المشهد الذى تظهر فيه امرأة جميلة متبرجة بكل أنواع الزينة، حاسرة عن ذراعيها تنادى: يا محمد انظرنى أسألك. فلم يلتفت إليها صلى الله عليه وسلم فقال جبريل للرسول: ما سمعت فى الطريق؟
فقال عليه السلام: بينما أنا أسير إذا بامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول: يا محمد انظرنى أسألك! فلم أجبها، ولم أقم عليها.
قال جبريل: تلك الدنيا، أما أنك لو أجبتها، لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة، وأما الشئ الذى ناداك من جانب الطريق فهو إبليس.
ثم يأتى هذا المشهد الذى نسأل الله سبحانه وتعالى قبل سرده ان يرزق شبابنا العفاف والتقى حتى لايقعون فى مثله فأثناء هذه الرحلة الربانية رأى الرسول موائد كثيرة، عليها لحم ناضج جيد ولا يقربها أحد وموائد أخرى عليها لحم نتن كريه الرائحة وحول هذا اللحم النتنه أناس يتنافسون على الأكل منها ويتركون اللحم الناضج الجيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل: هذا حال أناس من أمتك يتركون الحلال الطيب فلا يطعمونه، ويأتون الحرام الخبيث فيأكلونه!!.
وهذا مشهد آخر يحذر آكلين أموال اليتامى بالباطل ,حيث رأى الرسول الكريم أناسا شفاهم كمشافر الإبل. فيأتى من يفتح أفواههم، فيلقى فيها قطعا من اللحم الخبيث، فيضجون منها إلى الله لأنها تصير نارا فى أمعائهم فلا يجيرهم أحد حتى تخرج من أسفلهم فقال عليه الصلاة والسلام من هؤلاء يا جبريل ؟
قال جبريل: هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى بالباطل، إنما يأكلون فى بطونهم نارا وسيصلون سعيرا.
ويرى الرسول الله عليه وسلم طريقا ممتدا إلي النار يمر فيه آل فرعون. فيعرضون على النار غدوا وعشيا.
وأثناء مرورهم يجدون على الطريق أقواما بطونهم منتفخة مثل البيوت، كلما نهض أحدهم سقط يقول: اللهم أخر يوم القيامة، اللهم لا تقم الساعة فيطؤهم آل فرعون بأقدامهم فقال عليه السلام: من هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء هم الذين يتعاملون بالربا من أمتك.. لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس.
ثم يمضى الرسول صلى الله عليه وسلم فيرى أقواما يُقطع اللحم من جنوبهم ثم يقال لكل منهم: كل من هذا اللحم كما كنت تأكل لحم أخيك ميتا. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: من هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء هم الذين يغتابون الناس من أمتك، كان كل منهم يأكل لحم أخيه ميتا.
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد أقواما تضرب رؤوسهم بالصخر كلما ضربت تحطمت وكلما تحطمت عادت كما كانت فترضخ من جديد بالصخر فتتحطم.. وهكذا، فقال عليه الصلاة والسلام: من هؤلاء يا جبريل؟
قال جبريل عليه السلام: هؤلاء من أمتك هم الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة المكتوبة.
يعقب ذلك مشهد يأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها هو يزيد عليها، وذلك دليل على كثرة الذنوب التى ارتكبها والمعاصى التى اقترفها، ومع ذلك فهو يزيد منها ويثقل على نفسه بالذنوب فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما هذا يا جبريل؟
قال جبريل: هذا الرجل من أمتك تكون عليه أمانات الناس، لا يقدر على أدائها وهو يزيد عليها أمانات أخرى، وقد دعا الإسلام إلى رد الأمانات.
كما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أقوام تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد، كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شئ وهذا جزاء من يتكلم بالشر، ويخوض فيه بين الناس فلما رأى رسول الله ذلك قال لجبريل: ما هذا يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء خطباء الفتنة" كما كثر عددهم فى هذه الأيام"أسال الله ان يكفوا عما هم عليه من بث للفتنة .
وعلى عكس ماسبق فهذا المشهد يثير فى نفوسنا الراحة ويبعث فيها الاطمئنان والسكينة، فقد مر الرسول على أقوام يحصدون فى يوم، كلما حصدوا عاد كما كان. وكثرة الحصاد والمحصول على هذا الوجه رمز لجزاء الله سبحانه الذى لا يتناهى، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك سأل جبريل: ما هذا يا جبريل؟
قال جبريل: هؤلاء هم المجاهدون فى سبيل الله، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف. ولذلك يشبه الله العمل الصالح فى الآية: {كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء.
دروس وعبر
يجب على الأمة الإسلامية وهى تحتفل بهذه الذكرى الغالية على قلوبنا ان تقف عليها وتستلهم منها اهم ما خرجت به هذه الرحلة الربانية من دروس وعبر لتكون لنا خير عون على استعادة مجدانا وإعادة بناء لأمتنا ومن هذه الدروس :
1-على المؤمنين ان يتيقنوا ان دائما بعد العسر يأتى اليسر الأ أنه يجب على الإنسان ان يصبر ويحتسب ويسعى دائما للخير فكما عوض الله رسوله الكريم بعد اشتداد المصائب عليه ونصره سوف يكون هذا حالنا ان شاء الله فى حالة اذا ما قمنا بالدافع عن دين الله وجعل كلمة الله هى العليا .
2- على المسلمين ان يتذكروا دائما الآية الكريمة "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"ويقتدوا بها حتى تكون لهم عون لإظهار الصورة الصحيحة لدينهم كما فعل الرسول" ص" مع اهل الطائف فرسولنا الكريم فهو لم يدعو عليهم بل دعا لهم بأن يشرح صدرهم للإسلام وليكن هذا دائما شعارنا وسلوكنا حتى تتحدث افعالنا عن إسلامنا وتكون اداة جيدة للحديث عنا الإسلام وسماحته .
3- ان يتذكر المسلمون حال اليهود الذين ضلوا السبيل بمخالفة امر الله وقاموا بخيانة أمانته وذلك بإهمال شريعته ,واتباع شهواتهم فرفع الله عنهم عنايته ,ووكلهم إلي انفسهم الطاغية ,فداستهم الأمم ,وقهرتهم الدول ,وشردوهم فى الأرض لا وطن لهم مدى الحياة ,فعلينا نحن المسلمين ,ان نتمسك بشريعة الله ,وان نكون آهل للأمانة التى وكلنا بها ,حتى لا نضل مثلهم ,وحتى لاتجرى علينا سنت الله كما جرت عليهم حينما ضيعوا الأمانة .
4- يجعل المسلمين قضية استرداد" المسجد الأقصى" قضيتهم الدائمة التى يجب ان يعملوا دائما لاستردادها الم تكن هذه البقعة المباركة مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهاية رحلة الإسراء وبداية المعراج, اليست هذه ارض الإسراء التى تتعرض للظلم والإنتهاكات.
5-الإسلام دين عالمى سيظل إلى يوم الدين ويتجلى ذلك عندما قام رسولنا الكريم بإمامة الرسل جميعا للصلاة مما يزيدنا قوة وإصرار على الدفاع عنه إلى يوم القيامة .
6-دعوة عامة للمسلمين فى انحاء البلاد للتلاحم والتعاون للوقوف فى وجه الطغاة الذين يريدون اطفاء نور الله من وراء اقنعة مختلفة الا ان هدفهم واحد وهو حرب الإسلام والمسلمين والقضاء على هذه الأمة الصامدة إلى يوم الدين .
7-ان يعتبر المسلمين من المشاهد التى رائها الرسول اثناء رحلته المباركة ويأخذون منها الدروس بالابتعاد عن ما نهنا الرسول عنه ويأخذون بأومره .وكل عام والأمة الإسلامية بخير