كلام الخاطر مرتبة
الجنس : عدد المساهمات : 9 نقاط : 25 السٌّمعَة : 1
تاريخ الميلاد : 01/06/1986 تاريخ التسجيل : 30/06/2010 العمر : 38 العمل/الترفيه : اعلام الي المزاج : عالي تعاليق : قبيح من الانسان من ينسى عيوبه
ويذكر عيبا في اخيه قد إختفى
ولو كان ذا عيب لما عاب غيره
ولو رأى الي عيوبه بها اكتفى
| موضوع: أعظم عطاء إلهي للإنسان أن يملك رؤيا صحيحة ، عبادة التفكر الأحد نوفمبر 07 2010, 14:30 | |
| السلام عليكم ارجو ان لا اكون ثقيلة عليكم و ارجو ان ينفعكم هذا المقال ان شاء الله تابع الموضوع : العقيدة والإعجاز ـ (35) : أعظم عطاء إلهي للإنسان أن يملك رؤيا صحيحة ، عبادة التفكر ـ الأحد 29/ 06/ 2008 ـ لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي . بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الأخوة الأكارم ، مع الدرس الخامس والثلاثين من دروس العقيدة والإعجاز ، ونحن في موضوعات نشرح قضايا الإيمان ، أول حقيقة الإنسان يقوم بأعمال إرادية بإرادته ، باختياره ، وهناك أعمال تجري في جسمه لاإرادية ، ضربات قلبه لاإرادية ، تنفسه في الليل لاإرادي ، عمل الأجهزة لاإرادي ، الله عز وجل لكرمه وحكمته أعفانا من آلاف الأعمال ضمن الجسم ، الهضم ، والتمثل ، ووظائف هضمية وتنفسية وكيماوية لا تعد ولا تحصى كلها أعمال لاإرادية ، أنت تأكل وانتهى الأمر ، أما الطعام انتقل من مكان لمكان بعد المعدة انتقل إلى الاثني عشر ، الصفراء صبت بعض مفرزاتها ، البنكرياس صب ، الكبد عمل ، هذا شيء أعفاك الله منه ، لو كلفك أن تقوم به تحتاج أربع خمس ساعات بعد الطعام للهضم ، لو كلفك تقوم بضربات القلب يجب ألا تنام ، تنام تموت ، لو كلفك بالتنفس شيء لا يحتمل ، التنفس ، ضربات القلب ، الهضم ، أعمال لا تعد ولا تحصى لاإرادية أعفاك الله منها ، لكن لك أعمال إرادية تختارها أنت .
السؤال الآن كيف تختار العمل ؟ لماذا ذهبت إلى فلان ، لماذا لبيت هذه الدعوة ، لماذا أقمت دعوى على فلان ؟ لماذا سافرت إلى هذا المكان ؟ لماذا تزوجت هذه المرأة ؟ لماذا تكلمت كلاماً بخلاف الواقع ؟ هناك أعمال إرادية هذه الأعمال الإرادية ما الباعث لها ؟ الباعث لها رؤيا ، يعني السارق ماذا رأى ؟ رأى أنه إذا سرق سيأخذ مالاً وفيراً بلا جهد ، ويظن أنه أذكى من كل من حوله وغاب عنه أنه بعد حين يصبح في قبضة العدالة ويحاسب حساباً عسيراً . العمل قبله في رؤيا والعمل يرافقه ميل ، رؤيا وميل ، والميل متعلق بالرؤيا ، البطولة أن تكون الرؤيا صحيحة ، فكل إنسان يغش المسلمين ماذا رأى ؟ عندما يبيع بضاعة بلصاقة من دولة كبيرة جداً ومتفوقة جداً يأخذ ضعف ثمنها استطاع أن يقنع الناس أن هذه البضاعة صنع الدولة الفلانية بلصاقة وضعها على هذا القماش ، طبعاً هناك لصاقات عن طريق المكواة تصبح صنع فرنسا (( Made in France، والقماش من أسوأ أنواع الأقمشة ، هذا الذي غش ما الذي رأى ؟ رأى أن الغش عمل ذكي وفيه دخل كبير . صدقوا أيها الأخوة ، ما من حركة تتحركها ، ما من موقف تقفه ، ما من كلام تقوله ، ما من ابتسامة تبتسمها، ما من تجهم تتجهمه ، ما من صوت ترفعه ، ما من مودة تظهرها إلا وراءها في رؤيا والرؤيا يرافقها الميل والحب ، هذه الحقيقة الأولى .
