منتدى الشريعة والقانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشريعة والقانون

**وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا**
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء


 

 المسؤولية الجنائية للمنتحر

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المدير العـام
شوقي نذير
شوقي نذير
المدير العـام


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 919
نقاط : 24925
السٌّمعَة : 7

تاريخ التسجيل : 10/02/2010
الموقع : الجزائر تمنراست
العمل/الترفيه : استاذ جامعي
المزاج : ممتاز
تعاليق : من كان فتحه في الخلوة لم يكن مزيده إلا منها
ومن كان فتحه بين الناس ونصحهم وإرشادهم كان مزيده معهم
ومن كان فتحه في وقوفه مع مراد الله حيث أقامه وفي أي شيء استعمله كان مزيده في خلوته ومع الناس
(فكل ميسر لما خلق له فأعرف أين تضع نفسك ولا تتشتت)


المسؤولية الجنائية للمنتحر Empty
مُساهمةموضوع: المسؤولية الجنائية للمنتحر   المسؤولية الجنائية للمنتحر Icon_minitime1الخميس مايو 20 2010, 22:56



تحرم الشريعة اافسلامية الانتحار كما تحرم القتل، إذ يقول تعالى : (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما)، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا، ومن قتل نفسه بسم في يده يتحساه في نار جهنم خالد مخالدا فيها ابدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو مترد في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا)، من هذين النصين نجد أن الانتحار محرما قطعا.
إلا أن الانتحار وفي القوانين الوضعية كانت لا تجرمه،،ففي كتاب أفلاطون في القانون كان الانتحار مسموحا به،،،وبعدها في القانون الفرنسي القديم كان المنتحر لا يدفن وتصادر كل أمواله، إلا في حالة الجنون.
ومنذ الثورة الفرنسية أصبح الانتحار غير معاقب عليه كما لا يعاقب محاول الانتحار،،أما القانون الفرنسي فإنه يعاقب حاليا على المساعدة على الانتحار
المسؤولية الجنائية للمنتحر:
الحال الأولى إذا مات المنتحر:
إذا نجحت عملية الانتحار ومات المنتحر فلا عقوبة عليه؛ لأن العقوبة تسقط بالموت، ولكن الفقهاء اختلفوا في الكفارة، فرأى المالكية وأبو حنيفة أن لا كفارة في قتل النفس مطلقا، أما الإمام الشافعي فيرى أن من قتل نفسه عمدا أو خطأ وجبت الكفارة في ماله، وهو قول بعض الفقهاء الحنابلة، إلا أنهم يخصون الكفارة بمن قتل نفسه خطأ.
إن الكفارة عقوبة تعبدية يقصد منها مصلحة الجاني نفسه، فمن أوجبها في مال المنتحر فقد راعى هذه الناحية .
عقوبة الاشتراك: وعلى تحريم الانتحار عوقب كذلك شريك المنتحر، سواء كان الاشتراك بالتحريض أو الاتفاق أو العون
الحال الثانية: إذا لم يمت من حاول الانتحار
أما إذا لم يمت محاول الانتحار أو مريد قتل نفسه عوقب على محاولته تلك ويعاقب كذلك شريكه والعقوبة فيها نعزيرا،،فالشريك والمحاول الانتحال يكيف على اساس أنه شارع في جريمة وعقوبة الشروع هي عقوبة الفعل التام
وهذا الكلام يأخذ به القانون الجزائري في جعل المنتحر شارعا في جريمة فيعاقب على الشروع عقوبة الجريمة التامة، وكذا بالنسبة للشريك إذا أدت المساعدة إلى تنفيذ الانتحار فيعاقب من سنة إلى خمس سنوات المادة 273 من قانون العقوبات الجزائري ، وهو موقف القانون الانجليزي والسوداني والإيطالي ....

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://acharia.ahladalil.com
الريحان
مرتبة
مرتبة
الريحان


الجنس : انثى عدد المساهمات : 191
نقاط : 381
السٌّمعَة : 0

تاريخ التسجيل : 12/02/2010
الموقع : بلد الحرية
المزاج : متقلبة
تعاليق : لا تجعل الله اهون الناظرين اليك .
( كيف يشرق قلب .صور الاكوان منطبعة في مرآته ؟;أم كيف يرحل الى الله وهو مكبل بشهواته؟,أم كيف يطمع أن يدخل حضرة اللهوهو لم يتطهر من جنابة غفلاته؟,أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار وهو لم يتب من هفواته ؟!......

المسؤولية الجنائية للمنتحر Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسؤولية الجنائية للمنتحر   المسؤولية الجنائية للمنتحر Icon_minitime1الجمعة مايو 21 2010, 15:28

للدكتور أحمد عبد الظاهر
أستاذ القانون الجنائي المساعد بجامعة القاهرة
الخبير القانوني لدى دائرة القضاء – أبو ظبي

الانتحار فعل مذموم شرعا. وقد أجمعت كل الأديان السماوية على تحريمه. فالله عز وجل يقول «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة». وفي الحديث النبوي الشريف، يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار». ومعنى «لا ضرر» أن لا يضر الشخص غيره، ومعنى «لا ضرار» أن لا يضر الفرد نفسه. وإذا كانت النصوص السابقة عامة في كل صور الإضرار بالنفس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد خص الانتحار بأحد الأحاديث النبوية حيث يقول «من قتل نفسه بحديدة فحديدته بيده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. ومن قتل نفسه بسم فسمه بيده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا».

وإذا كانت الأديان السماوية قد أجمعت على تحريم الانتحار، فإن التشريعات الوضعية تختلف في تجريم فعل الانتحار من عدمه. وتنقسم القوانين الوضعية في هذا الشأن إلى طائفتين: الطائفة الأولى من التشريعات لا ترى فائدة من تجريم الانتحار وعقاب فاعله. وعلة ذلك أن من هانت عليه حياته لن يقعده التهديد بالعقوبة عن التضحية بها. ومن حاول الانتحار ففشل أو أصاب نفسه هو شخص مريض نفسيا أو على الأقل يجتاز حالة نفسية شاذة، ويتعين بالتالي علاجه لا عقابه. ولما كانت هذه العلة تصدق بالنسبة للفاعل أي المنتحر ولا تنطبق على الشريك أي من يساعده أو يحرضه على الانتحار، ومن ثم يتعين عقاب هذا الأخير. ولما كان الشريك يستمد إجرامه من إجرام الفاعل، فإن عدم تجريم الانتحار يؤدي إلى عدم عقاب المحرض على الانتحار أو الذي يساعد عليه. لذلك لجأت هذه الطائفة من التشريعات إلى النص على تجريم الاشتراك في الانتحار. وقد أخذ بهذا الاتجاه قانون العقوبات الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة عند صدوره في عام 1987م. إذ نصت المادة 335 منه على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنين من حرض آخر أو ساعده بأية وسيلة على الانتحار إذا تم الانتحار بناء على ذلك. وإذا كان المنتحر لم يتم الثامنة عشرة أو كان ناقص الإرادة أو الإدراك عد ذلك ظرفا مشددا. ويعاقب الجاني بعقوبة القتل عمدا أو الشروع فيه بحسب الأحوال إذا كان المنتحر أو من شرع في الانتحار فاقد الاختيار أو الإدراك».

على النقيض من ذلك، اتجهت الطائفة الثانية من التشريعات إلى تجريم الانتحار. ويقود هذا التجريم إلى عقاب الشريك في الانتحار سواء توفي الشخص أو أن فعله قد وقف عند حد الشروع. أما بالنسبة للفاعل أي الشخص الذي أقدم على الانتحار فلا يمكن عقابه إلا إذا خاب أثر فعله ولم تنجح محاولة الانتحار. إذ أن نجاح المحاولة ووفاته يؤدي إلى انقضاء الدعوى الجنائية في حقه. ولعل ذلك هو السبب وراء اقتصار بعض التشريعات على تجريم الشروع في الانتحار، كما هو بالنسبة لقانون عقوبات أبو ظبي لسنة 1970م، والذي تنص المادة 67 منه على أن «يعاقب بالسجن لمدة قد تصل لعامين أو بالغرامة أو بالعقوبتين معا كل شخص يشرع في الانتحار». والواقع أن هذا النص قاصر، إذ يؤدي التطبيق الحرفي له إلى امتناع عقاب الشريك إذا أفلح المنتحر في محاولته ومات فعلا على أثر ذلك. والأفضل أن يتم النص على تجريم الشروع في الانتحار الأمر الذي يسمح بعقاب الشريك أيضا، وأن يتم كذلك تجريم فعل الشريك إذا تم الانتحار فعلا. وقد فطن المشرع الاتحادي إلى ذلك عند تعديل نص المادة 335 من قانون العقوبات بموجب القانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2005م. حيث تنص المادة المشار إليها بعد تعديلها على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز خمسة آلاف درهم أو بالعقوبتين معا كل شخص يشرع في الانتحار، ويعاقب بالحبس كل من حرض آخر أو ساعده بأية وسيلة على الانتحار إذا تم الانتحار بناء على ذلك». وتقرر الفقرة الثانية من نفس المادة ظرفا مشددا «إذا كان المنتحر لم يتم الثامنة عشرة أو كان ناقص الإرادة أو الإدراك». وتقرر الفقرة الثالثة عقاب المحرض بعقوبة القتل عمدا أو الشروع فيه بحسب الأحوال «إذا كان المنتحر أو من شرع في الانتحار فاقد الاختيار أو الإدراك».

وعلى هذا النحو، يتضح أن الانتحار والشروع فيه أصبح مجرما بموجب قانون العقوبات الاتحادي بعد تعديله. ولعل اعتبار الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع هو الذي دفع المشرع إلى تعديل نص المادة 335 من قانون العقوبات الاتحادي. إذ تنص المادة السابعة من الدستور على أن «الإسلام هو الدين الرسمي للاتحاد، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيه...». وإذا ثبت أن هذا هو السبب وراء التعديل، غدا من واجبنا التنبيه إلى ضرورة التمييز بين المعصية والجريمة. فالجريمة تنصرف إلى الأفعال الضارة للمجتمع أو لأحد الناس، والتي يؤدي اقتراف إحداها إلى حدوث خلل في سير الحياة في المجتمع. أما إذا كان الفعل ينطوي على مخالفة لأوامر الله عز وجل أو نواهيه دون أن يكون من اللازم تقرير عقوبة دنيوية له، فإننا نكون بصدد معصية لا جريمة. فإذا كل جريمة معصية، فإن العكس غير صحيح. إذ قد يكون الفعل معصية متروك أمر العقاب إليها إلى يوم القيامة دون حاجة لتقرير عقوبة تعزيرية له. وعلى ذلك فإن مدلول المعصية أوسع نطاقا من مدلول الجريمة. والتشريع الجنائي الإسلامي لا يمكن أن يتضمن عقابا لكل المعاصي، إذ أن بعض المعاصي يكون العقاب عليها مؤجلا إلى الآخرة. وفي ذلك تتميز الأديان السماوية عن القوانين الوضعية. ولعل الاقتصار على عقوبة أخروية للانتحار يبدو جليا في الحديث النبوي الشريف الذي ركز على عقوبة المنتحر في الدار الآخرة عندما يقف بين يدي رب العالمين. TGH6
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
وردة 15
مرتبة
مرتبة
avatar


عدد المساهمات : 102
نقاط : 188
السٌّمعَة : 1

تاريخ التسجيل : 30/04/2010

المسؤولية الجنائية للمنتحر Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسؤولية الجنائية للمنتحر   المسؤولية الجنائية للمنتحر Icon_minitime1الجمعة مايو 21 2010, 20:17





من أنواع الانتحار نوع غريب لا يلجأ إليه الفرد بمحض اختياره، بل توجبه عليه أو تحثه عليه في ظروف خاصة تقاليد شعبه وعاداته. ومع غرابة هذا النوع من الانتحار فإن عدداً غير يسير من الشعوب المتحضرة والبدائية قد أخذت به.
* * *


ولعل هذا النوع من الانتحار لم ينتشر في شعب ما مقدار انتشاره في اليابان. فطريقة « الهاراكيري » Harakiri الشهيرة عندهم وهي التي تمثل في الانتحار بشق البطن بخنجر أو سيف تحتمها تقاليدهم أو تحث عليها في حالات كثيرة.

فأحياناً كانت تسمح الحكومة للمحكوم عليه بالإعدام من طبقة المحاربين (طبقة السموراي Samourai) أن ينتحر على طريقة الهاراكيري بدلا من أن يشنق أو يضرب با الرصاص. وكان ذلك ينطوي على تكريم المحكوم عليه وتقدير ما كان له قبل الجرم من ماض مجيد. وقد ظل هذا النظام معمولا به إلى عهد غير بعيد ثم ألغى بعد ذلك.

وأحياناً يلجأ إليها الفرد باختياره في الظاهر، وتحت ضغط العادات والتقاليد في واقع الأمر. ويحدث هذا في حالات كثيرة ولمقاصد شتى، منها ان يقصد بالانتحار التعبير عن ولائه وإخلاصه لأحد الرؤساء أو الحكام عقب وفاة هذا الرئيس أو الحاكم؛ كأن لسان حاله يقول: إنه لا يطيب له



العيش من بعده. ومنها أن يقصد بذلك الاحتجاج الشديد على خطأ ارتكبه أحد هؤلاء أو ارتكب ضد واحد منهم. ومنها أن يكون الانتحار وسيلة لاتقاء ما يلحق المنتحر نفسه ويلحق أهله من خزى إذا وقع أسيراً في يد الأعداء عقب هزيمة حلت بجيش بلاده. ومنها أن يكون معبراً عن إبراء ذمة المنتحر وغسل شرفه مما علق به من أذى حينما يعجز عن الأخذ بثأره من أحد خصومه.

وقد يحدث للدلالة على ارتياح المنتحر وأنه قد حقق أكبر أمانيه في هذه الدنيا وأصبح في غير حاجة إلى المزيد من الحياة، وذلك حينما يتاح له أن يقتل من أهانه أو أساء إليه.

وفي جميع هذه الأحوال يعد الانتحار، في نظر اليابانيين، مطهراً للفرد، ومحققاً لما يبغيه منه، ومعبراً أصدق تعبير عما يريد التعبير عنه، كما يستأهل صاحبه أن يقام له مأتم فجم، وتحفظ له أمجد الذكرايات. ولسموّ هذا النوع من الانتحار في نظر اليابانيين كانت عملياته تجري قديماً في المعابد المقدسة نفسها.

وفي هذا يقول جريفس Griffis في كتابه عن ديانات اليابان Religions of Japan: « إن لوحة الشرف للعظماء والخالدين والقديسين من اليابانيين ليست مملوءة بأسماء المصلحين ولا المحسنين ولا منشئ الملاجئ والمصحات، بل بأسماء طوائف المنتحرين على طريقة الهاراكيري »(1).
* * *


وكان هذا النظام نفسه متبعاً في الصين، بل لا تزال له رواسب عميقة في هذه البلاد إلى الوقت الحاضر، ولكنه يطبق على وجوه تختلف قليلا في التفاصيل عن الطريق التي كان يسير عليها اليابانيون. فالانتحار تحث عليه التقاليد والعادات الصينية وتعده شرفاً كبيراً للمنتحرين ولذكرياتهم في حالات كثيرة ولعدة مقاصد فينتحر الجندي أو الضابط أو الموظف عقب هزيمة حلت ببلاده أو إهانة لحقت الإمبراطور؛ وينتحر الشاب حينما يلحق أحد شيوخ أسرته إهانة أو مكروه من أحد الناس ويعجز هو عن أن يثأر له؛ ويقصد هؤلاء وأولئك بانتحارهم التعبير



عن أنهم قد أصبحوا لا يحتملون الحياة بعد الذي حدث ولا يحتلمون ذكرى هذه الهزيمة ولا هذه الإهانة. وتنتحر المرأة عقب وفاة زوجها أو خاطبها للتعبير عن إخلاصها له وأنه لا أنه معنى للحياة عندها بدونه. ومع أنه قد صدرت عدة قوانين تحظر هذا النوع الأخير من الانتحار فإن العادات الشعبية لا تزال متمسكة به، ولا تزال تنظر إلى الأرملة أو المخطوبة التي تنتحر عقب وفاة زوجها أو خاطبها نظرة إكبار وتعظيم.

ولا تقتصر نتائج هذا النوع من الانتحار في الصين على ما ينال ا لمنتحر في مثل هذه إلاحوال وينال ذكراه من إجلال، بل قد يكون له بجانب ذلك في نظر القانون وفي نظر الناس نتائج أخرى تصيب بعض الأحياء. فالقانون يلقي أحياناً المسئولية الجنائية على الشخص الذي كان عمله سبباً في الانتحار. والعقيدة السائدة أن أرواح المنتحرين تثأر لنفسها ممن تسببوا في انتحار أصحابها، فتدفعهم دفعاً إلى محاكاتهم، أو تتولى هي قتلهم خنقاً إن لم يصيخوا إلى هذا الدافع ويقتلوا أنفسهم بأيديهم.

وبينما تنظر التقاليد الصينية إلى هذه الأنواع وما إليها من الانتحار نظرة إكبار، تنظر إلى ما عداها نظرتها إلى أمور خسيسة صغيرة. ففي كتاب من كتبهم المقدسة أن الذين ينتحرون لفرط ولائهم وإخلاصهم للإمبراطور أو براً بآبائهم وأهليهم وأزواجهم وأصدقائهم تصعد أرواحهم إلى عليين، وأما الذين ينتحرون في أزمة غضب أو يأس، أو ينتحرون خوفاً من نتائج ما اقترفوه من جرائم يعاقب عليها القانون بالإعدام، أو رغبة في أن يسبب انتحارهم ضرراً ببرئ، فسيكون نصيب أرواحهم العذاب الأليم في مناطق الجحيم.
* * *


وفي كثير من بلاد الهند كان يعد من مظاهر البرّ والوفاء أن تنتحر المرأة المتوفي عنها زوجها، بأن تحرق نفسها. وظل هذا التقليد سائداً لديهم إلى عهد قريب، ثم استبدل به في بعض بلاد الهند انتحار تمثيلي؛ فكان يكتفي عقب وفاة الزوج



بأن يؤتي بكومة حطب وتشعل فيها النار، ويؤتي بزوجة المتوفي، وتمد على هذه الكومة، وتظل كذلك حتى يقرب اللهب منها.

وقد ساد كذلك الاعتقاد في بلاد الهند أن الانتحار إذا قصد به التقريب إلى الله أو التضحية بالنفس في سبيله يصبح في ذاته عبادة دينية، على أن يتم في صورة من الصور التي تحددها التقاليد والعادات. ومن هذه الصور أن يصوم الشخص عن الطعام والشراب حتى يموت؛ وأن يلطخ جسمه كله بروث البقر ويشعل النار فيه (يلاحظ أن البقر حيوان مقدس في الديانة البرهمية الهندية)؛ وأن يقبر نفسه في الجليد حتى يقضى نحبه، وأن يغرق نفسه في مصب من مصبات الجنج Gonnge في أطراف بلاد البنغال على أني ظل يعد خطاياه ويردد عبارات التوبة والندم حتى تفترسه التماسيح؛ وأن يذبح نفسه في مدينة (الله ـ أباد) حيث يتلقي نهر الجونج بنهر دجومنا Jummna ؛ وأن يظل على قمة من قم جبال الهملايا حتى يموت من البرد؛ وأن يغرق نفسه أو يدفن حيا إذا كان مصابا بالجذام أو بمرض لا يرجى برؤه على أمل أن تنتقل روحه التي تطهرت بهذا الانتحار إلى جسم معافي سليم؛ وأن يقذف بنفسه من شاهق ليكفر بذلك عن سيئاته أو ليصبح قديساً في الحياة الأخرى أو ليفي بنذر نذرته أمه؛ وأن ينتحر البرهمي (طبقة البرهميين هي طبقة رجال الدين؛ وهي أرقى طبقة في الديانة البرهمية) لتثأر روحه ممن أساء إليه أو من أحد خصومه.

وتحكى أساطيرهم حوادث كثيرة من هذا الانتحار المبرور ونتائجه المحققة. فمن ذلك أن أحد الحكام قد أراد أن يفرض على طبقة البرهميين في مقاطعته ضريبة للدفاع الوطني؛ فتأثرت طائفة من كبار أغنيائهم وحاولوا أن يثنوه عن عزمه، فلم يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً؛ فانتحروا جميعاً على مرأى منه بشق بطونهم بالخناجر مرددين اللعنات على هذا الحاكم مع أنفاسهم الأخيرة. فخسر هذا الحاكم دنياه وآخرته؛ وثار عليه شعبه وأقصاه عن منصبه. ومن هذه الأساطير أن إحدى البرهميات قد غرر بها أحد الحكام حتى نال منها مأربه فأحرقت نفسها وأخذت في ساعاتها الأخيرة تصب اللعنات على هذا الحاكم وأسرته، فاستجاب



الله دعاءها، وأنزل عليهم سخطه وسلط عليهم الكوارث والمصائب، واضطرهم إلى الرحيل عن البلاد تاركين ديارهم وأموالهم. ومن ذلك الحين أصبح قبر هذه البرهمية ضريحاً مقدساً يزوره الناس ويؤدون فيه صلواتهم ومناسكهم. ومن هذه الأساطير كذلك أن أحد الحكام قد منح قطعة أرض لأحد البرهميين، فبنى هذا البرهمي مسكناً عليها، ثم رجع الحاكم في هبته، فهدم المنزل واسترد الأرض فذهب البرهمي إلى بيت هذا الحاكم وظل جالساً أمام بابه صائماً عن الطعام والشراب والغطاء حتى مات من الجوع والعطش والبرد. فتأثرت روحه من الحاكم فأهلكته ودمرت بيته.

وقد ساد في الهند كذلك تقليد غريب يطلق عليه اسم « دهارنا ». وذلك أن الدائن إذا ماطله مدينه يذهب إلى بيته ويتهدده بأن يظل جالساً أمام بابه حتى يموت من الجوع والعطش والبرد إذا لم يوفه دينه. ويعد هذا أعنف إجراء يمكن أن يلجأ إليه الدائن الممطول. ويتوجس المدين خيفة من نتائج هذا الانتحار.

فلا يدخر وسعاً في سداد ما عليه، وخاصة إذا كان الدائن برهمياً يخشى من بطش روحه الشديد إذا أنفذ ما هدد به.
* * *


ومع أن التعاليم اليهودية السائدة تعتبر الانتحار جبناً وانحطاطاً وكفراً بنعم الرب وتعدياً لحدوده، وتوقع بعض عقوبات على جسم المنتحر، فتترك جثته ملقاة حتى غروب الشمس، وتحرم رثاءه والحداد عليه ولبس السواد من أجله، هذا إلى ما يدخر لروحه من عذاب بعد الموت، مع ذلك نرى أن « التلمود » (وهو من أهم أسفار التشريع لديهم) يغتفر الانتحار بل يكاد يعده عملا مجيداً إذا أقدم عليه قائد جيش يهودي بعد هزيمته، حتى لا يقع أسيراً ويلقي المهانة والفضيحة على يد العدو، أو إذا أكره يهودي على الارتداد عن دينه فآثر الانتحار على الكفر بربه


الانتحار الذي توجبه العادات والتقاليد


على طريقة (الهاراكيري) وما إليها



للإستاذ الدكتور علي عبد الواحد وافي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الريحان
مرتبة
مرتبة
الريحان


الجنس : انثى عدد المساهمات : 191
نقاط : 381
السٌّمعَة : 0

تاريخ التسجيل : 12/02/2010
الموقع : بلد الحرية
المزاج : متقلبة
تعاليق : لا تجعل الله اهون الناظرين اليك .
( كيف يشرق قلب .صور الاكوان منطبعة في مرآته ؟;أم كيف يرحل الى الله وهو مكبل بشهواته؟,أم كيف يطمع أن يدخل حضرة اللهوهو لم يتطهر من جنابة غفلاته؟,أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار وهو لم يتب من هفواته ؟!......

المسؤولية الجنائية للمنتحر Empty
مُساهمةموضوع: رد: المسؤولية الجنائية للمنتحر   المسؤولية الجنائية للمنتحر Icon_minitime1السبت مايو 22 2010, 09:44

بوركت يا أخيتي على هذا المقال ولكن الموضوع هنا يصب على الناحية الشريعية في الدين الاسلامي .والذي يبين أن البعد والفراغ الديني الى ما يؤدي وما هي عواقبه .
والله أعلم ورسوله 44
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المسؤولية الجنائية للمنتحر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشريعة والقانون  :: الفضاء الشرعي :: رواق الدراسات الشرعية والقانونية-
انتقل الى: