ردة طليحة الأسدي

بسم الله الرحمن الرحيم, أهلاً ومرحباً بكم أخواني أخواتي في رائعة أخرى من روائع الصديق رضي الله عنه, اليوم نحن الآن في محطة أخرى من المحطات التي شهدت حدث من الأحداث المتعلقة بسيرة أبي بكر وهي منطقة حائل قبل أن نذكر الأحداث المتعلقة بمنطقة حائل وما جرى ذلك في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه منطقة حائل بهذا الاسم يعتبر اسماً جديداً لأنه سميت بهذا الاسم لكونها تحول بين الجبلين أجا وسلمى لكن إذا قرأنا في كتب القديمة وجدنا أن البلدانيات تسمي هذه المنطقة بجبلي طيئ نسبة إلى قبيلة طيئ التي استوطنت هذه المكان بعد انهيار سد مأرب وطيئ هو ابن أدد من قحطان سمي طيئ لأنه كان يطوي الآبار يعني يدفنها من الداخل وقيل لأنه يطوي الأرض تحركاً وترحالا.
جبالا طيئ أو كما يسمى بجبلي أجا وسلمى, هذان الجبلان تحاكى حولهما أسطورة مذكورة في كتب التاريخ والأدب ومعاجم البلدان, وفيذكر أن رجلاً يقال له أجا عشق امرأة يقال لها سلمى ففر بها وكانت معهما امرأة يقال لها العوجاء أو العوجة, فلحقهما أهل سلمى حتى أدركوهما هنا في هذا المكان فرموا أجا في مكان الذي يسمى اليوم بأجا ورموا سلمى في المكان الذي يسمى بسلمى وكذلك العوجة, لكن من ينظر في حقيقة هذه القصة يجد أنها بعيدة عن الحقيقة ولا سيما ولأن كثيراً من هذه الأسماء الموجودة في كتب معاجم البلدان لا يستند إلى دليل صريح واضح يمكن الاعتماد عليه في تسمية بعض الأماكن لا سيما إذا كان الأسماء قديمة جداً.
يوجد جبلان يبعدان عن القصيم مسافة 220 أو 230 كيلو على الخارج من القصيم إلى المدينة يقال لأحدهما عُكاش والآخر طمية عُكاش بضم العين, غير عَكاش بن حيال, والناس مختلفون في سبب التسمية بهذا الاسم وإن كانت ظاهر والله أعلم أن عَكاشاً لوجود الشجر الملتف مثل ما يقال في اللهجة الشعر العكش وهي لغة عربية فصيحة, مما ذكره ياقوت الحموي في سبب تسمية هذين الجبلين بهذا الاسم أن عُكاش أحب امرأة يقال لها طمية فأراد أن يتزوجها فلم يمكن من ذلك, فلما كبر سنه ورقى عظمه زوجوه فقال الشاعر:
تزوج عُكاش طمية بعدما تأيما عُكاش وكاد يموت
عندنا في البلد في الكويت هناك جبل مقارب للحدود الكويتية الشمالية يقال لها جبل سنام, جبل مشهور هذا الجبل جبل سنام من حيث الطبيعة الجغرافية من حيث الشكل يشبه جبل طمية فالناس يقولون عندنا في المثل إذا تخاصم رجلان يقول زعلت سنام على طمية فاسألوا بعضهم من كبار السن خاصة أقله تعرف سنام من؟ تعرف طمية من؟ يعني لما سمي بهذا الاسم, فيقول لا, وأنا إلى غاية هذه اللحظة لا أعرف سبب تسمية سنام بهذا الاسم ولا طمية وإن كان كثير من الناس هناك لا يعرفون أن طمية هو جبل موجود بين القصيم والمدينة.