الآن من هو المؤمن ؟ الذي صحت رؤيته ، أعظم عطاء إلهي أن تملك رؤيا صحيحة ، المرابي ، على الآلة الحاسبة أقرض هذا المليون سيأتيه مليون و مئتي ألف أما بالقرآن : (سورة البقرة :276) الله عز وجل إن صحّ التعبير خياراته في معاملات خلقه لا تعد ولا تحصى ، ينتظرك لتجمع أموالاً طائلة ثم يتلفها في حريق ، ينتظرك لتجمع أموالاً طائلة فتؤخذ منك مصادرة لخطأ ترتكبه دون أن تنتبه ، أنت في قبضة الله ، أنا الذي أراه بطولة المؤمن ، عظمة المؤمن إن صحّ التعبير أنه يملك رؤيا صحيحة ، لا يوجد بحياته مفاجآت ، لا يوجد دمار ، لا يوجد عمل ينهيه لأنه يرى أن طاعة الله خير كلها . (( استقيموا ولن تحصوا )) . [ ابن ماجه عن ثوبان ] يرى أنه إذا وقف عند حدود الله ضمن السلامة ، وأنه إذا فعل الخير ضمن السعادة ، وانه إذا ربى أولاده ضمن المستقبل ، رؤيته صحيحة ، لذلك أيها الأخ الكريم أنت حينما تأتي إلى بيت من بيوت الله كي تتعلم ، أنت تقوم بأعظم عمل تقوم بعمل ، اسمه في عالم الاقتصاد استثماري تستثمر هذه الساعة كي تعرف الحقيقة ، كي تتحرك في اليوم التالي وفق ما سمعت ، يعني معظم الناس يُدمرون بفعل وراءه رؤيا خاطئة ، أحياناً الإنسان يفكر بعيداً عن منهج الله بل إني أقول إن كل إنسان لا يدخل الله في حساباته هو من أغبى الأغبياء ، ومن أحمق الحمقى ، لأن القوى المطلقة في الكون التي بيدها كل شيء تجاهلها وتوهم نفسه قوياً وأخذ ما ليس له ، فجاء العقاب الأليم لذلك أنت حينما تحضر درس علم تتعلم فيه أحكام هذا الدين العظيم ، أنت تضمن سلامتك وسعادتك في الدنيا والآخرة .
أنا يمكن أن أطرح عليكم آلاف المشكلات المهلكة سببها جهل ، أنا أذكر أن أول خطبة ألقيتها في هذا المسجد عام أربع وسبعين ، انتهيت من الخطبة التقى بي إنسان في صحن المسجد وصار يبكي بالخامسة والخمسين ، سألته عن السبب ، قال زوجتي تخونني ، قلت له : مع من ؟ قال : مع جاري ، كيف عرفها جارك ؟ قال : مرة زارني الجار ، وأنا أشفقت عليها أن تبقى وحدها في غرفتها ، فدعوتها إلى أن تسهر معنا ، يبدو لفتت نظره كان ودوداً في غياب زوجها ، طرق الباب فتحت له ، بدأت المشكلة ، لو حضر درس علم واحد ويعلم أحكام الشريعة ما فعل هذا ، قصص كثيرة جداً ، بل إني أرى أنه ما من مصيبة على وجه الأرض من آدم إلى يوم القيامة إلا بسبب خروج عن منهج الله ، وما من خروج عن منهج الله إلا بسبب الجهل ، والجهل أعدى أعداء الإنسان ، وأزمة أهل النار في النار هي الجهل :
( سورة الملك ) . في رؤيا ، تحضر إلى هنا من أجل أن تصح رؤيتك ، تحضر إلى هنا من أجل أن ترى الحق حقاً والباطل باطلاً ، تحضر درس العلم من أجل أن ترى منهج الله هو الطريق الأمثل والموصل إلى السلامة والسعادة ، لكن الله عز بكرمه وفضله أعاننا ، كيف أعاننا ؟ حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان ، الإنسان إذا عمل عملاً صالحاً يشعر براحة نفسية ، يشعر بتألق ، بسعادة ، فإذا عمل عملاً سيئاً يشعر بقلق ، من أين جاء القلب ؟ هو أن فطرة الإنسان متوافقة توافقاً تاماً مع منهج الله ، فأي شيء أمرك الله أن تفعله برمجك على محبته ، وأي شيء نهاك الله أن تفعله برمجك على بغضه ، لذلك في فندق بألمانيا كتب على السرير إذا لم تنم هذه الليلة فالعلة ليست في فراشنا إنها وثيرة ولكن العلة في ذنوبك إنها كثيرة .
الإنسان مهما كان منحرفاً حينما يعصي الله يشعر بضيق بقلق ، لذلك الذين يبنون عملهم على إيذاء الناس ، وعلى نهب أموالهم ، وعلى إلقاء الرعب في قلوبهم ، هؤلاء أشقى الناس في بيوتهم ، اختل توازنه بفطرته يدرك أنه يبني عمله على إيذاء الناس ، أو على إلقاء الرعب في قلوبهم ، أو على ابتزاز أموالهم ، في حساب دقيق حساب الفطرة ، أخ روى لي قصة : في لبنان إنسان يقود مركبة بعد الساعة الثانية ليلاً يبدو آب في الصيف أرسل رجل ابنه ليشتري له حاجة من السوق فدهس هذا الطفل ، ومات فوراً والساعة الثانية ليلاً وما من أحد ، سُجل هذا الضبط ضد مجهول ، والذي دهس هذا الطفل نجا من أي عقاب من قبل الدولة ، أكثر من أربعين يوماً ما استطاع أن ينام الليل ، ثم ذهب إلى طبيب نفسي وحدثه عما جرى فقال له لابدّ من دفع الدية لأهله من أجل أن تنام ، في حساب دقيق لأن الله :
(سورة الحجرات)
أيها الأخوة ، نحن في أمس الحاجة إلى أن تصح رؤيتنا ، إن صحت رؤيتنا صح عملنا ، وإن فسدت رؤيتنا فسد عملنا ، وينبغي أن تصحح رؤيتنا من خلال الكتاب والسنة ، مثلاً قال تعالى : ( سورة الأحزاب) هل ترى أنت أن طاعة الله وطاعة رسوله هو الفوز العظيم ؟ قد تعرض عليك صفقة أرباحها فلكية ، لكن البضاعة محرمة أو مفسدة أو تسهم في إفساد المجتمع أحياناً ، أنت حينما تركلها بقدمك وتستغني عن كل هذا الربح معنى ذلك أن رؤيتك صحيحة وأن رؤيتك متطابقة مع منهج الله ، وحينما ترى أن هذا المال الوفير لن تستطيع أن تفوته وأن الله غفور رحيم ، هذه بلوى عامة ، الإنسان لما يرتكب معصية يفلسفها ، يعطيك فلسفة لا تقبل عند الله إطلاقاً ، فحينما يأتي العقاب الإلهي تأتي المعالجة الإلهية يندم أشد الندم ، لذلك الحديث الشريف : (( مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ ، وَأَعْطَى لِلَّهِ ، وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدْ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ )) . [ أبو داود عَنْ أَبِي أُمَامَةَ] تحب وفق منهج الله .
هناك حب مع الله ، و حب في الله ، الحب في الله عين التوحيد والحب مع الله عين الشرك ، الحب في الله أن تحب رسول الله فرع من محبة الله ، أن تحب أصحابه جميعاً فرع آخر من محبة الله ، أن تحب التابعين وتابعي التابعين والعلماء العاملين والفقهاء والعلماء الربانيين ، أن تحبهم جميعاً أن تحب أهلك : (( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة )) . [ ورد في الأثر ] . أن تحب زوجتك هذا فرع من محبة الله وفق منهج الله ، هذه التي أكرمك الله بها ، هذه التي أمرك الله أن تكرمها . (( أكرموا النساء ، فو الله ما أكرمهن إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم ، يغلبن كل كريم ، ويغلبهن لئيم ، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً )) . [ ورد في الأثر ] .
