المدير العـام شوقي نذير
الجنس : عدد المساهمات : 919 نقاط : 24925 السٌّمعَة : 7
تاريخ التسجيل : 10/02/2010 الموقع : الجزائر تمنراست العمل/الترفيه : استاذ جامعي المزاج : ممتاز تعاليق :
| موضوع: الآثار الاقتصادية لدور الزكاة في حل مشكلة الفقر السبت ديسمبر 11 2010, 07:43 | |
| الآثار الاقتصادية لدور الزكاة في حل مشكلة الفقر. الأثر الاقتصادي المباشر: (تعبئة الطاقات البشرية المعطلة في المجتمع). يمكننا القول أن الأثر الاقتصادي المباشر للزكاة في حل مشكلة الفقر يتمثل في تعبئة الطاقات البشرية المعطلة في المجتمع المسلم من خلال دعم وتشجيع وتنمية القدرات الذهنية والمهنية لتلك الطاقات وتحويلها إلى طاقات فاعلة منتجة في مجتمعها، إذ أن الأصل في موارد الزكاة عدم توجيهها نحو تلبية المتطلبات الإستهلاكية للأفراد الذين يشملهم مصرف الفقراء إلا في حالات نادرة كما سيأتي، وإنما الأصل المتفق مع مقاصد التشريع هو تنمية المهارات والقدرات لأولئك الفقراء بما يشعرهم بمسئولياتهم تجاه مجتمعهم ويقضي فيهم على الروح الإتكالية ويساعد في استنهاض طاقاتهم وقدراتهم الانتاجية وتوجيهها واستثمارها الاستثمار الأمثل بما يحقق النفع لهم ولمجتمعهم ويكفل لهم المستوى اللائق بالمعيشة، وهو ما سيتين لنا من خلال محاولة التعرف على دور الزكاة في معالجة الأسباب المؤدية إلى الفقر والتي وجدنا أنها ناجمة في الأساس عن تعطل الطاقات الذهنية أوالمهنية لأفراد شريحة الفقراء، أو عدم استعمال تلك الطاقات الاستعمال الأمثل مما يجعلهم غير قادرين على المساهمة في بناء المجتمع وبالتالي يحرمون من ثمرة ذلك البناء. دور الزكاة في معالجة أسباب الفقر. حتى نؤكد ما قلناه من أن الأثر الاقتصادي المباشر للزكاة يتمثل في تعبئة الطاقات البشرية المعطلة في المجتمع المسلم، سنحاول فيما يلي عرض موجز لدور الزكاة في معالجة أسباب الفقر من خلال عرض أهم الأسباب التي تؤدي إلى الفقر، حيث أن الفهم العميق لتلك الأسباب هو الأساس في عرض الدور الذي يجب أن تؤديه الزكاة في تجفيف منابع الفقر ومن ثم إثبات الأثر الناجم عن ذلك الدور.ويمكن تقسيم أسباب الفقر إلى مجموعتين رئيسيتين[b][1] يمكن بيانها من خلال الشكل التالي: أولاً: دور الزكاة في معالجة الأسباب الذاتية للفقر: أن فئة كبار السن، وفئة صغار السن الذين لا يجدون عائلاً، وكذلك فئة المعاقين تشترك جميعها في أنها عاجزة عن الحصول على دخل يضمن لهم المستوى اللائق من المعيشة ومن ثم فإنهم يندرجون ضمن مصرف الفقراء وبالتالي يجب على بيت مال الزكاة إعطائهم ما يكفيهم، إلا أن طبيعة الإنفاق عليهم من أموال الزكاة قد تختلف من فئة إلى أخرى ومن ثم فإن الأثر على ذلك الإنفاق بالتأكيد يختلف، فمثلاً الإنفاق في حال كبار السن يجب أن يتركز على تلبية حاجاتهم الإستهلاكية كالمأكل والمشرب والمسكن والـتامين الصحي والخادم وغير ذلك من المتطلبات التي تعتبر ضرورية لتأمين مستوى لائق لهم من العيش، ومن ثم فإن الأثر الناجم عن الإنفاق على هذه الشريحة هو زيادة حجم الطلب الإستهلاكي في المجتمع، إلا أنه ولصغر حجم هذه الشريحة يصعب القول أن هذا الأثر قد يكون كبيراً بالدرجة التي يمكن أن تؤثر سلباً على الأثر العام للزكاة وهو تعبئة الطاقات البشرية في المجتمع. أما فئة صغار السن فمما لاشك فيه أن الإنفاق عليهم يجب أن يكون له بعداً أكبر من مجرد إشباع حاجتهم الإستهلاكية، إذ يجب أن يأخذ في الاعتبار ضمان حماية هؤلاء الصغار من الإنحراف وضمان النشأة الصالحة لهم، وبالتالي فإن الإنفاق على هذه الفئة يجب أن يتوزع على تلبية حاجاتهم المادية الاستهلاكية، وتلبية حاجاتهم المعنوية كالتعليم والتأهيل والتدريب وتطوير قدراتهم والدعم المادي لهم في إنشاء مشروع يضمن لهم العيش الكريم إن صاروا من أصحاب الحرف، وهو ما يدفعنا إلى القول أن أثر الزكاة على المدى الطويل في هذه الحالة هو توجيه تلك الطاقات وتعبئتها للمستقبل.أما فئة المعاقين فإن طبيعة الإنفاق عليهم من أموال الزكاة يجب أن تعتمد على حالتهم فإن كانت ميئوس منها ويستحيل قدرتهم على العمل فإن موارد الزكاة يجب أن تضمن لهم كافة متطلباتهم الإستهلاكية من مأكل ومشرب ومسكن وعلاج، أما إن كانت إعاقتهم مؤقته أو أنهم قد يصبحوا قادرين على العمل فإن واجب بيت مال الزكاة أن يضمن لهم تلبية حاجاتهم الإستهلاكية والعمل على إعادة تأهيلهم وتدريبهم وتعليمهم واكتشاف مواهبهم وتنميتها حتى يصبحوا قادرين على الإنخراط في فئة المنتجين في المجتمع ومن ثم يحققوا لأنفسهم المستوى اللائق الكريم من العيش[2]. ونظراً لقلة هذه الفئة فإنه يمكننا القول أن الأثر الذي قد ينشأ عن الإنفاق على هذه الفئة من موارد الزكاة يكاد يكون ضئيلاً ومتفاوتاً بحيث يكون من الصعب تحديده. ثانياً: دور الزكاة في معالجة الأسباب غير الذاتية للفقر[3].وهي الأسباب التي لاتكون ناجمة عن عجز عضوي عند الإنسان كما في حالة الأسباب الذاتية وإنما عن ظروف خارجة عن إرادته، ويمكننا القول أن هذه الإسباب ناشئة أصلاً عن مشاكل اقتصادية وهو مايعني أن دور الزكاة في معالجة هذه الأسباب دور اقتصادي بالأساس وهو مايعني أن أثرها في معالجة هذه الأسباب سيكون اقتصادياً ويتمثل في إزالة العوائق التي تمنع الفقير من العودة لمزاولة النشاط الذي كان يشكل له مصدر دخل بما يضمن له معاودة نشاطه وكسب ما يؤمن له الحياة الكريمة، ففي حالة الإفلاس مثلاً من المتوقع أن يواجه الإنسان ظروف طارئة تجعله يفقد ما يملك من ثروة وبالتالي يصبح غير قادراً على العمل ومن ثم يصبح فقيراً تجب عليه الزكاة، ودور الزكاة في هذه الحالة يتمثل في إعطائه من حصيلة الزكاة ما يمكنه من خلال مؤسسته من العودة لمزاولة النشاط الذي يشكل له مصدر دخله، والأثر الناجم عن هذا الدور هو إعادة تأهيل تلك الطاقات لتعاود إنتاجها وعطائها بما يكفل تحقيق النفع لها وللمجتمع الذي تعيش فيه. أما في حال البطالة فيختلف دور الزكاة في معالجتها بحسب اختلاف أنواعها فمثلاً ليس للزكاة دور في معالجة البطالة الإختيارية إذ أن الزكاة لا تجب على من توفر له عمل وهو قادر على العمل، فكما قال صلى الله عليه وسلم: (لاتحل الصدقة لغني، ولا لذي مرة سوي)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لاحظ فيها لغني ولقوي مكتسب)، وإن لم يكن في هذه الحالة للزكاة دور وليس لها أثر إلا أن في الحديثين دلالة واضحة على تشجيع الزكاة على العمل والاستثمار والانتاج وهو ما يؤكد أثر الزكاة في تشغيل الطاقات المعطلة في المجتمع، إلا أن الزكاة قد يكون لها دور في معالجة مشكلة البطالة الموسمية أو البطالة الهيكلية من حيث إعادة تأهيل العاطلين عن العمل وتدريبهم من أجل إكسابهم مهارات تمكنهم من العودة إلى سوق العمل، أو احتوائهم في مشاريع تتناسب وقدراتهم، وهو مايعني أن الأثر المباشر للزكاة من خلال معالجتها لمشكلة البطالة باعتبارها أحد أهم أسباب الفقر في المجتمع هو إعادة تشغيل تلك الطاقات العاطلة بما يمكنها من تحقيق دخل يضمن لها المستوى اللائق من المعيشة[4]. وللزكاة كذلك دور كبير في معالجة مشكلة التضخم في المجتمع من خلال استخدامها كأداة من أدوات السياسة المالية في الإسلام بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي يعد أساس الإستخدام الأمثل للموارد في المجتمع. أما دور الزكاة في معالجتها لمشكلة تركز الثروة باعتبارها أهم أسباب الفقر فيتمثل في كون الزكاة الأداة الأبرز في إعادة توزيع الثروة في الإسلام، إذ تعتبر من وجهة نظر الباحثين في الاقتصاد الإسلامي قناة ناقلة للثروة من الأغنياء إلى الفقراء. الأثر الاقتصادي الثاني: زيادة حجم الاستثمارات في المجتمع. أسلفنا فيما سبق أن الأثر المباشر للزكاة فيما يتعلق بحل مشكلة الفقر هو تعبئة الطاقات المعطلة في المجتمع ومما لا شك فيه أن تعبئة تلك الطاقات تعني توجيهها نحو الانتاج، وقد اتفق الكثير من الباحثين في اقتصاديات الزكاة على مجموعة من الصور الاستثمارية التي يمكن لبيت مال الزكاة تمويل الفقراء من خلالها، وأهم هذه الصور هي[5]:1- تمويل الفقير برأس مال نقدي يعمل فيه ولا يستهلكه كثمن آلة حرفته.2- شراء أصول ثابته وتوزيعها على الفقراء.3- تدريب الفقراء على المهارات المختلفة.4- استثمار أموال الزكاة في مشاريع استثمارية ثم تمليكها للفقراء.5- تقديم الخدمات التي تدخل في برامج تنمية الموارد البشرية.6- شراء أسهم استثمارية وتوزيعها على الفقراء.ويلاحظ من خلال هذه الصور الاستثمارية أن الزكاة بالتأكيد ستؤدي إلى زيادة حجم الاستثمارات في المجتمع من خلال استخدام هذه الصور الاستثمارية في دعم شريحة الفقراء، وهو ما يعني أن دالة الاستثمار في مجتمع يطبق الزكاة ستكون أعلى من دالة الاستثمار في مجتمع لا يطبق الزكاة من خلال الآثار المباشرة وغير المباشرة للزكاة على الاستثمار والتي يخصنا منها هنا ما يتعلق بأثر الزكاة فيما يتعلق بدورها في حل مشكلة الفقر. والشكل التالي يبين لنا أثر الإنفاق الاستثماري على الفقراء من موارد الزكاة على دالة الاستثمار في المجتمع الزكوي.
دالة الاستثمار في مجتمع زكوي
| الأثر الاقتصادي الثالث: تحقيق عدالة التوزيع. لاشك ان وجود الثراء الفاحش في مجتمع إلى جانب الفقر المدقع يعد من أعظم الآفات في المجتمع، وقد حرص الإسلام على اجتثاث هذه الظاهرة من خلال تشريعه للعديد من الأحكام التي تهدف إلى تحقيق التوازن في توزيع الثروة والتي من أهمها الزكاة[6]، إذ أن من أهم أهداف الزكاة توسيع التملك وتكثير عدد الملاك وتحويل أكبر عدد مستطاع من الفقر والعوز إلى أغنياء مالكين لما يكفيهم ومن يعولونه طوال العمر[7]، ولقد نص القرآن الكريم صراحة على أن منع تركز الثروة وتحقيق عدالة توزيع الثروة يعد هدف رئيسياً من أهداف الزكاة والفئ، قال تعالى: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم) الحشر/7. ويتفق الكثير من الباحثين[8] أن للزكاة أثر مباشر في تحقيق عدالة توزيع الثروة والدخل من خلال كونها أداة دورية تعمل على إعادة توزيع الثروة بين الأغنياء والفقراء كل عام، من خلال اقتطاع جزء من دخول الأغنياء وثرواتهم واعطاؤها للفقراء.[/b] | |
|