في هذا المكان حائل وما جاورها كانت تسكن قبيلة الأسد فلما مات النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ارتدى كثيراً من أهل هذه القبيلة ورفضوا أن يعطوا الزكاة لأبي بكر رضي الله عنه حتى قال شاعرهم أطعنا رسول الله إذا كان بيننا فلا يا عباد الله مالي أبي بكر أيورثها بكراً إذا مات بعده, فهذا لأمر الله قاصمة الظهر, ثم خرج من بينهم رجلاً يقال له طليحة بن خويلد الأسدي فبدأ النبوة وكثر أتباعه وقويت شوكته ثم أتى طيئ عند هذين الجبلين فقال أبو بكر لعدي ابن حاتم رضي الله عنهما يا عدي أدرك قومك لا يفتننهم طليحة, فأتى عدي مسرعاً وأقبل على قومه طيئ وصار يحذرهم من مغبة مخالفة أمر الله عز وجل, وأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعصيان أبي بكر رضي الله عنه, فقال قائلاً منهم ماذا يريد منا أبى فصيل يعني البقر والناقة يستهزئون فقال أتقولون عن أبي بكر أبو الفصيل والله إنه لأبو الفحول ولا يرينكم الله ما سيصنع بكم أبو بكر, قوي أمر طليحة بن خويلد الأسدي وأراد أن يغزو بلاد العرب فكان يزعم أن الملك ينزل عليه, وقد أخبره بقرآنه أو لنقل خزعبلاته وهي والحمام ليمام والصرد الصوام قد صبنا قبلكم بأعوام لا يبلغن ملكنا العراق والشام فلما رأى أبو بكر رضي الله عنه منه هذا التعنت أرسل له جيشاً بقيادة خالد بن الوليد ومعاوله حاتم رضي الله عنهما حتى أتوا مكاني هنا قريب من حائل يقال له بزاخة جنوب غرب حايل, والتقى الصفان وكان طليحة في آخر الجيش وقد غطى رأسه ووجه وهو يزعم أن الملك ينزل عليه, كان معه في الجيش رجل طاعن في السن يقال له عنينا بن حصن فكان عنينا يقاتل ثم يرجع إليه فيقول له ها يا طليحة أنزل عليك الملك؟ وهو يقول لا إلى الآن, قالت عنينا ثم قال أنزل عليك الملك؟ قال إلى الآن, قاتل ثم رجع أنزل عليك الملك؟ قال نعم قال وماذا أوحى إليك ينتظرون الوحي, الوحي الشيطاني, قال أنه قد أوحى إلي أن لك روحاً كروحه وأمراً لن تنساه قال صدقت والله لن يأتينك أمراً لن تنساه, فكان الأمر الذي لن ينساه صارت الدائرة على جيش طليحة ففر طليحة مع زوجه وأهله إلى الشام ورجع قومه إلى المدينة وتابوا وأنابوا إلى الله عز وجل بين يدي أبي بكر رضي الله عنه.
تاب بعد ذلك طليحة بن خويلد الأسدي ثم رجع من الشام متوجهاً إلى مكة يريد العمرة, فمر بالمدينة فقال عمر لأبي بكر إن ها هنا طليحة قال لا حاجة لي به, ثم كلم عمر طليحة ولامه على قتل عُكاش بن محصن وثابت بن أقرم وغيره من ساداتي المهاجرين والأنصار فأنشد قائلاً ندمت على ما كان من قتل ثابت وعُكاش الغنمي ثم ابن معبدي وأعظم من ذلك عندي مصيبة الرجوع عن الإسلام فيعلا التعمد. وترك بلادي والحوادث جمة طريداً وقد ما كنت فيها غير مطرد, فهل يقبل الصديق أني مراجع ومعطى بما عاهدت لست بملحد تاب لله توبة وأسلم وأحسن أسلامه لكن أبى بكر رفض أن يستعان بطليحة أو عمر بن كرب الزبيدي أو غيرهم مما ارتدى فأسلم فحسن إسلامه رفض أن يستعان بهم في حروب الردة, فلما جاءت خلافة عمر استعان عمر بطليحة في جيش العراق مع سعد بن أبي وقاص وكانت له الأيام المشهودة رضي الله عنه وأرضاه, هذه نبذ مما يتعلق بفتنة طليحة بن خويلد الأسدي والتي تم القضاء عليها هنا عند جبلي أجا وسلمى. لنا لقاء آخر بإذن الله لنقف وإياكم فيه مع فتنة أخرى جرت قريباً من هنا فتنة سجاح حتى ذلك الحين نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله