلحة الزبير ابن عمر وعثمان بن بدر اللمتوني إلى أن انقرض أمرهم عام وتصير الأمر للموحدين وإلى ملكهم أبي محمد عبد المؤمن بن علي فتناوبها جملةٌ من بنيه وقرابته كالسيد أبي عثمان بن الخليفة والسيد أبي إسحاق ابن الخليفة والسيد أبي إبراهيم بن الخليفة والسيد أبي محمد بن الخليفة والسيد أبي عبد الله إلى أن انقرض منها أمر الموحدين. وتملكها المتوكل على الله أمير المؤمنين أبو عبد الله محمد يوسف بن هود في عام ستة وعشرين وستمائة ثم لم ينشب أن تملكها أمير المسلمين الغالب بالله محمد بن يوسف بن نصر الخزرجي جد هؤلاء الأمراء الكرام موالينا رحم الله من درج منهم وأعان من خلفه إلى أن توفي عام أحدٍ وسبعين وستمائة. ثم ولي الأمر بعده ولده وسميه محمد بن محمد فقام بها أحمد قيام وتوفي عام إحدى وسبعمائة. ثم ولي بعده سميه محمد إلى أن خلع يوم عيد الفطر من عام ثمانية وسبعمائة وتوفي عام أحد عشر وسبعمائة في ثالث شوال منه. \\ثم ولي بعده أخوه نصر بن مولانا أمير المسلمين أبي عبد الله فأرتب أمره وطلب الملك اللاحق به مولانا أمير المسلمين أبو الوليد إسماعيل بن فرج فغلب على الإمارة ثاني عشر ذي القعدة من عام ثلاثة عشر وسبعمائة وانتقل نصر إلى وادي آش مخلوعًا موادعًا بها إلى أن مات عام اثنين وعشرين وسبعمائة. وتمادى ملك السلطان أمير المسلمين أبي الوليد إلى السادس والعشرين من رجب عام خمسة وعشرين وسبعمائة ووثب عليه بعض قرابته فقتله وعوجل بالقتل مع من حضر منهم. وتولى الملك بعده ولده محمد واستمر سلطانه إلى ذي الحجة من عام أربعة وثلاثين وسبعمائة وقتل بظاهر جبل الفتح. وولى بعده أخوه مولانا السلطان أبو الحجاج لباب هذا البيت وواسطة هذا العقد وطراز هذه الحلية ثم اغتاله ممرور من أخابيث السوقة قيضه الله إلى شهادته وجعله سببًا لسعادته فأكب عليه في الركعة الآخرة من ركعتي عيد الفطر بين يدي المحراب خاشعًا ضارعًا في الحال الذي أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجدٌ وضربه بخنجر مهيء للفتك به في مثل ذلك الوقت كان زعموا يحاول شخذه منذ زمان ضربةً واحدةً على الجانب الأيسر من ظهره في ناحية قلبه فقضى عليه وبودر به فقتل. وولى الأمر بعده محمد ولده اكبر بنيه وأفضل ذويه خلقًا وخلقًا وحياء وجودًا ووقارًا وسلامة وخيرية ودافع دولته من لا يعبأ الله به ثم تدارك الأمر سبحانه وقد أشفى ودافع وكفى بما يأتي في محله إن شاء الله. وهو أمير المسلمين لهذا العهد متع الله به وأدام مدته وكتب سعادته وأطلق بالخير يده وجعله بمراسيم الشريعة من العاملين ولسلطان يوم الدين من الخائفين. المراقبين بفضله. وقد أتينا بما أمكن من التعريف بأحوال هذه الحضرة على اختصار. ويأتي في أثناء التعريف برجالها كثيرٌ من تفصيل ما أجمل وتتميم ما بدأ وإيضاح ما خفي بحول الله تعالى. \\القسم الثاني في حلي الزائر والقاطن والمتحرك والساكن أحمد بن خلف بن عبد الملك الغساني القليعي من أهل غرناطة يكنى أبا جعفر من جلة أعيانها تنسب إليه الساقية الكبرى المجاورة لطوق الحضرة إلى إلبيرة وما والاها حاله قال ابن الصيرفي: كان الفقيه أبو جفعر القليعي من أهل غرناطة فريد عصره وقريع دهره في الخير والعلم والتلاوة وله حزب من الليل وكان سريع الدمعة كثير الرواية وهو المشار إليه في كل نازلة وله العقد والحل والتقدم والسابقة مع منة في جلائل الأمور والنهضة بالأعباء وسمو الهمة. غريبةٌ في شأنه: قال كان باديس بن حبوس أمير بلده ينفرس فيه أن ملك دولته ينقرض على يديه فكان ينصب لشأنه أكلبًا ويتملط بسيفه إلى قتله فحماه الله منه بالعلم وغل يده وأغمد سيفه ليقضي الله أمرًا كان مفعولا. مشيخته روي عن أبي عمر بن القطان وأبي عبد الله بن عتاب وأبي زكريا القليعي وأبي مروان بن سراج وكان ثقةً صدوقًا أخذ عنه الناس. محنته: ولما أجاز أمير لمتونة يوسف بن تاشفين البحر مستدعى إلى نصر المسلمين ثاني حركاته إلى الأندلس ونازل حصن أليط وسارع ملوك الطوائف إلى المسير في جملته كان ممن وصل إليه الأمير عبد الله بن بلكين بن باديس صاحب غرناطة ووصل صحبته الوزير أبو جعفر بن القليعي لرغبته في الأجر مع شهرة مكانه وعلو منصبه ولنهوض نظرائه من زعماء الأقطار إلى هذا الغرض وكان مضرب خيام القليعي قريبًا من مضرب حفيد باديس ولمنزلته عند الأمير يوسف بن تاشفين وله عليها الحفوف وله به استبداد وانفرادٌ كثير وترددٌ كثير حتى نفى بذلك حفيد باديس وأنهم عنيه. قال المؤرخ وكيفما دارت الحال فلم يخل من نصحٍ لله ولأمير المسلمين. قلت: حفيد باديس كان أدرى بدائه قصر الله خطانا من مدارك الشرور. فلما صدر حفيد باديس إلى غرناطة استحضره ونجهه وقام من مجلسه مغضبًا وتعلقت به الخدمة وحفت به الوزعة والحاشية. وهمو بضربه إلا أن أم عبد الله تطارحت على ابنها في استحيائه فأمر بتخليصه وسجنه في بعض بيوت القصر فاقبل فيه على العبادة والدعاء والتلاوة وكان جهير الصوت حسن التلاوة فارتج القصر وسكنت لاستماعه الأصوات وهدأت له الحركات واقشعرت الجلود. \\وخافت أم عبد الله على ولدها عقابًا من الله بسببه فلاطفته حتى حل عقاله وأطلقه من سجنه. ولما تخلص أعدها غنيمةً. وكان جزلًا قوي القلب شديد الجزم فقال الصيد بغراب أكيس فاتخذ الليل جملًا فطلع له الصباح بقلعة يحصب وهو لنظر ابن عباد وحث منها السير إلى قرطبة فخاطب منها يوسف بن تاشفين بملىء فيه بما حركه وأطعمه فكان من حركته إلى الأندلس وخلع عبد الله بن بلكين من غرناطة واستيلائه عليها ما يرد في اسم عبد الله وفي اسم يوسف بن تاشفين إن شاء الله. وبدا لحفيد باديس في أمر أبي جعر القليعي ورأى أنه أضاع الحزم في إطلاقه فبحث عنه من الغد وتقصت عنه البلدة فلم يقع له خبر إلى أن اتصل به خبر نجاته ولحاقه بمأمنه. فرجع باللائمة على أمه ولات حين مندم. ولم يزل أبو جعفر مدته في دول الملوك من لمتونة معروف الحق بعيد الصيت والذكر أحمد بن محمد الهمداني اللخمي أحمد بن محمد بن أحمد بن يزيد الهمداني اللخمي من أهل غرناطة حاله كان فقيهًا وزيرًا جليلا حسيبًا حافلا. وفاته توفي بإلبيرة قبل الثلاثين وأربعمائة. ذكره أبو القاسم الغافقي في تاريخه وابن اليسر في مختصره واثنى عليه. أحمد بن محمد الهمداني الإلبيري أحمد بن محمد بن أضحى بن عبد اللطيف بن غريب بن يزيد ابن الشمر بن عبد شمس بن غريب الهمداني الإلبيري من نزلاء قرية همدان ذكره ابن حيان والغافقي وابن مسعدة وغيرهم فقال جميعم كان من أهل البلاغة والبيان والأدب والشعر البارع. قدم على الخليفة أبي مطرف عبد الرحمن فقام خطيبًا بين يديه فقال: الحمد لله المحتجب بنور عظمته عن أبصار بريته والدال بحدوث خلقه على أوليته والمنفرد بما أتقن من عجائب دهره ومنن صمديته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا بوحدانيته وخضوعًا لعزه وعظمته. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله انتخبه من أطيب البيوتات واصطفاه من أطيب البيوتات حتى قبضه الله إليه واختار له ما لديه. \\وقد قبل سعيه وأدى أمانته فصلى الله عليه وسلم تسليما. ثم إن الله لما أن بعثه من أكرم خلقه وأكرمه برسالته وأنزل عليه محكم تنزيله واختار له من أصحابه وأشياعه مخلفًا جعل منهم أئمة يهدون بالحق وبه يعدلون فجعل الله الأمير أعزه الله وارث ما خلفوه من معاليهم وباني ما أسسوه من مشاهدهم حتى أمن المسالك وسكن الخائف رحمةً من الله ألبسه كرامتها وطوقه فضيلتها والله يؤتي ملكه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. الله أعطاك التي لا فوقها وقد أراد الملحدون عوقها عنك ويأبي الله إلا سوقها إليك حتى قلدوك طوقها ثم أردف قوله بهذه الأبيات: أيا ملكًا ترمي به قضب الهند إذا لمعت بين المغافر والصرد ومن ألبس الله الخلافة نعمةً به فاقت النعما وجلت عن الحد فلو نظمت مروان في سلك فخرها لأصبح من مروان واسطة العقد تجلى على الدنيا فأجلى ظلامها كما انجلت الظلماء عن قمر السعد إمام هدًى أضحت به العرب غضة ملبسةً نورًا كواشية البرد كفاني لديه أن جعلت وسايلي ذمامًا شآمي الهوى مخلص الود يؤكد ما يدلي به من مثابة خلوص أبيه عبد الفارس الجند تأمل رواه والرماح شواجرٌ وخيلٌ إلى خيلٍ بأبطالها تردى رأى أسدًا وردًا يخف إلى الوغى ورأيته أربي على الأسد الورد فأنعم عليه اليوم يا خير منعمٍ بإظهار تشريفٍ وعقد يدٍ عندي ولا تشمت الأعداء أن جئت قاصدًا إلى ملك الدنيا فأحرم من قصدي فعند الإمام المرتضى كل نعمةٍ وشكرًا لما يلحيه من نعمةٍ عندي فلا زال في الدنيا سعيدًا مظفرًا وبوىء في دار العلى جنة الخلد أحمد بن محمد هشام القرشي أحمد بن محمد بن أحمد بن هشام القرشي من أهل غرناطة. يكنى أبا جعفر ويعرف بابن فركون أوليته وكفى بالنسب القرشي أولية. حاله من عائد الصلة: كان من صدور القضاة بهذا الصقع الأندلسي اضطلاعًا بالمسائل ومعرفة بالأحكام من مظانها كثير المطالعة والدروب وحي الإجهاز في فصل القضايا نافذ المقطع كثير الاجتهاد والنظر مشاركًا في فنون من عربية وفقه وقراءة وفرائض طيب النغمة بالقرآن حسن التلاوة عظيم الوقار بين طبعٍ ومكسوب فائق الأبهة مزريًا بمن دونه من الفقهاء وعاقدي الشروط مسقطًا للكنى والتجلات يعامل الكهول معاملة الأحداث ويتهاون بتعاملات ذلك فيجعلها دبر أذنيه ويسترسل في إطلاق عنان النادرة الحارة في مجالس حكمه فضلا عن غيرها وجد ذلك من يحمل عليها سببًا للغرض منه ترشح بذاته وباهر أدواته إلى قضاء المدن النبيهة والأقطار الشهيرة كرندة ومالقة وغيرهما
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:56 | |
| \\ثم ولي قضاء الجماعة في ظل جاه وضمن حرمة. غريبة في أمره: حدث أنه كان يقرأ في شبيبته على الأستاذ الصالح أبي عبد الله بن مستقور. بكرم له خارج الحضرة على أميال منها في فصل العصير. قال وجهني يومًا بغلة من الرب لأبيعه بالبلد فأصابني مطرٌ شديد وعدت إليه بحال سيئة بعد ما قضيت له وطره وكان له أخٌ أسن منها فعاتبه في شأني وقال له: تأخذ صبيا ضعيفًا يأتيك لفائدة يستفيدها وتعرضه لمثل هذه المشقة في حق مصلحتك ليس هذا من شيم العلماء ولا من شيم الصالحين. فقال له دعه لا بد أن يكون قاضي الجماعة بغرناطة فكان كذلك وصدقت فراسته رحمه الله تعالى. مشيخته: قرأ بالقرية على الأستاذ أبي القاسم بن الأصفر وبغرناطة على العالم القاضي أبي الحسن محمد بن يحيى بن ربيع الأشعري وعلى الشيخ المفتي أبي بكر محمد بن أبي إبراهيم بن مفرج الأوسي بن الدباغ الإشبيلي وعلى الخطيب الزاهد أبي الحسن العدال وعلى الأستاذ النحوي أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن يوسف ابن الصايغ بالصاد المهملة والغين المعجمة وعلى الأستاذ أبي الحسن الأبدي وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم الطائي عرف بابن مستقور. ولما دالت الدولة كان له في مشايعة مخلوعها أمور اقتضتها منه أريحية وحسن وفاء أوجبت عليه الخمول بعد استقرار دايلها السلطان أبي الوليد رحمه الله وأصابته أيام الهيج محن ونسبت إليه نقائص زورتها حسدته فصرف عن القضاء وبقي مدة مهجور الفناء مضاع المكان عاطل الدولة منتبذًا في مليك له خارج الحضرة ينحني على خرثيٍ ساقط القيمة ودفاتر ساقطة الثمن يتعلل بعلاتها ويرجي الوقت بيسيرها. حدثني الوزير أبو بكر بن الحكيم قال زرته في منزله بعد عزله ونسبة الأمور التي لا تليق بمثله فأنشدني بما ينبيء عن ضجره وضيق صدره: أنا من الحكم تائبٍ وعن دعاويه هارب بعد التفقه عمري ونيل أسنى المراتب وبعد ما كنت أرقى على المنابر خاطب أصبحت أرمي بعارٍ للحال غير مناسب أشكو إلى الله أمري فهو المثيب المعاقب وثبت اسمه في التاريخ المسمى بالتاج تأريخي بما نصه: شيخ الجماعة وقاضيها ومنفذ الأحكام وممضيها وشايم سيوفها الماضية ومنتضيها رأس بفضيلة نفسه وأحيا دارس رسم القضاء بدرسه وأودع في أرض الاجتهاد بذر السهاد فجني ثمرة \\غرسه إلى وقار يود رضوى رجاحته وصدر تحسد الأرض الغبيطة ساحته ونادرة يدعوها فلا تتوقف ويلقى عصاها فتتلقف ولم يزل يطمح بأمانيه ويضطلع بما يعانيه حتى رفع إلى الرتبة العالية وحصل على الحال الحالية وكان له في الأدب مشاركة وفي قريض النظم حصة مباركة. إنتهى إلى قوله يهنىء السلطان أبا عبد الله بن نصر بالإبلال من مرض في اقترانٍ بعيد وفتح وذلك: شفاؤك للملك اعتزازٌ وتأييد وبرؤك مولانا به عيدنا عيد مرضت فلم تأو النفوس لراحةٍ ولا كان للدنيا قرارٌ وتمهيد ولم تصبر عيني تود مولمًا ولازمها طول اعتلالك تسهيد وشعره مختلف عن نمط الإجادة التي تناسب محله في العلم وطبقته في الإدراك فاختصرته. مولده عام تسعة وأربعين وستمائة. وفاته في السادس عشر لذي القعدة عام تسعة وعشرين وسبعمائة: ذكرته في كتاب عائد الصلة قاضيًا وفي كتاب التاج المحلي قاضيًا أدبيًا. وذكره أبو بكر بن الحكيم في كتاب الفوائد المستغربة والموارد المستعذبة من تأليفه. أحمد بن محمد بن جزي الكلبي أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمن ابن يوسف بن سعيد بن جزي الكلبي من أهل غرناطة ويعرف بابن جزي أوليته معروفة وأصالته شهيرة تنظر فيما مر من ذلك عند ذكر سلفه وفيما يأتي في ذلك بحول الله وقوته. حاله من أهل الفضل والنزاهة والهمة وحسن السمة واستقامة الطريقة غرب في الوقار ومال إلى الانقباض وترشح إلى رتب سلفه له مشاركةٌ حسنة في فنون من فقه وعربية وأدب وحفظ وشعر تسمو ببعضه الإجادة إلى غاية بعيدة. مشيخته قرأ على والده الخطيب أبي القاسم ولازمه واستظهره ببعض موضوعاته وتأدب به وقرأ نباهته ثم أرسم في الكتابة السلطانية لأول دولة السابع من الملوك النصريين منفق سوق الحلية من أبناء جنسه أبي الحجاج بن نصر فوري زنده ودرت أحلاب قريحته وصدر له في مدائحه شعر كثير. ثم تصرف في الخطط الشرعية فولي القضاء ببرجة ثم بأندرش وهو الآن قاضي مدينة وادي آش مشكور السيرة معروف النزاهة أعانه ذلك وسوده وبلغ به رتبة سلفه. وجرى ذكره في كتاب التاج بما نصه: فاضلٌ تحلى بالسكينة والوقار فمدت إليه رقاب سلفة يد الافتقار ما شئت من هدوء وسكون وجنوح إلى الخير وركون عني بالمحافظة على سمته من لدن عقل ولزم خدمة العلم فما عاد ولا انتقل ووجد من أبيه رحمه الله مرعىً خصيبًا فابتقل وعمل على شاكله سلفه في سلامة الجانب وفضل المذاهب وتحلى بتلك المآثر وتوشح وتأهل إلى الرتب في سن الشبيبة وترشح وله مع ذلك في لجة الفقه سبحٌ وعلى بعض موضوعات أبيه شرحٌ وأدبه ساطع وكلامه حسن المقاطع. \\فمن ذلك ما كتب به إلى وقد خاطبت ما أمكن من نظمه: فديتك يا سيدي مثلما فداك الزمان الذي زنته كم بكائي لبعد كم وأنيني من ظهيري على الأسى من معيني جراح الخد دمع عيني ولكن عجبٌ أن يجرح ابن معين وقال في الغنى: أرى الناس يولون الغني كرامة وإن لم يكن أهلا لرفعة مقدار ويلوون عن وجه الفقير وجوههم وإن كان أهلا أن يلاقى بإكبار بنو الدهر جاءتهم أحاديث جمةٌ فما صححوا إلا حديث ابن دينار ومن بديع ما صدر عنه قوله ينسج على منوال امرىء القيس في قصيدته الشهيرة: أقول لحزمي أو لصالح أعمالي إلا عم صباحا أيها الطلل البالي أما واعظى شيبٌ سما فوق لمتي سمو حباب الماء حالا على حال أنار به ليل الشباب كأنه مصابيح رهبانٍ تشب لقفال نهاني عن غيٍ وقال منبها ألست ترى السمار والناس أحوالي يقولون غيره لتنعم برهةً يعمن به من كان في العصر الخالي أغالط دهري وهو يعلم أنني كبرت وأن لا يحسن اللهو أمثالي ومؤنس نار الشيب يقبح لهوه بآنسةٍ كأنها خط تمثال وتشغفك الدنيا وما أن شغفتها كما شغف المهنوءة الرجل الطالي ألا أنها الدنيا إذا ما اعتبرتها ديار لسلمى عافياتٌ بذي خال فأين الذين استأثروا قبلنا بها لناموا فما إن من حديث ولا صال ذهلت بها غيا فكيف الخلاص من لعوبٍ تنسيني إذا قمت سربالي وقد علمت مني مواعيد توبتي بأن الفتى يهذي وليس بفعال ومذ وثقت نفسي بحب محمد هصرت بغصنٍ ذي شماريخ ميال وأصبح شيطان الغواية خاسئًا عليه قتام سيء الظن والبال ألا ليت شعري هل تقول عزائمي لخيلي كرى كرةً بعد إجفال فأنزل دارًا للنبي نزيلها قليل همومٍ ما يبيت بأوجال فطوبى لنفسٍ جاورت خير مرسل بيثرب أدنى دارها نظرٌ عالي ومن ذكره عند القبول تعطرت صبًا وشمألٌ في منازل قفال جوار رسول الله مجدٌ مؤثلٌ وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي فعادت إليه والهوى قائلٌ لها وكان عداء الوحش مني على بالي رثى لبعيرٍ قال أزمع مالكي ليقتلني والمرء ليس بفعال وثورٍ ذبيح بالرسالة شاهد طويل القرا والروق اخنس ذيال وحن إليه الجذع حنة عاطش لغيثٍ من الوسمي رائده خالي وأصلين من نخلٍ قد التأما له فما احتبسا من لينٍ مسٍ وتسهال وقبضة ترب منه ذلت لها الظبا ومسنونةٍ زرقٍ كأنياب أغوال وأضحى ابن جحشٍ بالعسيب مقاتلًا وليس بذي رمح وليس بنبال وحسبك من سيف الطفيل إضاءة كمصباح زيتٍ في قناديل ذبال وبذت به العجفاء كل مطهم له حجبات مشرفات على الفال ويا خسف أرضٍ تحت باغيه إذ علا على هيكل نهد الجزارة جوال وقد أخمدت نارٌ لفارس طالما أصابت غضى جزلًا وكفت بأجزال أبان سبيل الرشد إذ سبل الهدى يقلن لأهل الحلم ضلا بتضلال ولا خفاء ببراعة هذا النظم وإحكام هذا النسخ وشدة هذه الغارضة. وله تقييدٌ في الفقه على كتاب والده المسمى بالقوانين الفقهية ورجزٌ في الفرائض يتضمن العمل. واحسانه كثير. وتقدم قاضيًا بخضرة غرناطة وخطيبًا بمسجد السلطان ثامن شوال من عام ستين وسبعمائة. ثم انصرف عنها وأعيد إليها في عام ثلاث وستين موصوفًا بالنزاهة والمضاء. مولده في الخامس عشر من جمادى الأولى عام خمسة عشر وسبعمائة وهو الآن بقيد الحياة. أحمد بن محمد بن عبد الله العامري أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن سعدة ابن سعيد بن مسعدة بن ربيعة بن صخر بن شراحيل بن عامر بن الفضل بن بكر بن بكار بن البدر بن سعيد بن عبد الله العامري يكنى أبا جعفر من أهل غرناطة. أوليته عامر الذي ينتسبون إليه عامر بن صعصعة بن هوازنٍ بن منصور بن عكرمة ابن حفصة بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ومن مناقبهم ميمونة أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن عامر من أصحابه وعاصم بن عبد الله الجعلي ويزيد بن الحميري وغيرهم. \\منزل جدهم الداخل إلى الأندلس وهو بكر بن بكار بن البدر بن سعيد بن عبد الله قرية طغنر من إقليم براجلة ابن خريز من إلبيرة. قال ابن الصيرفي في تاريخه الصغير: منزل بني مسعدة موضع كرم ومحمدة ينتسبون في عامر وهم أعيان علية فرسان أكابر وحجاب وكتاب ووزراء ولهم سابقات ومفاخر وأوائل وأواخر. ومنهم على القدم جليلٌ ونبيه ومنهم كان وضيع بن جراح الفقيه لم يدخل أحد منهم في الفتنة يدًا ولا تأذي مسلمًا ولا معاهدًا على قدرتهم على ذلك وكفى به فخرًا لا ينقطع أبدًا. ودخل جدهم الأندلس بعقد بني مروان له سنة أربع وتسعين من الهجرة ويأتي من ذكر أعلامهم ما يدل على شرف بيتهم وأصالته وعلوة وجلالته. حاله كان صدرًا جليلا فقيهًا مضطلعًا من أهل النظر السديد والبحث قائمًا على المسائل مشاركًا في كثير من الفنون جزلا مهما جاريًا على سنن سلفه ريان من العربية. وختم سيبويه تفقهًا وقرأ الفقه واستظهر كتاب التلقين وردس الأحكام الجيدة وعرضها في مجلس واحد وقرأ أصول الفقه وشرح المستصفى شرحًا حسنًا وقرأ الإرشاد والهداية وكان صدرًا في الغرائض والحساب وألف تاريخ قومه وقرابته ولايته ولى القضاء بمواضع من الأندلس كثيرة من البشارات أقام بها أعوامًا خمسة ثم لوشة وأقام بها ثلاثة أعوام ثم بسطة وبرشانة. ثم انتقل إلى مالقة وأقام بها أعوامًا خمسة. نبهت على مقدار الإقامة لما في ضمن طول سنى الولاية من استقامة أمر الوالي. وكان له من أمير المسلمين بالأندلس حظوة لطيفة لم تكن لغيره استنزلها حدثني بعض أشياخي ممن كان يباشر حال السلطان يومئذ: قال: وجه ابن مسعدة ابنة من مالقة بكتاب في بعض الأغراض الضرورية ثم رغب فيه أن ينعم على ولده بالمشافهة لإلقاء أمر ينوب عنه فيه فلما حضر تناول رجل السلطان فقبلها وقال أمرني أبي أن أنوب في تعفير الوجه في هذه الرجل الكريمة الجهادية عنه خاصة. لبعد عهده بها إلى أمثال هذا مما اقتضت الانتفاع بعاجلٍ من الدنيا زهيدٍ لا يدري ما الله صانعٌ فيها والإبقاء بما تجاوز الإفراط في تقدمه بمالقة بعده دار الأعلام وديوان العقد وهو حدثٌ خليٌ من العلم قريب العهد بالبلوغ فكانت على أنها غاية الصدور ملعبًا إلى أن ضرب الدهر ضرباته وانتقلت الحال. مشيخته أولهم قاضي الجماعة أبو الحسن بن أبي عامر بن ربيع وثانيهم القاضي أبو عامر يحيى بن عبد الرحمن بن ربيع وثالثهم أبو يحيى بن عبد المنعم الخزرجي ورابعهم العدل الراوية أبو الوليد العطار وخامسهم أبو إسحاق بن إبراهيم بن أحمد الخشني وسادسهم الأستاذ أبو الحسن الكناني الإشبيلي وسابعهم محمد بن إبراهيم ابن مفرج الأوسي الدباغ وثامنهم أبو جعفر أحمد بن علي الرعيني وتاسعهم أبو علي بن أبي الأحوص. وصمته: فروي الناس أنه وجد بخزانته بعد وفاته زمامٌ يشتمل على مثالب أهل غرناطة مما يحدث على الأيام في أفرادهم من فلتات يجريها عدم الاتصاف بالعصمة. استقر عند ولده الفضل زعموا ثم خفي أثره ستر الله عيوبنا برحمته. \\وفاته توفي بمالقة قرب صلاة المغرب يوم الأحد الموفى عشرين لذي الحجة عام تسعة وتسعين وستمائة ودفن بخارج باب قبالة في مالقة المذكورة بمقربة من رابعة بني عمار وبالروضة المنسوبة لبني يحيى نقلت من خط ولده الفضل. ابن قعنب أحمد بن محمد بن أحمد بن قعنب الأزدي يكنى أبا جعفر ويعرف بابن قعنب أوليته ذكر الأستاذ ابن الزبير في صلته وغيره أن قومًا بغرناطة يعرفون بهذه المعرفة فإن كان منهم فله أولية لابأس بها. كان من شيوخ كتاب الشروط معرفة بالمسائل واضطلاعًا بالأحكام وانفرد بصحة الوثيقة باقعةً من بواقع زمانه وعيابة في مشايخ قطره يألف النادرة الحارة في ملاء من النوك والغفلة فلا يهتز لموقع نادرة ولا يضحك عقب عقد صرعةٍ لقلقه غير مامرة غير مجلس من مجالس القضاء من بني مسعود المزراة أحكامهم المرمية بتهكمه وإزرائه فتقتع في طريق حكمهم خطًا منفسحة غير مكترث بهوانه ولا غاص بلسانه. وربما قال لبعض الوزعة من قادته بمجسه وقد توقفوا به في بعض الطريق توقعًا لسكون غضب قاضيهم إبعثوا بعضهم إلى هذا المحروم لنرى ما عزم عليه بكلام كثير الفتور والاستكانة له في هذا الباب شهرة. ذكر بعض نزعاته حدثني ملازمه وقفٌ عليه أبو القاسم بن الشيخ الرئيس أبي الحسن بن الجياب وقد أعمل والده رحلةً إلى مالقة لزيارة شيخه الذي تلمذ له وشهر بالتشيع فيه أبي عبد الله الساحلي صاحب الأتباع والطريقة وكان مفرط الغلو فيه واستصحب ولده الصغير فسأله عن سفر أبيه وسعيه فقال نعم واحتمل أخي فقال أظنه منذ ولد كان غير مغتطس فحمله الشيخ فغطسه واستغرب كل من حضر ضحكًا فلم يبتسم هو كأنه لا شعور عنده بما ذهب إليه وحدثني قال: جاءت امرأة تخاصم ميارًا أوصلها من بعض المدن في أمرٍ نشأ بينهما وبيده عقد فقال بعض جيرانه من نصه حاكيًا وأنه جامعها من موضع كذا إلى كذا ولم يرسم المد على ألف جاء فقال الشيخ للمرأة أتعرفين أن هذا الميار جامعك في الطريق أي فعل بك فقالت معاذ الله ونفرت من ذلك فقال كذا شهد عليك الفقيه وأشار إلى جاره. ومثل ذلك كثير. ولي القضاء بأماكن عديدة كلوشة وبسطة والمسند وبرجة وأرحبة وغير ذلك. مشيخته: يحمل عن الأستاذ أبي جعفر بن الزبير والخطيب الصالح أبي عبد الله بن فضيلة وأبي محمد بن سماك وأبي الحسن بن مستقور. مولده عام سبعين وستمائة. توفي قاضيًا ببرجة بعد علة سدكت به في السادس عشر من شعبان من عام اثنين وثلاثين وسبعمائة وانتقل منها في وعاء خشب. ودفن بمقبرة إلبيرة تجاوز الله عنه ورحمه. أحمد بن محمد بن سعيد بن زيد الغافقي من أهل غرناطة وجلة بيوتها ويأتي من ذكر ذلك ما فيه كفاية حاله هذا الرجل ممن صرفت إلى الله رجعاه وخلصت له معاملته وخلص إليه انقطاعه. \\نازع في ذلك نفسًا جامحة في الحزم عريقة في الغفلة فكتب الله له النصر عليها دفعة فشمر وفوت الأصول للحضرة في باب الصدقة ونبذ الشواغل وحفظ كتاب الله على الكبرة واستقبل المحراب ملغيًا سواه. درأ به فاتفق على فضله وغبط في حسن فيئته. وله ديوان نبيل يتضمن كثيرًا من فقه النفس والبدن دل على نبله وهو بحاله الموصوفة إلى هذا العهد. نفعه الله تعالى. مولده بغرناطة عام تسعين وستمائة. أحمد بن أبي سهل الخزرجي أحمد بن أبي سهل بن سعيد بن أبي سهل الخزرجي من أهل الحمة يكنى أبا جعفر. حاله من أهل الخير والعفاف والطهارة والانقباض والصحة والسلامة أصيل البيت معروف القدم ببلده حر النادرة. قرأ بالحضرة واجتهد وحصل ولازم الأستاذ أبا عبد الله الفخار وغيره من أهل عصره. وولي القضاء ببلدة الحمة ثم بغربي مالقة. وهو الآن قاض بها مشكور السيرة. أحمد بن عمر بن ورد التميمي أحمد بن عمر بن يوسف بن إدريس بن عبد الله بن ورد التميمي من أهل ألمرية. يكنى أبا القاسم ويعرف بابن الورد. حاله قال الملاحي: كان من جلة الفقهاء المحدثين. قال ابن الزبير كذلك وزاد: موفور الحظ من الأدب والنحو والتاريخ متقدمًا في علم الأصول والتفسير حافظًا متقنًا ويقال إن علم المالكية انتهت إليه الرياسة فيه وإلى القاضي أبي بكر بن العربي في وقتهما. لم يتقدمهما في الأندلس أحد بعد وفاة أبي الوليد بن رشد. قال أخبرني الثقة أبو عبد الله بن جوبر عن أبي عمر بن عات قال: حديث ابن العربي اجتمع بابن ورد وتبايتا ليلة وأخذا في التناظر والتذاكر فكانا عجبًا. يتكلم أبو بكر فيظن السامع أنه ما ترك شيئًا إلا أتى به ثم يجيبه أبو القاسم بأبدع جواب ينسي السامعين ما سمعوا قبله. وكانا أعجوبتي دهرهما. وكان له مجلسٌ يتكلم فيه على الصحيحين ويخص الأخمسة بالتفسير.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:56 | |
| \\حلوله غرناطة قال المؤرخون ولي قضاء غرناطة سنة عشرين فعدل وأحسن السيرة وبه تفقه طلبتها إذ ذاك. مشيخته: روي عن أبي علي الغساني وأبي الحسن بن سراج وأكثر عنه وأبي بكر بن سابق الصقيلي وأبي محمد بن عبد الله بن فرج المعروف بالعسال الزاهد ولازمه وهو آخر من روي عنه. ورحل إلى سجلماسة وناظر عند ابن العواد. وروي أيضًا عن أبي الحسن المبارك المعروف بالخشاب وكان الخشاب يحمل عن أبي بكر بن ثابت الخطيب وغيره. من روي عنه وروي عنه جماعة كأبي جعفر بن الباذش وأبي عبيدة الله وابن رفاعة وابن عبد الرحيم وابن حكيم وغيرهم. وآخر من روي عنه أبو القاسم ابن عمران الخزرجي بفاس. وفاته توفي بالمرية في الثاني عشر لرمضان سنة أربعين وخمسمائة. أحمد بن محمد بن علي الأموي أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن علي الأموي يكنى أبا جعفر ويعرف بابن برطال أصله من قرية تعرف بحارة البحر من وادي طرش نصر حصن منتماس من شرقي مالقة من بيت خير وأصالة وانتقل سلفه إلى مالقة فتوشجت لهم بها عروقٌ وصاهروا إلى بيوتات نبيهة. حاله كان من أهل الخير وكان على طريقة مثلى من الصمت والسمت والانقباض والذكاء والعدالة والتخصص محولا في الخير ظاهر المروءة معروف الأصالة خالص الطعمة كثيرالعفة مشهور الوقار والعفاف تحرف بصناعة التوثيق على انقباض. دخوله غرناطة: تقدم قاضيًا بغرناطة بعد ولاية القضاء ببلده وانتقل إليها وقام بالرسم المضاف إلى ذلك وهو الإمامة بالمسجد الأعظم منها والخطابة بجامع قلعتها الحمراء واستقل بذلك إلى تاسع جمادى الثانية من عام إحدى وأربعين وسبعمائة على قصور في المعارف وضعف في الأداة وكلال في الجد ولذلك يقول شيخنا أبو البركات بن الحاج: حسبوا الأشياء عن أسبابها فإذا الأشياء عن غير سبب إلا إنه أعانه الدربة والحنكة على تنفيذ الأحكام فلم تؤثر عنه فيها أحدوثه واستظهر بجزالة أمضت حكمه وانقباضٍ عافاه عن الهوادة فرضيت سيرته واستقامت طريقته. مشيخته لقي والده شيخ القضاة وبقية المحدثين وله الرواية العالية والدرجة الرفيعة حسبما يأتي في اسمه ولم يؤخذ عنه شيء فيما أعلم. شعره أنشدني الوزير أبو بكر بن ذي الوزارتين أبي عبد الله بن الحكيم قال أنشدني القاضي أبو جعفر بن برطال لنفسه مودعًا في بعض الأسفار: أستودع الله من لوداعهم قلبي وروحي إذ دنى الوداع بانوا وطرفي والفؤاد ومقولي باكٍ ومسلوب العزاء وداع فتول يا مولاي حفظهم ولا تجعل تفرقنا فراق وداع وفاته توفي رحمه الله وعفا عنه أيام الطاعون الغريب بمقالة في منتصف ليلة الجمعة خامس صفر عام خمسين وسبعمائة وخرجت جنازته في اليون التالي ليلة وفاته في ركبٍ من الأموات يناهز الألف وينيف بمائتين واستمر ذلك مدة وكان مولده عام تسعة وثمانين وستمائة رحمه الله تعالى. \\أحمد بن عبد الله بن عميرة المخزومي أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن عميرة المخزومي بلنسي شقوري الأصل يكنى أبا مطرف أوليته لم يكن من بيت نباهة ووقع لابن عبد الملك في ذلك نقل كان حقه التجافي عنه لو وفق. حاله قال ابن عبد الملك: كان أول طلبه العلم شديد العناية بشأن الرواية فأكثر من سماع الحديث وأخذه عن مشايخ أهله وتفنن في العلوم ونظر في العقليات وأصول الفقه ومال إلى الأدب فبرع فيه براعة عد بها من كبار مجيدي النظم. وأما الكتابة فهو علمها المشهور وواحدها الذي عجزت عن ثانيه الدهور ولا سيما في مخاطبة الإخوان هنالك استولى على أمد الإحسان وله المطولات المنتخبة والقصار المقتضبة وكان يملح كلامه نظمًا ونثرًا بالإشارة إلى التاريخ ويودعه إلماعات بالمسائل العلمية منوعة المقصد. قلت: وعلى الجملة فذات أبي المطرف فيما ينزع إليه ليست من ذوات الأمثال فقد كان نسيج وحده إدراكًا وتفننًا بصيرًا بالعلوم محدثًا مكثرًا راوية ثبتًا سجرًا في التاريخ والأخبار ريان مضطلعًا بالأصلين قائمًا على العربية واللغة كلامه كثير الحلاوة والطلاوة جم العيون غزير المعاني والمحاسن وافد أرواح المعاني شفاف اللفظ حر المعنى ثاني بديع الزمان في شكوى الحرفة وسوء الحظ ورنق الكلام ولطف المأخذ وتبريز النثر على النظم والقصور في السلطانيات. مشيخته روي عن أبي الخطاب بن واجب وأبي الربيع بن سالم وأبي عبد الله بن فرج وأبي على الشلوبين وأبي عمر بن عات وأبي محمد بن حوط الله لقيهم وقرأ عليهم وسمع منهم وأجازوا له وأجاز له من أهل المشرق أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج وغيره. من روي عنه روي عنه ابنه القاسم وأبو بكر بن خطاب وأبو إسحاق البلقيني الحفيد والحسن بن طاهر بن الشقوري وأبو عبد الله البري. وحدث عنه أبو جعفر بن الزبير وابن نباهته صحب أبا عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن خطاب قبل توليته ما تولى من رياسة بلده وانتفع به كثيرًا وكتب عن الرئيس أبي جميل زيان ابن سعد وغيره من أمراء شرق الأندلس. ثم انتقل إلى العدوة واستكبته الرشيد أبو محمد عبد الواحد بمراكش مدة يسيرة ثم صرفه عن الكتابة وولاه قضاء مليانة من نظر مراكش الشرقي فتولاه قليلا ثم نقله إلى أقصى رباط الفتح. وتوفي الرشيد فأقره على ذلك الوالي بعده أبو الحسن المعتضد أخوه ثم نقله إلى قضاء مكناسة الزيتون ثم لما قتل المعتضد لحق بسبتة وجرى عليه بطريقها ما يذكر في محنته. ثم ركب البحر منها متوجهًا إلى إفريقية فقدم بجاية على الأمير أبي زكريا يحيى بن الأمير أبي زكريا. ثم توجه إلى تونس فنجحت بها وسائله وولي قضاء مدينة الأرش. ثم انتقل إلى قابس وبها طالت مدة ولايته واستدعاه المستنصر بالله محمد بن أبي زكريا ولطف محله منه حتى كان يحضر مجالس أنسه وداخله بما قرفته الألسن بسببه حسبما يذكر في وصمته. مناقبه وهي الكتابة والشعر كان يذكر أنه رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم فناوله أقلامًا ومن بديع ما صدر عنه فيما كتب في غرض التورية قطعة من رسالة أجاب بها العباس بن أمية وقد أعلمه باستيلاء الروم على بلنسية فقال: بالله أي نحو ننحو أو مسطورٍ نثبت أو نمحو وقد حذف الأصل \\والزائد وذهبت الصلة والعائد وباب التعجب طال وحال اليأس لا تخشى الانتقال وذهبت علامة الرفع وفقدت نون الجمع والمعتل أعدى الصحيح والمثلث أردى الفصيح وامتنعت الجموع من الصرف وأمنت زيادتها من الحذف ومالت قواعد الملة وصرنا جمع القلة وظهرت علامة الخفض وجاء بدل الكل من البعض. ومن شعره في المقطوعات التي وري فيها بالعلوم قوله: قد عكفنا على الكتابة حينًا وجاءت خطة القضاء تليها وبكل لم يبق للجهد إلا منزلًا نابيًا وعيشًا كريهًا نسبةٌ بدلت ولم تتغير مث ل ما يزعم المهندس فيها وكقوله مما افتتح به رسالة: يا غائبًا سلبتني الأنس غيبته فكيف صبري وقد كابدت بينهما دعواي أنك في قلبي فعارضها شوقي إليك فكيف الجمع بينهما وفي مثل ذلك استفتاح رسالته أيضًا: وله حقوقٌ اضق وقت وجوبها ومن الوجوب ضيقٌ وموسعٌ وفي مثل ذلك في استفتاح رسالة أيضًا: كبرت بالبشرى أتت وسماعها عيدي الذي لشهوده تكبيري وكذلك الأعياد سنة يومها مختصة بزيادة التكبير وفي أغراض أخر: بايعونا مودة هي عندي كالمرآة بيعها بالخداع فسأقضي بردها ثم أقضي بعدها من مدامعي ألف صاع وله في معنى آخر: شرطت عليهم عند تسليم مهجتي وعند انعقاد البيع قربًا يواصل فلما أردت الأخذ بالشرط أعرضوا وقالوا يصح البيع والشرط باطل تصانيفه له تأليفٌ في كائنة ميرقة وتغلب الروم عليها نحى فيه منحى العماد الأصفهاني في الفتح القدسي وكتابه في تعقيبه على فخر الدين بن الخطيب الرازي في كتاب المعالم في أصول الفقه منه ورده على كمال الدين أبي محمد بن عبد الكريم السماكي في كتابه المسمى بالتبيان في علم البيان واقتضابه النبيل في ثورة المريدين إلى غير ذلك من التعاليق والمقالات ودون الأستاذ أبو عبد الله ابن هانىء السبتي كتابته وما يتخللها من الشعر في سفرين بديعين أتقن ترتيبهما وسمي ذلك بغية المستطرف وغنيه المتطرف من كلام إمام الكتابه ابن عميرة أبي المطرف. دخوله غرناطة قال شيخنا أبو الحسن بن الجياب. عمير أخبر بذلك من شيوخه والرجل ممن يركن إليه في أخباره فيما أحقوا على سبيل الرواية والإخبار من شرق الأندلس إلى غرناطة إلى غربها إلى غير ذلك عند رحلته وهو الأقرب وقال: قال المخبر: عهدي به طويلًا نحيف الجسم مصفرًا أقنى الأنف أصيب بمقالة ما أحوج ما كان إليه وقد استقبل الكبرة ونازعه سوء الحظ قال الشيخ أبو الحسن الرعيني إنه كتب إليه يعلمه بهذه الحادثة عليه وأن المنهوب من ماله يعدله أربعة آلاف دينار عشرية وكان ورقًا وعينًا وحليًا وذلك أنه لما قتل المعتضد اغتنم الفطرة وفصل عن مكناسة قاصدًا سبته فلقي الرفقة التي كان فيها جمعٌ من بني مرين سلبوه وكل من كان معه بجزيرة شقر وقيل ببلنسية في رمضان اثنتين وثمانين وخمسمائة. وفاته توفي بتونس ليلة الجمعة الموفية عشرين ذي الحجة عام ستة وخمسين وستمائة. قال ابن عبد الملك ووهم ابن الزبير في وفاته إذ جعلها في حدود الخمسين وستمائة أو بعدها. أحمد بن عبد الحق الجذلي أحمد بن عبد الحق بن محمد بن يحيى بن عبد الحق الجذلي من أهل مالقة يكنى أبا جعفر ويعرف بابن عبد الحق حاله من صدور أهل العلم والتفنن في هذا الصقع الأندلسي نسيج وحده في الوقار والحصافة والتزام مثلى الطريقة جم التحصيل سديد النظر كثير التخصص محافظ على الرسم مقبوض العنان في التطفيف في إيجاب الحقوق لأهلها قريب إلى الإعتدال في معاملة أبناء جنسه مقتصد مع ثروته مؤثر للترتيب في كافة أمره متوقد الفكرة مع سكون لين العريكة مع مضاء مجموع خصال حميدة مما يفيد التجريب والحنكة مضطلع بصناعة العربية حائز قصب السبق فيها عارف بالفروع والأحكام مشارك في فنون من أصول وطب وأدب قائم على القراءة إمام في الوثيقة حسن الخط مليح السمة والشيبة عذب الفكاهة حسن العهد تام الرجولية. \\نباهته تصدر للاقراء ببلده على وفور أهل العلم فكان سابق الحلبة ومناخ الطية إمتاعًا وتفننًا وحسن إلقاء. وتصرف في القضاء ببلش وغيرها من غربي بلده فحسنت سيرته واشتهرت طريقته وحمدت نزاهته. ثم ولي خطة القضاء بمالقة والنظر في الأحباس بها على سبيل من الحظوة والنباهة مرجوعًا إليه في كثير من مهمات بلده سائمةً وجوه السعادة ناطقةً ألسن الخاصة والعامة بفضله جماعة نزاهته آويًا إلى فضل بيته. واتصلت ولايته إياها إلى هذا العهد وهي أحد محامد الوالي طول مدة الولاية لا سيما القاضي مما يدل على الصبر وقلة القدح وسد أبواب التهم والله يعينه ويمتع به بمنه. مشيخته قرأ على الأستاذ أبي عبد الله بن بكر وهو نجيب حلبته والسهم المصيب من كنانته لازمه وبه تفقه وانتفع وتلا القرآن عليه وعلى محمد بن أيوب وعلى أبي القاسم بن درهم علمي وقتهما في ذلك وعلى غيرهما وتعلم الوثيقة على العاقد القاضي أبي القاسم بن العريف. وروي عن الخطيبين المحدثين أبي عثمان ابن عيسى وأبي عبد الله الطنجالي وغيرهما. دخوله غرناطة تردد إليها غير ما مرة منها في أمور عرضت في شئونه الخاصة به ومنها مع الوفود الجلة من أهل بلده تابعًا قبل الولاية متبوعًا بعدها. ومن شعره قوله في جدول: ومقارب الشطين أحكم صقله كالمشرفي إذا اكتسى بفرنده فحمائل الديباج منه خمائل ومعانقٌ فيها البهار بورده وقد اختفى طرفٌ له في دوحةٍ كالسيف رد ذبابه في غمده وقوله في شجر نارنج مزهر: وثمار نارنج ترى أزهارها مع ناتىء النارنج في تنضيد فإذا نظرت إلى تألفها أتت كمباسم أومت للثم خدود وفاته في زوال يوم الجمعة السابع والعشرين لرجب عام خمسة وستين وسبعمائة. ثامن شوال عام ثمانية وتسعين وستمائة. أحمد بن الصقر الأنصاري الخزرجي أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد ابن الصقر الأنصاري الخزرجي يكنى أبا العباس من أهل الثغر الأعلى. أوليته من سرقسطة حيث منازل الأنصار هنالك انتقل جد أبيه عبد الرحمن بابنه الصغير منها لحدوث بعض الفتن بها إلى بلنسية فولد له ابنه عبد الرحمن أبو العباس هذا ثم انتقل أبوه إلى ألمرية فولد أبو العباس بها ونقله أبوه إلى سبتة فأقام بها مدة حاله كان محدثًا مكثرًا ثقةً ضابطًا مقرئًا مجودًا حافظًا للفقه ذاكرًا للمسائل عارفًا بأصولها متقدمًا في علم الكلام عاقدًا للشروط بصيرًا بعللها حاذقًا بالأحكام كاتبًا بليغًا شاعرًا محسنًا أتقن أهل عصره خطا وأجلهم منزعًا ما اكتسب قط شيئًا من متاع الدنيا ولا تلبس بها مقتنعًا باليسير راضيًا بالدون مع الهمة العلية والنفس الأبية على هذا قطع عمره وكتب من دواوين العلم ودفاتره ما لا يحصى كثرة بجودة وضبط وحسن خط وعني به أبوه نباهته استدعاه أبو عبد الله بن حسون قاضي مراكش إلى كتابته إلى أن صرف واستقر هو متولى حكمها وأحكامها والصلاة في مسجدها ثم ترك الأحكام واستقر في الإمامة. ولما تصير الأمر إلى الموحدين ألحقه عبد المؤمن منهم بجملة طلبة العلم وتحفا به وقدمه إلى الأحكام بحضرة مراكش فقام بها مدة ثم ولاه قضاء غرناطة ثم نقله إلى إشبيلية قاضيًا بها مع ولي عهده. \\ولما صار الأمر إلى أبي يعقوب ألزمه خدمة الخزانة العلمية وكانت عندهم من الخطط التي لا يعين لها إلا كبار أهل العلم وعليهم وكانت مواهب عبد المؤمن له جزلة وأعطياتهم مترافهة كثيرة. مشيخته قرأ القرآن على أبيه وأكثر عنه وأجاز له وعلى أبي الحسن التطيلي قال: وهو أول من قرأت عليه. من روي عنه روى عنه أبو عبد الله وأبو خالد يزيد بن يزيد بن رفاعة وأبو محمد بن محمد بن علي بن وهب القضاعي. دخوله غرناطة صحبة القاضي أبو القاسم بن حمزة ونوه به واستخلفه إذ وليها وقبض عليه بكلتي يديه ثم استقضى بها أبو الفضل عياض بن موسى فاستمسك به واشتمل عليه لصحبة كانت بينهما وقرابة إلى أن صرف عنها أبو الفضل عياض فانتقل إلى وادي آش فتولى أحكامها والصلاة بها ثم عاد إلى غرناطة سنة ست وثلاثين إلى أن استقضى بغرناطة في دولة أبي محمد بن عبد المؤمن بن علي فحمدت سيرته وشكر عدله وظهرت نزاهته ودام بها حتى ظن من أهلها. شعره وشعره في طريقة الزهد وهي لا ينفذ فيها إلا من قويت عارضته وتوفرت مادته: إلهي لك الملك العظيم حقيقةً وما للورى مهما منعت نقير تجافي بنو الدنيا مكاني فسرني وما قدر مخلوق جداه حقير وقالوا فقيرٌ وهم عندي جلالةٌ نعم صدقوا إني إليك فقير وشعره في هذا المعنى كثير وكله سلس المقادة دالًا على جودة الطبع. ومن شعره قوله: إرض العدو بظاهر متصنع إن كنت مضطرًا إلى استرضائه كم من فتًى ألقى بوجه باسمٍ وجوانحي تتقد من بغضائه له تصانيف مفيدة تدل على إدراكه وإشرافه كشرحه الشهاب فإنه أبدع فيه وكتابه أنوار الأفكار فيمن دخل جزيرة الأندلس من الزهاد والأبرار ابتدأ تأليفه وتوفي دون إتمام غرضه فيها فكمله عبد الله أبنه. محنته كان ممن وقعت عليه المحنة العظمى بمراكش يوم دخول الموحدين إياها يوم السبت لإثني عشر لية بقيت من شوال عام إحدى وأربعين وخمسمائة على الوجه المشهور في استباحة دماء كل من اشتملت عليه من الذكور البالغين إلا من تستر بالاختفاء في سرب أو غرفة أو مخبأ.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:57 | |
| وتمادى القتل فيها ثلاثة أيام ثم نودي بالعفو عمن أشارته الفتكة الكبرى فظهر من جميع الخلق بها ما يناهز السبعين رجلًا وبيعوا بيع أسارى المشركين هم وذراريهم وعفى عنهم فكان أبو العباس ممن تخطته المنية واستنقذه من الرق العفو وحسبك بها محنة نفعه الله وضاعت له في ذلك وفي غيره كتب كثيرة بخطه وبغير خطه مما تجل عن القيمة. مولده بألمرية في أواخر شهر ربيع سنة اثنين وخمسمائة توفي بمراكش بين صلاة الظهر والعصر في يوم الأحد لثمان خلون من جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وخمسمائة. ودفن يوم الإثنين بعده عقب صلاة الظهر وصلى عليه القاضي أبو يوسف حجاج وكانت جنازته عظيمة المحفل كثيرة الجمع برز إليها الرجال والنساء ورفعوا نعشه على الأيدي. رحمه الله. ومما رثاه به جاره وصديقه أبو بكر بن الطفيل وهو بإشبيلية بعث بها إلى ابنه مع كتاب في غرض العزاء: لأمرٍ ما تغيرت الدهور وأظلمت الكواكب والبدور وطال على العيون الليل حتى كأن النجم فيه لا يغور أحمد بن أبي القاسم بن القباب أحمد بن أبي القاسم بن عبد الرحمن يعرف بابن القباب من أهل فاس ويكنى أبا العباس. \\حاله هذا الرجل صدر عدول الحضرة الفاسية وناهض عشهم طالب فقيه نبيه مدرك جيد النظر سديد الفهم حضر الدرس بين يدي السلطان وولي القضاء بجبل الفتح متصفًا فيه بجزالة وانتهاض. تعرفت به بمدينة فاس فأعجبتني سيمته ووصل مدينة سلا في غرض اختبار واستطلاع الأحوال السلطانية واستدعيته فاعتذر ببعض ما يقبل فخاطبته بقولي: أبيتم دعوتي إما لشأوٍ وتأبي لومه مثلى الطريقة وبالمختار للناس اقتداء وقد حضر الوليمة والعقيقة وغير غريبةٍ أن رق حرٌ على من حاله مثلى رقيقة وإما زاجر الورع اقتضاها ويأبى ذاك دكان الوثيقة وغشيان المنازل لاختبارٍ يطالب بالجليلة والدقيقة شكرت مخيلة كانت مجازًا لكم وحصلت بعد على الحقيقة وتفرع الكلام على قولي: ويأبى ذاك دكان الوثيقة بما دعي إلى بيانه بتصنيفي فيه الكتاب المسمى بمثلى الطريقة في ذم الوثيقة. دخوله غرناطة في عام اثنين وستين وسبعمائة موجهًا من قبل سلطان المغرب أبي سالم بن أبي الحسن لمباشرة صدقة عهد بها لبعض الربط وهو إلى الآن عدلٌ بمدينة فاس بحال تجلة وشهرة. ثم تعرفت أنه نسك ورفض العيش من الشهادة ككثير من الفضلاء. أحمد بن إبراهيم بن كعب الثقفي أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسين بن الزبير بن عاصم بن مسلم بن كعب الثقفي يكنى أبا جعفر أوليته كعبٌ الذي ذكر هو كعب بن مالك بن علقمة بن حباب بن مسلم بن عدي ابن مرة بن عوف بن ثقيف أصله من مدينة جيان منزل قنسرين من العرب الداخلين إلى الأندلس ونسبه بها كبير وحسبه أصيل وثروته معروفة. خرج به أبوه عند تغلب العدو عليها عام ثلاثة وأربعين وستمائة ولأبيه إذ ذاك إثراء وجدة أعانته على طلب العلم وإرفاد من أحوجته الأزمة في ذلك الزمان من جالية العلماء عن قرطبة وإشبيلية كأبي الحسن الصائغ وغيره فنصحوا له وحطبوا في حبله. حاله كان خاتمة المحدثين وصدور العلماء والمقرئين نسيج وحده في حسن التعليم والصبر على التسميع والملازمة للتدريس لم تختل له مع تخطي الثمانين ولا لحقته سآمة كثير الخشوع والخشية مسترسل العبرة صليبًا في الحق شديدًا على أهل البدع ملازمًا للسنة جزلا مهيبًا معظمًا عند الخاصة والعامة عذب الفكاهة طيب المجالسة حلو النادرة يؤثر عنه في ذلك حكايات لا تخل بوقار ولا تحل بجلال منصب. فنونه إليه انتهت الرياسة بالأندلس في صناعة العربية وتجويد القرآن ورواية الحديث إلى المشاركة في الفقه والقيام على التفسير والخوض في الأصلين. مشيخته أخذ عن الجلة المقرئين كالمقرى أبي عبد الله محمد بن ابراهيم بن مستقور الغرناطي نباهته وخططه ولي قضاء المناكح والخطبة بالحضرة وبلغ من الشهرة والإشادة بذكره ما لم يبلغه سواه. تصانيفه من تأليفه كتاب صلة الصلة لابن بشكوال التي وصلتها بعده وسميت كتابي بعائد الصلة وافتتحت أول الأسماء فيه باسمه وكتاب ملاك التأويل في المتشابه اللفظ في التنزيل غريبٌ في معناه والبرهان في ترتيب سور القرآن وشرح الإشارة للباجي في الأصول وسبيل الرشاد في فضل الجهاد وردع الجاهل عن اغتياب المجاهل في الرد على الشودية وهو كتاب جليل ينبى عن التفنن والأضطلاع وكتاب الزمان والمكان وهو وصمةٌ تجاوز الله عنه. شعره وشعره مختلف عن نمط الإجادة مما حقه أن يثبت أو ثبت في كتاب شيخنا أبي البركات المسمى شعر من لا شعر له مما رواه ممن ليس الشعر له بضاعة من الأشياخ الذي عد صدر عنهم هو. \\فمن شعره: مالي وللتسئال لا أم لي إن سألت من يعزل أو من يلي يا رب عفوًا إنها جمةٌ إن لم يكن عفوك لا أم لي محنته نشأت بينه وبين المتغلب بمالقة من الرؤساء التجيبيين من بني إشقيلولة وحشة أكدتها سعاية بعض من استهواهم رجلٌ ممخرق من بني الشعوذة ومنتحلي الكرامة يمتطيها زعموا إلى النبوة يعرف بالفزاري واسمه إبراهيم غري المنزع فذ المآخذ أعجوبة من أعاجيب الفتن يخبر بالقضايا المستقبلة ويتسور سور حمى العادة في التطور من التقشف والخلابة تبعه ثاغية وراغية من العوام الصم البكم مستفزين فيه حياته وبعد زمن من مقتله على يد الأستاذ بغرناطة قرعه بحقه وبادره بتعجيل نكيره فاستغاث بمفتونه الرئيس ظهير محاله فاستعصى له وبلغ الأستاذ النياحة ففر لوجهه وكبس منزله لحينه فاستولت الأيدي على ذخائر كتبه وفوائد تقييده عن شيوخه على ما طالت له الحسرة وجلت فيه الرزية ولحق بغرناطة آويًا إلى كنف سلطانها الأمير أبي عبد الله بن الأمير الغالب بالله بن نصر فأكرم مثواه وعرف حقه وانثال عليه الجم الغفير لالتماس الأخذ عنه إلى أن نالته لديه سعاية بسبب جارٍ له من صلحاء القرابة النصرية كان ينتابه لنسبة الخيرية نميت عنه في باب تفضيله واستهالت للأمر كلمة أوجبت امتحانه وتخلل تلك الألقية من الشك ما قصر المحنة على إخراجه من منزله. المجاور لذلك المتهم به ومنعه من التصرف والتزامه قعر منزل انتقل إليه بحال اعتزال من الناس محجورًا عليه مداخلتهم فمكث على ذلك زمانًا طويلًا إلى أن سريت عنه النكبة وأقشعت الموجدة فتخلص من سرارها بدره وأقل من شكاتها جاهه وأحسنت أثرها حاله وكثر ملتمسه وعظمت في العالم غاشيته فدون واستمع وروى ودرب وخرج وأدب وعلم وحلق وجهر وكانت له الطايلة على عدوه والعاقبة للحسنى بعد ثبات أمره والظفر بكثير من منتهب كتبه. وآلت الدولة للأمير أبي عبد الله نصر بمالقة فطالب الفزاري المذكور واستظهر بالشهادات عليه وبالغ في دحض دعوته إلى أن قتل على يده بغرناطة. حدثنا شيخنا أبوالحسن بن الجياب قال: لما أمر بالتأهب للقتل وهو في السجن الذي أخرج منه إلى مصرعه جهر بتلاوة ياسين فقال له أحد الذعرة ممن جمع السجن بينهم اقرأ قرآنك على أي شيء تتطفل على قرآننا اليوم أو ما هو معناه. فتركها مثلاُ للوذعيته. مولده ببلده جيان في أواخر عام سبع وعشرين وستمائه وتوفي بغرناطة في الثامن لشهر ربيع الأول عام ثمانية وسبعمائة. وكانت جنازته جنازة بالغةً أقصى مبالغ الإحتفال نفر لها الناس من كل أوب واحتمل طلبه العلم نعشه على رؤوسهم إلى جدثه وتبعه ثناء جميل وجزع كبير رحمه الله. ورثاه طائفة من طلبته وممن أخذ عنه منهم القاضي أبو جعفر بن أبي حبل في قصيدة أولها: عزيزٌ على الإسلام والعلم ماجدٌ فكيف لعيني أن يلم بها الكرا وما لمآقي لا تفيض شئونها نجيعًا على قدر المصيبة أحمرا فوالله ما تقضي المدامع بعض ما يحق ولو كانت سيولا وأبحرا حقيقٌ لعمري أن تفيض نفوسنا وفرضٌ على الأكباد أن تتفطرا أحمد بن عبد الوالي بن أحمد الرعيني يكنى أبا جعفر ويعرف بالعواد صنعةٌ لأبيه الكاتب الصالح حاله هو من بيت تصاون وعفاف ودين والتزام السنة كانوا في غرناطة في الأشعار وتجويد القرآن والامتياز بحمله وعكوفهم عليه نظراء بني عظيمة بإشبيلية وبني الباذش بغرناطة وكان أبو جعفر هذا المترجم له ممن تطوى عليه الخناصر معرفةً بكتاب الله وتحقيقًا لحقه واتقانًا لتجويده ومثابرةً على تعليمه ونصحا في إفادته على سنن الصالحين انقباضًا عن الناس وإعراضًا عن ذوي الوجاهة سنيًا في قوله وفعله خاصيًا في جميع أحواله \\مخشوشنًا في ملبسه طويل الصمت إلا في دست تعليمه مقتصرًا في مكسبه متقيًا لدينه محافظًا على أواده. سأل منه رجل يومًا كتب رقعة ففهم من أمره فقال يا هذا والله ما كتبت قط يميني إلا كتاب الله فأحب أن ألقاه على سجيتي بتوفيقه إن شاء الله وتسديده. مشيخته قرأ على الأستاذ أبي جعفر بن الزبير والأستاذ أبي جعفر الحزموني الكفيف وأبي عبد الله بن وفاته توفي في شهر ذي الحجة من عام خمسين وسبعمائة ودفن بجبانة باب الفخارين في أسفل السفح تجاه القصور الحكمية وأتبعه الناس أحسن الثناء. أحمد بن علي بن خلف الأنصاري أحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا جعفر ويعرف بتابن الباذش أوليته أصله من جيان من بيت خيرية وتصون حاله قال القاضي أبو محمد بن عطية إمامٌ في المقرئين ومقدم في جهابذة الأستاذين راويةٌ مكثر متفنن في علوم القراءة مستبحر عارف بالأدب والإعراب بصير بالأسانيد نقاد لها مميزٌ لشاذها من معروفها. قال ابن الزبير وما علمت فيما انتهى إليه نظري وعلمي أحسن انقيادًا لطرق القراءة ولا أجل اختيارًا منه لا يكاد أحد من اهل زمانه ولا ممن أتى بعده أن يبلغ درجته في ذلك. مشيخته تفقه بأبيه الإمام أبي الحسن وأكثر الرواية عنه واستوفى ما كان عنده وشاركه في كثير من شيوخه. أخذ القراءات عرضًا عن الإمام المقري أبي القاسم ابن خلف بن النحاس رحل إلى قرطبة ولازمه وعلى المقرى أبي جعفر هابيل بن محمد الحلاسي وأبي بكر بن عياش بن خلف المقري وابي الحسن بن زكريا وأبي الحسن شريح بن محمد وأبي محمد عبد الله بن أحمد الهمداني الجياني رحل إليه إلى جيان وتلا على جميع من ذكر وروي بالقراءة والسماع والإجازة على عالمٍ كثير كأبي داود وأبي الحسن بن أخي الرش المقرئين أجازا له وأبي علي الغساني في الإمامة والإتقان وقد أسمع عليه وأبي القاسم خلف ابن صواب المقري وأبي عامر محمد بن حبيب الجياني وأبي عبد الله محمد بن أحمد التجيبي الشهير وأبي محمد بن السيد وأبي الحسن بن الأخضر وأبي محمد عبد الله بن أبي جعفر الحافظ وعالمٍ كثير غير هؤلاء يطول ذكرهم. من روي عنه: روي عنه أبو محمد عبد الله وأبو خالد بن رفاعة وأبو علي القلعي المعدي وأبو جعفر بن حكم وأبو الحسن بن الضحاك وابنه أبو محمد عبد المنعم وهو آخر من حدث عنه. تصانيفه ألف كتاب الإقناع في القراءات لم يؤلف في بابه مثله وألف كتاب الطرق المتداولة في القراءات وأتقنه كل الإتقان وحرر أسانيده وأتقنها وانتقى لهان ولم يتسع عمره لفرش حروفهم وخلافهم من تلك الطرق. وألف غير ما ذكر. مولده في ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وفاته توفي ثاني جمادى الآخرة سنة أربعين وخمسمائة وكان عمره تسعًا وأربعين سنة. أحمد بن عبد النور بن أحمد بن راشد يكنى أبا جعفر من أهل مالقة ويعرف بيته بها ببني راشد قال شيخنا أبو البركات: نقلت اسم هذا من خطه ولا نعلم له نسبًا إذ لم يكتبه وشهر بابن عبد النور. \\حاله كان قيمًا على العربية إذ كانت جل بضاعته يشارك مع ذلك في المنطق على رأي الأقدمين وعروض الشعر وفرايض العبادات من الفقه وقرض الشعر وكان له اعتناء بفك المعمي والتنقير عن اللغوز.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:57 | |
| وكان ذكي الصوت عند قراءة القرآن خاشعًا به. رحل من بلده مالقة إلىة سبتة ثم انتقل إلى الأندلس وأقرأ بوادي آش مدة وتردد بين إلمرية وبرجة يقرىء بها القرآن وغير ذلك مما كان يشارك فيه. وناب عن بعض القضاة وقتًا ودخل غرناطة أثناء هذا السفر. مشيخته قال: أخذ القرآن قراءةً على طريقة أبي عمرو الداني على الخطيب أبي الحسن الحجاج بن أبي ريحانة المربلي ولا يعلم له في بلده شيخ سواه إذا لم يكن له اعتناء بلقاء الشيوخ والحمل عنهم ومن علمي أنه لقي أبا الحسن ابن الأخضر المقري العروضي بسبتة وذاكره في العروض ولا أعلم هل أخذ عنه أم لا. ورأيت في تقاييدي أن القاضي أبا عبد الله بن برطال حدثني أن ابن النور قرأ معه الجزولية على ابن مفرج المالقي تفقهًا وقيد عليه تقييدًا عرضه بعد ذلك على ابن مفرج هذا وهو محمد بن يحيى بن علي بن مفرج المالقي. وروي عن أبي الحجاج المتقدم الذكر تيسير أبي عمرو الداني وجمل الزجاجي وأشعار الستة وفصيح أحمد بن يحيى بن ثعلب وقفت في ذلك على رق أجاز فيه بعض الآخذين عنه ولم ينص فيه على كيفية أخذه لهذا الكتيب عن أبي الحجاج. قال: ورأيت في ذلك الرق أوهامًا تدل على عدم شعوره بهذا الباب جملة وقبول التلقين فيها فلا ينبغي أن يركن إلى مثله فيه. ورأيت بخط بعض أصحابه أنه تفقه على أبي ريحانة ولعل ذلك في صغره قبل أن يتحكم طلبه ويتفنن إذ الفنون التي كان يأخذ منها لم يكن أبو ريحانة مليًا بها ولا منسوبًا إليها. تصانيفه منها كتاب الحلية في ذكر البسملة والتصلية. وكتاب رصف المباني في حروف المعاني وهو أجل ما صنف ومما يدل عى تقدمه في العربية. وجزءٌ في العروض وجزءٌ في شواذه وكتابٌ في شرح الكوامل لأبي موسى الجزولي يكون نحو الموطأ في الجرم وكتاب شرح مغرب أبي عبد الله بن هشام الفهري المعروف بابن الشواش ولم يتم انتهى فيه إلى همزة الوصل يكون نحو الإيضاح لأبي علي. وله تقييدٌ على الجمل غير تام. شعره قال: وشعره وسطٌ بعيدٌ عن طرفي الغث والثمين أبعد وكان لا يعتني فيه ولا يتكلفه ولا يقصد قصده وإن ذلك لعذر في عدم الإجادة. قال الشيخ ولدي جزءٌ منه تصفحته على أن أستجيد منه شيئًا أثبته له في هذا التعريف فرأيته بعضه أشبه ببعض من الغرابة فكتبت من ذلك لا مؤثرًا له على سواه من شعره بل لمرجح كونه أول خاطر بالبال ومتلمح خطه بالبصر فمن ذلك قوله من قصيدة ومن خطه نقلت: محاسن من أهوى يضيق لها \\الشرح له الهمة العلياء والخلق السمح له بهجةٌ يغثي البصائر نورها وتعشي بها الأبصار إن غلس الصبح إذا ما رنى فاللحظ سهمٌ مفوقٌ وفي كل عضو من إصابته جرح إذ ما انثني زهوًا وولي تبخترًا يغار لذاك القد من لينه الرمح وإن نفحت أزهاره عند روضةٍ فيخجل ريا زهرها ذلك النفح لقد خامرت نفسي مدامة حبه فقلبي من سكر المدامة لا يصح وقد هام قلبي في هواه فبرحت بأسراره عينٌ لمدمعها سبح غفلته ونوكه: كان هذا الرجل من البله في أسباب الدنيا له في ذلك حكايات دائرة على ألسنة الثقاة من الملازمين له وغيرهم لولا تواترها لم يصدق أحد بها تشبه ما يحكى عن أبي علي الشلوبين. منها أنه اشترى فضلة ملف فبلها فانتقصت كما يجري في ذلك فذرعها بعد البل فوجدها تنقصت فطلب بذلك بائع الملف فأخذ يبين له سبب ذلك فلم يفهم. ومنها أنه سار إلى بعض بساتين ألمرية مع جماعة من الطلبة واستصحبوا أرزًا ولبنًا فطلبوا قدرًا لطبخه فلم يجدوا فقال اطبخوا في هذا القدر وأشار إلى قدر بها بقية زفت مما يطلي به السواني عندهم فقالوا له: وكيف يسوغ الطبخ بها ولو طبخ بها شيء مما تأكله البهائم لعافته فكيف الأرز باللبن فقال لهم اغسلوا معائدكم وحينئذ تدخلون فيها الطعام فلم يدروا مما يعجبون هل من طيب نفسه بأكله مما يطبخ في تلك القدر أم من قياسه المعدة عليها. ومنها أنهم حاولوا طبخ لحمٍ مرة أخرى في بعض النزه فذاق الطعام من الملح بالمغرفة فوجده محتاجًا للملح فجعل فيه ملحًا وذاقه على الفور قبل أن ينحل الملح ويسري في المرقة الأولى فزاد ملحًا إلى أن جعل فيه قدر ما يرجح اللحم فلم يقدروا على أكله. ومنها أنه أدخل يده في مفجر صهريج فصادفت يده ضفدعًا كبيرًا فقال لأصحابه تعالوا إن هنا حجرًا رطبًا. ومنها أنه استعار يومًا من القائد أبي الحسن بن كماشة جوادًا ملوكيًا قرطاسي اللون من مراكب الأمراء فقال وجه لي تلك الدابة فتخيل أنه يريد الركوب إلى بعض المواضع ثم تفطن لغفلته وقال: أي شيء تصنع به قال: أجعله يسني شيئًا يسيرًا في السانية فقال: تقضي الحاجة إن شاء الله بغيره ووجه له حمارًا برسم السانية وهو لا يشعر بشيء من ذلك كله. قلت وفي موجودات الله تعالى عبرٌ وأغربها عالم الإنسان لما جبلوا عليه من الأهواء المختلفة والطباع المشتتة والقصور عن فهم أقرب الأشياء مع الإحاطة بالغوامض. حدثنا غير واحد منهم عمي أبو القاسم وابن الزبير إذنًا في الجملة قالا: حدثنا أبو الحسن بن سراج عن أبي القاسم بن بشكوال أن الفقيه صاحب الوثائق أبا عمر بن الهندي خاصم يومًا عند صاحب الشرطة والصلاة إبراهيم ابن محمد فنكل وعجز عن حجته فقال له الشرطي: ما أعجب أمرك أبا عمر أنت ذكي لغيرك بكيٌّ في أمرك فقال أبو عمر: كذلك يبين الله آياته للناس. ثم أنشد متمثلًا: صرت كأني ذبالة نصبت تضيء للناس وهي تحترق قال وحدثني الشيخ أبو العباس بن الكاتب ببجاية وهو آخر من كتبنا معه الحديث من أصحاب ابن العمار قال: كنت آويا إلى أبي الحسن حازم القرطجاني بتونس وكنت أحسن الخياطة فقال لي: إن المستنصر خلع علي جبة جربية من لباسه وتفصيلها ليس من تفصيل أثوابنا بشرق الأندلس وأريد أن تحل أكمامها وتصيرها مثل ملابسنا. فقلت له: وكيف يكون العمل فقال: تحل رأس الكم ويوضع الضيق بالأعلى والواسع بالطرف. \\فقلت: وبم يحير الأعلى فإنه إذا وضع في موضع واسع سطت علينا فرج ما عندنا ما يصنع فيها إلا أن رقعنا بغيرها فلم يفهم. فلما يئست منه تركته وانصرفت. فأين هذا الذهن الذي صنع المقصورة وغيرها من عجائب كلامه.
أحمد بن عبد الحق الجذلي أحمد بن عبد الحق بن محمد بن يحيى بن عبد الحق الجذلي من أهل مالقة يكنى أبا جعفر ويعرف بابن عبد الحق حاله من صدور أهل العلم والتفنن في هذا الصقع الأندلسي نسيج وحده في الوقار والحصافة والتزام مثلى الطريقة جم التحصيل سديد النظر كثير التخصص محافظ على الرسم مقبوض العنان في التطفيف في إيجاب الحقوق لأهلها قريب إلى الإعتدال في معاملة أبناء جنسه مقتصد مع ثروته مؤثر للترتيب في كافة أمره متوقد الفكرة مع سكون لين العريكة مع مضاء مجموع خصال حميدة مما يفيد التجريب والحنكة مضطلع بصناعة العربية حائز قصب السبق فيها عارف بالفروع والأحكام مشارك في فنون من أصول وطب وأدب قائم على القراءة إمام في الوثيقة حسن الخط مليح السمة والشيبة عذب الفكاهة حسن العهد تام الرجولية. نباهته تصدر للاقراء ببلده على وفور أهل العلم فكان سابق الحلبة ومناخ الطية إمتاعًا وتفننًا وحسن إلقاء. وتصرف في القضاء ببلش وغيرها من غربي بلده فحسنت سيرته واشتهرت طريقته وحمدت نزاهته. ثم ولي خطة القضاء بمالقة والنظر في الأحباس بها على سبيل من الحظوة والنباهة مرجوعًا إليه في كثير من مهمات بلده سائمةً وجوه السعادة ناطقةً ألسن الخاصة والعامة بفضله جماعة نزاهته آويًا إلى فضل بيته. واتصلت ولايته إياها إلى هذا العهد وهي أحد محامد الوالي طول مدة الولاية لا سيما القاضي مما يدل على الصبر وقلة القدح وسد أبواب التهم والله يعينه ويمتع به بمنه. مشيخته قرأ على الأستاذ أبي عبد الله بن بكر وهو نجيب حلبته والسهم المصيب من كنانته لازمه وبه تفقه وانتفع وتلا القرآن عليه وعلى محمد بن أيوب وعلى أبي القاسم بن درهم علمي وقتهما في ذلك وعلى غيرهما وتعلم الوثيقة على العاقد القاضي أبي القاسم بن العريف. وروي عن الخطيبين المحدثين أبي عثمان ابن عيسى وأبي عبد الله الطنجالي وغيرهما. دخوله غرناطة تردد إليها غير ما مرة منها في أمور عرضت في شئونه الخاصة به ومنها مع الوفود الجلة من أهل بلده تابعًا قبل الولاية متبوعًا بعدها. ومن شعره قوله في جدول: ومقارب الشطين أحكم صقله كالمشرفي إذا اكتسى بفرنده فحمائل الديباج منه خمائل ومعانقٌ فيها البهار بورده وقد اختفى طرفٌ له في دوحةٍ كالسيف رد ذبابه في غمده وقوله في شجر نارنج مزهر: وثمار نارنج ترى أزهارها مع ناتىء النارنج في تنضيد فإذا نظرت إلى \\تألفها أتت كمباسم أومت للثم خدود وفاته في زوال يوم الجمعة السابع والعشرين لرجب عام خمسة وستين وسبعمائة. ثامن شوال عام ثمانية وتسعين وستمائة. أحمد بن الصقر الأنصاري الخزرجي أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد ابن الصقر الأنصاري الخزرجي يكنى أبا العباس من أهل الثغر الأعلى. أوليته من سرقسطة حيث منازل الأنصار هنالك انتقل جد أبيه عبد الرحمن بابنه الصغير منها لحدوث بعض الفتن بها إلى بلنسية فولد له ابنه عبد الرحمن أبو العباس هذا ثم انتقل أبوه إلى ألمرية فولد أبو العباس بها ونقله أبوه إلى سبتة فأقام بها مدة حاله كان محدثًا مكثرًا ثقةً ضابطًا مقرئًا مجودًا حافظًا للفقه ذاكرًا للمسائل عارفًا بأصولها متقدمًا في علم الكلام عاقدًا للشروط بصيرًا بعللها حاذقًا بالأحكام كاتبًا بليغًا شاعرًا محسنًا أتقن أهل عصره خطا وأجلهم منزعًا ما اكتسب قط شيئًا من متاع الدنيا ولا تلبس بها مقتنعًا باليسير راضيًا بالدون مع الهمة العلية والنفس الأبية على هذا قطع عمره وكتب من دواوين العلم ودفاتره ما لا يحصى كثرة بجودة وضبط وحسن خط وعني به أبوه نباهته استدعاه أبو عبد الله بن حسون قاضي مراكش إلى كتابته إلى أن صرف واستقر هو متولى حكمها وأحكامها والصلاة في مسجدها ثم ترك الأحكام واستقر في الإمامة. ولما تصير الأمر إلى الموحدين ألحقه عبد المؤمن منهم بجملة طلبة العلم وتحفا به وقدمه إلى الأحكام بحضرة مراكش فقام بها مدة ثم ولاه قضاء غرناطة ثم نقله إلى إشبيلية قاضيًا بها مع ولي عهده. ولما صار الأمر إلى أبي يعقوب ألزمه خدمة الخزانة العلمية وكانت عندهم من الخطط التي لا يعين لها إلا كبار أهل العلم وعليهم وكانت مواهب عبد المؤمن له جزلة وأعطياتهم مترافهة كثيرة. مشيخته قرأ القرآن على أبيه وأكثر عنه وأجاز له وعلى أبي الحسن التطيلي قال: وهو أول من قرأت عليه. من روي عنه روى عنه أبو عبد الله وأبو خالد يزيد بن يزيد بن رفاعة وأبو محمد بن محمد بن علي بن وهب القضاعي. دخوله غرناطة صحبة القاضي أبو القاسم بن حمزة ونوه به واستخلفه إذ وليها وقبض عليه بكلتي يديه ثم استقضى بها أبو الفضل عياض بن موسى فاستمسك به واشتمل عليه لصحبة كانت بينهما وقرابة إلى أن صرف عنها أبو الفضل عياض فانتقل إلى وادي آش فتولى أحكامها والصلاة بها ثم عاد إلى غرناطة سنة ست وثلاثين إلى أن استقضى بغرناطة في دولة أبي محمد بن عبد المؤمن بن علي فحمدت سيرته وشكر عدله وظهرت نزاهته ودام بها حتى ظن من أهلها. شعره وشعره في طريقة الزهد وهي لا ينفذ فيها إلا من قويت عارضته وتوفرت مادته: إلهي لك الملك العظيم حقيقةً وما للورى مهما منعت نقير تجافي بنو الدنيا مكاني فسرني وما قدر مخلوق جداه حقير وقالوا فقيرٌ وهم عندي جلالةٌ نعم صدقوا إني إليك فقير وشعره في هذا المعنى كثير وكله سلس المقادة دالًا على جودة الطبع. ومن شعره قوله: إرض العدو بظاهر متصنع إن كنت مضطرًا إلى استرضائه كم من فتًى ألقى بوجه باسمٍ وجوانحي تتقد من بغضائه له تصانيف مفيدة تدل على إدراكه وإشرافه كشرحه الشهاب فإنه أبدع فيه وكتابه أنوار الأفكار فيمن دخل جزيرة الأندلس من الزهاد والأبرار ابتدأ تأليفه وتوفي دون إتمام غرضه فيها فكمله عبد الله أبنه. \\محنته كان ممن وقعت عليه المحنة العظمى بمراكش يوم دخول الموحدين إياها يوم السبت لإثني عشر لية بقيت من شوال عام إحدى وأربعين وخمسمائة على الوجه المشهور في استباحة دماء كل من اشتملت عليه من الذكور البالغين إلا من تستر بالاختفاء في سرب أو غرفة أو مخبأ. وتمادى القتل فيها ثلاثة أيام ثم نودي بالعفو عمن أشارته الفتكة الكبرى فظهر من جميع الخلق بها ما يناهز السبعين رجلًا وبيعوا بيع أسارى المشركين هم وذراريهم وعفى عنهم فكان أبو العباس ممن تخطته المنية واستنقذه من الرق العفو وحسبك بها محنة نفعه الله وضاعت له في ذلك وفي غيره كتب كثيرة بخطه وبغير خطه مما تجل عن القيمة. مولده بألمرية في أواخر شهر ربيع سنة اثنين وخمسمائة توفي بمراكش بين صلاة الظهر والعصر في يوم الأحد لثمان خلون من جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:57 | |
| ودفن يوم الإثنين بعده عقب صلاة الظهر وصلى عليه القاضي أبو يوسف حجاج وكانت جنازته عظيمة المحفل كثيرة الجمع برز إليها الرجال والنساء ورفعوا نعشه على الأيدي. رحمه الله. ومما رثاه به جاره وصديقه أبو بكر بن الطفيل وهو بإشبيلية بعث بها إلى ابنه مع كتاب في غرض العزاء: لأمرٍ ما تغيرت الدهور وأظلمت الكواكب والبدور وطال على العيون الليل حتى كأن النجم فيه لا يغور أحمد بن أبي القاسم بن القباب أحمد بن أبي القاسم بن عبد الرحمن يعرف بابن القباب من أهل فاس ويكنى أبا العباس. حاله هذا الرجل صدر عدول الحضرة الفاسية وناهض عشهم طالب فقيه نبيه مدرك جيد النظر سديد الفهم حضر الدرس بين يدي السلطان وولي القضاء بجبل الفتح متصفًا فيه بجزالة وانتهاض. تعرفت به بمدينة فاس فأعجبتني سيمته ووصل مدينة سلا في غرض اختبار واستطلاع الأحوال السلطانية واستدعيته فاعتذر ببعض ما يقبل فخاطبته بقولي: أبيتم دعوتي إما لشأوٍ وتأبي لومه مثلى الطريقة وبالمختار للناس اقتداء وقد حضر الوليمة والعقيقة وغير غريبةٍ أن رق حرٌ على من حاله مثلى رقيقة وإما زاجر الورع اقتضاها ويأبى ذاك دكان الوثيقة وغشيان المنازل لاختبارٍ يطالب بالجليلة والدقيقة شكرت مخيلة كانت مجازًا لكم وحصلت بعد على الحقيقة وتفرع الكلام على قولي: ويأبى ذاك دكان الوثيقة بما دعي إلى بيانه بتصنيفي فيه الكتاب المسمى بمثلى الطريقة في ذم الوثيقة. دخوله غرناطة في عام اثنين وستين وسبعمائة موجهًا من قبل سلطان المغرب أبي سالم بن أبي الحسن لمباشرة صدقة عهد بها لبعض الربط وهو إلى الآن عدلٌ بمدينة فاس بحال تجلة وشهرة. ثم تعرفت أنه نسك ورفض العيش من الشهادة ككثير من الفضلاء. أحمد بن إبراهيم بن كعب الثقفي أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسين بن الزبير بن عاصم بن مسلم بن كعب الثقفي يكنى أبا جعفر أوليته كعبٌ الذي ذكر هو كعب بن مالك بن علقمة بن حباب بن مسلم بن عدي ابن مرة بن عوف بن ثقيف أصله من مدينة جيان منزل قنسرين من العرب الداخلين إلى الأندلس ونسبه بها كبير وحسبه أصيل وثروته معروفة. خرج به أبوه عند تغلب العدو عليها عام ثلاثة وأربعين وستمائة ولأبيه إذ ذاك إثراء وجدة أعانته على طلب العلم وإرفاد من أحوجته الأزمة في ذلك الزمان من جالية العلماء عن قرطبة وإشبيلية كأبي الحسن الصائغ وغيره فنصحوا له وحطبوا في حبله. \\حاله كان خاتمة المحدثين وصدور العلماء والمقرئين نسيج وحده في حسن التعليم والصبر على التسميع والملازمة للتدريس لم تختل له مع تخطي الثمانين ولا لحقته سآمة كثير الخشوع والخشية مسترسل العبرة صليبًا في الحق شديدًا على أهل البدع ملازمًا للسنة جزلا مهيبًا معظمًا عند الخاصة والعامة عذب الفكاهة طيب المجالسة حلو النادرة يؤثر عنه في ذلك حكايات لا تخل بوقار ولا تحل بجلال منصب. فنونه إليه انتهت الرياسة بالأندلس في صناعة العربية وتجويد القرآن ورواية الحديث إلى المشاركة في الفقه والقيام على التفسير والخوض في الأصلين. مشيخته أخذ عن الجلة المقرئين كالمقرى أبي عبد الله محمد بن ابراهيم بن مستقور الغرناطي نباهته وخططه ولي قضاء المناكح والخطبة بالحضرة وبلغ من الشهرة والإشادة بذكره ما لم يبلغه سواه. تصانيفه من تأليفه كتاب صلة الصلة لابن بشكوال التي وصلتها بعده وسميت كتابي بعائد الصلة وافتتحت أول الأسماء فيه باسمه وكتاب ملاك التأويل في المتشابه اللفظ في التنزيل غريبٌ في معناه والبرهان في ترتيب سور القرآن وشرح الإشارة للباجي في الأصول وسبيل الرشاد في فضل الجهاد وردع الجاهل عن اغتياب المجاهل في الرد على الشودية وهو كتاب جليل ينبى عن التفنن والأضطلاع وكتاب الزمان والمكان وهو وصمةٌ تجاوز الله عنه. شعره وشعره مختلف عن نمط الإجادة مما حقه أن يثبت أو ثبت في كتاب شيخنا أبي البركات المسمى شعر من لا شعر له مما رواه ممن ليس الشعر له بضاعة من الأشياخ الذي عد صدر عنهم هو. فمن شعره: مالي وللتسئال لا أم لي إن سألت من يعزل أو من يلي يا رب عفوًا إنها جمةٌ إن لم يكن عفوك لا أم لي محنته نشأت بينه وبين المتغلب بمالقة من الرؤساء التجيبيين من بني إشقيلولة وحشة أكدتها سعاية بعض من استهواهم رجلٌ ممخرق من بني الشعوذة ومنتحلي الكرامة يمتطيها زعموا إلى النبوة يعرف بالفزاري واسمه إبراهيم غري المنزع فذ المآخذ أعجوبة من أعاجيب الفتن يخبر بالقضايا المستقبلة ويتسور سور حمى العادة في التطور من التقشف والخلابة تبعه ثاغية وراغية من العوام الصم البكم مستفزين فيه حياته وبعد زمن من مقتله على يد الأستاذ بغرناطة قرعه بحقه وبادره بتعجيل نكيره فاستغاث بمفتونه الرئيس ظهير محاله فاستعصى له وبلغ الأستاذ النياحة ففر لوجهه وكبس منزله لحينه فاستولت الأيدي على ذخائر كتبه وفوائد تقييده عن شيوخه على ما طالت له الحسرة وجلت فيه الرزية ولحق بغرناطة آويًا إلى كنف سلطانها الأمير أبي عبد الله بن الأمير الغالب بالله بن نصر فأكرم مثواه وعرف حقه وانثال عليه الجم الغفير لالتماس الأخذ عنه إلى أن نالته لديه سعاية بسبب جارٍ له من صلحاء القرابة النصرية كان ينتابه لنسبة الخيرية نميت عنه في باب تفضيله واستهالت للأمر كلمة أوجبت امتحانه وتخلل تلك الألقية من الشك ما قصر المحنة على إخراجه من منزله. المجاور لذلك المتهم به ومنعه من التصرف والتزامه قعر منزل انتقل إليه بحال اعتزال من الناس محجورًا عليه مداخلتهم فمكث على ذلك زمانًا طويلًا إلى أن سريت عنه النكبة وأقشعت الموجدة فتخلص من سرارها بدره وأقل من شكاتها جاهه وأحسنت أثرها حاله وكثر ملتمسه وعظمت في العالم غاشيته فدون واستمع وروى ودرب وخرج وأدب وعلم وحلق وجهر وكانت له الطايلة على عدوه والعاقبة للحسنى بعد ثبات أمره والظفر بكثير من منتهب كتبه. وآلت الدولة للأمير أبي عبد الله نصر بمالقة فطالب الفزاري المذكور واستظهر بالشهادات عليه وبالغ في دحض دعوته إلى أن قتل على يده بغرناطة. \\حدثنا شيخنا أبوالحسن بن الجياب قال: لما أمر بالتأهب للقتل وهو في السجن الذي أخرج منه إلى مصرعه جهر بتلاوة ياسين فقال له أحد الذعرة ممن جمع السجن بينهم اقرأ قرآنك على أي شيء تتطفل على قرآننا اليوم أو ما هو معناه. فتركها مثلاُ للوذعيته. مولده ببلده جيان في أواخر عام سبع وعشرين وستمائه وتوفي بغرناطة في الثامن لشهر ربيع الأول عام ثمانية وسبعمائة. وكانت جنازته جنازة بالغةً أقصى مبالغ الإحتفال نفر لها الناس من كل أوب واحتمل طلبه العلم نعشه على رؤوسهم إلى جدثه وتبعه ثناء جميل وجزع كبير رحمه الله. ورثاه طائفة من طلبته وممن أخذ عنه منهم القاضي أبو جعفر بن أبي حبل في قصيدة أولها: عزيزٌ على الإسلام والعلم ماجدٌ فكيف لعيني أن يلم بها الكرا وما لمآقي لا تفيض شئونها نجيعًا على قدر المصيبة أحمرا فوالله ما تقضي المدامع بعض ما يحق ولو كانت سيولا وأبحرا حقيقٌ لعمري أن تفيض نفوسنا وفرضٌ على الأكباد أن تتفطرا أحمد بن عبد الوالي بن أحمد الرعيني يكنى أبا جعفر ويعرف بالعواد صنعةٌ لأبيه الكاتب الصالح حاله هو من بيت تصاون وعفاف ودين والتزام السنة كانوا في غرناطة في الأشعار وتجويد القرآن والامتياز بحمله وعكوفهم عليه نظراء بني عظيمة بإشبيلية وبني الباذش بغرناطة وكان أبو جعفر هذا المترجم له ممن تطوى عليه الخناصر معرفةً بكتاب الله وتحقيقًا لحقه واتقانًا لتجويده ومثابرةً على تعليمه ونصحا في إفادته على سنن الصالحين انقباضًا عن الناس وإعراضًا عن ذوي الوجاهة سنيًا في قوله وفعله خاصيًا في جميع أحواله مخشوشنًا في ملبسه طويل الصمت إلا في دست تعليمه مقتصرًا في مكسبه متقيًا لدينه محافظًا على أواده. سأل منه رجل يومًا كتب رقعة ففهم من أمره فقال يا هذا والله ما كتبت قط يميني إلا كتاب الله فأحب أن ألقاه على سجيتي بتوفيقه إن شاء الله وتسديده. مشيخته قرأ على الأستاذ أبي جعفر بن الزبير والأستاذ أبي جعفر الحزموني الكفيف وأبي عبد الله بن وفاته توفي في شهر ذي الحجة من عام خمسين وسبعمائة ودفن بجبانة باب الفخارين في أسفل السفح تجاه القصور الحكمية وأتبعه الناس أحسن الثناء. أحمد بن علي بن خلف الأنصاري أحمد بن علي بن أحمد بن خلف الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا جعفر ويعرف بتابن الباذش أوليته أصله من جيان من بيت خيرية وتصون حاله قال القاضي أبو محمد بن عطية إمامٌ في المقرئين ومقدم في جهابذة الأستاذين راويةٌ مكثر متفنن في علوم القراءة مستبحر عارف بالأدب والإعراب بصير بالأسانيد نقاد لها مميزٌ لشاذها من معروفها. قال ابن الزبير وما علمت فيما انتهى إليه نظري وعلمي أحسن انقيادًا لطرق القراءة ولا أجل اختيارًا منه لا يكاد أحد من اهل زمانه ولا ممن أتى بعده أن يبلغ درجته في ذلك. مشيخته تفقه بأبيه الإمام أبي الحسن وأكثر الرواية عنه واستوفى ما كان عنده وشاركه في كثير من شيوخه. أخذ القراءات عرضًا عن الإمام المقري أبي القاسم ابن خلف بن النحاس رحل إلى قرطبة ولازمه وعلى المقرى أبي جعفر هابيل بن محمد الحلاسي وأبي بكر بن عياش بن خلف المقري وابي الحسن بن زكريا وأبي الحسن شريح بن محمد وأبي محمد عبد الله بن أحمد الهمداني الجياني رحل إليه إلى \\جيان وتلا على جميع من ذكر وروي بالقراءة والسماع والإجازة على عالمٍ كثير كأبي داود وأبي الحسن بن أخي الرش المقرئين أجازا له وأبي علي الغساني في الإمامة والإتقان وقد أسمع عليه وأبي القاسم خلف ابن صواب المقري وأبي عامر محمد بن حبيب الجياني وأبي عبد الله محمد بن أحمد التجيبي الشهير وأبي محمد بن السيد وأبي الحسن بن الأخضر وأبي محمد عبد الله بن أبي جعفر الحافظ وعالمٍ كثير غير هؤلاء يطول ذكرهم. من روي عنه: روي عنه أبو محمد عبد الله وأبو خالد بن رفاعة وأبو علي القلعي المعدي وأبو جعفر بن حكم وأبو الحسن بن الضحاك وابنه أبو محمد عبد المنعم وهو آخر من حدث عنه. تصانيفه ألف كتاب الإقناع في القراءات لم يؤلف في بابه مثله وألف كتاب الطرق المتداولة في القراءات وأتقنه كل الإتقان وحرر أسانيده وأتقنها وانتقى لهان ولم يتسع عمره لفرش حروفهم وخلافهم من تلك الطرق.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:58 | |
| وألف غير ما ذكر. مولده في ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وأربعمائة وفاته توفي ثاني جمادى الآخرة سنة أربعين وخمسمائة وكان عمره تسعًا وأربعين سنة. أحمد بن عبد النور بن أحمد بن راشد يكنى أبا جعفر من أهل مالقة ويعرف بيته بها ببني راشد قال شيخنا أبو البركات: نقلت اسم هذا من خطه ولا نعلم له نسبًا إذ لم يكتبه وشهر بابن عبد النور. حاله كان قيمًا على العربية إذ كانت جل بضاعته يشارك مع ذلك في المنطق على رأي الأقدمين وعروض الشعر وفرايض العبادات من الفقه وقرض الشعر وكان له اعتناء بفك المعمي والتنقير عن اللغوز. وكان ذكي الصوت عند قراءة القرآن خاشعًا به. رحل من بلده مالقة إلىة سبتة ثم انتقل إلى الأندلس وأقرأ بوادي آش مدة وتردد بين إلمرية وبرجة يقرىء بها القرآن وغير ذلك مما كان يشارك فيه. وناب عن بعض القضاة وقتًا ودخل غرناطة أثناء هذا السفر. مشيخته قال: أخذ القرآن قراءةً على طريقة أبي عمرو الداني على الخطيب أبي الحسن الحجاج بن أبي ريحانة المربلي ولا يعلم له في بلده شيخ سواه إذا لم يكن له اعتناء بلقاء الشيوخ والحمل عنهم ومن علمي أنه لقي أبا الحسن ابن الأخضر المقري العروضي بسبتة وذاكره في العروض ولا أعلم هل أخذ عنه أم لا. ورأيت في تقاييدي أن القاضي أبا عبد الله بن برطال حدثني أن ابن النور قرأ معه الجزولية على ابن مفرج المالقي تفقهًا وقيد عليه تقييدًا عرضه بعد ذلك على ابن مفرج هذا وهو محمد بن يحيى بن علي بن مفرج المالقي. وروي عن أبي الحجاج المتقدم الذكر تيسير أبي عمرو الداني وجمل الزجاجي وأشعار الستة وفصيح أحمد بن يحيى بن ثعلب وقفت في ذلك على رق أجاز فيه بعض الآخذين عنه ولم ينص فيه على كيفية أخذه لهذا الكتيب عن أبي الحجاج. \\قال: ورأيت في ذلك الرق أوهامًا تدل على عدم شعوره بهذا الباب جملة وقبول التلقين فيها فلا ينبغي أن يركن إلى مثله فيه. ورأيت بخط بعض أصحابه أنه تفقه على أبي ريحانة ولعل ذلك في صغره قبل أن يتحكم طلبه ويتفنن إذ الفنون التي كان يأخذ منها لم يكن أبو ريحانة مليًا بها ولا منسوبًا إليها. تصانيفه منها كتاب الحلية في ذكر البسملة والتصلية. وكتاب رصف المباني في حروف المعاني وهو أجل ما صنف ومما يدل عى تقدمه في العربية. وجزءٌ في العروض وجزءٌ في شواذه وكتابٌ في شرح الكوامل لأبي موسى الجزولي يكون نحو الموطأ في الجرم وكتاب شرح مغرب أبي عبد الله بن هشام الفهري المعروف بابن الشواش ولم يتم انتهى فيه إلى همزة الوصل يكون نحو الإيضاح لأبي علي. وله تقييدٌ على الجمل غير تام. شعره قال: وشعره وسطٌ بعيدٌ عن طرفي الغث والثمين أبعد وكان لا يعتني فيه ولا يتكلفه ولا يقصد قصده وإن ذلك لعذر في عدم الإجادة. قال الشيخ ولدي جزءٌ منه تصفحته على أن أستجيد منه شيئًا أثبته له في هذا التعريف فرأيته بعضه أشبه ببعض من الغرابة فكتبت من ذلك لا مؤثرًا له على سواه من شعره بل لمرجح كونه أول خاطر بالبال ومتلمح خطه بالبصر فمن ذلك قوله من قصيدة ومن خطه نقلت: محاسن من أهوى يضيق لها الشرح له الهمة العلياء والخلق السمح له بهجةٌ يغثي البصائر نورها وتعشي بها الأبصار إن غلس الصبح إذا ما رنى فاللحظ سهمٌ مفوقٌ وفي كل عضو من إصابته جرح إذ ما انثني زهوًا وولي تبخترًا يغار لذاك القد من لينه الرمح وإن نفحت أزهاره عند روضةٍ فيخجل ريا زهرها ذلك النفح لقد خامرت نفسي مدامة حبه فقلبي من سكر المدامة لا يصح وقد هام قلبي في هواه فبرحت بأسراره عينٌ لمدمعها سبح غفلته ونوكه: كان هذا الرجل من البله في أسباب الدنيا له في ذلك حكايات دائرة على ألسنة الثقاة من الملازمين له وغيرهم لولا تواترها لم يصدق أحد بها تشبه ما يحكى عن أبي علي الشلوبين. منها أنه اشترى فضلة ملف فبلها فانتقصت كما يجري في ذلك فذرعها بعد البل فوجدها تنقصت فطلب بذلك بائع الملف فأخذ يبين له سبب ذلك فلم يفهم. ومنها أنه سار إلى بعض بساتين ألمرية مع جماعة من الطلبة واستصحبوا أرزًا ولبنًا فطلبوا قدرًا لطبخه فلم يجدوا فقال اطبخوا في هذا القدر وأشار إلى قدر بها بقية زفت مما يطلي به السواني عندهم فقالوا له: وكيف يسوغ الطبخ بها ولو طبخ بها شيء مما تأكله البهائم لعافته فكيف الأرز باللبن فقال لهم اغسلوا معائدكم وحينئذ تدخلون فيها الطعام فلم يدروا مما يعجبون هل من طيب نفسه بأكله مما يطبخ في تلك القدر أم من قياسه المعدة عليها. ومنها أنهم حاولوا طبخ لحمٍ مرة أخرى في بعض النزه فذاق الطعام من الملح بالمغرفة فوجده محتاجًا للملح فجعل فيه ملحًا وذاقه على الفور قبل أن ينحل الملح ويسري في المرقة الأولى فزاد ملحًا إلى أن جعل فيه قدر ما يرجح اللحم فلم يقدروا على أكله. ومنها أنه أدخل يده في مفجر صهريج فصادفت يده ضفدعًا كبيرًا فقال لأصحابه تعالوا إن هنا حجرًا رطبًا. \\ومنها أنه استعار يومًا من القائد أبي الحسن بن كماشة جوادًا ملوكيًا قرطاسي اللون من مراكب الأمراء فقال وجه لي تلك الدابة فتخيل أنه يريد الركوب إلى بعض المواضع ثم تفطن لغفلته وقال: أي شيء تصنع به قال: أجعله يسني شيئًا يسيرًا في السانية فقال: تقضي الحاجة إن شاء الله بغيره ووجه له حمارًا برسم السانية وهو لا يشعر بشيء من ذلك كله. قلت وفي موجودات الله تعالى عبرٌ وأغربها عالم الإنسان لما جبلوا عليه من الأهواء المختلفة والطباع المشتتة والقصور عن فهم أقرب الأشياء مع الإحاطة بالغوامض. حدثنا غير واحد منهم عمي أبو القاسم وابن الزبير إذنًا في الجملة قالا: حدثنا أبو الحسن بن سراج عن أبي القاسم بن بشكوال أن الفقيه صاحب الوثائق أبا عمر بن الهندي خاصم يومًا عند صاحب الشرطة والصلاة إبراهيم ابن محمد فنكل وعجز عن حجته فقال له الشرطي: ما أعجب أمرك أبا عمر أنت ذكي لغيرك بكيٌّ في أمرك فقال أبو عمر: كذلك يبين الله آياته للناس. ثم أنشد متمثلًا: صرت كأني ذبالة نصبت تضيء للناس وهي تحترق قال وحدثني الشيخ أبو العباس بن الكاتب ببجاية وهو آخر من كتبنا معه الحديث من أصحاب ابن العمار قال: كنت آويا إلى أبي الحسن حازم القرطجاني بتونس وكنت أحسن الخياطة فقال لي: إن المستنصر خلع علي جبة جربية من لباسه وتفصيلها ليس من تفصيل أثوابنا بشرق الأندلس وأريد أن تحل أكمامها وتصيرها مثل ملابسنا. فقلت له: وكيف يكون العمل فقال: تحل رأس الكم ويوضع الضيق بالأعلى والواسع بالطرف. فقلت: وبم يحير الأعلى فإنه إذا وضع في موضع واسع سطت علينا فرج ما عندنا ما يصنع فيها إلا أن رقعنا بغيرها فلم يفهم. فلما يئست منه تركته وانصرفت. فأين هذا الذهن الذي صنع المقصورة وغيرها من عجائب كلامه. مولده في رمضان من عام ثلاثين وستمائة وفاته توفي بألمرية يوم الثلاثاء السابع والعشرين لربيع الآخر من عام اثنين وسبعمائة ودفن بخارج باب بجاية بمقبرة من تربة الشيخ الزاهد أبي العباس بن مكنون. أحمد بن محمد بن مصادف ابن مصادف بن عبد الله يكنى أبا جعفر ويعرف بابن مصادف من أهل بسطة واستوطن غرناطة وقرأ وأقرأ بها. حاله من أهل الطلب والسلاطة والاجتهاد وممن يقصر محصله عن مدى اجتهاده خلوب اللسان غريب الشكل وحشيه شتيت الشعر معفيه شديد الاقتحام والتسور قادر على اللصوق بالأشراف. رمي بنفسه على مشيخة الوقت يطرقههم طروق الأمراض الوافدة حتى استوعب الأخذ عن أكثرهم يفك عن فايدته فك المتبرم وينتزعها بواسطة الحيا ويسلط على قنصها جوارح التبذل والإطراء إلى أن ارتسم في المقريين بغرناطة محولًا عليه بالنحب والملق وسد الترتيب المدني ولوثة تعتاده في باب الركوب والثقافة وهو لا يستطيع أن يستقر بين دفتي السرج ولا يفرق بين مبسوط الكف أخذ نفسه في فنون من قرآن وعربية وتفسير وامتحن مرات لجرأ حركة القلقة الذي لا يملك عنانه ثم تخلص من ذلك وهو على حاله إلى الآن. \\مشيخته قرأ على الخطيب ببسطة وأبي الأصبغ بن عامر والخطيبين بها أبي عبد الله وأبي إسحاق ابن عمه وأبي عبد الله بن جابر وعلى أبي عثمان بن ليون بالمرية والخطيب أبي عبد الله بن الغربي بحمة وتلا القرآن بقراءاته السبع على شيخنا أبي عبد الله بن الوالي العواد وروي عن شيخنا أبي الحسن بن الجياب. وعلى الحاج أبي الحجاج الساحلي فكتب الإقراء وأخذ الفقه عن الأستاذ أبي عبد الله البياني. وقرأ على قاضي الجماعة أبي القاسم البياني وقرأ على قاضي الجماعة أبي القاسم الحسني ولازم أستاذ الجماعة أبا عبد الله الفخار وقرأ عليه العربية وصاهره على بنته الأستاذ المذكور وانتفع به إلى أن ساء ما بينهما عند وفاة الشيخ فرماه بترمية بيضاء تخلقها مثيرة عجبٍ مرة. وحاله متصلة على ذلك وقد ناهز الاكتهال. أحمد بن حسن بن باصة الأسلمي المؤفت بالمسجد الأعظم بغرناطة أصله من شرق الأندلس وانتقل إليها والده يكنى أبا جعفر. حاله كان نسيج وحده وقريع دهره معرفة بالهيئة وإحكامًا للآلة الفلكية ينحت منها بيده ذخائر يقف عندها النظر والخبر جمال خط واستواء صنعة وصحة وضع بلغ في ذلك درجة عالية ونال غاية بعيدة حتى فضل بما ينسب إلأيه من ذلك كثيرًا من الأعلام المتقدمين وأزرت آلاته بالحمايريات والصفاريات وغيرها من آلات المحكمين وتغالي الناس في أثمانها اخذ ذلك عن والده الشيخ المتفنن شيخ الجماعة في هذا الفن. وفاته في عام تسع وسبعمائة. الحبالي أحمد بن محمد بن يوسف الأنصاري من أهل غرناطة يكنى أبا جعفر ويعرف بالحبالي. حاله عكف صدرًا من زمانه منتظمًا في العدول آويًا إلى تخصيص وسكون ودمائة وحسن معاملة له بصر بالمساحة والحساب وله بصر بصناعة التعديل وجداول الأبراج وتدرب في أحكام النجوم مقصودٌ في العلاج بالرقا والعزايم من أولي المس والخبال تعلق بسبب هذه المنتحلات بأذيال الدول وانبت من شيمته الأولى فنال استعمالا في الشهادات المخزنية وخبر منه أيام قربه من مبادىء الأمور والنواهي ومداخلة السلطان صمتٌ وعقلٌ واقتصارٌ على معاناة ما امتحن به وهو الآن بقيد الحياة. مشيخته أخذ تلك الصناعة عن الشيخ أبي عبد الله الفخار المعروف بأبي خزيمة أحد البواقع الموسومين بصحة الحكم فيها وعلى أبي زيد بن مثنى وقرأ الطب على شيخنا أبي زكريا هذيل رحمه الله ونسب إليه عند الحادثة على الدولة وانتقالها إلى يد المتغلب اختيار وقت الثورة وضمان تمام الأمر وشهد بذلك بخطٍ وغيب من إيثارها فلما عاد إلى السلطان المزعج بسببها إلى العدوة أوقع به نكيرًا كثيرًا وضربه بالسياط التي لم يخلصه منها إلا أجله وأجلاه إلى تونس في جملة المغربين في أواخر عام ثلاثة وستين وسبعمائة.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:58 | |
| وأخبرني السلطان المذكور أن المترجم به كتب إليه بمدينة فاس قبل شروعه في الوجهة يخبره بعودة الملك إليه وبإيقاعه المكروه الكبير به بما شهد بمهارته في الصنعة إن صح ذلك كله من قوانينها نسأل الله أن يضفي علينا لبوس ستره ويقينا شر عثرات الألسن بمنه. أحمد بن محمد الكرني حاله شيخ الأطباء بغرناطة على عهده وطبيب الدار السلطانية. \\كان نسيج وحده في الوقار والنزاهة وحسن السمت والتزام مثلى الطريقة واعتزاز الصنعة قائمًا على صناعة الطب مقرئًا لها ذاكرًا لنصوصها موفقًا في العلاج مقصودًا فيه كثير الأمل والمثاب مكبوح العنان عما تثبت به أصول صناعته من علم الطبيعة سنيًا مقتصرًا على المداواة أخذ عن الأستاذ أبي عبد الله الرقوطي ونازعه بالباب السلطاني لما شد واحتيج إلى ما لديه في حكم بعض الأموال المعروضة على الأطباء منازعةً أوجبت من شيخه يمينًا أن لا يحضر معه بمكان فلم يجتمعا بباب السلطان بعد مع التمسك بما لديهما وأخذ عن ابن عروس وغيره وأخذ عنه جملةٌ من شيوخنا كالطبيب أبي عبد الله بن سالم والطبيب أبي عبد الله بن سراج وغيرهما. حدثني والدي بكثير من أخباره في الوقار وحسن الترتيب قال كنت آنس به ويعجبني استقصاؤه أقوال أهل هذا الفن من صنعته على مشهوره فلقد عرض عليه لعليل لنا بعض ما يخرج وفيه حية فقال على فتور وسكونة ووقار كثير: هذا العليل يتخلص فقد قال الرئيس ابن سينا في أرجوزته: وهذا اليوم من أيام البحرانية فكان كما قال. وفاته كان حيًا سنة تسعين وستمائة. أحمد بن محمد بن أبي الخليل مفرج الأموي مولاهم من أهل إشبيلية يكنى أبا العباس وكناه ابن فرتون أبا جعفر وتفرد بذلك يعرف بالعشاب وابن الرومية وهي أشهرهما وألصقهما به. أوليته قال القاضي أبو عبد الله كان والد جده أطباء قرطبة وكان قد تبناه وعن مولاه أخذ علم النبات. حاله كان نسيج وحده وفريد دهره وغرة جنسه إمامًا في الحديث حافظًا ناقدًا ذاكرًا تواريخ المحدثين وأنسابهم وموالدهم ووفاتهم وتعديلهم وتجريحهم عجيبة نوع الإنسان في عصره وما قبله وما بعده في معرفة علم النبات وتمييز العشب وتحليتها وإثبات أعيانها على اختلاف أطوار منابتها بمشرق أو مغرب حسًا ومشاهدةً وتحقيقًا لا مدافع له في ذلك ولا منازع حجةٌ لا ترد ولا تدفع إليه يسلم في ذلك ويرجع. قام على الصنعتين لوجود القدر المشترك بينهما وهما الحديث والنبات إذ موادهما الرحلة والتقييد وتصحيح الأصول وتحقيق المشكلات اللفظية وحفظ الأديان والأبدان وغير ذلك. وكان زاهدًا في الدنيا مؤثرًا بما في يديه منها موسعًا عليه في معيشته كثير الكتب جماعًا لها في كل فن من فنون العلم سمحًا لطلبه العلم ربما وهب منها لمتلمسه الأصل النفيس الذي يعز وجوده احتسابًا وإعانةً على التعليم له في ذلك أخبار منبئة عن فضله وكرم صنعه وكان كثير الشغف بالعلم والدؤوب على تقييده ومداومته سهر الليل من أجله مع استغراق أوقاته وحاجات الناس إليه إذ كان حسن العلاج في طبه المورود الموضوع لثقته ودينه. قال ابن عبد الملك إمام المغرب قاطبة فيما كان سبيله جال الأندلس ومغرب العدوة ورحل إلى المشرق فاستوعب المشهور من إفريقية ومصره وشامه وعراقه وحجازه وعاين الكثير مما ليس بالمغرب وعاوض كثيرًا فيها كل ما أمكنه بمن يشهد له الفضل في معرفته ولم يزل باحثًا على حقائقه كاشفًا عن غوامضه حتى وقف منه على ما لم يقف عليه غيره ممن تقدم مذاهبه كان سنيًا ظاهري المذهب منحيًا على أهل الرأي شديد التعصب لأبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم على دين متين وصلاح تام وورع شديد انتشرت عنه تصانيف أبي محمد بن حزم واستنسخها وأظهرها واعتنى بها وأنفق عليها أموالًا جمة حتى استوعبها جملة حتى لم يشذ له منها إلا ما لا خطر متقدمًا ومقتدرًا على ذلك بجدته ويساره بعد أن تفقه طويلًا على أبي الحسن محمد بن أحمد بن زرقون في مذهب مالك. \\مشيخته البحر الذي لا نهاية له: روي بالأندلس عن أبي إسحاق الدمشقي وأبي عبد الله اليابري وأبي البركات بن داود وأبي بكر بن طلحة وأبي عبد الله ابن الحر وابن العربي وأبي علي الحافظ وأبي زكريا بن مرزوق وابن يوسف وابن ميمون الشريشي وأبي الحسن بن زرقون وأبي ذر مصعب وأبي العباس ابن سيد الناس وأبي القاسم البراق وابن جمهور وأبي محمد بن محمد بن الجنان وعبد المنعم بن فرس وأبي الوليد بن عفير قرأ عليهم وسمع. وكتب إليه مجيزًا من أهل الأندلس والمغرب أبو البقاء بن قديم وأبو جعفر حكم الجفار وأبو الحسن الشقوري وأبو سليمان بن حوط الله وأبو زكريا الدمشقي وأبو عبد الله الأندرشي وأبو القاسم بن سمجون وأبو محمد الحجري. ومن اهل المشرق جملةٌ منهم أبو عبد الله الحمداني بن إسماعيل بن أبي صيف وأبو الحسن الحويكر نزيل مكة. وتأدي إليه أذن طائفة من البغداديين والعراقيين له في الرواية منهم ظفر بن محمد وعبد الرحمن بن المبارك وعلي بن محمد اليزيدي وفناخسرو فيروز بن سعيد وابن سنية ومحمد بن نصر الصيدلاني وابن تيمية. وابن عبد الرحمن الفارسي وابن الفضل المؤذن وابن عمر بن الفخار ومسعود بن محمد بن حسان المنيغي ومنصور بن عبد المنعم الصاعدي وابن هوازن القشيري وأبو الحسن النيسابوري. وحج سنة اثني عشر وستمائة فأدى الفريضة ثلاثة عشر ولقب بالمشرق بحب الدين. وأقام في رحلته نحو ثلاثة أعوام لقي فيها من الأعلام العلماء أكابر جملة فمنهم ببجاية أبو الحسن بن نصر وأبو محمد بن مكي وبتونس أبو محمد المرجاني وبالإسكندرية أبو الأصبغ بن عبد العزيز وأبو الحسن بن جبير الأندلس وأبو الفضل بن جعفر بن أبي الحسن بن أبي البركات وأبو محمد عبد الكريم الربعي وأبو محمد العثماني أجاز له ولم يلقه وبمصر أبو محمد بن سحنون الغماري ولم يلقه وأبو الميمون بن هبة الله القرشي وبمكة أبو علي الحسن ابن محمد بن الحسين وأبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري وببغداد أحمد ابن أبي السعادات وأحمد بن أبي بكر وابن أبي خط طلحة وأبو نصر القرشي وإبراهيم بن أبي ياسر القطيعي ورسلان المسدي والأسعد بن بقاقا وإسماعيل بن باركش الجوهري وإسماعيل بن أبي البركات. وبرنامج مروياته وأشياخه مشتملٌ على مئين عديدة مرتبة أسماؤهم على البلاد العراقية وغيرها لو تتبعتها لاستبعدت الأوراق وخرجت عما قصدت. قال القاضي أبو عبد الله المراكشي بعد الإتيان على ذلك منتهى الثقاة أبو العباس النباتي من التقييد الذي قيد وعلى ما ذكره في فهارس له منوعة بين بسط وتوسط واقتضاب وقفت منها بخطه وبخط بعض أصحابه والآخذين عنه من أخذ عنه حدث ببغداد برواية واسعة فأخذ عنه بها أبو عبد الله بن سعيد اللوشي وبمصر الحافظ أبو بكر القط. وبغيرها من البلاد أمة وقفل برواية واسعة وجلب كتبًا غريبة. تصانيفه: له فيما ينتحله من هذين الفنين تصانيف مفيدة وتنبيهات نافعة واستدراكات نبيلة بديعة منها في الحديث رجالة المعلم بزوائد البخاري على مسلم واختصار غريب حديث مالك للدار قطني ونظم الدراري فيما تفرد به مسلم عن البخاري وتوهين طرق حديث الأربعين وحكم الدعاء في إدبار الصلوات وكيفية الأذان يوم الجمعة واختصار الكامل في الضعفاء والمتروكين لأبي محمد بن عدي \\والحافل في تذييل الكامل وأخبار محمد بن إسحاق ومنها في النبات شرح حشائش دياسقوريدوس وأدوية جالينوس والتنبيه على أوهام ترجمتها والتنبيه على أغلاط الغافقي والرحلة النباتية والمستدركه وهو الغريب الذي اختص به إلا أنه عدم عينه بعده وكان معجزة في فنه إلى غير ذلك من المصنفات الجامعة والمقالات المفيدة المفردة والتعاليق المنوعة. مناقبه قال ابن عبد الملك وابن الزبير وغيرهما عني تلميذه الآخذ به الناقد المحدث أبو محمد بن بن قاسم الحرار وتهمم بجمع أخباره ونشر مآثره وضمن ذلك مجموعًا حفيلًا نييلًا. شعره ذكره أبو الحسن بن سعيد في القدح المعلى وقال: جوالٌ بالبلاد المشرقية والمغربية جالسته بإشبيلية بعد عوده من رحلته فرأيته متعلقًا بالأدب مرتاحًا إليه ارتياح البحتري لحلب وكان غير متظاهر بقول الشعر إلا أن أصحابه يسمعون منه ويروون عنه وحملت عنه في بعض خيمٌ تخلق بين الكأس والوتر في جنة هي ملء السمع والبصر ومتع الطرف في مرأى محاسنها بروض فكرك بين الروض والزهر وانظر إلى ذهبيات الأصيل بها واسمع إلى نغمات الطير في السحر وقل لمن لام في لذاته بشرًا دعني فإنك عندي من سوى البشر قال وكثيرًا ما يطنب على دمشق ويصف محاسنها فما انفصل عني إلا وقد امتلأ خاطري من شكلها فأتمني أن أحل مواطنها إلى أن أبلغ الأمل قبل المنون. ولو أني نظرت بألف عينٍ لما استوفت محاسنها العيون دخوله غرناطة دخلها غير ما مرة لسماع الحديث وتحقيق النبات ونقر عن عيون النبات بجبالها أحد خزاين الأدوية ومظان الفوايد الغريبة يجري ذلك في تواليفه بما لا يفتقر إلى شاهد. مولده في محرم سنة إحدى وستين وخمسمائة. توفي بإشبيلية عند مغيب الشفق من ليلة الإثنين مستهل ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وستمائة. وكان مما رثي قال ابن الزبير ورثاه جماعة من تلامذته كأبي محمد الحرار وأبي أمية إسماعيل بن عفير وأبي الأصبغ عبد العزيز الكبتوري وأبي بكر محمد بن محمد بن جابر السقطي وأبي العباس بن سليمان ذكر جميعهم الحرار المذكور في كتاب ألفه في فضايل الشيخ أبي العباس رحمه الله. أحمد بن عبد الملك بن عمار بن ياسر أحمد بن عبد الملك بن سعيد بن خلف بن سعيد بن خلف ابن سعيد بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن الحسن بن عثمان ابن محمد بن عبد الله بن سعيد بن عمار بن ياسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أوليته بيت بني سعيد العنسي بيتٌ مشهور في الأندلس بقلعة يحصب نزلها جدهم الأعلى عبد الله بن سعيد بن عمار بن ياسر وكان له حظوة لمكانه من اليمانية بقرطبة وداره بقرب قنطرتها كانت معروفة وهو بيت القيادة والوزارة والقضاء والكتابة والعمل وفيما يأتي وما مر كفاية من التنبيه عليه. حاله قال الملاحي كان من جلة الطلبة ونبهائهم وله حظ بارع من الأدب وكتابة مفيدة وشعر مدون. قال أبو الحسن بن سعيد في كتابه المسمى بالطالع نشأ محبًا في الأدب حافظًا للشعر وذاكرًا لنظم الشريف الرضي ومهيار وابن خفاجة وابن الزقاق فرقت طباعه وكثر اختراعه وإبداعه فاشتد بها غرامه وطال حبه وهيامه وكانت بينهما منادمات ومغازلات أربت على ما كان بين علوة وأبي عبادة يمر من ذلك إلمام في شعر حفصة إن شاء الله. نباهته وحظوته ولما وفدت الأندلس على صاحب أمر الموحدين في ذلك الأوان وهو محتلٌ بجبل الفتح واحتفل شعراؤها في القصائد وخطباؤها في الخطب بين يديه كان في وفد غرناطة أبو جعفر هذا المترجم به وهو حدث السن في جملة أبيه وإخوته وقومه فدخل معهم على الخليفة وأنشده قصيدة \\قال أبو الحسن بن سعيد كتبت منها من خط والده قوله: تكلم فقد أصغى إلى قولك الدهر وما لسواك اليوم نهيٌ ولا أمرٌ ورم كل ما قد شئته فهو كائنٌ وحاول فلا برٌ يفوت ولا بحر وحسبك هذا البحر فألا فإنه يقبل تربًا داسه جيشك الغمر وما صوته إلا سلامٌ مرددٌ علي ك وعن بشرٍ بقربك اليوم يفتر بجيش لكي يلقى أمامك من غدا يعاند أمرًا لا يقوم له أمر فما طارقٌ إلا لذلك مطرقٌ ولابن نصير لم يكن ذلك النصر هما مهداها كي تحل بأفقها كما حل عند التم بالهالة البدر قال: فلما أتمها أثنى عليه الخليفة وقال لعبد الملك أبيه: أيهما خيرٌ عندك في ابنيك فقال يا سيدنا: محمدٌ دخل إليكم مع أبطال الأندلس وقوادها وهذا مع الشعر فانظروا ما يجب أن يكون خيرًا عندي فقال الخليفة: كل ميسرٌ لما خلق له وإذا كان الإنسان متقدمًا في صناعة فلا يؤسف عليه إنما يؤسف على متأخر القدر محروم الحظ. ثم أنشد فحول الشعراء والأكابر ثم لما ولي غرناطة ولده السيد أبو سعيد استوزر أبا جعفر المذكور واتصلت حظوته إلى أن كان ما يذكر من نكبته محنته قال قريبه وغيره: فسد ما بينه وبين السيد أبي سعيد لأجل حفصة الشاعرة إذ كانت محل هواه ثم اتصلت بالسيد وكان له بها علاقة فكان كل منهما على مثل الرضف للآخر ووجد حساده السبيل إلى إغراء السيد به فكان مما نمي به عنه أن قال لحفصة يومًا: وما هذا الغرام الشديد به يعني السيد وكان شديد الأدمة وأنا أقدر أن أشتري لك من المعرض أسودًا خيرًا منه بعشرين دينارًا فجعل السيد يتوسد له المهالك وأبو جعفر يتحفظ كل التحفظ. وفي حالته تلك يقول: من يشتري مني الحياة وطيبها ووزارتي وتأدبي وتهذبي بمحل راعٍ في ذرًى ملمومة زويت عن الدنيا بأقصى مرتب لا حكم يأخذه بها إلا لمن يعفو ويرؤف دائمًا بالمذنب فلقد سئمت من الحياة مع امرىء متغضب متغلبٍ مترتب الموت يلحظني إذا لاحظته ويقوم في فكري أوان تجنبي لا أهتدي مع طول ما حاولته لرضاه في الدنيا ولا للمهرب وأخذ في أمره مع أبيه وأخوته وفتنة ابن مردنيش مضطربة فقال له أخوه محمد وأبوه إن حركنا حركة كنا سببًا لهلاك هذا البيت ما بقيت دولة إلا هؤلاء وأخذ مع أخيه عبد الرحمن واتفقا على أن يثورا في القلعة باسم ابن مردنيش وساعدهما قريبهما على ذلك حاتم بن حاتم بن سعيد وخاطبوا ابن مردنيش وصدر لهم جوابه بالمبادرة ووصلت منه خيلٌ ضاريةٌ وتهيأ لدخول القلعة وتهيأ الحصول في القلعة وخافوا من ظهور الأمر فبادر حاتم وعبد الرحمن إلى القلعة وتم لهما المراد وأخر الجبن أبا جعفر ففاتاه وتوقع الطلب في الطريق إلى القلعة فصار متخفيًا إلى مالقة ليركب منها البحر إلى جهة ابن مردنيش ووضع السيد عليه العيون في كل جهة فقبض عليه بمالقة وطولع بأمره فأمر بقتله صبرًا رحمه الله.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:59 | |
| جزالته وصبره قال أبو الحسن بن سعيد حدثني الحسين بن دويرة قال: كنت بمالقة لما قبض على أبي جعفر وتوصلت إلى الاجتماع به ريثما استؤذن السيد في أمره حين حبس فدمعت عيني لما رأيته مكبولا قال: أعلى تبكي بعد ما بلغت من الدنيا أطايب لذاتها فأكلت صدور الدجاج وشربت في الزجاج وركبت كل هملاج ونمت في الديباج وتمتعت بالسراري والأزواج واستعملت من الشمع السراج الوهاج وهأنا في يد الحجاج منتظرًا محنة الحلاج قادمٌ على غافرٍ لا يحوج إلى اعتذار ولا احتجاج. فقلت: ألا أبكي على من ينطق بمثل هذا ثم تفقد فقمت عنه فما رأيته إلا مصلوبًا رحمه الله. شعره أتاني كتابٌ منك يحسده الدهر أما حبره ليلٌ أما طرسه فجر به جمع الله الأماني لناظري وسمعي وفكري فهو سحرٌ ولا سحر ولا عجب أن أينع الزهر طيه فما زال صوب القطر يبدو به الزهر ومن شعره ما يجري مجرى المرقص وقد حضر مع الرصافي والكتندي ومعهم مغن بروطة. لله يومٌ مسرةٍ أضوى وأقصر من ذباله لما نصبنا للمنى فيه من أوتارٍ حباله ظل النهار بها كمر تاعٍ وأجفلت الغزاله وشعره مدون كما قلنا وهذا القدر عنوانٌ على نبله. \\غريبةٌ في أمره مع حفصة قال حاتم بن سعيد وكان قد أجرى الله على لسانه إذا حركت الكأس بها غرامه أن يقول والله لا يقتلني أحدٌ سواك وكان يغني بالحب والقدر موكل بالمنطق قد فرغ من قتله بغيره من أجلها. قال ولما بلغ حفصة قتله لبست الحداد وجهرت بالحزن فتوعدت بالقتل فقالت في ذلك: هددوني من أجل لبس الحداد لحبيبٍ أردوه لي بالحداد وسقته بمثل جود يديه حيث أضحى من البلاد الغواد ولم ينتفع بعد بها ثم لحقت به بعد قليل. وفاته توفي على حسب ما ذكر في جمادى الأولى من سنة تسع وخمسين وخمسمائة. أحمد بن سليمان بن فركون أحمد بن سليمان بن أحمد بن محمد بن أحمد القرشي المعروف بابن فركون يكنى أبا جعفر أوليته قد مر ذلك في اسم جده قاضي الجماعة وسيأتي في اسم والده. حاله شعلة من شعل الذكاء والإدراك ومجموع خلال حميدة على الحداثة طالب نبيل مدرك نجيب بذ أقرانه كفاية وسما إلى المراتب فقرأ وأعرب وتمر وتدرب واستجاز له والده شيوخ بلده فمن دونهم ونظم الشعر وقيد كثيرًا وسبق أهل زمانه في حسن الخط سبقا أفرده بالغاية القصوى فيراعه اليوم المشار إليه بالظرف والإتقان والحوا والإسراح اقتضى ذلك كله ارتقاؤه إلى الكتابة السلطانية ومزية الشفوف بها بالخلع والاستعمال واختص بي وتأدب بما انفرد به من أشياخ تواليفي فآثرته بفوائد جمة وبطن حوضه من تحلمه وترشح إلى شعره أنشد له بين يدي السلطان في الميلاد الكريم: حي المعاهد بالكثيب وجادها غيثٌ بروي حيها وجمادها مولده في ربيع الآخر من عام سبعة وأربعين وسبعمائة. أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن صفوان من أهل مالقة يكنى أبا جعفر ويعرف بابن صفوان. حاله بقية الأعلام أديب من أدباء هذا القطر وصدرٌ من صدور كتابه ومشيخة طلبته ناظمٌ ناثر عارف ثاقب الذهب قوي الإدراك أصيل النظر إمام الفرايض والحساب والأدب والتوثيق ذاكرٌ للتاريخ واللغة مشارك في الفلسفة والتصوف كلفٌ بالعلوم الإلهية آية الله في فك المعمى لا يجاريه في ذلك أحد ممن تقدمه شأنه عجبٌ يفك من المعميات والمستنبطات مفصولًا وغير مفصول شديد التعصب لذي ود وبالعكس تام الرجولة قليل التهيب مقتحم حمى أهل الجاه والحمد والمضايقة إذا دعاه لذلك داع حبل نقده على غاربه راضٍ بالخمول متبلغ بما تيسر كثير الدؤوب والنظر والتقييد والتصنيف على كلال الجوارح وعائق الكبرة متقارب نمطي الشعر والكتابة مجيد فيهما ولنظمه شفوف على نثره. مشيخته قرأ على الأستاذ أبي محمد الباهلي أستاذ الجملة من أهل بلده ومولى النعمة عليهم لازمه وانتفع به ورحل إلى العدوة فلقي جملة كالقاضي المؤرخ أبي عبد الله بن عبد الملك والأستاذ التعالمي أبي العباس بن البنا وقرأ عليهم بمراكش. نباهته استدعاه السلطان ثاني الملوك من بني نصر إلى الكتابة عنه مع الجلة ببابه وقد نما عشه وعلا كعبه واشتهر ذكاؤه وإدراكه. ثم جنح إلى العودة لبلده. ولما ولي الملك السلطان أبو اليد ودعاه إلى نفسه ببلده مالقة استكتبه رئيسًا مستحقًا إذ لم يكن ببلده فأقام به واقتصر على كتب الشروط معروف القدر بمكان من القضاة ورعيهم صدرًا في مجالس الشورى وإلى الآن يجعل إلى زيارة غرناطة حظًا من فصول بعض السنين فينصب بها العدالة ثم يعود إلى بلده في الفصل الذي لا يصلح لذلك. \\وهو الآن بقيد الحياة قد علقته أشراك الهرم وفيه بعد مستمتعٌ بديع كبير. تصانيفه من تواليفه مطلع الأنوار الإلهية وبغية المستفيد وشرح كتاب القرشي في الفرايض لا نظير له. وأما تقاييده على أقوال يعترضها وموضوعات ينتقدها فكثيرة. شعره قال في غرض التصوف وبلغني أنه نظمها بإشارة من الخطيب ولي الله أبي عبد الله الطنجالي كلف بها القوالون والمسمعون بين يديه: بان الحميم فما الحمى والبان بشفاء من عنه الأحبة بانوا لم ينقضوا عهدًا ببينهم ولا أنساهم ميثاقك الحدثان لكن جنحت لغيرهم فأزالهم عن أنسهم بك موحشٌ غيران لو صح حبك ما فقدتهم ولا سارت بهم عن حبك الأظعان تشتاقهم وحشاك هالة بدرهم والسر منك لخلهم ميدان لا يشتكي ألم البعاد متيمٌ أحبابه في قلبه سكان ما عندهم إلا الكمال وإنما غطى على مرآتك النقصان شغلتك بالأغيار عنهم مقلةٌ إنسانها عن لمحهم وسنان غمض جفونك عن سواهم معرضًا إن الصوارم حجبها الأجفان واصرف إليهم لحظ فكرك شاخصًا ترهم بقلبك حيث كنت وكانوا ما بان عن مغناك من ألطافه يهمي عليها سحابها الهتان وجياد أنعمه ببابك ترتمي تسري إليك بركبها الأكوان جعلوا دليلًا فيك منك عليهم فبدا على تقصيرك البرهان يا لامحًا سر الوجود بعينه السر فيك بأسره والشان ارجع لذاتك إن أردت تنزهًا فيها لعيني ذي الحجا بستان هي روضةٌ مطلولةٌ بل جنةٌ فيها المني والروح والريحان كم حكمة صارت تلوح لناظرٍ حارت لباهر صنعها الأذهان حجبت بشمسك عن عيانك شمسها شمسٌ محاسن ذكرها التبيان لولاك ما خفيت عليك آياتها والجو من أنوارها ملآن فأخرج إليهم عنك مفتقرًا لهم إن الملوك بالافتقار تدان واخضع لعزهم ولذلهم يلح منهم علك تعطفٌ وحنان هم رشحوك إلى الوصول إليهم وهم على طلب الوصال عوان عطفوا جمالهم على أجمالهم فحلى المشوق الحسن والإحسان يا ملبسين عبيدهم حلل الضنا جسمي بما تكسونه يزدان لا سخط عندي للذي ترضونه قلبي بذاك مفرح جذلان فبقربكم عين الغنا وببعدكم محض الفنا ومحبكم ولهان إني كتمت عن الأنام هواكم حتى دهيت وخانني الكتمان ووشت بحالي عند ذاك مدامعٌ أدنى مواقع قطرها طوفان وبدت على شمايل عذرية تقضي بأني فيكم هيمان فإذا نطقت فذكركم لي منطقٌ ما عن سواكم للسان بيان وإذا صمت فأنتم سرى الذي بين الجوانح في الفؤاد يصان فبباطني وبظاهري لكم هوى من جنده الإسرار والإعلان وجوانحي وجميع أنفاسي وما أحوى على لحبكم أعوان وقال يذم الدنيا ويمدح عقبي من يقلل منها: حديث الأمان في الحياة شجون إن أرضاك شأنٌ أحفظتك شئون يميل إليها جاهلٌ بغرورها فمنه اشتياقٌ نحوها وأنين وذو الحزم ينبو عن حجاه فحالها يقيه إذا شكٌ عراه يقين إليك صريع الأمن سنحه ناصح على نصحه سبما الشفيق تبين تجاف عن الدنيا ودن باطراحها فمركبها بالمطمعين حرون وترفيعها خفضٌ وتنعيمها أذى ومنهلها للواردين أجون إذا عاهدت خانت وإن هي أقسمت فلا ترج برًا باليمين يمين يروقك منها مطمعٌ من وفائها وسرعان ما إثر الوفاء تخون وتمنحك الإقبال كفة حابلٍ ومن مكرها في طي ذاك كمين سقاه لعمر الله إمحاضك الهوى لمن أنت بالبغضاء فيه قمين ومن تصطفيه وهو يقطعك القلا وتهدي له الإعزاز وهو يهين ألا إنها الدنيا فلا تغترر بها ولود الدواهي بالخداع تدين يعم رداها الغر والخب ذا الدها ويلحق فيها بالكناس عرين أبنها لحاها الله كم فتنةٍ لها تعلم صم الصخر كيف يلين فلا ملكٌ سام أقالت عثاره ولو أنه للفرقدين خدين ولا معهد إلا وقد نبهت به بعيد الكرى للثاكلات جفون أبيت لنفسي أن يدنسها الكرى سكونٌ إليها موبقٌ وركون فليس قرير العين فيها سوى امرىءٍ قلاه لها رأى يراه ودين أبيت طلاق الحرص فالزهد دائبًا خليلٌ له مستصحبٌ وقرين إذا أقبلت لم يولها بشر شيقٍ ولا خف للإقبال منه رزين وإن أدبرت لم يلتفت نحوها بها وادٍ على ما لم توات حزين خفيف المطا من حمل أثقال همها إذا ما شكت ثقل الهموم متون على حفظه للفقر أبهى ملاءةٍ سنى حليها وسط الزرى يدين برجف تخال الخائفين منازلٌ لهن مكانٌ حيث حل مكين منازل نجدٍ عندها وتهامةٍ سوى واستوى هندٌ لديه وصين يرود رياضًا أين سار وورده زلالٌ اعتاض الورود معين فهذا أنيل الملك لا ملك ثائرٍ لأعدائه حربٌ عليه زبون حوت شخصه أوصافها فكأنه وإن لم يمت فوق التراب دفين فيا خابطًا عشواء والصبح قد بدا إلام تغطى ناظريك دجون أفق من كرى هذا التعامي ولا تضع \\بجلك علق العمر فهو ثمين إذا كان عقبي ذي جدة إلى بلى وقصارى ذي الحياة منون ففيم التفاني والتنافس ضلة وفيم التلاحي والخصام يكون إلى الله أشكوها نفوسًا عمية عن الرشد والحق اليقين تبين وأسأله الرجعي إلى أمره الذي بتوفيقه حبل الرجاء متين فلا خير إلا من لدنه وجوده لتيسير أسباب النجاة ضمين وجمعت ديوان شعره أيام مقامي بمالقة عند توجهي صحبة الركاب السلطاني إلى إصراخ الخضراء عام أربعة وأربعين وسبعمائة وقدمت صدره خطبة وسميت الجزء بالدرر الفاخرة واللجج الزاخرة وطلبت منه أن يجيزني وولدي عبد الله رواية ذلك عنه فكتب بخطه الرائق بظهر المجموع ما نصه: الحمد لله مستحق الحمد أجبت سؤال الفقيه الأجل الأفضل السري الماجد الأوحد الأحفل الأديب البارع الطالع في أفق المعرفة والنباهة والرفعة المكينة والوجاهة بأبهى تعالى ومصليًا ومسلمًا على محمد نبيه المصطفى الكريم وعلى آله الطاهرين ذوي المنصب العظيم وصحبه البررة أولى المنصب والأثرة والتقديم في سادس ربيع الآخر عام أربعة وأربعين وسبعمائة وحسبنا الله ونعم الوكيل. واشتمل هذا الجزء الذي أذن بحمله عنه من شعره على جملة من المطولات منها قصيدة يعارض بها الرئيس أبا علي بن سينا في قصيدته الشهيرة في النفس التي مطلعها: هبطت إليك من المحل الأرفع أولها: أهلا بمسراك المحب الموضع. وأول قصيدة: لمعناك في الأفهام سرٌ مكتمٌ عليه نفوس العارفين تحوم وأول أخرى: أزهى حجابك رؤية الأغيار فامح الدجى بأشعة الأنوار وأول أخرى: ثناء وجودي في هواكم هو الخلد ومحو رسومي حسن ذاتي به يبدو ومطلع أخرى: ألا في الهوى بالذل ترعى الوسائل ودمعي أن أنادي مجيب وسائل ومطلع أخرى: ومن أخرى: ومن أخرى: سقى زمن الرضا هامٌ من السحب ولله العود من أثوابه القشب ومن أخرى: يا فوز نفسي في هواك هواؤها رقت معانيها وراق مناؤها ومن أخرى: أما الغرام فبالفؤاد غريم هيهات مني ما العذول يروم ومن شعره في المقطوعات قوله: رشق العذار لجينه بنباله فغدا يدور على المحب الواله خط العذار بصفحتيه لامه خطا توعده بمحو جماله فحسبت أن جماله شمس الضحى حسنًا وذاك الخط خط زواله فدنا إلي تعجبًا وأجابني والروع يبدو من خلال مقاله إن الجمال آخره اللام فعج عن رسمه واندب على أطلاله ومن أبياته في التورية بالفنون قوله: كففت عن الوصال طويل شوقي إليك وأنت للروح الخليل وقال في التورية بالعروض: يا كاملًا شوقي إليه وافر وبسيط خدي في هواه عزيز عاملت أسبابي لديك فقطعتها والقطع في الأسباب ليس يجوز وقال في التورية بالعربية: أيا قمرًا مطالعه جناني وغرته تواري عن عيان أأصرف في هواك عن اقتراحي وسهدي وانتحابي علتان وقال أيضًا: لا تصحبن يا صاحبي غير الوفي كل امرىء عنوانه من يصطفي كم من خليلٍ بشره زهر الربي وطي ذاك البشر حد المرهف ظاهره يريك سر من رأى وأنت من إعراضه في أسف ووقعت بينه وبين قاضي بلده أبي عمرو بن المنظور مقاطعة انبرى بها إلى مطالبته بما دعاه إلى التحول مضطرًا إلى غرناطة وأخذ بكظمه وطوقه الموت في أثناء القطيعة فقال في ذلك متشفيًا وهو من نبيه كلامه وكله نبيه: تردى ابن منظورٍ وحم حماه وأسلمه حامٌ له ونصير وأودع بعد الأنس موحش بلقعٍ فحياه فيه منكرٌ ونكير ولا رشوةٌ يدلي القبول رشادها فينسخ بالسير المريح عسير ولا شاهدٌ يغضي له عن شهادةٍ تخللها إفكٌ يصاغ وزور ولا خدعةٌ تجدي ولا مكرٌ نافعٌ ولا غشٌ مطويٌ عليه ضمير ولكنه حقٌ يصول وباطلٌ يحول ومثوى جنةٍ وسعير وقالوا قضاء الموت حتمٌ على الورى يدير صغيرٌ كأسه وكبير فلا تنتسم ريح ارتياح لفقده فإنك عن قصد السبيل تحور فقلت بلى حكم المنية شاملٌ وكل إلى رب العباد يصير ولكن تقدم الأعادي إلى الردى نشاطٌ يعود القلب منه سرور وأمنٌ ينام المرء في برد ظله ولا حيةٌ للحقد نم نثور وحسبي بيتٌ قاله شاعرٌ مضى غدا مثلًا في العالمين يسير وإن بقاء المرء بعد عدوه ولو ساعةً من عمره لكثير بمالقة في آخر جمادى الثانية من عام ثلاثة وستين وسبعمائة.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 20:59 | |
| أحمد بن أيوب اللماي من أهل مالقة يكنى أبا جعفر. حاله قال صاحب الذيل كان أديبًا ماهرًا وشاعرًا جليلا وكاتبًا نبيلا. \\كتب عن أول الخلفاء الهاشميين بالأندلس على بن جمود ثم عن غيره من أهل بيته وتولي تدبير أمرهم فحاز لذلك صيتًا شهيرًا وجلالة عظيمة. وذكره ابن بسام في كتاب الذخيرة فقال: كان أبو جعفر هذا في وقته أحد أئمة الكتاب وشهب الأدب ممن سخرت له فنون البيان تسخير الجن لسليمان وتصرف في محاسن الكلام تصرف الرياح بالغمام طلع من ثناياه واقتعد مطاياه وله إنشاءات سرية في الدولة الحمودية إذ كان علم أدبائها والمضطلع بأعبائها إلا أني لم أجد عند تحريري هذه النسخة من كلامه إلا بعض فصول من منثور وهي ثمادٌ من بحور. فصل: من رقعة خاطب بها أبا جعفر بن العباس: غصن ذكرك عندي ناضرٌ وروض شكرك لدي عاطرٌ وريح إخلاصي لك صبًا وزمان آمالي فيك صبًا فأنا شاربٌ ماء إخاثك متفييٌ ظل وفائك جان منك ثمرة فرعٍ طاب أكله وأجناني البر قديمًا أصله وسقاني إكرامًا برقه ورواني أفضالًا ودقه وأنت الطالع في فجاجه السالك لمنهاجه سهمٌ في كنانة الفضل صائبٌ وكوكبٌ في سماء المجد ثاقبٌ إن أتبعت الأعداء نوره أحرق وإن رميتهم به أصاب الحدق وعلى الحقيقة فلساني يقصر عن جميل أنشره ووصف ود أضمره. شعره قال ومما وجد بخطه لنفسه: طلعت طلائع للربيع فأطلعت في الروض وردًا قبل حين أوانه حيا أمير المسلمين مبشرًا ومؤملًا للنيل من إحسانه ضنت سحائبه عليه بمائها فأتاه يستسقيه ماء بنانه دامت لنا أيامه موصولةً بالعز والتمكين في سلطانه قال: وأنشدني الأديب أبو بكر بن معن قال أنشدني أبو الربيع بن العريف لجده الكاتب أبي جعفر اللماي وامتحن بداء النسمة من أمراض الصدر وأزمن به نفعه الله وأعياه علاجه بعد أن لم يدع فيه غاية وفي ذلك يقول: لم يبق من شيء أعالجها به طمع الحياة وأين من لا يطمع ودخل عليه بعض أصحابه فيها وجعل يروح عليه فقال له بديهة: روحني عائدي فقلت له لا تزدني على الذي أجد ما ترى النار وهي خامدةٌ عند هبوب الرياح تتقد ودخل غرناطة غير مامرة منها مترددًا بين أملاكه وبين من بها من ملوك صنهاجة قالوا ولم تفارقه تلك الشكاية حتى كانت سبب وفاته. وفاته مالقة عام خمسن وستين وأربعمائة. ونقل منها إلى حصن الورد وهو عند حصن منت ميور إذ كان قد حصنه واتخذه لنفسه ملجأ عند شدته فدفن به بعهدٍ منه بذلك وأمر أن يكتب على قبره بهذه الأبيات: بنيت ولم أسكن وحصنت جاهدًا فلما أتي المقدور صيره قبري ولم يكن حظي غير ما أنت مبصرٌ بعينك ما بين الذراع إلى الشبر فيا زائرًا قبري أوصيك جاهدًا عليك بتقوى الله في السر والجهر فلا تحسنن بالدهر ظنا فإنما من الحزم ألا يستنام إلى الدهر أحمد بن محمد بن طلحة من أهل جزيرة شقر يكنى أبا جعفر ويعرف بابن جده طلحة. حاله قال صاحب القدح المعلى من بيت مشهور بجزيرة شقر من عمل بلنسية كتب عن ولاة الأمر من بني عبد المؤمن ثم استكتبه ابن هود حين تغلب على الأندلس وربما استوزره وهو ممن كان والدي يكثر مجالسته وبينهما مزاورة ولم أستفد منه إلا ما كنت أحفظه من مجالسته. شعره قال سمعته يومًا يقول تقيمون القيامة بحبيب والبحتري والمتنبي وفي عصركم من يهتدي إلى ما لم يهتد إليه المتقدمون ولا المتأخرون فانبرى إليه شخص له همة وإقدام فقال يا أبا جعفر: أين برهان ذلك فما أظنك تعني إلا نفسك فقال ما أعني إلا نفسي ولم لا وأنا الذي أقول: يا له ترى الظرف من يومنا قلد جيد الأفق طوق العقيق وأنطق الورق بعيدانها مطربةً كل قضيبٍ وريق والشمس لا تشرب خمر الندى في الروض إلا بكأس الشقيق فلم ينصفوه في الاستحسان وردوه في الغيظ كما كان \\فقلت له: يا سيدي هذا والله السحر الحلال وما سمعت من شعراء عصرنا مثله فبالله ألا ما لازمتني وزدتني من هذا النمط فقال لي لله درك ودر أبيك من منصف ابن منصف. اسمع وافتح أذنيك. ثم أنشد: أدرها فالسماء بدت عروسًا مضمخة الملابس بالغوال وخد الأرض خفره أصيلٌ وجفن النهر كحل بالظلال وجيد الغصن يشرق في لآلٍ تضيء بهن أكناف الليال فقلت بالله أعد وزد فأعاد والارتياح قد ملأ عطفه والتيه قد رفع أنفه ثم قال: لله نهرٌ عند ما زرته عاين طرفي منه سحرًا حلال إذا أصبح الطل به ليلة وجال فيه الغصن مثل الخيال فقلت ما على هذا مزيدٌ من الاستحسان فعسى أن يكون المزيد في الانشاد فزاد ارتياحه وأنشد: ولما ماج بحر الليل بيني وبينكم وقد جددت ذكرا أراد لقاكم إنسان عيني فمد له المنام عليه جسرا فقلت إيه زادك الله إحسانًا فزاد: أقام له العذار عليه جسرًا كما مد الظلام على الضياء فقلت فما تكرر ويطول فإنه مملول إلا ما أوردته آنفًا فإنه كنسيم الحياة وما أن يمل فبالله ألا ما زدتني وتفضلت علي بالإعادة فأعاد وأنشد: هات المدام إذا رأيت شبيهها في الأفق يا فردًا بغير شبيه فالصبح قد ذبح الظلام بنصله فغدت حمائمه تخاصم فيه دخوله غرناطة: دخلها مع مخدومه المتوكل على الله ابن هود وفي جملته إذ كان يصحبه في حركاته ويباشر معه الحرب وجرت عليه الهزائم وله في ذلك كله شعر. محنته قالوا لم يقنع بما أجرى عليه أبو العباس الينشتي من الإحسان فكان يوغر صدره من الكلام فيه فذكروا أن الينشتي قال يومًا في مجلسه: رميت يومًا بسهمٍ من كذا فبلغ إلى كذا فقال ابن طلحة لشخص كان إلى جانبه: والله لو كان قوس قزح فشعر أبو العباس إلى قوله ما يشبه ذلك واستدعى الشخص وعزم عليه فأخبره بقوله فأسرها في نفسه إلى أن قوى الحقد عليه ما بلغه من عنه من قوله يهجوه: سمعنا بالموفق فارتحلنا وشافعنا له حسبٌ وعلم فأنشدنا لسان الحال عنه يدٌ شلا وأمرٌ لا يتم فزادت موجدته عليهن وراعى أمره إلى أن بلغته أبياتٌ قالها في شهر رمضان وهو على حال الاستهتار: يقول أخو الفضول وقد رآنا على الإيمان بلغنا الحجون أنشكو شهر الصوم هلا حماه منكم عقلٌ ودين فقلت اصحب سوانا فنحن قوم زنادقة مذاهبنا فنون ندين بكل دين غير دين ال رعاع فما به أبدًا ندين فنحن على صفوح الدهر ندعو وإبليس يقول لنا آمين أيا شهر الصيام إليك عنا ففيك أكفر ما نكون قال: فأرسل إليه من هجم عليه وهو على هذا الحال وأظهر إرضاء العامة بقتله وذلك في سنة إحدى وثلاثين وستمائة. ولا خفاء أنه من صدور الأندلس وأشدهم عثورًا على المعاني الغريبة المخترعة رحمه الله. من أهل ألمرية يكنى أبا جعفر ويعرف بابن خاتمة. حاله هذا الرجل صدرٌ يشار إليه طالبٌ متفننٌ مشاركٌ قوي الإدراك سديد النظر قوي الذهن موفور الأدوات كثير الاجتهاد معين الطبع جيد القريحة بارع الخط ممتع المجالسة حسن الخلق جميل العشرة حسنةٌ من حسنات الأندلس وطبقةٌ في النظم والنثر بعيد المرقى في درجة الاجتهاد وأخذه بطرق الإحسان عقد الشروط وكتب عن الولاة ببلده وقعد للاقراء ببلده مشكور السيرة حميد الطريقة في ذلك كله. وجرى ذكره في كتاب التاج بما نصه ناظم درر الألفاظ ومقلد جواهر الكلام نحور الرواة ولبات الحفاظ والآداب التي أصبحت شواردها حلم النائم وسمر الأيقاظ وكم من بياض طرسها وسواد مقسها سحر الألحاظ رفع في قطره راية هذا الشأن على وفور حلبته وقرع فنه البيان علىسمو هضبته وفوق سهمه إلى بحر الإحسان فأتثبته في لبته فإن أطال شأن الأبطال وكاثر المنسجم الهطال وإن أوجز فضح وأعجز فمن نسيب تهيج به الأشواق وتضيق عن زفراتها الأطواق ودعابهٍ تقلص ذيل \\الوقار وتزري بأكواس العقار إلى انتماء للمعارف وجنوح إلى ظلها الوارف ولم تزل معارفه ينفسح آمادها وتحوز خص السباق جيادها. مشيخته حسبما نقل بخطه في ثبت استدعاه منه من أخذ عنه الشيخ الخطيب الأستاذ مولى النعمة على أهل طبقته بألمرية أبو الحسن علي بن محمد بن أبي العيش المري قرأ عليه ولازمه وبه جل انتفاعه والشيخ الخطيب الأستاذ الصالح أبو إسحاق إبراهيم بن العاص التنوخي. وروي عن الرواية المحدث المكثر الرحال محمد بن جابر بن محمد بن حسان الوادي آشي وعن شيخنا أبي البركات ابن الحاج سمع عليه الكثير وأجازه إجازة عامة والشيخ الخطيب أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن شعيب القيسي من أهل بلده والقاضي أبو جعفر القرشي بن فركون. وأخذ عن الوزير الحاج الزاهد أبي القاسم محمد ابن محمد بن سهل بن مالك. وقرأ على المقرى أبي جعفر الأغر وغيرهم. كتابته مما خاطبني به بعد إلمام الركب السلطاني ببلده وأنا صحبته ولقائه إياي بما يلقى به مثله من يا من حصلت على الكمال بما رأت عيناي منه من الجمال الرائع مرأى يروق وفي عطافي برده ما شئت من كرمٍ ومجدٍ بارع أشكو إليك من الزمان تحاملا في فض شملٍ لي بقربك جامع هجم البعاد عليه ضنا باللقا حتى تقلص مثل برق لامع فلو أنني ذو مذهب لشفاعة ناديته يا مالكي كن شافعي شكواي إلى سيدي ومعظمي أقر الله تعالى بسنائه أعين المجد وأدر بثنائه ألسن الحمد شكوى الظمآن صد عن القراح العذب لأول وروده والهيمان رد عن استرواح القرب لمعضل صدوده من زمانٍ هجم علي بعاده على حين النفادة ودهمني بفراقه غب إنارة أفقي به وإشراقه ثم لم يكفه ما اجترم في ترويع خياله الزاهر حتى حرم عن تشييع كماله الباهر فقطع عن توفية حقه ومنع من تأدية مستحقه لا جرم أنه أنف لشارع ذكائه من هذه المطالع النافية عن شريف الإنارة وبخل بالإمتاع بذكائه عن هذه المسامع النائية عن لطيف العبارة فراجع أنظاره واسترجع معاره وإلا فعهدي بغروب الشمس إلى طلوع وأن البدر ينصرف بين الاستقامة والرجوع. فما بال هذا النير الأسعد غرب ثم لم يطلع من الغد ما ذاك إلا لعدوى الأيام وعدوانها وشأنها في تغطية إساءتها وجه إحسانها وكما قيل عادت هيفٌ إلى أديانها أستغفر الله أن لا يعد ذلك من المغتفر في جانب ما أوليت من الأثر التي أزرى العيان فيها بالأثر وأربى الخبر على الخبر فقد سرت متشوفات الخواطر وأقرت متشرفات النواظر بما جلت من ذلكم الكمال الباهر والجمال الناضر الذي قيد خطى الأبصار عن التشوف والاستبصار وأخذ بأزمة القلوب عن سبيل كل مأمول ومرغوب وأني للعين بالتحول عن كمال الزين أو للطرف بالتحول عن خلال الظرف أو للمسع من مراد بعد ذلك الإصرار والإيراد أو للقلب من مراد غير تلكم الشيم الرافلة من ملابس الكرم في حلل وأبراد وهل هو إلا الحسن جمع في نظام والبدر طالع التمام وأنوار الفضائل ضمها جنس اتفاقٍ والتآم فما ترعى العين منه في غير مرعى خصيب ولا تستهدف الآذان لغير سهمٍ في حدق البلاغة مصيب ولا تطلع النفس سوى مطلعٍ له في الحسن والإحسان أوفر نصيب. لقد أزرى بناظم حلاه فيما تعاطاه التقصير. وانفسح من أعلاه بكل باعٍ قصير وسفه حلم القائل: إن الإنسان عالمٌ صغير شكرًا للدهر على يد أسداها بقلب مزاره وتحفة ثناء أهداها بمطلع أنواره على تغاليه في ادخار نفائسه وبخله بنفائس ادخاره ولا غرو أن يضيق عنا نطاق الذكر ولما يتسع لنا سوار الشكر فقد عمت هذه الأقطار بما شاءت من تحفٍ بين تحف وكرامة واجتنت أهلها ثمرة الرحلة في ظل الإقامة وجرى الأمر في ذلك مجرى الكرامة ألا وإن مفاتحتي لسيدي ومعظمي حرس الله تعالى مجده وضاعف سعده مفاتحة من \\ظفر من الدهر بمطلوبه وجرى له القدر على وفق مرغوبه فشرع له إلى أمله بابًا ورفع له من خجله جلبابًا فهو يكلف بالاقتحام ويأنف من الإحجام غير أن الحصر عن درج قصده يقيده فهو يقدم والبصر يبهرج نقده فيقعده فهو يقدم رجلًا ويؤخر أخرى ويجدد عزمًا ثم لا يتحرى فإن أبطأ خطابي فلواضحٌ الاعتذار ومثلكم لا يقبل حياة الأعذار والله عز وجل يصل إليكم عوايد الإسعاد والإسعاف ويحفظ لكم ما للمجد من جوانب وأكناف إن شاء الله تعالى كتب في العاشر من ربيع الأول من عام ثمانية وأربعين وسبعمائة. دخوله غرناطة: دخل غرناطة غير ما مرة منها في استدعاء شمال الخواص من أهل الأقطار الأندلسية عند إعذار الأمراء في الدولة اليوسفية في شهر شعبان من عام إحدى وخمسين وسبعمائة. شعره كان مجليًا وأنشد في حلبة الشعراء قصيدةً أولها: أجنان خلدٍ زخرفت أم مصنع والعيد عاود أم صنيعٌ يصنع من لم يشاهد موقفًا لفراق لم يدر كيف توله العشاق إن كنت لم تره فسائل من رأى يخبرك عن ولهي وهول سياق من حر أنفاسٍ وخفق جوانح وصدوع أكبادٍ وفيض مآق دهى الفؤاد فلا لسانٌ ناطقٌ عند الوداع طايع متراق ولقد أشير لمن تكلف رحلةً أن عج على ولو بقدر فواق على أراجع من ذماي حشاشةً أشكو بها بعض الذي أنا لاق فمضى ولم تعطفه نحوي ذمةٌ هيهات لابقيا على مشتاق يا صاحبي وقد مضى حكم النوى روحا على بمشيمة العشاق واستقبلابي نسمةً عن أرضكم فلعل نفحتها تحل وثاق إني ليشفيني النسيم إذا سرى متضوعًا من تلكم الآفاق من مبلغ بالجزع أهل مودتي أني على حكم الصبابة باق ولئن تحول عهد قربهم نوى ما حلت عن عهدي ولا ميثاق أنفت خلايقي الكرام لخلتي نسبًا إلى الإخلاق والإخراق قسمًا به ما استغرقتني فكرةٌ إلا وفكري فيه واستغراق أبكي إذا هب النسيم فإن تجد بللًا به فبدمعي المهراق أوما ما تكتب إليه مع الصبا فالذكر كتبي والرفاق رفاق من لي وقد شحط المزار بنازح أدنى لقلبي من جوى أشواق إن غاب عن عيني فمثواه الحشا فسراه بين القلب والأحداق جارت على يدي النوى بفراقه آهًا لما جنت النوى بفراق أحباب قلبي هل لماضي عيشنا ردٌ فينسخ بعدكم بتلاق أم هل لأثواب التجلد راقعٌ إذ ليس من داء المحبة راق ما غاب كوكب حسنكم عن ناطري إلا وأمطرت الدما آماق إيه أخي أدر على حديثهم كأسًا ذكت عرفًا وطيب مذاق وإذا جنحت لماء أو طربٍ فمن دمعي الهموع وقلبي الخفاق ذكراه راحي والصبابة خضرتي والدمع ساقيني وأنت الساق فليله عني من لحاني إنني راض بما لاقيته وألاق وقال: وقفت والركب قد زمت ركائبه وللنفوس مع النوى تقطيع أضم منه كما أهدي لغير نوى ريحانةً في شذاها الطيب مجموع يهفو فأذعر خوفًا من تقلصها إن الشفيق بسوء الظن مولوع هل عند من قد دعي بالبين مقلته إن الردى منه مرئيٌ ومسموع أشيع القلب عن رغمٍ على وما بقاء جسم له للقلب تشييع أرى وشاتي أني لست مفتقرًا لما جرى وصميم القلب مصروع الوجد طبعٌ وسلواني مصانعة هيهات يشكل مصنوع ومطبوع إن الجديد إذا ما زيد في خلقٍ تبين الناس أن الثوب مرقوع وقال أيضًا: لولا حيائي من عيون النرجس للثمت خد الورد بين السندس ورشفت من ثغر الأقاحة ريقها وضممت أعطاف الغصون الميس وهتكت أستار الوقار ولم أبل للباقلاء تلحظ بطرفٍ أشوس مالي وصهباء الدنان مطارحًا سجع القيان مكاشفًا وجه المس شتان بين مظاهرٍ ومخاتل ثوب الحجا ومطهر ومدنس ومجمجمٍ بالعذل باكرني به والطير أفصح مسعد بتأنس سفهت في العشاق يومًا إن أكن ذاك الذي يدعي الفصيح الأخرس أعذول وجدي ليس عشك فادرجي ونصيح رشدي بان نصحك فاجلس هل تبصر الأشجار والأطيار والأزه ار تلك الخافضات الأروس نالله وهو إليتي وكفى به قسمًا يفدي بره بالأنفس ما ذاك من شكوٍ ولا لخلالةٍ لكن سجود مسبحٍ ومقدس شكرًا لمن برأ الوجود بجوده فثني إليه الكل وجه المفلس وسما بساط الأرض فمده ودحا بسيط الأرض أوثر مجلس ووشى بأنواع المحاسن هذه وأنار هذي بالجوار الكنس وأدر أخلاف العطاء تطولًا وأنال فضلا من يطيع ومن يسى حتى إذا انتظم الوجود بنسبةٍ وكساه ثوبي نوره والحندس واستكملت كل النفوس كمالها شفع العطايا بالعطاء الأنفس بأجل هادٍ للخلائق مرشدٍ وأتم نورٍ للخلائق مقبس بالمصطفى المهدي إلينا رحمةً مرمى الرجا ومسكة المتيئس نعمٌ يضيق الوصف عن إحصائها فل الخطيب بها لسان الأوجس إن كنت قد أحسنت نعت جمالهم فلقد سها عني العذول بهم وسى ما إن دعوك ببلبل إلا لما قد هجت من بلبال هذي الأنفس سبحان من صدع الجميع بحمده وبشكره من ناطق أو أخرس وامتدت \\الأطلال ساجدةً له بجبالها من قائمٍ أو أقعس فإذا تراجعت الطيور وزايلت أغصانها بأن المطيع من المسى فيقول ذا سكرت لنغمة منشد ويقول ذا سجدت لذكر مقدس كل يفوه بقوله والحق لا يخفي على نظر اللبيت الأكيس وقال: زارت على حذر من الرقباء والليل ملتحف بفضل رداء تصل الدجا بسواد فرع فاحم لتزيد ظلماءً إلى ظلماء وشى بها من وجهها وحليها بدر الدجا وكواكب الجوزاء أهلا بزائرةٍ على خطر السرى ما كنت أرجوها ليوم لقاء أقسمت لولا عفة عذريةٌ وتقىً على له رقيبٍ راء لنقعت غلة لوعتي برضا بها ونضحت ورد خدودها ببكائي أرسلت ليل شعرها من عقص عن محيا رمى البدور بنقص فأرتنا الصباح في جنح ليلٍ يتهادى ما بين غصنٍ ودعص وتصدت برامحات نهودٍ أشرعت للأنام من تحت قمص فتولت جيوش صبري انهزاما وبودي ذاك اللقاء وحرص ليس كل الذي يفر بناجٍ رب ظعن فيه حياةٌ لشخص كيف لي بالسلو عنها وقلبي قد هوى حلمه بمهوى لخرص ما تعاطيت ظاهر الصبر إلا ردني جيدها بأوضح نص ومن ذلك قوله أيضًا: أنا بين الحياة والموت وقفٌ نفسٌ خافتٌ ودمعٌ ووكف حل بي من هواك ما ليس ينبى عنه نعتٌ ولا يعبر وصف عجبًا لانعطاف صدغيك والمع طف والجيد ثم ما منك عطف ضاق صدري بضيق حجلك واستو قف طرفي حيران ذلك الوقف كيف يرجى فكاك قلب معني في غرام قيداه قرطٌ وشنف ومن ذلك قوله أيضًا: كأنما الشهب والإصباح ينهبها لآلىء سقطت من كف زنجي ومن شعره في الحكم قوله: هو الدهر لا يبقى على عائذ به فمن شاء عيشًا يصطبر لنوائبه فمن لم يصب في نفسه فمصابه لفوت أمانيه وفقد حبائبه ومن ذلك قوله: ملاك الأمر تقوى الله فاجعل تقاه عدةً لصلاح أمرك وبادر نحو طاعته بعزمٍ فما تدري متى يمضي بعمرك ومن ذلك أيضًا: دماءٌ فوق خدك أم خلوق وريقٌ ما بثغرك أم رحيق وما ابتسمت ثنايا أم أقاحٌ ويكنفها شفاه أم شقيق وتلك سناة نومٍ ما تعاطت جفونك أم هي الخمر العتيق لقد أعدت معاطفك انثناءً وقلبي سكره ما إن يفيق جمالك حضرتي وهواك راحي وكأسك مقلتي فمتى أفيق ومن شعره في الأوصاف: فانثني حول أسوق الدوح حجلا وجرى فوق بردة الروض رقشا وسما في الغصون حلي بنان أصبحت من سلافة الطل رعشا فترى الزهر ترقم الأرض رقما وترى الريح تنقش الماء نقشا فكأن المياه سيفٌ صقيلٌ وكأن البطاح غمدٌ موشي وكتب عقب انصرافه من غرناطة في بعض قدماته عليها ما نصه: مما قلته بديهةً عند الإشراف على جنابكم السعيد وقدومي مع النفر الذين أتحفتهم السيادة سيادتكم بالإشراف عليه والدخول إليه وتنعيم الأبصار في المحاسن المجموعة لديه وإن كان يومًا قد غابت شمسه ولم يتفق أن كمل أنسه وأنشده حينئذ بعض من حضر ولعله لم يبلغكم وإن كان قد بلغكم
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:00 | |
| ففضلكم يحملني في إعادة الحديث: أقول وعين الدمع نصب عيوننا ولاح لبستان الوزارة جانب أهذي سماءٌ أم بناء سما به كواكب غضت عن سناها الكواكب تناظرت الأشكال منه تقابلًا على السعد وسطى عقده والجنائب وقد جرت الأمواه فيه مجرة مذانبها شهبٌ لهن ذوائب وأشرف من علياء بهو تحفه شماسيٌ زجاج وشيها متناسب هنالك ما شاء العلي من جلالةٍ بها يزدهي بستانها والمراتب هنالك ما شاء العلي من جلالةٍ بها يزدهي بستانها والمراتب ولما أحضر الطعام هنالك دعى شيخنا القاضي أبو البركات إلى الأكل فاعتذر بأنه صائم قد بيته من الليل فحضرني أن قلت: دعونا الخطيب أبا البركا ت لأكل طعام الوزير الأحل وقد ضمنا في نداه جنان به احتفل الحسن حتى كمل فأعرض عنا لعذر الصيام وما كل عذرٍ له مستقل فإن الجنان محل الجزاء وليس الجنان محل العمل وعندما فرغنا من الطعام أنشدت الأبيات شيخنا أبا البركات فقال: لو أنشدتنيها وأنتم بعد لم تفرغوا منه لأكلت معكم برا بهذه الأبيات والحوالة في ذلك على الله تعالى. ولما قضى الله عز وجل بالإدالة ورجعنا إلى أوطاننا من العدوة واشتهر عني ما اشتهر من الانقباض عن الخدمة والتية على السلطان والدولة والتكبر على أعلى ربت الخدمة وتطارحت على السلطان في استنجاز وعد الرحلة ورغبت في تفويت الذمة ونفرت عن الأندلس بالجملة خاطبني بعد صدر بلغ من حسن الإشارة وبراعة الإستهلال الغاية بقوله: وإلى هذا يا سيدي ومحل تعظيمي وإجلالي أمتع الله تعالى الوجود بطول بقائكم وضاعف في وتقنطوها مما عودت من طيب المزاج فما لدائها وحياة قربكم غير طبكم من علاج وإني ليخطر بخاطري محبةً فيكم وعنايةً بما يعنيكم ما نال جانبكم صانه الله بهذا الوطن من الجفاء ثم أذكر ما نالكم من حسن العهد وكرم الوفاء وأن الوطن إحدى \\المواطن الأظآر التي يحق لهن جميل الاحتفاء وما يتعلق بكم من حرمة أولياء القرابة وأولى الصفاء فيغلب على ظني أنكم لحسن العهد أجنح وبحق نفسكم على أوليائكم أسمح والتي هي أعظم قيمةً في فضائلكم أوهب وأمنح وهب أن الدر لا يحتاج في الإثباب إلى شهادة النحور واللبات والياقوت غني المكان عن مظاهرة القلائد والتيجان أليس أنه أعلى للعيان وأبعد عن مكابرة البرهان تألقها في تاج الملك أنو شروان والشمس وإن كانت أم الأنوار وجلاء الأبصار مهما أغمي مكانها من الأفق قيل الليل هو أم نهار وكما في علمكم ما فارق ذو الأحلام وأولو الأرحام مواطن استقرارهم وأماكن قرارهم إلا برغمهم واضطرارهم واستبدال دراهي خير من دراهم ومتى توازن الأندلس بالمغرب أو يعوض عنها إلا بمكة أو يثرب ما تحت أديمها أشلاء أولياء وعباد وما فوقه مرابط جهاد ومعاقد ألوية في سبيل الله ومضارب أوتاد ثم يبوىء ولده مبوأ أجداده ويجمع له بين طرافه وتلاده أعيذ أنظاركم المسددة من رأى فائل وسعي طويل لم يحل منه بطائل فحسبكم من هذا الإياب السعيد والعود الحميد. وهي طويلة. لم في الهوى العذري أو لا تلم فالعذل لا يدخل أسماعي شأنك تعنيفي وشأني الهوى كل أمرىءٍ في شأنه ساعي أهلا بتحفة القادم وريحانة المنادم وذكرى الهوى المتقادم لا يصغر الله مسراك فما أسراك لقد جلبت إلى من همومي ليلا وجبت خيلا ورجلا ووفيت من صاع الوفا كيلا وظننت بي الأسف على ما فات فأعملت الالتفات لكيلا فأقسم لو أن الأمر اليوم بيدي أو كانت اللمة السوداء من عددي ما أفلت أشراكي المنصوبة لأمثالك حول المياه وبين المسالك ولا علمت ما هنالك لكنك طرقت حمى كسحته الغارة الشعواء وغيرت ربعه الأنواء فخمد بعد ارتجاجه وسكت أذين دجاجه وتلاعبت الرياح والهوج فوق فجاجه وطال عهده بالزمان الأول وهل عند رسمٍ دارس من معول وحيا الله ندبًا إلى زيارتي ندبك وبآدابه الحكيمة أدبك: فكان وقد أفاد بك الأماني كمن أهدى الشفاء إلى العليل وهي شيمةٌ بوركت من شيمة وهبة الله قبله من لدن المشيمة ومن مثله في صلة رعى وفضل سعي وقولٍ ووعي: قسما بالكواكب الزهر والزهر عاتمة إنما الفضل ملةٌ ختمت بابن خاتمة كساني حلة وصفه وقد ذهب زمان التجمل وحملني ناهض شكره وكتدي واهٍ عن التحمل ونظرني بالعين الكليلة عن العيوب فهلا أجاد التأمل واستطلع طلع نثي ووالي في مركب المعجزة حثى وإنما أشكوبني: ولو ترك القطا ليلا لناما وما حال شمل وتده مفروق وقاعدته فروق وصواع بني أبيه مسروق وقلب قرحه من عضة الدهر دامٍ وجمرة حسرته ذات احتدام هذا وقد صارت الصغرى التي كانت الكبرى لمشيبٍ لم يرع أن هجم لما نجم ثم تهلل عارضه وانسحم: لا تجمعي هجرًا علي وغربةً فالهجر في تلف الغريب سريع نظرت فإذا الجنب ناب وانلفس فريسة ظفر وناب والمال أكيلة انتهاب والعمر رهن ذهاب واليد صفرٌ من كل اكتساب وسوق المعاد متراميةٌ والله سريع الحساب. ولو نعطي الخيار لما افترقنا ولكن لا خيار مع الزمان وهب أن العمر جديدٌ وظل الأمن مديدٌ ورأى الاغتباط بالوطن سديدٌ فما الحجة لنفسي إذا مرت بمطارح جفوتها وملاعب هفوتها ومناقب قناتها ومظاهر عزاتها ومناتها والزمان ولود وزناد الكون غير صلود. ثم أن المرغب قد ذهب والدهر قد استرجع ما وهب والعارض قد اشتهب وآراء الاكتساب مرجوحة مرفوضةٌ وأسماؤه على الجوار مخفوضةٌ والنية مع الله على الزهد فيما بأيدي الناس معقودةٌ والتوبة بفضل الله عز وجل شروطها غير معارضة ولا منقودة والمعاملة سامرية ودروع الصبر سابرية والاقتصاد قد قرت العين بصحبته والله قد عوض حب الدنيا بمحبته فإذا راجعها مثلي من بعد الفراق وقد رقي لدغتها ألف راق وجمعتني بها الحجرة ما الذي تكون الأجرة جل شأني وقد رضي الوامق وسخط الشاني إني إلى الله تعالى مهاجر وللغرض الأدنى هاجر ولأظعان السرى زاجر لأحد إن شاء الله وحاجر ولكن دعاني إلى الهوى لهذا المولى المنعم هوى خلعت نعلي الوجود وما خلعته وشوق أمرني فأطعته وغالب والله صيري فما استطعته والحال والله أغلب وعسى أن لا يخيب المطلب فإن \\يسره رضاه فأمل كمل وراحل احتمل وحاد أشجى الناقة والجمل وإن كان خلاف ذلك فالزمان جم العوائق والتسليم بمقامي لائق. ما بين غمضة عين وانتباهتها يصرف الأمر من حال إلى حال وأما تفضيله هذا الوطن على غيره ليمن طيره وعموم خيره وبركة جهاده وعمران رباه ووهاده بأشلاء عباده وزهاده حتى لا يفضله إلى أحد الحرمين فحقٌ بريٌ من المين لكنى للحرمين جنحت وفي جو الشوق إليهما سرحت فقد أفضت إلى طريق قصدي محجته ونصرتني والمنة لله حجته وقصد سيدي أسنى قصد توخاه الشكر والحمد ومعروفٌ عرف به النكر وأملٌ انتحاه الفكر والآمال والحمد لله بعد تمتار والله يخلق ما يشاء ويختار ودعاؤه يظهر الغيب مدد وعدة وعدد وبره حالي الظعن والإقامة معتملٌ معتمد ومجال المعرفة بفضله لا يحصره أحد والسلام. وهو الآن بقيد الحياة وذلك ثاني عشر شعبان عام سبعين وسبعمائة. أحمد بن عباس بن أبي زكريا ويقال ابن زكريا. ثبت بخط ابن التيانى أنصارى النسب يكنى أبا جعفر. حاله كان كاتبًا حسن الكتابة بارع الخط فصيحًا غزير الأدب قوي المعرفة شارعًا في الفقه مشاركا في العلوم حاضر الجواب ذكي الخاطر جامعًا للأدوات السلطانية جميل الوجه حسن الخلقة كلفًا بالأدب مؤثرًا له على سائر لذاته جامعًا للدواوين العلمية معنيًا بها مقتنيًا للجيد منها مغاليًا فيها نفاعا من خصه بها لا يستخرج منها شيئًا لفرط بخله بها إلا لسبيلها حتى لقد أثرى كثيرٌ من الوراقين والتجار معه فيها وجمع منها ما لم يكن عند ملك. يساره يقال إنه لم يجتمع عند أحد من نظرائه ما اجتمع عنده من عين وورق ودفاتر وخرق وآنية ومتاع وأثاث وكراع. مشيخته روي عن أبي تمام غالب التياني وأبي عبد الله بن صاحب الأحباس. نباهته وحظوته وزر لزهير العامري الآتي ذكره وراثًا الوزارة عن أبيه وهي ما هي في قطر متحر بينابيع السخلية وثر بهذه الأمنة مستندًا إلى قعساء العزة فتبنك نعيمًا كثيرًا تجاوز الله عنه. دخوله غرناطة الذي اتصل علمي أنه دخل غرناطة منكوبًا حسبما يتقرر. نكبته زعموا أنه كان أقوى الأسباب فيما وقع بين أميره زهير وبين باديس أمير غرناطة من المفاسدة وفصل صحبه إلى وقم باديس وقبيله وحطه في حيز هواه وطاعته وكان من شاء الله من استيلاء باديس على جملتهم ووضع سيوف قومه فيهم وقتل زهير واستئصال محلته وقبض يومئذ على أحمد بن عباس وجيء به إلى باديس وصدره يغلي حقدًا عليه فأمر بحبسه وشفاؤه الولوغ في دمه وعجل عليه بعد دون أصحابه من حملة الأقلام. قال ابن حيان حديث ابن عباس أنه كان قد ولع ببيت شعر صيره هجواه أوقات لعبه بالشطرنج أو معنى يسنح له مستطيلًا بجده. عيون الحوادث عني نيامٌ وهضمي على الدهر شيء حرام سيوقظها قدرٌ لا ينام فما كان إلا كلا ولا حتى تنبهت الحواث لهضمه إنتباهةً انتزعت منه نخوته وعزته وغادرته أسيرًا ذليلًا يرسف في وزن أربعين رطلًا من قيده منزعجًا من عضه لساقه البضة التي تألمت من ضغطة جوربه يوم أصبح فيه أميرًا مطاعًا أعتى الخلق على بابه وآمنهم بمكره فأخذه أخذ مليكٍ مقتدرٍ والله غالبٌ على أمره. \\وفاته قال أبو مروان: كان باديس قد أرجأ قتله مع جماعة من الأسرى وبذلك في فداء نفسه ثلاثين ألف دينار من الذهب العين مالت إليها نفس باديس إلا إنه عرض ذلك على أخيه بلكين فأنف منه وأشار عليه بقتله لتوقعه إثارة فتنة أخرى على يديه تأكل من ماله أضعاف فديته. قال فانصرف يومًا من بعض ركباته مع أخيه فلما توسط الدار التي فيها أحمد بقصبة غرناطة لصق القصر ووقف هو وأخوه بلكين وحاجبه على بن القروى وأمر بإخراج أحمد إليه فأقبل يرسف في قيده حتى وقف بين يديه فأقبل على سبه وتبكيته بذنوبه وأحمد يتلطف إليه ويسأله إراحته مما هو فيه فقال له: اليوم تستريح من هذا الألم وتنتقل إلى ما هو أشد وجعل يراطن أخاه بالبربرية فبان لأحمد وجه الموت فجعل يكثر الضراعة ويضاعف عدد المال فأثار غضبه وهز مزراقه وأخرجه من صدره فاستغاث الله زعموا عند ذلك وذكر أولاده وحرمه للحين أمر باديس بحز رأسه ورمي خارج القصر. حدث خادم باديس قال: رأيت جسد ابن عباس ثاني يوم قتله ثم قال لي باديس خذ رأسه ووراه مع جسده قال: فنبشت قبره وأضفته إلى جسده بجنب أبي الفتوح قتيل باديس أيضًا. وقال لي باديس: ضع عدوًا إلى جنب عدو إلى يوم القصاص فكان قتل أبي جعفر عشية الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة سبع وعشرين وأربعمائة بعد اثنين وخمسين يومًا من أسره. وكان يوم مات ابن ثلاثين. نفعه الله ورحمه. ابن عطية القضاعي أحمد بن أبي جعفر بن محمد بن عطية القضاعي من أهل مراكش وأصله القديم من طرطوشة ثم بعد من دانية يكنى أبا جعفر. حاله كان كاتبًا بليغًا سهل المأخذ منقاد القريحة سيال الطبع أخذ عن أبيه وعن طائفة كبيرة من أهل مراكش. نباهته كتب عن علي بن يوسف بن تاشفين وعن إبه تاشفين وعن أبي إسحاق وكان أحظى كتابهم. ثم لما انقطعت دولة لمتونة دخل في لفيف الناس وأخفى نفسه. ولما أثار الماسي الهداية بالسوس ورمي الموحدين بحجرهم الذي رموا به البلاد وأعيا أمره وهزم جيوشهم التي جهزوها إليه وانتدب منهم إلى ملاقاته أبو حفص عمر بن يحيى الهنتاتي في جيش خشن من فرسان ورجاله كان أبو جعفر بن عطية من الرجالة مرتسما بالرماية والتقى الجمعان فهزم جيش الماسي وظهر عليه الموحدون. وقتل الدعي المذكور وعظم موقع الفتح عند الأمير الغالب يومئذ أبو حفص عمر فأراد إعلام الخليفة عبد المؤمن بما سناه الله فلم يلق في جميع من استصحبه من يجلي عنه ويوفي ما أراده فذكر له أن فتًى من الرماة يخاطر بشيء من الأدب والأشعار والرسايل فاستحضره وعرض عليه غرضه. فتجاهل وظاهر بالعجز فلم يقبل عذره واشتد عليه فكتب رسالة فائقة مشهورة فلما فرغ منها وقرأها عليه اشتد إعجابه بها وأحسن إليه واعتنى به واعتقد أنه ذخرٌ يتحف به عبد المؤمن وأنفذ الرسالة فلما قرئت بمحضر أكابر الدولة عظم مقدارها ونبه فضل منشيها وصدر الجواب ومن فصوله الاعتناء بكاتبها والإحسان إليه واستصحابه مكرمًا. \\ولما أدخل على عبد المؤمن سأله عن نفسه وأحظاه لديه وقلده خطة الكتابة وأسند إليه وزارته وفوض إليه النظر في أموره كلها فنهض بأعباء ما فوض إليه وظهر فيه استقلاله وغناؤه واشتهر بأجمل السعي للناس واستمالتهم بالإحسان وعمت صنايعه وفشا معروف فكان محمود السيرة منحب المحاولات ناجح المساعي سعيد المأخذ ميسر المآرب وكانت وزارته زينًا للوقت كمالا للدولة. محنته قالوا واستمرت حالته إلى أن بلغ الخليفة عبد المؤمن أن النصارى غزوا قصبة ألمرية وتحصنوا بها واقترن بذلك تقديم ابنه يعقوب على إشبيلية فأصحبه أبا جعفر بن عطيه وأمره أن يتوجه بعد استقرار ولده بها إلى ألمرية وقد تقدم إليها السيد أبو سعيد بن عبد المؤمن وحصر من بها النصارى وضيق عليهم ليحاول أمر إنزالهم ثم يعود إلى إشبيلية ويتوجه معها مع واليها إلى منازلة الثائر بها على الوهيبي فعمل على ما حاوله من ذلك واستنزل النصارى من ألمرية على العهد بحسن محاولته ورجع السيد أبو سعيد إلى غرناطة مزعجين إليها حتى يسبقا جيش الطاغية ثم انصرف إلى إشبيلية ليقضي الغرض من أمر الوهيبي. فعندما خلا منه الجو ومن الخليفة مكانه وجدت حساده السبيل إلى التدبير عليه والسعي به حتى أوغروا صدر الخليفة فاستوزر عبد المؤمن ابن عبد السلام بن محمد الكومي. وانبرى لمطالبة ابن عطية وجد في التماس عوراته وتشنيع سقطاته وأغرى به صنايعه وشحن عليه حاشيته فبروا وراشوا وانقلبوا وكان مما نقم على أبي جعفر نكاة القرح بالقرح في كونه لم يقف في اصطناع العدد الكثيرمن اللمتونيين وانتياشهم من خمولهم حتى تزوج بنت يحيى الحمار من أمرائهم وكانت أمهم زينب بنت علي بن يوسف فوجدوا السبيل بذلك إلى استئصال شأنته والحكام. حتى نظم منهم مروان بن عبد العزيز طليقه ومسترق اصطناعه أبياتًا طرحت بمجلس عبد المؤمن.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:01 | |
| قل للإمام أطال الله مدته قولًا تبين لذي لب حقائقه إن الزراجين قوم قد وترتهم وطالب الثأر لم تؤمن بوائقه وللوزير إلى آرائهم ميلٌ لذاك ما كثرت فيهم علائقه فبادر الحزم في إطفاء نارهم فربما علق عن أمر عوائقه هم العدو ومن والاهم كهم فاحذر عدوك واحذر من يصادقه قالوا ولما وقف عبد المؤمن على هذه الأبيات البليغة في معناها وغر صدره على وزيره الفاضل أبي جعفر وأسر له في نفسه تغيرًا فكان ذلك من أسباب نكبته. وقيل أفضى إليه بسر فأفشاه. وانتهى ذلك كله إلى أبي جعفروهو بالأندلس فقلق وعجل بالانصراف إلى مراكش فحجب عند قدومه ثم قيد إلى المسجد في اليوم الثاني بعده حاسر العمامة واستحضر الناس على طبقاتهم وقرروا ما يعلمون من أمره وما صار إليهم منه فأجاب كل بما اقتضاه هواه فأمر بسجنه ولف معه أخوه أبو عقيل عطية وتوجه عبد المؤمن في إثر ذلك زايرًا إلى تربة المهدي. فاستصحبهما منكوبين بحال ثقاف وصدرت عن أبي جعفر في هذه الحركة من لطايف الأدب نظما ونثرا في سبيل التوسل بتربة إمامهم عجائب لم تجد مع نفوذ قدر الله فيه ولما انصرف من وجهته أعادهما معه قافلًا إلى مراكش فلما حاذى تاقمرت أنفذ الأمر بقتلهما بالشعراء المتصلة بالحصن على مقربة من الملاحة هنالك فمضيا لسبيلهما رحمهما الله. شعره وكتابته كان مما خاطب به الخليفة عبد المؤمن مستعطفًا كما قلناه من رسالة: تالله لو أحاطت بي خطيئةٌ ولم تنفك نفسي عن الخيرات بطيئةً حتى سخرت بمن في الوجود وأنفت لآدم من السجود وقلت إن الله لم يوح إلى الفلك إلى نوح وبريت لقرار ثمود نبلًا وأبرمت لحطب نار الخليل حبلًا وحططت عن يونس شجرة اليقطين وأوقدت مع هامان على الطين وقبضت قبضةً من الطير من أثر \\الرسول فنبذتها وافتريت على العذراء البتول فقذفتها وكتبت صحيفة القطيعة بدار الندوة وظاهرت الأحزاب بالقصوى من العدوة وذممت كل قرشي وأكرمت لأجل وحشى كل حبشي وقلت إن بيعة السقيفة لا توجب لإمام خليفة وشحذت شفرة غلام المغيرة بن شعبة واعتقلت من حصار الدار وقتل أشمطها بشعبة وغادرت الوجه من الهامة خضيبًا وناولت من قرع سن الخمسين قضيبًا ثم أتيت حضرة المعصوم لائذًا وبقبرالإمام المهدي عائذًا لقد آن لمقالتي أن تسمع وأن تغفر لي هذه الخطيئات أجمع: فعفوًا أمير المؤمنين فمن لنا بحمل قلوبٍ هدها الخفقان عطفًا علينا أمير المؤمنين فقد بان العزاء لفرط البث والحزن قد أغرقتنا ذنوبٌ كلها لججٌ وعطفةٌ منكم أنجى من السفن وصادفتنا سهامٌ كلها غرضٌ لها ورحمتكم أوقى من الجنن هيهات للخطب أن تسطو حوادثه بمن أجازته رحماكم من المحن من جاء عندكم يسعى على ثقة بنصره لم يخف بطشًا من الزمن أنتم بذلتم حياة الخلق كلهم من دون من عليهم لا ولا ثمن ونحن من بعض من أحييت مكارمكم تلك الحياتين من نفسٍ ومن بدن وصبية كفراخ الورق من صغر لم يألفوا النوح في فرع ولا فتن قد أوجدتهم أيادٍ منك سابغة والكل لولاك لم يوجد ولم يكن ومن فصول رسالته التي كتب بها عن أبي حفص وهي التي أورثته الكتابة العلية والوزارة كما تقدم قوله: كتبنا هذا من وادي ماسة بعد ما تزحزح أمر الله الكريم ونصر الله المعلوم وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم. فتح بمسرى الأنوار إشراقًا وأحدق بنفوس المؤمنين إحداقًا ونبه للأماني النائمة جفونًا وأحداقًا واستغرق غاية الشكر استغراقًا فلا تطيق الألسن كنه وصفه إدراكًا ولا لحاقًا جمع أشتات الطب والأدب وتقلب في النعم أكرم منقلب وملأ دلاء الأمل إلى عقد الكرب: فتحٌ تفتح أبواب السماء له وتبرز الأرض في أثوابها القشب وتقدمت بشارتنا به جملة حين لم تعط الحال بشرحه مهلة. كان أولئك الضالون المرتدون قد بطروا عدوانًا وظلمًا واقتطعوا الكفر معني وإسمًا وأملى لهم الله ليزدادوا إثمًا وكان مقدمهم الشقي قد استمال النفوس بخزعبلاته واستهوى القلوب بمهولاته ونصب له الشيطان من حبالاته فأتته المخاطبة من بعد وكثب ونسلت إليه الرسل من كل حدب واعتقدته الخواطر أعجب عجب وكان الذي قادهم لذلك وأوردهم تلك المهالك وصول من بتلك السواحل ممن ارتسم برسم الانقطاع عن الناس فيما سلف من الأعوام واشتغل على رغمه بالصيام والقيام آناء الليل والأيام لبسوا الناموس أثوابًا وتدرعوا الرياء جلبابًا فلم يفتح الله لهم إلى التوفيق بابًا. ومنها في ذكر صاحبهم: فصرع والحمد لله لحينه وبادرت إليه بوادر منونه وأتته وافدات الخطيئات عن يساره ويمينه وكان يدعي أن المنية في هذه الأعلام لا تصيبه ويزعم أنه يبشر بذلك والنوائب لا تنوبه ويقول في سواه قولًا كثيرًا ويختلق على الله إفكًا وزورًا فلما عاينوا هيئة اضطجاعه ورأوا ما خطته الأسنة في أعضائه ونفذ فيه من أمر الله ما لم يقدروا على استرجاعه هزم لهم من كان لهم من الأحزاب وتساقطوا على وجوههم كتساقط الذباب وأعطوا عن بكرة أبيهم صفحة الرقاب ولم تقطر كلومهم إلا على الأعقاب فامتلأت تلك الجهات بأجسادهم وأذنت الآجال بانقراض آمالهم وأخذهم الله بكفرهم وفسادهم فلم يعاين منهم إلا من خر صريعًا وسقى الأرض نجيعًا ولقي من وقع الهنديات أمرًا فظيعًا ودعت الضرورة باقيهم إلى الترامي في الوادي فمن كان يؤمل الفرار منهم ويرتجيه ويسبح طامعًا في الخروج إلى ما ينجيه اختطفته الأسنة اختطافًا وأذاقته موتًا ذعافًا ومن لج في الترامي على لججه ورام البقاء في ثجه قضى عليه شرقه وألوى فرقته غرقه. ودخل الموحدون إلى الباقية الكائنة فيه يتناولون قتالهم طعنًا وحربًا ويلقونهم بأمر الله هونًا عظيمًا وكربًا حتى سطت مراقات الدماء على صفحات الماء وحكت حمرتها علىزرقه حمرة الشفق على زرق السماء وظهرت العبرة للمعتبر في جرى الماء جرى الأبحر. دخوله غرناطة احتل بغرناطة عام إحدى وخمسين وخمسمائة لما استدعى أهل جهات ألمرية السيد أبا سعيد إلى منازلة من بها النصارى وحشد ونزل عليها ونصب المجانيق على قصبتها واستصرخ من بها الطاغية فأقبل إلى نصرهم واستمد السيد أبو سعيد الخليفة فوجه إليه الكبير أبا جعفر بن عطية \\صحبة السيد أبي يعقوب ابنه فلحق به واتصل الحصار شهورًا سبعة وبذل الأمن لمن كان بها وعادت إلى ملكة الإسلام وانصرف الوزير أبو جعفر صحبة السيد أبي يعقوب إلى إشبيلية وجرت أثناء هذه الأمور يطول شرحها ففي أثناء هذه الحركة دخل أبو جعفر غرناطة مولده بمراكش عام سبعة وعشرين وخمسمائة وفاته على حسب ما تقدم ذكره لليلة بقيت من صفر سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة. محمد بن شعيب الكرياني من أهل فاس يكنى أبا العباس ويعرف بابن شعيب من كريانة قبيلة من قبائل الريف الغربي. حاله من عائد الصلة: من أهل المعرفة بصناعة الطب وتدقيق النظر فيها مشاركًا في الفنون وخصوصًا في علم الأدب حافظًا للشعر ذكر أنه حفظ منه عشرين ألف بيت للمحدثين والغالب عليه العلوم الفلسفيه وقد مقت لذلك وتهتك في علم الكمياء وخلع فيه العذار فلم يحل بطائل إلا أنه كان تفوه بالوصول شنشنة المفتونين بها على مدى الدهر. وله شعر رائق وكتابة حسنة وخط ظريف. كتب في ديوان سلطان المغرب مرئسا وتسرى جارية رومية إسمها صبح من أجمل الجواري حسنًا فأدبها حتى لقنت حظًا من العربية ونظمت الشعرن وكان شديد الغرام بها فهلكت أشد ما كان حبًا لها وامتداد أمل فيها فكان بعد وفاتها لا يرى إلا في تأوه دائم وأسف متمادٍ وله فيها أشعار بديعة في غرض الرثاء. مشيخته قرأ في بلده فاس على كثير من شيوخها كالأستاذ أبي عبد الله بن أجروم نزيل فاس والأستاذ أبي عبد الله بن رشيد ووصل إلى تونس فأخذ منها الطب والهيئة على الشيخ رحلة وقته في تلك الفنون يعقوب بن الدراس. وكان مما خاطب به الشيخ أبا جعفر بن صفوان وقد نشأت بينهما صداقة أوجبها القدر المشترك من الولوع بالصنعة المرموزة يتشوق إلى جهة كانوا يخلون بها للشيخ فيها ضيعة بخارج مالقة كلأها اللهك رعى الله وادي شنياية وتلك الغدايا وتلك الليال ومسرحنا بين خضر الغصون وودق المياه وسحر الظلال ومرتعنا تحت أدواحه ومكرعنا في النمير الزلال نشاهد منها كعرض الحسام إذا ما انتشت فوقه كالعوال ولله من در حصبائه لآلٍ وأحسن بها من لآل وليلٍ به في ستور الغصون كخودٍ ترنم فوق الحجال وأسحاره كيف راقت وص ح النسيم بها في اعتدال ولله منك أبا جعفر عميد الحلال حميد الخلال تطارحني برموز الكنو ز وتسفر لي عن معاني المعال فألقط من فيك سحر البيان مجيبًا به عن عريض النوال أفدت الذي دونها معشرٌ كثير المقال قليل النوال فأصبحت لا أبتغي بعدها سواك وبعد كما لا أبال وخاطب الفقيه العالم أبا جعفر بن صفوان يسأله عن شيء من علم الصناعة بما نصه: دار الهوى نجدٌ وساكنها أقصى أماني النفس من نجد ومما صدر به رسالة: أيجمع هذا الشمل بعد شتاته ويوصل هذا الحبل بعد انبتاته أما للبلي آية عيسويةٌ فينشر ميت الأنس بعد مماته ويورد عيني بعد ملح مدامعي برؤيته في عذبه وفراته وأنشد له صاحبنا الفقيه الجليل صاحب العلامة بالمغرب أبو القاسم بن صفوان قوله: يا رب ظبي شعاره نسك ألحاظه في الورى لها فتك يترك من هام به مكتئبًا لا تعجبوا أن قومه الترك أشكو له ما لقيت من حرق فيمش لاهيًا إذا أشكو وبائعٌ للكتب يبتاعها بأرخص السوم وأغلاه في نصف الاستذكار أعط يته ومحض العين وأرضاه وله أيضًا: يا من توعدني بحادث هجره إن السلو لدون ما يتوعد هذا عذارك وهو موضع سلوتي فأكفف فقد سبق الوعيد الموعد وأظن سلوتنا غدًا أو بعده فبذاك خبرنا الغراب الأسود وله أيضًا: قال العذول تنقصًا لجماله هذا حبيبك قد أطل عذاره لا بل بدا فصل الربيع بخده فلذا تساوي ليله ونهاره وله يرثي: يا قبر صبحٍ حل فيك بمهجتي أسنى الأمان وغدوت بعد عيانها أشهى البقاع إلى العيان أخشى المنية إنها تقصي مكانك عن مكان يا صاحب القبر الذي أعلامه درست وثابت حبه لم يدرس ما اليأس منك على \\التصبر حاملي أيأستني فكأنني لم أيأس لما ذهبت بكل حسن أصبحت نفسي تعاني شجو كل الأنفس أصباح أيامي ليال كلها لا تنجلي عن صبحك المتنفس وقال في ذلك: أعلمت ما صنع الفراق غداة جد به الوفاق ووقفت منهم حين للنا ظرات والدمع استباق سبقت مطاياهم فما أبطى بنفسك في السباق أأطقت حمل صدودهم للبين خطبٌ لا يطاق عن ذات عرق أصعدوا أتقول دارهم العراق نزلوا ببرقة ثمهد فلذاك ما شئت البراق وتيامنوا عفان أن يقفوا بمجتمع الرفاق أولى لجسمك أن يرق وجمع عينك أن يراق أما الفؤاد فعندهم دعه ودعوى الاشتياق أعتاد حب محلهم فمحل صدرك عنه ضاق واها لسالفة الشبا ب مضت بأيامي الرقاق أبقت حرارة لوعةٍ بين الترايب والتراق لا تنطفي وورودها من أدمعي كأسٌ دهاق وقال أيضًا: يا موحشي والبعد دون لقائه أدعوك عن شحطٍ وإن لم تسمع يدنيك مني الشوق حتى إنني لأراك رأى العين لولا أدمعي وأحن شوقًا للنسيم إذا سرى لحديثكم وأصيح كالمستطلع كان اللقا فكان حظي ناظري وسط الفراق فصار حظي مسمع فابعث خيالك تهده نار الحشي إن كان يجهل من مقامي موضع دخل غرناطة على عهد السابع من ملوكها الأمير محمد لقربٍ من ولايته في بعض شئونه وحقق بها تغيير أمر الأدوية المنفردة التي يتشوف الطيب إليها والشحرور وهي بقرية شون من خارجها. وفاته رحمه الله توفي بتونس في يوم عيد الأضحى من سنة تسع وأربعين وسبعمائة. ابن عرفة اللخمي أحمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن محمد بن حسين بن علي بن سليمان بن عرفة اللخمي الفقيه الرئيس المتفنن حامل راية مذهب الشعر في وقته المشار إليه بالبنان في ذلك ببلده يكنى أبا العباس. حاله كان فذًا في الأدب طرفًا في الإدراك مهذب الشمايل ذلق اللسان ممتع المجالسة والمحاضرة حلو الفكاهة يرمي كل غرضٍ بسهم إلى شرف النشأة وعز المرتبة وكرم المحتد وأصالة الرياسة. حدثني الشيخ أبو زكريا بن هذيل قال: حضرت بمجلس ذي الوزارتين أبي عبد الله بن الحكيم وأبو العباس بدر هالته وقطب جلالته فلم يحر بشيءٍ إلا ركض فيه وتكلم بملىء فيها. ثم قمنا إلى زبارين يصلحون شجرة عنب فقال لعريفهم حق هذا أن يقصر ويطال هذا ويعمل كذا. فقال الوزير يا أبا العباس ما تركت لهؤلاء أيضًا حظًا من صناعتهم يستحقون به الأجرة فعجبنا من استحضاره ووساعة ذرعه وامتداد حظ كفايته. قدومه على غرناطة قدم عليها مع الجملة من قومه عند تغلب الدولة النصرية على بلدهم ونزول البلاء والغلاء والمحنة بهم والجلاء بهم في آخر عام خمسة وسبعمائة ويأتي التعريف بهم بعد إن شاء الله وكان أوفر الدواعي في الاستعطاف لهم بما تقدم بين يدي أدعيائهم ودخولهم على السلطان أن الذي تنخل بمثله السخائم وتذهب الإحن وخطب لنفسه فاستمرت حاله لطيف المنزلة معروف المكانة ملازمًا مجلس مدبر الدولة مرسومًا بصداقته مشتملًا عليه ببره إلى أن كان من تقلب الحال وإدالة الدولة ما كان. شعره وشعره نمطٌ عال ومحل البراعة حال لطيف الهبوب غزير المائية أنيق الديباجة جم المحاسن فمنه في مذهب المدح يخاطب ذا الوزارتين أبا عبد الله ابن الحكيم: تملكت رقي بالجمال فأجمل وحكمت قلبي بجورك فاعدل أنت الأمير على الملاح ومن يجر في حكمه إلا جفونك يعزل إن قيل أنت البدر فالفضل الذي لك بالكمال ونقصه لم يجهل لولا الحظوظ لكنت أنت مكانه ولكان دونك في الحضيض الأسفل عيناك نازلنا القلوب فكلها إما جريحٌ أو مصاب المقتل هزت ظباها بعد كسر جفونها فأصيب قلبي في الرعيل الأول ما زلت أعذل في هواك ولم يزل سمعي عن العذال فيك \\بمعزل أصبحت في شغل بحبك شاغلٍ عن أن أصيخ إلى كلام العذل لم أهمل الكتمان لكن أدمعي هملت ولو لم تعصني لم تهمل جمع الصحيحين الوفاء مع الهوى قلبي وأملي الدمع كشف المشكل ما في الجنوب ولا الشمال جواب ما أهدي إليك مع الصبا والشمال أو حالت الأحوال فاستبدلت بي فإن حبي فيك لم يستبدل لاقيت بعدك ما لو أن أقله لاقي الثرى لأذاب صم الجندل وحملت في حبك ما لو حملت شم الجبال أخفه لم تحمل من حيف دهرٍ بالحوادث مقدمٍ حتى على حبس الهزبر المشبل قد كنت منه قبل كر صروفه فوق السنام فصرت تحت الكلكل ونصول شيبٍ قد ألم بلمتي وخضاب أبي شيبة لم تنصل ينوي الإقامة ما بقيت وأقسمت لا تنزل اللذات ما لم يرحل ومسير ظعنٍ ودان حميمه لاقي الحمام وإنه لم يفعل يطوي على جسدي الضلوع فقلبه بأواره يغلي كغلي المرجل في صدره ما ليس في صدري له من مثله مثقال حبة خردل أعرضت عنه ولو أشف لذمة شعري لجرعة نقيع الحنظل جليت في حلبات سبق لم يكن فيها بمرتاح ولا بمرمل حتى يثوب له الغنى من ماجد بقضاء حاجات الكرام موكل مثل الوزير ابن الحكيم وماله مثلٌ يقوم مقامه متمثل ساد الورى بحديثه وقديمه في الحال والماضي وفي المستقبل من بيت مجد قد سمت بقبابه أقيال لخمٍ في الزمان الأول سامي الدعائم طال بيت وزارة ومشاجع وأبي الفوارس نهشل يلقى الوفود ببسط وجهٍ مشرق تجلو طلاقته هموم المجتلى فلآملي جدواه حول فنائه لقط القطا الأسراب حول المنهل وإذا نحى بالعدل فصل قضية لم تحظ فصلا من إطالة مفصل يقضي على سخب الخصوم وشغبهم ويقيم مغريهم مقام المزمل ويلقن الحج العيى تحرجًا من رامحٍ عند اللجاج وأعزل فإذا قضى صور المحق بحقه عنه وحاق عقابه بالمبطل عجلٌ على من يستحق مثوبةً فإذا استحق عقوبة لم يعجل أديبًا ناقدًا وبليغًا بالكلام بصيرًا والإجادة تلزم فيه منظومه إذ لا يوسع القريحة فيه عذرًا ولا يقبل من الطمع قدمًا وهي: أما الرسوم فلم ترق لما بي واستعجمت عن أن ترد جوابي واستبدلت بوحوشها من أن سٍ بيض الوجوه كواعب أتراب ولقد وقفت بها أرقرق عبرةً حتى اشتكي طول الوقوف صحاب يبكي لطول بكاي في عرصاتها صحبي ورجعت الحنين ركاب ومن شعره في المقطوعات غير المطولات: لم يبق ذو عين لم يسبه وجهك من زين بلا مين فلاح بينهما طالعًا كأنه القمر بلامين ومن ذلك قوله: كأنما الخال مصباحٌ بوجنته هبت عواصف أنفاسي فعطف أو نقطةٌ قطرت في الخد إذ رسمت خط الجمال بخط اللام والألف ومن ذلك قوله: وعدتني أن تزور يا أملي فلم أزل للطريق مرتقبا أنسني البدر منك حين بدا لأنه لو ظهرت لاحتجبا ومن ذلك قوله: هجركم ما لي عليه جلد فأعيدوا إلى الرضى أو فعدوا ما قسى قلبي من هجرانكم ولقد طال عليه الأمد ومن ذلك قوله: أبدي عذارك عذري في الغرام به وزادني شغفًا فيه إلى شغف كأنه ظن أني قد نسيت له عهدًا فعرض باللام والألف ومما هو أطول من المزدوجات قوله: ويوم كساه الدجى دكن ثيابه وهبت نسيم الروض وهو عليل ولاحت بأفلاك الأفق كواكبٌ لها في البدور الطالعات أفول وجالت جياد الراح بالراح جولةً فلم تحل إلا والوقار قتيل ومن ذلك: عذلوني فيمن أحب وقالوا دب ثمل العذار في وجنتيه إنما دب نحو شهدٍ بفيه فلذاك انتهى إلى شفتيه وإحسانه كثير ومثله لا يقنع منه بيسير. وفاته قال في عائد الصلة: ولما كان من تغلب الحال وإدالة الدولة وخلع الأمير وقتل وزيره يوم عيد الفطر من سنة سبع وسبعمائة وانتهبت دار الوزير ونالت الأيدي يومئذ من شمله دهليز بابه من أعيان الطبقات وأولى الخطط والرتب ومنهم أبو العباس هذا رحمه الله فأفلت تحت سلاحٍ مشهورٍ وحيز مرقوف وثوب مسلوف فأصابته بسبب ذلك علة أيامًا إلى أن أودت به فقضت عليه بغرناطة في الثامن والعشرين لذي حجة من سنة سبع وسبعمائة ودفن بمقبرة الغرباء من الربيط عبر الوادي تجاه قصور نجد رحمة الله عليه. أحمد بن علي الملياني من أهل مراكش يكنى أبا عبد الله وأبا العباس. صاحب العلامة بالمغرب الكاتب الشهير البعيد الشأن في اقتضاء الثرة المثل المضروب في العفة وقوة الصريمة ونفاذ العزيمة. \\حاله كان نبيه البيت شهير الأصالة رفيع المكانة على سجية غريبة كانت فيه من الوقار والانقباض والصمت. أخذ بحظ من الصب حسن الخط مليح الكتابة قارضًا للشعر يذهب نفسه في كل مذهب. وصمته فتك فتكة شنيعة أساءت الظن بحملة الأقلام على مر الدهر وانتقل إلى الأندلس بعد مشقة وجرى ذكره في كتاب الإكليل بما نصه: الصارم الفاتك والكاتب الباتك أبي اضطرابٍ في وقار وتجهمٍ تحته أنس عقار اتخذه صاحب المغرب صاحب علامته. وتوجه تاج كرامته وكان يطالب جملة من أشياخ مراكش بثأر عمه ويطوقهم دمه بزعمه ويقصر على الاستبصار منهم بنات همه إذ سعوا فيه حتى اعتقل ثم جدوا في أمره حتى قتل فترصد كتابًا إلى مراكش يتضمن أمرًا جزمًا ويشل من أمور الملك عزمًا جعل الأمر فيه بضرب رقابهم وسبي أسبابهم ولما أكد على حامله في العجل وضياقه في تقدير الأجل تأنى حتى علم أنه قد وصل وأن غرضه قد حصل فر إلى تلمسان وهي بحال حصارها فاتصل بأنصارها حالا بين أنوفها وأبصارها وتعجب من فراره وسوء اغتراره ورجحت الظنون في آثاره. ثم اتصلت الأخبار بتمام الحيلة واستيلاء القتل على أعلام تلك القبيلة وتركها شنعة على الأيام وعارًا في الأقاليم على حملة الأقلام وأقام بتلمسان إلى أن حل مخنق حصارها وأزيل اللقيان الضيقة عن خصرها فلحق بالأندلس فلم يعدم برًا ورعيًا مستمرًا حتى أتاه حمامه وانصرمت أيامه.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:01 | |
| شعره من الذي يدل على بره وانفساخ خطاه في النفاسة وبعد شأوه قوله: العز ما ضربت عليه قبابي والفضل ما اشتملت عليه ثيابي والزهر ما أهداه غصن براعتي والمسك ما أبداه نقش كتابي فإذا بلوت صنيعةً جازيتها بجميل شكري أو جزيل ثوابي وإذا عقدت مودة أجريتها مجرى طعامي من دمي وشرابي وإذا طلبت من الفراقد والسهى ثأرًا فأوشك أن أنال طلابي وفاته توفي رحمه الله يوم السبت تاسع ربيع الآخر عام خمسة عشر وسبعمائة ودفن بجبانة باب إلبيرة تجاوز الله عنه. الزيات أحمد بن محمد بن عيسى الأموي يكنى أبا جعفر ويعرف بالزيات حاله من أهل الخير والصلاح والأتباع مفتوح عليهأع في طريق الله نير الباطن والظاهر مطرح التصنع مستدل مجانب للدنيا وأهلها صادق الخواطر مرسل اللسان بذكر الله مبذول النصيحة مثابر على اتباع السنة عارف بطريق الصوفيه ثبت القدم عند زلاتها ناطق بالحكمة على الأمية جميل اللقاء متوغل في الكلف بالجهاد مرتبط للخيل مبادر للهيعة حريص على الشهادة بركة من بركات الله في الأندلس يعز وجوده مثله. وفاته توفي رحمه الله ببلده غرناطة يوم الخميس الثاني والعشرين لجمادى الثانية من عام خمسة وستين وسبعمائة وشارف الإكتهال. الزيات الكلاعي أحمد بن الحسن بن علي بن الزيات الكلاعي من أهل بلش مالقة يكنى أبا جعفر ويعرف بالزيات الخطيب المتصوف الشهير. حاله من عائد الصلة: كان جليل القدر كثير العبادة عظيم الوقار حسن الخلق مخفوض الجناح متألق البشر مبذول المؤانسة يذكر بالسلف الصالح في حسن شيمته وإعراب لفظه مزدحم المجلس كثير الإفادة صبورًا على الغاشية واضح البيان فارس المنابر غير مدافع مستحق التصدر في ذلك بشروط قلما كملت عند غيره منها حسن الصورة وكمال الأبهة وجهورية الصوت وطيب النغمة وعدم التهيب والقدرة على الإنشاء وغلبة الخشوع إلى التفنن في كثير من المآخذ العلمية والرياسة في تجويد القرآن والمشاركة في العربية والفقه والعربية والأدب والعروض والمحاسة في الأصلين والحفظ للتفسير. \\قال لي شيخنا أبو البركات بن الحاج وقد جرى ذكر الخطابة: ما رأيت في استيفائها مثله. كان يفتح مجالس تدريسه أكثر الأحيان بخطب غريبة يطبق بها مفاصل الأغراض التي يشرع في التكلم فيها وينظم الشعر دائمًا في مراجعاته ومخاطباته وإجازاته من غير تأن ولا روية حتى اعتاده ملكةً بطبعه واستعمل في السفارة بين الملوك لدحض السخائم وإصلاح الأمور فكانوا يوجبون حقه ويلتمون بركته ويلتمسون دعاءه. مشيخته تحمل العلم عن جملة منهم خاله الفقيه الحكيم أبو جعفر أحمد بن علي المذحجي من أهل الحمة من ذوي المعرفة بالقرآن والفرائض ومنهم القاضي أبو علي الحسين بن أبي الأحوص الفهري أخذ عنه قراءةً وإجازة ومنهم العارف الرباني أبو الحسن فضل بن فضيلة أخذ عنه طريقة الصوفيه وعليه سلك وبه تأدب وبينهما في ذلك مخاطبات ومنهم أبو الزهر ربيع بن محمد بن ربيع الأشعري وأبو عبد الله محمد بن يحيى أخوه ومنهم أبو الفضل عياض ابن محمد بن عياض بن موسى قرأ عليه ببلش وأجاز له ومنهم الأستاذ أبو جعفر ابن الزبير والأستاذ أبو الحسن التجلي وأبو محمد بن سماك وأبو جعفر بن الطباع وأبو جعفر بن يوسف الهاشمي الطنجلي والأستاذ النحوي أبو الحسن بن الصائغ والكاتب الأديب أبو علي بن رشيق التغلبي والراوية أبو الحسن بن مستقور الطائي والإمام أبو الحسن بن أبي الربيع والأستاذ أبو إسحاق الغافقي الميربي والإمام العارف أبو محمد عبد العظيم بن الشيخ البلوي بما كان من إجازته العامة لكل من أدرك عام أحد وأربعين وستمائة وغير هؤلاء ممن يشق إحصاؤهم. تصانيفه كثيرة منها المسماة بالمقام المخزون في الكلام الموزون والقصيدة المسماة بالمشرف الأصفى في المأدب الأوفى وكلاهما ينيف على الألف بيت ونظم السلوك في شيم الملوك والمجتني النضير والمقتني الخطير والعبارة الوجيزة عن الإشارة واللطائف الروحانية والعوارف الربانية. ومن تواليفه: أس مبنى العلم وأس معنى الحلم في مقدمة علم الكلام ولذات السمع من القراءات السبع نظمًا ورصف نفائس اللآلى ووصف عرائس المعالي في النحو وقاعدة البيان وضابطة اللسان في العربية ولهجة اللافظ وبهجة الحافظ والأرجوزة المسماة بقرة عين السائل وبغية نفس الآمل في اختصار السيرة النبوية والوصايا النظامية في القوافي الثلاثية وكتاب عدة الداعي وعمدة الواعي وكتاب عليه السلام عوارف الكرم وصلات الإحسان فيما حواه العين من لطائف الحكم وخلق الإنسان وكتاب جوامع الأشراف والعنايات في الصوادع والآيات والنفحة الوسيمة والمنحة الجسيمة تشتمل على أربع قواعد اعتقادية وأصوليه وفروعية وتحقيقية وكتاب شروف المفارق في اختصار كتاب المشارق وتلخيص الدلالة في تخليص الرسالة وشذور الذهب في صروم الخطب وفائدة الملتقط وعائدة المغتبط وكتاب عدة المحق وتحفة المستحق. نثره من ذلك خطبة ألغيت الألف من حروفها على كثرة ترددها في الكلام وتصرفها وهي: حمدت ربي جل من كريم محمود وشكرته عز من عظيم موجود ونزهته عن جهل كل ملحد كفور وقدسته عن قول كل مفسد غرور كبير لو تقدم في فهم نجد قدير لو تصور في رسم لحد لو عدته فكرة التصور لتصور ولو حدته فكرة لتعذر ولو فهمت له كيفية لبطل قدمه ولو علمت له كيفية لحصل عدمه ولو حصره طرفٌ لقطع بتجسمه ولو قهره وصفٌ لصدع بتقسمه ولو فرض له شبحٌ لرهقه كيف ولو عرض له للحق عجلٌ وريث عظيم من غير تركب قطر عليمٌ من غير ترتب فكر موجود من غير شيء يمسكه معبود من غير وهم يدركه كريمٌ من غير عوض يلحقه حكيم من غير عرضٍ يلحقه قوي من غير سببٍ يجمعه عليٌّ من غير سبب يرفعه لو وجد له جنس لعورض في قيموميته ولو ثبت له حسٌّ لنوزع في ديموميته. ومنها: تقدس عن لم فعله وتنزه عن سم فضله وجل عن ثم قدرته وعز عن عم عزته وعظمت عن من صفته وكثرت عن كم منته فتق ورتق صور وحلق وقطع ووصل ونصر وخذل حمدته حمد من \\عرف ربه ورهب ذنبه وصفت حقيقة يقينه قلبه وذكرت بصيرة دينه لبه فنهض لوعي بشروط نفضته وحد وربط سلك سلوكه وشيد وهدم صرح عتوه وهد وحرس معقل عقله وحد طرد غرور غرته ورذله علم علم تحقيق فنحا نحوه وتفرد له عز وجل بثبوت ربوبيته وقدمه ونعتقد صدور كل جوهر وعرض عن جوده وكرمه ونشهد بتبليغ محمد صلى ربه عليه وسلم رسوله وخير خلقه ونعلن بنهوضه في تبيين فرضه وتبليغ شرعه ضرب قبة شرعه فنسخت كل شرع وجدد عزيمته فقمع عدوه خير قمع قوم كل مقوم بقويم سمته وكريم هديه وبين لقومه كيف يركنون فوره بقصده وسديد سعيه بشر وبعد فقد نصحتم لو كنتم تعلقون وهديتم لو كنتم تعملون وبصرتم لو كنتم تبصرون وذكرتم لو كنت تذكرون وظهرت لكم حقيقة نشركم وبرزت لكم خبيئة حشركم فلم تركضون في طلق غفلتكم وتغفلون عن يوم بعثكم وللموت عليكم سيفٌ مسلول وحكم عزم غير معلوم فكيف بكم يوم يؤخذ كل بذنبه ويخبر بجميع كسبه ويفرق بينه وبين صحبه ويعدم نصرة حزبه ويشغل بهمه وكربه عن صديقه وتربه وتنشر له رقعته وتعين له بقعته فربح عبدٌ نظر وهو في مهل لنفسه وترسل في رضى عمله جنةً لحلول رمسه وكسر صم شهوته ليقر في بحبوحة قدسه وحصر بنظر ينزله سرير سروره بين عقله وجسمه. ومنها: فتنبه ويحك من سنتك ونومك وتفكر فيمن هلك من صحبك وقومك هتف بهم من تعلم وشب عليهم من حرق مظلم فخربت بصيحته ربوعهم وتفرقت لهوله جموعهم وذل عزيزهم وخسي رفيعهم وصم سميعهم فخرج كل منهم عن قصره ورمي غير موسد في قبره فهم بين سعيدٍ في روضته مقرب وبين شقي في حفرته معذب فنستوهب منه عز وجل عصمته من كل خطيئة وخصوصية تقي من كل نفس جريئة. كتب إلى شيخنا الوزير ابن ذي الوزارتين ابن الحكيم جوابًا عن مخاطبة كتبها إليه يلتمس منه وصايته ونصحه هذا الشعر: هو الذي أوجد ما فوقها وتحتها وهو العليم الخبير ثم صلاة الله تترى على ياقوتة الكون البشير النذير وصحبه الأولى نالوا مرأى يرجع عنه العرف وهو الحسير وبعد فأنفسهم جوهر للأرواح منه ما للأثير فإنك استدعيت من ناصر نصحًا طويلًا وهو منه قصير ولست أهلا أن أرى ناصحًا لقلة الصدق وخبث الضمير وإنما يحسن نصح الورى من ليس للشرع عليه نكير ومستحيلٌ أن يقود امرًا يد امرىءٍ واهي المباني ضرير واعجبا يلتمس الخير من معتقل العقل مهيض كسير لكن إذا لم يكن بدٌّ فعن جهد أوفيك بتبر يسير فالقنه إن كنت به قانعًا درا نظيمًا يزدري بالنثير لازم أبا بكر على منهج ذاك تفز منه بخير كثير أين أبو شروان أضحى كأن لم يك أين المعتدي أزدشير هذا مقالٌ من وعاه اهتدي وحيط من كل مخوف مبير وصى أبو بكر به أحمدا وأحمد في الوقت شيخ كبير إنقرضت أيامه وانتهى وهنًا ومن قبل أتاه النذير وها هو اليوم على عدة مبرمه للشر وما من عذير ومن شعره في طريقة الذي كان ينتحله: شهود ذاتك شيء عنك محجوب لو كنت تدركه لم يبق مطلوب علوٌ وسفل ومن هذا وذاك معا دور على نقطة الإشراق منصوب ومنزل النفس منه ميمٌ مذكرة إن صح للغرض الظنى مرغوب وإن تناءت مساويها فمنزلها أوج الكمال وتحت الروح تقليب والروح إن لم تخنه النفس قام له في حضرة الملك تخصيص وتقريب ومن شعره: دعني على حكم الهوى أتضرع فعسى يلين لنا الحبيب ويخشع وامح اسم نفسك طالبًا إثباته واقنع بتفريقٍ لعلك تجمع واخضع فمن دأب المحب خضوعه ولربما نال المنى من يخضع ومن شعره: مالي ببابٍ غير بابك موقف لا ولا لي عن فنائك مصرف هذا مقامي ما حييت فإن أمت فالذل مأوى للضراعة مألف غرضي وأنت به عليم لمحةٌ تذر الشتيت الشمل وهو مؤلف وعليك ليس على سواك معولي جاروا على لأجل ذا أو أنصفوا ومن المقطوعات في التجنيس: يقال خصال أهل العلم ألفٌ ومن جمع الخصال الألف سادا ويجمعها الصلاح فمن تعدي مذاهبه فقد جمع الفسادا ومنه في المعنى: إن شئت فوزًا بمطلوب الكرام غدًا فاسلك من العمل المرضى منهاجا واغلب هوى النفس لا تغررك خادعة فكل شيء يحط القدر منهاجا طلب العلم وروايته وحاجة عامة واستدعاء سلطان وقدوم من سفارة. كان الناس ينسالون عليه ويغشون منزله فيما أدركت كلما تبوأ ضيافة السلطان تبر كابه وأخذًا عنه. \\مولده ولد ببلش بلده في حدود تسع وأربعين وستمائة. وفاته توفي ببلش سحر يوم الأربعاء السابع عشر من شوال عام ثمانية وعشرين وسبعمائة. وممن رثاه شيخنا نسيج وحده العالم الصالح الفاضل أبو الحسن بن الجياب بقصيدة أولها: على مثله خضابة الدهر فاجع تفيض نفوسٌ لا تفيض المدامع ورثاه شيخنا القاضي أبو بكر بن شبرين رحمه الله بقصيدة أولها: أيساعد رائده الأمل أم يسمع سائله الطلل يا صاح فديتك ما فعلت ذا من الأحباب وما فعلوا فأجاب الدمع مناديه أما الأحباب فقد رحلوا ورثاه من هذه البلدة طائفة منهم الشيخ الأديب أبومحمد بن المرابع الآتي اسمه في العيادة له أدعوك ذا جزع لو أنك سامع ماذا أقول ودمع عيني هامع وأنشد خامس يوم دفنه قصيدة أولها: عبرة تفيض حزنًا وثكلا وشجونٌ تعم بعضًا وكلا ليس إلا صبابة أضرمتها حسرةٌ تبعث الأسى ليس إلا وهي حسنة طويلة. إبراهيم بن محمد بن مفرج بن همشك المتأمر رومي الأصل. أوليته مفرج أو همشك من أجداده نصراني أسلم على يدي أحد ملوك بني هود بسرقسطة نزح إليهم وكان مقطوع إحدى الأذنين فكان النصارى إذا رأوه في القتال عرفوه وقالوا هامشك معناه ترى المقطوع الأذن إذ ها عندهم قريب مما هي في اللغة العربي والمشك المقطوع الأذنين في لغتهم. نباهته وظهوره ولما خرج بنو هود عن سرقسطة نشأ تحت خمول إلا أنه شهم متحرك خدم بعض الموحدين في الصيد وتوسل بدلالة الأرض ثم نزع إلى ملك قشتالة واستقر مع النصارى ثم انصرف إلى بقية اللمتونيين بالأندلس بعد شفاعة وإظهار توبة. ولما ولي يحيى بن غانية قرطبة إرتسم لديه برسمه. ثم كانت الفتنة عام تسعة وثلاثين وثار ابن حمدين بقرطبة وتسمى بأمير المؤمنين فبعثه رسولا ثقة بكفايته ودربته وعجمة لسانه لمحاولة الصلح بينه وبين ابن حمدين فأغنى ونبه قدره ثم غلى مرجل الفتنة وكثر الثوار بالأندلس فاتصل بالأمير ابن عياض بالشرق وغيره إلى أن تمكن له الامتزاز بحصن شفوبش ثم تغلب على مدينه شقورة وتملكها وهي ما هي من النعمة فغلظ أمره وساوى محمد بن مردنيش أمير الشرق وداخله حتى عقد معه صهرًا على ابنته فاتصلت له الرياسة والإمارة. وكان يعد سيفًا لصهره المذكور مسلطًا على من عصاه فقاد الجيوش وافتتح البلاد إلى أن فسد ما بينهما فتفاتنا وتقاطعا وانحاز بما لديه من البلاد والمعاقل وعد من ثوار الأندلس أولى الشوكة الحادة والبأس الشديد والشبا المرهوب. وآثاره بعد انقباض دولته تشهد بما تأمل من ملك وسلف من الدولة والدار الآخرة خير لمن اتقى. قال ابن صفوان: وديار شكوى الزمان فتشك حدثتنا عن عزة ابن همشك حاله قال محمد بن أيوب بن غالب المدعو بابن حمامة: أبو إسحاق الرئيس شجاع بهمة من البهم. كان رئيسًا شجاعًا مقدامًا شديد الحزم سديد الرأي عارفًا بتدبير الحرب حمى الأنف عظيم السطوة مشهور الإقدام مرتكبًا للعظيمة قال بعض من عرف به من المؤرخين وهو وإن كان قائد فرسان هو حليف فتنه وعدوان ولم يصحب قط متشرعًا ولا نشأ في أصحابه من كان متورعًا سلطه الله على الخلق وأملى له فأضر بمن جاوره من أهل البلاد وحبب إليه العيث في العباد. سيرته كان جبارًا قاسيًا فظا غليظًا شديد النكال عظيم الجرأة والعبث بالخلق بلغ من عيثه فيهم إحراقهم بالنار وقذفهم من الشواهق والأبراج وإخراج الأعصاب والرباطات عن ظهورهم عن أوتار \\القسي بزعمه وضم أغصان الشجر العادي بعضها إلى بعض وربط الإنسان بينها ثم تسريحها حتى يذهب كل غصن بحظه من الأعضاء ورآه بعض الصالحين في النوم بعد موته وسأله ما فعل الله بك فأنشده: من سره العيث في الدنيا بخلقة من يصور الخلق في الأرحام كيف يشا فليصبر اليوم صبري تحت بطشته مغللا يمتطي جمر الغضا فرشا شجاعته زعموا أنه خرج من المواضع التي كانت لنصره متصيدًا وفي صحبته محاولو اللهو وقارعو أوتار الغناء في مائة من الفرسان ونقاوة أصحابه فما راعهم إلا خيل العدو هاجمه على غرة في مائتي فارس ضعف عددهم فقالوا العدو في مائتي فارس فقال وإذا كنتم أنتم لمائة وأنا لمائة فنحن قدرهم فعد نفسه بمائة. ثم استدعى قدحًا من شرابه وصرف وجهه إلى المغني وقال أعد لي تلك الأبيات كان يغنيه بها فتعجبه: يتلقى الندا بوجهٍ حي وصدور القنا بوجه وقاح هكذا هكذا تكون المعالي طرق الجد غير طرق المزاح فغناه بها واستقبل العدو وحمل عليه بنفسه وأصحابه حملة رجل واحد فاستولت على العدو الهزيمة وأتى على معظمهم القتل ورجع غانمًا إلى بلده. ثم ضربت الأيام وعاود التصيد في موضعه ذلك وأطلق بازه على حجلة فأخذها وذهب ليذكيها فلم يحضره خنجر ذلك الغرض في الوقت فبينما هو يلتمسه إذ رأى نصلًا من نصال المعترك من بقايا يوم الهزيمة فأخذه من التراب وذبح به الطائر ونزل واستدعى الشراب وأمر المغني فغناه بيتي أبي الطيب: تذكرت ما بين العذيب وبارقٍ مجر عوالينا ومجرى السوابق وصحبة قوم يذبحون قنيصهم بفضلات ما قد كسروا في المفارق وقد رأيت من يروي هذه الحكاية عن أمراء بني مردنيش وعلى كل حال فهي من مستظرف الأخبار. دخوله غرناطة قالوا وفي سنة ست وخمسين وخمسمائة في جمادى الأولى منها قصد إبراهيم ابن همشك بجمعه مدينة غرناطة وداخل طائفة من ناسها وقد تشاغل الموحدون بما دهمهم من اختلاف الكلمة عليهم بالمغرب وتوجه الوالي بغرناطة السيد أبي سعيد إلى العدوة فاقتحمها ليلًا واعتصم الموحدون بقصبتها فأجاز بهم بأنواع الحرب ونصب عليهم المجانيق ورمى فيها من ظفر به منهم وقتلهم بأنواع من القتل.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:02 | |
| وعندما اتصل الخبر بالسيد أبي سعيد بادر إليها فأجاز البحر والتف به السيد أبو محمد بن أبي حفص بجميع جيوش الموحدين والأندلس ووصل الجميع إلى ظاهر غرناطة وأصحر إليهم ابن همشك وبرز منها فالتقى الفريقان بمرج الرقاد من خارجها ودارت الحرب بينهم فانهزم جيش الموحدين واعترضت الفل تخوم الفدادين وجداول المياه التي تتخلل المرج فاستولى عليهم القتل وقتل في الوقيعة السيد أبو محمد ولحق السيد أبو سعيد بمالقة وعاد ابن همشك إلى غرناطة فدخلها بجملةٍ من أسرى القوم أفحش فيهم المثلة بمرأى من إخوانهم المحصورين واتصل الخبر بالخليفة بمراكش وهو بمقربة سلا قد فرغ من أمر عدوه فجهز جيشًا أصحبه السيد أبا يعقوب ولده والشيخ أبا يوسف بن سليمان زعيم وقته وداهية زمانه فأجازوا البحر والتقوا بالسيد أبي سعيد بمالقة وتتابع الجمع والتف بهم من أهل الجهاد من المطوعة واتصل منهم السير إلى قرية دلر من قرى غرناطة وكان من استمرار الهزيمة على ابن همشك الذي أمده بنفسه وجيشه من نصارى وغيرهم ما يأتي ذكره عند اسم ابن مردنيش في الموحدين في حرف الميم بحول الله تعالى. إنخلاعه للموحدين عما بيده وجوازه للعدوة ووفاته بها قالوا ولما فسد ما بينه وبين ابن مردنيش بسبب بنته التي كانت تحت الأمير أبي محمد بن مردنيش إلى أن طلقها وانصرفت إلى أبيها وأسلمت إليه ابنها منه مختارة كنف أبيها إبراهيم نازعة في انصرامه إلى عروقها فلقد حكي أنها سئلت عن ولدها وإمكان صبرها عنه فقالت: جرو كلبٍ جرو سوءٍ من كلب سوءٍ لا حاجة لي به فأرسلت كلمتها في نساء الأندلس مثلًا فاشتدت بينهما الوحشة والفتنة وعظمت المحنة وهلك بينهما من الرعايا الممرورين المضطرين بقنينه الثوار ممن شاء الله بهلاكه إلى أن كان أقوى الأٍسباب في تدمير ملكه. \\ولما صرف ابن سعد عزمه إلى بلاده وتغلب على كثير منها خدم ابن همشك الموحدين ولاذ بهم وساتجارهم فأجاز البحر فقدم على الخليفة عام خمسة وستين وخمسمائة وأقره بمواضعه إلى أوائل عام أحد وسبعين فطولب بالانصراف إلى العدوة بأهله وولده وأسكن مكناسة وأقطع بها سآمًا لها خطر واتصلت تحت عنايته إلى أن هلك. وفاته: قالوا واستمر مقام ابن همشك بمكناسة غير كبير وابتلاه الله بفالج غريب الأغراض شديد سوء المزاج إلى أن هلك فكان يدخل الحمام الحار فيشكو حره بأعلى صراخه فيخرج فيشكو البرد كذلك إلى أن مضى سبيله. إبراهيم ابن أمير المسلمين أبي الحسن إبراهيم بن أمير المسلمين أبي الحسن بن أمير المسلمين أبي سعيد عثمان بن أمير المسلمين أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق يكنى أبا سالم. أوليته الشمس تخبر عن حلي وعن حلل. فهو البيت الشهير والجلال الخطير والملك الكبير والفلك الأثير ملاك المسلمين وحماة الدين وأمراء المغرب الأقصى من بني مرين غيوت المواهب وليوث العرين ومعتمد الصريخ وسهام الكافرين. أبوه السلطان أبو الحسن الملك الكبير البعيد شأو الصيت والهمة والعزيمة والتحلي بحلى السنة والإقامة لرسوم الملك والاضطلاع بالهمة والصبر عند الشدة. وأخوة أمير المسلمين فذلكة الحسب ونير النصبة وبدرة المعدن وبيت القصيد أبو عنان فارس الملك الكبير العالم المتحير العامل النظار الجواد الشجاع القسور الفصيح مدد السعادة الذي خرق الله به سياج العادة فما عسى أن يطلب اللسان وأين تقع العبارة وماذا يحصر الوصف عين هذا المجد فوارة وحسب هذا الحسب اشتهاره قولا بالحق وبعدًا عن الإطراء ونشرًا للواء النصفة حفظ الله على الإسلام ظلهم وزين ببدور الدين والدنيا حاله كان شابًا كما تطلع وجهه حسن الهيئة ظاهر الحياء والوقار قليل الكلام صليفة عن اللفظ آدم اللون ظاهر السكون والحيرية والحشمة فاضلًا متخلقًا قدمه أبوه أمير الرتبة موفي الألقاب بوطن سجلماسة وهي عمالة ملكهم فاستحق الرتبة في هذا الباب بمزيد هذه الرتبة المشترط لأول تأليفه. ولما قبضه الله عليه واختار له ما عنده أحوج ما كانت الحال إلى من ينظم الشت ويجمع الكلمة ويصون الدما سبحانه أحوج ما كانت الدنيا إليه وصير إلى وارثه طواعيه وقسرًا ومستحقًا وغلابًا وسلمًا وذاتًا وكسبًا السلطان أخيه تحصل هو وأخ له اسمه محمد وكنيته أبو الفضل يأتي التعريف بحاله في مكانه إن شاء الله فأبقى وأغضى واجتنب الهوى وأجاب داعي البر والشفقة والتقوى فصرفهما إلى الأندلس باشرت إركابها البحر بمدينة سلا ثاني اليوم الذي انصرفت من بابه وصدرت عن بحر جوده وأفضت بإمامة عنايته مصحبًا بما يعرض لسان الثناء من صنوف كرامته في غرض السفارة عن السلطان بالأندلس تغمده الله برحمته ونزل مربلة من بلاد الأندلس المصروفة إلى نظره واصلًا السير إلى غرناطة. دخوله غرناطة قدم هو وأخوه عليها يوم عشرين من جمادى الأولى من عام اثنين وخمسين وسبعمائة. وبرز السلطان إلى لقائهما إبلاغا في التجلة وانحطاطًا في ذمة التخلق فسعيًا إلى مرتجلين وفاوضهما حتى قضيت الحقوق واستفرجت تفقده وجرايته وخلا بأحظى الأمكنة واحتفيا في سرير مجلسه مقسومٌ بينهما الحظ من هشته ولحظته فأما محمد فسولت له نفسه الأطماع واستفزته الأهواء أمرًا كان قاطع أجله وسعد أخيه اختاره الله من دونه. \\وأما إبراهيم المترجم به فجنح إلى أهل العافية بعد أن ناله اعتقال بسبب إرضاء أخيه أمير المسلمين فارس في الأخريات لشهر ذي الحجة من عام تسعة وخمسين وسبعمائة وتقديم ولده الصبي المكنى بأبي بكر المسمى بسعيد لنظر وزيره في الحزم والكفاية حركه الاستدعاء وأقلقته الأطماع وهب به السائل. وعرض بغرضه إلى صاحب الأمر بالأندلس ورفق عن صبوحه فشكا إلى غير مصمت فخرج من الحضرة ليلا من بعض مجاري المياه راكبًا للخطر في أخريات جمادى الأولى من العام بالحضرة المكتبة الجوار من ثغور العدو ولحق بملك قشتالة وهو يومئذ بإشبيلية قد شرع في تجريةٍ إلى عدوه من برجلونه فطرح عليه نفسه وعرض عليه مخاطبات استدعائه ودس له المطامع المرتبطة بحصول غايته فقبل سعايته وجهز له جفنًا من أساطيله أركب فيه في طائفة تحريكه وطعن بحر المغرب إلى ساحل أزمور وأقام به منتظرًا إلى إنجاز المواعد ممن بمراكش فألفى الناس قد حطبوا في حبل منصور بن سليمان وبايعوه بجملتهم فأخفق مسعاه وأخلف ظنه وقد أخذ منصور بمخنق البلد الجديد دار ملك فاس واستوثق له الأمر فانصرف الجفن أرداجه. ولما حاذى لبلاد غمارة من أحواز أصيلًا تنادوا به قومٌ منهم. وانحدروا إليه ووعدوه الوفاء له فنزل إليهم واحتملوه فوق أكتادهم وأحدقوا به في سفح جبلهم وتنافسوا في الذب عنه ثم كبسوا أصيلًا فملكوها وضيق بطنجة فدخلت في أمره واقتدت بها سبتة وجبل الفتح واتصل به بعض الخاصة وخاطبة الوزير المحصور وتخاذل أشياع منصور فخذلوه وفروا عنه جهارًا بغير علة وانصرفت الوجوه إلى السلطان أبي سالم فأخذ بيعاتهم عفوا ودخل البلد المحصور وقد تردد بينه وبين الوزير المحصور مخاطبات في رد الدعوة إليه فدخل البلد يوم الخميس خامس عشرة شعبان من عام التاريخ واستقر وجدد الله عليه أمره وأعاد ملكه وصرف عليه حقه وبلى هذا الأمير من سير الناس إلى تجديد عهد أبيه وطاعتهم إلى أمره وجنوحهم إلى طاعته وتمني مدته حال غريبة صارت عن كثبٍ إلى أضدادها فصرف ولده إلى اجتناث شجرة أبيه فالتقط من الصبية بين مراهق ومحتلم ومستجمع طائفة تناهز العشرين غلمانًا ردنة قتلوا إغراقًا من غير شفعة توجب إباحة قطرة من دمائهم ورأى أن قد خلاله الجو فتواكل وآثر الحجبة وأشرك الأيدي في ملكه فاستبيحت أموال الرعايا وضافت الجبايات وكثرت الظلامات وأخذ الناس حرمان العطاء وانفتحت أبواب الإرجاف وحدت أبواب القواطع إلى أن كل من أمره ما هو معروف. وفي أول من شهر رجب عام واحد وستين وسبعمائة تحرك الحركة العظمى إلى تلمسان وقد استدعى الجهات وبعض البلاد ونهد في جيوش تجر الشوك والحجر ففر سلطانها أمام عزمه وطار الذعر بين يدي الضلالة وكنا قد استغثنا القرار في إيالته وانتهى بنا الإزعاج إلى ساحل سلا من ساحل مملكته فخاطبته وأنا يومئذٍ مقيم بتربة أبيه متذممٌ بها في سبيل استخلاص أملاكي بالأندلس في غرض التهنئة والتوسل: مولاي فتاح الأقطار والأمصار فائدة الزمان والأعصار أثير هبات الله الآمنة من الاعتصار قدوة أولى الأيدي والأبصار. وفاته وفي ليلة العشرين من شهر ذي قعدة من عام اثنين وستين وسبعمائة ثار عليه بدار الملك وبلد الإمارة المعروف بالبلد الجديد من مدينة فاس الغادر مخلفه عليها عمر بن عبد الله بن علي نسمة السوء وجملة الشؤم المثل البعيد في الجرأة على قدر اهتبل غرة انتقاله إلى القصر السلطاني بالبلد القديم محتولا إليه حذرًا من قاطع فكلي الجدر منه استعجله ضعف نفسه وأعانه على فرض صحته به وسد الباب في وجهه ودعا الناس إلى بيعة أخيه المعتوه وأصبح حائرًا بنفسه يروم استرجاع أمر ذهب من يده ويطوف بالبلد يلتمس وجهًا إلى نجاح حيلته فأعياه ذلك ورشقت من معه السهام وفرت عنه الأجناد والوجوه وأسلمه الدهر وتبرأ منه الجد وعندما جن عليه الليل فر على وجهه وقد التفت عليه الوزراء وقد سفهت أحلامهم وفالت آرائهم ولو قصدوا به بعض الجبال المنيعة لو لوا وجوههم شطر مظنة الخلاص واتصفوا بعذار الإقلاع ولكنهم نكلوا عنه ورجعوا أدراجهم وتسللوا راجعين \\إلى بر غادر الجملة وقد سلبهم الله لباس الحياء والرجلة وتأذن الله لهم بسوء العاقبة وقصد بعض بيوت البادية وقد فضحه نهار الغداة واقتفى البعث أثره حتى وقعوا عليه وسيق إلى مصرعه وقتل بظاهر البلد ثاني اليوم الذي كان غدر فيها جعلها الله له شهادة ونفعه بها فلقد كان بقية البيت وآخر القوم دماثة وحياء وبعدًا عن الشر وركونًا للعافية. وأنشدت على قبره الذي ووريت به جئته بالقلعة من ظاهر المدينة قصيدة أديت فيها بعض حقه: بني الدنيا بني لمع السراب لدوا للموت وابنوا للخراب إبراهيم بن يحيى الهنتاني إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص عمر بن يحيى الهنتاني أبو إسحاق أمير المؤمنين بتونس وبلاد إفريقية ابن الأمير أبي زكريا أمير إفريقية وأصل الملوك المتأثلين العز بها والفرع الذي دوح بها من فروع الموحدين بالمغرب واستجلابه بها أبا محمد عبد المؤمن بن علي أبا الملوك من قومه وتغلب ذريته على المغرب وإفريقية والأندلس معروف كله يفتقر بسطه إلى إطالة كثيرة تخرج عن الغرض. وكان جد هؤلاء الملوك من أصحاب المهدي في العشرة الذين هبوا لبيعته وصحبوه في غربته أبو حفص عمر بن يحيى ولم يزل هو وولده من بعده مرفوع القدر معروف الحق. ولما صار الأمر للناصر أبي عبد الله بن المنصور أبي يوسف يعقوب بن عبد المؤمن بن علي صرف وجهه إلى إفريقية ونزل بالمهدية وتلوك إليه ابن غانية فيمن لغه من العرب والأوباش في جيش يسوق الشجر والمدر فجهز إلى لقائه عسكرًا لنظر الشيخ أبي محمد عبد الواحد بن أبي حفص جدهم الأقرب فخرج من ظاهر المهدية في أهبة ضخمة وتعبية محكمة والتقى الجمعان فكانت على ابن غانية الدايرة ونصر الشيخ محمد نصرًا لا كفاء له وفي ذلك يقول أحمد بن خالد من شعر عندهم: فتوحٌ بها شدت عرى الملك والدين تراقب منا منكم غير ممنون وفتحت المهدية على هيئة ذلك الفتح وانصرف الناصر إلى تونس ثم تفقد البلاد وأحكم ثقافها وشرع في الإياب إلى المغرب وترجج عنده تقديم أبي محمد بن أبي حفص المصنوع له بإفريقية على ملكها مستظهرًا منه بمضاء وسابقة وحزم بسط يده في الأموال وجعل إليه النظر في جميع الأمور سنة ثلاث وستمائة ثم كان اللقاء بينه وبين ابن غانية في سنة ست بعدها فهزم ابن غانية واستولى على محلته فاتصل سعده وتوالى ظهره إلى أن هلك مشايعًا لقومه من بني عبد المؤمن مظاهرًا بدعوتهم عام تسعة وعشرين وستمائة. وولي أمره بعده كبير ولده عبد الله على عهد المستنصر بالله بن الناصر من ملوكهم وقد كان الشيخ أبو محمد زوحم عند اختلال الدولة بالسيد أبي العلاء الكبير عم أبي المستنصر على أن يكون له اسم الإمارة بقصبة تونس والشيخ أبو محمد على ما لسائر نظره فبقي ولده عبد الله على ذلك بعد إلى أن كان ما هو أيضًا معروف من تصير الأمر إلى المأمون أبي العلاء إدريس ووقعه السيف في وجوه الدولة بمراكش وأخذه بثرة أخيه وعمه منهم. وثار أهل الأندلس على السيد أبي الربيع بعده بإشبيلية وجعجعوا بهم وأخذوا في التشريد بهم وتبديد دعوتهم واضطربت الأمور وكثر الخلاف ولحق الأمير أبو زكريا بأخيه بإفريقية وعرض عليه الاستبداد فأنف من ذلك وأنكره عليه إنكارًا شديدًا خاف منه على نفسه فلحق بقابس فارًا واستجمع بها مع شيخها مكى وسلف شيوخها اليوم من بني مكي فمهد له وتلقاه بالرحب وخاطب له الموحدين سرًا فوعدوه بذلك عند خروج عبد الله من تونس إلى الحركة من جهة القيروان. فلما تحرك نحوا عليه وطلبوا منه المال وتلكأ فاستدعوا أخاه الأمير أبا زكريا فلم يرعه وهو قاعد في خبائه آمنٌ في سربه إلا ثورة الجند به والقبض عليه ثم طردوه إلى مراكش وقعد أخوه الأمير أبو زكريا مقعده وأخذ بيعة الجند والخاصة لنفسه مسبتدًا بأمره ورحل إلى تونس فأخذ بيعة العامة وقتل السيد الذي كان بقصبتها وقبض أهل بجاية حين بلغهم الخبر على واليها السيد أبي عمران فقبلوه تغريقًا وانتظمت الدولة وتأثل الأمر وكان حازمًا داهية مشاركا في الطلب أديبًا راجح العقل أصيل الرأي حسن السياسة مصنوعًا له موفقًا في تدبيره جبي الأموال واقتنى العدد واصطنع الرجال \\واستكثر من الجيش وهزم العرب وافتتح البلاد وعظمت الأمنة بينه وبين الخليفة بمراكش الملقب بالسعيد وعزم كل منهما على ملاقاة صاحبه فأبى القدر ذلك فكان من مهلك السعيد بظاهر تلمسان ما هو معروف واتصل بأبي زكريا هلك ولده ولي العهد أبي يحيى ببجاية فعظم عليه حزنه وأفرط جزعه واشتهر من رثائه فيه قوله: ألا جازعٌ يبكي لفقد حبيبه فإني لعمري قد أضر بي الثكل لقد كان لي مالٌ وأهل فقدتهم فهأنا لا مالٌ لدي أهل ولا أهل سأبكي وأرثي حسرةً لفراقهم بكاء قريحٍ لا يمل ولا يسل فلهفي ليوم فرق الدهر بيننا ألا فرجٌ يرجى فينتظم الشمل وإني لأرضى بالقضاء وحكمه وأعلم ربي أنه حاكم عدل نسبه ابن عذاري المراكشي في البيان المغرب. واعتل بطريقه فمات ببلد العناب لانقضاء أربعة من مهلك السعيد وكان موت السعيد يوم الثلاثاء منسلخ صفر سنة ست وأربعين وستمائة. وبويع ولده الأمير أبو عبد الله بتونس وسنه إحدى وعشرين سنة فوجد ملكًا مؤسسًا وجندًا مجندًا وسلطانًا قاهرًا ومالا وافرًا فبلغ الغاية في الجبروت والتيه والنخوة والصلف وتسمي بأمير المؤمنين. وتلقب بالمستنصر بالله ونقم عليه أرباب دولته أمورًا أوجبت مداخلة عمه أبي عبد الله بن عبد الواحدالمعروف باللحياني ومبايعته سرًا بداره وانتهى الخبر للمستنصر فعاجل الأمر قبل انتشاره برأي الحزمة من خاصته كابن أبي الحسين وأبي جميل بن أبي الحملات بن مردنيش وظافر الكبير وقصدوا دار عمه فكبسوها فقتلوا من كان بها وعدتهم تناهز خمسين منهم عمه فسكن الإرجاف وسلم المنازع وأعطت مقادها واستمرت أيامه وأخباره في الجود والجرأة والتعاظم على ملوك زمانه مشهورة. وكانت وفاته سنة أربع وسبعين وستمائة. وولي أمره بعده ابنه الملقب بالواثق بالله وكان مضعوفًا ولم تطل مدته. عاد الحديث وكان عمه المترجم لما اتصل به مهلك أخيه المستنصر قد أجاز البحر من الأندلس ولحق بتلمسان وداخل كثيرًا من الموحدين بها كأبي هلال فهيأ له أبو هلال تملك بجاية ثم تحرك إلى تونس فتغلب عليها فقتل الواثق وطائفة من إخوته وبنيه منهم صبيٌ يسمى الفضل وكان أنهضهم واستبد بالأمر رتمت بيعته بإفريقية وكان من الأمر ما يذكر. حاله كان أيدا جميلًا وسميًا ربعة بادنا آدم اللون شجاعًا بهمةً عجلًا غير مراخٍ ولا حازم منحطا في هوى نفسه منقادًا للذته بريئًا من التشمت في جميع أمره. وولي الخلافة في حال كبره ووخطه الشيب وآثر اللهو حتى زعموا أنه فقد فوجد في مزرعة باقلًا مزهرةٍ ألفى فيها بعد جهد نائمًا بينها نشوان يتناثر عليه سقطها واحتجب عن مباشرة سلطانه فزعموا أن خالصته أبا الحسن بن سهل داخل الناس بولده أبي فارس في خلعه والقيام مكانه وبلغه ذلك فاستعد وتأهب واستركب الجند ودعا ولده فأحضره ينتظر الموت من يمينه وشماله وأمر للحين فقتل وطرح بأزقة المدينة وعجل بإزعاج ولده إلى بجاية وعاد إلى حاله. دخوله غرناطة قالوا ولما أوقع الأمير المستنصر بعمه أبي عبد الله كان أخوه أبو إسحاق ممن فر بنفسه إلى الأندلس ولجأ إلى أميرها أبي عبد الله بن الغالب بالله أبي عبد الله بن نصر ثاني ملوكهم فنوه به وأكرم نزله وبوأه بحال عنايته وجعل دار ضيافته لأول نزوله القصر المنسوب إلى السيد خارج حضرته وهو آثر قصوره لديه وحضر غزوات أغزاها ببلاد الروم فظهر منه في نكاية العدو وصدامه سهولة وغناء. \\ولما اتصل به موت أخيه تعجل الانصراف ولحق بتلمسان وداخل منها كبيرًا من الموحدين يعرف بأبي هلال بباجة كما تقدم فملكه أبو هلال منها بجاية ثم صعد تونس فملكها فاستولى على ملك ابن أخيه وما ثم من ذمه وارتكب الوزر الأعظم فيمن قتل معه وكان من أمره ما يأتي ذكره إن شاء الله. الذي قيضه الله لهلاك حينه قالوا واتهم بعد استيلائه على الأمر فتًى من أخصاء فتيان المستنصر اسمه نصير بمال وذخيرة وتوجه إليه طلبه ونال منه. وانتهز الفتى فرصةً لحق فيها بالمغرب واستقر بحلال المراعمة من عرب دباب وشارع الفساد عليه بجملة جهده حريصًا على إفساد أمره وعثر لقضاء الله وقدره بدعي من أهل بجاية يعرف بابن أبي عمارة. حدثني الشيخ المسن الحاج أبو عثمان اللواتي من عدول المياسين متأخر الحياة إلى هذا العهد قال خضت مع ابن أبي عمارة ببعض الدكاكين بتونس وهو يتكهن لنفسه ما آل إليه أمره ويعد بعض ما جرى به القدر وكان أشبه الخلق بأحد الصبية الذين ماتوا ذبحًا بالأمير أبي إسحاق وهو الفضل فلاحت لنصير وجه حيلته فبكى حين رآه وأخبره بشبهه بمولده ووعده الخلافة فحرك نفسًا مهيأة في عالم الغيب المحجوب إلى ما أبرزته المقادر فوجده منقادًا لهواه فأخذ في تلقينه ألقاب الملك وأسماء رجاله وعوايده وصفة قصوره وأطلعه على إماراتٍ جرت من المستنصر لأمراء العرب سرًا كان يعالجها نصير وعرضه على العرب بعد أن أظهر العويل ولبس الحداد وأركبه وسار بين يديه حافيًا حزنًا لما ألفاه عليه من المضيعة وأسفًا لما جرى عليه فبايعته العرب النافرة وأشادوا بذكره وتقووا بما قرره من إمارته فعظم أمره واتصل بأبي إسحاق نبأه فبرز إليه بعد استدعاء ولده من بجاية فالتقى الفريقان وتمت على الأمير أبي إسحاق الهزيمة واستلحم الكثير ممن كان معه وهلك ولده ولجأ أخوه الأمير أبو حفص لقلعة سنان وفر هو لوجهه حتى لحق ببجاية وعاجله ابن أبي عمارة فبعث جريدة من الجند لنظر أشياخ من الموحدين وأغرت إليهم الإيقاع فوصلت إلى بجاية فظن من رآه من الفل المنهزم فلم يعترضه معترض عن القصبة. وقبض على الأمير أبي إسحاق فطوقه الحمام واحتز رأسه وبعث إلى ابن أبي عمارة به وقد دخل تونس واستولى على ملكها وأقام سنين ثلاثة أو نحوها في نعماء لا كفاء له واضطلع بالأمر وعاث في بيوت أمواله وأجرى العظائم على نسائه ورجاله إلى أن فشا أمره واستقال الوكن من تمرته فيها وراجع أرباب الدولة بصايرهم في شأنه ونهد إليه الأمير أبو حفص طالبًا بثأر أخيه فاستولى ودحض عاره واستأصل شأفته ومثل به والملك لله الذي لا تزن الدنيا جناح بعوضة عنده. وفي هذا قلت عند ذكر أبي حفص في الرجز المسمى بنظم الملوك المشتمل على دول الإسلام أجمع على اختلافها إلى عهدنا فمنه في ذكر بني حفص: ولهم يحيى بن عبد الواحد وفضلهم ليس له من جاحد وهو الذي استبد بالأمور وحازها ببيعة الجمهور ثم تولى ابنه المستنصر وهو الذي علياه لا تنحصر أصاب ملكا رئيسًا أوطانه وافق عزًا ساميًا سلطانه ودولةً أموالها مجموعة وطاعةً أقوالها مسموعة فلم تخف من عهدها انتكاثًا وعاث في أموالها عياثا هبت بنصر عزه الرياح وسقيت بسعده الرماح حتى إذا أدركه شرك الردى وانتحب النادي عليه والندا قام ابنه الواثق بالتدبير ثم مضى في زمن يسير سطا عليه العم إبراهيم والملك في أربابه عقيم وعن قريبٍ سلب الإمارة عنه الدعي ابن أبي عمارة عجيبةٌ من لعب الليالي ما خطرت لعاقل ببال واخترم السيف أبا إسحاقا أبا هلال لقي المحاقا واضطربت على الدعي الأحوا ل والحق لا يغلبه المحال وهذه الأمور تستدعي الإطالة مخلةٌ بالغرض ومقصدي أن أستوفي ما أمكن من التواريخ التي لم يتضمنها ديوان وأختصر ما ليس بقريب والله ولي الإعانة بمنه. إبراهيم بن محمد بن مالك الأزدي إبراهيم بن محمد بن أبي القاسم بن أحمد بن محمد ابن سهل بن مالك بن أحمد بن إبراهيم بن مالك الأزدي يكنى أبا إسحاق. \\أوليته منزل جدهم الداخل إلى الأندلس قرية شون من عمل أو قيل من إقليم إلبيرة. قال ابن البستي: بيتهم في الأزد ومجدهم ما مثله مجد حازوا الكمال وانفردوا بالأصالة والجلال مع عفة وصيانة ووقار وصلاح وديانة نشأ على ذلك سلفهم وتبعهم الآن خلفهم. وذكرهم مطرف بن عيسى في تاريخه في رجال الأندلس وقال ابن مسعدة وقفت على عقد قديم لسلفي فيه ذكر محمد بن إبراهيم بن مالك الأزدي وقد حلى فيه بالوزير الفقيه أبي أحمد بن الوزير الفقيه أبي عمرو إبراهيم وتاريخ العقد سنة ثلاث وأربعمائة فناهيك من رجال تحلوا بالجلالة والطهارة منذ أزيد من أربعمائة سنة ويوصفون في عقودهم بالفقه والوزارة منذ ثلاثمائة سنة في وقت كان فيه هذا المنصب في تحلية الناس ووصفهم في نهاية من الضبط والحرز بحيث لا يتهم فيه بالتجاوز لأحد لا سيما في العقود فكانوا لا يصفون فيه الشخص إلا بما هو الحق فيه والصدق وما كان قصدي في هذا إلا أن شرفهم غير واقف عليه أو مستندٌ في الظهور إليه بل ذكرهم على قديم الزمان شهير وقدرهم خطير. قلت ولما عقد لولدي عبد الله أسعده الله على بنت الوزير أبي الحسن بن الوزير أبي الحسن القاسم بن الوزير أبي عبد الله بن الفقيه العالم الوزير حزم فخارهم ومجدد آثارهم أبي الحسن سهل بن مالك خاطبت شيخنا أبا البركات بن الحاج أعرض ذلك عليه فكان من نص مراجعته فسبحان الذي أرشدك لبيت الستر والعافية والأصالة وشحوب الأبرار قاتلك الله ما أجل اختيارك وخلف هذا البيت الآن على سنن سلفهم من التحلي بالوزارة والاقتياد من العظمة الزاكية والاستناد القديم الكريم واغتنام العمر بالنسك عناية من الله أطرد لهم قانونها واتصلت عادتها والله ذو الفضل العظيم. حاله كل من أهل السر والخصوصية والصمت والوقار ذا حظ وافر من المعرفة بلسان العرب ذكي الذهن متوقد الخاطر مليح النادرة شنشنته معروفة فيهم. سار بسيرة أبيه وأهل بيته وفاته ابن حرة إبراهيم بن فرج بن عبد البر الخولاني من أهل قرطبة يكنى أبا إسحاق ويعرف بابن حرة.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:03 | |
| أوليته من أهل البيوتات بالحضرة ولي أبوه القهرمة لثاني الملوك من بني نصر فتأثل مالًا ونباهةً. حاله هذا الرجل من أعيان القطر ووزراء الصقع وشيوخ الحضرة أغنى هذه المدرة يدًا وأشغلهم بالعرض الأدنى نفسًا تحرف بالتجر المربوب في حجر الجاه ونما ماله تحاط به الجدات وتنمو الأموال ففار تنورها وفهق حوضها كثير الخوض في التصاريف الوقتية والأدات الزمانية وأثمان السلع وعوارض الأسعار متبجح بما ظهرت به يده من علق مضنة هرى المدينة الذي ينفق على أسواقها عند ارتفاع القيم وتمييز الأسعار وبلوغها الحد الذي يراه كفؤ حبته ومنتهى ثمن غلته غرض الفكر يخاطب الحيطان والشجر والأساطين محاسبًا إياها على معاملات وأغراض فنية يرى من التلبس شيئًا من المعارف والآداب والصنائع وحجة من الحجج في الرزق تغلب عليه السذاجة والصحة دمثٌ متخلق متنزل مختصر الملبس والمطعم كثير التبذل يعظم الانتفاع به في باب التوسعة بالتسلف والمداينة حسن الخلق كثير التجمل مبتلى بالموقب والطانز: يسمع ذي القحة ويصم على ذوي المسألة. ظهوره وحظوته لبس الحظوة شملة لم يفارق طرقها رقبته إذ كان صهرًا للمتغلب على الدولة أبي عبد الله بن المحروق صار بسهم في جذور خطته وألقى في مرقه حظوته مشتملا على حاله بعباءة جاهه ثم صاهر المصير الأمر إليه بعده القائد الحاجب أبا النعيم رضوان مولى الدولة النصرية وهلم جرا بعد أن استعمل في السفارة إلى العدوة وقشتالة في أغراض تليق بمبعثه مما يوجب فيه المياسير والوجوه مشرفين معززين بمن يقوم بوظيفة المخاطبة والجواب والرد والقبول وولى وزارة السلطان \\لأول ملكه في طريق من ظاهر جبل الفتح إلى حضرته وأيامًا يسيرة من أيام اختلاله إلى أن رغب الخاصة من الأندلسيين في إزالته وصرف الأمر إلى الحاجب المذكور الذي تسقط مع رياسته المنافسة وترضي به الجملة وامتحن هو وأخوه بالتغريب إلى تونس عن وطنهما على عهد السلطان الثالث من بني نصر. ثم آب عن عهد غير بعيد ثم أسن واستسر أديمه وضجر عن الركوب إلى فلاحته التي هي قرة عينه وحظ سعادته يتطارح في سكة المترددين بإزاء بابه مباشرٌ الثرى بثوبه قد سدكت به شكايةٌ شائنة قلما يفلت منها الشيوخ ولا من شركها فهي تزفه بولاء بحال تقتحمها العين شعثًا وبعدًا عن النظر فلم يطلق الله يده من جدته على يده فليس في سبيل دواء ولا غذاء إلى أن هلك. وفاته في وسط شوال عام سبعة وخمسين وسبعمائة. مولده في سنة خمس وسبعين وستمائة ابن المرأة إبراهيم بن يوسف بن دهاق الأوسي إبراهيم بن يوسف بن محمد بن دهاق الأوسي حاله سكن مالقة دهرًا طويلا ثم انتقل إلى مرسية باستدعاء المحدث أبي الفضل المرسي والقاضي أبي بكر بن محرز وكان متقدمًا في علم الكلام حافظا ذاكرًا للحديث والتفسير والفقه والتاريخ وغير ذلك. وكان الكلام أغلب عليه فصيح اللسان والقلم ذاكرًا لكلام أهل التصوف يطرز مجالسه بأخبارهم. وكان بحرًا للجمهور بمالقة ومرسية بارعًا في ذلك متفننًا له متقدمًا فيه حسن الفهم لما يلقيه له وثوب على التمثيل والتشبيه فيما يقرب للفهم مؤثرًا للخمول قريبًا من كل أحد حسن العشرة مؤثرًا بما لديه. وكان بمالقة يتجر بسوق الغزل قال الأستاذ أبو جعفر وقد وصمه وكان صاحب حيل ونوادر مستظرفة يلهى بها أصحابه ويؤنسهم ومتطلعًا على أشياء غريبة من الخواص وغيرها فتن بها بعض الحلبة واطلع كثير ممن شاهده على بعض ذلك وشاهد منه بعضهم ما يمنعه الشرع من المرتكبات الشنيعة فنافره وباعده بعد الاختلاف إليه متهم شيخنا القاضي العدل المسمى الفاضل أبو بكر بن المرابط رحمه الله أخبرني من ذلك بما شاهد مما يقبح ذكره وتبرأ منه من كان سعى في انتقاله إلى مرسية والله أعلم بغيبه وضميره. منها شرحه كتاب الإرشاد لأبي المعالي وكان يعلقه من حفظه من غير زيادة وامتداد وشرح الأسماء الحسنى وألف جزءا في إجماع الفقهاء وشرح محاسن المجالس لأبي العباس أحمد بن العريف. وألف غير ذلك. وتواليفه نافعة في أبوابها حسنة الرصف والمباني. من روى عنه أبو عبد الله بن أحلى وأبو محمد عبد الرحمن بن وصلة. وفاته توفي بمرسية سنة أحد عشر وستمائة. التلمساني إبراهيم بن أبي بكر الأصاري إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الله بن موسى الأنصاري تلمساني وقرشي الأصل نزل بسبتة يكنى أبا إسحاق ويعرف بالتلمساني. حاله كان فقهيًا عارفًا بعقد الشروط مبرزًا في العدد والفرايض أديبًا شاعرًا محسنا ماهرًا في كل ما يحاول. \\نظم في الفرايض وهو ابن ثمانية وعشرين سنة أرجوزة محكمة بعلمها ضابطة عجيبة الوضع. قال ابن عبد الملك وخبرت منه في تكراري عليه تيقظا وحضور ذهن وتواضعًا وحسن إقبال وبر وجميل لقاء ومعاشرة وتوسطًا صالحًا فيما يناظر فيه من التواليف واشتغالًا بما يعنيه من أمر معاشه وتخاملا في هيئته ولباسه يكاد ينحط عن الاقتصاد حسب المألوف والمعروف بسبتة. قال ابن الزبير كان أديبًا لغويًا فاضلا إمامًا في الفرائض. مشيخته تلا بمالقة علي أبي بكر بن دسمان وأبي صالح محمد بن محمد الزاهد وأبي عبد الله ابن حفيد وروي بها عن أبي الحسن سهل بن مالك ولقي أبا بكر بن محرز وأجاز له وكتب إليه مجيزًا أبو الحسن بن طاهر الدباج وأبو علي الشلوبين ولقي بسبتة الحسن أبا العباس بن علي بن عصفور الهواري وأبا المطرف أحمد ابن عبد الله بن عفيرة فأجازوا له وسمع علي بن أبي يعقوب بن موسى الحساني الغماري. من روى عنه روي عنه الكثير ممن عاصره كأبي عبد الله بن عبد الملك وغيره. تواليفه من ذلك الأرجوزة الشهيرة في الفرائض لم يصنف في فنها أحسن منها. ومنظوماته في السير وأمداح النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك المعشرات على أوزان العرب وقصيدة في المولد الكريم وله مقالة في علم العروض الدوبيتي. شعره وشعره كثير مبرز الطبقة بين العالي والوسط منحازًا أكثر إلى الإجادة جمة وتقع له الأمور العجيبة فيه كقوله: الغدر في الناس شيمة سلفت قد طال بين الورى تصرفها ما كل من سرت له نعمٌ منك يرى قدرها ويعرفها بل ربما أعقب الجزاء بها مضرةٌ عنك عز مصرفها أما ترى الشمس تعطف بالن ور على البدر وهو يكسفها دخوله غرناطة أخبر عن نفسه أن أباه انتقل به إلى الأندلس وهو ابن تسعة أعوام فاستوطن به غرناطة ثلاثة أعوام ثم رحل إلى مالقة فسكن بها مدة وبها قرأ معظم قراءته. ثم انتقل إلى سبتة وتزود بها أخت الشيخ أبي الحكم مالك بن المرحل. وهذا الشيخ جد صاحبنا وشيخنا أبي الحسين ومن شعره وهو صاحب مطولات مجيدة وأمادح مبدية في الإحسان معيدة فمن قوله يمدح الفقيه أبا القاسم العزفي أمير سبتة: أرأيت من رحلوا وزموا العيسا ولا نزلوا على الطلول حسيسًا أحسبت سوف يعود نسف ترابها يومًا بما يشفى لديك نسيسًا هل من مؤنسٍ نارًا بجانب طورها لأنيسها أم هل تحس حسيسًا مولده قال ابن عبد الملك أخبرني أن مولدهعو بتلمسان سنة تسع وستمائة. وفاته في عام تسعين وستمائة بسبتة على سن عالية فسحت مدى الانتفاع به. إبراهيم بن محمد الأنصاري إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الساحلي المشهور بالطويجن من غرناطة حاله من كتاب عائد الصلة كان رحمه الله نسيج وحده في الأدب نظمًا ونثرًا لا يشق فيهما غباره كلام صافي الأديم غزير المائية أنيق الديباجة موفور المادة كثير الحلاوة جامعٌ بين الجزالة والرقة إلى خط بديع ومشاركة في فنون وكرم نفس واقتدار على كل محاولة. رحل بعد أن اشتهر فضله وذاع أوجه فشرق وجال في البلاد. \\ثم دخل إلى بلد السودان فاتصل بملكها واستوطنها زمانًا طويلا بالغًا فيها أقصى مبالغ المكنة والحظوة والشهرة والجلالة واقتنى مالا دثرًا ثم آب إلى المغرب وحوم على وطنه فصرفه القدر إلى مستقره من بلاد السودان مستزيدًا من المال. وأهدى إلى ملك المغرب هدية تشتمل على طرف فاثأبه عليها مالا خطيرًا ومدحه بشعر بديع كتبناه عنه. وجرى ذكره في كتاب التاج بما نصه: جواب الآفاق ومحالف الإباق ومنفق سعد الشعر كل الإنفاق رفع ببلده للأدب رأية لا تحجم وأصبح فيها يسوي ويلجم فإن نسب جرى ونظم نظم الجمان المحامد وإن ابن ورثى غبر في وجوه السوابق وحنا ولما اتفق كساد سوقه وضياق حقوقه أخذ بالحزم وأدخل على حروف علايه عوامل الجزم يسقط على الدول سقوط الغيث ويحل كناس الظبا وغاب الليث شيع العجائب وركض النجائب فاستضاف بصرام وشاهد البرابي والأهرام ورمى بعزمته الشأم فاحتل ثغوره المحوطة ودخل دمشق وتوجه الغوطة ثم عاجلها بالعراق فحيا بالسلام مدينة السلام وأورد بالرافدين رواحله ورأى اليمن وسواحله ثم عدل إلى الحقيقة عن المجاز وتوجه إلى شأنه الحجاز فاستلم الركن والحجر وزار القبر الكريم لما صدر وتعرف بمجتمع الوفود بملك السود فغمره بإرفاده وصحبه إلى بلاده فاستقر بأول أقاليم العرض وأقصى ما يعمر من الأرض فحل بها محل الحمر في الغار والنور في سواد الأبصار وتقيد بالإحسان وإن كان غريب الوجه واليد واللسان وصدرت عنه رسائل أثناء إغرابه تشهد بجلالة آدابه وتعلق الإحسان بأهدابه. نثره فمن ذلك ما خاطب به أهل غرناطة بلده وقد وصل إلى مراكش: سلام ليس دارين شعاره وحلق الروض والنضير به صداره وأنسى نجدًا شمه الزكي وعراره جر ذيله على الشجر فتعطر وناجى غصن البان فاهتز لحديثه وتأطر وارتشف الندى من ثغور الشقائق وحيا خدود الورد تحت أردية الحدائق طربت له النجدية المستهامة فهجرت صباها ببطن تهامة وحن ابن دهمان لصباه وسلا به التميمي عن رياه وأنسى النميري ما تضوع برقيب من بطن نعمايه واستشرف السمر والبان وتخلق بخلوقة الآس والظيان حتى إذا راقت أنفاس تحياته ورقت وملكت نفائس النفوس واستشرقت ولبست دارين في ملائها ونظمت الجوزاء في عقد ثنائها واشتغل بها الأعشى عن روضه ولهى وشهد ابن برد