كلام الخاطر مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 9 نقاط : 25 السٌّمعَة : 1
تاريخ الميلاد : 01/06/1986 تاريخ التسجيل : 30/06/2010 العمر : 38 العمل/الترفيه : اعلام الي المزاج : عالي تعاليق : قبيح من الانسان من ينسى عيوبه
ويذكر عيبا في اخيه قد إختفى
ولو كان ذا عيب لما عاب غيره
ولو رأى الي عيوبه بها اكتفى
| موضوع: يمكن أن نقلب شهواتنا إلى عبادات ونرقى بها صابرين وشاكرين الأحد نوفمبر 07 2010, 15:03 | |
| الموضوع : العقيدة والإعجاز ـ ـ الشهوة " يمكن أن نقلب شهواتنا إلى عبادات ونرقى بها صابرين وشاكرين " ـ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي . بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا في رحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، الموضوع اليوم " الشهوة " ، . 1 – الشهوات سلَّم للرقيّ إلى رب الأرض والسماوات : أيها الإخوة ، بادئ ذي بدء : قد يتوهم واحد من الناس أنه لولا الشهوات لما كانت المعاصي والآثام ، وبالتالي لما كانت النار عقاباً لمن عصى لله في الدنيا ، والحقيقة الصحيحة أنه لولا الشهوات ما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات ، كيف نرتقي إلى رب الأرض والسماوات ؟ كيف نقبل عليه ؟ كيف نثق أنه يحبنا ؟ كيف نطمع برحمته ؟ كيف نناجيه إن لم ننضبط ؟ أعطانا شهوات ، أعطانا معها حرية الاختيار ، فأيّ شهوة يمكن أن تتحرك بسببها 180 درجة سمح لك بمئة درجة ، الدين كله ، الانضباط كله ، الصبر كله ، أن توقع حركتك مع هذه الشهوة ضمن الحيز الذي سمح الله به ، هذا إن أردت أن تضغط الدين كله . 2 – كلُّ شهوة لها قناة نظيفة : الإنسان يحب المرأة ، في أعماقِ أعماقه أودع الله في الإنسان حب الأنثى ، وفي أعماق الأنثى أودع الله فيها حب الرجل ، وهيأ قناة نظيفة طاهرة ، ترقى بالإنسان ، هي قناة الزواج ، فهذه الشهوة تلبَّى في هذه القناة . والإنسان أودع الله فيه حب المال بكل إنسان ، رسم له طريق لكسب المال الحلال طريق العمل ، طريق التجارة ، الصناعة ، الزراعة ، الوظيفة ، الخدمات ، الإرث ، الهبة ، الصدقة ، إنها طرائق عديدة لاكتساب المال ، كلها شرعية ، لكن هناك سرقة ، وغش ، واحتيال ، وتدليس ، وكذب ، هناك طرائق عديدة لكسب المال الحرام ، ما هو الدين ؟ أن توقع حركتك في الحيز الذي سمح الله به ، هذا المعنى أشارت إليه آية كريمة ، قال سيدنا شعيب : ( سورة هود الآية : 86 ) الذي تبقى لكم من كل شهوة الحيز الذي أباحه الله لنا من كل شهوة هو الذي يسعدنا ويسلمنا ، فلذلك قال الله عز وجل : ( سورة القصص الآية : 50 ) عندنا في أصول الفقه ما يسمى المعنى المخالف ، المعنى العكسي : ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾ الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه . هناك إنسان يلاحظ إنسانا يخطب فتاة ، وفي عقد القران هناك إشهار ، وإيجاب ، ووليّ ، وشهود ، ومهر ، وتهانٍ ، واحتفالات ، وهدايا ، لأنه أمرٌ مشروع ، ما هو عقد الزواج ؟ يفضي إلى علاقة جنسية بين الزوج وزوجته ، لكن لأنه وفق منهج الله يسمو به الإنسان ، يتزوج ، ويأتي ابن من هذه الزوجة يملأ البيت سعادة ، يكبر ، يتربى تربية عالية ، يصبح إنسانا ذا شأن ، داعية ، طبيبا ، أستاذا جامعيا ، تاجرا كبيرا ، صناعيا كبيرا ، تربى تربية إسلامية ، تربية أخلاقية ، تجده معطاء ، كريما ، منضبطا ، صادقا ، أمينا ، تجد هذه الأسرة أنجبت أولادا قمة في الكمال ، أساس المشروع كله علاقة جنسية ، والزنا علاقة جنسية ، لكنه سقوط وفضيحة وانهيار . مرة حدثني صديق طُرق بابه الساعة الرابعة فجراً ، فتح الباب فلم يجد أحدا ، حانت منه التفاتة نحو الأسفل فوجد كيسا يتحرك ، فيه طفل ولد لتوه من الزنا ، وضع في كيس أمام بيت طُرق بابُه ، ثم هرب الذي وضعه . أجريت موازنة ، حينما يأتي طفل من أب وأم ، من بيت فيه زواج مشروع ، تجد الفرح والتهاني والتبريكات والضيافة والهدايا ، والفرح يعم الأسرتين ، ولما يأتي هذا المولود من الزنا يكون وصمة عار وفضيحة وشيئًا لا يحتمل ، فالشهوة هي هي في الحالتين . أدق مثل أرويه : أن هذا البنزين في السيارة ، الوقود السائل إذا وضع في المستودع المحكَم ، وسال في الأنبوب المحكم ، وانفجر في الوقت المناسب ، وفي المكان المناسب ولّد حركة نافعة ، أقلّتك هذه السيارة أنت وأهلك في يوم جميل من أيام الربيع إلى الحدائق ، وسعدتَ بهذه النزهة ، ما الذي يجري ؟ انفجارات ، لكنها منضبطة وفق تصميم السيارة ، صفيحة البنزين نفسها صبَّها على السيارة ، أعطها شرارة ، أحرقت المركبة ومن فيها ، السائل هوهو ، كان حركة دافعة نافعة مسعدة ، فأصبح حركة مدمرة محرقة قاتلة ، هذه الشهوات ، فهي سلم نرقى بها أو دركات نهوي بها . قبل أيام دعاني أخ كريم من كبار علماء القرآن الكريم ، سنه فوق 95 ، قال لي : أنا في من أحفادي 13 دكتورا ، أساس العلاقة كلها علاقة جنسية ، هذه هي الشهوة . لولا الشهوات لما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات ، كيف أنت في الصلاة تخشع وتبكي ، لأنك في الطريق إلى المسجد مررت على عشرات الفتيات الكاسيات العاريات المائلات المميلات ، فغضضت البصر عنهن ، وقلت : إني أخاف الله رب العالمين ، لو ما الله أودع الله فيك الشهوة ، وحبِّ الأنثى ، وأن تمتع عينيك بمحاسنها ، ثم أمرك بغض البصر ، وغضضت البصر لا تستطيع في الصلاة أن تبكي . (( انظروا إلى عبدي ، ترك شهوته من أجلي )) . [ أخرجه ابن السني الديلمي في مسند الفردوس عن طلحة ] . سيدنا يوسف عبدٌ في بيت دعته امرأة ذات منصب وجمال ، سيدة القصر دعتْه إلى نفسها . ( سورة يوسف الآية : 23 ) . أودع في السجن ، فصار عزيز مصر . إذاً : دققوا لولا الشهوات لما ارتقينا إلى رب الأرض والسماوات ، لولا الشهوات لم تكن جنة ، ولولا الشهوات لم يكن نعيم مقيم ، لولا الشهوات لم يكن اتصال بالله ، لولا الشهوات لم يكن شعور بالتفوق ، أنت قوي ، وبإمكانك أن تفعل كل شيء ، لكن الله عز وجل قيّدك بمنهج . سأل أحدُهم سيدنا عمر ، قال له : << أتحبني ؟ قال له : والله لا أحبك ، قال له : هل يمنعك بغضك لي أن تعطيني حقي ؟ قال له : لا والله ، قال له : إذاً إنما يأسف على الحب النساء >> . إنسان غير المنضبط ينكل به ، لا تحبني ؟ ينكل به ، لكن سيدنا عمر لا يقدر لأن : (( الإيمان قيد الفتك )) . [ أخرجه البخاري عن أبي هريرة وأحمد ، و أبو داود عن معاوية ] . المؤمن قوي ، لكنه مقيد ، غني لكنه مقيد . إذا سافر رجلٌ مؤمن غني إلى بلاد الغرب لا يستطيع أن يفعل شيئًا ، يجلس بفندق ويأكل ، يزور المكاتب التجارية ، أكثر من هذا لا يستطيع ، لكن الغني غير المنضبط يسهر كل يوم سهرة حمراء ، وثاني يوم سهرة خضراء ، لأن المؤمن مقيَّد . (( الإيمان قيد الفتك )) . يرقى بهذا الشيء ، وما مِن واحد من إخواننا الكرام إلا كان أحد أسباب اتصاله بالله وظيفة أتيحت له ، لكن لا ترضي الله ، البضاعة محرمة ، العلاقة مشبوهة ، الأسلوب بالتعامل غير شرعي ، فيركل بقدمه الملايين المملينة ، ويكتفي بالآلاف المؤلفة ، يقول : هذا مال حلال ، ولولا الشهوات لم يمكن أن نرتقي إلى رب الأرض والسماوات . 3 – بالشهوات ترقى إلى الله صابرً وشاكرا : لكن الشهوات أيها الإخوة فيها شيء رائع جداً ، فيها رقي إلى الله مرتين . مثلاً : إذا كان المسلم يمشي في الطريق ، ومر على نساء كاسيات عاريات ، فقال : ﴿ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾ غض بصره عنهن ، يرقى إلى الله صابراً ، تزوج ، واختار فتاة ضمن طموحه ، جلس معها ، سعد بها ، ملأ عينيه من محاسنها ، يرقى إلى الله ، يصلي قيام الليل ، لأن هذا شيء مشروع . فأنت ترقى إلى الله صابراً ، وترقى إلى الله شاكراً ، مرة صابراً ، ومرة شاكراً . جاءتك وظيفة دخلها كبير جداً ، لكن أساسها إيذاء الناس ، أو إلقاء الرعب فيهم ، معاذ الله ، ثم أتيحت لك وظيفة بربع الدخل ، لكنه مال حلال ، في التعليم ، تقبض المال ، تشتري الطعام والشراب ، تأتي لأولادك بهدايا ، يفرحون ، يقبّلونك ، هذا المال هو هو ، بالحرام حجبك عن الله ، وبالحلال دفعك إلى الله . 4 – لابد للإنسان من حركةٍ في الحياة : قضية الشهوة إياكم أن تتوهموا أن الإنسان بالشهوة تزل قدمه ، أو يتوهم أنه لولا الشهوات ما كانت نار تحرق العصاة ، الشهوات لا بد منها ، الشهوة هي كالمحرك في السيارة . هذه الطاولة اتركها مئة سنة هنا ، لا تتحرك ، لأنه ما فيها شهوات ، أما الإنسان فقد أودع الله فيه حاجة إلى الطعام والشراب ، فهل تبقى جالسا في مكان واحد ؟ نريد أن نأكل ، يبحث عن عمل ، يدرس ، يتعين بوظيفة ، يداوم ، يعمل ، يأكل ، الشهوة قوة محركة ، ولولا الشهوات والله ما رأيت على وجه الأرض شيئا ، لا جسرا ، ولا جامعة ، ولا بناء ، ولا بستانا ، ولا زراعة ، ولا معملا ، ولا باخرة ، ولا سيارة ، لماذا تعمل ؟ لأنك مضطر أن تعمل من أجل أن تكسب المال ، من أجل أن تأكل ، لذلك من أوصاف ربنا البليغة للأنبياء على أنهم بشر ، وليسوا آلهة :
( سورة الفرقان الآية : 20 ) لمجرد أنك تأكل الطعام فأنت من بني البشر . ( سورة الفرقان الآية : 20 ) . هم مفتقرون إلى طعام يقيمون به أودهم ، ومفتقرون إلى مشيهم بالأسواق لكسب ثمن الطعام ، أنت تعمل من أجل أن تكسب المال ، من أجل أن تشتري به الطعام ، من أجل أن تأكل . إذاً : ما أودع الله في الإنسان الشهوات إلا ليرقى بها إلى رب الأرض والسماوات ، الشهوات سلم نرقى بها ، أو دركات نهوي بها ، قوة دافعة ، أو قوة مدمرة . 5 – كلّ شيء في الحياة حيادي : الفكرة الدقيقة جداً : لأنك مخير فكل شيء في حياتك حيادي ، كيف ؟ شهواتك حيادية ، وحب المال حيادي ، يمكن أن تكسبه من طريق مشروع ، وأن تنفقه في طريق مشروع ، فترقى به إلى أعلى عليين ، بالمال ، ويمكن أن تكسبه من طريق غير مشروع ، وأن تنفقه إنفاقا غير مشروع ، فتهوي به إلى أسفل سافلين ، والمال هو هُو . إنسان يبني مسجدا ، أو ميتما ، أو معهدا شرعيا ، أو مؤسسة خيرية ، يموت وهذا الخير يستمر إلى يوم القيامة ، وهو في صحيفته ، وقد يبني ملهى أحياناً ، أيضاً صدقة جارية ، لكن من نوع ثانٍ ، يموت ويمضى مئة سنة على موته ، كلما دخل واحد إلى الملهى كان وزرُه في صحيفته . والله مرة دُعينا إلى فتح مسجد في منطقة يعفور ، سبحان الله ! الذي بنى المسجد استقبلنا على الباب واحد واحداً ، دعا علماء دمشق ، وألقينا كلمات ، وقدّم لنا طعاما نفيسا ، أنا لا تغيب عني صورة وجهه المتألق ، يا رب هذا جامع ! يبدو أنه عمّره وحده ، ما أخذ مساعدة من أحد من الأرض ، والبناء ، والكسوة ، والأثاث ، وكل شيء ، سبحانك يا رب ! لحكمة بالغة لما انتهى الاحتفال خرجت من هذا المسجد إلى الطريق العام ، يقابل الطريق العام بالضفة الثانية ملهى ، بلغني أن فيه من الموبقات ما لا يوصف ، وأن صاحبه بعد افتتاحه بسبعة أيام مات ، قلت : يا رب ! واحد يرقى إلى أعلى عليين ، وواحد يهوي به إلى أسفل سافلين ، والعمليتين عملية شهوة ، والمال محبوب ، لكن أُنفق المال فيه بخلاف طبع الإنسان ، فهذا عمر مسجدا فارتقى بهذا المسجد إلى أعلى عليين ، والذي عمر ملهى أنفق ماله أيضاً ، المال شقيق الروح ، لكن هوى بهذا الإنفاق إلى أسفل سافلين ، هذه الشهوات .
