منتدى الشريعة والقانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشريعة والقانون

**وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا**
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء


 

 تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المدير العـام
شوقي نذير
شوقي نذير
المدير العـام


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 919
نقاط : 24925
السٌّمعَة : 7

تاريخ التسجيل : 10/02/2010
الموقع : الجزائر تمنراست
العمل/الترفيه : استاذ جامعي
المزاج : ممتاز
تعاليق : من كان فتحه في الخلوة لم يكن مزيده إلا منها
ومن كان فتحه بين الناس ونصحهم وإرشادهم كان مزيده معهم
ومن كان فتحه في وقوفه مع مراد الله حيث أقامه وفي أي شيء استعمله كان مزيده في خلوته ومع الناس
(فكل ميسر لما خلق له فأعرف أين تضع نفسك ولا تتشتت)


تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي   تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي Icon_minitime1الخميس فبراير 11 2010, 22:44


بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا وصلاة وسلاما
الملتقى الوطني حول جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر تكييفها القانوني وأثرها الاجتماعي
يومي: 09/10 ديسمبر 2009م
الموافق لـ: 22/23 ذو الحجة 1430هـ


تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي



توطئة

شذاذ الآفاق كثر, وفلال العساكر ليسوا بالنزير، والاستعمار الفرنسي بله الاستدمار الفرنسي بالحزائر واحد منهما, إذا انفكت عنه صفة لحقته الأخرى, فهو منهم الباطل ومناخه وجريمته بشعة نكراء, وجرائمه بها أبشع وأفظع, لا تزال ويلاتها تطارد أيام الجزائرين, فألبتها بالبؤس والشقاء جراء ما لحق أجسامهم, فأصبحت كتلا هامدة شبه ميتة أو لحق خلفهم, فتكوّن جنينا مشوها أو وضع مولودا معوقا أو بلع السعي لا ينفك عنه وباؤه حتى يلزمه فراشا أو يدخله لحدا.

إن الجزائر هي إحدى الدول التي عانت تبعات الاستعمار الفرنسي الغاشم, والتي لا تزال تطالبه بالاعتذار والاعتراف عما ارتكبه في حقها وفي حق شعبها فضلا عن التعويض.

هذا؛ وفي إطار تجريم أفعال المستعمر الفرنسي بالجزائر يطرح هنا إشكال بسيط نفسه مفاده أن كل استعمار هو فعل مستنكر عقلا وشرعا، وإذا كان كذلك، فلماذا لا ينكر على الحروب التي قادها المسلمون بدءا برسول الله $ إلى عصر الفتوحات الإسلامية, وإذا كانت الفتوحات لا تلحق بالاستعمار فما الفرق بينها و بين الاستعمار؟.

هذا؛ وإن من مبادئ الدين الإسلامي احترام الحقوق والحريات والسيادات وكان من شعاراته أن الإسلام لما غزا العالم وانتشر في الآفاق إنما كان ذلك بفعل المبادئ السامية له وما فيه من سهولة وبساطة وقوة ذاتية تأسر القلوب وتأخذ بمجامع النفوس, فكان انتشاره بالاقتناع لا بالقوة, أو السيف أو سفك الدماء.

بمعنى أن الحروب التي خاضها المسلمون ضد غيرهم لم تكن لبث التعاليم الإسلامية بالقوة والعنف, ولكن ليحفظوا أصول الحرية الحقة وليوطدوا أركانها ولينشروا السلام العام المؤسسة على الحرية الخالصة في العقائد والأفعال.

إن هذا الكلام ليس وليد الأحلام ولا من وحي الخيال، بل إنه مؤسس ومستند إلى نصوص مقدسة متمثلة في المصدرين الأساسيين للتشريع؛ أولاهما القران الكريم والسنة النبوية المطهرة, ومجسدة في تاريخ عصر زاهر مشرق, سواء قبل الهجرة النبوية أو بعدها.