شهادة أطراف المساويك لها خيمت في ربع الجود بغرناطة ورقت وملأت دلوها إلى عقد ركبه وأقبلت منابت شرقها عن غربه لا عن عرفه هناك تترى لها صدور المجالس تحمل صدورًا وترايب المعالي تحلى عقودًا نفيسة وجذورًا ومحاسن الشرف تحاسن البروج في زهرها والأفنية في إيوانها والأندية في شعب بوانها لو رآها النعمان لهجر سديره أو كسرى لنبذ إيوانه وسريره أو سيف لقصر عن غمدانه أو حسان جلق لغسانه. بلاد بها نيطت على تمائمي وأول أرض مس جلدي ترابها فإذا قضيت من فرض السلام ختما وقضت من فاره الثناء حتما ونفضت طيب عرارها على تلك الأنداء واقتطفت أزاهر محامدها أهل الود القديم والإخاء وعمت من هنالك من الفضلاء وتلت سور آلائها على منبر ثنائها وقصت وعطفت على من تحمل من الطلبة بشارتهم وصدرت عن إشارتهم وأنارت نجمًا حول هالتهم المنيرة ودارتهم فهناك تقص أحاديث وجدى على تلك المناهج لا إلى صلة عالج وشوقي إلى تلك العليا لا إلى عبلة والجزا إلى ذلك الشريف الجليل فسقى الله تلك المعاهد غيداقًا يهمي دعاؤها ويغرق روضها إغراقًا حتى تتكلل منه نحور زندها درًا وترنو عيون أطراف نرجسها إلى أهلها سررًا وتتعانق قدود أغصانها طربًا وتعطف خصور مذانبها على أطراف كثبانها لعبًا وتضحك ثغور أقاحها عند رقص أدواحها عجبًا وتحمر خدود وردها حياءً وتشرق حدائق وردها سناء وتهدي إلى ألسنة صباها خبر طيبة وإنباء حتى تشتغل المطرية عن روضتها المردودة والمتكلىء عن مشاويه المجودة والبكرى عن شقائق رياض روضته الندية والأخطل عن خلع بيعته الموشية. \\فما الخورنق وسراد والرصافة وبغداد وما لف النيل في ملأته كرمًا إلى أفدين سقايته وحارته غمدان عن محراب وقصر وابرية البلقاء عن غوطة ونهر بأحسن من تلك المشاهد التي تساوي في حسنها الغائب والشاهد وما لمصر تفخر بنيلها والألف منها في شنيلها وإنما زيدت الشين هنالك ليعد بذلك: ويا لله من شوق حثيث ومن وجدٍ تنشط بالصميم أجنح إنساني في كل جانحة. وأنطق لساني من كل جارحة وأهيم وقلبي رهين الأنين وصريع البين تهفق به الرياح البليلة إذا ثارت وتطير به أجنحة البروق الخافقة أينما طارت وقد كنت أستنزل قربهم براحة الأجل وأقول عسى وطن يدنيهم ولعل وما أقدر الله أن يدني على الشحط ويبري جراح البين بعد اليأس والقنط هذا شوقي يستعيره البركان لناره ووجدي لا يجري قيس في مضماره فما ظنك وقد حمت حول المورد الخصر ونسمت ريح المنبت الخضر ونظرت إلى تلك المعاهد من أمم وهمست باهتصار ثمار ذلك المجد اليانع والكرم وإن المحب مع القرب لأعظم هما وأشد في مقاساة الغرام غمًا: وأبرح ما يكون الشوق يومًا إذا دنت الديار من الديار وقربت مسافة الدوار لكن الدهر ذو غير ومن ذا يحكم على القدر وما ضره لو غفل قليلا وشفى بلقاء الأحبة غليلا وسمح لنا بساعة اتفاق ووصل ذلك الأمل القصير بباع وروى مسافة أيام كما طوى مراحل أعوام. لد إبليس أفلا أشفقت من عذابي وسمحت ولو بسلام أحبابي: أسلمتني إلى ذرع البيد ومحالفة الذميل والوحيد والتنقل في المشارق والمغارب والتمطي في الصهوات والغوارب يا سابق البين دع محمله وما بقي في الجسم ما يحمله ويا بنات جديل ما لكن وللذميل ليت سقمي عقيم فلم يلد ذات البين المشتتة ما بين المحبين ثم ما للزاجر الكاذب وللغراب الناعب تجعله نذير الجلا ورايد الخلا ما أبعد من زاجر عن رأي الزاجر إنما فعل ما ترى ذات الغارب والقرى المحتالة في الأزمة والبرى المترددة بين التأويب والسرى طالما باكرت النوى وصدعت صدع الثوى وتركت الهايم بين ربعٍ محيل ورسم مستحيل يقفو الأثر نحوه ويسئل الطلل عن عهده وإن أنصفت فما لعين معقودة وإبل مطرودة مالت عن الحوض والشوط وأسلمت إلى الحبل والعصا والسوط ولو خير النائي لأقام ولو ترك القطا ليلا لنام لكن الدهر أبو براقش وسهمٌ بينه وبين بنيه غير طائش فهو الذي شتت الشمل وصدعه وما رفع سيفٌ بعماده إلا وضعه ولا بل غليلًا أحرقه بنار وجده ولا نفعه. فأقسم ما ذات خضاب وطوق شاكية غرام وشوق برزت في منصتها وترجمت عن قضيتها أو غربت عن بيتها ونفضت شرارة زفرتها عن عينها ميلا حكت الميلا والغريض وعجماء ساجلت بسجعها القريض ونصت الفود فكأنما نقرت العود ورددت العويل كأنما سمعت النقيل نبهت الواله فثاب وناحت بأشواقها فأجاب. حتى إذا افتر بريقها استراب في أنتها فنادى يا حصيبة الساق مالك والأشواق أباكيةٌ ودموعك راقيةٌ ومحررة وأعصافك حالية عطلت الخوافي وحليت القوادم وخضبت الأرجل وحضرت المأتم. أما أنت فنزيعة خمار وحليفة أنوار وأشجار تترددين بين منبر وسرير وتتهادين بين روضة وغدير أسرفت في الغناء وإنما حكيت خرير الماء وولعت بتكرير الراء فقالت أعد نظر البقير ولأمر ما جدع أنفه قصير أنا التي أغرقت في الرزء فكنيت عن الكل بالجزء كنت أربع بالفيافي ما ألافي وآنس مع مقيلي بكرته وأصيلي تحتال من غدير إلى شرج وتنتقل من سرير إلى سرج آونة تلتقط الحب وحينًا تتعاطى الحب وطورًا تتراكض الفنن وتارة تتجاذب الشجن حتى إذا رماه الدهر بالشتات وطرفة بالآفات فهأنا بعده دامية العين دائمة الأين أتعلل بالأثر بعد العين فإن صعدت مناري ألهبت منقاري أو نكأت أحشائي خضبت رجلي بدمائي فأقسم لا خلعت طوق عهده حتى أردى من بعده بل ذات خفض وترف وجمال باهر وشرف بسط الدهر يدها وقبض ولدها فهي إذا عقدت التمأيم على تريب أو لفت العمائم على نجيب حثت المفؤود وأدارت عين الحسود حتى إذا أينعت فسالها وقضى حملها وفصالها عمر لحدها بوحيد كان عندها وسطى وفريد أضحى في نحر عشيرتها سمطا استحثت له مهبأت النسيم الطارق وخافت عليه من خطرات اللحظ الراشق فحين هش للجياد ووهب \\التمائم للنجاد ونادى الصريم يا الآل والحريم فشد الأناة واعتقل القناة وبرز يختال في عيون لامه ويتعرف منه رمحه بألفه ولامه فعارضه شثن الكفين عاري الشعر والمنكبين فأسلمه لحتفه وترك حاشية ردائه على فلم تلق غير خمس قوايم وأشلاء لحم تحت ليثٍ سخايل يحط على أعطافه وترايبه بكفٍ حديد الناب صلب المفاصل أعظم من وجد إلى تلك الآفاق التي أطلعت وجوه الحسن والإحسان وسفرت عن كمال الشرف وشرف الكمال عن كل وجه حسان وأبرزت من ذوي الهمم المنيفة والسير الشريفة ما أقر عين العلياء وحلى جيد الزمان فتقوا للعلم أزهارًا أربت على الروض المجود وأداروا لأدب هالةً استدارت حولها بدور السعود نظم الدهر محاسنهم حليًا في جيده ونحره واستعار لهم الأفق ضياء شمسه وبدره وأعرب بهم الفخر عن صميمه وفسح لهم المجد عن مصدره فهم إنسان عين الزمان وملتقى طريقي الحسن والإحسان نظمت الجوزاء مفاخرهم ونثرت النثرة مآثرهم واجتلبت الشعري من أشعارهم وطلع النور من أزرارهم واجتمعت الثريا لمعاطاة أخبارهم وود الدلو لو كرع في حوضهم والأسد لو ربض حول ربضهم والنعايم لو غذيت بنعيمهم والمجرة لو استمدت من فيض كرمهم عشق المسك محاسنهم فرق وطرب الصبح لأخبارهم فخرق جبينه وشق وحام النسر حول حمامهم وحلق وقد الفخار جدار محامدهم وخلق إلى بلاغة أخرست لسان لبيد وتركت عبد الحميد غير حميد أهل ابن هلال لمحاسنهم وكبر وأعطى القارى ما زجر به قلمه وسطر وأيس إياس من لحاقهم فأقصر لما ومنها: فما للوشي تألق ناصعةٌ وتأنق يانعه بأحسن مما وشته أنفاسهم ورسمته أطراسهم فكم لهم من خريدة غذاها العلم ببره وفريدة حلاها البيان بدره واستضاءت المعارف بأنوارهم وباهت الفضايل بسناء منارهم وجليت المشكلات بأنوار عقولهم وأفكارهم جلوا عروس المجد وحلوا وحلوا في ميدان السيادة ونشأوا وزاحموا السهي بالمناكب واختطوا الترب فوق الكواكب لزم محلهم التكبير كما لزمت الياء التصغير وتقدموا في رتبة الأفهام كما تقدمت همزة الاستفهام ونزلوا من مراتب العلياء منزلة حروف الاستعلاء وما عسى أن أقول ودون النهاية مدى نازح وما أغنى الشمس عن مدح المادح وحسبي أن أصف ما أعانيه من الشوق وما أجده من التوق وأعلل نفسي بلقائهم وأتعلل بالنسيم الوارد من تلقائهم وإن جلاني الدهر عن ورود حوضهم وأقعدني الزمان عن اجتناء روضهم فما ذهب ودادي ولا تغير اعتقادي ولا جفت أقلامي عن مدادهم ولا مدادي وأنا ابن جلا في وجدهم وطلاع الثناي إلى كرم عهدهم إن دعوا إلى ودٍ صميم وجدوني أضع العمامة عن ذوي عهد قديم عرفوني ولو شرعوا نحوي قلم مكاتبتهم وأسحوا بالعلق الثمين من مخاطبتهم لكفوا من قلبي العاني قيد إساره وبلوا صدى وجدي المتحرق بناره ففي الكتابة بلغة الوطر وقد يغني عن العين الأثر والسلام الأثير الكريم الطيب الريا الجميل المحيا يحضر محلهم الأثير وكبيرهم إذ ليس فيهم صغير ويعود على من هناك من ذوي الود الصميم والعهد القديم من أخٍ برٍ وصاحب حميم ورحمة الله وبركاته.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:04 | |
| ولا خفاء ببراعة هذه الرسالة على طولها وكثرة أصولها وما اشتملت عليه من وصف وعارضة وإشارة وإحالة وحلاوة وجزالة. شعره ثبت لدي من متأخر شعره قوله من قصيدة يمدح بها ملك المغرب أمير المسلمين عند دنو ركابه من ظاهر تلمسان ببابه أولها: خطرت كمياس القنا المتأطر ورنت بألحاظ الغزال الأعفر ومن شعره في النسب: زارت وفي كل لحظ طرف محترس وحول كل كتاس كف مفترس يشكو لها الجيد ما بالحلي من هدر ويشتكي الزند ما بالقلب من خرس متى تلاخدها الزاهي الضحى نطقت سيوف ألحاظها من آيه الحرس في لحظها سحر فرعون ورقتها آيات موسى وقلبي موضع القبس وترسل اللحظ نحوي ثم تهزأ بي تقول بعد نفوذ الزمية احترس أشكو إليها فؤادًا واجلًا أبدًا في النازعات وما تنفك من عبس يا شقة النفس إن النفس قد تلفت إلا بقية رجع الصوت والنفس هذا فؤادي وجفني فيك قد جمعا ضدين فاعتبري إن شئت واقتبسي ويا لطارق نومٍ منك أرقني ليلا ونبهني للوجد ثم نسي ما زال يشرب من ماء القلوب فلم أبصرته ذابلًا يشكو من اليبس ملأت طرفي عن وردٍ تفتح في رياض خديك صلا غير مفترس وقلت للحظ والصدغ احرسا فهما ما بين مصمٍ وفتاك ومنتكس وليلة جئتها سحرًا أجوس بها شبا العوالي وخيس الأخنف الشرس أستفهم الليل عن أمثال أنجمه وأسال العيس عن سرب المها الأنس وأهتك الستر لا أخشى بوادره ما بين منتهزٍ طورًا ومنتهس بتنا نعاطي بها \\ممزوجةً مزجت حلو الفكاهة بين اللين والشرس وهيمنت بالضنا تحت الصباح صبًا قد أنذرتها ببرد القلب واللعس قمت تجر فضول الريط آنسة كريمة الذيل لم تجنح إلى دنس تلوث فوق كثيب الرمل مطرفها وتمسح النوم عن أجفانها النعس فظل قلبي يقفوها بملتهب طورًا ودمعي يتلوها بمنبجس دهر يلون لونيه كعادته فالصبح في مأتمٍ والليل في عرس وإحسانه كثير مقداره كبير. ثم آب إلى بلاد السودان وجرت عليه في طريقه محنة ممن يعترض الرفاق ويفسد السبيل. واستقر بها على حاله من الجاه والشهرة وقد اتخذ أماء للتسرى من الزنجيات ورزق من الجوالك أولادًا كالخنافسة ثم لم يلبث أن اتصلت الأخبار بوفاته بتنبكتو وكان حيًا في أوائل تسعة وثلاثين وسبعمائة. ابن الحاج إبراهيم بن عبد الله بن قاسم النميري إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن أسد بن موسى بن إبراهيم ابن عبد العزيز بن إسحاق بن أسد بن قاسم النميري من أهل غرناطة يكنى أبا إسحاق ويعرف بابن الحاج أوليته بيت نبيهٌ يزعم من يعنى بالأخبار أن جدهم الداخل إلى الأندلس ثوابة ابن حمزة النميري ويشركهم فيه بنو أرقم الوادي شيون. وكان سكناه بجهة وادي آش ولقومه اختصاصٌ وانتقال ببعض جهاتها وهي شوظر والمنظر وقرسيس وقطرش تغلب العدو عليها على عهد عبد العزيز وآوى جميعهم إلى كنف الدولة النصرية فانخرطوا في سلك الخدمة وتمحض خلفهم بالعمل. وكان جده الأقرب إبراهيم رجلا خيرًا من أهل الدين والفضل والطهارة والذكاء كتب للرؤساء من بني إشقيلولة عند انفرادهم بوادي آش. واختص بهم وحصل منهم على صهر بأم ولد بعضهم وضبط المهم من أعمالهم. ثم رابته منهم سجايا أوجبت انصرافه عنهم وجنوحه إلى خالهم السلطان الذي كاشفوه بالثورة فعرف حقه وأكرم وفادته وقبل بيانه فقلده ديوان جنده واستمرت أيام عمره تحت رعيه وكنف عنايته وكان ولده عبد الله أبو صاحبنا المترجم به صدرًا من صدور المستخدمين في كبار الأعمال على سنن رؤسائهم مكسابًا متلافًا سرى النفس غاض الحواز. ولي الأشغال بغرناطة وسبتة عند تصيرها إلى إيالة بني نصر وجرى طلاقه هذا في صل دنيا عريضة تغلبت عليه بآخرة ومضى لسبيله مصدوقًا بالكفاية وبراعة الخط وطيب النفس وحسن المعاملة. حاله هذا الرجل نشأ على عفاف وطهارة امتهك صبابة ترف من بقايا عافية أعانته على الاستظهار ببزة وصابته من التحرف بمهنة. ثم شد وبهرت خصاله فبطح بالشعر وبلغ الغاية في إجادة الخط وحاضر بالأبيات وأرسم في كتابة الإنشاء عام أربعة وثلاثين وسبعمائة مستحقًا حسن سمة وبراعة خط وجودة أدب وإطلاق يد وظهور كفاية وفي أثناء هذا الحال يقيد ولا يفتر ويروي الحديث ويعلق الأناشيد ولا يغب النظم والنثر ولا يعفي القريحة معمي مخولا في العناية مشتملا على الطهارة بعيدًا في زمان الشبيبة عن الريبة نزيهًا على الوسامة عن الصبوة والرقية أعانه على ذلك نخوة في طبعه وشفوفٌ وهمة. كان مليح الدعابة طيب الفكاهة آثر المشرق فانصرف عن الأندلس في محرم عام سبعة وثلاثين وسبعمائة وألم بالدول محركًا إياها بشعره هازًا أعطافها بأمداحه فعرف قدره وأعين على طيته فحج \\وتطوف وقيد واستكثر ودون في رحلة سفره وناهيك بها طرفة وقفل إلى إفريقية وكان علق بخدمة بعض ملوكها فاستقر ببجايه لديه مضطلعًا بالكتابة والإنشاء. ثم انتقل إلى خدمة سلطان المغرب أمير المسلمين أبي الحسن ولم ينشب أن عاد إلى البلاد المشرقية فحج وفصل إلى إفريقية وقد دالت الدولة بها بالسلطان المذكور فتقاعد عن الخدمة وآثر الانقباض ثم ضرب الدهر ضرباته وآل حال السلطان إلى ما هو معروف وثابت للموحدين برملة بجاية بارقة لم تكد تتقد حتى خنت فعاد إلى ديوانه من الكتابة عن صاحب بجاية. ثم أبي مؤثرًا للدعة في كنف الدولة الفارسية ونفض عن الخدمة يده لا أحقق مضطرًا أم اختيارًا وحجة كليهما قائمة لديه وانقطع إلى تربة الشيخ أبي مدين بعباد تلمسان مؤثرًا للخمول عزيزًا به ذاهبًا مذهب التجلة من التجريد والعكوف بباب الله مفخرًا لأهل نحلته وحجة على أهل الحرص والتهافت من ذوي طبقته راجع الله بنا إليه بفضله ثم جبرته الدولة الفارسية على الخدمة وأبرته بزة النسك فعاد إلى ديدنه من الكتابة رئيسًا ومرؤوسًا. ثم أفلت نفيه موت السلطان أبي عنان فلحق بالأندلس وتلقى ببر وجراية وتنويه وعناية واستعمل في السفارة إلى الملوك وولى القضاء في الأحكام الشرعية بالقليم بقرب الجضرة وهو الآن بحاله الموصوفة صدرًا من صدور القطر واعيانه يحضر مجلس السلطان ويعد من نبهاء من ينتاب بابه وقد توسط من الاكتهال مقيمًا لرسم الكتابة والظرف مع الترخيص للباس الحرير والخضاب بالسواد ومصاحبة الأبهة والحرص على التجلة. وجرى ذكره في التاج المحلي بما نصه: طلع شهابًا ثاقبًا وأصبح بشعره للشعري مصاقبًا فنجم وبرع وتمم المعاني واخترع إلى خط يستوقف الأبصار رايقه وتقيد الأحداق حدايقه وتفتن الألباب فنونه البديعة وطرايقه من بليغ يطارد أسراب المعاني البعيدة فيقتنصها ويغوص على الدرر الفريدة فيخرجها ويستخلصها بطبع مذاهبه دافقة وتأييد رايته خافقة نبه في عصره شرف البيان من بعد الكرى وانتدب بالنشاط إلى تجديد ذلك البساط وانبرى فدارت الأكواس وتضوع الورد والآس وطاب الصبوح وتبدل الروح المروح ولم تزل نفحاته تتأرج وعقائل بناته تتبرج حتى دعي إلى الكتابة وخطب إلى تلك المثابة فطرز المفارق برقوم أقلامه وشنف المسامع بدر كلامه ثم أجاب داعي نفسه التي ضاق عنها جثمانه لا بل زمانه وعظم لها فكره وغمه وتعب في مداراتها وكما قال أبو الطيب المتنبي وأتعب خلق الله من راد محمده فارتحل لطيته واقتعد غارب مطيته فحج وزار وشد للطواف الإزار. ثم هبا إلى المغرب وحوم وقفل قفول النسيم عن الروض بعد ما تلوم وحط بإفريقية على نار القرى وحمد بها صباح السرى ولم يلبث أن تنقل ووحر الحميم شفافه وتنغل ثم بدا له أخرى فشرق وكان عزمه أن يجتمع فتفرق. مشيخته روى عن مشيخة بلده وأشجر وقيد واستكثر وأخذ في رحلته عن أناس شتى بشق إحصاؤهم. تواليفه منها كتاب المساهلة والمسامحة في تبيين طرق المداعبة والممازحة وإيقاظ الكرام بأخبار المنام وتنعيم الأشباح بمحادثة الأرواح وكتاب الوسائل ونزهة المناطر والخمائل والزهرات وإجالة النظرات وكتاب في التورية على حروف المعجم أكثره مروى بالأسانيد عن خلق كثير والله تعالى يخره وجزءٌ في تبيين المشكلات الحديثة الواصلة من زبيد اليمن إلى مكة وجزء في بيان اسم الله الأعظم وهو كبير الفائدة ونزهة الحدق في ذكر الفرق وكتاب الأربعين حديثًا البلدانية والمستدرك عليها من البلاد التي دخلتها ورويت فيها زيادة على الأربعين وروضة العباد المستخرجة من الإرشاد وهو من تأليف شيخنا القطب أبي محمد الشافعي والأربعون حديثًا التي رويتها عن الأمراء والشيوخ الذين رووا عن الملوك والأمراء والشيوخ الذين رووا عن الملوك والخلفاء القريب عهدهم ووصلت \\بها خاتمة ذكرت فيها فوائد مما رويته عن الملوك والأمراء وعن الشيوخ الذين رووا عن الملوك والأمراء وكتاب اللباس والصحبة وهو الذي جمعت فيه طرق المتصوفة المدعي أنه لم يجمع مثله وكتاب فيه شطر الحماسة لحبيب وهو غير مكمل ورجز في الفرائض على الطريقة البديعة التي ظهرت ببلاد الشرق ورجز صغير في الحجب والسلاح ورجز في الجدل ورجز في الأحكام الشرعية سماه بالفصول المقتضبة في الأحكام المنتخبة وكتاب سماه بمثاليث القوانين في التورية والاستخدام والتضمين وهو كله من نظمه وله تأليف سماه بفيض العباب وإجالة قداح الآداب في الحركة إلى قسنطينة والزاب. شعره ومن شعره في المقطوعات طاب العذيب بماء ذكرك وانثنى فكأنما ما ء العذيب سلافه ومن ذلك: لي المدح يروي منذ كنت كأنما تصورت مدحًا للورى وثناء ومالي هجاء فاعجبن لشاعر وكاتب سرٍ لا يقيم هجاء ومن ذلك: ولي فرسٌ من علية الشهب سابق أصرفه يوم الوغى كيف أطلب عدوت له في حلبة القوم مالكا يتا بعني ما شئت في السبق أشهب وقال وقد وقف حاجب السلطان على عين ماء فيض الثغور وشرب منها: تعجبت من ثغر هذي البلاد وها أنت من عينه شارب فلله ثغر أرى شاربًا وعينٌ بدا فوقها حاجب ومن ذلك: وحمراء في الكأس مشمولة تحث على العود في كل بيت فلا غرو أن جاءني سابقا إلى الأنس خلٌ يحث الكميت وقا مضمنا وقد تذكر حمراء غرناطة وبابها الأحفل المعروف بباب الفرج: أقول وحمراء غرناطة تشوق النفوس وتسبي المهج وما لي في عرجٍ رغبةٌ ولكن لأقرع باب الفرج وقال ملغزا في قلم وهر ظريف: أحاجيك ما واشٍ يراد حديثه ويهوى الغريب النازح الدار إفصاحه تراه مع الأحيان أصفر ناحلا كمثل مريض وهو قد لازم الراحة وقال: وقالوا رمى في الكأس وردًا فهل ترى لذلك وجهًا قلت أحسن به قصدا ألم تجد اللذات في الكأس حلبة فلا تنكروا فيها الكميث ولا الوردا وقال: كماة تلاقت تحت نقع سيوفهم وللهام رقصٌ كلما طلب الثار فلا غرو أن غنت وتلك رواقص فيهم في مارد الحرب أوتار وقال: وعارضٌ في خده نباته فحسنه بين الورى يسحرنا أجرى دموعي إذ جرت شوقا له فقلت هذا عارضٌ ممطرنا وقالوا أبو حفص حوى الملك غاصبًا وإخوته أولى وقد جاء بالنكر فقلت لهم كفوا فما رضي الورى سوى عمر من بعد موت أبي بكر وقال مضمنا وقد حضر الفتى الكبير عنبر قتالا وكان فارسًا مذكورًا عند بني مرين: ولقد أقول وعنبرٌ ذاك الفتى يلقى الفوارس في العجاج الأكور يا عاثرين لدى الجلاد لعًا فقد بسقت لكم ريح الجلاد بعنبر وقال وقد اشتاق إلى السبيكة خارج حمراء غرناطة: وإن إفراط بكائي لم يرع مني عريكة قد أذاب العين لما زاد شوقي للسبيكة لما نزلت من السبيكة صادني ظبيٌ وددت لديه أن لم أنزل فاعجب لظبي صاد ليثًا لم يكن من قبلها متخبطًا في أخبل وقال وهو ظريف: قد قارب العشرين ظبيٌ لم يكن ليرى الورى عن حبه سلوانا وبدا الربيع بخده فكأنما وافي الربيع ينادم النعمانا فما فيه عيبٌ غير أن جفونه مراضٌ وأن الخصر منه ضعيف وقال: أيا عجبًا كيف تهوى الملوك محلي وموطن أهلي وناسي وتحسدني وهي مخدومة وما أنا إلا خديم بفاس نثره ونثره تلو نظمه في الإجادة وقد تضمن الكتاب المسمى بنفاضة الجراب منه ذكر كل بديع فمما ثبت فيه مما خاطبته به. وقد ولي خطة القضاء بالإقليم أداعبه وأثير ما تستحويه M0جئبه أيا قاضي العدل الذي لم تزل تمتار شهب الفضل من شمسك قعدت للإنصاف بين الورى فاطلب لنا الإنصاف من نفسك ما للقاضي أبقاه الله ضاق ذرع عدله الرحيب عن العجيب وهم عن العتب وضن على صديقه حتى بالكتب أمن المدونة الكبرى ركب هذا التحريج أم من المبسوطة ذهب إلى هذا الأمر المريج أم من الواضحة امتنع عن الإمام ببديع الوفاء والتعريج من أمثالهم إرض من أخيك بعشر وده إذا ولى وقد قنعنا والحمد لله بحبة من مده وإشارة من درجه وبرة وصاعةٍ معتدلة من زمان بلوغ أشده فما باله يمطل مع الغني ويحوج إلى العنا مع قرب الجني المحلة حلة ضالع ومطمعٍ وطامع ومرأى ومستمع وسامع والكنف الواسع والمكان لاناءٍ ولا شاسع والضرع حافل والزرع كافٍ كافل والقريحة وارية الزند والإمامة خافقة البند وهب أن البخل يقع بها في الخوان على الإخوان فما باله يسمح بالبيان وليس الخبر كالعيان ويتعدى حظ الجنان لاخط البنان أعيذ سيدي من ارتكاب رأيٍ ذميم ينقل إلى نميرها بيت تميم ويقصد معناه بتميم وهلا تلاحم وعهدي بالسياسة القاضوية وقد نامت في مهاد أهل الظرف \\نوم أهل الكهف ولم تبال بمردد الويل واللهف أو شربة لحفظ الصحة بختجا ودقت لإعادة الشبيبة عفصا ورد سختجا وغطت الصبح بالليل إذا سجا ومدت على ضاحي البياض صلًا سجسجا وردت سوسن العارض بنفسجا ولبس بحرها الزاخر من طحلب البحر منتسجا وأحكام العامة ومزين المرأة ينصح ويرشد ويطوي المحاسن وينشد حتى حسنت الدارة وصحت الاستدارة وأعجبه الوجه الجميل والقد الذي يميد في دكة الدار ويميل وأغرى بالسواك السميم والتكميل وولج بين شفرتي سيد الميل وقيل لو صاح اليمين خاب فيك التأميل وامتد جناح برنس السرق واحتفل الغصن الرطيب في الورق ورش الورد بمائه عند رشح العرق وتهيأ لمنطلق فقرأت عليه نساء أعوانه وكتبة ديوانه سورة الفلق من بعد ما وقف الإمليق حجابه على إقدامهم وسحبهم جلاوزته من أقوامهم فمثلوا واصطفوا وتألفوا والتفوا وداروا وحفوا وما تسللوا ولا خفوا كأنما أسمعتهم صيحة النشر وأخروجوا لأول الحشر. فعيونهم بملتقى المصراع معقودة وأذهانهم لمكان الهيبة مفقودة وحبالتهم قبل الطلب بها منقودة فبعد ما فرش الوساد وارتفع بالنفاق الكساد وذارع البكا وتأرج الحساد واستقام الكون وارتفع الفساد وراجعت أرواحها الأجساد جاءت السادة القاضوية فجلست وتنعمت الأحداق بالنظر فيها واختلست وسجت الأكف حتى أفلست وزانت شمسها ذلك الفلك وجلت الأنوار ذلك الحلك وفتحت الأبواب وقالت هيت لك ووقفت الأعوان سماطين ومثلوا خطين وتشكلوا مجرة تنتهي منك إلى البطين يعلنون بالهدية ويجهرون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون من كل شهاب ثاقب وطائفٍ غاسق واقب وملاحظ مراقب كميش الإزار بعيد المزار حامل للأوبار خصيم مبين وراثٌ سوفسطائيًا عن رثين مضطلع بفقه البين وحريمها فضلا عن تلقين الخصوم وتعليمها يرأسهم العريف المقرب والمقدم المدرب والمشافة المباشر والنابح الشاكر والنهج العاشر الذي يقتضي خلاص العقد ويقطع الكالي والنقد ويزكي ويجرح ويمسك ويسرح ويطرح ويحمل من شاء أو يشرح والمسيطر الذي بيده ميزان الرزق وجميع أجزاء المفترق وكافة قابلة وحم الدواة الفاغرة ورشا بلالة الصدور الواغرة فإذا وقف الخمصان بأقصى مطرح الشعان أيان يجتمع الرعاع وأعلنا الندا وطلب الأعداء. وصاحا جعل الله أنفسنا لك الفدا ورفع الأمر إلى مقطع الحق والأولى بالمثوبة الأحق أخذتهما الأيدي دفعًا في القفي ورفعا الستر اللطيف الخفي وأمسكا بالحجر والأكمام ومنعا المباشرة والإلمام فإذا أدلى بحجته من أدلى وسمعها دينه عدلا وحق القول واستقر الهول ووجبت اليمين أو الأداء الذي يفوت له الذخر اليمين أو الرهن أو الضمين أو الاعتقال الذي هو على أحدهما كالأمين نهش الصل الذي سليمه لأهل ولسبت العقارب التي لا يفلتها الهارب ولا تخفي منها المشارب وكم تحت ظلام الليل من غرارة يحملها غر وصده ريح فيها صر ويهدي ارتقاب قلة شهد وكبش يجر بقرنيه ويدفع بعد رفع ساقيه ومعزى وجدي وقلائد وسرب دجاج ذوات بجاج يفضحن الطارق ويشعثن المفارق فمتى يستفيق سيدي مع هذا اللغط العائد بالصلة واللهو المتصلة وتفرغ يده البيضا لأعمال ارتياض وخط سوادٍ في بياض أو حنينٍ لدوحٍ أو رياض أو إمتاع طرف باكتشاف حرف أو إعمال عدل لرسول في صرف أو حشو طرف بتحفة ظرف شأنه أشد استغراقًا ومثواه أ كثر طراقًا من ذكرى حبيبٍ ومنزل وأم معدل وكيف يستخدم القلم الذي يصرف ماء الحبر بذوب التبر في ترهاتٍ عدم جناها وأقطع جانب الخيبة لفظها ومعناها اللهم إلا أن تحصل النفس على كفاية تحتم لها الصدر ويشام من خلالها اللجين الرفيع القدر أو يحيى للفكاهة والأنس أو ينفق لديها ذمامٌ على الجنس فربما تقع المخاطبة المبرورة وتبيح هذا المرتكب الصعب الضرورة والمرغوب من سيدنا القاضي أن يذكرنا يومًا بالإغفال في نعيمه ولا يخيب آمالنا المتعلقة بأذيال زعيمه ويسهمنا حظًا من فرائد خطه لا من فرايد خطته ويجعل لنا كفلا من فضل برينه وحنطته لا من فضل هرته وقطته فقد غنينا عن الحلاوات بحلاوات لفظه وعن الطرف المجموعة بغنون حفظه وعن قصب السكر بقصب أقلامه وعن جنى الروم بروامه وبهديه عن جديه وبمجاجته عن دجاجته وبدلجه عن أترجه وعن البر ببره وعن الحب بحبه ولا نأمل إلا طلوع بطاقته وقد رضينا بوسع طاقته وإلا فلا بد أن يجيش جيش الكلام إلى عتبه ونوالي عليه ضرايب الكتايب حتى يتقى بضريبة كتبه. والسلام. \\فراجعني بما نصه: فنيت عن الإنصاف مني لأنني كما قلت لكم من فراقكم قاض فمن سمعنا أو من بعينك إنني بكل الذي ترضاه يا سيدي راض عمرك الله أيها الإمام الفذ ومن بمدحه تطرب الأسماع وتلذ أوحد الدنيا وحائز الرتبة العليا ولولا أنك فوق ما يقال والزلة إن لم تظهر العجز عن وصفك لا تقال لأطلت في القول وهدرت هدير قرع الشول لكن تحصيل الحاصل محال ولكل من تهيب كمالك مقال ومقامٌ وحال ولولا أن الدعاء مأمول وهو يظهر الغيب مقبول والزيادة من فضل الله لا تنتهي والنعم قد توافيك فوق ما تشتهي لاريت أن أمراٌ كفى وأمرٌ ظهر فيه ما خفي إن قلت لازلت مرفوعًا فأنت كذا أو قلت زانك ربي فهو قد فعلا إيه يا سيدي ما هذه الكلمات السحرية والأنفاس النفيسة الشجرية والألفاظ التي أنالت المرغوب وخالطت بشاشتها القلوب والنزعات الرائقة والأساليب الفائقة والفصاحة التي سلبت العقول والبلاغة التي أوجبت الذهول والبيان الذي لا يضيق صحيفه ولا يبلغ أحد مده ونصيفه يمينًا بما احتوى من المحاسن واللطائف التي لم يكن ماؤها بالآسن وقسمًا ببراعتك التي هي الواسي المطاع وطرسك الذي أبهجت به الأبصار والأسماع لقد عادلي بكتابتك عيد الشوق وجاد لي بخطابك جد التوق ولعهدي بنفسي رهن أشجاني غير محلولة عقدة لساني أشد من الصخرة جلدا وأغلظ من الإبل كبدًا حتى إذا بدت حقيدة القلب وهب نسيمه الرطب وأفيح مورده العذب وأضاء بنوره الشرق والغرب ولم يبق لي بثٌ ولا شجن ولا شاقني أهل ولا وطن ومضى سيف اللسان بعد النبو ونهض طرف الفكر بعد البكر وهزني الطرب المثير للأفراح ومشى الجذل في أطرافي وأعطافي مشي الراح بيد أني خجلت ولا خجلة ربة الخدر وتضاءلت نفسي لجلالة ذلك القدر وقلت ما لي بشربةٍ من كأس بيانه وقطرة من بحور إحسانه حتى أؤدي ولو بعض حقك وأكتب عقد ملك رقي لرقك إنني على ما وليت من الصدقة والصداقة وبعد طلاقك لكني أقوم في حقك مستغفرًا ولا أرضى أن أكون لذمة المخدوم خفرًا على أنني أقول قد كتبت فلم يرد جوابي وجرمت فهاج الجوى بي ولعمري قد لزمت فيه خطة الأدب ولم أر التثقيل على المولى الرفيع الرتب فأما وقد نفقت عندك بضاعتي المزجاة وشملني من لدنك الحلم والأناة وشرفتني بالخطاب الكريم والرسالة التي عرفت في وجهها نضرة النعيم فما أبغي إلا إيرادها عليك وكلها خراج ولبردها في الإجادة إنهاج ولعلك ترضى التخريج من مدونة الأخبار والمبسوطة والواضحة لكن من الأعذار.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:04 | |
| وأما الولاية التي يقنع بسببها من الود بالعشر أو بحبة من المد إلى يوم النشر فلا بد أن يكون القانع محتاجًا للوالي ومفتقرًا إلى التفقد المتوالي وأما إذا كان القانع هو الذي تولى الخطة وأكسب الهر الذي أشار إليه والقطة فهو قياسٌ عكسه كان أقيس بل تعليمٌ لمن وجد في نفسه خيفةً وأوجس وهأنا قد فهمت وعلمت من حسن تأديبك ما علمت وعلى ما فرطت في جنبك ندمت وإلى المعذرة والحمد لله ألهمت ومع ذلك أعيد حديث الشيخ القاضي وذكر عهدك به في الزمان الماضي فلقد أجاد في الخضاب بالسواد واعتمد على قول المالكي الذي هدى إلى الرشاد وأوجبه بعضهم في بلاد الجهاد وبين عمر منافع الخضاب الصادقة الإشهاد وخضب بالسواد جماعة من الصحابة الأمجاد وكان ذلك ترخيصًا لم يعد شرعًا لكنه دفع شرًا وجلب نفعًا لا كأخيه الذي أبكى عين الحميم وأنشد قول الرضي يوم السقيم وفجع قلوب أترابه ولم يأت بيت النصف من بابه وإلا فقد علم أن في الخير مشروع وتعجل الشيء قبل أوانه ممنوع وستغبط أخاك ولو بعد حين وما كل صاحب يحمد في إيضاح وتبيين وإني لأرجو أن تتزوجها بكرًا تلاعبها وتلاعبك أو ثيبًا تقصر عن حبها مآربك فلا جرم ترجع إلى الخضاب وحينئذ تمتع برشف الرضاب وإلا قالت سيدي لا تعظم المني ولا تجعل القطر قبل أن يموت عمر لعمر الله إن هذا الموقف صعب قد ملأ الروح منه روعٌ ورعب وإن أضاف إلى ذلك غلبة الأوهام وظن الشيخوخة الصادرة عن نيل المرام سكن المتحرك المصلوب وتنغص عند ذلك المحبوب والله يعينك أيها المولى ويواليك من بسطه أضعاف ما ولي. وأما الأوصاف التي حسبتها أوصافي وأوجبت حكمها بالقياس على خلافي فهي لعمري أوصاف لا تراد ومراعٍ لا شك أنها تراد غير أني بعيد العهد بهذه البلاد لا أمت لها إلا بالانتساب والميلاد لا كالقضاة الذين ذكرت لهم عهدًا ونظمت حلاهم في جيد الدهر عقدًا ولو أنك بسرك بصرتني بشروط القضاء وسجايا أهل الصرامة والمضاء لحققت المناط وأظهرت الزهد والاغتباط لكني جهلت والآن ألهمت وما علم الإنسان إلا ليعلم والله يهدينا إلى الذي يكون أحسن وأقوم وإني لأعلم سيدي بخبري \\وأطلع جلاله على عجري وبجري ولكني رحلت عن تلك الحضرة وعدمت النظرة في تلك النظرة لبست الإهمال واطعلت في السفر والاعتمال فأقيم بادي الكآبة مهتاج الصبابة قد فارقت السكن وخلفت الدار مثيرة الشجن: وكانت جنتي فخرجت منها كآدم حين أخرجه الضرار حتى إذا حططت رحلي بالقرى وقنعت بالزاد الذي كفى معيارًا والقرى أدخلت إلى دار ضيقة المسالك شديدة الظلمة كالليل الحالك تذكرني القبر وأهواله وتنسيني الذي أهواه بل تزيد على القبر برفل لا يتخلص وبراغيث كزريعة الكتان حين تمحص وبعوضٍ يطيل اللهز ولا تغني حتى تشرب وبوق يسقط سقوط الندى ويزحف إلى فراشي زحف العدا وأراقم خارجة من الكوى وحيات بلدغها نزاعة للشوى وجنون يسمع عزيفها وسراق لا يعدم تخويفها هذا ولا قرق لمن بالقهر حبس إلا حصيرٌ قد اسود من طول ما لبس لا يجتزي في طهارته بالنضح ولا يحشد من جلس عليه إلا بالجرح حتى إذا سجا الليل وامتد منه على الآفاق الذيل فارقني العون فراق الكرى ورأيت الدمع لما جرى قد جرى فأتوسد والله ذراعي ولأحمد والله اضطجاعي فكلا ليلي محمومين والوجع والسهر محمولان على الرأس والعين حتى إذا طلع الصبح وآن لبالي وعيون الخصوم الفتح أتاني عونٌ قد انحنى ظهره ظهره ونيف عن المائة عمره لا يشعر بالجون الصيب ولا تسمعه كلمات أبي الطيب بربري الأصل غير عارف بالفصل حتى إذا أذنت للخصوم وأردت إحياء الرسوم دخل على غولان عاقلان وأثقل كتفي منهما ما يلان قد أكلا الثوم النيء والبصل وعرقا في الزنانير عرقًا اتصل يهديان إلى تلك الروائح ويظهران لي المخازي والفضائح فإذا حكمت لأحدهما على خصمه وأردت الفصل الذي لا مطمع في فصمه هرب العون هربا وقضى من النجاة بنفسه أربا واجتمع إلى النصحاء وجاء المرضى والأصحاء كل يقول أتريد تعجيل المنايا وإثكال الولايا وإتعاب صديقك السيد العماد بمرتبةٍ كما فعل مع القاضي الحداد فأقول هذا جهاد وما لي في الحياة مراد فأرتكب الخطر وأقضى في الحكم الوطر. والله يسلم ويكمل اللطف ويتمم. وأما إذا جاء أحدكم لكتب عقد وطمعت في نسيئةٍ أو نقد قطعت يومي في تفهم مقصده مستعيذًا بالله من غضبه وحرده حتى إذا ما تخلصت منه وملأت السجل بما أثبته عنه كشف عن أنياب عضل وعبس عبوس المحب لانقطاع وصل وقال لقد أخطأت فيما كتبت ورسمت ما أردت وأحببت فأكتب عقدًا ثانيًا وثالثًا وأرتقب مع كل كلام حادثٍ حادثًا فإذا رضي فأسأله كيف وسن السالي الذي أظهره أو اسمه أو السيف أخرج من فمه درهمًا نتنًا قد لزم ضرسًا عفنًا فأعاجله في البخور وأحكه في الصخور حتى إذا حمل لمن يبيع خبز الذرة منتنًا ويرى أنه قد فضل بذلك أنسًا وحسنًا وجده ناقصًا زايفًا فيرجع حامله وجلًا خايفًا ويبقى القاضي فقيد الهجوع يشد الحجر على بطنه من الجوع على أنني أحمد خلاء البطن وما بجسمي لا يحكى من الوهن لتعذر المرحاض وبعد ماء الحياض وكمون السباع في الغياض وتعلق الأفاعي بالرداء الفضفاض ونجاسة الحجارة وكثرة تردد السيارة والانكشاف للريح العقيم والمطر المنصب إلى الموضع الذميم. هذه الحال وعلى شرحها مجال وقد صدقتك سنن فكري وأعلمتك بذات صدري فتجلى الغرارة غرور وشهود الشهد زور والطمع في الصرة إصرار ودون التبر يعلم الله تيار. وأما الكبش فحظى منه غباره إذا خطر والثور بقرنه إذا العيد حضر كما أن حظى من الجدي التأذي بمسلكه وإن جدى السماء لأقرب لي من تملكه وأنا من الحلاوة سالم ابن حلاوة ولا أعهده من طرف الطرف الدماوة ودون الدجاج كل مدجج وعوض الأترج رجة بكل معرج ولو عرفت أنك تقبل على علاتها الهدايا وتوجب المزيد لأصحابك المزايا لبعثت بالقماش وأنفذت الرياش وأظهرت الغنى والوقوف بمبنى المنى وأوردتها عليك من غير هلع مطلعة في الجوف بعد بلع من كل ساحلية تقرب إلى البحر وعدوية لا تعد وصدر مجلس الصدر حتى أجمع بين الفاكهة والفكاهة ويبدو لي بعد الشقف وجوه الوجاهة وأتبرأ من الصد المذموم ولا أكون أهدأ من القطا لطرق اللوم لأنك زهدت في الدنيا زهد ابن أدهم وألهمك الله من ذلك أكرم ما ألهم فيدك من أموال الناس مقبوضة وأحاديث اللها الفاتحة للها مرفوضة وإذا كان المرء على دين خليله ومن شأنه سلوك نهجه وسبيله فالأليق أن أزهد في \\الصفراء والبيضاء وأقابل زخرف الدنيا بالبغضاء وأحقق وأرجو على يدك حسن التخلي والاطلاع على أسرار التجلي حتى أسعد بك في آخرتي ودنياي وأجد بركة خاطرك في مماتي ومحياي أبقاك الله بقاء يسر وأمتع بمناقبك التي يحسدها الياقوت والدر ولا زلت في سيادة تروق نعتًا وسعادةٍ لا ترى فيها عوجا ولا أمتًا وأقرأ عليك سلامًا عاطر العرف كريم التأكيد والعطف ما رثى لحالي راث وذكرت أداية حراث ورحمة الله وبركاته. وكتبه أخوك ومملوكك وشيعة مجدك في الرابع والعشرين من جمادى الأولى عام أربعة وستين وسبعمائة. مولده بغرناطة عام ثلاثة عشر وسبعمائة محنته توجه رسولا عن السلطان إلى صاحب تلمسان السلطان أحمد بن موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمر اسن بن زيان: وظفر بالجفن الذي ركبه العدو بأحواز جزيرة حبيبة من جهة وهران فأسر هو ومن بأسطول سفره من المسلمين وبلغ الخبر فعظم الفجع وبين نحن نروم سفر أسطول يأخذ الثار ويستقري الآثار فيقيل العثار إذا اتصل الخبر بمهادنة السلطان المذكور ففدى من أسر بذلك المال الذي ينيف على سبعة آلاف من العين في ذلك فتخلص من المحنة لأيام قلائل وعاد فتولى السلطان إرضاءه عما فقد وضاعف له الاستغناء وجدد وكان حديثه من أحاديث الفرج بعد الشدة محسوبًا وإلى سعادة السلطان منسوبًا وأنشدته شعرًا في مصابه بعدها وقد قضيبت له من بر السلطان على عادتي ما جبر الكسر وخفض الأمر: خلصت كما خلص الزبرقان وقد محق النور عنه السرا وفي السيق والرار في هذا سر وفي ذا أسرار وكان تاريخ هذه المحنة المردفة المنحة حسبما نقلته من خطه قال اعلموا يا سيدي أبقاكم الله تعالى أن سفرنا من ألمرية كان في يوم الخميس السادس لشهر ربيع الآخر من عام ثمانية وستين وسبعمائة وتغلب علينا العدو في عشية يوم الجمعة الثاني منه بعد قتال شديد وكان خروجنا من الأسر في يوم السبت الثاني والعشرين لربيع الثاني المذكور وكان وصولي إلى الأندلس في أسطول مولانا نصره الله في جمادى الآخرة من العام المذكور بعد أن وصلوا قرطاجنة وأخذوا أجفانًا ثلاثة من أجفان العدو وعمل المسلمون الأعمال الكريمة. إبراهيم بن خلف القرشي العامري إبراهيم بن خلف بن محمد بن الحبيب بن عبد الله ابن عمر بن فرقد القرشي العامري قال ابن عبد الملك كذا وقفت على نسبه بخطه في غير ما موضع من أهل مورة وسكن إشبيلية. حاله كانت متفننًا في معارفه محدثًا راوية عدلًا فقيها حافظًا شاعرًا كاتبًا بارعًا حسن الأخلاق وطيء الأكناف جميل المشاركة لإخوانه وأصحابه كتب بخطه الكثير من كبار الدواوين وصغارها وكان من أصح الناس كتبًا وأتقنهم ضبطًا وتقييدًا لا تكاد تلقى فيما تولى تصحيحه خللا وكان رؤوفًا شديد الحنان على الضعفاء والمساكين واليتامى صليبًا في ذات الله تعالى يعقد الشروط محتسبًا لا يقبل ثوابًا عليها إلا من الله تعالى. مشيخته تلا بالسبع على أبي عمران موسى بن حبيب وحدث عن أبي الحسن بن سليمان ابن عبد الرحمن المقرى وعبد الرحمن بن بقى وأبي عمرو ميمون بن ياسين وأبي محمد بن عتاب وتفقه بأبوى عبد الله بن أحمد بن الحاج وابن حميد وأبي الوليد بن رشد وأجاز له أبو الأصبغ بن مناصف وأبو بكر بن قزمان وأبو الوليد بن طريف. من روى عنه روى عنه أبو جعفر وأبو إسحاق بن علي المزدالي وأبو أمية إسماعيل بن سعد السعود بن عفير وأبو بكر بن حكم الشرمسي وابن خير وابن تسع وابن عبد العزيز الصدفي وأبو الحجاج ابراهيم بن يعقوب وأبو علي ابن وزير وأبو الحسن بن أحمد بن خالص وأبو زيد محمد الأنصاري وأبو عبد الله ابن عبد العزيز الذهبي وأبو العباس بن سلمة وأبو القاسم بن محمد بن إبراهيم المراعي وأبو محمد بن أحمد بن جمهور وعبد الله بن أحمد الأطلس. \\تواليفه دون برنامجًا ممعتعًا ذكر فيه شيوخه وكيفية أخذه عنهم وله رجزٌ في الفرائض مشهور ومنظومٌ كثير وترسل منوع وخطب مختلفة المقاصد ومجموعٌ في العروض. دخوله غرناطة قال المؤرخ: وفي عام أربعة وخمسين وخمسمائة عند تغيب الخليفة بالمهدية استدعى السيد أبو سعيد الوالي بغرناطة عند استقراره بها الحافظ أبا بكر بن الجد والحافظ أبا بكر بن حبيش والكاتب أبا القاسم بن المراعي والكاتب أبا إسحاق بن فرقد وهو هذا المترجم به فأقاموا معه مدة تقرب عن عامين اثنين بها. شعره مما ينقل عنه قصيدة شهيرة في رثاء الأندلس: ألا مسعدٌ منجزٌ ذو فطن يبكي بدمعٍ معين هتن جزيرة أندلسٍ حسرةً لا غالب من حقود الزمن ويندب أطلالها آسفًا ويرثى من الشعر ما قد وهن ويبكي الأيام ويبكي اليتامى ويحكي الحمام ذوات الشجن ويشكو إلى الله شكوى شجٍ ويدعوه في السر ثم العلن وكانت رباطًا لأهل التقى فعادب مناطًا لأهل الوثن وكانت معاذًا لأهل التقى فصارت ملاذًا لمن لمن يدن وكانت شجى في حلوق العدا فأضحى لهم مالها محتجن وهي طويلة ولدى خلاف فيمن أفرط في استحسانها. وشعره عندي وسط. ومن شعره وهو حجة في عمره عند الخلاف في ميلاده ووفاته. قال: ثمانون عامًا مع ست عمرت وليتني أرقت دموعي بالبكاء على ذنب فلا الدمع في محو الخطيئة غنيةٌ إذا هاج من قلبٍ منيب إلى الرب فيا سامع الأصوات رحماك أرتجي فهب لي انسكاب الدمع من رقة القلب وزك الذي تدريه من شيمةٍ تعلق بالمظلوم من شدة الكرب وزك مثابي في العقود وكتبها لوجهك لم أقبل ثوابًا على كتب ولا تحرمني أجر ما كنت فاعلًا فحق اليتامى عندي من لذي صعب ولا تحزني يوم الحساب وهوله إذا جئت مذعورًا من الهول والرعب مولده حسبما نقل من خط ابنه أبي جعفر ولد يعني أباه سنة أربع وثمانين وأربعمائة. وفاته بعد صلاة المغرب من ليلة الثلاثاء الثامن عشر من محرم عام اثنين وسبعين وخمسمائة. ونقل غير إبراهيم بن محمود النفري إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبيدس بن محمود النفري أبدي الأصل غرناطي الإستقرار ويكنى أبا إسحاق. حاله خاتمة الرجال بالأندلس وشيخ المجاهدات وأرباب المعاملات صادق الأحوال شريف المقامات مأثور الإخلاص مشهور الكرامات أصبر الناس على مجاهداته وأدومهم على عمل وذكرٍ وصلاة وصوم ولا يفتر عن ذلك ولا ينام آيه الله في الإيثار لا يدخر شيئًا لغد ولا يتحرف بشيء وكان فقيهًا حافظًا ذاكرًا للغة والأدب نحويًا ماهرًا درس ذلك كله أول أمره كريم الأخلاق غلب عليه التصوف فشهر به وبمعرفة طريقه الذي ند فيها أهل زمانه وصنف فيها التصانيف المفيدة. ترتيب زمانه كان يجلس إثر صلاة الصبح لمن يقصده من الصالحين فيتكلم لهم بما يجريه الله على لسانه وييسر من تفسير وحديث وعظة إلى طلوع الشمس فيتنفل صلاة الضحى وينفصل إلى منزله ويأخذ في أوراده من قراءة القرآن والذكر والصلاة إلى صلاة الظهر فيبكر في رواحه ويوالي التنفل إلى إقامة الصلاة ثم كذلك في كل صلاة ويصل ما بين العشاءين بالتنفل هذا دأبه أبدا. وكان أمره في التوكل عجبًا لا يلوي على سبب وكانت تجبى إليه ثمرات كل شيء فيدفع ذلك بجملته وربما كان الطعام بين يديه وهو محتاجٌ فيعرض من يسأله فيدفعه جملة ويبقى طاويًا فكان الضعفاء \\والمساكين له لياذًا ينسلون من كل حدب فلا يرد أحدًا منهم خائبًا ونفع الله بخدمته وصحبته واستخرج بين يديه عالمًا كثيرًا. مشيخته أخذ القراءة عن أبي عبد الله الحضرمي وأبي الكوم جودي بن عبد الرحمن والحديث عن أبي الحسن بن عمر الوادي آشي وأبي محمد عبد الله بن سليمان ابن حوط الله والنحو واللغة عن ابن يربوع وغيره. ورحل وحج وجاور وتكرر. ولقي هناك غير واحد من صدور العلماء وأكابر الصوفيه فأخذ صحيح البخاري سماعًا منه سنة خمس وستمائة عن الشريف أبي محمد بن يونس وأبي الحسن علي بن عبد الله بن المغرباني ونصر بن أبي الفرج الحضرمي وسنن أبي داود وجامع الترمذي علي أبي الحسن بن أبي المكارم نصر بن أبي المكارم البغدادي أحد السامعين علي أبي الفتح الكروخي وأبي عبد الله محمد بن مسترى الحمة وأبي المعالي بن وهب بن البنا وببجاية عن أبي الحسن علي بن عمر ابن عطية. من روى عنه روي عنه خلق لا يحصون كثرة منهم أحمد بن عبد المجيد ابن هذيل الغساني وأبو جعفر بن الزبير وغيره. تواليفه صنف في طريقه التصوف وغيرها تصانيف مفيدة منها مواهب العقول وحقائق المعقول والغيرة المذهلة عن الحيرة والتفرقة والجمع والرحلة العنوية ومنها الرسائل في الفقه والمسائل وغير ذلك. شعره له أشعار في التصوف بارعة فمن ذلك ما نقلته من خط الكاتب أبي إسحاق ابن زكريا في مجموع جمع فيه الكثير من القول: يضيق علي من وجدي الفضاء ويقلقني من الناس العناء رأينا العرش والكرسي أعلا فواليناهما حرم الولاء فأين الأين منا أو زمانٌ بحيث لنا على الكل استواء شهدنا للإله بكل حكم فغاب القلب وانكشف الغطاء ويدعوني الإله إليه حقًا فيؤنسني من الخوف الرجاء ويقبضني ويبسطني ويقضي بتفريقي وجمعي ما يشاء ويعي في وجود الخلق نحوًا ينعت من تولاه الفناء فكم أخفي وجودي وقت فقدي كأن الفقد والإحيا سواء فسكرٌ ثم صحوٌ ثم سكر كذاك الدهر ليس له انقضاء فوصفي حال من وصفي ولكن ظهور الحق ليس له خفاء إذا شمس النهار بدت تولت نجوم الليل ليس لها انجلاء ومن شعره: كم عارف سرحت في العلم همته فعقله لحجاب العقل هتاك كساه نور الهدى بردًا وقلده درًا ففي قلبه للعلم أسلاك كسب ابن آدم في التحقيق كسوته إن القلوب لأنوار وأحلاك كيف وكم ومتى والأين منسلب عن وصف باريها والجهل تباك كيف وكم ومتى والأين منسلب عن وصف باريها والجهل تباك كبر وقدس ونزه ما أطقت فلم يصل إلى ملك الأملاك أملاك كرسيه ذل والعرش استكان له ونزه الله أملاك وأفلاك كل يقر بأن العجز قيده والعجز عن درك الإدراك دراك وقال وهو ما اشتهر عنه وأنشدها بعض المشارقة في رحلته في غرض اقتضى ذلك يقتضي ذكره طولا: يا من أنامله كالمزن هاميةٌ وجود كفيه أجرى من يجاريها بحق من خلق الإنسان من علقٍ أنظر إلى رقعتي وافهم معانيها أني فقيرٌ ومسكين بلا سبب سوى حروف من القرآن أتلوها سفينة الفقر في بحر الرجا غرقت فامنن عليها بريحٍ منك يجريها لا يعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها وقال القاضي أبو عبد الله بن عبد الملك وقد ذكره على الجملة فبه ختم جلة أهل هذا الشأن بصقع الأندلس نفعه الله ونفع به. ولد بجيان سنة اثنتين وخمسمائة أو ثلاث وستين. إبراهيم بن أبي بكر التسولي إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي بكر التسولي من أهل تازي يكنى أبا سالم ويعرف بابن أبي يحيى. \\حاله من أهل الكتاب المؤتمن كان هذا الرجل قيمًا على التهذيب ورسالة ابن أبي زيد حسن الإقراء لهما وله عليهما تقييدان نبيلان قيدهما أيام قراءته إياهما على أبي الحسن الصغير حضرت مجالسه بمدرسة عدوة الأندلس من فاس ولم أر في متصدري بلده أحسن تدريبًا منه. كان فصيح اللسان سهل الألفاظ موفيًا حقوقها وذلك لمشاركته الحضر فيما في أيديهم من الأدوات وكان مجلسه وقفًا على التهذيب والرسالة وكان مع ذلك شيخًا فاضلًا حسن اللقاء على خالق بائنة من أخلاق أهل مصرة. امتحن بصبحة السلطان فصار يستعمله في الرسايل فمر في ذلك حظٌ كبير من عمره ضايعًا لا في راحة دنيا ولا في نصيب آخرة ثم قال هذه سنة الله فيمن خدم الملوك ملتفتًا إلى ما يعطونه لا إلى ما يأخذون من عمره وراحته أن يبوؤا بالصفقة الخاسرة لطف الله بمن ابتلى بذلك وخلصنا خلاصًا جميلًا. ومن كتاب عائد الصلة: الشيخ الحافظ الفقيه القاضي من صدور المغرب مشاركًا في العلم متبحرًا في الفقه كان وجيهًا عند الملوك صحبهم وحضر مجالسهم واستعمل في السفارة فلقيناه بغرناطة وأخذنا بها عنه تام السراوة حسن العهد مليح المجالس أنيق المحاضرة كريم الطبع صحيح المذهب. تصانيفه قيد على المدونة بمجلس شيخه القاضي أبي الحسن كتابًا مفيدًا وضم أجوبته على المسائل في سفر وشرح كتاب الرسالة شرحًا عظيم الفائدة. مشيخته لازم أبا الحسن الصغير وهو كان قارىء كتب الفقه عليه وجل انتفاعه في التفقه به وروى عن أبي زكريا بن أبي ياسين قرأت عليه كتاب الموطأ إلا كتاب المكاتب وكتاب المدبر فإنه سمعه بقراءة الغير وعن أبي عبد الله بن رشد قرأ عليه الموطأ وشفاء عياض وعن أبي الحسن ابن عبد الجليل السداري قرأ عليه الأحكام الصغرى لعبد الحق وأبي الحسن ابن سليمان قرأ عليه رسالة ابن أبي زيد وعن غيرهم.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:05 | |
| الخط ثبتًا محققًا لما ينقله وألقى الله عليه من المحبة والقبول وتعظيم الخلق له ما لا عهد بمثله لأحد بلغ من ذلك مبلغًا عظيمًا حتى كان أحب إلى الجمهور من أوصل أهلهم وآبائهم يتزاحمون عليه في طريقه يتمسحون به ويسعون بين يديه ومن خلفه ويتزاحم مساكينهم على بابه قد عودهم طلاقة وجهه ومواساته لهم بقوته يفرقه عليهم متى وجدوه وربما أعجلوه قبل استواء خبزه فيفرقه عليهم عجينًا. له في ذلك أخبار غريبة. وكان صادعًا بالحق غيورًا على الدين مخالفًا لأهل البدع ملازمًا للسنة كثير الخشوع والتخلق على علو الهمة مبذول المشاركة للناس والجد في حاجاتهم مبتلى بوسواس في وضوئه يتحمل الناس من أجله مضضًا في تأخير الصلوت ومضايقة أوقاتها. مشيخته قرأ ببلده على الخطيب القاضي المقرى أبي الحسن عبيد الله بن عبد العزيز القرشي المعروف بابن القارىء من أهل إشبيلية وقرأ بسبتة على الأستاذ إمام المقرئين لكتاب الله أبي القاسم محمد بن عبد الرحمن بن الطيب بن زرقون القيسي الضرير نزيل سبتة والأستاذ أبي إسحاق الغافقي المريوني وقرأ على الشيخ الوزير أبي الحكم بن منظور القيسي الإشبيلي وعلى الشيخ الراوية الحاج أبي عبد الله محمد بن الكتامي التلمساني بن الخضار وقرأ بغرناطة على الأستاذ أبي جعفر ابن الزبير وأخذ عن أبي الحسن بن مستقور. شعره كان يقرض شعرًا وسطًا قريبًا من الانحطاط. \\قال شيخنا أبو بكر ابن الحكيم في كتابه المسمى بالفوائد المنتخبة والموارد المستعذبة كتب إليه شيخنا وبركتنا أبو جعفر بن الزيات في شأن شخص من أهل البيت النبوي بما نصه: رجل يدعي القرابة للبي ت وإن الثريا منه بمعزل سأل مني خطابكم وهو هذا ولكم في القلوب أرفع منزل فهبوه دعاءكم وامنحوني منه حظا ينمي الثواب ويجزل وعليكم تحية الله ما دا م أمير الهدى يولي ويعزل فأجابه: يا إمامي ومن به قطركم ذا ك وحادي البلاد أطيب منزل لم أضع ما نظمتم من يدي حتى أنيل الشريف تحفة منزل دمتم تنشرون علمًا ثواب الل ه فيه لكم أعز وأجزل تذكرون الله ذكرًا كثيرًا وعليكم سكينة الله تنزل وطلبتم مني الدعاء وإني عند نفسي من الشروط بمعزل لكن ادعو ولتدع لي يرضا الل ه وأبدى فهم ذكر قد انزل وحديث الرسول صلى عليه كل وقت ورب لنا الغيث ينزل وعليكم تحيتي كل حين ما اطمأنت بمكة أم بمعزل قال ومما أنشدني من نظمه أيضًا في معرض الوصية للطلبة: إعمل بعلمك تؤت علمًا إنما عدوي علوم المرء منح الأقوم وإذا الفتى قد نال علمًا ثم لم يعمل به فكأنما لم يعلم وقال موطئًا على البيت الأخير: أمولاي أنت العفور الكريم لبذل النوال مع المعذرة على ذنوبٌ وتصحيفها ومن عندك الجود والمغفرة إسماعيل بن فرج الأنصاري إسماعيل بن فرج بن إسماعيل بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد ابن خميس بن نصر بن قيس الأنصاري الخزرجي أمير المؤمنين بالأندلس رحمه الله. أوليته تقرر عند ذكر الملوك من قومه في اسم صنو جده أمير المسلمين أبي عبد الله الغالب بالله. حاله من كتاب طرفة العصر في تاريخ دولة بني نصر من تصنيفنا: كان رحمه الله حسن الخلق جميل الرواء رجل جد سليم الصدر كثير الحياء صحيح العقل ثبتًا في المواقف عفيف الإزار ناشيئًا في حجر الطهارة بعيدا ًعن الصبوة بريًا من المعاقرة نشأ مشتغلا بشأنه متبنكًا نعمة الله مختصًا بإيثار السلطان جده أبي أمه وابن عم والده منقطعًا إلى الصيد معروف اللذة إلى استجادة سلاحه وانتقاء مراكبه واستفراه جوارحه إلى أن أفضي إليه الأمر وساعدته الأيام. وخدمه الجد وتنقل إلى بيته الملك به وثوى في عقبه الذكر فبذلك العدل في رعيته واقتصد في جبايته واجتهد في مدافعة عدو الله وسد ثلم ثغوره فكان غرة في قومه ودرة في بيته وحسنةً من حسنات دهره. وسيرد نبذٌ من أحواله مما يدل على فضل جلاله. صفته كان معتدل القد وسيم الصورة عبل اليدين أبيض اللون كثير اللحية بين السواد والصهوبة أنجل أعين أفوه مليح العين أقنى الأنف جهير الصوت أمه الحرة الجليلة العريقة في الملوك فاطمة بنت أمير المؤمنين أبي عبد الله نخبة الملك وواسطة العقد وفخر الحرم البعيدة الشأو في العز والحرمة وصلة الرعي وذكر التراث. واتصلت حياتها ملتمسة الرأي برنامجا للفوائد تاريخًا للأنساب إلى أن توفيت في عهد حفيدها السلطان أبي الحجاج رحمها الله وقد أنفت على تسعين من السنين فكان الحفل في جنازتها موازيًا لمنصبها ومتروكها المفضي إليه خطيره وقلت في رثائها: نبيت على علم بغائله الدهر ونعلم أن الخلق في قبضة الدهر ونركن للدنيا اغترارًا بقهرها وحسبك من يرجو الوفاء من الغدر ونمطل بالعزم الزمان سفاهةً فيومٌ إلى يوم وشهرٌ إلى شهر هو الدهر لا يبقى على حدثانه جديدٌ ولا ينفك من حادث نكر وبين الخطوب الطارقات تفاضل كفضل من اغتالته في رفعة القدر ألم تر أن المجد أقوت ربوعه وصوح من أدواحه كل مخضر ولاحت على وجه العلاء كآبة فقطب من بعد الطلاقة والبشر وثبت اسمها في الوفيات من الكتاب المذكور بما نصه: السلطانة الحرة الطاهرة فاطمة بنت أمير المسلمين أبي عبد الله ابن أمير المسلمين الغالب بالله بقية نساء الملوك الحافظة لنظام الإمارة رعيا للمتات وصلة للحرمة وإسداء للمعروف وسترًا للبيوتات واقتداء بسلفها الصالح في نزاهة النفس وعلو الهمة ومتانة الدين وكشف الحجاب ونفاذ العزم واستشعار الصبر توفيت في كفالة حفيدها أمير \\المسلمين أبي الحجاج مواصلا برها ملتمسًا دعاءها مستفيدًا تجربتها وتاريخها مباشرًا مواراتها بمقبرة الجنان داخل الحمراء سحر يوم الأحد السابع لذي حجة من عام تسعة وأربعين وسبعمائة. أولاده تخلف من الولد أربعة أكبرهم محمد ولي الأمر من بعده وفرج شقيقه التالي له بالسن المنصرف عن الأندلس بعد مهلك أخيه المذكور المتقلب في الإيالات الهالك أخيرًا في سجن قصبة ألمرية عام أحد وخمسين وسبعمائة مظنونا به الاغتيال ثم أخوه أمير المسلمين أبو الحجاج تغمده الله برحمته أقعد القوم في الملك وأبعدهم أمدًا في السعادة ثم إسماعيل أصغرهم سنًا المبتلي في زمان الشبيبة في الثقاف المخيف مدة أخيه المستقر الآن موادعًا مرفودا بقصر المستخلص من ظاهر شالوبانية وبنتين ثنتين من حظيته علوة عقد عليهما أخوهما أبو الحجاج لرجلين من قرابته. وزراؤه وزر له أول أمره القائد البهمة أبو عبد الله محمد بن أبي الفتح الفهري وبيت هؤلاء القواد شهير ومكانتهم من الملوك النصريين مكينة أشرك معه في الوزارة الفقيه الوزير أبا الحسن علي بن مسعود بن علي بن مسعود المحاربي من أعيان الحضرة وذوي النباهة فجاذب رفيقه حبل الخطة ونازعه لباس الحظوة حتى ذهب باسمها ومسماها وهلك القائد أبو عبد الله بن أبي الفتح فخلص له شربها وسيأتي التعريف بكل على انفراد. كتابه كتب عنه لأول أمره بمالقة ثم بطريقه إلى غرناطة وأيامًا يسيرة بها الفقيه الكاتب أبو جعفر بن صفوان المتقدم ذكره ثم ألقى المعتادة إلى كاتب الدولة قبل شيخنا أبي الحسن بن الجياب فاصل الخطة وباري القوس واقتصر عليه إلى آخر أيامه. قضاته استقضى أخا وزيره الشيخ الفقيه أبا بكر بن يحيى بن مسعود بن علي رجل الجزالة وفيصل الحكم فاشتد في إقامة الحكم وغلظ بالشرع واستعان بالجاه فخيف سطوته واستمر قاضيًا إلى آخر أيامه رئيس جنده الغربي الشيخ البهمة لباب قومه وكبير بيته أبو سعيد عثمان بن أبي العلاء إدريس ابن عبد الله بن عبد الحق مشاركا له في النعمة ضاربًا بسهم في المنحة كثير التجني والدالة إلى أن هلك المخلوع وخلا الجو فكان منه بعض الإقصار. الملوك على عهده وأولاد بعدوة المغرب كان على عهده من ملوك المغرب السلطان الشهير جواد الملوك الرحب الجناب الكثير الأمل خدن العافية ومحالف الترفية مفحم النعيم السعيد على خاصته وعامته أبو سعيد عثمان بن السلطان الكبير المجاهد المرابط أبي يوسف بن عبد الحق. وجرت بينه وبينه المراسلات واتصلت أيامه بالمغرب بعد مهلكه وصدرًا من أيام ولده أبي عبد الله حسبما مر عند ذكره. وبمدينة تلمسان وطن القبلة الأمير أبو حمو موسى بن عثمان بن يغمر اسن بن زيان ثم توفي قتيلا على عهده بأمر ولده المذكور واستغرقت أيام ولده المذكور الوالي بعده إلى أن هلك في صدر أيام أبي الحجاج وجرت بينه وبين الأمير مراسلات وهدايات. وبمدينة تونس الشيخ المتلقب بأمير المؤمنين أبو يحيى زكريا بن أبي حفص المدعو باللحياني المتوثب بها على الأمير أبي البقاء خالد بن أبي زكريا بن أبي حفص وهو كبير إلا أن أبا حفص أكبر سنًا وقدرًا وقد تملك تونس تاسع جمادى الآخرة من عام ظهر له اضطرب من بها أحد عشر وسبعمائة وتم له الأمر واعتقل أبا البقاء بعد خلعه ثم اغتاله في شوال عام ثلاثة عشر وسبعمائة ثم رحل عن تونس لما ظهر له من اضطراب أمره بها وتوجه إلى طرابلس في وسط عام خمسة عشر واستناب صهره الشيخ أبا عبد الله بن أبي عمر ولم يعد بعد إليها ثم اضطراب أمر إفريقية وتنوبه عدة من الملوك الحفصيين منهم الأمير أبو عبد الله بن أبي عمر المذكور وأبو عبد الله بن اللحياني والسلطان أبو بكر ابن الأمير أبي زكريا بن الأمير أبي \\إسحاق لبنة تمامهم وآخر رجالهم واستمرت أيامه إلى أيام ولده الأمير بالأندلس ومعظم أيامه ولديه رحم الله الجميع. ومن ملوك الروم بقشتاله كان على عهده مقرونًا بالعهد القريب من ولايته الطاغية هراندة بن شانجه بن ألهنشة بن هراندة المجتمع له ملك قشتالة وليون وهو المتغلب على إشبيلية وقرطبة ومرسية وجيان ابن ألهنشة الذي جرت له وعليه هزيمة الأرك والعقاب ابن شانجه بن ألهنشة المسمى إنبرذور وهو الذي أفرد صهره وزوج بنته بملك برتقال إلى أجداد يخرجنا تقصي ذكرهم عن الغرض. ومن ملوك رغون من شرق الأندلس الطاغية جايمش بن بطره بن جايمش الذي تغلب على بلنسية ابن بطره بن ألهنشة إلى أجداد عدة كذلك. ثم هلك في أخريات أيامه فولي ملك أرغون بعده ألهنشة بن جايمش إلى أخريات أيامه. وببرتقال ألهنشة بن يومس بن ألهنشة بن شانجه ابن ألهنشة بن شانجه بن ألهونشة ويسمو أولا دوقًا. ذكر تصير الأمر إليه لما ولي الأمر بالأندلس حرسها الله السلطان أبو الجيوش نصر بن السلطان أبي عبد الله محمد بن السلطان الغالب بالله أبي عبد الله بن نصر يوم عيد الفطر من عام ثمانية وسبعمائة بالهجوم على أخيه أبي عبد الله الزمن المقعد الآمن في ركن بيته واغتيال ابن الحكيم وزيره ببابه والإشادة بخلعه حسبما يأتي في موضعه استقر الأمر على ضعف أخيه وسارع دخلته فساءت السيرة لمنافسة الخاصة وكان الرئيس الكبير عميد القرابة وعلم الدولة أبو سعيد فرج ابن عم السلطان المخلوع وأخيه الوالي بعده راسخًا قدمه وعرفه بمثوبة الوارث ولنظره عن أبيه المسوغ عن جده مالقة وما إليها ولنظره مدينة سبتة المضافة إلى إيالة المخلوع عن عهد قريب قد أفرد بها ولده المترجم به وجميعهم تحت طاعته وفي زمان انقياد سوغ مديد الدولة بل مد سروها لما شاء عز وجل من احتوائهم في حبل هذا الدايل يتعقبون على الرئيس الكبير أمورًا تثر مخيمة الصدور وتستدعي فرض الطاعة وتحتوي على مظنات مخلة واحترسوا صافيات منافعه وأوعزوا إلى ولاة الأعمال بالتضييق على رجاله وصرفوا سننه عن نظره. ولما بادر إلى الحضرة لإعطاء صفقة البيعة وتهنئة السلطان نصر عن روحه وابن عمه على عادته داخله بعض أرباب الأمر محذرًا ومشيرًا بالامتناع ببلده والدعء لنفسه ووعده بما وسعه فاستعجل الانصراف إلى بلده ولم تمر إلا برهة واشتعلت نار الفتنة وهاجت مراجل الحفيظة فتلاحق به ولده وأظهر الانفراد والاستعداد في سابع عشر رمضان من هذا العام. وأقام ولده إسماعيل برسم الملك والسلطان ورتب له ألقاب الملك ودون ديوان الملك بحسبه ونازل حضرة أنتقيرة وناصبها القتال فتملكها ودخلت مربلة في طاعته وتحرك إلى بلش فنازلها ونصب عليها المجانيق فدانت فضخمت الدعوة ومكنت الجباية والتف إليه من مساعير الحروب ومن أجاب. وتحرك إلى غرناطة في أول شهر محرم عام اثني عشر وسبعمائة ونزل بقرية العطشا من مرجها. وبرز السلطان نصر في جيش خشن مستجاد العدة وافر الرجل فكان اللقاء ثالث عشر الشهر فأظهر الله أقل الفئتين وانجرت على الجيش الغرناطي الهزيمة وكبا بالسلطان نصر فرسه في مجرى سقى لبعض الفدن فنجا بعد لأي ودخل البلد مفلولا وانصرف الجيش المالقي ظاهرًا إلى بلده وطال بالرئيس وولده الأمر وضرستها الفتنة وعظم احتياجه إلى المال وكادت تفضحه المطاولة وزاحمه الملك بمكلف ضخم فاقتضى ذلك إذعانه إلى الصلح وإصغاره المهادنة على سبيله من المقام ببلده مسلمًا للسلطان في جبايته جاريةً وطايفةً في رياسته وأرزاق جنده فتم ذلك في ربيع الأول من العام المذكور. \\ثم لقحت فتنة في العام المذكور هاتفين بخلعان السلطان وطاعة مخلوعهم وطالبين منه إسلام وزيره خدن الروم المتهم على الإسلام أبي عبد الله بن الحاج. ثم لحق زعماؤهم بمالقة عند اختلال ما أبرموه فكانت الحركة الثانية لغرناطة بعد أمور اختصرتها من استبداد السلطان أبي الوليد بأمره والانحطاط في القبض على أبيه إلى هوى جنده والتصميم في طلب حقه فاتصل سيره واحتل بلوشة سرار شوال فتملكها ورحل قافلا إلى وطنه طريد كلب الشتاء وافر الخزانة واقتضى الرأي الفائل ممن له النظر الجاش من زعيم شيوخ جندها اتهامًا له بالطاغية فسجنه. ثم بدا له في أمره. ثم سرحه بعد استدعاء يمينه فوغرت صدور حاشيته وبتعهم من كان على مثل رأيهم وهو شوكة حادة فصرفوا الوجوه إلى السلطان المقبل الحظ المحبوب إليه هوى الملك بما راعه ثانيًا من عنانه بأحواز أرجدونة إلا تثويب داعيهم فكر إلى المدينة وبزر إليه جيشها ملتفا على عبد الحق بن عثمان فأبلى وصدق الحملة فكادت تكون الدائرة فلولا ثبوت السلطان لما استقبلت بأسفلهم الحملة فولوا منهزمين وتبعهم إلى سور المدينة وقد خفت اللفيف والغوغا الناعقون بالخلعان الشرهون إلى تبديل الدعوات وإلى تسم المآذن والمنارات والربا وبرز أهل ربض البيازين الهافون إلى مثل هذه البوارق إلى شرف ربوتهم كل يشير مستدعيا إعلانًا بسوء الجوار وملل الإيالات والانحطاط وبعد التلون والتقلب وسآمة العافية شنشنة معروفة في الخلق مألوفة. وبودر غلق باب إلبيرة ففض قفله ودخلت المدينة وجاء السلطان إلى معقل الحمراء بأهله وذخيرته وخاصته وبزر السلطان أبو الوليد بالقصبة القدمى تجاهها بالدار الكبرى المنسوبة لابن المول ينفذ الصكوك ويذيع العفو ويؤلف الشارد وضعفت بصاير المحصورين وفشلوا على وجود الطعمة ووفور المال وتمكن المنعة فالتمسوا لهم ولسلطانهم عهدًا نزلوا به منتقلين إلى مدينة وادي آش في سبيل العوض بمال معروف وذخيرة موصوفة وتم ذلك وخرج السلطان رحمه الله مخلوعًا ساء به القرار جانيًا على ملكه الأخابيث والأغمار ليلة الثامن والعشرين من شوال عام ثلاثة عشر وسبعمائة واستقر بها موادعًا مرة ومحاربًا أخرى إلى أن هلك حسبما يأتي ذكره. وخلا للسلطان الجو وصرفت إليه المقادة وأطاعة القاضي والداني ولم يختلف عليه اثنان والبقاء الخلص لله وحده. مناقبه اشتد رحمه الله على أهل البدع وقصر الخوض على ما تضطر إليه الملة ولقد تذوكر بين يديه أهل البيت فبذل في فدية بعضهم ما يعز بذله ونقل منهم بعضًا من حرف خبيثة فزعموا أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فشكر له ذلك. واشتد في إقامة الحدود وإراقة المسكرات وحظر تجلى القينات للرجال في الولائم وقصر طربهن على أجناسهن من الناس وأخذ يهود الذمة بالتزام سمةٍ تشهرهم وشارة تميزهم وليوفي حقهم من المعاملة التي أمر بها الشارع في الخطاب والطرق وهي شواشي صفر. ولقد حدث من يخف حديثه من الشيوخ أولى المجانة والدعابة قال: كنا عاكفين على راح وبرأسي شاشية ملف حمراء فحاول أصحابي إنامتي حتى أمكن ذلك وبادروا إلى رقاع من ثوب أصفر فصنعوا منها شاشية ووضعوها في رأسي مكان شاشيتي وأيقظوني فقمت لشأني وقد هيئوا ثمنًا لشراء بقل وفاكهة وجهزوني لشرائه فخرجت حتى أتيت دكان السوق فساومته فلما نظر إلي قال لصاحبه: جزى الله هذا السلطان خيرًا والله لقد كنت أبادر هذا اللعين بالسلام عند لقائه أظنه مسلمًا \\وبصق علي فهممت أن أوقع به ثم فطنت للحيلة فانتزعتها وبادرت فأوسعتهم ذمًا وعظم خجلي وسبقني إليهم عين لهم علي فكاد الضحك يهلكهم عند دخولي
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:06 | |
| ومناقبه كثيرة. جهاده وبعض الأحداث في مدته والتأثت الأمور لأول مدته فجرت على جيشه بمظاهرة جيش المخلوع لجيش الروم الهزيمة الشنيعة بوادي فرتونه أوقع بهم الطاغية بطره كافل ملك الروم المملك صغيرا على عهد أبيه وعمه الذاب عنه ففشا في الأعلام القتل وذلك في صفر من عام ستة عشر وسبعمائة وظهر العدو بعدها فغلب على حصن شتمانس وحصن بجيج وحصن طشكر وتغر روط. ثم صرفت المطامع عزمه إلى الحضرة فقصد مرجها وكف الله عاديته وقمعه ونصر الإسلام عليه ودالت للدين عليه الهزيمة العظمى بالمرج من ظاهر غرناطة على بريد منها واستولى على محلته النهب وعلى فرسانه ورجاله القتل وعظم الفتح وبهر الصنع وطار الذكر وثاب السعد. وكانت الوقيعة سادس جمادى الأولى من عام تسعة عشر وسبعمائة وفي ذلك يقول كاتبه شيخنا أبو الحسن بن الجياب: الحمد حق الحمد للرحمن كافي العدو وناصر الإيمان ومكيف الصنع الكريم ودافع ال خطب العظيم وواهب الإحسان في كل أمر للمهيمن حكمة أعيت على الأفكار والأذهان واستقر ملكهم القتيل بأيدي المسلمين بعد فرارهم فجعل في تابوت خشب ونصب بالسور المنازل من الحمراء يسار الداخل بباب يعقوب من أبوابها إذاعةً للشهرة وتثبتًا لتخليد الفخر. ومن الغريب أنني في هذه الأيام بعد خمسين سنة تمامًا. تفقدت ذلك المكان في بعض ما أباشره أيام نيابتي عن السلطان بدار ملكه على عادتي فألفيته قد علا عليه كوم من الحجارة رجم الصبيان إياه فظهر لي تجديد الإشادة به والاستفتاح بوقوع مثله ولما كشف عن الرمة لتنقل إلى وعاء ثان ألفى بعظم القطن العريض منها سنانٌ مرهب ثبت في العظم انتزع منه وقد غالبتتي الرقة والإجهاش وقلت اللهم ادخر رضوانك لمن أودع في هذه الرمة الطاغية سنان جهادك إلى اليوم وأثبه وارفع درجته إنك أهل لذلك. رجعٌ واستقامت الأيام وهلك المخلوع فصفا الجو واتحدت الكلمة وأمكن الجهاد. فتحرك في شهر رجب من عام أربعة وعشرين وسبعمائة وأعمل القصد إلى بلاد العدو ونازل حصن إشكر الشجى المعترض في حلق بسطة فأخذ بمخنقة ونشر الحرب عليه ورمى بالآله العظمى المتخذة بالنفط كرة حديد محماة طاق البرج المنيع من معقله فاندفعت يتطاير شررها واستقرت بين محصوريه فعاثت عياث الصواعق السماوية فألقى الله الرعب في قلوبهم وأتوا بأيديهم ونزلوا قسرًا على حكمه في الرابع والعشرين من الشهر وأقام بظاهره فصيره دار جهاد وعمل في خندقه بيده وانصرف فكانت غزاة جمة البركة عظمت بها على الشرق الجدوى وأنشد الشعراء في هذه الوجهة قصائد أشادت بفضلها وشهرت من ذكرها فمن ذلك عن كاتب سره قوله: أما مداك فغاية لم تلحق أعيت على غر الجياد السبق بحيث القباب الحمر والأسد الورد كتائب سكان السماء لها جند أنشدني منها في وصف النفط قوله وظنوا بأن الصعق والرعد في السما فحاق بهم من دونها الصقع والرعد غرائب أشكال سما هرمسٌ بها مهندةٌ تأتي الجبال فتنهد ألا إنها الدنيا تريك عجائبًا وما في القوى منها فلا بد أن يبدو وفي العاشر لشهر رجب من عام خمسة وعشرين وسبعمائة تحرك للغزو بعد أخذ الأهبة والاستكثار والاجتهاد للمطوعة وقصد مدينة مرتش العظيمة الساحة الطيبة البقعة فأضرب بها المحلات وكان القصد إجمام الناس فصوب الحشود ووجهها إلى ما بها من بحر الكروم والملتفات وأدواح الأشجار فأمعنوا في إفسادها وبزر حاميتها فناشبت الناس القتال فحميت النفوس وأريد منع الناس فأعيا أمرهم وسال منهم البحر فتعلقوا بالأسوار وقيل السلطا بادر بالركوب فقد دخل الربض \\فركب ووقف بإزائها فدخل البلد عنوة واعتصم أهله بالقصبة فدخلت أيضًا القصبة عنوة وانطلقت أيدي الغوغاء على من بها من ذكر وأنثى كبيرًا أو صغيرًا فساءت القتلة وقبحت الأحدوثة. ورفعت من الغد آكام من الجثث صعدت ذراها المؤذنون وقفل إلى غرناطة بنصر لا كفًا له فكان دخوله من هذه الغزاة في الرابع وفاته ولما فصل من مرتش نقم على أحد الرؤساء من قرابته وهر ابن عمه محمد ابن إسماعيل المعروف بصاحب الجزيرة أمرًا تقرعه عليه وبالغ في الإهمال له وتوعده بما أثار حفيظته فأقدم عليه بالفتكة الشنعاء التي ارتكبها منه بباب قصره بين عبيده وأرباب دولته آمن ما كان سربًا وأعز سلطانًا وجندًا وذلك اليوم الإثنين ثالث يوم من دخوله من مرتش بعد أن عاهد في الأمر جملة من القرابة والخدام فوثب به وهو مجتاز بين السماطين من ناسه إلى مجلس كان يجلس فيه للناس فاعتنقه وانتضى خنجرًا كان ملصقًا في ذراعه فأصابه بجراحات ثلاث إحداهن في عنقه بأعلى ترقوته فخر صريعًا. وصاح بكرٌ وزيره فعمته سيوف الحاضرين من أصحاب الفاتك ووقعت الرجة وسلت السيوف وتشاغل كل بمن يليه واستخلص السلطان من يديه وحيل بينه وبينه وحين تشاغل القوم بالوزير رفع السلطان وظن أنه قد أفلت جريحًا فرقع البهت وبادروا الفرار فسدت المذاهب فقتلوا حيث وجدوا وأخذت الظنة قومًا من أبريائهم فامتحنوا ونهب الغوغاء دورهم وعلقت بالجدرات أشلاؤهم وكان يومًا عصيبًا وموقفًا صعبًا واحتمل السلطان إلى بعض دور قصره وبه صبابة روح أشبه شيء بالعدم وكان من أخذ البيعة لولده الأمير أبي عبد الله من بعده ما هو معروف في موضعه. ودفن غلس ليلة الثلاثاء ثاني يوم وفاته بروضة الجنة من قصره إلى جانب جده وتنوهي الاحتفال بقبره نقشًا وتخريمًا وإحكامًا وحليًا وتمويهًا يشق على الوصف وكتب بإزاء رأسه في لوح الرخام ما نصه من كلام شيخنا بعد سطر الافتتاح: هذا قبر السلطان الشهيد فتاح الأمصار وناصر ملة المصطفى المختار ومحيى سبيل آبائه الأنصار الإمام العادل الهمام الباسل صاحب الحرب والمحراب الطاهر الأنساب والأثواب أسعد الملوك دولة وأمضاهم في ذات الله صولة سيف الجهاد ونور البلاد ذي الحسام المسلول في نصرة الإيمان والفؤاد المعمور بخشية الرحمن المجاهد في سبيل الله المنصور بفضل الله أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل ابن الهمام الأعلى الطاهر الذات والفخار الكريم المآثر والآثار كبير الإمامة النصرية وعماد الدولة الغالبية المقدس المرحوم أبي سعيد فرج ابن علم الأعلام وحامي حمى الإسلام صنوا الإمام الغالب وظهيره المقدس العلي المراتب المقدس المرحوم أبي الوليد إسماعي بن نصر قدس الله روحه الطيب وأفاض عليها غيث رحمته الصيب ونفعه بالجهاد والشهادة وحياه بالحسنى والزيادة جاهد في سبيل الله حق الجهاد وصنع الله له في فتح البلاد وقتل كبار الأعاد ما يجده مذخورًا يوم التناد إلى أن قضى الله بحضور أجله فحتم عمره بخير عمله وقبضه إلى ما أعد له من كرامته وثوابه وغبار الجهاد طي أثوابه فاستشهد رحمه الله شهادةً أثبتت له في الشهداء من الملوك قدمًا ورفعت له في أعلام السعادة علمًا. ولد رضي الله عنه في الساعة المباركة بين يدي الصبح من يوم الجمعة سابع عشر شوال عام سبعة وسبعين وستمائة وبويع يوم الخميس السابع والعشرين لشوال عام ثلاثة عشر وسبعمائة واستشهد في يوم الإثنين السادس والعشرين لشهر رجب عام خمسة وعشرين وسبعمائة فسبحان الملك الحق الباقي بعد فناء الخلق. وبعده من جهة اللوح الأخير: تخص قبرك يا خير السلاطين تحيةٌ كالصبا مرت بدارين قبر به من بني نصر إمام هدى عالي المراتب في الدنيا وفي الدين أبو الوليد وما أدراك من ملكٍ مستنصرٍ واثقٍ بالله مأمون سلطان عدلٍ وبأسٍ غالبٍ وندىً وفضل تقوى وأخلاقٍ ميامين لله ما قد طواه الموت من شرف وسر مجدٍ بهذا اللحد مدفون ومن لسان بذكر الله منطلق ومن فؤادٍ بحب الله مسكون فكم فتوحٍ له تزهو المنابر من عجبٍ بهن وأوراق الدواوين مجاهدٌ نال من فضل الشهادة ما يجبى عليه بأجر غير ممنون قصى كعثمان في الشهر الحرام ضحىً وفاة مستشهد في الدار مطعون في عارضيه \\غبار الغزو تمسحه في جنة الخلد أيدي حورها العين يسقي بها عين تسلمي وقاتله مردد بين زقوم وغلسين تبكي البلاد عليه والعباد معًا فالخلق ما بين أحزان أفانين لكنه حكم رب لا مردً له فأمره الجزم بين الكاف والنون فرحمة الله رب العالمين على سلطان عدلٍ بهذا القبر مدفون بعض ما رثى به وعظمت فيه فجيعة المسلمين لما ثكلوا من جهاده وعزمه وبلوه من سعده وعز نصره فكثرت فيه المراثي وتراهنت في شجوه القرائح وبكاه الغادي والرائح. فمن المراثي التي أنشدت على قبره قول كاتبه شخنا أبي الحسن بن الجياب. أيا عبرة العين امزجي الدمع بالدم ويا زفرة الحزن احكمي وتحكمي وصح بأناة الصبر سحقًا تأخري وقل لشكاة الحزن أهلا تقدمي ولم لا وشمس الملك والمجد والهدى وفتاح أبواب الندى والتكرم ثوى بين أطباق الثرى رهن غربة وحيدًا وأصمته الليالي بأسهم على ملك الإسلام فاسمح بزفرةٍ تساقط درًا بين فذ وتوأم على علم الأعلام والقمر الذي تجلى بوجه العصر غرة أدهم على أوحد الأملاك غير منازع أصالة أعراق وفضل تقدم ومن مثل إسماعيل نورٌ لمهتدٍ وبشرى لمكروبٍ وعفوٌ لمجرم وما مثل إسماعيل للبأس والندى لأصراخ مذعور وإغناء معدم وما مثل إسماعيل للحرب يجتني به الفتح من غرس القنا المتحطم وما مثل إسماعيل سهم سعادةٍ أصاب به الإسلام شاكلة الدم شهيدٌ سعيدٌ صبحته شهادة تبوأ منها في الخلود التنعم أتت وغبار الغزو طي ثيابه ظهير أمانٍ من دخان جهنم فمن شام منها اليوم برق تبسم ففي الغد تلقاه بوجه جهنم فضاحكها باكٍ وجذلانها شجٍ وطالعها هاوٍ ومبصرها عم وسراؤها تفنى وضراؤها معًا فكلتاهما طيف الخيال المسلم سطت بملوك الأرض من بعد آدم تبدد منهم كل شملٍ منظم فكم من قصير قصرت شأو عمره فخر صريعًا لليدين وللفم وكم كسرت كسرى وفضت جيوشه فلم تحمه منها كتائب رستم ولو أنها ترعى إمام هدايةٍ لأعفت عليًا من حسام ابن ملجم وما قتلت عثمان في جوف داره فقدس من مستسلم ومسلم وما أمكنت فيروز من عمر الرضى فهدت من الإسلام أرفع معلم إلى آخرها. وتضمن إجمال ما ذكر من ذلك التاريخ المسمى بقطع السلوك المنظوم رجزًا من تأليفي بما نصه: وعندما خيف انتثار السلك ووزر الروم وزير الملك تدارك الأمر الإمام الطاهر فعالج الدار طبيب ماهر وجده صنو الإمام الغالب مناقب كالشهب الثواقب فقاد من مالقة الجنودا ونشر الأعلام والبنودا وعاد نصر بمدى حمرائه أتى وأمر الله من ورائه فخلع الأمر وألقى باليد من بعد عهد موثق مؤكد وسار في الليل إلى وادي الأشى والملك لله يعز من يشا ولم يزل فيها إلى أن ماتا وطلق الدنيا بها بتاتا واتسق الأمر وقر الملك وربما جر الحياة الهلك ومن الرجز المذكور في وصف جهاده ومقتله: وكان يوم المرج في دولته ففرق الأعداء من صولته وفتح المعاقل المنيعة وابتهجت بعدله الشريعة وانتبه الدهر له من نومه على يدي طائفة من قومه بكى عليه الحرب والمحراب وندبته الضمر العراب إسماعيل بن فرج بن نصر إسماعيل بن يوسف بن إسماعيل بن فرج بن نصر السلطان الذي احتال على أخيه المتوثب على ملكه يكنى أبا الوليد. حاله كان صبيًا كما اجتمع وجهه بادنًا دمت الخلق لين الجانب شديد البياض كثيف الحاشية متصلا بالجفوة لطول الحجبة وبعد التمرن والحنكة غرًا فاقدًا لحسن الأدب عريقةً ألفاظه في العجمة. تصير الأمر إلى أخيه السلطان خيرتهم ولباب بيتهم يوم قتل أبوهما وله مزية السن والرجاحة والسكنى بمحل وفاة الأب فأبقى عليه وأسكنه بعض القصور لصقه ولم يضايق أمه فيما استأثرت به من بيت المال إذ كان إقليده في يدها وبيضاؤه وصفراؤه في حكمها ورفه متبوأه واستدعى له ولأخيه المعلم الذي كان السبب في إفاته إرماقهما وإعدام حياتهما الشيخ السفلة محمد البطروجي البائس قرد ذلك السرب فاستمرت أيام احتجابه وانتظاره على قصره إلى رمضان من عام ستين وسبعمائة. \\وحرك سماسرة الفتنة له ولأمه جواز الطمع في الملك ودندنوا لها حتى رقصت على إيقاعهم وخفت إلى مواعدهم وشمروا إلى خلاص الأمر وأحام الوثبة صهره الرئيس أبو عبد الله حلف الشؤم زوج أخته محمد بن إسماعيل الشهير الكائنة المذكور في موضعه من حرف الميم. فسيرت إليه أمه المال فبثه في الدعرة والشرار حتى تم غرضه واقتحم القلعة من بعض أسوارها عند البالية وقد هدم منها شيء في سبيل إصلاحه ليلة الأربعاء الثامن والعشرين لرمضان من عام ستين وسبعمائة والسلطان ليلتئذ غير حال بها فملؤوها لجبًا ولغطًا وصراخًا وهولا وتنويرًا في جملة تناهز المائة وانضاف إليهم أخوان رأيهم من حراسها وسكانها فألبس الناس وسقط في أيديهم. وأهدى الليل فتكته هائلة وأداها شنيعة فاقتصر كل على النظر لنفسه وانقسموا فرقتين قصدت إحداهما دار كبير الدولة وقيوم التفويض وشيخ رجال الملك رضوان المستبد بإحالة كورتها الشيخ الذهول معزوز القدر ورائب النكتة ومعود الإقامة وجرار رسن الأطواد وطول الإملا الماشي على خد الدنيا المغضوض البصر عن النظر المستهين بكل سبة وحية تسعى المعول على نظره وقوة سعده وإجابة دعوته مع كونه نسيج وحده في عفافه وديانته ورضى الناس به وسقوط منافستهم من أجله ومأويهم على مول لفظه وبساط معاملته وصحة عقده فعالجوا بابه طويلًا وتولجوا داره وقتلوه بين أهله وولده. وقصدت الأخرى دار الأمير المترجم به ومعها صهره فأخرجوه وأركبوه على فرس راعدٍ الفرائض منتقع اللون مختلط القول تحف به داياته بين مولولةٍ وتافلةٍ ومعوذة قد جعلوا به سيفًا مصلتًا على سبيل اللواعب بالنصول والرواقص في مدارج اللهو واستخرجت طبول الملك فقرعت وقيدت الخيل من مرابطها فركبت وقصدت الخزائن السلاحية ففرقت وتم الأمر. وحل من الريب على دار الإمارة القصد وخرجت الكتب إلى البلاد والقواعد فالتفت باليد أمهاتها لقطع من بها من أولى الأمانة بتمام الأمر وهلاك السلطان فتم له الأمر. وبادر أخوه السلطان لحينه لظهر سابق كان مرتبطًا عند مجرٍ له من الجنة لصق القلعة فاستأجر الليل ووافق الحزم فاستقر بوادي آش. وكان أملك بها ونازلته المحلات وأخذ بمخنقه الحصص واستنصرت لمنازلته الناس وأعملت الحيل وتأذن الله بثبوت قدمه وانتقاله إلى ملك المغرب صبح عيد النحر من العام المذكور إلى أن أعاد الله إليه أمره ورد عليه حقه وتولى بعد اليأس جبره حسبما يذكر في موضعه إن شاء الله. وخلا الجو لهذا الأمير المضعوف واستولى على أريكة الملك الأغمار وأولو البطالة وأولياء صهره الرئيس خاطبها له ابتداءً ثم ناقلها إلى فسه انتهاءً وحاملها إلى غايته درجًا وإلى إعاقته سلمًا وهو ما هو من غش الحبيب وسوء العقد ودخل السريرة واستيطان المكروه فأغرى منه بالعهد نفسًا مطاوعةً للشهوة متبرمة بالامتحان والخلوة برية من نور العلم وتهذيب الحكمة ناشئة بين أخابيث القسوة جانيةً أماني الشهوة والمخالفة مضادة للفلاح حايدة عن سبيل النجاة بمحل اغتراب عن النصحاء وانتباذ عن مقاعد الأحرار فجرى طلق الجموح في التخلف حتى كبا لفيه ويديه وأعان نسمة السوء الرئيس على نفسه وقد كان اصطنع الرجال واستركب أولى البسالة وأسالف الدعرة واختص في سبيل خدمته والذب عنه بالبؤساء والمساعير يشركهم في الأكلة. ويصافيهم النعمة. واظلم ما بينهما فحذر كل جانب أخيه إلا أن المهين كان أضعف من أن يستأثر بخطة المعالجة ويهتدي إلى سبيل الحزم. \\وفي عشي يوم الأربعاء السابع والعشرين من شهر شعبان شارفه من مكمن غدره الرحب بجوار قصره وارتبط به الخيل واستكثر من الحاشية وأخفى المساعير. وداخل المورورى المشئوم على الدولة فبادر رجاله سد الأبواب وانخرط في جملة أو باشه من باب السلطان من الرجل لنظر ممالئه في العنا وعونه على الهول الموروري فأحاط به وقد بادر الاعتصام بالمصنع ثاني الصرح المنسوب إلى هامان سموا ونفالًا في السكاك وسعة ذرع. وبعد ما رقى وصرخ بالناس يناشدهم الذمام فخف إليهم منهم الكثير وتراكموا بالطريق تحته وتولى استنزاله عن سويه مملوك أبيه العلج المخذول عباد وقد تحصل في قبضته الغادر ففتل له في الغارب والذروة ووعده الحياة فنزل عن أمان فسحة الغدر الصراح والوفاء المستباح ولحين استهاله أمر نقله إلى المطبق فقيد مختبلًا كثير الضراعة إلى الأرى لصق قصره وتعاورته السيوف وألحق به صغيره قيس استخرج من بعض الخزاين وقد جهدت أمه في إخفائه فمضى لسبيله وطرح رأسه على الرعاع المجيبين لندائه فانفضوا لحينه وبقي مطروحًا مواري بحلس دابة من دواب الظهر إلى يوم بعده فووري هو وأخوه بمقربة من مدفن أبيهم فكان من أمرهما عبرة. وقد استوفى ذلك الكتاب المسمى بنفاضة الجراب من تأليفنا. وزراء دولته قدم للوزارة عشية يوم ولايته محمد بن إبراهيم بن أبي الفتح الفهري بطالع الشؤم ونعبة النحس. عهدي بالطبيب الإسرائيلي الحبري العظيم المهارة في الفن النجومي إبراهيم بن زرزار يتطاير بتلك الولاية بكون النحس الأعظم في درجة طالعها جذوًا انفرد بنحز أديمه الجهالة المعدودون في البهم والهمج الذين لا يعبأ الله بهم فكان الخبر وفوق الخبر فلم ير في الأندلس وزارةٌ أثقل وطأة ولا أخبث عهدًا ولا أعظم شرهًا ولا أكثر حجرًا منها ثم كان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين من رجل حبركة كمداللون تنطف سحنته مرةً وسمًا غائر العين مطأطىء الرأس طرفٌ في الحقد والطمع وعي المنطق وجمود الكف معدنٌ من معادن الجهل مثلٌ في الخيانة تناول الأمر مزاحمًا فيه بالرئيس المتوثب وابن عم نفسه الغادر الضخم الجرارة بالوعث المهين وثور النقل وثعيان الفواكه وصاعقة الاخونه ووكيل الدولة المنحط عن خلالهم بالأبوة والنشأة فجرت أمورها أسوأ مجاريها إلى ان كان ما أذن الله به من مداحلة الرئيس الغادر على قتل أميره المسكين المهين مقلده أنوه الرتب وتاركه وخطة الخيانة ثم أخذه الأخذة الرابية بيد من أمده في الغي وظاهره في الخزي فجعله نكالًا لما بين يديه وما خلفه وموعظةً للمتقين حسبما يأتي في اسمه بحول الله تعالى. كاتبه واستعمل في الكتابة صاحبنا الرجل الأخرق الطوال الأهوج البري من الخلال الحميدة إلا ما كان من وسط الخط وسوقي السجع والدرك الأسفل من النظم عبد الحق بن محمد بن عطية المحاربي الآتي ذكره. وهو الذي أفرده الله جل جلاله بالغاية البعيدة من مجال سوء العهد وقلة الوفاء. وتولى القضاء أبو جعفر أحمد بن أبي القاسم بن جزي أيامًا ثم شهر به قوم من الفقهاء منافسيه ورشقوه بما أوجب صرفه وقدم للقضاء الشيخ المسن الطويل السباحة في بحر الأحكام المفرى الودجين والحلقوم بسكين القضاء المنبور بالموبقات فيه تجاوز الله عنه سلمون بن علي بن سلمون. وشيخ الغزاة على عهده يحيى بن عمر بن عبد الله ابن عبد الحق شيخ الغزاة لأخيه أصبح يوم الكائنة في قياده ونصح له فأمر له وضاعف بره. \\الملوك على عهده مولده في يوم الإثنين الثامن والعشرين لربيع الأول من عام أربعين وسبعمائة. وفاته حسبما تقرر آنفًا في يوم الأربعاء السابع والعشرين لشعبان من عام أحد وستين وسبعمائة. أبو يحيى المسوفي الصحراوي أبو بكر إبراهيم الأمير أبو يحيى المسوفي الصحراوي من أمراء المرابطين صهر علي بن يوسف بن تاشفين زوج أخته وأبو ولده منها يحيى المشهور بالكرم.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:06 | |