من هنا يقول الله عز وجل :
( سورة الفجر ) . هذا الكلام ربنا عز وجل ما قبله ، هذا قول الإنسان : ﴿ فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾ .
( سورة الفجر ) . جاء الجواب :
( سورة الفجر الآية : 17 ) . هذه أداة ردع ونفي ، لا يا عبادي ، ليس عطائي إكراماً ، ولا منعي حرماناً ، الله أعطى المال لمن لا يحب ، أعطاه لقارون ، أعطاه لمن يحب ، أعطاه لسيدنا عثمان ، أعطى الملك لمن لا يحب ، أعطاه لفرعون ، أعطاه لمن يحب ، لسيدنا سليمان .
( سورة ص ) . فالشهوات حيادية . ﴿ فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾ الجواب : ﴿ كَلَّا ﴾ ليس عطائي إكراماً ، ولا منعي حرماناً ، عطائي ابتلاء ، وحرماني دواء ، كيف هو ابتلاء ؟ الله امتحنك بالمال ، فإما أن تنجح ، وإما ألاّ تنجح ، إذا أنفقته في طرق مشروعة ترقى به ، فصار سلماً ترقى به ، أما إذا أنفق في طرق غير مشروعة تهوي به إلى أسفل سافلين ، المال هو هُو ، كالبنزين هو هُو ، ولّد حركة نافعة ، أو دمر المركبة ومَن فيها . فهذه الشهوات هي قوى محركة ، تصور مركبة فيها محرك هي الشهوات ، فيها مِقود هو العقل ، فيها الشرع هو الطريق ، مهمة المحرك أن ينطلق بالسيارة ، مهمة العقل أن يبقيها على الطريق ، بطولتك أن تستخدم عقلك لتضبط حركة السيارة المندفعة بقوة المحرك ، أن تضبطها على الطريق . 6 – التفكر في الموت يضاعف السرعة إلى الله : والله مرة كنت في شيكاغو ، ففي المطار شريط متحرك ، وقفت عليه شيء مريح ، أنت واقف وهو يمشي ، فإذا مشيت عليه كانت السرعة مضاعفة ، وعلى اليمين حاجز ، وعلى اليسار حاجز ، سبحان الله ! كيف تمثل لي هذا الشريط بالتفكر بالموت ، التفكر في الموت يضاعف السرعة إلى الله ، ويمنعك أن تنزلق يمنة أو يسرى . ادرس وخذ الدكتوراه ، وأقِم مشروعا صناعيا كبيرا ، مشروعا زراعيا ، صل إلى منصب رفيع وفق منهج الله ، التفكر في الموت يضاعف سرعتك إلى الله ، والتفكر في الموت يمنعك أن تعصي الله ، العمل مطلوب . قال عمل لأحدهم : << مَن يطعمك ؟ شاب يتعبد الله في وقت العمل ، قال : أخي ، قال : أخوك أعبد منك >> . صدقوا أيها الإخوة ، حينما أرى شاباً يتقن عمل ، معه شهادة ، يتقن مهارة معينة ، يتقن حرفة معينة ، ويذهب إليها باكراً ، ويعود مساء ، وقد تعب ، والله الذي لا إله إلا هو هذا الشاب هو في عبادة ، أتى بمال وتزوج ، أنجب أولادا وأطعمهم ، وكساهم ، أكرم زوجته ، فقد حقق رسالته . سيدنا عمر يقول : << إني أرى الرجل لا عمل له يسقط من عيني >> .
وحينما نتحدث عن الجهاد فهناك جهاد النفس والهوى ، هذا الجهاد الأساسي والجهاد الدعوي هو الجهاد التعليمي . (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )) . [ أخرجه البخاري والترمذي عن علي أحمد ، وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن عثمان ] . والجهاد البنائي هو أن تطور عملك ، أن تطور خبراتك ، معلوماتك ، أن تنهض بحرفتك ، بمهنتك ، أن تكون في خدمة أمتك ، هذا الجهاد البنائي ، والدليل ، طبعاً الجهاد الدعوي دليله :
( سورة فصلت ) . الجهاد النفسي دليله :
( سورة العنكبوت الآية : 69 ) . الجهاد البنائي دليله :
( سورة الأنفال الآية : 60 ) . وآخر جهاد ، ظهر جديدا هو الجهاد الإلكتروني ، تدمير مواقع العدو ، وجهاد أخير هو الجهاد القتالي ، فإذا نجحنا في الجهاد النفسي وهو الأصل ، تعليم أساسي ، ثم نجحنا في الجهاد الدعوي ، في الدعوة إلى الله ، ثم نجحنا في الجهاد البنائي ، طورنا صناعاتنا ، استخرجنا الثروات ، أنشأنا السدود ، أصلحنا الأرض ، نمينا قدراتنا ، وخبراتنا ، اكتفينا بمنتجاتنا عن أن نستورد ، صدرنا ، اغتنينا ، هذا جهاد بنائي ، أعددنا قوة لأعدائنا ، طورنا أنفسنا ، صنعنا السلاح الذي يحمي كرامتنا وأرضنا وبلادنا ، هذا الجهاد جهاد بنائي ، وهناك جهاد دعوي ، وجهاد نفسي ، وجهاد إلكتروني ، وجهاد قتالي ، فإذا نجحنا في الجهاد الأول النفسي ، والجهاد الثاني الدعوي ، والجهاد الثالث البنائي يُنتظر أن ننجح في الجهاد القتالي ، أما أن نذهب مباشرة إلى القتالي فلا ينجح . قدّم رجلٌ أميّ طلبا إلى جامعة السربون حتى يعطوه درجة دكتوراه ، اذهب وتعلم القراءة أولاً ، هو أميّ لا يقرأ ولا يكتب ، فوراً إلى الدكتوراه باللغة الفرنسية ، ودكتوراه دولة أيضاً يريدها . الجهاد قبل الإعداد الدقيق ، قبل إنشاء جيل مؤمن ، ملتزم ، مستقيم ، شهواته تحت قدمه ، يعبد الله ، لا بد من هذه الشروط : ﴿ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ هذه الشهوات لا أحد يتأفف منها ، لولا الشهوات لا نرقى إلى رب الأرض والسماوات ، كل واحد من الشباب الأكارم ما سر إحساسهم أن الله يحبهم ، لأنه ضابط نفسه لأنه ، ضابط عينه ، ضابط لسانه ، ضابط أذنه ، ضابط ماله ، لا يأكل مالا حراما ، ضابط إنفاقه ، ما دام ضبط سمعه ، وبصره ، ولسانه وإنفاقه ، وحركته ، ويده ، ورجله ، لذلك الله عز وجل يكرمه في الدنيا والآخرة . فالشهوات طريقنا إلى الله ، لكن كلمة شهوات يُظن أنه شيء قميء ، لا ، الإنسان كلما ارتقى مع الله ترتقي شهواته ، كان يحب المرأة فصار يحب الحق ، يحب البطولة ، يحب التضحية ، يحب الفداء ، يحب الالتزام ، يحب أداء العبادات بشكل متقن ، يحب إنفاق المال ، يسميها علماء النفس تصعيد الأهواء ، كان يحب الدرهم والدينار ، إذاً : به يحب الإنفاق .
وبالمناسبة دخلنا إلى موضوع دقيق : أنت معك طبع ، ومعك تكليف ، ولحكمة بالغة بالغةٍ بالغة الطبع يتناقض مع التكليف .
( سورة النازعات ) . الطبع أن تنام ، أن تبقى نائماً في السرير الوثير ، في فصل الشتاء ، البرد شديد ، والفراش دافئ ، والغطاء يعطي الدفء ، أنت مرتاح ، الطبع أن تبقى نائماً ، والتكليف أن تنزع الغطاء من جسمك ، وتتوضأ بالماء البارد فتصحو ، وتصلي ، الطبع يناقض التكليف ، الطبع يقتضي أن تأخذ المال ، والتكليف أن تنفقه ، الطبع يقتضي أن تملأ العين من محاسن امرأة لا تحل لك ، والتكليف أن تغض البصر ، الطبع أن تخوض في فضائح الناس ، والتكليف أن تضبط لسانك ، هذه الشهوات هي سبب الرقي إلى الله عز وجل ، واللهُ عزوجل يباهي الملائكة بالشاب التائب ، يقول : انظروا عبدي ترك شهوته من أجلي . صدقوا أيها الإخوة ، صدقوا أيها الشباب ، ما من شيء أحب إلى الله من شاب تائب ، إن الله عز وجل يباهي به الملائكة . سيدنا يوسف لو خضع لعرض امرأة العزيز هل صار سيدنا يوسف ؟ لا أحد كان يعرفه ، ما الذي ارتقى به وقال : ﴿ مَعَاذَ اللّهِ ﴾ والله هناك من المواقف أيها الإخوة شيء صعب أن تتصوره ، تنعم بهذا الموقف إلى أبد الآبدين ، لأنه موقف شريف . إذاً : الطبع يناقض التكليف ، لكن التكليف يتوافق مع الفطرة ، والطبع يتوافق مع الجسم ، الجسم يحتاج إلى راحة ، فيميل إلى النوم ، أما الفطرة تحب أن تكون على صلة وثيقة بالله عز وجل فتستيقظ ، وهكذا . حينما تفهم الشهوات قوى دافعة ، ولا ينبغي أن تكون قوى مدمرة تكون فقيهاً . النقطة الدقيقة : لما تجد في القرآن تحريما كيف تفهم التحريم ؟ حقل واسع مكتوب على لوحة : حقل ألغام ، ممنوع التجاوز ، أنت كإنسان مدني ، وحضاري ، هل تشعر بحقد على من وضع هذه اللوحة ؟ أبداً ، بالعكس ، تكون ممتنا لمن وضعها ، لأن واضع اللوحة حريص على سلامتك ، لمجرد أن تراها حداً لحريتك فأنت لست بفقيه ، أما إذا علمت علم اليقين أنها وضعت ضماناً لسلامتك فأنت فقيه . أيها الإخوة ، إذاً : موضوع الشهوة موضوع دقيق جداً ، هو سر اتصالك بالله ، هو سر فوزك بالجنة ، هو سر دخولك الجنة ، هو سر قربك من الله ، هو سر إقبالك على الله ولو أن كائنا لا يشتهي شيئاً كيف يتقرب إلى الله ؟ فالله سبحانه وتعالى جعل هذه الشهوات سلماً نرقى بها إلى رب الأرض والسماوات ، ولكن مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن يكون في الإسلام حرمان .
الحقيقة الآن الدقيقة : ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل قناة نظيفة تسري خلالها ، فالإنسان يحب أن يكون له شأن ، أن يكون له مكانة ، متفوق في القمة ، لا في الحضيض ، باختصاص ، بعلم ، بحرفة ، بدخل ، بصنعة ، بمنصب ، بشكل ، بوسامة ، ببيت ، بمركبة ، بحب التفوق ، هذا ميل ، وشهوة ، وحاجة أساسية ، يمكن أن تتفوق في معرفة الله ، وفي العمل الصالح ، وفي الدعوة إليه ، وفي نشر الحق ، يمكن أن تكون في قلوب الآلاف ، بل الملايين ، بل مئات الملايين ، ويمكن أن يشار إليك بالبنان ، حينما ينغمس في شهوات منحطة ، كشخص فتح ملهًى ، يتفنن بعرض الموبقات على رواد هذا المكان ، أيضاً يشار له بالبنان ، دخله فلكي ، بيته فخم جداً ، مركبة رائعة ، وأساساً أعلى دخل في العالم دخل تجار المخدرات ، يسكن بيتا هو قصر ، فيه خمسون سيارة ، وطائرة خاصة ، تاجر مخدرات ، هذا علو ، لكن الميل حيادي ، يمكن أن ترقى به ، أو أن تهوي به . فتأكيد الذات ، أن تشعر بأهميتك ، أن تتوق إلى العلو ، إلى التفوق ، هذا حيادي ، هناك طريق مشروع للتفوق ، وطريق مشروع للسقوط . هل أمرُ سيدنا صلاح الدين شيء قليل ؟ قائد مسلم يواجه 27 جيشاً أوربياً ، ويفتح القدس ؟! هل أمرُ سيدنا عمر قليل ؟ هناك أعلام ، هؤلاء أكدوا ذاتهم ، وارتقوا في سلم العظماء ، وأسماءهم في لوحة الشرف . يقف أحدهم أمام سيدنا رسول الله ، بعد قليل ينتقل إلى مقام سيدنا الصديق ، هل مقام الصديق شيء قليل ؟ (( ما طلعت شمس على نبي أفضل من أبي بكر )) . [ ورد في الأثر ] أكد ذاته ، تفوق في خدمة الدعوة ، وأبو جهل أكد ذاته في المعارضة ، فأصبح في مزبلة التاريخ ، فأنت تؤكد ذاتك بالخير ، فيشار إليك بالبنان وتؤكد ذاتك لا سمح الله ولا قدر بالشر ، ويشار إليك بالبنان . الأقوياء في العالم ، كهتلر سبّب حربين عالميتين ، كل حرب فيها خمسون مليون قتيل ، وخمسون مليون معاق ، مئة مليون ، الذي ألقى قنبلة على هيروشيما ونكازاتي شخص مهم جداً ، أخذ قرارا ، مات 300 ألف في ثلاث ثوان ، والحرب انتهت بهاتين القنبلتين . إنّ تأكيد الذات حيادي ، التفوق حيادي ، هناك تفوق بعمل ساقط ، تقول الراقصة : الله وفقني في هذه الرقصة ، عمل ساقط ، وهناك كتاب أدب إباحي ، وهناك إقبال على كتبهم بشكل عجيب ، وكتّاب الأخلاقيين كتبهم في أعلى مستوى ، الأمرُ حيادي ، تأكيد الذات حيادي ،و حب المرأة حيادي ، يمكن أن تكون أسعد زوج ، ولك منها ذرية صالحة . أحياناً الذي في سن 60 ـ 65 ـ 70 عنده 25 حفيدا ، هذا طبيب ، هذا مهندس ، هذه البنت داعية كبيرة ، تزوجت ، لها أولاد ، ربت بناتها ، كلهم مِن رجلٍ واحد ، والعملية كلُّ أساسها شهوة ، أساس هذا الزواج مشروع شهوة ، لكن وفق منهج الله ، أقمت أسرة ، وأنجبت أولادا ، وبنات ، ولك أصهار ، وأحفاد ، وذرية ، هذه أساسها شهوة ، والتفوق أساسه شهوة ، لكن هذه الشهوات حيادية ، يمكن أن نرقى بها إلى أعلى عليين ، ويمكن أن نهوي بها إلى أسفل سافلين ، لا أحد يتألم من كلمة شهوة ، طريقنا إلى الله ، إما بالكف أو بالممارسة ، تعمل لتكسب مالا حلالا ، تشتري بذلة للعيد ، تدخل إلى البيت لتزور أقرباءك ، ما هذه الأناقة ! هذه شهوة ، لكنها مشروعة . (( أصلحوا رحالكم ، وحسنوا لباسكم ، حتى تكونوا شامة بين الناس )) . قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَنَا : (( إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ وَلِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا فِي النَّاسِ كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ )) . [ أحمد ] فيا أيها الإخوة الكرام ، الشهوة أحد أهم مقومات التكليف ، من أجل أن تصل إلى الله ، أن تصل إلى الجنة ، أودع الله فيك الشهوات ، لترقى بها مرتين مرة صابراً ، ومرة شاكراً إلى رب الأرض والسماوات ، وما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها .
أيها الإخوة ، ننتقل لموضوع في الإعجاز كمقدمة لا بد من ذكرها . 1 – لكل نبي معجزة دالة على صدق رسالته : النبي عليه الصلاة والسلام أرسله الله للشعوب والأمم كافة .
( سورة الأنبياء ) . أما الأنبياء السابقون فكل نبي لقوم ، لذلك اقتضت حكمة الله أن تكون معجزة النبي التي هي شهادة الله لعباده أنه رسوله . 2 – معجزة الأنبياء السابقين حسية : سابقا كانت المعجزة حسية : معجزة سيدنا موسى : سيدنا موسى :
( سورة الأعراف ) . ضرب البحر بعصاه فأصبح طريقاً يبساً . سيدنا إبراهيم : سيدنا إبراهيم ألقي في النار فلم يحترق .
( سورة الأنبياء ) . سيدنا عيسى :
( سورة آل عمران الآية : 49 ) . هذه معجزات ، هذه شهادة الله لأنبيائه ورسله أنهم أنبيائه ورسله . 3 – معجزة النبي هي القرآن ، لأنه رسولٌ للعالمين : لكن لأن النبي عليه الصلاة والسلام بعثته لكل الأمم والشعوب ، ولآخر الزمان ، وكتابه كتاب الخاتم ، فلابد من شهادة مستمرة ، وهناك شهادة منقطعة كتألق عود الثقاب ، تألق مرة وانطفأ ، أصبحت خبراً يصدقه من يصدقه ، ويكذبه من يكذبه ، ولكن بعثة نبينا عليه الصلاة والسلام لكل الأمم والشعوب ، وكتابه كتاب خاتم ، إذاً : لا بد من أن تكون المعجزة علمية عقلية ، من هنا كان الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ، من هنا ورد في القرآن إشارات علمية اكتشفت قوانينها بعد 1400 عام ، وقد قال الله عز وجل :
( سورة فصلت الآية : 53 ) . هذا الذي حصل .
هناك نقطة دقيقة : أن كل خلية في جسم الإنسان لها عمر ، أقصر عمر 48 ساعة ، هذه خلايا بطانة الأمعاء ، الطبقة التي تمتص الكيلوس ، خلاصة الطعام ، هذه زغابات الأمعاء الداخلية ، هذه خلاياها أقصر خلية في جسم الإنسان ، عمرها 48 ساعة ، فأنت أيها الإنسان كل 48 ساعة تتجدد خلايا الأمعاء عندك ، أطول خلية العظمية تتبدل كل خمس سنوات ، فأنت بأكملك جملة وتفصيلاً ، بشعرك ، بجلدك ، بعظامك ، بعيونك ، بآذانك ، بلسانك ، بأنفك ، بالمريء ، بالقصبة الهوائية ، بالرئتين ، بالقلب ، بالمعدة ، بالأمعاء ، جملة وتفصيلاً تتبدل تبدلا كليًّا كل خمس سنوات ، لكن لحكمة بالغة بالغةٍ بالغة خلايا الدماغ لا تتبدل ، لو تبدلت لكانت الطامة الكبرى ، يقول الرجل : والله كنت طبيبا ، سبحان الله ! رجع أميًّا ، كنت مهندسا ، كنت خياطا ، المهارات أين هي مودعة ؟ في الدماغ ، الذاكرة ، من أنت ؟ لا أعرف ، ابنه ، انتهى لتبدل خلايا الدماغ ؟ ما عرف أولاده ، يقول : من أنتِ ؟ ابنته ، لا يعرفها ، أين هويتك ؟ لو تبدلت خلايا الدماغ فما مِن شيء اسمه علم ، ولا ذاكرة ، ولا خبرة ، ولا مهارة ، ولا قدرة ، كله ينتهي ، هذه حكمة مَن ؟ قدرة مَن ؟ رحمة مَن ؟ الذاكرة ثابتة . لكن الله أحياناً ، سبحانك يا رب ، يحدِث حالات نادرة لتأكيد هذه القاعدة ، أحيانا يحدُث للإنسان فقدُ ذاكرة جزئيٌّ . حدثني أخ كريم ، قال لي : أبي عنده معمل ، فخرج من معمله إلى البيت ، قال لي : بقي ساعتين ما عرف أين بيته ، ابنه ساكن في منطقة الجسر الأبيض ، تذكّر بيت ابنه ، جاء إليه ، فال له : أين بيتي ؟ رجلٌ آخر فقدَ ذاكرته ، جاء ابنه من أمريكا قال له : من أنت ؟ هذه الذاكرة الله عز وجل في حالات نادرة يعرّفك بقيمة دماغك ، دماغك فيه ذاكرة ، الذاكرة بحجم حبة العدس ، تتسع لسبعين مليار صورة . مرة صار تفجير بمدينة عربية بفندق ، طبعاً لمحته بالأخبار ، زرت هذه المدينة بالفندق نفسه ، هذا الفندق نفسه ، الصورة تلتقطَ في ثانية ، تصور من خمس سنوات الصورة محفوظة في الدماغ ، فلما تطابقت الصورة قلت : هذا الفندق نفسه . فالذاكرة شيء عظيم جداً ، والدماغ لا يتغير ، طمئن نفسك ، ذاكرتك ، خبراتك معلوماتك ، أصدقائك ، أولادك أقرباؤك ، قدراتك العامة ، مهاراتك كله محفوظ بذاكرتك . هناك طرفة : دخل رجلٌ إلى الجامع ، يضع حذاءه ، له محل بدماغه ، الدليل أنه قد يكون في حديث حميم مع صاحبه ، فيدخلون إلى الجامع لا يتركز بذهنه أين محل حذائه ، ينسى أين وضعه ؟
والله إنها آيات مذهلة دالة على عظمته ، واضحة جداً ، لكن يقول الإنسان : أنا لي عشرون سنة ، خلايا القلب أيضاً لم تتغير ، لماذا ؟ لا أعلم ، القلب هو هوَ ، لما تأتي آية قرآنية :
( سورة الحج الآية : 179 ) . الله أعلم ، ثم اكتشف أن القلب موطن الأحاسيس والمشاعر والأذواق ، كيف عُرف هذا ؟ بعد ما زرعوا 73 قلبا من إنسان لإنسان ، كل مشاعر وهوايات الذي أُخذ القلب منه انتقلت لمن أُخذ القلب إليه ، هذا إن شاء الله في درس قادم سأشرحه لكم بالتفصيل ، هذا إنجاز علمي كبير . إذاً : حينما قال الله عز وجل : ﴿ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا ﴾ هذا القلب في قوة إدراكية ، القلب الصنوبري ، المضخة في خلايا عصبية إدراكية تفوق الخلايا الدماغية بخمسمئة ضعف ، وهي تأمر القلب ، هذا إنجاز علمي عمره قريب جداً . والحمد لله رب العالمين | |
|