لأجل هذا كله سأحاول التطرف إلى قضية هامه حساسة وهي موضوع من مواضيع السياسة الشرعية ألا وهي (تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي) من خلال النقاط الآتية:

مسألة الإكراه في الدين, أصل علاقة المسلمين بغيرهم, بواعث القتال في الفقه الإسلامي, الغرض الشرعي من الجهاد, نظرة الإسلام إلى العائلة الدولية, آثار الفتح الإسلامي من حيث الأموال والأشخاص([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

أولا : مبدأ الاختيار في العقائد:

إن القاعدة العامة في التوحيد أنه لا قيمة لإسلام ظاهري غير صادر عن قناعة, قال الله تعالى: "قالت الأعراب آمنا, قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا" الحجرات رقم: 14، وهذا سببه الاعتماد على مبدأ عام هو أنه لابد من محض الاختبار في الإيمان, إذ لا سبيل للإكراه فيه وإلا كان هدرا.

إن الدليل على ذالك من النصوص قوله تعالى: "لا إكراه في الدين" البقرة رقم: 256، وهذه الآية صريحة وهي قاعدة في عدم قبول إيمان المكره, ومنه فالدعوة إلى الإيمان بالقوة أمر غير مقبول قال الله تعالى: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" الكهف رقم: 29.

هذا من القرآن الكريم, أما من السنة النبوية المطهرة فإنه لم يرد ولم يثبت عن رسول الله $ أنه أكره أحدا على الإسلام ولا صحابيه من بعده.

من هذا نستطيع القول إن مبدأ منع الإكراه في الدين مبدأ ثابت مستقر لم يزغ عنه سلوك ولم يشذ عنه تصرف, ولم يكن التعصب أو الاضطهاد الديني مشروعا في شتى العهود وليس أدل على ذالك من إقامة غير المسلمين في بلاد المسلمين معززين مكرمين مثلهم مثل كافة المسلمين في الحقوق, بل قرر الفقهاء أن لغير المسلمين الذين يقيمون في بلاد الإسلام تولي وتقلد مناصب عليا في الدولة وبخاصة مناصب التنفيذ (السلطة التنفيذية)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

ومما يؤثر عن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجه ورضي عنه أنه قال: "الناس صنفان, أخ لك في الدين, أو أخ لك في الخلق"([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

بل إن القران الكريم ذهب إلى أبعد من ذالك فقرر أن حق المستأمن فوق حق الأخوة الإسلامية فجاء فيه: "وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق" الأنفال رقم: 72.

وإذا كان الأمر كذلك وتقرر، فما هي إذن دوافع القتال؟ أو لماذا كان القتال من المسلمين؟

إن الواجب هو التميز بين انتشار الدعوة الإسلامية وامتداد الدولة, إذ لا يصح أن يفهم أن الدعوة المحمدية انتشرت تحت ظل السيف مع سفك الدماء نتيجة لاقتران ظهورها (الدعوة) خارج الجزيرة العربية بظهور الدولة الإسلامية فاختلف تاريخ الفتوحات السياسية والدولة بتاريخ الفتح الديني.

إن قبول الإسلام كان بمعزل عن الخضوع لسلطان الدولة التي كانت مهمتها رد العدوان الواقع أو المؤكد الوقوع ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).



ودليل ذلك وجود التخيير قبل بدء الحرب بين: الإسلام، العهد، الحرب، وما عرض الإسلام إلا لأنه وسيلة لعصم الدم من الإهدار هو أولى الوسائل والاختبارات المفروضة والمعروضة، إذ لو كان الهدف سفك الدم أو عدم المبالاة به لَمُا جعل الإسلام أولى الخيارات، أما عرض إبرام معاهدة فالمقصود منها هو إقامة شيء يدل على أمن المسلمين من شر العدو إذ به - العهد - يدفع شك الغدر والخيانة من قبل غير المسلمين ويؤمن شرهم.

ولعل خير دليل هو قول الكاتب الفرنسي جوستاف لوبون إذ يقول: "وسيرى القارئ حين نبحث في فتوح العرب وأساس انتصاراتهم أن القوة لم تكن عاملا في انتشار القرآن, فقد ترك العرب الفاتحون المغلوبين أحرار على دياناتهم, فإذا حدث أن اعتنق بعض الأقوام النصرانيةٍ الإسلامُ, واتخذوا العربية لغةً لهم فذلك لما رأوه من عدل العربِ الغالبين عما لم يروا مثله من سادتهم السابقين...ولما كان الإسلام من السهولة التي لم يعرفوها من قبل...ولم ينتشر الإسلام بالسيف بل انتشر بالدعوة وحدها"([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

وإذا تقرر هذا, فما هي إذن علاقة المسلمين بغيرهم؟.

ثانيا: علاقة المسلمين بغيرهم:

إن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم من المشركين والكفار هو السلم والسلام لا تحتاج هذه العلاقة إلى عهد أو جهد مبذول.

وإن وقوع الحرب والقتال مع غير المسلمين إنما كان لرفع العدوان أو حماية للدين لا للغلبة أو من أجل أنهم مخالفون في الدين و المعتقد.

وهذه الحروب أو الواقعة لا تعني أن الأصل العام المقرر قد انتفى أو ألغي بل تأكد بها وتقرر, أما ما نقل عن بعض فقهاء المسلمين من أن الأصل هي الحرب، قول لا دليل عليه ولا مستند له من القران الكريم ولا من السنة النبوية المطهرة([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])، وإنما هو تأثر لما هو سائد من فكر آنذاك من تقرير الحالة الأصلية في العلاقات الدولية التي كانت هي الحرب لا السلم.

ومنه فإن الحرب أمر طارئ وشيء اضطراري دعت إليه الحاجة وضرورة السلم وحفظه , فقد يحفظ السلم بالحرب كما تحفظ الحياة الهادئة بالقصاص ردعا، وهذا الأصل العام قعد له الفقهاء بعدة قواعد كـ: "الأصل في الذمة البراءة" و"الأصل الخلو من التكليف"، وهذا استنادً لقول تعالى: "أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير" الحج رقم: 93، والإذن يعني الرخصة من أصل المنع من القتال، فلو كان الأصل في العلاقات هو الحرب وكان فيهم القتل يتعارض هذا مع أصل التكليف، ولَمَا كانت هناك حاجة للدعوة إلى سبيل الله، وقد قرر الفقهاء قاعدة انطلاقا من هذا التعليل هي: "الآدمي معصوم ليتمكن من حمل أعباء التكليف, وإنما القتل عارض يسمح به لدفع شره"، كيف لا وقد قال سيدنا محمد $: "تألفوا الناس ولا تغيروا عليهم حتى تدعوهم فما على الأرض من أهل بيت من مدر و لا وبر إلا أن تأتوني بهم مسلمين أحب إلي من أن تأتوني بأبنائهم ونسائهم وتقتلوا رجالهم"([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

وفي حال القتال كان الرسول $ بدفن جثث قتلى المشركين كي لا تبقى فريسة لوحوش الأرض وسباع الطير, فضلا عن نهيه عن الإجهاز على الجرحى، فأي رحمة وأي إنسانية تجاري إنسانية رسول الله $ والمسلمين ورحمة التشريع الإسلامي.

فضلا عن آيات وأحاديث صريحة ثبت الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم ومنها:

E قال تعالى: "فإن اعتزلوكم ولم يقاتلونكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليكم سبيلا" النساء رقم: 90.

E قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم" الممتحنة رقم: 08.

E قال تعالى: "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله" الأنفال رقم: 61.

E قال $:"يأيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

لكن؛ قد يقول القائل: إن كان الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هي السلم فما هو السبب في تقسيم الفقهاء المسلمين الدنيا إلى دارين, دار حرب ودار سلام أو إسلام؟.

ثالثا: السبب في تقسم الدنيا إلى دارين؛ دار حرب ودار سلام:

إن السبب في تقسيم الفقهاء المسلمين الدنيا إلى دارين: دار حرب ودار إسلام هو اعتبار الواقع المعيش في ذلك الزمان وظروف الحال، بمعنى أن هذا التقسيم هو حكم زماني مرتبط بظروف زمنية خيم على ذلك العصور الحروب فكانت لا تهدأ ولا تنعم بالسلام والآمان حتى صار الأصل فيها هو الحرب, بل إن القانون الدولي في ذلكم الحين لا يجرم الحروب إذ الكثير من فقهاء الغرب يعتبرونها – الحرب – هي الأصل في العلاقات وأنها طبع بشري إذ غرست فيه غريزة حب التملك والطمع فيما لدى الغير.

إن محققي الفقهاء المسلمين وكبارهم لم يعتبروا هذا التقسيم, فبناءً على أصلهم في تقرير العلاقة بين المسلمين وغيرهم من المشركين في جعلها السلام والأمان قسموا الدنيا إلى دار واحدة دار الإسلام أو السلام([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])، وعلى رأسهم الإمام محمد بن إدريس الشافعي, وهذه نظرة عميقة دالة على فهمه لمقاصد الشريعة وأحكامها([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])، ولاتفاقه مع مبادئ الفطرة، فالحرب أمر استثنائي واضطراري وليس بالعادي أو الطبيعي والتقسيم هو أثر من آثار الحرب.

ومع هذا فإن الفقهاء الذين قسموا الدنيا إلى دارين, لم يقصدوا من تقسيمهم بدار الحرب وجود حروب دائمة، وإنما قصدوا بها عدم وجود الأمان بدليل أن الدول التي يبرم معها المسلمون عهدا تسمى دار الإسلام و لو كانت على غير ملة الإسلام، وإن المقصود بدار الإسلام هي الدار التي يتحقق فيها للمسلمين الأمان والطمأنينة ليس إلا.

أما من حيث التأصيل لهذا التقسيم فإنه لا أصل له لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية المطهرة، والإسلام يقر لكل دولة سيادتها وسلطانها وتعتبر هذه التقاسيم بدليل قوله تعالى: "ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة" النحل رقم: 92.


رابعا: علة القتل في الحروب عند المسلمين:

إن كانت الحروب قد فرضت نفسها في كثير من العصور وغيّرت حتى من طبيعة الأحكام فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هي بواعث القتال في الإسلام؟.

إن حروب الإسلام ضد قريش والفرس والروم وغيرهم لم تكن لنشر العقيدة بالسيف وإنما كانت تأديبا لن يكفر بحرية المعتقد أو العقيدة الإسلامية ولمن يصرف الناس عنا آمنت به قلوبهم و لما اطمأنت لهم عقولهم([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

إن الجهاد في الإسلام أمر دفاعي وهو فرض كفاية لا يتقرر إلا إذا قرره رئيس الدولة أو حاكم البلاد وقد تتحقق غايته بحماية الثغور وتمكين الجيوش تطويرها من أجل حماية الدولة ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

لقد قرر جمهور الفقهاء: أن مناط القتال هو الحرابة والمقاتلة والاعتداء وليس الكفر, فلا يقتل أي شخص لمجرد مخالفته للإسلام أو لكفره وإنما يقتل لاعتدائه على الإسلام، فغير المقاتل لا يقتل ويلزم في جانبه السلم ولقد قرر الفقهاء: "الكفر من حيث هو ليس علة القتل" وقالوا أيضا: "الآدمي معصوم ليتمكن من حمل أعباء التكليف, وإنما القتل عارض يسمح به لدفع شره".

وصريح ذلك من القرآن الكريم قول تعالى: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" التوبة رقم: 29.

فجعل غاية القتل الوصول إلى معاهدة وليس الإسلام إذ لو كانت غاية القتل الوصول إلى القتال لقال: (حتى يقتلوا)([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]) ولما ورد خيار المعاهدة قبل القتل وبعد عرض مبادئ الإسلام.

إن الخيارات التي ذكرها الفقهاء قبل البدء في الحرب من عرض الإسلام أو قبول المعاهدة أو الحرب والقتال لم ترد على سبيل الحصر، فضلا عن هذا فإن القواعد القانونية الشرعية التي نظمتها ليست من النظام العام بمعنى قواعدها ليست آمرة أو ناهية، وإنما قواعدها مفسرة مكملة يجوز الاتفاق على خلافها أي قد لا يلزم المسلمون بها إذا رأوا مصلحة في غيرها.

والدليل على ذلك أن رسول الله $ وخلفاءه الراشدين أسقطوا في فترة من الأحيان الجزية, وأسقطوا الخيارات الثلاثة وأبرموا العقود والعهود لكون القاعدة الفقهية تجعل الولي الأمر أو الحاكم أن يبرم المعاهدات التي يجدها تحقق المصلحة العامة والتي غايتها كما سبق البيان الوصول إلى عالم سالم مستقر ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

بل؛ إننا نجد في التاريخ الإسلامي أن الذميين احتجوا على سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أجل تغيير مصطلح الجزية التي كان إلى مصطلح الصدقة، فأجابهم إلى ذلك رضي الله عنه ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

ملحوظة:

إن عقد الذمة أو الأمان لا يبرمه إلا شخص مقاتل أي قادر على القتال أما النساء والأطفال غير القادرين على القتال والرهبان وغيرهم فلا يبرمون عقد الذمة، بل هم في أمان يعيشون في كنف الدولة الإسلامية.

أما المقاتل فقد تسقط عنه الجزية إن لم تستطيع الدولة توفير الحماية له، أو إذا بلغ من الكبر عتيا، إذ قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه للذمي وكان في حال الشيخوخة يعمل من أجل بذل مبلغ الجزية فأسقطها عنه سيدنا عمر رضي الله عنه، وقال له: "أكلنا شبيبتك فلن نأكل شيبتك".

وعليه؛ ومن خلال ما سبق:

فإن من الأمور المعروفة أنه لحماية أية فكرة أو دين أو مذهب وجب له قوة من ورائها لحمايتها.

والإسلام لم يشذ عن هذه القاعدة العامة, وروح تشريعه تتفق مع ما يقرره القانون الدولي, فهي لا تلجـأ إلى الحروب لفض النزعات الدولية إلا للضرورة، ولا ضير في اعتراف الإسلام بمشروعية الفتح، فالحرب في الإسلام لم تشرع إلا دفاعا عن العقيدة، ولم تكن الحروب في الفتوحات الإسلامية حروبا دينية هدفها القضاء على الأديان المخالفة ولا ضم البلدان لامتصاص دماء أهلها وسلب أموالهم وتسيير ممتلكاتهم واستغلال مواردهم، ومنه فإن فهناك فرقا واضحا بينه وبين الاستعمار الذي يأتي على الأخضر واليابس.

خامسا : أثر الفتح الإسلامي من حيث الأموال والأشخاص:

بعد انتهاء الحرب فإن أولى الآثار المترتبة عنها هو انتقال السيادة إلى الدولة الفاتحة فتصبح إرادتها هي الحاكمة والمتصرفة في جميع شؤون البلد، وتكون قوانينها وتشريعاتها هي المختصة من جل القضايا، وعليه تنتهي الحالة الاستثنائية وهي الحرب ويستقر السلام والأمان.

Œ آثار الفتح من حيث الأشخاص:

إذا اسلم المغلبون فإن إسلامهم يعصم دماءهم وأموالهم ويصير لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين وتقر ملكياتهم، قال $: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق" ([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

أما إذا لم يسلم أهل البلاد المغلوبة فإنهم يعتبرون ذميين مرتبطين بعقد لإثبات ولائهم للحكم الإسلامي, ويعدون مواطنين لهم مال لمسلمين وعليهم ما على المسلمين.

مع أنه ليس من الضروري أن يكون سكان الولايات المفتوحة مرتبطين بعقد ذمة إذ يجوز أن يكتفي بولائهم للمسلمين ومن دون أي مقابل أو التزام مالي([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

وفي حال الاعتداء عليهم بغير وجه حق أو كان الاعتداء أثناء الحرب على الرعايا غير المقاتلين فإن الفقهاء وعلى رأسهم الإمام الشافعي رأوا لزوم تعويضهم عما أصابهم من أضرار في أجسادهم أو أموالهم وتكون الدية في حال قتلهم على عاقلة القاتل أو عليه([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]).

 آثار الفتح من حيث الأموال:

في حال إسلام أهل البلاد المغلوبة فإن الممتلكات تستقر في أيادي أصحابها سواء كانت عقارات أو منقولات، وهذا طبقا لحديث رسول الله $:"...فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها".

وأما في حال عدم إسلامهم فإن أموالهم تخضع لقانون الغنائم على حسب الأحوال: عنوة أو صلحا، مع مراعاة الاجتهادات الواردة على بعض العصور في هذه المسألة في العقارات كاجتهاد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عدم تقسيم العقارات بين الفاتحين.

وهي على التفصيل الآتي:

à أرض صولح عليها أهلها: فتكون لأهلها بحسب الاتفاق وعقدهم.

à أرض فتحت عنوة فتقسم بين الفاتحين بخلاف رأي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

à أرض جلا عنها أهلها فتكون وقفا للمسلمين فتأخذ حكم الفيء.

