منتدى الشريعة والقانون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الشريعة والقانون

**وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا**
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء


 

 إذا جاء الوعظ من فاسق، والثورة من عاهر...!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العـام
شوقي نذير
شوقي نذير
المدير العـام


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 919
نقاط : 24925
السٌّمعَة : 7

تاريخ التسجيل : 10/02/2010
الموقع : الجزائر تمنراست
العمل/الترفيه : استاذ جامعي
المزاج : ممتاز
تعاليق : من كان فتحه في الخلوة لم يكن مزيده إلا منها
ومن كان فتحه بين الناس ونصحهم وإرشادهم كان مزيده معهم
ومن كان فتحه في وقوفه مع مراد الله حيث أقامه وفي أي شيء استعمله كان مزيده في خلوته ومع الناس
(فكل ميسر لما خلق له فأعرف أين تضع نفسك ولا تتشتت)


إذا جاء الوعظ من فاسق، والثورة من عاهر...!  Empty
مُساهمةموضوع: إذا جاء الوعظ من فاسق، والثورة من عاهر...!    إذا جاء الوعظ من فاسق، والثورة من عاهر...!  Icon_minitime1السبت يناير 29 2011, 20:25

إذا جاء الوعظ من فاسق، والثورة من عاهر...!
د. محمد بن موسى باباعمي
"الإنسان حيوان متعصِّب"، هذه حقيقة تاريخية اجتماعية، لا جدال فيها؛ ذلك أنَّ نسبته إلى جنسه، وبيئته، وزمانه، ومكانه، ولغته، وثقافته، ودينه... كلُّ أولئك جزءٌ أساس من "إنسانيته"، بل من "بشريته"؛ فالإنسان ليس إلها مطلقا، فيتحرَّر من هذه الحدود كليَّةً، ولا هو شيطان مطلَق، فيعلن التنصُّل من بني جنسه، على مذهب إبليس الأوَّل، حين قال: "أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين".
ويعجبني قول علي شريعتي، في كتابه "العودة إلى الذات": "كلُّ مصائبنا حدثت من أنَّ جيلنا القديم ابتُلي بالتحجُّر؛ وابتلي جيلُنا الجديد بالعبث والخواء، أي لا إلى الدين، ولا إلى الإلحاد، فهو جيل دون اتجاه، دون أيديولوجية، ودون مبدأ عقائدي، ودون شخصية، ودون تعصب، ودون هدف".

ونحن اليوم – في المجتمعات العربية التقليدية – نعاني من القوالب المنمَّطة، ومن التصنيفات العرقية، ومن الأيديولوجيات المتحجِّرة، بناء على قاعدة "معي أو ضدِّي"، وليس بناجٍ من هذا الحكم فُرس، ولا بربر، ولا تركمان... ذلك أنَّ التخلف وعاء مهترئ صدئٌ، موبوءٌ مسمَّم، كلَّ من كان ضمنه كان بعضا منه.

لكن، عوض أن نعالج هذا التعصُّب بتلطيفه وتشذيبه، تماماً مثل فلاَّح يقلم أشجاره، لتكون أجمل مظهرا، وأوفر عطاء، وأفيئ ظلا... عوض ذلك، رحنا نجتثُّ الأشجار من قرارها، ونحرِّق جذورها وجذوعها، ونغمرها بالمبيدات القاتلة الفتاكة؛ فتحوَّل جيلنا إلى جيل "بلا انتماء"، لا لون له ولا ريح، ولا طعم ولا ذوق...!

وللتحقُّق من هذا الحكم، ألقِ نظرةً على السلطة الرابعة، هذه الأيام، وطالِع ما يرِد فيها من أخبار، على مدار الساعة، فستجد الصحفي – غالبا – ما ينقل إليك نبأ اغتيال مائة من المسلمين، أو سقوطِ دولة إسلامية برمَّتها، تماماً مثلما ينقل إليك خبر فوز فريق ببطولةٍ، أو تقلُّد عارضة للأزياء "بوديوم" الشرف.

وفي هذا السياق تطلُّ علينا بعض مظاهر "الفتن" في عالمنا العربي، من تونس إلى الجزائر، ومن مصر إلى السودان؛ فلا تستغرب أن تَجد بعض مَن يقود الثورة على الظلم، وهذا أمر محمود ولا شكَّ؛ لكنه مع ذلك يدافع عن شعاراتٍ فارغة فراغ أم موسى: "الحرية المطلقة"، و"حقوق الإنسان"، و"الديقراطية"، و"العدل الدولي"... ولا تجد في قلب صاحبنا هذا، ولا على لسانه، ما يَشي بأنه مسلم، وبأنّه يؤمن بأنّ ما نحن عليه وما سنكون عليه رهين بعلاقتنا بالله سبحانه، ومرتهن بطاعتنا أو معصيتنا؛ بل إنَّ الكثير من هؤلاء الثوار المزيَّفون، يحرصون على أن لا يرد كلامهم مقرونا باسم الجلالة "الله"، وإنَّ الواحد منهم لمَن يسمَّى "عبد الله"، ويحرص على تحوير اسمه إلى "عبدو" أو "عبيدو" أو أي صيغة أخرى تحقق له القطيعة مع الخالق ومع الدين.

ولذا أقول: لا خير في ثورة، ولا موقف، ولا حركة، ولا قناة، ولا جريدة، ولا فكر، ولا مسجد، ولا مدرسة... ولا في أيِّ إنسان مهما كان، إذا لم يحقِّق انتماءه المحمود إلى دينه وثقافته وحضارته، وينبذ كلَّ صور التعصب المحموم، دون عقل ولا منطق... ومِن ثمَّ فإنَّ ما ننقده على بعض الدعاة – أؤكد على بعض الدعاة – إلى الإسلام، أو الوطنية... هو تعصبُهم واستعجالهم ووأدهم للمشروع... لا غير.

فتونس إذا قادت الثورة باسم "الانتماء المحمود"، لا شك ستكون منارة وفتحا مبينا، أمَّا إذا انخدعت بالشعارات الفارغة من كلِّ قيمة، والمفرَّغة من كل انتماء، فإنها ستكون – ولا نرجو لها ذلك – سرطانا ووباء ووبالا، على الأمَّة وعلى الزمان والمكان.

وكذا الجزائر، إذا كان وجودها من ذاتها، ورفضها أو قبولها نابعا من انتمائها، فإنها ستحقِّق الأمل المرجو فيها، في الاستفادة من المحن والفتن، التي قطعتها شذر مذر، وأذهبت ريحها لعقد من الزمان؛ أمَّا إذا جاء الوعظ من فاسق، والثورة من عاهر، والمعارضة من سافل، والنصح من خائن، فعلى الدنيا السلام...

وبالمناسبة، لننظر إلى تركيا، وإلى ما آلت إليه من عزٍّ وعزَّة، وما ذلك إلاَّ لعودتها إلى ذاتها، فمن النورسي إلى أوغلو، ومن كولن إلى أردوغان، الجميع يؤكِّد على العمق الحضاري والانتماء والهوية؛ ولذلك وصلوا، ولذلك لم يصل مَن هم جنوب البحر المتوسط وشرقِه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://acharia.ahladalil.com
 
إذا جاء الوعظ من فاسق، والثورة من عاهر...!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشريعة والقانون  :: الفضاء العام :: الرواق الحر لعالم الفكر-
انتقل الى: