أحلام مفتاح

أحسّ المفتاح الصّغير النائم في جيب أنس بأصابع ناعمة تمسكه تدخله في القفل وتديره فتح عينه رأى أنس يُخرج من درجه أوراق التّلوين والصّمغ أخذ نفساً عميقاً فضغط على القفل الذي سأله مستغرباً:‏ مفتاح ما بك هل أنت متضايق
آه يا قفلي العزيز إلى متى سأبقى أضغط بأسناني على مسنّناتك لقد أصبت بالصّداع لكثرة الدّوران ما فائدتي أيّها القفل‏.
فكرّ القفل قليلاً قال: ‏فائدتك أنّك تحفظ الأشياء وتحرسها‏ .
أتحسب أوراق التلوين والصمغ وقلم الرّصاص أشياء مهمّة‏ ثمّ ممّن أحرسها‏ تحرسها من وائل ألم يكسر لأخيه أنس أدوات الهندسة عندما نسيني بلا قفل الأسبوع الماضي ، طيّب سيمّر الزّمن ويكبر وائل وقتها لن يكسر شيئاً‏
عندما يمرّ الزّمن ستتبدّل الأشياء التّي تحرسها ربّما تحرس أوراقاً ومستندات مهمة أو نقوداً كثيرة أنت مهم جداً ألم تسمع أنّ الأعداء حاولوا كثيراً سرقة مفتاح باب القلعة الذّهبي الّتي نسكنها كي يتمكّنوا من دخولها واحتلالها لكنّهم فشلوا وبقي سكّان قلعتنا بأمان وطمأنينة‏.
قفل هل أستطيع في المستقبل أن أصبح كبيراً ومذهّباً لأقفل باب القلعة
طبعاً شرط أن تتعلّم منذ اللحظة كيف تحرس الأشياء مهما كانت صغيرة ومهملة‏

كلنا ذلك المفتاح في كثير من الأحيان لا ندرك قيمة ما نملك بل نزدريه ونستصغره والحقيقة هي ما أراد أن يوصله ذاك الحكيم لولي عهد ملك من الملوك في يوم من الأيام حينما أمره بحمل قطرة ماء في ملعقة ويتجول بها في أرجاء القصر الكبير حينما انتهى من جولته أمره بوصف مارآه في القصر فقال له لم أرى شيئا لأنني كنت مشغولا بحراسة قطرة الماء فأمره بالتجول مرة أخرى في القصر ووصف مايراه فعندما انتهى من التجوال وصف للحكيم كل ما رآه فأمره الحكيم أن ينظر للقطرة فلم يجدها حينها قال له الحكيم خكمة رائعة مفادها أنّ السعادة الحقيقية حين لا تنسينا مغريات ما حولنا قيمة ما نملك وجوهر ذواتنا.

إن هذه عناوين عريضة: كيف أحب الله؟.. السعادة الابدية ..... ؟. والإنسان لا يمكنه أن يصل على هذه الملكات العريضة الا بالتدرج، إذ أن هنالك خطوات كثيرة.و الإنسان الذي لم يعظم الله تعالى في نفسه، فإنه من الطبيعي أن الدنيا تكبر في عينه.. فإذا كبرت الدنيا في عينه، كيف يُخرجها من قلبه؟!.. فالحل: أن يتعرف على عالم ما وراء الطبيعة!.. فإذا ازداد حباً لله عزوجل، وتعلق بالله سبحانه وتعالى، وعظم الخالق في نفسه، فإن الدنيا تصغر في عينه، فإذا صغرت الدنيا عنده سيشعر بالسعادة الابدية ومفتاحها الحلم سلم السعادة .

مادمنا مؤمنين بأنّ وجودنا في هذه الحياة الدنيا هو مؤقت ولسنا بخالدين فمن الحكمة أن نعيشها كمحطة عابرة توصلنا إلى دار القرار فنقدم أفضل ماعندنا على كل المستويات حتى يقال مرّ وهذا الأثر .

نعم، إنها شموع الحق، هي التي إن أخفاها الموت وعاش نورُها في وجدان قلوب الآخرين، أحْيَتْ قلوبًا، وأنارت طرُقًا بنورها، فإنها إن رحلت عنَّا أبْقت لنا نورًا مِن عمل صالح، أو علمٍ نافع، أو نهْجٍ إلى طريق الجنة ناصِع.أَنِر بشمعتك شموعَ الآخرين ؛ لِتَبقى مشتعلة ً على مَرِّ السنين وكن شجاعاً وافتح لك طريقاً بين الأشواك.