أيها الأخوة ، من أحب لله ، من أبغض لله ، من أعطى لله ، من منع لله ، من وصل لله ، من قطع لله ، يعني جاءت مقاييسه ، جاءت رؤيته متوافقة مع مقاييس القرآن الكريم ، يا أخي عندنا قضية إذا تعارض حُبان ماذا نفعل ؟ الإنسان دائماً يتبع الحب الأقوى ، يعني شاب عصامي ، والده فقير ، دخل إلى المدارس ، دخل جامعة ، كل طموحه ومستقبله أن ينال شهادة عليا يتعين بها بمنصب رفيع ، له دخل وفير يحقق له زواجه وشراء بيت ومكانة اجتماعية مرموقة ، هذا الشيء يحبه كثيرة ، يكون له مستقبل ، يكون شيئاً مذكوراً ، يكون له مكانة ، دخله معقول ، حاجاته مؤمنة ، هذا شيء أحبه هذا الشاب كثيراً ، تصور مستقبلاً يحمل دكتوراه ، له بيت فخم ، سيارته على الباب ، زوجته كما يتمنى ، مثقف ثقافة عالية ، مكانته الاجتماعية عالية ، هناك أشياء أخرى يحبها أن يسهر مع أصدقائه ، أن يذهب إلى النزهات ، أن يأكل أطيب الطعام ، حبه لمستقبله يغلب عليه يعتذر عن آلاف الدعوات وعن آلاف السهرات وعن آلاف الأشياء الممتعة ، حبه لمستقبله المتألق أكبر من حبه لهذه اللذائذ الطارئة والتي تزول بعد انتهائها . الآن النوم محبب لكن حبّ الله أكبر ، فيستيقظ المؤمن أحياناً في الصيف الثالثة والنصف (الفجر) ، نائم الساعة الواحدة ، ساعة ونصف يستيقظ يغلب عليه حب الله ، أحياناً دخله محدود يحب الله كثيراً فيدفع جزءاً منه صدقة ، هذا المال الذي دفعه هو بحاجة إليه ويحب المال ، المؤمن وأي إنسان يحب المال لكن حبه لله غلب عليه فأنفق هذا المال ، لذلك إذا تعارض حُبان المؤمن في الأعم الأغلب يتبع الحب الأقوى ، الأقوى أن يحب الله وهذا معنى الآية الكريمة :
( سورة النازعات) هناك هوى وهناك طاعة لله ، والآية الكريمة : ( سورة القصص الآية : 50 ) . ( سورة القصص الآية : 50 )
أيها الأخوة ، لماذا الإيمان ضروري جداً ؟ عامة الناس تكون صحته جيدة في مقتبل حياته ، له عمل تجاري كبير ، دخله كبير ، ما عنده مشكلة أبداً ، لا يشعر بحاجة إلى التدين ، يشعر بحاجة إلى السرور ، إلى الراحة يسهر ، يسافر ، صلواته ضعيفة ، أذكاره قليلة ، لكن يستمتع بالحياة كما يتمنى ، مكان عام فيه طاولات عليها خمر لا يوجد مشكلة ، هناك نساء كاسيات عاريات لا يوجد مشكلة ، يحب الاستمتاع في الحياة ، هذا عنده نقص معلومات كبير لا يشعر بحاجة إلى الدين ، ما عنده مشكلة فمثل هذا الوهم سببه الجهل ، بأي لحظة الله عز وجل يجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق ، بأي لحظة ، خثرة دم لا تزيد عن رأس دبوس تتجمد في أدق الأوعية في الدماغ الإنسان يصاب بالشلل ، أو يصاب بالعمى ، أو يصاب بفقد الذاكرة ، فالإنسان تحت ألطاف الله ، قطر شريانه التاجي سبب نشاطه إذا ضاق قليلاً عملية قلب مفتوح ، زرع شرياناً ، دخل في متاهة كبيرة ، إذا شعر بمكان في جسمه متورم لا ينام الليل لعله ورم خبيث هو الذي يقضي على حياته ، الإنسان عنده وهم أحياناً حينما لا يشعر بحاجة إلى الله في أي لحظة أنت في قبضته ، ولله على الإنسان ألف سبيل وسبيل ، من صحته ممكن ، من عمله ، من بيته ، من زوجته ، من أولاده ، من الطريق ، من حادث سير ، حادث سير واحد يجعل حياة الإنسان جحيماً ، شاب في مقتبل حياته عمل حادثاً شلّ نصفه السفلي ، عمره ست وعشرون سنة ، الحياة كلها أخطار من جميع الجهات فالذي يشعر أنه لا يحتاج إلى الدين ، أنا أقول لكم هذا شعور معظم الناس ، الدليل لا يستقيم ، لا يوجد عنده شيء حرام كله مقبول ، كله يقول لك عادي ، كنا بسهرة عادي ، فيها معصية كبيرة ، كنا في مكان في معصية أكبر ، عادي ، ما معنى عادي ؟ شرعي ؟ الآن كلمة مستحدثة يقول لك عادي ، تمشي بكل مفاتنها ظاهرة عادي ، ما معنى عادي ؟ أنا هذه الكلمة أعجب منها أشد العجب ، هذه زوجتك كل مفاتنها ظاهرة في الطريق ، عادي ، يعني عادي أنت معفى من تطبيق الشرع ، ما معنى عادي ؟ هكذا يقول الناس ، سآتي بمثل ، الآية الكريمة : ( سورة يونس )
