الأمة التي تقرأ لا تجوع ولا تستعبد هي حكمة صدق قائلها فالقراءة غذاء النفوس وطب العقول ولعل من أجمل ما قيل في القراءة ما كتبته مؤسسة "سكوت فورسمان" (Scott Foresman) في معرض الكتاب الدولي للقراءة الذي عقد في سانتياغو العام 1997 تحت عنوان "سوف أغير العالم":
"سوف أغير العالم بطفل في وقت ما، سوف أعطي هذا الطفل هدية لا تنتهي لذتها أبداً، هدية تجعل العالم بين يديه وتجعله أثرى وأغنى. هديتي هي القراءة التي سوف تفتح العينين وتوقظ الأحلام بالقصص التي تجعل الأطفال يشعرون وينمون ويفكرون. لا شيء يوقفني، ولن أسلو ذلك، لأن قلبي يعرف معنى القراءة، وأي قوة هي".
فالقراءة كما قال عباس محمود العقاد تزيد إلى عمرنا أعمار أناس آخرين لأننا نستفيد من تجاربهم ومواقفهم في الحياة فكم غيرت القراءة من حياة أشخاص فنقلتهم من الفشل إلى النجاح ومن اليأس إلى الأمل ففعلا الكتاب هو خير جليس وقديما يحكى أنّ شيخا من الصالحين كان له غلام يقوم على شؤونه قال له يوما ياغلام إذا سأل عني أحد فأخبره أنني مشغول مع ضيوفي فلا تدخل عليّ أحد فاستغرب الغلام وعلت محياه علامات الدهشة والاستغراب فقال له الشيخ مابك يابني؟قال له الغلام ياسيدي منذ ملازمتي لك ماعهدت عليك كذبا فأنا لا أجد أحدا سواك في الغرفة فكيف تكون مشغولا مع ضيوفك فتبسم الشيخ وقال له يابني عندما أكون في خلوتي أجالس كتبي فأحدث شخوص الكتاب ويحدثونني أستمع لهم وأتعلم منهم فكل مرة أنا في ضيافة شخص من شخوص الكتاب .
نعم فالكتاب ليس مجرد ورق وإنما هو كالصدفة التي تحوي في طياتها لآلئ لا يعرف قيمتها إلاّ من لزم الكتاب وجعله أنيسه وجليسه ونحن اليوم على موعد مع الصالون الدولي للكتاب الذي سيمتد إلى غاية 29 من هذا الشهر به حوالي 700 دار نشر من مختلف الدول فإذا استطعنا زيارته فلنفعل قد يجد أحدنا ضالته في كتاب ما وإن لم نستطع فعلينا بالكتاب أيضا فالكتاب ليس له مكان محدد-وإن عرفت المكتبة والمعارض مكانا له-وليس له زمانا محدد فهو رفيق الانسان في كل أطوار حياته ولهذا علينا أن نعوّد فلذات أكبادنا على القراءة منذ الصغر فمن شبّ على شيء شاب عليه والكتاب أجمل هدية يمكن أن يهديها أب لابنه أو معلم لتلميذه.
فالقراءة تزيد من وعينا وتجعلنا أكثر حكمة وترفع من هممنا وتعلمنا كيف نتعامل مع مواقف الحياة المختلفة ومهما تقدم العالم وتطورت التكنولوجيا لن يفقد الكتاب بريقه وحميميته.
فلنزد إلى عمرنا الفاني أعمارا أخرى ومن كان الكتاب جليسه انخفض صوته وعلى منطقه .