| أوليته معروفة تستقرأ عند ذكر ملوكهم حاله كان مثلًا في الكرم وآيةً في الجود أنسي أجواد الإسلام والجاهلية إلى الغاية في الحياء والشجاعة والتبريز في ميدان الفضائل. استوزر الوزير الحكيم الشهير أبا بكر بن الصائغ واختصه فتجملت دولته ونبه قدره. وأخباره معه شهيرة. ولايته ولي غرناطة سنة خمسمائة. ثم انتقل منها إلى سرقسطة. عند خروج المستعين ابن هود إلى روطة. فأقام بها مراسم الملك وانهمك في اللذات وعكف على المعاقرة وكان يجعل التاج بين خروجه من الصحراء قال المؤرخ: كان أبو بكر هذا رئيسًا على بعض قبيله في الصحراء وكان ابن عمه منفردًا بالتدبير فاتفق يومًا أن دخل على ابن عمه في خبائه وزوج ابن عمه تمتشط في موضع قريب من الخباء فاشتغلت نفس أبو بكر بالمرأة لحسنها وجمالها فحين دخل قال لابن عمه فلانة تريد الوصول إليك وإنما قصد الاستئذان لرجل من أصحابه فنطق باسم المرأة لشغل باله بها: فقال له ابن عمه بعد طول صمت وفكرة وقد أنكر ذلك عهدي بهذا الشخص لا يستأذن علينا. فرجع عقله وثاب لبه وعلم قدر ما من القبيح وقع فيه فخرج من ذلك المجلس وركب جمله وهان عليه مفارقة وطنه من أجل العار واستصحب نفرًا قليلًا من أصحابه على حال استعجال ورحل ليلا ونهارًا حتى وصل سجلماسة أولى عمالات علي بن يوسف ابن عمه واتصل به قدومه فأوجب حقه وعرف قدره وعقد له على أخته وولاه على سرقسطة دار ملك بني هود بشرق الأندلس بعد ولاية غرناطة. نبذة من أخباره في الكرم قالوا لما حل بظاهر سجلماسة مجهول الوفادة خافي الأمر نزل بظل نخلة بظاهرها لا يعرف أحدًا ولا يقصده فجاء في ذلك الموضع رجل حدادٌ فقراه بعنز كان عنده وتعرف له وأبو بكر يستغرب أمره فلما فرغوا من أكلهم قال للحداد ألا تصحبنا لموضع أملنا وتكون أحد إخواننا حتى تحمد لقاءنا فأجابه وصحبه الحداد وخدمه فلما قربوا من مراكش استأذن أبو بكر علي بن يوسف بن تاشفين وأعلمه بنفسه فأخرج له علي بن يوسف فرسًا من عتاق خيله وكسوة من ثيابه وألف دينار فأمر أبو بكر بدفعها للحداد فبهت الحداد وانصرف الرسول موجهًا إلى مرسله فأخبره بما عاين من كرمه وفعله فأعاده إليه في الحين بفرسٍ أخرى وكسى كثيرة وآلاف من المال فلما دخل مراكش ولقي علي بن يوسف وأنزله أنزل الحداد مع نفسه في بيت واحد وشاركه في الأموال التي توجه بها فانصرف يجر وراءه دنيا عريضة. ولما ملك سرقسطة احتضن الوزير الحكيم أبا بكر بن الصائغ ولطف منه محله. ذكر أنه غاب يومًا عنه وعن حضور مجلسه بسرقسطة ثم بكر من الغد فلما دخل قال له أين غبت يا حكيم عنا فقال يا مولاي أصابتني سوداء واغتتمت فأشار إلى الفتى الذي كان يقف على رأسه \\وخاطبه بلسان عجيمة فأحضره طبقًا مملوءًا مثاقيل محشمة وعليها نوادير ياسمين فدفعه كله إليه فقال ابن باجة: يا مولاي لم يعرف جالينوس من هذا الطب فضحك. وذكر أنه أنشد شعرًا في مدحه وقد قعد يشرب فاستفزه الطب وحلف أن لا يمشي إلا من فوق المال إلى منزله في طريقه فالتمس الخدام برنسه بأن كانوا يطرحون من المال شيئًا له خطر على أوعيته حتى يغمرها فيمشي خطوًا إلى أن وصل إلى منزله وحسد الحكيم أصحابه ولم يقدروا على مطالبته. واتفق أن سار الأمير أبو بكر وأمر أصحابه بالتأهب والاستعداد فاستعد ابن باجة واتخذ الأقبية والأخبية واستفره الجياد من بغال الحمولة فكانت له منها سبعة صفر الألوان حمل عليها الثياب والفرش والمال فلما نزل الأمير بمقره مرت عليه البغال المذكورة في أجمل الهيئات فقال لجلسائه لمن هذه البغال ومن يكون من رجالنا هذا فأصابوا العزة فقالوا هي للحكيم ابن الصائغ صاحب سرقسطة وليعلم مولانا أن في وسط كل حمل منها ألف دينار ذهبًا سوى المتاع والعدة فاستحسن ذلك. وقال أهذا حق قالوا نعم فدعا الخازن على المال وقال له ادفع لابن باجة خمسة آلاف دينار ليكمل له ذلك اثني عشر ألفًا فقد سمعته غير ما مرة يتمنى أن يكون له ذلك ثم بعث عنه في الحين وقال له يا حكيم ما هذا الاستعداد فقال يا مولاي كل ذلك من هباتكم وأعطياتكم ولما علمت أن أظهار ذلك يسركم فسر بذلك. وأخباره رحمه الله كثيرة. قالوا ولما ولى غرناطة سنة خمسمائة. ثار بها وانبرى على قومه لأمر رابه فانتبذ عنه قومه وناصبوه الحرب حتى استنزلوه عنوة وقبضوا عليه ووجهوه إلى علي بن يوسف. فآثر الإبقاء عليه وعفا عنه واستعمله بسرقسطة كذا ذكره الملاحي وأشار إليه. وعندي أن الأمر ليس كذلك وأن الذي جرى له ذلك أبو بكر بن علي بن يوسف بن تاشفين فيتحقق. وفاته توفي بسرقسطة في سنة عشر وخمسمائة بعد أن ضاق ذرعه بطاغية الروم الذي أناخ عليه بكلكله. وعندما تعرف خبر وفاته واتصلت بالأمير أبي إسحاق إبراهيم بن تاشفين وهو يومئذ والي مرسية بادر إلى سرقسطة فضبطها ونظر في ساير أمورها ثم صدر إلى مرسية. رثاؤه ورثاه الحكيم أبو بكر بن الصائغ بمراث اشتهر عنه منها قوله: سلام وإلمام ووسمي مزنةٍ على الجدث الثاني الذي لا أزوره أحقٌ أبو بكر تقضي فلا ترى ترد جماهير الوفود ستوره لئن أنست تلك اللحود بلحده لقد أوحشت أقصاره وقصوره أيها الملك المفدى لعمري نعي المجد ناعيك يوم قمنا فنحنا كما تقارعت والخطوب إلى أن غادرتك الخطوب في الترب وهنا غير أني إذا ذكرتك والده ر أخال اليقين في ذاك ظنا وسألنا متى اللقاء فقيل الحش ر قلنا صبرًا إليه وحزنا إدريس بن عبد المؤمن بن علي إدريس بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن بن علي أمير المؤمنين الملقب بالمأمون مأمون الموحدين أوليته جده عبد المؤمن جذع الشجرة وينبوع الجداول هو ابن علي بن علوي بن يعلي بن موار بن نصر بن علي بن عامر بن موسى بن عون الله بن يحيى بن ورجايغ بن سطفور بن نفور بن مطماط بن هزرج بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. \\وكان طالبًا بربريًا ضعيفًا خرج مع عمه يؤم للشرق وكان رأى رؤيا هالته تدل على ملك إذ كان صفحته من طعام على ركبتيه يأكل منها الناس وكانت أمه رأت وهي حاملٌ كأن نارًا خرجت منها أحرقت المشرق والمغرب فكانت في نفسه حركة لأجل هذه الرؤيا فلمات حل بسجلماسة سمع بها عن المهدي وكان رجلًا يعرف بأبي عبد الله السوسي ووصف له بالعلم فتشوف إلى لقائه ليرى ما عنده في تأويل رؤياه فانصرف إليه مع بعض الطلبة فلقي رجلا قد وسمه على ما يزعم الناس حدثان من أبي حامد الغزالي وعلقت به دعوة منه في إذهاب ملك أهل اللثام لحرق كتابه على أيديهم فهو مغري بالخروج عليهم مهيأ في عالم الغيب إلى تخريب دعوتهم فوافق شن طبقه وما اجتمع الداآن إلا ليقتتلا والله غالب على أمره. فأجلسه وسأله عن اسمه وبلده وسنه ونسبه بالتعريف وأمره أن يخفي من أمره وعبر له رؤياه بأنه يملك الأرض فاهتزت الآمال وتعاضدت ونفذت مشيئة الله بأن دالت الدولة وهلك محمد بن تومرت المهدي فأفضى الأمر إلى عبد المؤمن واستولى على ملك اللمتونيين فأباد خضراءهم واستأصل شأفتهم واستولى على ملك المغرب فأقام به رسمًا عظيمًا وأمرًا جسيمًا وأورثه بنيه من بعده والله يؤتي ملكه من يشاء. حاله كان رحمه الله شهمًا شجاعًا جريئًا بعيد الهمة نافذ العزيمة قوي الشكيمة لبيبًا كاتبًا أديبًا فصيحًا بليغًا أبيًا جوادًا حازمًا. وذكره ابن عسكر المالقي في تاريح بلده قال دخل مالقة من قبل أخيه فوصل إليها في الحادي عشر من محرم وهو شاب حدث فكان منه من نباهة القدر وجلالة النفس وأبهة الملك ما يعجز عنه كثير من الملوك. ولحين وصوله عقد مجلس مذاكرة استظهر له نبهاء الطلبة وكان الشيخ علي بن عبد المجيد يحضره. وكان يبدو منه مع حداثة سنة من الذكاء والنبل والتفطن ما كان يبهت الحاضرين وكانوا ينظرون منه إلى بدري الحسن وأسدي الهيبة وكهلي الوقار والتؤدة واشتغل بما يشتغل به الملوك من تفخيم البناء كبينان رياض السيد الذي على ضفة الوادي بمالقة المعروف باسمه لله ورسوله وكان عرفاء البنائين لا يتصرفون إلا بنظره واستمرت ولايته مفخم الأمر عظيم الولاية إلى أن نقل منها إلى قرطبة ثم نقل إلى إشبيلية وفيها بويع الخلافة. تصير الأمر إليه وجوازه إلى العدوة قام على أخيه العادل بين يدي مقلعة بممالأة أخيه السيد أبي زيد أمير بلنسية وتحريكه إياه فتم له ذلك وعقدت له البيعة بمراكش والأندلس. ثم إن الموحدين في مراكش بدا لهم في أمره وعدلوا عنه إلى ابن عمه أبي زكريا ابن الناصر واتصل به خبر خلعهم إياه فهاجت نفسه ووقدت جمرته واستعد لأخذ ثاره ورحل من إشبيلية واستصحب جمعًا من فرسان الروم واستجاز البحر سنة ست وعشرين وستمائة قاصدًا مراكش وبرز ابن عمه إلى مدافعته والتقى الجمعان فكانت الهزيمة على يحيى بن الناصر وفر إلى الجبال واستولى القتل على جيشه ودخل المأمون مراكش فأمر بتقليد شرفاتها بالرءوس فعمتها على اتساع الساحة واستحضر الناكثين لبيعته وبيعة أخيه وهم كبار الدولة واستفتى قاضيه بمرأى منهم واستحضر خطوطهم وبيعاتهم فأفتى بقتلهم فقتل جماعتهم وهم نحو مائة رجل واتصل البحث عمن أفلت منهم وصرف عزمه إلى محو آثار دولة الموحدين وتغيير رسمها فأزال اسم مهديها من الخطبة والسكة والمآذن وقطع النداء عند الصلاة تاصليت الإسلام وكذلك منسوب رب وبادري وغير ذلك مما جرى عليه عمل الموحدين وأصدر في ذلك رسالة حسنة من إنشائه يأتي ذكرها في موضعه. \\وعند انصرافه من الأندلس خلا للأمير أبي عبد الله بن هود الجو بعد وقائع خلت بينهما وانتهز النصارى الفرصة فعظمت الفتنة وجلت المحنة. دخوله غرناطة لم يصح عندي أنه دخل غرناطة مع غلبة الظن القريب من العلم بذلك إلا طريقه إلى مدافعته المتوكل بن هود بجهة مرسية فإنه تحرك لمعالجة أمره في جيش إشبيلية باستدعاء أخيه السيد أبي زيد والي بلنسية بعد هزائم جرت بصقع الشرق لابن هود فتحرك المأمون إليه واحتل غرناطة في رمضان من عام خمسة وعشرين وستمائة وأنفذ منها كتابه إلى أخيه يقوي بصيرته ويعلمه بنفوذه إليه والتف عليه جيش غرناطة وما والاها واتصل سيره إلى الشرق فبرز ابن هود إلى لقائه فكان اللقاء بخارج لورقة فانهزم ابن هود وفر إلى مرسية وعساكر الموحدين في عقبه واستقصاء مثل هذا يخرج عن الغرض. وخاطب لأول أمره وأخذ الناس ببيعته. من بأقطار الأندلس صادعًا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحض على الصلوات وإيتاء الزكاة وإيتاء الصدقات والنهي عن شرب الخمر والمسكرات والتحريض على الرعاية فمن كتابه: الحمد لله الذي جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصلين يتفرع منهما مصالح الدنيا والدين وأمر بالعدل والإحسان إرشادًا إلى الحق المبين والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الكريم المبعوث بالشريعة التي طهرت الجيوب من الأدران واستخدمت بواطن القلوب وظواهر الأبدان طورًا بالشدة وتارة باللين القائل ولا عدول عن قوله: " ومن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه " تنبيهًا على ترك الشك لليقين وعلى آله أعلام الإسلام الملقين راية الإسلام باليمين الذين مكنهم الله في الأرض فأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وفاء بالواجب لذلك التمكين. ومن فصل: وإذا كنا نوفي الأمة تمهيد دنياها ونعني بحماية أقصاها وأدناها فالدين أهم وأولى والتهمم بإقامة الشريعة وإحياء شعائرها أحق أن يقدم وأحرى وعلينا أن نأخذ بحسب ما يأمر به الشرع وندع ونتبع السنن المشروعة ونذر البدع. ولنا أن لا ندخر عنها نصيحة ولا نغبنها أداة من الأدوات مريحة ولنا عليها أن تطيع وتسمع. ومن فصل وأول ما يتناول به الأمر النافذ الصلاة لأوقاتها والأداء لها على أكمل صفاتها وشهودها إظهارًا لشرائع الإيمان في جماعتها. فقد قال عليه الصلاة والسلام: أحب الأعمال إلى الصلاة لأوقاتها. وقال: أول ما ينظر فيه من أعمال العمد الصلاة. وقال عمر: إن أهم أموركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع. وقال: لاحظ في الإسلام لمن ترك الصلاة وهي الركن الأعظم من أركان الإيمان والسور الأوثق لأعمال الإنسان والمواظبة على حضورها في المساجد وإيثار ما لصلاة الجماعة من المزية على صلاة الواحد أمرٌ لا يضيعه المفلحون ولا يحافظ عليها إلا المؤمنون. قال ابن مسعود رضي الله عنه: لقد رأينا وما يتخلف عنها إلا المنافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتي يتهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف. \\وشهود الصبح وعشاء الآخرة شاهد بمحضر الإيمان. ولقد جاء: حضور الصبح في جماعة يعدل قيام ليلة وحسبكم بهذا الرجحان. ومن الواجب أن يعتني بهذه القاعدة الكبرى من قواعد الدين ويأخذ بها في جميع الأمصار الصغير والكبير من المسلمين ونيط في إلزامها قوله عليه الصلاة والسلام: " مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر سنين ". وهي طويلة في معاني متعددة. نثره ونظمه ولما غير رسوم الموحدين وأوقع بأرباب دولتهم خبر النكث ببيعته وبيعتي أخيه وعمه كتب إلى الأقطار عن نفسه ولم يكمل إنشاءه بكتابة رسالة بديعة اشتملت على فصول كثيرة تنظر في كتاب المغرب والبيان المغرب وغير ذلك. وكتابا بخطه إلى أهل اندوجر: إلى الجماعة والكافة من أهل فلانة وقاهم الله عثرات الألسنة وأرشدهم إلى محو السيئة بالحسنة أما بعد فإنه قد وصل من قبلكم كتابكم الذي جدد لكم أسهم الانتقاد ورماكم من السهاد بالداهية الساد أتعتذرون من المحال بضعف الحال وقلة الرجال. إذًا نلحقكم بربات الحجال كأنا لا نعرف مناحي أقوالكم وسوء منقلبكم وأحوالكم لا جرم أنكم سمتعم بالعدو قصمه الله وقصده إلى ذلك الموضع عصمه الله فطاشت قلوبكم خورًا وعاد صفوكم كدرًا وشممتم ريح الموت وردًا وصدرًا وظننتم أنكم أحيط بكم من كل جانب وأن الفضاء قد غص بالتفاف القنا واصطفاف المناكب ورأيتم غير شيء فتخيلتموه طلائع الكتائب تبًا لهمتكم المنحطة وشيمتكم الراضية بأدون خطة أحين ندبتم إلى حماية إخوانكم والذب عن كلمة إيمانكم نسقتم الأقوال وهي مكذوبة ولفقتم الأعذار وهي بالباطل مشوبة لقد آن لكم أن تتبدلوا جل الخرصان إلى مغازل النسوان وما لكم ولصهوات الخيول وإنما على الغانيات جر الذيول. أتظهرون العناد تخريصًا بل تصريحًا وتلويحًا ونظن أن لا يجمع لكم شتا ولا يدني منكم نزوحًا. أين المفر وأمر الله يدرككم وطلبنا الحثيث لا يترككم فأزيلوا هذه النزعة النفاقية من خواطركم قبل أن نمحو بالسيف أقوالكم وأفعالكم ونستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم. ونحن نقسم بالله لو اعتسفتم كل بيداء سملق واعتصمتم بأمنع معقل وأحفل فيلق ما ونينا عنكم زمانًا ولا ثنينا عن استيصال العزم منكم عنانًا فلا يغرنكم الإمهال أيها الجهال. وهي طويلة وقال عند الإيقاع بالأشياخ أولى الفساد على الدول وصلبهم في الأشجار والأسوار مما كلف السلمى بحفظها واستظرافها: أهل الحرابة والفساد من الورى يعزون في التشبيه بالذكار ففساده فيه الصلاح لغيره بالقطع والتعليق في الأشجار ذكارهم ذكرى إذا ما أبصروا فوق الجذوع وفي ذرى الأسوار توقيعه قال ابن عسكر وكانت تصدر منه توقيعات نبيلة. فمنها أن المرأة رفعت رقعتها بأحد من الأجناد ممن نزل دارها وصدر لها أمر ينكر فوقع على رقعتها: يخرج هذا النازل ولا يعوض بشيء من المنازل. وغير ذلك مما اختصرناه. بنوه أبو محمد عبد الواحد ولي عهده وأمير المؤمنين بعد وفاته الملقب بالرشيد وعبد العزيز ومان وأبو الحسن علي الملقب بالسعيد الوالي بعد أخيه الرشيد. \\بناته: ابنة العزيز وصفية ونجمة وعائشة وفتحونة وأمهات الجميع روميات وسريات مغربيات. وزراؤه وزر له الشيخ أبو زكريا بن أبي الغمر وغيره. كتابه كتب له جملة من مشاهير الكتاب منهم أبو زكريا الفازازي وأبو المطرف بن عميرة. وأبا الحسن الرعيني وأبوعبد الله بن عياش وأبو العباس ابن عمران وغيرهم. وما منهم إلا شهير وفاته توفي رحمه الله بوادي أم الربيع وقد طوى المراحل من ظاهر سبتة مقلعا عن حصارها مبادرًا إلى مراكش وقد اتصل به دخول يحيى بن الناصر إياها فأعد السير وقد اشتد حنقه على أهلها وأقسم أن يبيح حماها للروم ويذهب اسمها ومسماها فهلك عند دنوه منها فجأة فكانت عند أهل مركش من غرر الفرج بعد الشدة وكتمت زوجة حبابة الرومية أم الرشيد ولده خبر وفاته إلا عن الأفراد من قواد النصارى وبعض الأشياخ واتفق القول على مبايعة ابنها المذكور بيعةً خاصة ثاني يوم وفاته ثم جعل في هودج وأشيع أنه مريض وزحفت الجيوش على تعبيته وبرز يحيى بن الناصر من مراكش إلى لقائه والتقى الجمعان فانهزم يحيى واستولى الرشيد عليه ودخل مراكش فاستقام الأمر وكانت وفاة المأمون أبي العلا رحمه الله ليلة الخامس عشر لمحرم عام ثلاثين وستمائة.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:07 | |
| وجرى ذكر المأمون والمهدي وأوليتهم في الرجز المتضمن ذكر بالمسلمة من نظمي بما نصه بعد ذكر الدولة اللمتونية: ونجم المهدي وهو الداهية فأصبحت تلك المباني واهية لم يأل فيها أن دعا لنفسه وكان في الحزم فريد جنسه أغرب في ناموسه ومذهبه وفي الذي سطره من نسبه وعنده سياسةٌ وعلمٌ وجرأةٌ وكرم وحلمٌ ووافقت أيامه في الناس لدولة المسترشد العباسي ثم انقضت أيامه المنيفة وكان عبد المؤمن الخليفة فضاء لون سعده ووضحا ولاح مثل الشمس في وقت الضحى ثم تلمسان وفاسًا فتحا وملك أصحاب اللثام قد محا ولما انتهى القول إلى المأمون المترجم به بعد ذكر من يليه وعبد المؤمن جده قلت: ثم تولى أمرهم أبو العلا فسلط البيض على بيض الطلا وهو الذي أركب جيش الروم وجد في إزالة الرسوم أسباط بن جعفر بن سليمان بن أيوب بن سعد السعدي سعد بن بكر بن عفان الإلبيري هذا هو جد سعيد بن جودي بن سوادة بن جودي بن أسباط أمير المغرب. وقدرهم بهذه المدينة شهير. حاله وكان من أهل العلم والفقه والدين المتين والورع الشديد والصلاح الشهير. نباهته ولاه الأمير عبد الرحمن قضاء إلبيرة حين بلغه زهده وورعه وأنه لم يشرك إخوته في شيء من ميراث أبيه إذ كان لم يحضر الفتح فبرىء به إليهم وابتاع موئلًا بوطنه أنيط به ماءٌ وانفرد به للعبادة والتبتل فاستقدمه هشام فركب حماره وقدم عليه في هيئة رثة بذلة فتوسم فيه الخير وقدمه ووسع له في الرزق ووهب له ضياعًا كثيرة تعرف اليوم باسمه وتوفي هشام وهو قاض بإلبيرة فأقره ابنه الحكم ثم ولاه شرطته إلى أن توفي أسباط قلت انظر حال الشرطة عند أسلم بن عبد العزيز بن أبان أسلم بن عبد العزيز بن هشام بن خالد بن عبد الله بن خالد ابن حسين بن جعفر بن أسلم بن أبان مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه يكنى أبا الجعد. أوليته من أهل شرق الأندلس أصلهم من لوشة فتية غرناطة وموضعهم بها معروف وإلى جدهم ينسب جبل أبي خالد المطل عليها وكان لهم ظهور هنالك وفيهم أعلام وفضلاء. حاله كان أسلم من خيار أهل إلبيرة شريف البيب كريم الأبوة من كبار أهل العلم وكانت فيه دعابة لم ينسب إليه قط بسببها خزية في دين ولا زلة. \\قال أبو الفضل عياض كان أسلم من خيار أهل إلبيرة رفيع الدرجة في العلم وعلو الهمة في الإدراك والرواية والديانة والصحبة وبعد الرحلة في طلب العلم معروف النصيحة والإخلاص للأمراء. مشيخته لقي بمصر المدني ومحمد بن عبد الحكم ويونس والربيع بن سليمان المؤذن وأحمد بن عبد الرحيم البرقي. وسمع من علي بن عبد العزيز وسليمان ابن عمران بالقيروان. من روي عنه سمع منه عثمان بن عبد الرحمن وعبد الله بن يونس ومحمد بن قاسم وغير واحد وانصرف إلى الأندلس من رحلته فنال الوجاهة العظيمة. ولايته ولاه قضاء الجماعة بغرناطة الناصر لدين الله أول ولايته وسط سنة ثلاثمائة إلى أن استعفى سنة تسع وثلاثمائة فأعفاه ثم أعاده. وكان في قضاء صارمًا لا هوادة عنده. قال المؤرخ كان الناصر يستخلفه في سطح القصر إذا خرج إلى مغازيه. وحكى ابن حارث أن ابن معاذ وابن صالح أتيا يومًا فلما أخذا مجلسهما نظر إليهما وقال ألقوا ما أنتم ملقون فأبهتهما. ودخل عليه محمد بن وليد يومًا فكلمه في شيء فقال أسلم سمعنا وعصينا فقال ابن وليد ونحن قلنا واحتسبنا. وأتاه في بعض مجالسه شهود بعضهم من أهل المدينة بقرطبة وبعضهم من شلار من الربض الشرقي يشهدون في ترشيد امرأة من الربض الغربي فلما أخذوا مجالسهم فتح باب الخوخة التي في المجلس الذي يجلس بدهليزه ونادى من بخارجه فاجتمعوا اسمعوا عجبًا لله در راحت مشرقة ورحت مغربًا شتان بين مشرق ومغرب هؤلاء من أهل المدينة وشلار يشهدون في ترشيد امرأة من ساكنات آخر بلاط مغيث ثم سكت فدهش القوم وتسللوا. وبلغه عن بعض الشهود المتهمين أنه أرشي في شهادته ببساط فلما أتى ليؤديها ودخل على أسلم جعل يخلع نعليه عند المشي على بساط القاضي فناداه أبا فلان البساط الله الله فتنبه بأن أمره عند القاضي ولم يجسر على أداء شهادته تلك. وخاصم فقيهٌ عند أسلم رجلًا في خادم أغربها وجاء بشاهد أتى به من إشبيلية فقال يا قاضي هذا شاهدي فاسمع منه فصعد أسلم في الشاهد وصوب وقال أمحتسب أو مكتسبٌ أصلحك الله فقال الشاهد أحسن الظن أيها القاضي فليس هذا إليك هذا إلى الله المطلع على ما في القلوب ولم تقعد هذا المقعد لتسأل عن هذا وشبهه وإنما عليك الظاهر وتكل الباطن إلى الله فإن شئت فاسمع الشهادة كما يلزمني أداؤها ثم أقبلها أو اضرب بها الحائط. وفي رواية أخرى وليس لك أن تكشف الستر المنسدل بينك وبيني فإن هذا التفسير للشهود يوقف عن الشهادة عندك ويعرض لإهانتك أهل لائقةٍ وفي ذلك من ضياع الحقوق ما لا يخفي فأخجل أسلم كلامه وقال له لك ما قلت فأد شهادتك يرحمك الله. \\قال فأين الخادم تحضر حتى أشهد على عينها قال أسلم وفقيهٌ أيضًا هاتوا الخادم فجاءت من عند الأمين فلما مثلت بين يديه نظر منها مليًا ثم قال أعرف هذه الخادم ملكا لهذا الرجل لا أعرف ملكه زال عنها بوجه من الوجوه إلى حين شهادتي هذه سلامٌ على القاضي ثم خرج فبقى أسلم متعجبًا منه. محنته كف بصره في أخريات أيامه فطلب لأجل ذلك الإعفاء فأعفى ولزم بيته صابرًا محتسبًا إلى حين وفاته. مولده سنة إحدى وثلاثين ومائتين. أسد بن الفرات بن بشر بن أسد المري من أهل قرية الصير مورته من إقليم البساط من قرى غرناطة. حاله كان عظيم القدر والشرف والشهرة أصيل المعرفة والدين. خرج إلى المشرق ولقي مالك بن أنس رضي الله عنه روي عنه سحنون ابن سعيد. تآليفه ألف كتاب المختلطة وولى القضاء بالقيروان أجمل ما كانت وأكثر علمًا وولاه زيادة الله غزو صقلية ففتحها وأبلى بلاء حسنًا. وفاته توفي رحمه الله محاصرًا سرقوسة منها سنة ثلاث عشر ومائتين. هذا ما وقع في كتاب أبي القاسم الملاحي. وذكره عياض فذكر خلافًا في اسمه وفي أوليته. أبو بكر المخزومي الأعمى المورورى المدوري حاله كان أعمى شديد القحة والشر معروفًا بالهجاء مسلطًا على الأعراض سريع الجواب ذكي الذهن فطنًا للمعاريض سابقًا في ديوان الهجاء فإذا مدح ضعف شعره. دخوله غرناطة وذكر شيء من شعره ومهاترته مع نزهون بنت القلاعي. قال أبوالحسن بن سعيد في كتابه المسمى بالطالع السعيد قدم على غرناطة أيام ولاية أبي بكر بن سعيد عمل غرناطة ونزل قريبًا منه وكان يسمع به فقال صاعقةٌ يرسلها الله عز وجل على من يشاء من عباده ثم رأى أن يبدأه بالتأنيس والإحسان فاستدعاه بهذه الأبيات: يا ثانيا للمعري في حسن نظمٍ ونثر وفرط ظرف ونبلٍ وغوص فهم وفكر صل ثم واصل حفيًا بكل شكر وبر وشادنٌ قد تغنى على ربابٍ وزمر وما يسامح فيه الغف ور من كأس خمر وبيننا عقد حلف لبان شركٍ وكفر فقم نجدده عهدًا يطيب شكر وسكر والكأس مثل رضاع ومن كمثلك يدري ووجه له الوزير أبو بكر بن سعيد عبدًا صغيرًا قاده. فلما استقر به المجلس وأفعمته روائح الند والعود والأزهار وهزت عطفه الأوتار قال: دار السعيدي ذي أم دار رضوانٍ ما تشتهي النفس فيها حاضرٌ دان سقت أبارقها للند سحب ندى تحدو برعد لأوتار والحان والبرق من كل دن ساكبٌ مطرا يحيي به ميت أفكار وأشجان هذا النعيم الذي كنا نحدثه ولا سبيل له إلا بآذان فقال أبو بكر بن سعيد ولا سبيل له إلا بآذان فقال حتى يبعث الله ولد زنا كلما أنشدت هذه الأبيات قال: وإن قائلها أعمى فقال: أما أنا فلا أنطق بحرف في ذلك. فقال من صمت نجا. \\وغناء وطيب شراب تتعجب من تأتيه وتشبهه بنعيم الجنة وتقول ما كان يلم إلا بالسماع ولا يبلغ إليه إلا بالعيان لكن من يجيئ من حصن المدور وينشأ بين تيوس وبقر من أين له معرفةٌ بمجالس النغم. فلما استوفت كلامها تنحنح الأعمى فقالت له دعه فقال من هذه الفاعلة فقالت عجوز مقام أمك فقال كذبت ما هذا صوت عجوز إنما هذه نغمة قحبة محترقة تشم روائح كذا منها على فرسخ فقال له أبو بكر: يا أستاذ هذه نزهون بنت القلاعي الشاعرية الأديبة فقال سمعت بها لا أسمعها الله خيرًا ولا أراها إلا. . . فقالت له يا شيخ سوءٍ تناقضت وأي خير أفضل للمرأة. ففكر المخزومي ساعة ثم قال: على وجه نزهون من الحسن مسحة وإن كان قد أمسى من الضوء عاريا قواصد نزهون تدارك غيرها ومن قصد البحر استقل السواقيا فأعملت فكرها وقالت: قل للوضيع مقالًا يتلى إلى حين يحشر من المدور أنش ئت والخرا منه أعطر حيث البداوة أمست في أهلها تتبختر لذلك أمسيت صبا بكل شيء مدور جازيت شعرًا بشعر فقل لعمري من أشعر إن كنت في الخلق أنثى فإن شعري مذكر فقال لها اسمعي: ألا قل لنزهونة ما لها تجر من التيه أذيالها ولو أبصرت بشةً شمرت كما عودتني سربالها فحلف أبو بكر بن سعيد ألا يزيد أحدهما على الآخر في هجوه كلمة فقال المخزومي أكون هجاء الأندلس وأكف عنها دون شيء فقال أنا أشتري منك عرضها فاطلب فقال بالعبد الذي أرسلته فقادني إلى منزلك فإنه لين القد رقيق الملمس. فقال أبو بكر لولا أنه صغير كنت أبلغك فيه مرادك وأهبه لك ففطن لقصده وقال أصبر عليه حتى يكبر ولو كان كبيرًا ما آثرتني على نفسك فضحك أبو بكر وقال قد هجوت نثرًا وإن لم نهج نظمًا فقال أيها الوزير لا تبديل لخلق الله وانفصل المخزومي بالعبد بعد ما أصلح بينه وبين نزهون. وقال يمدح القاضي بغرناطة أبا الحسن بن أضحى رحمهما الله: عجبًا للزمان يطلب هضمي وملاذي منه على بن أضحى جاره قد سما على النطح عزًا ليس يخشى من حادث الدهر نطحا فقال له ابن أضحى هلا اقتصرت على ما أنت بسبيله فكم تقع في الناس فقال أنا أعمى وهم حفرٌ فلا أزال أقع فيها فقال فأعجبني كلامه على قبحه وحديث مقامه بغرناطة يقتضي طويلا. وفاته: قال أبو القاسم بن خلف كان حيًا بعد الأربعين وخمسمائة. أصبغ بن محمد بن الشيخ المهدي يكنى أبا القاسم عالم مشهور. حاله كان محققًا بعلم العدد والهندسة مقدمًا في علم الهيئة والفلك وعلم النجوم وكانت له مع ذلك عناية بالطب. تواليفه حسان وموضوعاته مفيدة منها كتاب المدخل إلى الهندسة في تفسير كتاب إقليدس ومنها كتاب ثمار العدد المعروف بالمعاملات. ومنها كتابه الكبير في الهندسة تقصي فيه أجزاءها. ومنها كتاب في الآلة المعروفة بالأسطرلاب. \\ومنها تاريخه الذي ألفه وهو تاريخ كبير. وفاته قال ابن جماعة في تاريخه أخبرني أبو مروان سليمان بن عيسى الناشي المهندس أنه توفي بمدينة غرناطة قاعدة الأمير حبوس ليلة الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت لرجب سنة ست وعشرين وأربعمائة وهو ابن ست وخمسين سنة شمسية. وعده من مفاخر الأندلس. أبو علي بن هدية من أهل غرناطة حاله قال أبوالقاسم الملاحي فيه من أهل الدين والفضل والأمانة والعدالة والمعرفة بالتكسير والأعمال السلطانية وولى المستخلص بغرناطة فثقب وأجاد النظر. قال ابن الصيرفي: ولما ولي الوزير أبو علي بن هدية المستخلص وباشر جلائل الأمور ودقائقها بنفسه حمي المناصفين ورفع المؤن والكلف عنهم ووسع بسليف البذر عليهم وآثرهم بالنصفة بالتزام حصة بيت المال ولم يكن له حجاب ولا بواب فكان القوي والضعيف والمشروف والشريف والكبير والصغير والرجل والمرأة شرعًا سواءً في الوصول إليه والتكلم في مجلسه فلم يهتضم جانب ولا دحضت حجة إلا أنه ارتفعت الرقبة وزالت الهيبة وأمحق نور الخطة وخص أحباس جامع غرناطة بنظره بفضل مال كثير من غلته ونبه باجتماعه ليزيد بن بلاطين في مسقفه من شرقه وغربه فأكمل الله ذلك بسعيه وعلى يديه ورام ربع المستخلص وزاد به في حماماته ورم حوانيته واستحدث منيحة سماها المستحدثة. وغرس قضبان الجوز في مواضع المياه وعوض بما ذهب وشمر في جمع المال ووالي الحفز على العمل ونصح بمقتضى جهده ومنتهى وسعه ولم تمد يده في مصانعة ولا مالت إلى مداخلة ولكنه لم يحمل في حق ولا نوقش في باطل. أم الحسن بنت القاضي أبي جعفر الطنجالي من أهل لوشة. نبيلةٌ حسيبةٌ تجيد قراءة القرآن وتشارك في فنون من الطلب من مبادىء غريبة وخلف وإقراء مسائل الطب وتنظم أبياتًا من الشعر. وذكرتها في خاتمة الإكليل بما نصه: ثالثة حمدة وولادة وفاضلة الأدب والمجادة تقلدت المحاسن من قبل ولادة وأولدت أبكار الأفكار قبل سن الولادة. نشأت في حجر أبيها لا يدخر عنها تدريجًا ولا سهمًا حتى نهض إدراكها وظهر في المعرفة حراكها ودرسها الطب ففهمت أغراضه وعلمت أسبابه وأعراضه. وفي ذكر M0عها ولما قدم أبوها من المغرب وحدث بخبرها المغرب توجه بعض الصدور إلى اختبارها ومطالعة أخبارها فاستنبل أغراضها واستحسنها واستطرف لسنها وسألها عن الخط وهو أكسد بضاعة جلبت وأشح درة حلبت. فأنشدته من نظمها: الخط ليس له في العلم فائدة وإنما هو تزيينٌ بقرطاس والدرس سؤلي لا أبغي به بدلًا بقدر علم الفتى يسمو على الناس وراجعها بعض المجان يغفر الله له: إن فرط الدرس يا أمي سحق وهذا هو المشهور في الناس فخذ من الدرس شيئًا تافها خطا وبالفهم يحيى كل الناس ومن شعرها في غرض المدح: إن قيل من الناس رب فضيلةٍ حاز العلا والمجد منه أصيل فأقول رضوان وحيد زمانٍ إن الزمان بمثله لبخيل بن حبوس بن ماكسن بن زيري بن مناد الصنهاجي الأمير الملقب بسيف الدولة صاحب أمر والده والمرشح للولاية بعده حاله قال المؤرخ: كان زيري بن مناد ممن ظهر في حرب ابن يزيد بإفريقية واتسم هو وقومه بطاعة العبيديين أمراء الشيعة فكانوا حربًا \\لأضدادهم من زنانة الموالين لأملاك المراونة لتحقق جدهم خزر بولايته عثمان بن عفان رضي الله عنه فلما صار الأمر إلى بني مناد بعد انتقال ملك الشيعة إلى المشرق وولي الأمر باديس بن منصور بن بلكين بن زيري ذهب أعمامه وأعمام أبيه إلى استضعافه فلم يعطهم ذلك من نفسه ووقعت بينهم الحرب التي قتل فيها عم أبيه ما كسن بن زيري فرهب الباقون منهم صولة باديس وخافوا عاديته على أنفسهم على صغر سنه فخاطب شيخ بيته يومئذ زاوي بن زيري ومعه أبناء أخيه المظفر ابن أبي عامر ليجوز إليه إلى الأندلس رغبة في الجهاد فألفى همه بعيدة وملكًا شامخًا يذهب إلى استخدام الأشراف واصطناع الملوك فأذن في ذلك فدخل منهم جماعةٌ الأندلس مع أميرهم زاوي بن زيري ومعه أبناء أخيه حباسة وحبوس وماكسن فأنزلهم المظفر وأكرمهم إلا أنهم كابدوا مشقة من دهرهم الذي أصارهم يخدمون بأبواب الملوك من أعدائهم غيرهم فلما انهدمت الإمامة وانشقت عصا الجماعة سعوا في الفتنة سعى غيرهم من سائر قبائل البرابرة عند تشديد أهل الأندلس للبربر وانحازوا عند ظهورهم على أهل الأندلس بملوك بني حمود إلى بلاد تضمهم فانحازت صنهاجة مع شيخهم ورئيسهم زاوي بن زيري إلى مدينة غرناطة. ثم آثر زاوي العودة إلى وطنه إفريقية فخرج عن الأندلس حسبما يتفسر في موضعه. والتف قومه على ابن أخيه حبوس بن ماكسن في جماعة عظيمة تحمي حوزته وأقام بها ملكًا وغلب على ما اتصل بمدينته من الكور فتملك قبرة وجيان واتسع نظره وحمى وطنه ورعيته ممن جاوره من البرابر وكان داهية شجاعًا فدامت رياسته واتصل ملكه إلى أن هلك. فولى بعده ابنه باديس وسيأتي التعريف به وولد له ابنه بلكين هذا المترجم به فرشحه إلى ملكه وأخذ له بيعة قومه وأهله للأمر من بعده.
| |
|
| |
كوثر الجنة مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 138 نقاط : 230 السٌّمعَة : 10
تاريخ الميلاد : 24/02/1991 تاريخ التسجيل : 19/03/2010 العمر : 33 الموقع : وطني الحبيب المزاج : متألق
| موضوع: رد: الإحاطة في أخبار غرناطة الأحد فبراير 27 2011, 21:07 | |
| قال المؤرخ: ونشأ لباديس ابن حبوس ولد اسمه بلكين وكان عاقلًا نبيلًا فرشحه للأمر من بعده وسماه سيف الدولة وقال: ولي مالقة في حياة أبيه وكان نبيلًا جليلًا ووقعت على كتاب بخطه نصه بعد البسملة: هذا ما التزمه واعتقد العمل به بلكين بن باديس للوزير القاضي أبي عبد الله بن الحسن الجذامي سلمة الله. أعتقد به إقراره على خطة الوزارة والقضاء في جميع كوره وأن يجري من الترفيع والإكرام له إلى أقصى غاية وأن يحمل على الجراية في جميع أملاكه بالكور المذكورة حاضرتها وباديتها الموروثة منها والمكتسبة القديمة الاكتساب والحديثة وما ابتاع منها من العالي رحمة الله وغيره لا يلزمها وظيفٌ بوجه ولا يكلف منها كلفة على كل حال وأن يجري في قرابته وخوله وحاشيته وعامري ضيعه على المحافظة والبر والحرية. وأقسم على ذلك كله بلكين بن باديس بالله العظيم والقرآن الحكيم وأشهد الله على نفسه وعلى التزامه له وكفى بالله شهيدًا. وكتب بخط يده مستهل شهر رمضان العظيم سنة ثمان وأربعين وأربعمائة والله المستعان. ولا شك أن هذا المقدار يدل على نبل ويعرف عن كفاية. سبب وفاته: قال صاحب البيان المغرب وغيره: وأمضى باديس كاتب أبيه ووزيره إسماعيل ابن نغرالة اليهودي على وزارته وكتابته وسائر أعماله ورفعه فوق كل منزلة وكان لولده بلكين خاصة من المسلمين يخدمونه وكان مبغضًا في اليهودي فبلغه أنه تكلم في ذلك لأبيه فبلغ منه كل مبلغ فدبر الحيلة فذكروا أنه دخل عليه يومًا فقبل الأرض بين يديه فقال له الغلام: ولم ذلك فقال: يرغب العبد أن تدخل داره مع من أحببت من عبيدك ورجالك فدخل إليه بعد ذلك فقدم له ولرجاله طعامًا وشرابًا ثم \\جعل السم في الكأس لابن باديس فرام القيء فلم يقدر عليه فحمل إلى قصره وقضى نحبه في يومه وبلغ الخبر إلى أبيه ولم يعلم السبب فقرر اليهودي عنده أن أصحابه وبعض جواريه سموه. فقتل باديس جواري ولده ومن فتيانه وبني عمه جماعة كبيرة وخافه سائرهم ففروا عنه. وكانت وفاته سنة ست وخمسين وأربعمائة. وبعده قتل اليهودي في سنة تسع وخمسين. باديس بن حبوس بن ماكسن بن زيري ابن مناد الصنهاجي كنيته أبو مناد ولقبه الحاجب المظفر بالله الناصر لدين الله. أوليته قد تقدم الإلماع بذلك عند ذكر ابنه بلكين حاله كان رئيسًا يبسًا طاغيةً جبارًا شجاعًا داهية حازمًا جلدًا شديد الأمر سديد الرأي بعيد الهمة مأثور الإقدام شره السيف واري زناد الشر جماعة للمال ضخمت به الدولة ونبهت الألقاب وأمنت لحمايته الرعايا وطم تحت جناح سيفه العمران واتسع بطاعته المرهبة الجوانب ببأسه النظر وانفسخ الملك وكان ميمون الطائر مطعم الظفر مصنوعًا له في الأعداء يقنع أقتاله بسلمه ولا يطمع أعداؤه في حربه. قال ابن عساكر: يكنى أبا مسعود وكان من أهل الحزم وحماية الجانب وكان يخطب ويدعو للعلويين بمالقة فلما توفي إدريس بن يحيى العالي ملك وقال الفتح في قلائده: كان باديس بن حبوس بغرناطة عاثيًا في فريقه عادلًا عن سنن العدل وطريقه يجتريء على الله غير مراقب ويسري إلى ما شاء غير ملتفت للعواقب قد حجب سنانه لسانه وسبقت إساءته إحسانه ناهيك من رجل لم يبت من ذنبٍ على ندم ولم يشرب الماء إلا من قليب دم أحزم من كاد ومكر وأجرم من راح وابتكر وما زال متقدًا في مناحيه متفقدًا لنواحيه لا يرام بريث ولاعجل ولا يبيت له جار إلا على وجل. أخباره في وقائعه ينظر إيقاعه بزهير العامري ومن معه في اسم زهير فقد ثبت منه هنالك نبذة وإيقاعه بجيش ابن عباد بمالقة عندما طرق مالقة وتملكها واستصرخ من استمسك بقصبتها من أساودتها وغير ذلك مما هو معلوم وشهرته مغنية عن الإطالة. ومن أخباره في الجبرية والقسوة قال ابن حيان: عندما استوعب الفتكة بأبي نصر بن أبي نور اليفرني أمير رندة المنتزي بها وقتله ورجوعها إلى ابن عباد حكي أبو بكر الوسنشاني الفقيه عن ثقة عنده من أصادقة التجار أنه حضر مدينة غرناطة حضرة باديس بن حبوس الجبار أيام حدث علي أبي نصر صاحب تاكرنا ما حدث وأن أميرها باديس قام للحادثة وقعد وهاج من داء عصبيته ما قد سكن وشق أثوابه وأعلن أعواله وهجر شرابه الذي لا صبر له عنه وجفا ملاذه وأوهمته نفسه الخبيثة تمالؤ رعيته من أهل الأندلس على الذي دهي أبا نصر فسولت له نفسه حمل السيف على أهل حضرته جميعًا مستحضرًا لهم وكيمًا ينبرهم ويخلص برابرته وعبيده فيريح نفسه ودبر أن يأتي ذلك إليهم عند اجتماعهم بمسجدهم الجامع الأقرب أيام الجمعة من قوة همومه وشاور وزيره اليهودي يوسف بن إسماعيل مدبر دولته الذي لا يقطع أمرًا دونه مستخليًا مستكتمًا بسره مصممًا في عزمه إن هو لم يوافقه عليه فنهاه عن ذلك وخطأ رأيه فيها وسأله الأناة ومحض الروية وقال له هبك وصلت إلى إرادتك ممن بحضرتك على ما في استباحتهم من الخطر فأني تقدر على الإحاطة بجميعهم من أهل حضرتك وبسائط أعمالك أتراهم يطمئنون إلى الذهول عن مصائبهم والاستقرار في موضعهم ما أراهم إلا سيوفًا ينتظمون عليك في جموعٍ يغرقونك في لججها أنت وجندك فرد نصيحته وأخذ الكتمان عليه وتقدم إلى عارضه باعتراض الجند في السلاح والتعبية لركوبه يوم الفتكة يوم تلك الجمعة فارتج البلد. \\وذكر أن اليهودي دس نسوانًا إلى معارف لهن من زعماء المسلمين بغرناطة ينهاهم عن حضور المسجد يومهم ويأمرهم بإخفاء أنفسهم وفشا الخبر فتخلف الناس عن شهود الجمعة ولم يأته إلا نفر من عامتهم اقتدوا بمن أتاه من مشيخة البربر وأغفال القادمين وجاء إلى باديس الخبر والجيش في السلاح حوالي قصره فساءه وفت في عضده ولم يشك في فشو سره وأحضر وزيره وقلده البوح بسره فأنكر ما قرفه به وقال ومن أين ينكر على الناس الحذر وأنت قد استركبت جندك وجميع جيشك في التعبية لا لسفرٍ ذكرته ولا لعدو وثب إليك فمن هناك حدس القوم على أنك تريدهم وقد أجمل الله لك الصنع في نفارهم وقادك إصارهم فأعد نظرك يا سيدي فسوف تحمد عاقبة رأيي وغبطة نصحي. فنصح وزيره شيخٌ من موالي صنهاجته فانعطف لذلك بعد لأي وشرح الله صدره. ويجري التعريف بشيء من أمور وزيره. قال ابن عذاري المراكشي في كتابه المسمى بالبيان المغرب: أمضى باديس كاتب أبيه ووزيره ابن نغرالة اليهودي وعمالًا متصرفين من أهل ملته فاكتسبوا الجاه في أيامه واستطالوا على المسلمين. قال ابن حيان وكان هذا اللعين في ذاته على ما زوى الله عنه من هدايته من أكمل الرجال علمًا وحلمًا وفهمًا وذكاء ودماثة وركانة ودهاء ومكرًا وملكا لنفسه وبسطًا من خلقه ومعرفةً بزمانه ومداراة لعدوه واستسلالًا لحقودهم بحلمه ناهيك من رجل كتب بالقلمين واعتنى بالعلمين وشغف باللسان العربي ونظر فيه وقرأ كتبه وطالع أصوله فانطلقت يده ولسانه وصار يكتب عنه وعن صاحبه بالعربي فيما احتاج إليه من فصول التحميد لله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم والتزكية لدين الإسلام وذكر فضائله ما يريده ولا يقصرفيما ينشئه عن أوسط كتاب الإسلام فجمع لذلك السجيج في علوم الأوائل الرياضية وتقدم منتحليها بالتدقيق للمعرفة النجومية ويشارك في الهندسة والمنطق ويفوق في الجدل كل مستول منه على غاية قليل الكلام مع ذكائه ماقتًا للسباب دائم التفكر جماعةٌ للكتب. هلك في العشر الثاني لمحرم سنة تسع وخمسين وأربعمائة فجلل اليهود نعشه ونكسوا لها أعناقهم خاضعين وتعاقدوه جازعين وبكوه معلنين وكان قد حمل ولده يوسف المكنى بأبي حسين على مطالعة الكتب وجمع إليه المعلمين والأدباء من كل ناحية يعلمونه ويدارسونه وأعلقه بصناعة الكتابة ورشحه لأول حركته لكتابة ابن مخدومه بلكين برتبة المترشح لمكانه تمهيدًا لقواعد خدمته فلما هلك إسماعيل في هذا الوقت أدناه باديس إليه وأظهر الاغتباط به والاستعاضة بخدمته عن أبيه. مقتل اليهودي يوسف بن إسماعيل ابن نغرالة الإسرائيلي قال صاحب البيان وترك ابنًا له يسمى يوسف لم يعرف ذل الذمة ولا قذر اليهودية. وكان جميل الوجه حاد الذهن فأخذ في الاجتهاد في الأحوال وجمع المال واستخراج الأموال واستعمال اليهود على الأعمال فزادت منزلته عند أميره وكانت له عليه عيون في قصره من نساءٍ وفتيانٍ يشملهم بالإحسان فلا يكاد باديس يتنفس إلا وهو يعلم ذلك. ووقع ما تقدم ذكره في ذكر بلكين من اتهامه بسمه وتوليه التهمة به عند أبيه للكثير من جواريه وخدامه وفتك هذا بقريب له تلو له في الخدمة والوجاهة يدعى بالقائد شعر منه بمزاحمته إياه فتكة شهيرة واستهدف للناس فشغلت به ألسنتهم وملئت غيظًا عليه صدورهم وذاعت قصيدة الزاهد أبي إسحاق الإلبيري في الإغراء بهم واتفق أن أغارت على غرناطة بعوثٌ صمادحية تقول إنها باستدعائه ليصير الأمر الصنهاجي إلى مجهزها الأمير بمدينة ألمرية. وباديس في هذه الحال منغمسٌ في بطالته عاكفٌ على شرابه. \\ونمى هذا الأمر إلى رهطه من صنهاجة فراحوا إلى دار اليهودي مع العامة فدخلوا عليه فاختفى زعموا في بيت فحم وسود وجهه يروم التنكير فقتلوه لما عرفوه وصلبوه على باب مدينة غرناطة وقتل من اليهود في يومه مقتلةٌ عظيمة ونهبت دورهم وذلك سنة تسع وخمسين وأربعمائة. وقبره اليوم وقبر أبيه يعرف أصلًا من اليهود ينقلونه بتواترٍ عندهم أمام باب إلبيرة على غلوة يعترض الطريق على لحده حجارة كدان جافية الجرم ومكانه من الترفه والترف والظرف والأدب معروفٌ وإنما أتينا ببعض أخباره مكان باديس من الذكاء وتولعه بالقضايا الآتية: قال ابن الصيرفي حدثني أبو الفضل جعفر الفتى وكان له صدقٌ. وفي نفسه عزة وشهامة وكرم وأثنى عليه وعرف به حسبما يأتي في اسم جعفر المذكور. قال خاض باديس مع أصحابه في المجلس العلي من دار الشارب بقصره واصطفت الصقاليب والعبيد بالبرطل المتصل به لتخدم إرادته فورد عليه نبأ قام لتعرفه عن مجلسه ثم عاد إلى موضعه وقد تجهم وجهه وخبثت نفسه فحذر ندماؤه على أنفسهم وتخيلوا وقوع الشر بهم ثم قال أعلمتم ما حدث قالوا لا والله يطلع على خير قال: دخل المرابط الدمنة فسرى عن القوم وانطلقت ألسنتهم بالدعاء بنصره وفسحة عمره ودوام دولته ثم وجموا لوجومه فلما رأى تكدر صفوهم قال أقبلوا على شأنكم ما نحن وذاك اليوم خمر وغدًا أمر بيننا وبينه أمداد الفجو والنشور الجبال وأمواج البحار ولكن لا بد له أن يتملك بلدي ويقعد منه مقعدي وهذا أمر لا يلحقه أحد منا وإنما يشقى أحفادنا قال جعفر فلما دخل الأمير القصر عند خلعه حفيد باديس برحبة مؤمل طاف بكل ركن ومكان منه وأنا في جملته حتى انتهى إلى ذلك المجلس فبسط له ما قعد عليه فتذكرت قول باديس وتعجبت منه تعجبًا ظهر علي فالتفت إلى أمير المسلمين منكرًا وسألني ما بي فأخبرته وصدقته وقصصت عليه قول باديسن فتعجب وقام إلى المسجد بمن معه فصلى فيه ركعات وأقبل يترحم على وفاته: قال أبو القاسم بن خلف: توفي باديس ليلة الأحد الموفى عشرين من شوال سنة خمسة وستين وأربعمائة ودفن بمسجد القصر. قلت وقد ذهب أثر المسجد وبقي القبر يحف به حلقٌ له باب كل ذلك على سبيل من الخمول وجدث القبر رخام إلى جانب قبر الأمير المجاهد أبي زكريا يحيى بن غانية المدفون في دولة الموحدين به. وقد أدال اعتقاد الخليفة في باديس بعد وفاته قدم العهد بتعرف أخبار جبروته وعتوه على الله سبحانه لما جبلهم عليه من الانقياد للأوهام والانصياع للأضاليل فعلى حفرته اليوم من الازدخام بطلاب الحوائج والمستشفين من الأسقام حتى أولى الدواب الوجيعة ما ليس على قبر معروف الكرخي وأبي يزيد البسطامي. ومن أغرب ما وقفت عليه رقعة رفعها إلى السلطان على يدي وجل من أهل الخبر مكتب يوم في مسجد القصبة القدمى من دار باديس يعرف بابن باق وهو يتوسل إلى السلطان ويسأل منه الإذن في دفنه مجاورًا لقبره. وعفو الله أوسع من أن يضيق على مثله ممن أسرف على نفسه وضيع حق ربه. ودايره اليوم طلول قد تغيرت أشكالها وقسم التملك جناتها ومع ذلك فمعاهدها إليه منسوبةٌ وأخباره متداولة. وقد ألمعت في بعض مشاهده بقولي من قصيدة غريبة الأغراض تشتمل على فنون أثبتها عسى خطرة بالركب يا حادي العيس على الهضبة الشماء من قصر باديس بكرون بن أبي بكر بن الأشقر الحضرمي يكنى أبا يحيى حاله كان من ذوي الأصالة ومشايخ الجند فارسًا نجدًا حازمًا سديد الرأي \\مسموع القول شديد العضلة أيدًا فحلًا وسيمًا قائدًا عند الجند الأندلسي في أيام السلطان ثاني ملوك بني نصر من أحفل ما كان الأمر يجر وراءه دنيا عريضة وجبى الجيش على عهده مغانم كثيرة. قال شيخنا ابن شبرين في تذكرة ألفيتها بخطه كان له في الخدمة مكانٌ كبير وجاهٌ عريض ثم صرفه الأمر عن رسمه وأنزله الدهر عن حكمه تغمدنا الله وإياه برحمته. وفاته: في عام أربعة عشر وسبعمائة ودفن بمقبرة قومه بباب إلبيرة.
| |
|
| |
| الإحاطة في أخبار غرناطة | |
|