مرة روى لي أحد الأخوة الكرام كان مضيف في طائرة والطائرة دخلت في سحابة مكهربة ، وتحطمت مقدمتها ، واختل توازنها ، وكان احتمال سقوطها بالمئة تسعة وتسعين ، يصف لي الركاب ، يضربون وجوههم ، يمزقون ثيابهم ، يصرخون بويلهم ، خرجوا من مقاعدهم ، أربكوا الطيار ، الطيار غضب غضباً شديداً هو يحتاج إلى هدوء كي يتصرف ، فأمر كبار المضيفين أن يهدئهم قال ما قبلوا ، لا أستطيع ، قال ابحث عن راكب محترم لينب مكانك ، قال رأيت إنساناً قاعداً ، هادئاً ، هذا أفضل شخص ، اقترب منه مغمى عليه ، هذا الوحيد ، الإنسان أحياناً يكون بظرف صعب كثير أنت في قبضة الله ، لاحظ ولا أبالغ إنسان لا يصلي ، تركيا أصيبت بزلزال يقسم ليس أحد الأخوة الكرام الظهر يوجد في الجامع سبعة أو ثمانية ، صف أو صفان ، بصلاة الظهر في المساجد الحرم ممتلئ والصحن ممتلئ والصلاة على الرصيف بعد الزلزال ، شيء مخيف ، أبداً أي إنسان حينما يشعر بالخطر يصلي الآن عرف الله ، لكن البطولة أن تعرفه وأنت صحيح معافى ، البطولة أن تعرفه وأنت شاب ، أن تعرفه وأنت قوي ، أن تعرفه وأنت غني ، أن تعرفه وليس عندك مشكلة لكن أي إنسان . حدثني أخ طائرة ذاهبة إلى موسكو عليها خمسة خبراء روس هؤلاء ملحدون جميعاً ، أيضاً كانت على وشك السقوط ، هؤلاء الخبراء الملحدون توجهوا إلى الله عند الشدة ، الإنسان بالشدة يعرف الله عز وجل ، لذلك إن عرفت الله في الرخاء عرفك في الشدة ، اعرفه في الرخاء ، أنا بصراحة أحياناً آتي لهذا الدرس أرى أمامي شباباً والله أُكبرهم وأُقدرهم وأُحبهم ، شاب لا يشكو من شيء لكن يريد أن يعرف الله ، يريد أن يستقيم على أمره ، يريد أن يعرف منهجه ، هذه بطولة ، أنت صحيح معافى أما أي إنسان أصابه مرض عضال سيتوب وسيصلي وسيقرأ القرآن بشكل عجيب .
أيها الأخوة ، الفكرة الثانية إياك أن تتوهم أنك لست بحاجة إلى الله ، لكن مع الأسف الشديد البلاد التي فيها شدة شديدة ، وضغوط كثيرة ، ومصاعب ، ومشكلات ، وعقبات ، وفرص عمل قليلة ، أسعار البيوت غالية جداً ، والزواج شبه مجمد ، هذه البلاد ترى إقبال الناس على المساجد عجيب ، هذه الشدة دفعتهم إلى باب الله ، تذهب إلى بلاد غنية جداً ، دخول فلكية ، كل شيء ميسر ، برمضان يلتقي في الجامع سبعة أشخاص ، يحس معظم الناس أن الدين ليسوا بحاجة له ، دخل وسيارة ، في بلاد البنزين بمئة ليرة ، بنزين رخيص ، الطعام رخيص ، الأمور ميسرة ، كل شيء مؤمن ، هناك متع لا تعد ولا تحصى من كل النواحي فكلما شعرت أنك لا تحتاج إلى ربك تبتعد عنه ، الدليل :
( سورة العلق ) من شأن الإنسان الغافل أنه يطغى إذا رأى نفسه مستغنياً عن الله عز وجل .
شيء آخر الإنسان لماذا يقبل على الدين ؟ هناك نقطة دقيقة جداً ، الحقيقة أن الدين يحقق حاجاتك الأساسية ، ما هي أكبر حاجة لك ؟ الحاجة إلى الأمن ، الآن العالم في قلق من ارتفاع الأسعار ، قلق من كساد التجارة ، قلق من الفقر ، قلق من حصار اقتصادي ، قلق من حرب عالمية ثالثة ، قلق من قصف جوي ، قلق من ارتفاع ثمن البترول ، المقلقات لا تعد ولا تحصى ، الإنسان حينما يؤمن بالله ، الله وعده بالأمن :
( سورة الأنعام ) أنت بأمس الحاجة إلى أمن قال تعالى :
( سورة قريش ) وأكبر عقاب يعاقب به مجتمع :
( سورة النحل ) أكبر عطاء في الدنيا الشبع :
( سورة قريش ) .
( سورة النحل ) . لذلك حاجاتك الأساسية ، الحاجة إلى الأمن ، الحاجة إلى الرضا ، الحاجة إلى الحكمة ، الحاجة إلى السعادة ، حاجات لا تعد ولا تحصى كلها تحقق لك بالإيمان .
أنت بالإيمان الرابح الأكبر ، لكن بشكل أو بآخر ، الإيمان مرتبة ، مثلاً ممكن تقول فلان دكتور بالرياضيات ولا يعرف جواب ستة في سبعة ممكن ؟ كلمة دكتور في الرياضيات يعني دارس هندسة وجبر ورياضيات حديثة وتقليدية ومعادلات وفلك ، دارس أقول مئات الكتب وثلاث وثلاثين سنة مجموع دراسته حتى نال هذه الشهادة ، كلمة دكتور مرتبة علمية حتماً ، المؤمن مرتبة علمية ، ما اتخذ الله ولياً جاهلاً لو اتخذه لعلمه ، الإيمان مرتبة علمية والإيمان مرتبة أخلاقية ، مستحيل مؤمن يكذب ، أو يخون ، أو يغش ، أو يحتال ، أو يمكر ، أو يعمل عملاً سيئاً ، مستحيل المؤمن مستقيم ، فالإيمان مرتبة علمية ومرتبة أخلاقية ومرتبة جمالية ، المؤمن يستمتع استمتاعاً خاصاً ، أذواقه مقدسة ، أذواقه إيمانية ، أذواقه فيها طهارة ، أذواقه فيها جمال ، أحياناً إنسان يجلس بمقهى ، لعب الطاولة على أشده ، والأغاني تصدح ، والنساء الكاسيات العاريات يخطر أمامه ، والطاولات في عليها خمر ، هذه نزهة ؟ هذه عقاب ، النزهة مكان جميل بعيد عن صخب الناس ، مناظر جميلة ، أمامك أهلك وأولادك ، الحركة نظيفة لا في معصية ، لا في إثم ، فالمؤمن جمالياته راقية جداً ، حتى احتفالاته راقية ، حتى أفراحه راقية ، حتى أحزانه راقية ، حتى نشاطه راقية ، حتى علاقاته راقية ، ما في سقوط هو بالأفق الأعلى ، فإذا قلت مؤمن يعني الإيمان مرتبة أخلاقية ومرتبة علمية ومرتبة جمالية .
أيها الأخوة ، نحن أمام حقائق ، حقيقة الإيمان أنك عرفت الله لا يكفي ، وأقبلت عليه ، عرفته و أقبلت عليه لأن الكفر تكذيب وإعراض ، أحياناً أستاذ يقف أمام الطلاب ، ضخم الجثة ، صوته جهوري ، يملأ الصف صوتاً عالياً ، وأمام الطلاب يتحرك يكتب على السبورة يشرح ، يسأل يجيب ، وهناك طالب لا يعبأ بالعلم إطلاقاً يذهب إلى المدرسة خوفاً من والده ، يتلهى برسم أشياء لا معنى لها أثناء الدرس ، هذا الطالب أليس مؤمناً بوجود المدرس ؟ مؤمن ، يملأ الصف صوتاً و صياحاً وضجيجاً وحركة وكتابة لكن إعراضه عن هذا المدرس نوع من الكفر ، ليس معنى الكفر أن تنكر وجود الله ، لا ، ألا تعبأ بمنهجه ، ألا تعبأ بأمره ونهيه ، ألا تعبأ بالعبادات التي أمرك بها ، ألا تعبأ بالحلال والحرام ، تجد المقصر في الدين يأكل ما يشتهي ، يلتقي مع من يشتهي ، يأخذ ما يشتهي ، ما في عنده قيود ، غير منضبط ، متفلت ، فلذلك حقيقة الإيمان هي الانضباط حقيقة ، الإيمان الانضباط وفق منهج الله عز وجل .
أيها الأخوة ، هناك شيء آخر : الله عز وجل جعل هذا القلب قلب النفس قال تعالى :
( سورة الحج الآية : 179 ) . وجعل الفكر كآلة حاسبة جهاز في خدمتك فالقلب يتصل بالله ، القلب يسمو ، القلب يطهر ، القلب يرقى ، القلب يتفوق ، ومعه جهاز يستعين به ، يتفكر بشيء ، الله عز وجل أعطانا عقلاً ، وأعطانا قلباً ، وجعل العقل لمعرفة الله ، وجعل القلب لمعرفة الخطأ ، فأنت تعرف الله عز وجل بعقلك من خلال الكون ، وتعرف خطأك بفطرتك من خلال القلب ، هذا العمل أزعجني ، هذا العمل جعلني في انقباض ، ما كنت مرتاحاً له ، إذاً الأمور في قلبك وعقلك وتصوراتك وإقبالك وإدبارك واضحة جداً ، الإيمان أكبر ثروة تملكها أيها الإنسان أنك مؤمن ، والإيمان مرتبة علمية ، مرتبة أخلاقية ، ومرتبة جمالية . أيها الأخوة ، الإيمان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( إِنَّ الْإِيمَانَ قَيْدُ الْفَتْكِ ، لَا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ )) . [ مسند أحمد عن ابن الزبير ] الإيمان لجام ، الإيمان مكبح ، الإيمان حاجز يحجزك من أن تقع في ورطة كبيرة الإيمان حارس . يا بني ، العلم خير من المال ، لأن العلم يحرسك ، وأنت تحرس المال ، والمال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الإنفاق ، يا بني ، مات خزان المال وهم أحياء ، والعلماء باقون ما بقي الدهر ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة . أيها الأخوة الكرام ، الإيمان الإيمان ، الإيمان يحتاج إلى حضور دروس علم ، يحتاج إلى أداء عبادات ، يحتاج إلى قراءة قرآن ، يحتاج إلى ذكر حتى ينمو هذا الإيمان في القلب فإذا نما في القلب صار حارساً لك ، صار دافعاً لك للأعمال الصالحة ، الحقيقة ثمار الإيمان لا تعد ولا تحصى ، يكفي أن تقول فلان مؤمن . * * *
أيها الأخوة الكرام ، دائماً وأبداً أقول الإنسان عقل يدرك ، وقلب يحب ، وجسم يتحرك ، وغذاء العقل العلم ، وغذاء القلب الحب ، وغذاء الجسم الطعام والشراب ، التفوق هو أن تلبي حاجات العقل والقلب والجسم معاً ، و التطرف أن تلبي واحدة وأن تهمل ما تبقى ، وفرق كبير بين التفوق وبين التطرف ، لكن هذا الدين من عند الله ، من عند خالق السماوات والأرض .
هذا الكون المترامي الأطراف حتى الآن لا أحد يعلم نهايته ، أنت بعينيك ترى عشرة آلاف نجم تقريباً ، أما عدد المجرات ثلاثة آلاف مليون مليون ، في أرقام عديدة ومنوعة لكن شيء لا يصدق وكل مجرة فيها مليون مليون نجم ، وكل هذه الكواكب والنجوم تتحرك بنظام دقيق . أيها الأخوة ، في هذه الدقائق المتبقية أريد أن أضع يدي على عبادة غفل عنها الناس كثيراً ، ماذا فعل النبي عليه الصلاة والسلام في مكة المكرمة ثلاث عشرة سنة ؟ ماذا فعل ، اقرؤوا السور المكية :
( سورة الشمس ) ( سورة الفجر ) اقرؤوا السور المكية ترونها طافحة بالآيات الكونية لماذا الآيات ؟ للتفكر ، أنا أشعر أن هذه العبادة التي تسمى عبادة التفكر كأنها معتم عليها ، مع أن في القرآن الكريم ما يقترب من ألف آية تتحدث عن الكون ، الإنسان يأكل ويشرب ويؤدي العبادات ولا ينتبه إلى هذا الكون العظيم .
كيف تعرف الله ؟ الله عز وجل قال :
( سورة الأنعام الآية : 103 ) . شيء جميل ، كيف نعرفه ؟ جعل لك هذا الكون العظيم الذي ينطق بوجود الله ووحدانية الله وكماله ، كل شيء في الكون يدلك على الله لكن بشرط ما لم تتخذ قراراً بالإيمان لن تنتفع بشيء في الكون ، أحياناً هناك محطات فضائية ، وكالات فضاء كبيرة جداً يرى الموظفون فيها المجرات كل يوم ، مجرات بألوان رائعة ، يرون خلق الله المعجز ، يرونه كل يوم ، و هناك مجاهر إلكترونية ترى الخلية ، الخلايا ، أشياء يصعب أن تتصورها تراها بعينك ، فمن كان في هذه المراصد العملاقة أو في تلك المجاهر الإلكترونية وما اتخذ قراراً بالإيمان لا ينتفع بها ، ويأتي إنسان ينتفع من جدول مياه يقول الماء يدل على الغدير ، والأقدام تدل على المسير ، والبعرة تدل على البعير ، أفسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، ألا تدلان على الحكيم الخبير ؟ هذا الموضوع أنا أعالجه كثيراً لكن أتمنى في هذا اللقاء أن تعود نفسك أن تفكر ، أنت على الطعام في كأس حليب ، هل فكرت فيه ؟ بقرة تأكل الحشيش ليس لها صوت ، ما في دخان ، صامتة تعطيك أربعين خمسين كيلو يومياً ، حليب ولبن وسمنة وجبنة ، مشتقات الحليب وحدها شيء لا يصدق ، وكان عليه الصلاة والسلام إذا شرب الحليب قال : اللهم زدنا منه . أنت على الطعام كأس الحليب من بقرة تعمل بصمت معمل ، قال الخلية الثديية في البقرة على شكل قبة ، هذه القبة محاطة بشبكة أوعية دموية كثيفة جداً ، الخلية الثديية كأنها عاقل تأخذ من شبكة الأوعية الدموية من الدم الذي يجري فوقها تأخذ حاجتها تأخذ السكر البروتين المعادن أشباه المعادن تأخذ مكونات الحليب :
( سور النحل ) في فرث سائل حمض البول هذا الفرث ، في الدم حمض بول ، مواد سامة ، مواد سيئة ، هذه الخلية الثديية هي عاقلة ينتقي من الدم وفيه حمض البول :
( سور النحل )
الآن اقرأ قوله تعالى :
( سور النحل ) يعني خلقت خصيصاً لكم ، أحد العلماء الألمان سبب إيمانه البقرة ، يحتاج وليدها إلى كيليين حليب تنتج أحياناً ستين كيلو حليب ، معنى هذا الحليب للإنسان ، والغذاء الكامل ، مشتقات الألبان غذاء يومي ، لا يوجد بيت ما فيه قطعة جبن ، فيه لبن ، فيه لبن مصفى ، فيه سمن ، هذا كله من مشتقات الألبان :
( سور النحل ) هذا الموضوع موضوع الأنعام ، موضوع الألبان ، موضوع مشتقات الحليب ، موضوع الخلية الثديية على شكل قبة يجري فوقها شبكة أوعية دموية كثيفة جداً ، والخلية الثديية متصلة بالأعلى بهذه الأوعية ويرشح من أسفلها قطرة حليب ، تأخذ من الأوعية الدموية حاجتها وتترجم هذه الحاجة إلى قطرة حليب ترشح من جزئها الأسفل هذه القطرة تصب في ثدي البقرة ، حتى الآن لا أحد يعلم شيئاً عن آلية هذه الخلايا الثديية ، في عقل ؟ كيف تختار هذه الخلية الثديية المواد الأساسية للحليب ؟ مواد كثيرة جداً هناك بروتينات ، دسم ، سكريات ، شحوم ، معادن ، أشباه معادن ، فيتامينات تأخذها وتختارها من بين فرث ودم لتجعلها لبناً خالصاً سائغاً للشاربين ، الآن هذا الثدي الكبير له غلاف يحمل أربعين كيلو المفروض أن يتمزق ، له جداران متعامدان في الداخل ، هذا الثدي الكبير مقسم إلى أربعة أقسام بالتساوي وكل قسم ينتهي بحلمة واحدة ، لو أن أربعة أخوة اشتركوا في بقرة إذا حلب كل واحد من حلمة واحدة يأخذ ربع الحليب بالضبط ، ثدي كبير في جدارين متعامدين حتى يتماسك الثدي لا يتمزق ، وهذه الخلايا الثديية تصب الحليب في هذا الثدي الكبير .
أيها الأخوة ، الحليب آية ، أمامك حليب ، جبنة ، لبن مصفى ، لبن طبيعي ، هذه المشتقات فكرت فيها ، من خلقها ؟ دقق :
( سور النحل ) يعني خلقت خصيصاً لكم من أجلكم ، فإذا أكلت وشربت وقلت الحمد لله بعد التفكر ، الحمد لله لها معنى عميق تصبح ، أنا أرى أنت على الطعام عود نفسك تفكر ، هذا الطعام ، هذا الخبز ، هذا الماء العذب الزلال ، هذا الحليب ، هذا اللبن الذي أمامك ، التفكر في خلق السماوات والأرض يضعك وجهاً لوجه أمام عظمة الله ، في دليل قرآني في هذا الكلام ؟ الآية :
( سور عبس )
يا أيها الأخوة ، وأنت تأكل ، وأنت تركب ، مركبتك ثلاثة طن والصعود للأعلى وكلها ركاب مع بضائعهم ، ما هذا السائل الذي ينفجر فيحرك هذه الكتلة الكبيرة ؟ أنت لاحظ لو أن مركبة في طريق صاعد خمس رجال أشداء لا يستطيعون تحريكها متر ، هذا البنزين أودعه الله في الأرض سائل منفجر ما هذه الطاقة فيه ؟ أنت أمام موضوعات لا تعد ولا تحصى ، عود نفسك أثناء الطعام ، أثناء السفر ، أثناء التأمل في مخلوقات الله عز وجل أن تفكر من أجل أن تصل إلى الله :
( سورة آل عمران ) . والحمد لله رب العالمين | |
|