إن الأساس الأولي للحياة الزوجية السعيدة، هو أن يعيش كلا الزوجين مبدأ الأمانة للطرف الآخر.. فينظر الزوج لزوجته على أنها أمانة الله تعالى عنده، ويشعر بثقل هذه الأمانة، وعظم المسؤولية التي على عاتقه.. وكذلك المرأة عليها بحسن التبعل، وباحترام.
الفرق بين المودة والمحبة:
إن الفرق بين الخضوع والخشوع في الصلاة، كالفرق بين المودة والمحبة.. فنحن في الصلاة نخضع لله -عز وجل- ونخشع: فالخشوع حالة في القلب، والخضوع ملازم له وهو خشوع في الجوارح.. عندما يرى الإنسان عظمة الله -عز وجل- فإنه يخضع ويركع ويسجد.. ولهذا من المستحيل أن ترى إنساناً خاشعاً بقلبه، وهو يعبث بلحيته في الصلاة مثلاً!.. فقد روي عن النبي (صلى الله عليه واله) أنه رأى رجلاً يعبث بلحيته في صلاته، فقال: (أما إنه لو خشع قلبه؛ لخشعت جوارحه).. فإذن، إن الخشوع والخضوع معنيان؛ أحدهما انعكاس للآخر.. كذلك يقال في المودة والمحبة.
- المودة.. إنه من الملاحظ أن القرآن الكريم استعمل المودة مع النبي وذريته (عليهم السلام) حيث يقول: ﴿قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾، واستعمل التعبير نفسه للزوجة: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾.. فالمودة تعني العمل بالمحبة.. فلو أن هناك إنساناً يحب أحداً، ولا يبرز حبه لا قولاً ولا فعلاً؛ فهذا الإنسان هو محب، ولكن ليست له مودة. عندما يسمع بعضنا بحادثة الفلم المسيء للنبي يتحسر ويتألم فهذا له محبة، مع أن سلوكه غير مرضي؛ ولكن هذه المحبة ليست معها مودة!.. وبالنسبة للزوجين: فإن رب العالمين جعل بين الزوجين مودة، ومكنهما من التعبير عن الحب.. فهو الذي جعل الحب، وهو الذي جعل المودة.
-المحبة.. يقول تعالى بالنسبة لموسى (عليه السلام): ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي﴾.. ومن المعلوم أن الذي أُعطي للزوجين من المودة، معشار ما أُعطي موسى (عليه السلام).. فرب العالمين قذف المودة والمحبة على موسى (عليه السلام)، والذي أحبه هو فرعون أقسى القساة، الذي كان يقتل الرضع لئلا يولد موسى (عليه السلام)، فعندما ولد موسى (عليه السلام) اتخذه ولداً.. فهو الذي جعل المودة في قلب فرعون، وهو الذي جعل المودة في قلوب الزوجين.. وبالتالي، فإن هناك قدرة هائلة يتفضل بها رب العالمين على من يشاء!..