خاتمة

وبعد هذا فقد نبين الفرق بين الفتح الإسلامي العادل غير الغاشم الذي ما قرر إلا لرفع الظلم والاستبداد وبين الاستعمار الذي ما قرر إلا لوضع الظلم و والاستبداد.

وخير دليل على ذلك مخلفات الاستعمار الحديث وبخاصة الحروب العالمية، وما نقله التاريخ عن الفاتحين المسلمين من عدل وإحسان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://acharia.ahladalil.com
جوهرة القصر
مرتبة
مرتبة
جوهرة القصر


الجنس : انثى عدد المساهمات : 89
نقاط : 205
السٌّمعَة : 0

تاريخ التسجيل : 12/02/2010

تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي   تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي Icon_minitime1الجمعة فبراير 12 2010, 13:17

السلام عليكم أستاذ بورك فيك على هذا العمل ...........ومزيدا من النجاح والتالق............الموضوع رائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الريحان
مرتبة
مرتبة
الريحان


الجنس : انثى عدد المساهمات : 191
نقاط : 381
السٌّمعَة : 0

تاريخ التسجيل : 12/02/2010
الموقع : بلد الحرية
المزاج : متقلبة
تعاليق : لا تجعل الله اهون الناظرين اليك .
( كيف يشرق قلب .صور الاكوان منطبعة في مرآته ؟;أم كيف يرحل الى الله وهو مكبل بشهواته؟,أم كيف يطمع أن يدخل حضرة اللهوهو لم يتطهر من جنابة غفلاته؟,أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار وهو لم يتب من هفواته ؟!......

تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي   تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي Icon_minitime1الجمعة فبراير 12 2010, 15:23

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.جزاك الله خيرا عللى هذا الطرح الشيق والمحفز للعقل.اذ ان العنوان ياخذك الى تحريك الفكر في البحث عن التبريرات والاختلافات الموجودة بين مفهوم الاستعمار والفتوحات .خاصة عند الطبقة الفكرية .بحيث لو طرح هذا الاشكال علنا لاعتبر الاغلبية ان الفتوحات الاسلامية ما هى الا استعمار في زي اسلامى .لذا علينا ان نقولب هذا الفتح الاسلامي في قالب الفقة لنعرف معناه ومبتغاه .واظنكم ولا ازكي على الله احدا .استطعتم الخوص في هذا الموضوع واخراج تبريراته ولالئه ودرره .فبارك الله فيكم وجزاكم عنا كل خير وامتعنا واياكم بهكذا مواضيع مشيقة والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته 44
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير العـام
شوقي نذير
شوقي نذير
المدير العـام


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 919
نقاط : 24925
السٌّمعَة : 7

تاريخ التسجيل : 10/02/2010
الموقع : الجزائر تمنراست
العمل/الترفيه : استاذ جامعي
المزاج : ممتاز
تعاليق : من كان فتحه في الخلوة لم يكن مزيده إلا منها
ومن كان فتحه بين الناس ونصحهم وإرشادهم كان مزيده معهم
ومن كان فتحه في وقوفه مع مراد الله حيث أقامه وفي أي شيء استعمله كان مزيده في خلوته ومع الناس
(فكل ميسر لما خلق له فأعرف أين تضع نفسك ولا تتشتت)


تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي   تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي Icon_minitime1الجمعة فبراير 12 2010, 17:25

[بسم الله الرحمن الرحيم حمدا وصلاة وسلاما
ريحانة،،،،،،،،
الموضوع فعلا جد حساس وبخاصة عندنا.
أرجو ان أكون قد وفقت فيه.
مشكورة على الملاحظة
]بارك الله فيك [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://acharia.ahladalil.com
 
تبريرات الفتح الإسلامي ومبادئ التعويض عن الحرب في الفقه الإسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نظرية الضمان في الفقه الإسلامي ج01
» عقوبة الإعدام في الفقه الإسلامي
» الجريمة المستحيلة في الفقه والقانون والقضاء
» الفساد الإداري من منظور الفقه الإسلامي
»  برنامج مادة "قضايا في تقنين الفقه الإسلامي" في الجامعة الإسلامية بماليزيا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشريعة والقانون  :: الفضاء الشرعي :: رواق الدراسات الشرعية والقانونية-
انتقل الى: