في يوم من الأيام اصطحب الماهاتما غاندي أحد رفاقه الشباب وتوجه الى إحدى المدن للتعريف بأفكاره والدعوة للانضمام اليه.
وعندما دخل غاندي ورفيقه بوابة المدينة توجه له شاب من أبنائها مرحباً به.
بعد الترحيب قال الشاب :"يا معلم انك ستضيع وقتك وجهدك سدى بالدعوة للالتحاق بك في هذه المدينة فإن قلوب أهلها قاسية ولن يستمعوا اليك وسيرفضون أفكارك فهم حمقى وجهلة ولا يريدون ان يتعلموا أبداً ويرفضون كل ما هو جديد، فلا تضيع وقتك معهم".
رد المهاتما على الشاب قائلاً: "لا أشك في أنك محق" ثم واصل طريقه.
وبعد مرور بعض الوقت توجه الى غاندي شاب آخر من أبناء المدينة ورحب به قائلاً :"سوف يستقبلك أهل المدينة على الرحب والسعة فالجميع هنا بانتظارك وهم يتشوقون لسماع ما ستقوله لهم فهم متعطشون للمعرفة ويطمحون لتقديم خدماتهم، فعقولهم وقلوبهم مفتوحة لك".
ابتسم غاندي ورد على الشاب بالقول: "لا أشك في انك محق".
بعد ان انصرف الشاب التفت رفيق الماهتما الى معلمه متسائلاً : "يا معلم كيف يكون ذلك ممكناً ؟ فلقد قلت شيئاً لأحدهم ونقيضه لآخر فلا يمكن للشمس والقمر ان يكونان واحداً، والليل لا يمكن ان يكون نهاراً ؟"
ومرة أخرى ابتسم المهاتما غاندي وأجاب رفيقه :"لا أشك في أنك محق" لكنك لابد ولاحظت ان كلا الشابين تحدثا بصدق انطلاقاً من قناعة كل منهما فالأول يرى السئ فقط بينما يأمل الآخر بالخير فكل منهما يتقبل العالم كما يتوقع ان يراه، فكيف يمكننا القول ان شخصاً ما يتقبل العالم بشكل خاطئ اذا اختار هو طريقة تقبله له بناءاً على تجربته الخاصة ؟
لم يكذب أي من هذين الشابين كل منهما قال الحقيقة لكن ليس كاملة".
فلكل وجهة نظر من تصوره للأشياء كما قال غاندي فعندما يجلس الانسان مع نفسه يرى الأمور بشكل آخر أولا الآخرون ليسوا انعكاسا لصورنا في المرآة فما نؤمن به ونراه نحن قد لا يتوافق مع مايراه غيرنا وقد تحضر في أذهاننا أشياء وتغيب عنها أشياء أخرى فليس هناك أجمل من مقولة غاندي في مثل هذه المواقف "لا أشك في أنك محق"